ملكة بريطانيا تكلف تيريزا ماي.. وجونسون للخارجية

أخبار

لم يكن يدور في خلد ابنة قسيس الكنيسة الانجليزية صارمة القسمات، والتي تعشق العمل أكثر من الحديث، والتي تصف نفسها بأنها ليبرالية محافظة، بأن توازنات حزب المحافظين الذي سبق وأن وصفته بحزب «الأشرار» عندما كان ممعناً في اليمينية المتطرفة، ستكون محل إجماع الحزب لتولي منصب رئيس الوزراء في هذه الفترة الحرجة، حيث سيكون أمامها عدد من التحديات: إطلاق عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتفاوض للحصول «على أفضل اتفاق» وتحسين الأوضاع الاقتصادية، مع توحيد حزبها والحفاظ على وحدة بريطانيا.

إذا كان البعض يأخذ عليها افتقارها إلى الجاذبية، فإنهم يقرون لها بكفاءتها ويتهمونها ببعض التسلط، فهي قادرة على أن تكون «حازمة جداً» إلا أنها تبدو أقرب إلى انغيلا ميركل المستشارة الألمانية، حيث إن والدي الاثنتين قسان، وهما محافظتان عمليتان منفتحتان للتسويات ولا أولاد لهما.

لكن بالنسبة لماضي وإرث تيريزا ماي عندما شغلت منصب وزير الداخلية، كان لديها الكثير من التقاطعات مع الشرق الأوسط أو الخليج تحديداً، إضافة إلى سياستها الصارمة في محاربة الإرهاب والتطرف داخل بريطانيا عبر مشروع قانون مكافحة الإرهاب، وساهمت وزارتها بنشاط في التحقيق الذي أجرته بريطانيا حول جماعة الإخوان المسلمين، ونشطت في محاربة جمعيات ومنظمات، والتضييق على شخصيات محسوبة على تيارات المتشددين الذين حاولوا توطين نفسهم في بريطانيا بعد موجات التضييق والرفض التي قوبلت بها «الجماعة» في دول الشرق الأوسط، كما أنها خاضت معارك ترحيل أبي قتادة إلى الأردن وأبي حمزة إلى الولايات المتحدة.

ارتبطت تريزا ماي بعلاقات جيدة مع دول مثل الأردن والبحرين والسعودية، ودعا مستشارها الخاص إلى خلق وتمتين العلاقة التجارية مع دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن دول أخرى لتعويض الفارق في الميزان التجاري بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

دافئة مع الخليج

ارتبطت تيريزا ماي التي تسلمت مهام عملها أمس بعلاقة طيبة ودافئة مع دول الخليج، أثناء فترة عملها كوزيرة للداخلية في الفترة من 2011 إلى يوم أمس، ففي عهدها رغم أنه اتسم بصفة الخوف من الغرباء والأجانب القادمين من الشرق الأوسط، نسبة لموجة التطرف والإرهاب القادمة منه، إلا أنها كان لها القدح المعلى في إعفاء مواطني الإمارات و3 دول خليجية من الحاجة إلى تأشيرة دخول رسمية إلى الأراضي البريطانية، سواء كانت سياحية أو طبية مع الإبقاء على تأشيرة الدراسة أو العمل.

ورغم الحملات التي كانت تشنها المعارضة البحرينية في لندن إلا أن الوزيرة تيريزا ماي لم تلتفت لها، وقامت بتبني سياسة تعاون مع البحرين والسعودية بخصوص النظام العدلي وإصلاح القوانين، حيث ساهمت في إقرار الحكومة البريطانية لتقديم مساعدات إلى وزارة الداخلية البحرينية بقيمة 2.1 مليون جنيه إسترليني لتدريب حراس السجون. كما أدارت برامج تدريب لقوات الشرطة وحراس السجون السعودية منذ العام 2010 إلى اليوم، وزارت السعودية مرتين.

دعا ديفيد ديفيس، مستشار تيريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، بلاده إلى اتخاذ إجراءات سريعة للتفاوض من أجل عقد اتفاقيات للتجارة الحرة مع الشركاء التجاريين الرئيسيين لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك دولة الإمارات وتوقع أن تعقد «ماي» وبشكل سريع العديد من الصفقات التجارية الدولية مع جميع شركاء بريطانيا التجاريين المفضلين، وذلك خلال مدة زمنية تراوح بين 12 و24 شهراً.

محاربة شرسة للإرهاب

ولن تكون رئيسة الوزراء الجديدة خالية الذهن عما يدور في الخارج فهي متصله بجهود الحرب على داعش وسبق لها أن حذّرت من «التهديد غير المسبوق» الناتج عن الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من 3 سنوات، وكشفت أن وزارتها احتجزت جوازات سفر 14 متطرّفاً بريطانياً لمنعهم من السفر إلى هناك، وعملت على إقرار قانون يحرم المواطنين البريطانيين من جوازات سفرهم لمنعهم من الانضمام للإرهابيين في الخارج، ولا سيّما في سوريا، كما تم منع 10 أجانب من دخول المملكة المتحدة لأسباب أمنية.

وكان للوزيرة ماي القدح المعلى عبر وزارتها في التحقيق الذي أجرته بلادها حول «جماعة الإخوان» من كونها جماعة إرهابية، إضافة إلى أنها سنت قانوناً صارماً لمكافحة الإرهاب الذي ينص على «الاستبعاد المؤقت» من العودة إلى البلاد ويمنح الشرطة صلاحيات أكثر صرامة تقضي بمنع الناس من السفر للقتال في الخارج، كما يشمل منع بعض المواطنين البريطانيين من العودة إلى المملكة المتحدة، ومنعهم من مغادرتها أيضاً لمدة قد تصل إلى 30 يوماً عن طريق إنهاء صلاحية جوازات السفر.

ومنع الدعاة المتشددين من نشر مواد متطرفة على الإنترنت، وأن أي شخص يتبنى أفكاراً متطرفة سيمنع مع العمل مع الأطفال، إضافة إلى حرمان من يحملون جنسيات مزدوجة أو الذين حصلوا على جنسية بريطانية عن طريق الإقامة في بريطانيا من دخول البلاد، بل ونزع الجنسية عن أولئك الذين يثبت سفرهم إلى سوريا والعراق.

كما يشمل «أوامر حظر» لجماعات واعتبارها إرهابية إذا لم تلتزم بالمعايير، و«أوامر (مدنية) ضد التطرف» تُستخدم في مواجهة الأفراد، و«أوامر إغلاق» مقار يمتلكها متطرفون أو يستخدمونها، مع مراجعة على المدارس التكميلية، التي لا تخضع لنظام حالياً، بهدف «حماية الأطفال من التطرف»، واستحداث وظيفة «ضابط التطرف» في السجون للتعامل مع السجناء والعصابات المتطرفة.

الفرق بين الإسلام والتطرف

تفرق تريزا ماي بشكل جيد بين الإسلام والتطرف، حيث سبق لها أن استشهدت بآيات من القرآن في خطاب لها خلال اجتماعات حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا العام الماضي عندما استخدمت الآية القرآنية: «يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، كما استخدمت الوزيرة الآية القرآنية: «لا إكراه في الدين» للتأكيد على أن الإسلام دين سلام وليس دين عنف.

وبالنسبة للشرق الأوسط فإن سجل رئيسة الوزراء الجديدة سيقتصر على السياسة التقليدية لحزب المحافظين القائمة على دعم التعاون الوثيق مع جميع أنظمة الخليج خاصة في مجالات الأمن، والدفاع، ومن المتوقع أن تشهد سياستها في الشرق الأوسط صعود المزيد من صقور المحافظين أمثال وزير الخارجية الحالي فيليب هاموند ووزير الدفاع مايكل فالون، وربما يعود وزير الدفاع الأسبق، ليام فوكس إدوارا، ولو من وراء ستار بوصفه صديقاً للعديد من أنظمة المنطقة.

كذلك ستشدد الحملة على إيران خاصة بعد ذهاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ويتوقع المحللون أن تلعب تيريزا ماى دوراً أساسياً في إعادة إيران إلى الحصار والعقوبات تحت مسميات برنامج الصواريخ والتورط في دعم الجماعات الإرهابية وانتهاكات حقوق الإنسان.

المصدر: الخليج