الأربعاء ٠٨ يونيو ٢٠١٦
بأفئدة شغوفة لهوفة، لكوفة، عطوفة، تأتيك الحنايا ضارعة والنفس مشتاقة لذاك النسق، فأنت أنت الهوى وأنت الجوى وأنت الطارق المتألق، أنت الحدق، والرمق، أنت في أيام الناس، تشدو والقلوب، طروبة، بك تحيا الحياة وينشق الفجر عن مدد، وأنت المدى والمد، وأن الساهر على عصمة التائقين إلى الشهد. رمضان أنت في الأيام زائر وفي عيون العشاق سماء، نجمتها في الليل ضوء وفي النهار رجع إلى الأبد.. رمضان منك اليوم مزدهر، ما بين خافق بالحلم، ومزدهر، فأنت.. أنت الخافق والطارق والسابق واللاحق، والشاهق والسامق، أنت المتجلي في الروح وأنت السامي، رمضان تأتي ورفاق غابوا ورفاق سهروا في البعد بلا طلل.. رمضان هذا الشهر ترقبه نفوس ما غاب عنها النور ولا النجم، لأنك في الضوء ترنو إلى سرمد، وفي الليلة الدمساء يحلو لك، التهليل والنسك..رمضان لك الحلم، لك الشهامات والدفن، لك وعد الناس وعهدهم بأنك القامة الصهباء والشهباء.. وأنك القيم وشامة الدهر عالية على جبين من أحبوا وعشقوا وصار الدهر تواقاً إلى صبا وشيخوخة، وما بينهما ذاكرة الصوم وأنفاس الجليل المعتصم. رمضان، خلتك في الصبا ساحتي، وفي الشيخوخة تهديني بقايا عمري وتحتفي لأنك في الزمان أمان، وفي أيامنا نهر، ولأنك في ثنايا الروح رقراق، أنهله ما بين الشفاة عذب، لأنك الصخب والخصب، والصاحب النبيل والحدب.. رمضان فيك وفيك هفهفة العشب ورفرفة الأجنحة وطرق…
السبت ٠٤ يونيو ٢٠١٦
في الشارع، وفي الأماكن العامة، وأمام أبواب المساجد، حالات عديدة من البشر يطرحون أنفسهم كفقراء ومُعْدَمين، ومعوزين، ومحتاجين، وتمتد أيديهم بضراعة وذل وهوان وخنوع، وركوع، وبوجوه مكدورة وقلوب مكسورة، ونفوس مثبورة، وأرواح محرورة، وأجساد رثة، وملابس كثّة، ما يجعل الإنسان يذعن ويزداد شجناً، وحزناً، ولا يملك إلا أن يدس يده في جيبه، ويعطي المتيسر، وبعد زوال زولة، يختفي المتسول المتنكر، ويعود بهيئة أخرى في شارع آخر أو مكان مختلف، وهكذا فالرحى تدور والاحتيال يدير عجلات الخديعة بكل براعة ودهاء، وذكاء ونباهة، ولأن آلة المشاعر لدينا رقيقة ضعيفة لينة، طيعة، فإن المحتال المتسول لا يبذل جهداً مضنياً كي يقبض على الفريسة، بل إنه يقهقه بملء فيه، ساخراً مستهزئاً مستهتراً بهذه القلوب سهلة الاصطياد. ولذلك، فإن أغلب المتسولين أصبح البحث عن الطرائد مهنة وحرفة، ثم ثقافة لا يمكن الاستغناء عنها، وبالتالي ترسخت هذه الثقافة لتصير جزءاً من الكيان وعضواً من أعضاء المتسول التي لا يمكن أن يستغني عنها، وما يؤكد ما نشير إليه هو أن ابن الإمارات الذي أنعم الله عليه بالخير الجزيل، كان في عقود سبقت وأيام مضت وأزمان انقضت، أشد فقراً وعوزاً، وقد عاش تحت لظى الشمس الحارقة تسوطه حبال الشمس الملتهبة، وتهبه أشد العذاب، كما أن الصحراء القاحلة، ما كانت تعطي بسخاء ولا كانت تطيع الركاب برخاء، وما كانت…
الجمعة ٠٣ يونيو ٢٠١٦
مما لا شك فيه، أن إيران تعاني أزمة تاريخية، جعلتها تتخبط وتغلط وتشتط وتنحط في مآزق كثيرة؛ الأمر الذي يجعل من التوافق معها أشبه بالمستحيل. فإيران التي طالما رفعت راية الجهاد من أجل تحرير القدس، لم تطلق رصاصة واحدة باتجاه من يحتل القدس، بينما نجدها، وبواسطة قائد الحرس الثوري قاسم سليمان، هبت نحو الفلوجة، والهدف ليس داعش وإنما من يسكن هذه الأرض، وهم الأبرياء الذين ينتمون إلى السُنة، والدليل أن سبعة عشر كائناً بشرياً قضوا على أيدي «الحشد الشعبي» من دون ذنب أو جريرة سوى أنهم لا يولون وجوههم إلى «قم». وإذا كان الأمر كذلك، وإذا كانت إيران تريد أن تلون العالم بالسواد المعتم، فمعنى ذلك يجب أن تحرق الكرة الأرضية، وتحيل الكون إلى محرقة كبرى، ومن ثم تقف إيران على الأنقاض والرماد، ولكن هل هذا سيحدث؟ بالطبع لا، والتاريخ كفيل أن يعطينا الأمثلة والعبر، فامبراطوريات سادت ثم بادت، وكانت تتحدث باللغة نفسها، وإن لم ترتد العباءة السوداء، فما ربحت وما برحت حتى صارت مثل عاد وثمود، لأن الحياة خلقت بالتعددية وبالاختلاف والتنوع، من يقول غير ذلك، فإن مصيره لن يختلف عن مصير الجبابرة الذين غابت نجومهم بفعل التعنت والكبرياء المزعوم والأوهام الكاذبة. إذاً أمام إيران أحد خيارين، فإما أن تذعن لقوانين الطبيعة أو تلقى مصير من هلكوا، ومن ضاعوا…
السبت ٢٨ مايو ٢٠١٦
جميلة هي المناسبات الاجتماعية، ورائعة تلك الفساتين الملونة المطرزة بالزري، وممتعة أصوات الصغار وهم يغردون بين الأزقة كعصافير نثرت أجنحتها في الفضاء، وفاضت منتشية بالائتلاف والالتفاف حول قيم زرعها الأولون وأصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من الوجدان الإماراتي.. عندما نتمعن في الوجوه البضة مغسولة بعرق مايو وخيوط الشمس الذهبية تتدلى كأنها القلائد التاريخية، هنا طارق خفي ينقر شباك القلب يعيدك إلى زمان وإلى أفنية الرمل المبلل بالندى، تعيدك إلى رائحة العطر الأنثوي القديم.. تعيدك إلى أصوات أشبه بالمواويل عندما كانت الأمهات يجلسن عند الأبواب المشرعة ويوزعن «البيذاب واليوز والملبس»، كانت السماء تمطر بهجة على الأفئدة فتزهر وتثمر وعياً بالوجوه كونه بدأ بالعناية بتصفيف مشاعر الناس، كي يكون الإنسان خليفة الله في الأرض.. مشاهد «الحق الله» صور وسير وأساور وأسوار وحوار داخلي ما بين الذات والذات، ما بين الإنسان والحياة.. مناظر الحق الله، لا يحسها غير الأطفال لأنهم الأكثر صفاء ونقاء ووفاء وعفوية، لأنهم يسمون الأشياء بأسمائها من دون تلوين أو تقنين، لأنهم يحبون الحياة كما هي، هم مثل الوردة تعبق الكون بعفوية الرائحة وفطرة التكوين. عندما تمعن النظر في وجوه الأطفال والأكياس الملأى بالحلو والمالح، تتدلى من أياديهم الصغيرة، والابتسامات تتجول على الوجوه الناضجة عرقاً وشوقاً وعشقاً للحياة.. تشعر أنك أمام فنانين مبدعين وتتمنى لو كنت واحداً من هؤلاء قبل…
الجمعة ٢٧ مايو ٢٠١٦
المشهد الثقافي في الإمارات، والزخم الهائل في النشاط الإبداعي، والحراك المؤسساتي باتجاه الإنتاج الفكري، حوَّل الإمارات من منطقة جاذبة للسلوك الحضاري الإنساني إلى شريك أساس في صناعة الفكر، وبثَّ موجات عالية الصوت، ونثَّ أمطاراً غزيرة، أبهجت سيولها الأرض حتى صار العشب الثقافي سنابل وعد، ومناهل عهد، وسواحل مهد. من يراقب هذا المشهد المبرد بأحلام الذين يستيقظون على تغاريد الطير، وأناشيد الموجة المجللة بالبياض، من يتابع كل ذلك، يجد نفسه أمام حفل بهيج، مزخرف بمصابيح الآمال العريضة، والأمنيات الكبيرة، المزدان بأحداق الذين يبصرون الواقع فيضعون البنان في خدمة البيان، ويكتبون على البنيان نقش أنشودة الخلود، خلود وطن عاشق للإبداع، وامتداد أشرعة مترعة بالطموح الذي لا يلين ولا يستكين، لأن الثقافة أصبحت ما بين غمضة جفن ولمضة شفه. الثقافة في المسعى، منطقة زاخرة بالنشاط الروحي، مزدهرة بالحيوية الفكرية، أي أن الثقافة أصبحت كالماء والهواء على حد سواء، تغذي الروح، وتنمي أعشاب القلب، وتسجل للتاريخ حلم شعب أراد الحياة فاتكأ على آرائك الثقافة، لكونها السند والمهد والنهد والعهد والوعد والحد الفاصل ما بين الحياة واللاحياة. الإمارات تسرج خيول الثقافة باتجاه مضارب ومناقب وسواكب ومناكب، وما القراءة التي سنتها القيادة الرشيدة إلا النهر والساقية، والحياة المتساقية من أتون وفنون وشجون ولحون. الإمارات تكحل العين بأثمد القراءة، وتخضب اليدين برائحة الحبر المبجل، وتخصب العقل بفكر…
الثلاثاء ٢٤ مايو ٢٠١٦
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، أوعية تغص بالتشاحن والتطاحن يعرق الجبين عندما يقرأ مثل هذه الترهات، ويرتعد البدن لمثل هذه الخزعبلات التي لا تمت إلى حرية الرأي، ولا إلى الفكر النير بشيء، إنها فقاعات تلعب الجمباز على ظهور موجات العصبية والهستيريا والحماقات.. أفكار ساذجة ومسطحة تتلاطم، وتتزاحم، وتتفاقم، وتتجهم، وتثير غباراً، وسعاراً، ودواراً، وتطوق الأعناق بأنساق ما أنزل الله بها من سلطان.. ولا أحد من حاملي هذه الأفكار يفكر بوطن أو إنسان أو حياة، إنما التفكير منصب على أنانية الذات وتورمها، وتضخمها واحتقانها وعدم اتزانها، هؤلاء الأشخاص الغارقون في الشتائم، والسباب وكيل الألفاظ النابية والبذيئة، إنما هم طفيليات تخوض في فضاءات أغبرت رؤيتها، فأصبحوا يهيمون، ويتيهون، ويضيعون في مثل هذه الأجواء المواتية لمزاجهم ورغباتهم وطموحاتهم وآهاتهم وأناتهم. هؤلاء الأشخاص، استغلوا وسائل التواصل الاجتماعي لكونها أوعية مفتوحة حتى آخرها ليعبروا عن أهوائهم وأشواقهم الدفينة التي تذهب إلى المخالفة من أجل الصعود على سارية الفراغات المتناهية، حقيقة الإنسانية أُبتليت بمثل هذه الشرائح، والأوطان تأزمت وتبرمت وتذمرت إثر هذه الأدخنة المتصاعدة. وأعتقد أنه لابد من مقاييس ولابد من معايير وميزان يحدد هذا الضجيج، وكما قال صموئيل بيكيت «إذا كانت العربات الفارغة أكثر ضجيجاً، فمن الضروري، أن يكون هناك معيار ما يحدد مستوى هذا الضجيج»، حتى لا يتبعثر زجاج النوافذ، وتتناثر القصاصات الورقية، ويصبح التاريخ…
السبت ٢١ مايو ٢٠١٦
هناك جبهة شرسة مشاكسة ظالمة مظلمة، حانقة خانقة، قاتمة معتمة، عديمة عقيمة، مبهمة متفاقمة، تريد أن تحول أوطان الناس إلى طرائق قدد، وإلى نهر متبدد، وإلى فكر مرتد مستبد، وأغراضها كثيرة، وأهواؤها متعددة المخالب والأنياب، ومآربها لا تختلف عن أي كائن متوحش باطش، الأمر الذي يستدعي قراراً مبدئياً من جميع مثقفي المنطقة، بأن يلملموا شتاتهم وأن يجمعوا إرادتهم لتصب في خانة واحدة، وهي خانة المجابهة الثقافية ضد المغرضين والمتسولين والمتسللين والمتوسلين، والقائمين والجاهمين، والساخطين، والعابسين، والمكفهرين، والذين يضعون الأسود الدامس على عيونهم كي لا يروا إلا الظلام. قد يقول قائل ولماذا، كل هذا التعب، فلدينا اتحاد كتاب ولدينا جمعية صحفيين بإمكانهما أن يقوما بنفس الدور، أقول لا نشك في ذلك أبداً، فهاتان المؤسستان تعملان بكل ما تستطيعان من جهد، وتبذلان الممكن، ولكن المقصود في وحدة المثقفين، هو أن هذا الكيان يستطيع أن يشمل أكثر من دور ويتسع لأكثر من مجال وتخصص بشأن الأعضاء، فنحن بحاجة إلى باحثين، وأكاديميين، ومؤرخين وفلاسفة، وعلماء اجتماع ونفس ورجال دين، وفقهاء، هذا الفريق بإمكانه أن يشكل جبهة قوية مضادة، لكل من يؤول وكل من يطلق لخياله العنان ويتيه في براري الكذب والافتراء.. أقول ذلك، لأن المنطقة العربية برمتها مهددة من قبل أصحاب البهتان والطغيان، وإخوان الشيطان، المنطقة بحاجة إلى مؤسسة تبدأ مع النشء لتصل إلى…
الجمعة ٢٠ مايو ٢٠١٦
عندما يجازف حزب بحجم ذبابة قياساً إلى معايير القوة في العالم بدفع كوادره وقياديه ومرتزقته في أتون حرب لا ناقة له فيها ولا جمل غير الوهم التاريخي، والخيال الأحفوري الذي عفى عليه الزمن، فإنه رسم من الجنون وشيء من المجون، وبعض من الحنث المكنون. فسوريا ليست إسرائيل، والشعب المغلوب على أمره ليس من فلول الصهاينة، ولا من العلوج. هذا الحزب، ألبس السياسة بالدين، ولحف الدين بالسياسة، وأراد أن يخطف الريادة من الأحزاب الثورية، فاعتنق فكره الطائفي، مستغلاً بذلك الأوضاع العربية الراهنة ومشاعر السذج ليبني عليها عرش أوهامه، وأسقامه، فأول بداية لانطلاقته المشؤومة، أضرم النار في القلب السوري، وساهم بشكل مباشر في حرب التشريد، والتنكيل والقتل والدمار. ولكن لكل هذا لا بد من فاتورة تدفع، ولا بد من ثمن يقدمه الحزب إزاء جرائمه النكراء، والثمن غالٍ ونفيس، ألا وهو مقتل قياديه الواحد تلو الآخر، ونحن نسأل ماذا بعد كل هذا التهور والتضور، والخوار، والدوار، والسعار، والانصهار في بواتق الشر؟، وماذا سيجيب قادة هذا الحزب لأسئلة الطفل السوري، الذي لم ير فناء المدرسة منذ خمس سنوات، ولم ينم تحت سقف غرفته الذي تركه ليسكن في العراء، والذي لم يزل يذكر لعبته التي أودعها المكان المهجور بعد أن فر بجلده هارباً من بطش الشيطان. بماذا سيقابل هؤلاء الحزبيون رب العرش، وهم ملطخون بعار…
الأربعاء ١٨ مايو ٢٠١٦
للصحافة دور التنوير لا دور التكسير، وللصحافة دور مساعدة أصحاب القرار في تنمية العقل، وإزاحة الغبار عن النفوس.. الصحافة الحقيقية صانعة للمستقبل، وليست ضالعة في رسم الخطوط الحلزونية، أو الكلمات المتقاطعة.. اليوم وقيادتنا الرشيدة، تقف في الصفوف الأولى، منادية بدور فعال وحيوي للصحافة، على الجميع أن يكون في مستوى الحدث، وأن يكون جزءاً من المشهد الحضاري للوطن، ويرسم الصورة المثلى لحقائق التقدم والرقي والازدهار. نحن بحاجة إلى إعلام مضاد وقوي وراسخ، لنواجه به من عمي بصره، وغابت بصيرته، نحن بحاجة إلى إعلام سمته الإبداع، وصفته حسن الاختراع، لا يراوغ ولا يبالغ، وإنما يقوم بسرد الحكاية، كما يريدها المنطق لا كما تشتهيها النفس، أن يقف إلى جانب الناس، يتلمس همومهم، يعالجها بضمير حي، وبعيداً عن البهارات والشعارات، وبعيداً عن السياقات النارية التي أودت بحياة مجتمعات بأكملها. نحن بحاجة إلى إعلام لا يستنسخ ما يفضي إليه الغير، نحن بحاجة إلى إعلام يصنع لنفسه موئلاً يضاهي شموخ الصحراء وبلون زرقة البحر، فالتقليد بليد، لا يصنع فكراً ولا يصبغ حياة، وصحيح أننا لا يمكن أن نعيش في عزلة عن الآخر، ولكن من حقنا أن تكون لنا هوية إعلامية نابعة من هذه الأرض، ومتشربة من ملح بحرنا، وناهلة من قيمنا وتاريخنا، فنحن لسنا شعوباً طارئة، بل نحن لنا الجذور، ولنا البحور، ونستطيع أن نقارع الآخرين…
السبت ١٤ مايو ٢٠١٦
التاريخ يُعيد نفسه في عَود أبدي، والحضارات لا تختفي بقدر ما هي تحتجب لتبرز حضارة موازية، قابلة للامتداد والسرد، والتعبير عن نفسها في معطيات قوية ومؤثرة. الحضارة العربية ربما تلاشت في مكانها، لكنها برزت في القرن الواحد والعشرين، في الإمارات، هذا القرن قرن الإمارات وحضارتها الزاهية المزدهرة، ومنجزاتها العملاقة المعبرة عن جهد ثقافي وفلسفي كرّس واقعاً إنسانياً مشهوداً. اليوم في الإمارات نرى هذا الزحف الحضاري، والتنوع الثقافي والإنجاز على مستويات مختلفة، كل ذلك يضع الإمارات في لب المشهد، وقلب الأحداث، ومقلة العقل. الإمارات بفضل حكمة الحكم، وحكم الحكمة، تبدو كوكباً تخرج من ثناياه ضياء التفوق والتميز والفرادة والاستثنائية، فلا يمر شروق شمس، إلا ترسل معها خيوط لإنجاز جديد، وحدث باهر، وفعل مدهش، هذه القوة الفاعلة، المتفاعلة، يتوسط أخذها وعطاءها، فكر إنساني أمسك بألباب المعرفة، وسخرها في خدمة البناء المجتمعي. ليصير الوطن بكامله قدرة فائقة يتوخى الآخر التماثل معها، ويستبصر في نسجيها، فلا يجد غير جباه مرفوعة، وسواعد تتشابك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، ليصبح البناء برمته سحابة ممطرة. هكذا هي دورة الزمن تبدأ بإرادة القوّة، والإنسان الأعلى الذي انتصر على ذاته ليحقق ذاتاً متماسكة، تستجمع عناصر قوتها من ذاتها، ولذاتها تعمل على هزيمة الظرف وعوامل الطبيعة.. نحن في الإمارات نشهد حلقة من حلقات التطور البشري التي تعيد للأذهان نمو قوى…
الجمعة ١٣ مايو ٢٠١٦
ما بين الموت والحياة خيط رفيع فإما تدمر أو تعمر، وما الكراهية إلا وحش أعمى، يقود إلى سفك الدماء وهتك الأعراض، والاعتداء على السيادة. في هذا اليوم، صرنا نتذكر فقط، كانت على الخريطة دولة اسمها الصومال وأخرى ليبيا، وفي الطريق بلدان بدأت تتلاشى وتذوب مثل فصوص الملح، فعندما لا يحضر العقل ويغيب الوعي، يصبح الموت وسيلة للتعبير عن الإسقاط الداخلي على الخارجي، فما معنى أن يقدم كائن شبه بشري على تفجير نفسه من أجل قتل أبرياء، أطفال ونساء وشيوخ، وما معنى أن يرفع أحد مصاصي الدماء سيفه عالياً ليهوي به على عنق إنسان لم يرتكب ذنباً سوى أنه ولد في أرض ما توافر فيها الحقد بكثافة. ما معنى كل هذا النزيف العاطفي، ما معنى كل هذا النزوح باتجاه مناطق الكراهية، إنه العبث الوجودي، والعدم الأخلاقي والعشوائية الثقافية. فاليوم في سوريا، القاتل والمقتول، والسائل والمسؤول، كل يضع أقدامه على جحيم البغضاء، وتذهب سوريا باتجاه الفناء بعد أن دمر الحقد بنيتها التحتية، وشرد الملايين ويتّم الأطفال، وجعل سوريا مجرد ذاكرة مثقوبة، تخر منها نتف أجمل الحضارات، وتذهب جفاء، ويطل على العالم شبح اسمه الفوبيا أو الخوف المرضي، ووجه شائه بلا ملامح، اسمه سوريا. وأعتقد أن داعش ومسميات أخرى، لن تغيب عن الوجود، طالما بقيت ثقافة الغالب والمغلوب، وطالما تضخمت الذات البشرية، وأصبحت…
الأربعاء ١١ مايو ٢٠١٦
في فريق الحكومة، هناك فرسان نجاح، أنيطت بهم مسؤولية ترسيخ ثقافة التسامح، وشغف القراءة الراسخة.. نحن اليوم نعيش عصر الإضاءات الكاشفة وزمن النجوم الساطعة، والأحلام الموشاة بملكات واقع يزدهر، برجاله المخلصين المؤمنين بأن التطور يبدأ بكلمة مسكوبة مثل الماء الرقراق، ولغة مسكوكة على معصم الروح، بأنامل بضة غضة.. ودعوة القيادة لترسيخ الوعي والتسامح، تأتي في سياق الرغبة العارمة لإنجاز مشروعنا الحضاري، وتحقيق طموحات أهل الوطن بأن نكون دائماً في المقدمة، ودائماً عند سحائب المجد. ولا نبالغ إنْ قلنا إن الرجال الذين يتحملون عبء الانتقال من مرحلة التهجي إلى مرحلة البلاغة والنبوغ، هؤلاء يضعون على عاتقهم قيادة المرحلة، تحت ظل الشجرة الوارفة، شجرة القائد الحكيم ونائبه الملهم، وبذلك أصبح التقاعس يهرب من محيطنا الوطني مذعوراً مرتجفاً لأنه يواجه صلابة الموقف وجسارة العزيمة، وقوة الإرادة والتصميم والإصرار على تحقيق الأماني، وتحويل الأحلام إلى واقع ملموس ومحسوس يعيشه الناس ويمارسونه حياة ووجوداً.. فرسان النجاح، جادون في تغيير الواقع، متسلحين بأدوات المعرفة والخبرة والتاريخ الذي أعطاهم قدرة المبادرة والمثابرة، وتنفيذ الأمر السامي بجدارة وقدرة فائقة، والمواطن اليوم يعيش عصره الذهبي في ظل الفريق الحكومي الذي يعيش بين الناس، وإلى الناس، فهو منهم وإليهم، فلا حاجب ولا راسب يقف سداً بين هذه الأيادي المتشابكة، والرؤوس المتعانقة، إنه الواجب، يضع القلوب مفاتيح للأبواب والنفوس نوافذ للإطلالة…