حرب الغاز الباردة.. روسيا تضيق الخناق على القارة العجوز وأمريكا تحذر.. ماذا بعد؟

أخبار

تتراجع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا منذ بدء العقوبات ضد موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، مما يضيق الخناق على القارة العجوز التي تسعى جاهدة للبحث عن بدائل، فيما تقف الولايات المتحدة على الضفة الأخرى مجددة التحذير لروسيا من استخدام إمدادات الطاقة كـ”سلاح”.

وحولت موسكو مدفوعات الغاز بالنسبة للدول غير الصديقة إلى الروبل، لضمان استلام ثمن الغاز المورد، وبينها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث اشترطت موسكو دفع ثمن الغاز بالروبل تحت طائلة حرمانهم من الإمدادات، رداً على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير، رغم العقود المبرمة التي تنص على التسديد باليورو أو بالدولار.

وتتعرض روسيا لضغوط متزايدة بسبب العقوبات المفروضة عليها منذ بدء الحرب الأوكرانية، إلا أنها تمكنت من الحفاظ على استقرار اقتصادها بسبب صادرات الوقود، وسيكون طلبها التسديد بالروبل إحدى الطرق لتحقيق ذلك. بيد أن معظم الدول الأوروبية – التي تشتري الجزء الأكبر من صادرات روسيا من الغاز والنفط – رفضت الطلب.

ووقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 31 مارس الماضي، مرسوما يحدد نظاما جديدا لدفع ثمن إمدادات الغاز الروسي من قبل المشترين من الدول “غير الصديقة لروسيا”.

وبموجب المرسوم الرئاسي يتوجب على الشركات الأوروبية من الدول غير الصديقة فتح حسابين في بنك “غازبروم بنك” الأول باليورو والثاني بالعملة الروسية الروبل.

ورفض عدد من العملاء الأوروبيين التسديد بالعملة الروسية.

وأوقفت شركة غازبروم تسليم الغاز للعديد من العملاء الأوروبيين الذين رفضوا الدفع بالروبل.

قطع التدفقات

وقال عملاق الغاز الروسي غازبروم في 31 مايو الماضي: إنه قطع تدفقات الغاز إلى شركة أورستد في الدنمرك وإلى شركة شل إنريجي لتوريد الغاز إلى ألمانيا، بعد أن امتنعت الشركتان عن الدفع بالروبل. وأضافت غازبروم أن قطع التدفقات سيسري من أول يونيو.

وقالت غازبروم إن شل وأورستد فشلتا في الدفع بالروبل مقابل تسليمات الغاز بحلول نهاية يوم العمل 31 مايو ، وإنها ستوقف التسليمات إلى أن تدفعا بما يتماشى مع المطالب الروسية.

وكانت مجموعة “غازبروم” الروسية العملاقة، أعلنت مؤخرا، خفض شحناتها من الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب “نورد ستريم” بأكثر من 40 في المئة يوميا، نظرا لعدم تسلّمها المعدات الضرورية من شركة “سيمنز” الألمانية.

ويزود خط الأنابيب ألمانيا بالغاز الروسي عبر بحر البلطيق، من خلال قسمين يبلغ طول كل منهما 1224 كلم، وهو قيد الخدمة منذ عام 2012 بعدما كلف حوالى 7,4 مليار يورو من الاستثمارات.

ورغم الحرب الأوكرانية لا تزال ألمانيا تستورد حوالى 35% من الغاز من روسيا، رغم أن هذه النسبة كانت 55% قبل فبراير.

ميركل في خط الدفاع

وفي ظهور إعلامي لافت أمس، دافعت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن قراراتها بشأن إقامة خط أنابيب الغاز الروسي- الألماني “نورد ستريم 2” في بحر البلطيق.

وقالت ميركل في تصريحات لصحف شبكة “دويتشلاند” الألمانية الإعلامية الصادرة اليوم السبت: “لم أؤمن بالتغيير من خلال التجارة، ولكن بالارتباط عبر التجارة، مع ثاني أكبر قوة نووية في العالم”، مضيفة أن القرار لم يكن سهلا،

وأضافت: “كانت الأطروحة في ذلك الوقت هي: إذا تم تشغيل نورد ستريم 2، فلن يقوم بوتين بعد الآن بإيصال الغاز عبر أوكرانيا أو أنه سيهاجمها”، مضيفة أن الغرب حرص على أن يظل الغاز متدفقا عبر أوكرانيا وأن تستمر في تلقي رسوم العبور.

وأشارت ميركل إلى أن روسيا هاجمت أوكرانيا بعد ذلك في 24 فبراير، عندما لم يكن الغاز تدفق بعد عبر “نورد ستريم 2″، وقالت: “من هذا المنطلق لم يكن الغاز سلاحا”.

كما بررت ميركل تصرفها في ذلك الوقت باعتبارات اقتصادية، وقالت: “في ذلك الوقت، اختار الاقتصاد الألماني نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا لأنه اقتصاديا أرخص من الغاز المسال من بعض الدول الأخرى ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية.

وذكرت ميركل أنه كان هناك استعداد لاستخدام أموال دافعي الضرائب لدعم بناء محطتين للغاز المسال في ألمانيا، وقالت: “ولكن حتى اليوم الأخير من ولايتي، لم تقم أي شركة ببناء محطة للغاز المسال في ألمانيا لأنه لم يكن هناك مستورد قد حجز سعة طويلة الأجل مقدما بسبب السعر المرتفع”.

تجدر الإشارة إلى أن “نورد ستريم 1” هو خط أنابيب الإمداد الرئيسي للغاز الروسي بالنسبة لألمانيا. وتم بناء “نورد ستريم 2” لجلب المزيد من الغاز الروسي إلى ألمانيا. ومع ذلك، لم يتم تشغيل خط الأنابيب كما هو مخطط له بعد الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا.

ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية، تحولت فرنسا إلى أكبر مستورد للغاز الروسي، بينما تعلن دعمها للعقوبات الغربية على موسكو. فهل تناقض أقوال باريس أفعالها؟

وكانت شركة “غازبروم” الروسية، أعلنت في 27 أبريل، وقف إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى بلغاريا وبولندا بسبب عدم قيام الدولتين بسداد ثمن الإمدادات بالروبل الروسي، في تصعيد للحرب الاقتصادية مع أوروبا، ردا على العقوبات المشددة التي فرضها الغرب بسبب حرب أوكرانيا.

وتزود غازبروم الروسية، أوروبا بنحو 40 بالمئة من احتياجاتها من الغاز، من أن عبور الغاز عبر بولندا وبلغاريا سيتوقف إذا تم الاستيلاء عليه بصورة غير قانونية. وتمد خطوط الأنابيب التي تمر في الدولتين ألمانيا والمجر وصربيا.

وتسببت المخاوف من تضرر مزيد من الدول من الخطوة، خاصة ألمانيا، القوة الصناعية الرئيسية في أوروبا، والتي اعتمدت على الغاز الروسي لسد أكثر من نصف وارداتها في 2021

وأوقفت غازبروم الروسية، ضخ الغاز تماما إلى شركتي “بولغاراز” (بلغاريا) و “بي جي إن آي جي” (بولندا) بسبب عدم الدفع بالعملة الروسية.

ووبلا يزال البيت الأبيض ، يجدد إدانته لروسيا باستخدام إمدادات الطاقة كـ”سلاح”.

ونصحت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي دول الاتحاد بأن تتمسك بعملتي اليورو أو الدولار في عقودها القائمة للغاز مع روسيا وألا تدفع بالروبل لشراء الغاز.

واتهمت المفوضية الأوروبية، موسكو بأنها تمارس الابتزاز بتلك الخطوة، لكنها أضافت أن نظام المدفوعات الروسي يمكن أن يُستخدم دون مخالفة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.

ووفق خبراء، ليس لدى أوروبا الكثير من الخيارات بالنظر لشح سوق الغاز العالمية حتى قبل تصاعد الأزمة. وتعتمد أوروبا على خطوط الأنابيب للحصول على أغلب إمدادات الغاز وليس في وسع الدول المنتجة الأوروبية أو في شمال إفريقيا التي لها اتصال بتلك الشبكة إضافة المزيد للإنتاج.

أما شحنات الغاز الطبيعي المسال من موردين آخرين أبعد فهي عادة محجوزة في عقود طويلة الأمد.

وعرضت الولايات المتحدة المزيد من الغاز الطبيعي المسال على الدول الأوروبية لكن إمداداتها غير كافية.

وحتى لو تمكنت أوروبا من الحصول على المزيد من الغاز الطبيعي المسال فليس لديها منشآت كافية لتحويله مجددا لغاز.

وكالات – البيان