مبارك المنصوري: القطاع المصرفي متين ويتمتع بملاءة عالية

مقابلات

قال مبارك راشد المنصوري، محافظ المصرف المركزي إن القطاع المصرفي في الدولة قوي ولديه ملاءة مالية عالية تصل إلى 19%، وقد واصل هذا القطاع الذي يعد قطاعاً أساسياً ورئيسياً في الاقتصاد الوطني مسيرة النمو ودوره المحوري في دعم وتمويل القطاعات الاقتصادية المختلفة. 

وفي حوار شامل مع «الخليج»، أكد المنصوري أن المركزي بصدد البدء في تطبيق معايير بازل 3 بما يتفق مع المهلة الزمنية المحددة على المستوى العالمي بنهاية 2018، مشيراً إلى أنه مع إنجاز سياسة رأس المال الجديدة الخاصة ببازل 3، ستبدأ عملية انتقال البنوك إلى الالتزام بهذه المعايير المتوقع أن تسهم في تقوية رأس المال من حيث جودة المكونات. وأكد أن نسب رأس المال الحالية المرتفعة لدى البنوك وفق بازل 2 تعطي «المركزي» شعوراً بالارتياح، إلى أن تطبيق متطلبات بازل 3 لن يشكل تحدياً كبيراً للنظام المصرفي، كاشفاً عن إمكانية السماح للبنوك بفترة انتقالية لاستيفاء المتطلبات الجديدة إن لزم الأمر.

وعن تحديث الإطار التنظيمي للبنوك العاملة في الدولة، كشف المحافظ عن التشاور مع القطاع المصرفي فيما يتعلق بعدد من اللوائح الجديدة، مؤكداً أن النسخة النهائية لمشروع قانون المصرف المركزي الجديد والعصري ستنجز قريباً.

وأكد المنصوري على أهمية إصدار قانون للدَّين العام في توفير منحنى العائد لإصدارات الشركات وإدارة السيولة لدى البنوك، كاشفاً عن اجتماع قريب مع وزارة المالية بهدف الوصول إلى الصيغة النهائية للتعديلات المقترحة على مشروع القانون.

وحول قانون الإفلاس، الذي رأى المحافظ أنه إيجابي لتنافسية دولة الإمارات، اعتبر أنه من الضروري أن يتبع بخطوات أخرى تساعد على تطبيقه بما في ذلك توفير الخبرات المتخصصة في قضايا الإفلاس في المؤسسات المالية الدائنة وفي القضاء ومراكز حل النزاعات التجارية.

وحول حجم الاحتياطي الأجنبي البالغ 311 مليار درهم، أكد المحافظ أنها تكفي لتلبية مستوردات الدولة لأكثر من 6 أشهر، وقال: «نحن راضون عن ذلك. إنه مصدر ثقة لتلبية حاجة البنوك من العملة الأجنبية».

كما أكد المنصوري أن «المركزي» يقدم للمصارف الإسلامية أدوات متوافقة مع الشريعة تهدف إلى تيسير حصول المصارف على أصول سائلة ذات جودة مرتفعة منها 20 مليار درهم شهادات إيداع إسلامية تصل نسبتها إلى 19% من إجمالي الشهادات المصدرة من «المركزي».

وأوضح المنصوري أن ربط سعر صرف الدرهم بالدولار الأمريكي، سياسة شجعت على تدفق المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال، ولن يتم التخلي عن هذه السياسة. وتالياً نص الحوار:

* كيف تقيّمون أداء القطاع المصرفي في 2016، من حيث نمو الأصول ومحفظة القروض والودائع والسيولة بشكل عام، ومدى التزام البنوك بمعايير السيولة والتركيزات الائتمانية، والمخصصات؟

لقد واصلت البنوك العاملة في الدولة نموها في عام 2016، حيث ارتفعت أصول القطاع المصرفي بنسبة 5.4% لتصل إلى 2.6 تريليون درهم، في حين ارتفع إجمالي القروض بنسبة 6% إلى 1.57 تريليون درهم بنهاية العام، وذلك مقارنة بنسبة نمو في العام 2015 بلغت 7.5% للأصول و7.8% لإجمالي القروض.

وتعزى قدرة البنوك على الإقراض إلى السيولة المتوفرة لديها. أما نسبة القروض المتعثرة فقد بقيت مستقرة خلال هذه الفترة، وهي مغطاة بشكل كامل مقابل مخصصات البنوك في سنة 2016.

وفيما يتعلق بالتزام البنوك بمعايير السيولة، فإن المصرف المركزي أصدر في الفترة الأخيرة أنظمة محددة خاصة بمعايير وقواعد السيولة، والتركزات الائتمانية، ويعد الامتثال لهذه الأحكام أمراً إلزامياً، حيث إن البنوك تدرك أن تخفيف المخاطر التي صممت هذه الأنظمة واللوائح للتعامل معها يعد أمراً أساسياً في عملية بناء النظام المصرفي السليم، وذلك بهدف القيام بحماية المودعين وتمكين البنوك من الاضطلاع بدورها في دعم اقتصاد دولة الإمارات وتحقيق الأهداف التنموية.

* ما هي استعدادات المركزي والبنوك لمواجهة متطلبات بازل 3، في موعدها، وهل هناك تغير في معدلات الملاءة المالية للبنوك؟

لقد قام المصرف المركزي بتطبيق متطلبات رأس المال الخاصة وفق بازل 2 وبشكل كامل في الدولة. ونحن الآن بصدد العمل على تطبيق بازل 3 بما يتفق مع المهلة الزمنية المحددة على المستوى العالمي، وذلك بنهاية ديسمبر/‏كانون الأول 2018.

وتم إصدار لوائح جديدة للسيولة في 2015، والتي تحدد الحد الأدنى لنسبة السيولة في جميع البنوك في الدولة، وتنص على ضرورة تقيد البنوك بإطار السيولة الخاص ببازل 3.

المصرف المركزي الآن بصدد إنجاز سياسة رأس المال الجديدة الخاصة ببازل 3 لجميع البنوك، وعند الانتهاء من وضع هذه السياسة بشكلها النهائي، سيبدأ المصرف المركزي في عملية انتقال البنوك إلى الالتزام بهذه المعايير.

من المتوقع أن تسهم متطلبات رأس المال الخاصة ببازل 3 في تقوية رأس المال لدى البنوك من حيث جودة المكونات. النظام الجديد سيطلب من البنوك الاحتفاظ بنسبة كبيرة من إجمالي رأسمالها كحقوق ملكية عادية في شكل الشق الأول. غير أن نسب رأس المال الحالية المرتفعة لدى البنوك العاملة في الدولة في ظل بازل 2 تعطي المصرف المركزي شعوراً بالارتياح بالنسبة إلى أن تطبيق متطلبات رأس المال الخاصة ببازل 3 لن يشكل تحدياً كبيراً للنظام المصرفي. هذا بالإضافة إلى أن المصرف المركزي سيسمح للبنوك بفترة انتقالية لاستيفاء المتطلبات الجديدة إذا لزم الأمر.

* ما مدى رضاكم عن مستوى الحوكمة في القطاع المصرفي والمالي ومدى الالتزام بمبادئ ومعايير الحوكمة والشفافية في القطاع الحيوي؟

يعمل المصرف المركزي على تحديث الإطار التنظيمي للبنوك العاملة في الدولة. وتعد هذه المبادرة ذات أولوية قصوى في استراتيجية المصرف المركزي. حالياً نحن بصدد التشاور مع القطاع المصرفي فيما يتعلق بعدد من اللوائح الجديدة.

* يقول البعض إن هناك عددا كبيرا من المصارف التقليدية والإسلامية، الوطنية والأجنبية. باعتقادكم هل يستوعب السوق هذا العدد من البنوك وشركات التمويل والاستثمار، وهل من توجه نحو عمليات اندماج جديدة على غرار «أبوظبي الوطني» و«الخليج الأول»؟

سبق لنا أن رحبنا باندماج بنكي أبوظبي الوطني والخليج الأول. ونود الإشارة هنا إلى أنه لا توجد وجهة نظر أو سياسة معينة للمصرف المركزي في هذا الشأن، فالخيار متروك للمساهمين الرئيسيين في المؤسسات المالية المعنية. وعندما يتم الاتفاق على خيار الدمج فالأمر سوف يكون قيد الدراسة والتشاور بين مجلس إدارة المصرف المركزي والمساهمين الرئيسيين في رأس مال البنوك المعنية.

* ما حجم الاحتياطي بالعملات الصعبة لدى المركزي وهل أنتم راضون عن حجم ومستوى هذا الاحتياطي، وكم تكفي لسد احتياجات مستوردات الدولة؟

راضون تماماً عن حجم الاحتياطيات الأجنبية التي بلغت 310.91 مليار درهم بنهاية السنة الماضية، أي ما يكفي لأكثر من 6 أشهر من الواردات السلعية (صافية من إعادة التصدير)، وهي مصدر ثقة لنا لتلبية حاجة البنوك من العملات الأجنبية. ونود الإشارة أيضا إلى أن المصرف المركزي يدير هذا الاحتياطي الهام بصفة أساسية من خلال الاستثمار في أوراق مالية أجنبية عالية الجودة وودائع وأرصدة لدى البنوك الأجنبية عالية التصنيف مما يوفر عائداً للاستثمار مع المحافظة على درجة عالية من السيولة.

* كيف تقيمون اتفاق المصرف المركزي مع نظيره الصيني في اعتماد العملات الوطنية لتمويل التجارة بين البلدين، وما مدى مساهمة ذلك في تطوير حجم التجارة والتعاون الاقتصادي بين البلدين، وهل من مشاريع أخرى لتطوير التعاون مع الصين أو غيرها؟

تم توقيع مذكرة التفاهم مع بنك الشعب الصيني في ديسمبر 2015، لإنشاء مركز مقاصة للعملة الصينية (الرينيمبي) في دولة الإمارات، كما تم توقيع اتفاقية تبادل العملات بين المصرف المركزي وبنك الشعب الصيني. والعمل يجري الآن لاستكمال الخطوات التنفيذية المتعلقة بهذه الاتفاقية. الهدف النهائي من هذه الاتفاقيات هو تقليص تكلفة تبادل العملات، حيث لن تكون هناك ضرورة لاستعمال الدولار أو أية عملة أخرى في العملية، الأمر الذي من شأنه أن يشجع على تحويل العملات بين البلدين ويعزز التبادل التجاري الثنائي والاستثمار.

* أين أصبح مشروع قانون البنوك الجديد في الدولة، وهل هناك مشروع قانون منفصل للمصارف الإسلامية؟

سوف يتم الانتهاء قريباً من إعداد النسخة النهائية لمشروع قانون المصرف المركزي الذي يعد عصرياً بمعنى الكلمة، وسيتم إرساله إلى الجهات المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة للاعتماد والإصدار، وذلك بعد استلام ملاحظات الجهات المعنية على المسودة الأخيرة للمشروع.

القانون الجديد يتناول أحكاماً تفصيلية متعلقة بالبنوك والمؤسسات المالية الأخرى المرخصة من قبل المصرف المركزي، سواء تلك التي تزاول أعمالها بالطريقة التجارية /‏ التقليدية أو وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.

* ماذا عن مشروع قانون الدَّين العام وأين وصلتم مع وزارة المالية في هذا المجال؟

يمثل إصدار قانون الدين العام أهمية خاصة لدولة الإمارات حيث سيساعد أولاً على إصدار الحكومة الاتحادية للسندات والصكوك وبالتالي توفير منحنى العائد (Yield Curve) لإصدارات الشركات، وثانياً تطوير أسواق رأس المال، وثالثاً الاستجابة لمتطلبات بازل 3 في شأن إدارة السيولة لدى البنوك مما يستوجب أدوات دين محلية ذات سيولة وجودة عالية. لذلك قامت وزارة المالية مشكورة بالتشاور معنا منذ بدء العمل لإعداد القانون، وتم عقد اجتماعات عديدة بين المصرف المركزي ووزارة المالية، وهناك اجتماع قريب بهدف الوصول إلى الصيغة النهائية للتعديلات المقترحة.

* كيف تقيمون مشروع قانون الإفلاس؟ وما هي برأيكم القوانين التي يحتاجها الاقتصاد الوطني لاكتمال البيئة التشريعية وزيادة القدرة التنافسية وتعزيز جاذبية الإمارات للاستثمارات والأعمال؟

من الواضح أن وجود إطار قانوني حديث وشامل يعالج المشاكل الطارئة للشركات عند فشلها ويساعدها على الإيفاء بمستحقات الدين ضرورة وطنية للاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء. لقد كانت دولة الإمارات سباقة على المستوى الإقليمي عندما تمت المصادقة على قانون الإفلاس (أو الإعسار) إذ من الضروري مساعدة الشركات التي تمر بصعوبات نتيجة تقلبات السوق والمنافسة الخارجية أو أية صعوبات أخرى تجعل من الصعب الإيفاء بمستحقات ديونها لدى البنوك والأطراف الأخرى المدينة.

والأكيد أن بدء العمل بقانون الإعسار سيحسن من سمعة دولة الإمارات ويدعم ثقة المستثمرين. والمهم أن تتبع هذا القانون خطوات أخرى ضرورية للمساعدة على تطبيق القانون على أرض الواقع بما في ذلك توفير الخبرات المتخصصة في قضايا الإفلاس في المؤسسات المالية الدائنة، كما في القضاء ومراكز حل النزاعات التجارية. والمأمول أن يوفر كل هذا الأرضية المناسبة لتحقيق التنمية المستدامة في مرحلة ما بعد النفط.

* هناك حوار دائر بشأن إيجاد أدوات مالية للبنوك الإسلامية تستطيع من خلالها إدارة السيولة لديها وتكون مقبولة لدى المركزي. هل من جديد في هذا الإطار؟ وأين وصلتم في موضوع توحيد معايير الإفتاء والاجتهادات في اللجان الشريعة لدى البنوك الإسلامية؟

يقدم المصرف المركزي أدوات متوافقة مع الشريعة الإسلامية تهدف إلى تيسير حصول المصارف الإسلامية على أصول سائلة ذات جودة مرتفعة. وقد قام المركزي بابتكار شهادات الإيداع المتوافقة مع الشريعة الإسلامية يمكن استعمالها في إدارة الأصول على المدى القصير في المصارف الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية الأخرى، وقد حققت هذه الشهادات نجاحاً منذ إطلاقها في 2010. وقد بلغت بنهاية 2016 حوالي 20 مليار درهم (18.6% من الإجمالي).

أما بالنسبة للتمويل في الحالات الطارئة، فقد قام المصرف المركزي منذ منتصف 2015 بالتوسع في قبول الضمانات المؤهلة لتسهيلات «المرابحة» المغطاة (Collateralized) بحيث تشمل الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى شهادات الإيداع الإسلامية الصادرة عن المصرف المركزي. وقد تم تحسين هذه الخدمة لضمان حصول المصارف الإسلامية على تسهيلات لتمويل الحالات الطارئة من خلال تسهيلات الإقراض الهامشي المؤقتة أو المرحلية.

* ما التوجهات المستقبلية في السياسة النقدية واستراتيجية البنك المركزي للأعوام 2017-2021.

يتمثل الهدف الرئيسي للسياسة النقدية للمصرف المركزي في الحفاظ على استقرار نظام معدلات صرف العملة. ووفقاً للخطة الاستراتيجية 2017-2021 فإن التوجه الرئيسي للسياسة النقدية يركز على تحسين إطار إدارة النقد للاستمرار في حماية استقرار معدلات الصرف مع الحفاظ في الوقت نفسه على مستوى ملائم من السيولة ضمن النظام المصرفي للدولة، من خلال عمليات السوق وتوفير تسهيلات جديدة لإدارة السيولة، بما في ذلك التسهيلات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

أما بخصوص أهم المبادرات والمشاريع التي سيركز عليها المصرف المركزي في المرحلة القادمة حسب استراتيجيته، فهي: تحسين النظام التشريعي والرقابي على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، تطوير أنظمة وإجراءات ترخيص المؤسسات المالية، مع التركيز على دعم وتشجيع تمويل القطاع المصرفي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى جانب تعزيز البيئة التشريعية والتنظيمية والرقابية الملائمة للتمويل الإسلامي، كما يعتبر توطين القطاع المصرفي أولوية للمرحلة المقبلة انسجاماً مع خطط الحكومة بهذا الخصوص، بالإضافة إلى تعزيز منظومة مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب بما يتناسب مع المعايير الدولية وتمهيدا لإجراء عملية التقييم المتبادل للدولة، إلى جانب دعم تنافسية دولة الإمارات في هذه المجالات، وتعزيز منظومة حماية المستهلك.

* ماذا عن اتجاهات السياسة النقدية بخصوص موضوع ربط الدرهم بالدولار خاصة مع مطالبة بعض الخبراء بفك الارتباط وعودة المركزي لاستخدام الفائدة كأداة نقدية في إدارة السياسة النقدية بشكل أكثر فاعلية؟

كما هو الحال في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، وانعكاساً لحقيقة أن عوائد النفط والغاز يتم تسعيرها بالدولار الأمريكي، فقد تم ربط الدرهم الإماراتي بالدولار الأمريكي.

من الناحية العملية فإن هذا الأمر يتحقق من خلال الحفاظ على نظام ارتباط يتم الحفاظ فيه على الدرهم ضمن نطاق ضيق من السعر يتراوح ما بين 3.6720 – 3.6730 درهم للدولار. ويتم دعم استقرار العملة من خلال سياسة إدارة الاحتياطيات حيث تتم تغطية ما لا يقل عن 70% من القاعدة النقدية الضيقة (مجموع النقد المُصدر والحسابات الجارية للعملاء لدى البنوك والودائع تحت الطلب) من خلال الاحتياطيات من العملة الأجنبية المتوفرة لدى المصرف المركزي، وذلك بناء على متطلبات القانون الاتحادي رقم 10 المؤسس للمصرف المركزي.

من الناحية العملية، فإن النسبة التي يتم الحفاظ عليها أعلى بكثير مما هو مطلوب بموجب القانون المذكور، إذ إن الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت يفرض قيوداً على عمل السياسة النقدية. وعلى وجه التحديد، فإن هذا الأمر يقتضي أن تتبع معدلات الفائدة قصيرة الأجل معدلات الفائدة على الدولار الأمريكي.

وعليه، فإن تطبيق السياسة النقدية للمصرف المركزي يهدف إلى ضمان كون معدلات الفائدة قصيرة الأجل متوافقة مع المعدلات بالدولار الأمريكي، مع الحفاظ في الوقت نفسه على مستوى مناسب من السيولة ضمن النظام المصرفي للإمارات، وذلك من خلال عمليات السوق وتسهيلات السيولة.

لقد قدم نظام الربط الثابت لسعر صرف الدرهم بالدولار الأمريكي خدمة هامة للإمارات كما أقرت بذلك تقارير صندوق النقد الدولي، ويدعم هذا الرأي النمو الاقتصادي المستقر نسبياً للأنشطة غير النفطية ومعدلات التضخم المعتدلة في الدولة. كذلك، استفادت دولة الإمارات من هذا النظام من خلال تخفيض تكاليف المعاملات ومخاطر الصرف الأجنبي للشركات الإماراتية، والتقليل من التقلبات التي يسببها تدفق رأس المال. أما الفوائد التي يمكن تحقيقها على المدى البعيد من النظام الحالي فهي بديهية وواضحة في ظل التنوع المتواصل لاقتصاد الإمارات، حيث شجع هذا النظام على مزيد من الاستثمار وتدفق رؤوس الأموال من خارج الدولة. وبالتالي، فإن الإمارات لا تنوي وقف العمل بنظام سياسة سعر الصرف الثابت، وقد عبرنا مرارا عن التزامنا الثابت بهذا النظام.

* ما آخر المستجدات في موضوع الاتحاد النقدي الخليجي والعملة الموحدة؟

لا توجد أية مستجدات تذكر في هذا الشأن.

* ما توقعاتكم لمعدل النمو في الاقتصاد الوطني وللاقتصاد العالمي العام الحالي والعام المقبل خاصة مع تراجع أسعار النفط إلى مستويات قياسية في الفترة السابقة، ما أثر في احتياطي الدولة من العملات الصعبة؟

تشير آخر تقديرات صندوق النقد الدولي إلى تحسن آفاق النمو الاقتصادي العالمي، على الأقل مقارنة مع توقعات الفترة السابقة، حيث من المتوقع ان ينمو الاقتصاد العالمي هذه السنة بنسبة 3.4% مقارنة بنسبة 3.1% في سنة 2016.

مع هذا، تبقى حالة عدم اليقين مرتفعة نتيجة تقلبات الاسواق، واحتمال زيادة اسعار الفائدة في الاسواق المالية الامريكية مما قد يسبب صعوبات اضافية للدول النامية، وثالثاً مستقبل الاتحاد الاوروبي إثر قرار الخروج البريطاني منه، ورابعاً عدم اليقين إزاء المستجدات في سياسة التجارة والعولمة في إطار توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة واحتمالية تغيرات سياسية مماثلة في أوروبا.

بطبيعة الحال، يتأثر الاقتصاد الوطني بضعف الطلب الخارجي وبتوجهات السياسة النقدية للدول المتقدمة وما أدت إليه من التقلبات في تدفقات رؤوس الأموال وفي أسواق الصرف الأجنبي. كما أثر الانخفاض المستمر لأسعار النفط على مستويات النشاط الاقتصادي وأوضاع المالية العامة في دولة الإمارات، في ضوء الأهمية الكبيرة التي يلعبها الإنفاق الحكومي في دعم النمو في عدد من القطاعات الاقتصادية، مما دفع إلى تبني إجراءات تهدف إلى تقليص الدعم الحكومي للأسعار لاحتواء العجز في الموازنة العامة للدولة.

في ظل هذه الظروف، يتوقع المصرف المركزي أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي للأنشطة غير النفطية في الدولة 2.9% في سنة 2017، من 2.7% في 2016، على ان ترتفع نسبة النمو إلى 3.8% في 2018 وربما تفوق ذلك في السنوات التي تليها.

* كيف تنظرون إلى أداء أسواق المال المحلية والعالمية في حال واصل الاحتياطي الفيدرالي الامريكي رفع معدل الفائدة، وكيف سيكون انعكاس ذلك على السوق المصرفية المحلية؟

إن رد الفعل المباشر للمستثمرين على رفع معدل الفائدة كان بشكل عام ارتياحاً لكون المستثمرين توقعوا حصول هذا الأمر منذ سنة تقريبا وهو ما تم اتخاذه في ديسمبر 2016 للمرة الثانية. بيد أن صناع السياسات يودون التأكد من أن دورة التقشف النقدي في الولايات المتحدة ستكون ذات أثر خفيف وذلك لتجنب ردود الفعل السلبية للسوق.

يبدو أن معظم فئات أصول الاستثمار تظهر دلائل على توقعات تأثير استمرار ارتفاع سعر الفائدة على المدى القريب ولا سيما في ضوء السياسات التوسعية المالية للإدارة الأمريكية الجديدة. وفي الوضع الحالي، تشير معدلات الفائدة التي ارتفعت خلال الفترة الماضية إلى أن النمو الاقتصادي راسخ وثابت، وهذا الأمر جيد بالنسبة للشركات «المدرجة».

* مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي من المراكز المالية في الدولة التي تخضع لقوانين المناطق الحرة. ما طبيعة العلاقة بين المركزي وهذه المراكز؟ وكيف يمكن أن يتعامل المصرف المركزي مع هذه المناطق في إدارة السياسة النقدية بالشكل الذي يؤمن مصالح الاقتصاد الوطني؟

المناطق المالية الحرة العاملة في الدولة تخضع للقانون الاتحادي رقم 8 لسنة 2004 في شأن المناطق الحرة المالية والقرارات الصادرة تنفيذاً له، حيث تنص المادة 9 من قرار مجلس الوزراء رقم 28 لسنة 2007 في شأن اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أنه يجوز للمناطق الحرة المالية أو من خلال هيئاتها ذات الاختصاص إبرام مذكرات تفاهم مع بعض الجهات ذات الصلة ومنها المصرف المركزي لغرض التنسيق والتعاون والرقابة.

لقد تم فعلاً إبرام مذكرتي تفاهم بشأن التعاون الرقابي ومواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب مع سلطة الخدمات المالية لدى كل من مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي على حدة، ويجري العمل حالياً بالتعاون مع الجهات المختصة على تشكيل لجنة للتعاون الرقابي، تنفيذاً لأحكام المادة 7 من اللائحة التنفيذية.

بحث إنشاء لجنة خاصة للاستقرار المالي

يتضمن مشروع قانون المصرف المركزي أحكاماً تفصيلية خاصة بكافة أنواع البنوك والمنشآت المالية الأخرى، التجارية والتقليدية وتلك التي تمارس نشاطها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى أحكام خاصة بالسياسة النقدية والاستقرار المالي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية المرخصة والرقابة والإشراف عليها، إلى جانب أحكام خاصة بالبنية التحتية المالية التي تشمل تحويل الأموال وعمليات المقاصة والتسوية وعمليات الدفع للأفراد والخدمات الالكترونية المتعلقة بها وسلطة المصرف المركزي في تحديد النظم المحددة وأحكام خاصة بنظم الدفع والإشراف عليها.

هناك كذلك أحكام تتعلق بإدارة وتنظيم المصرف المركزي وأهدافه ورأسماله واحتياطاته وحساباته وعملياته مع القطاع العام والخاص وعمليات أسواق النقد والمال.

تواصل مع هيئة الأوراق حول التمويل بضمان الأسهم

قال محافظ المركزي: «توجد حالياً لائحة تنظيم التمويل بضمان الأسهم، وسوف يكون المصرف المركزي مستعداً لإصدار متطلبات جديدة في حال ظهور مستجدات في السوق تستدعي ذلك». وعن مدى التنسيق بين المركزي وهيئة الأوراق المالية والسلع حول موضوعات تمويل البنوك لعملائها بضمان الأسهم، أكد أن ثمة مذكرة تفاهم موقعة بين المصرف المركزي وهيئة الأوراق تؤسس لخطوات وإجراءات التعاون الرسمي للمساعدة في الإشراف على أعمال المؤسسات المالية الخاضعة للإشراف الرقابي والتنظيمي من كلتا المؤسستين.

وقال: «هناك تواصل مستمر بين المصرف المركزي وهيئة الأوراق حول القضايا التنظيمية المشتركة التي قد تبرز».

استراتيجية متكاملة تدعم الاستقرار المالي

تأتي التوجهات الاستراتيجية للمصرف المركزي 2017-2021 لتعزيز الاستقرار النقدي والمالي نحو نمو اقتصادي مستدام، من خلال تعزيز الاستقرار النقدي والمالي عن طريق رقابة فعالة على الجهاز المصرفي العامل في الدولة، وإدارة رشيدة للاحتياطيات من العملات الاجنبية لدى المصرف المركزي، وارساء قواعد لبنية تحتية مالية فعالة وآمنة للأسواق المالية وفقا لأفضل الممارسات والمعايير الدولية.

وتتضمن الاستراتيجية الجديدة 2017-2021 أهدافا رئيسية تركز على دور المصرف المركزي في تعزيز الاستقرار المالي، وتطوير وتعزيز السياسة النقدية والأدوات ذات العلاقة، بالإضافة لإدارة الاحتياطيات، وتعزيز الإطار التنظيمي والتشريعي والرقابي على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى.

نمو الإقراض والأصول

واصلت ودائع العملاء ارتفاعها بشكل مطرد خلال 2016 لتصل إلى 1.56 تريليون درهم، حيث بلغت نسبة الزيادة نهاية السنة الماضية 6.2% مقارنة بنسبة 3.5% في نهاية 2015، وقد شملت زيادة الودائع في 2016 ودائع المقيمين (87% من الإجمالي) التي ارتفعت 4.9%، بما في ذلك زيادة ودائع القطاع الحكومي بنسبة 18.7% وزيادة ودائع القطاع الخاص بنسبة 6.2%.

ورغم المعدلات الجيدة لنمو الاقراض والأصول المصرفية فإن الزيادة المطردة في نمو الودائع ساعدت البنوك على الاحتفاظ بمعدلات مرتفعة من السيولة حيث زادت نسبة الأصول السائلة لدى البنوك من 15.6% في نهاية الربع الأول من 2016 إلى 16.2% بنهاية الربع الرابع.

وبلغ الحساب الجاري للبنوك لدى المركزي 33.8 مليار درهم نهاية السنة الماضية، بينما بلغت استثمارات البنوك في شهادات الإيداع التي يصدرها المركزي مقدار 108 مليارات، بينما بلغت الاحتياطيات الالزامية للبنوك لدى المركزي 116.6 مليار. ونوه بقوة ملاءة رأس المال لدى البنوك العاملة بالدولة التي بلغت 17.3%.

المصدر: الخليج