لغة العقل تهزم الرصاص.. والعراق يستيقظ من «الكابوس»

أخبار

اليوم، أثبت العراقيون، أن لغة العقل أقوى من الرصاص، وأنهم على قدر من المسؤولية الوطنية للنهوض في بلدهم، ولا يزال أمام جميع الأطراف مساحة سياسية شاسعة، لحوار وطني صادق وحريص على مصلحة الوطن والمواطنين، يضمن أمنهم واستقرارهم، ويعزز السلم الأهلي والاجتماعي ويجنب إقحام العراقيين صراعات جانبية لا تحمد عقباها.

وينتظر العراق الكثير من أبنائه، فالعراقيون يستحقون الأفضل في العيش الحر الكريم، كما أنهم يتطلعون بنفاد صبر لتجاوز الإخفاقات، وقد ضحى خيرة رجاله وشبابه من أجل رفعة الوطن وكرامة أبنائه.. وهذا ما أكده الرئيس العراقي برهم صالح، لتدارك الأزمة الراهنة وتحصين البلد أمام المتربصين، مضيفاً «أن الظرف الدقيق الذي يمر بالعراق اليوم يستدعي من الجميع التزام التهدئة وتغليب لغة العقل والحوار، وحماية الوطن بسواعد كل أبنائه ليظل قويا ومنيعا وعصيا لا تفرقهم خلافات داخلية».

وأنذر ما آل إليه الوضع في العراق أمس الاثنين بخطر كبير، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تركه يتصاعد، بحسب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، دون تدخلٍ من العقلاء والمؤثرين من زعامات دينية وسياسية وعشائرية واجتماعية، تدفع باتجاه التهدئة وضبط النفس، وتحذر من الفوضى وإراقة دماء الأبرياء عبر استخدام السلاح من أي طرف.

مسؤولية وطنية

وتصاعدت التوترات أمس الإثنين في العراق إلى مستوى خطير جداً، حيث اقتحم متظاهرون القصور الرئاسية بالمنطقة الخضراء في بغداد بعد ساعات من إعلان الزعيم مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي بشكل نهائي وغلق كافة المؤسسات.

وقتل نحو 25 شخصاً، وأصيب نحو 450 آخرين في الاضطرابات الأمنية والاشتباكات المسلحة داخل وفي محيط المنطقة الخضراء الحكومية وعدد من المناطق والمدن العراقية.

ومع تصاعد التطورات، دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجميع إلى تحمل المسؤولية الوطنية لحفظ الدم العراقي، ووجه بفتح تحقيق عاجل بشأن أحداث المنطقة الخضراء وتحديد المقصرين ومحاسبتهم وفق القانون.

ووجه الكاظمي بمنع استخدام الرصاص وإطلاق النار على المتظاهرين من أي طرف أمني، أو عسكري، أو مسلح منعاً باتاً، وشدد على التزام الوزارات، والهيئات، والأجهزة الأمنية والعسكرية بالعمل وفق السياقات والصلاحيات والضوابط الممنوحة لها.

وحمل الكاظمي قوات الأمن مسؤولة عن حماية المتظاهرين”، وأن أي مخالفة للتعليمات الأمنية بهذا الصدد ستكون أمام المساءلة القانونية.

إطفاء نار الفتنة

وأثمرت الدعوات المخلصة والصادقة إلى جميع الأطراف لإطفاء نار الفتنة، والتوصل إلى تفاهمات لصون الوطن واستقراره، وحمايته من الانزلاق إلى تصادم يخسر فيه الجميع.

واستشعاراً لخطورة الوضع، خرج الزعيم العراقي مقتدى الصدر، لدعوة أنصاره للانسحاب من الشوارع من كل أنحاء العراق خلال ستين دقيقة تحت طائلة «التبرؤ» منهم بعد يومين من المواجهات بينهم وبين فصائل أخرى وقوى أمنية أوقعت عشرات القتلى والجرحى.

وفي هذا السياق يمكن القول: إن الوقت لم يفت بعد، في ضوء استيقاظ العراقيين اليوم من «كابوس» كاد يجر السلم الأهلي والاجتماعي إلى آتون فوضى وإراقة مزيد من الدماء في أخطر أزمة سياسية تمر بها البلاد منذ أكثر من عشرة أشهر.

وداد سياسي

واستمر «الوداد السياسي» بين الفرقاء من خلال رسائل تهيئ أجواء إيجابية للعراقيين، لترسيخ السلم الأهلي والاجتماعي، حيث وصف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، دعوة مقتدى الصدر لوقف العنف، بأنها تمثل أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم العراقي.

كما اعتذر مقتدى الصدر للشعب العراقي باعتباره المتضرر الوحيد مما يحدث، بغض النظر من كان البادئ، ووجه الصدر الشكر لقوات الأمن على عدم الانحياز إلى أي جانب في أحداث العنف الأخيرة.

بدورها، رفعت قيادة العمليات المشتركة العراقية، اليوم الثلاثاء، حظر التجوال في العاصمة بغداد وباقي المحافظات.

ولا شك أن ما حدث اليوم، يحمل الجميع، مسؤولية أخلاقية ووطنية بحماية مقدرات العراق والتوقف عن لغة التصعيد السياسي والأمني والشروع في الحوار السريع المثمر لحل الأزمات، وفق رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

ووصف رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي خطاب الصدر «موقف بحجم العراق، وغرد عبر موقع تويتر: «موقفكم بحجم العراق الذي يستحق منا الكثير».

ووقفت منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم في عضويتها 57 دولة، إلى جانب الحكومة والشعب العراقي في كل جهد يرمي إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد.

انسحاب

واستجابة لتهدئة الأوضاع، انسحب أنصار الزعيم العراقي مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء، من ساحات الاعتصام في مبنى البرلمان وقبالة المنطقة الخضراء وإيقاف القتال والمظاهر المسلحة، وفق شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية(د. ب.أ).

وحمل أتباع الصدر أسلحتهم وامتعتهم وغادروا المكان بسلاسة رغم الزحام الشديد في الشوارع بعد الإعلان عن رفع إجراءات حظر التجوال في بغداد والمحافظات.

وشهد الشارع الرئيسي الذي يربط المنطقة الخضراء وجسر الجمهورية باتجاه ساحة التحرير تدفق مجاميع كبيرة من أتباع الصدر المنسحبين إلى منازلهم.

وكثفت القوات العراقية العمل لتأمين الطرق وإفساح المجال أمام انسحاب التيار الصدري وإنهاء معالم العنف والاعتصام بهدف عودة الحياة الطبيعية.

المصدر: البيان