علاء جراد
علاء جراد
الرئيس التنفيذي لمؤسسة المستثمرين في الموارد البشرية بالإمارات ورئيس المجلس الاستشاري لجامعة سالفورد البريطانية

التخلص من العلاقات السامة

الثلاثاء ١٦ مايو ٢٠٢٣

استكمالاً للحديث عن العلاقات السامة التي تناولها مقال الأسبوع الماضي، أتوجه بالشكر لكل من علّق على المقال. ويستعرض مقال اليوم بعض المقترحات لمعالجة العلاقات السامة، التي يمكن أن تكون تجربة صعبة ومؤلمة للطرفين، لذلك يجب أن ننتبه إلى صحتنا النفسية، ولا نترك لأحد أياً كان أن يتحكم في مجريات العلاقة ويوجهها كيفما يشاء، خاصة إذا انعكس ذلك سلباً على حياتنا، فلن يستطيع شخص فرض نفسه علينا ما لم نعطه هذه الفرصة بإرادتنا، ونحن من نحدد مساحة وجود الطرف الآخر، وحتى نتخلص من العلاقات السامة لابد من اتخاذ الخطوات اللازمة، ولا نكتفي بالشكوى. فيما يلي بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها لمعالجة العلاقات السامة، أولاً: التعرف إلى السمية: أول خطوة هي إدراك أنها علاقة سامة، حيث يمكن أن تأخذ العلاقات السامة أشكالاً عديدة، ولكنها غالباً ما تشمل سلوكات مثل التلاعب والإساءة العاطفية والاستغلال والابتزاز العاطفي وعدم الاحترام. ثانياً: وضع الحدود: بمجرد التعرف إلى السمية، من المهم وضع حدود لحماية أنفسنا، وقد يتضمن ذلك تقليل الاتصال مع الشخص السام، ورفض المشاركة في السلوك السام، وتوضيح ما سنتحمله، وما لن نتحمله. ثالثاً: البحث عن الدعم: التعامل مع العلاقة السامة يمكن أن يكون مرهقاً عاطفياً، لذا من المهم البحث عن الدعم من الأصدقاء والعائلة أو معالج متخصص إذا تيسر ذلك، يمكن أن يساعدك هؤلاء في…

هل أنت متقدم أم متذبذب

الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣

هناك نوعان من الأنماط السلوكية لدى الناس: التقدم أو التذبذب. التقدم هو نمط يصبح فيه النجاح الذي حققه الإنسان منصة للنجاحات التالية في المستقبل، حيث يبني الإنسان على نجاحه السابق، ويُكوّن الزخم اللازم بمرور الوقت، وهنا تقود تلك النجاحات إلى نجاحات أخرى، وبالتالي يدفع ذلك الإنسان إلى الأمام، فيصبح النمط السائد لديه هو التقدم. أما في النمط المتذبذب فيتم تحييد النجاح الذي حققه الإنسان، بمعنى أنه ينجح في مهمة أو خطوة ما، ثم ينشغل بشيء آخر يلهيه عن الاستمرار في المسار الذي بدأه، وبالتالي ينطفئ أو يتلاشى الزخم الذي حققه، فكل خطوة إلى الأمام تليها خطوة إلى الوراء، وبالتالي لا يمكن للنجاح أن يستمر على المدى الطويل. تلك خلاصة قراءات قمت بها الأسبوع الماضي لكاتب ومخرج اسمه روبرت فريتز، وهو من رواد التعلم المؤسسي، كذلك من خبرات فريق خبير التعلم المؤسسي «بيتر سينج». يذكرني النمط الأول بشخصيات كثيرة، مثل ستيف جوبز، فكل نجاح حققه كان يتبعه نجاح آخر، ومنتجات أخرى من شركة أبل، ويحضرني أيضاً نموذج محمد صلاح، الذي لا يتوقف عن الاستثمار في نفسه والتعلم والتدريب الدائم، وبالتالي تتوالى نجاحاته، ولا يلتفت كثيراً إلى منتقديه أو حتى لأي فشل عابر، حيث ينهض بسرعة، ويكمل مسيرة النجاح والتقدم، لذا فهو من النمط الأول. أما النمط الثاني فأعتقد أن الغالبية العظمى…

الاعتذار يصلح الأمور أحياناً

الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠٢٣

لا تخلو الحياة من الأخطاء سواء عن قصد أو دون قصد، وتصدر الأخطاء من الأشخاص، والمؤسسات والحكومات أيضاً، فكل ابن آدم خطّاء، وكما يقول المثل الإنجليزي To err is human، وكما نعلم فقد ينتج عن الخطأ آثار يمكن تداركها وأحياناً لا يمكن تداركها. في كلتا الحالتين الخطوة الأولى التي يجب أن تحدث فور التأكد من الخطأ هي الاعتذار، وفي وقتها ودون تأخير أو تلكع، وعلى من أخطأ أن يعتذر دون إبطاء ودون مكابرة، يلي ذلك محاولة تدارك الخطأ والقيام بما يسمى في مجال الجودة «التعويض عن الخطأ»، ويحدث ذلك حتى على مستوى المؤسسات، فعندما يتأخر القطار مثلاً – على الأقل في بريطانيا – يقوم الراكب بطلب تعويض هو ثمن التذكرة، ويتم رده بالفعل، وعندما تلغى أو تتأخر رحلة طائرة بصفة عامة تقوم شركة الطيران بتعويض الراكب. معظم المشكلات التي تحدث في مجال الأعمال أو في الحياة الاجتماعية ترجع للإنكار والمكابرة وعدم الاعتراف بالخطأ ومحاولة إيجاد المبررات دون كلمة اعتذار واحدة. الحقيقة أن مجرد كلمة «آسف» لها مفعول السحر، وأحياناً تكون كافية لعودة المياه لمجاريها وبخاصة إذا كان المعتذر يعنيها ونابعة من القلب، ولكن للأسف يبدو أن الكثير من البشر هذه الأيام لم يسمع عن كلمة «آسف» ولم يتعلمها منذ الصغر، وبالتالي يعتبر أن الاعتذار هو تقليل من قيمته، وأن كبرياءه…

ما خاب من استشار ولكن

الأربعاء ١٨ يناير ٢٠٢٣

حكمة ربما مرت علينا جميعاً، البعض يأخذها على محمل الجد وينفذها، والبعض الآخر لا يفعل ذلك، وسواء استشرنا أم لم نستشر، فهناك آداب لطلب المشورة أو النصح، كما أن هناك أداباً لإعطاء المشورة والنصح، والذي قد يكون مجاناً أو بمقابل، حيث ينطبق المفهوم على الأفراد والشركات والحكومات أيضاً، فنحن الأفراد بحاجة لناصح أمين يرشدنا للطريق الصحيح، ولاتخاذ القرارات المناسبة مُنتهجاً فكرة واحدة وهي مصلحتنا، ومسترشداً أيضاً بمنظومة القيم والعرف، وقبل ذلك توجيهات المولى عز وجل، فقد تكون لنا مصلحة مادية في موضوع ما، ولكن هذه المصلحة تأتي من طريق مشبوه، وبالتالي لابد للناصح أو المستشار أن يتحرى الدقة في كل نصائحه وتوجيهاته. تكون المشورة على مستوى فردي غير رسمي، كأن نسترشد برأي الأخ الأكبر أو الأخت الكبرى أو الوالدين أو الأصدقاء، أو تكون بصورة رسمية وبمقابل، عندما نلجأ لمحامٍ أو طبيب أو مرشد نفسي، على أن يكون مرشداً حقيقياً مدرباً ومؤهلاً وليس شخصاً حضر دورة تدريبية ثلاثة أيام وأصبح «لايف كوتش» أو «مرشداً أسرياً»، ينبغي أن نأخذ النصيحة من متخصص خبير، وعلى من لا يلم بكل أبعاد الموضوع ألا يعطي نصيحة لأنه قد يدمر حياة إنسان دون أن يدري، أو في أحسن الأحوال يكبده خسائر جسيمة، أما بالنسبة لطالب النصيحة، فأود أن أشير لنقطة مهمة، وهي إن لم يكن الشخص…

عام جديد وفرص وفيرة

الثلاثاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢

كل عام وأنتم بخير، ولا يسعنا إلا أن «نتعشم» خيراً في عامنا الجديد، على أمل أن تنتهي الحروب والصراعات، سواء على مستوى الدول أو الأشخاص. دائماً ما نجد أنفسنا نجتر شريط ذكريات وأحداث العام، لنقف على ما أنجزناه، وما لم نستطع إكماله، وكذلك ما لم نبدأ حتى في تنفيذه، وفي كل الأحوال، فالحمد والشكر لله على كل شيء. سواء كان العام المنقضي عاماً مثمراً أو لا، وأياً كان وضعنا النفسي والمالي والاجتماعي، فهناك أشياء كثيرة يمكن أن نقوم بها، وهي كفيلة ليس بإسعادنا فحسب، ولكن بإسعاد آخرين. يمكننا دائماً وأبداً أن نستعين بالمولى، عزّ وجلّ، على قضاء حوائجنا، ويمكننا أن «نتعشم» خيراً في كل الأحوال. من الجميل أن نتصدق ولو بكلمة أو ابتسامة، كما يمكن أن نعفو ونسامح، يمكننا أن نساعد محتاجاً أو نحل مشكلة لشخص ما. وكلما أعطينا منّ الله علينا «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» (الزلزلة 7-8). لقد التقيت أشخاصاً حاولوا الانتحار سابقاً، ولكن هناك من أخذ بأيديهم، وساعدهم على العودة للحياة الطبيعية، والوقوف على أرجلهم من جديد، وهناك أشخاص مروا بمشكلات معقدة كفيلة بتدمير حياتهم، ولكن بمساعدة آخرين نجحوا في التغلب على مشكلاتهم، والخروج من الأزمة، وعلى العكس فهناك 2700 شخص ينتحرون كل يوم، لم يقدر لهم أن يجدوا…

التقنية الجديدة المخيفة

الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢٢

يأبى عام 2022 أن يغادرنا دون أن يترك لنا إبهاراً جديداً وفتحاً في عالم التكنولوجيا، فمنذ ثلاثة أسابيع فقط تم إطلاق تقنية جديدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي تطور غير مسبوق في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي تم تسميتها Chat GPT أو «دردشة المحولات الخلاقة مسبقة التدريب»Chat Generative Pre-trained Transformer طبعاً الترجمة العربية ربما تكون غير ذات معنى، وهي ترجمة اجتهادية قمت بها، ولكن هذا التطبيق والمتاح مجاناً حتى الآن وبالتأكيد سيكون برسوم لاحقاً، هو بمثابة مساعد مطيع يمكن استخدامه في كتابة مقالات بحقائق علمية موثقة ودون أي نسبة اقتباس، أي أنه مقال حقيقي أصيل وعلمي وبلغة عالية البلاغة، وفي خلال ثوانٍ معدودة، لقد قمت بتسجيل حساب اليوم وطلبت أن يكتب لي مقالاً حول التعلم المؤسسي، وفي أقل من 20 ثانية كان المقال يطبع أمام عيني، ثم طلبت مقالاً آخر عن إدارة الجودة الشاملة وفي 15 ثانية تم كتابة المقال. ليس هذا فقط، ولكن يمكن أن تدخل وصفاً معيناً ليقوم النظام بتحويله إلى صورة، كأن تكتب مثلاً غابة كثيفة فيها مجموعة من الحيوانات وجدول ماء لتجد أمامك صورة عالية الجودة وبدقة بالغة، وهي صورة فوتوغرافية وليست رسماً، كما أنها أصلية لم يكن لها وجود قبل ذلك ولا يوجد فيها أي خرق للملكية الفكرية، لأنها ليست مأخوذة من أي موقع، بل تم…

موريشيوس.. «دنيا العروبة»

الثلاثاء ٠٦ ديسمبر ٢٠٢٢

في عام 2001 حضرت محاضرة شيقة ألقاها رئيس معهد الإنتاجية والجودة في موريشيوس، عن كيفية نجاح هذه الدولة القابعة في المحيط الهندي في تطبيق الجودة بفاعلية في القطاع الحكومي، باستخدام مفهوم التحسين المستمر «كايزن» الذي نشأ في اليابان، وكيف أن رئيس موريشيوس شارك بفاعلية في الحملة الإعلامية لرفع وعي المجتمع بأهمية الجودة، وكذلك ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، ومنذ ذلك الحين وأنا أتذكر موريشيوس بين الحين والآخر ودائماً ما أقرأ عنها قصة نجاح في مجالٍ ما، إلى أن دعاني صديق لزيارته مطلع 2023، وقد شجعني ذلك لمعرفة المزيد عن هذا البلد، وكالعادة أتوق دائماً لمشاركة ما أتعلمه مع قرائي الأعزاء. تعتبر موريشيوس نقطة جذب مذهلة للزوار، وتبعد تلك الجزيرة الإفريفية 900 كم عن مدغشقر و180 كم عن شمال شرق ريونيون الفرنسية، وتضم جزراً عدة من أصل بركاني. وإلى جانب جزيرة موريشيوس الرئيسة، توجد جزيرة رودريغز على بعد 600 كم إلى الشرق، وجزيرتان خارجيتان هما أجاليجا وأرخبيل سانت براندون. يبلغ عدد سكان موريشيوس 1.4 مليون نسمة، ويعيش جميع السكان تقريباً في العاصمة، وأكبر مدينة هي بورت لويس. تشتهر موريشيوس بطائر الدودو، الذي انقرض على يد المستعمرين الأوروبيين، وتشتهر أيضاً بسكانها متعددي الثقافات. وبحسب موقع Nationsonline.org فمنتجعات موريشيوس من أرقى وأجمل المنتجعات في العالم، وهي باهظة الثمن، حيث تصل إلى أكثر من 600…

نموذج الحكومة المدفوعة بالتعلم

الثلاثاء ٠١ نوفمبر ٢٠٢٢

يستعرض مقال اليوم نموذج الحكومة المدفوعة بالتعلم، والذي تم تطويره بناء على خبرة عملية تزيد على 26 عاماً، بالإضافة إلى دراسة بحثية استغرقت أكثر من خمس سنوات، تمت فيها مراجعة أكثر من 3000 وثيقة، بالإضافة إلى إجراء 74 مقابلة، وأكثر من 800 ساعة من الملاحظة المباشرة، هذا بخلاف عمليات التقييم لعشرات الدوائر الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والفلبين والمملكة المتحدة. تم بناء النسخة الخاصة بالقطاع الحكومي استناداً إلى نموذج المؤسسات المدفوعة بالتعلم، والذي اشتركت في إعداده وتطويره مع البروفيسور جيف جولد، أحد الخبراء الدوليين في التعلم المؤسسي واستشراف المستقبل. وقد تم نشر النموذج في كتاب من 360 صفحة، متاح باللغة الإنجليزية، وجار ترجمته إلى العربية. نموذج الحكومة المدفوعة بالتعلم يتكون أيضاً من سبع مراحل، ولا يقتصر على الموقف التعلمي فحسب، بل يبدأ من قبل البداية، ويتناول الأمور اللوجستية كاملة. خطوات النموذج هي: تحديد مسؤولية التعلم (أي مالك العملية)، تأهيل فريق العمل، اختيار آليات التعلم، استخلاص الحلول المناسبة، إعداد واعتماد الأوستراكا، التطبيق، تقييم التطبيق. في المرحلة الأولى، تحديد مسؤولية التعلم، يتم اختيار الشخص المنوط بعملية التعلم وإعداده، وكذلك إعداد فريق العمل الذي يطلق عليه سفراء التعلم، ويقترح هنا أن يكون الشخص المسؤول عن التعلم في درجة وظيفية عالية، والمسمى الوظيفي الأفضل والأكثر فعالية هو «الرئيس التنفيذي للتعلم» Chief Learning…

العلاج النفسي بأسلوب «يونج»

الثلاثاء ٢٦ يوليو ٢٠٢٢

تستهويني القراءة في علم النفس، وأتمنى أن يتم إدراج كتاب مقدمة في علم النفس في المراحل التعليمية كافة، فمعرفة النفس البشرية وفهم الإنسان لذاته يساعد بدرجة كبيرة جداً في حل المشكلات، بل تلافي وقوعها من الأساس، حيث يحدث تقارب وتفاهم بين الناس، ولاشك أن أغلب مشكلاتنا الحياتية ناتجة عن مشكلات في التواصل والتعبير، ونقص الوعي بطبيعة الشخصيات التي نتعامل معها. إن معرفة المرِء ذاتَه هي أساس معرفة العالم ومعرفة المولى عز وجل، وقد صاغها الفيلسوف إيكارت ميستر بأن سبيل المرء الوحيد إلى معرفة الله هو أن يعرف نفسه. وقال تعالى في سورة فصلت (53) «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ». لقد أسّس المفكر السويسري كارل يونج علم النفس التحليلي، وهو نهج تحليلي شامل للعلاج يسعى إلى تحقيق التوازن والاتحاد بين الأجزاء الواعية وغير الواعية من العقل، وقد أطلق على هذا الفرع من علم النفس «علاج يونج»، وهو مبني على فكرة أن اللاوعي هو مصدر الحكمة والإرشاد الذي يمكن أن يساعد في تشجيع النمو النفسي. وبالطبع لا يمكن ممارسة التحليل اليونجي Jungian إلا من قبل محللين مؤهلين. يساعد علم النفس التحليلي أولئك الذين يعانون مشكلات القلق، الإدمان، الصدمات النفسية، وتقلبات الشخصية، ويتم ذلك من خلال استكشاف النمو الشخصي، وتحديد الأسباب التاريخية للمشكلات النفسية، مثل صدمات الطفولة.…

اختيار التخصص الدراسي

الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠٢٢

يستعد أبناؤنا هذه الأيام للتسجيل في الجامعات وهم بصدد قرارات مصيرية في حياتهم وحياة المحيطين بهم، ولكن أجد أن نسبة بسيطة جداً من الطلاب يعرفون ماذا يريدون على وجه الدقة والأغلبية العظمى في حيرة كبيرة وإن لم يكونوا في مدارس خاصة فيها مرشدون أكاديمون نجد الأبناء يتخبطون بين رغبات الأهل ونصائح الأصدقاء، وبالطبع كل ينصح من منظوره الشخصي وليس من منظور سوق العمل واحتياجات المستقبل، بعض الأهالي يحاولون المساعدة بالإرشاد والتوجيه، وبعض الأهالي يصرّون على أن يدرس أبناؤهم تخصصاً معيناً. فما التخصصات الأفضل لأبنائنا، خصوصاً في حال لم يكن الأبناء قد قرروا بأنفسهم ما يرغبون فيه؟ بحكم خبرتي في هذا المجال، أقترح أن يحاول الأبناء معرفة أي الموضوعات تستحوذ على اهتمامهم، وما الأمور التي يجدون فيها متعة لمعرفة المزيد، وما الموضوعات التي تثير فضولهم أكثر، ولا يجدون صعوبة في تعلمها، من ناحية أخرى يجب النظر للمستقبل ومدى القابلية للحصول على وظيفة في هذا المجال أو إنشاء عمل خاص، أو كلاهما، وهنا لابد من النظر بشمولية أكثر فسوق العمل ليس مقتصراً على السوق المحلية بل أصبح العالم أكثر انفتاحاً وأصبح الحصول على وظيفة في أي دولة ليس بالأمر الصعب طالما أن الشخص لديه المؤهلات، والمهارات والاتجاهات المناسبة، وأقصد بالمؤهل الدرجة العلمية، أما المهارات في مقدرة الفرد على أداء مهام معينة بإتقان…

شركة «الأمم المتحدة» للجوائز

الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠٢٢

انتشر أخيراً خبر عن تكريم بعض الشخصيات الفنية في مجلس الشيوخ الفرنسي، الخبر تناقلته بعض القنوات الإعلامية غير المشهورة، ولكن بعد قليل تناقلته بعض القنوات المشهورة، هذا بخلاف انتشاره على وسائل التواصل الاجتماعي. لفت انتباهي حيثيات الفوز، وحصولهم على جائزة «الأكثر تأثيراً في العالم العربي»، خصوصاً أن أحدهم غير معروف، ولا تتعدى إنجازاته حدود صفحته على «فيسبوك»، التي لا تخلو من كم كبير من الأخطاء الإملائية. بعملية بحث بسيطة، اتضح أن مجلس الشيوخ الفرنسي لا علاقة له بالأمر، وأن وراء المبادرة سيدة تدعي أنها سفيرة الأمم المتحدة للسلام، وقد استأجرت غرفة بداخل أو بالقرب من القصر الذي يضم مجلس الشيوخ، أقامت فيها ندوة، أطلقت عليها مؤتمر، ثم كرّمت تلك الشخصيات. المهم في الموضوع أن هذه السفيرة تدعي أنها أستاذ بجامعات عدة في بريطانيا وفرنسا ومصر والمغرب، والأهم أنها أيضاً تدعي حصولها على لقب سفيرة الأمم المتحدة من «الجمعية الملكية للأمم المتحدة»، وبالبحث أيضاً لم يثبت وجود جهة رسمية أو شبه رسمية بهذا المسمى. هذا مثال واحد من مئات، وربما آلاف، الأمثلة التي تعكس كمية السطحية والتدليس والخداع الذي يمارسه البعض، ويقع فيه الكثير، سواء عن علم أو جهل. هناك أحد الأشخاص يقيم أيضاً في دولة أوروبية، أسس شركة افتراضية مجرد عنوان على الإنترنت، سماها باسم يكاد يطابق «المفوضية الأوروبية»، واتخذ…

المعارك الصامتة

الثلاثاء ٠٧ يونيو ٢٠٢٢

لم أحزن منذ سنوات بقدر حزني على تلك الأم المكلومة التي ذبحت أطفالها الثلاثة في مصر، ثم حاولت التخلص من حياتها، القصة مؤلمة والرسالة التي تركتها لزوجها أشد إيلاماً، قالت الأم باختصار إنها لم تعد تتحمل الحياة وما تمر به، وشعرت بتقصير شديد تجاه أطفالها وزوجها، واعتقدت أنها بذلك خلصتهم من المصاعب التي يواجهونها، وتمنت الخير لزوجها وأن يرزقه زوجة وأبناء أفضل، قد يلومها البعض ويعتبر أن ما حدث هو قلة إيمان، لكن من الواضح أن الأطفال كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة وأن الأم واجهت الكثير من اللوم والحكم من كل من حولها أنها السبب وأنها المقصرة في تربيتهم، خصوصاً أن الوالد يعمل في دولة أخرى، لم تر الأم سوى السواد والألم، وتخيلت أبناءها يتم التهكم عليهم والتنمر بهم، واستشعرت الألم والمعاناة التي سيواجهونها في الحياة، وعلى غرار الفيلم المؤلم «شاتر آيلاند» قررت الأم إنهاء حياة أطفالها. لا أحد يعلم المعاناة والمعارك الصامتة التي كانت تمر بها الأم، ولا يتخيل أحد قسوة المجتمع، ولا أحد يتخيل كم يمكن أن تجرح الكلمة أو النظرة أو الطُرفة التي قد تطلق بدون قصد، هذه الأم.. واحد من ملايين البشر الذين يخوضون معارك صامتة ولا أحد يعلم بهم أو يمد لهم يد العون، وقد يكون أحياناً قمة العون أن يتركهم الناس لحالهم دون تدخل…