علاء جراد
علاء جراد
الرئيس التنفيذي لمؤسسة المستثمرين في الموارد البشرية بالإمارات ورئيس المجلس الاستشاري لجامعة سالفورد البريطانية

نظام تعليم المستقبل

الإثنين ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٠

تشرفت بدعوتي إلى الانضمام لنخبة فكرية Think Tank، تنظمها وزارة التعليم والتوظيف في جمهورية مالطا، تلك الدولة الصغيرة الجميلة التي كانت ومازالت تلعب دوراً استراتيجياً في البحر الأبيض المتوسط، وتتميز بتعدد ثقافاتها وارتباطها بالتراث والتاريخ العربي حتى في اللغة، وكما يتضح من اسم الوزارة فهي تجمع التعليم والتوظيف سوياً، حيث لابد أن يرتبط نظام التعليم ومخرجاته بسوق العمل، وفرص التوظيف على مستوى الدولة. تمتد الفعالية على مدار ثلاثة أسابيع مسبوقة ومتبوعة أيضاً بالكثير من الفعاليات الأخرى، من أجل استمزاج كل المعنيين، وأيضاً الاستفادة بآراء خبراء من دول مختلفة ومن شتى التخصصات. ما لفت انتباهي، وأتمنى أن ننتبه له في أنظمتنا التعليمية التي تحتاج لإصلاحات حقيقية بطريقة مدروسة ومنهجية، هو التركيز على تنويع فرص التعلم باختلاف مهارات الطلاب، وباختلاف اهتماماتهم، والتخلص تماماً من نظام «مقاس واحد يناسب الجميع» الذي تتبعه معظم الأنظمة التعليمية حالياً. مازالت نظم التعليم في العديد من المدارس حول العالم يتم فيها تعليم الأطفال الطاعة وإكمال المهام في الوقت المحدد، وتقديم الإجابات «النموذجية» للأسئلة من دون إطلاق العنان لأفكارهم، ومنحهم الفرصة لاستكشاف مواهبهم، بل يجب عليهم العمل حسب التعليمات، والقيام بما يُطلب منهم. تخلق المدرسة النموذجية وفقاً لهذا المفهوم التبعية والضعف، ومن خلال إهمال الفردية الإنسانية والديمقراطية والحرية والروحانية والإبداع، والكثير من القيم المهمة، ولا يتم التركيز على…

10 أخطاء في تقييم الأداء

الثلاثاء ١٧ نوفمبر ٢٠٢٠

يعتبر تقييم الأداء من المهارات الأساسية التي يجب أن يمتلكها كل مدير، مشرف، معلم، وربما كل شخص منوط به تقييم أداء الآخرين، وهو موضوع في غاية الأهمية، حيث إن تقييم الأداء الذي يفتقر إلى الفعالية والموضوعية والشفافية قد يظلم من يتم تقييم أدائهم، وقد يحوّل بيئة العمل إلى بيئة طاردة وتخسر المؤسسة خيرة موظفيها، وعزوف من يبقون عن الأداء والبحث عن طرق أخرى للحصول على تقييم مرتفع. لقد أجرت مؤسسة «ديلويت» دراسة مهمة شملت عدداً كبيراً من الرؤساء التنفيذيين لشركات عالمية، اتضح أن 58% من المديرين غير راضين عن نظام الأداء المتّبع، وأفادوا بأنه لا يساعد على إشراك الموظفين ولا تحسين أدائهم. يستعرض المقال أهم 10 أخطاء يقع فيها المديرون عند تقييم أداء مرؤوسيهم، منها خمسة أخطاء عن غير عمد، وقد لا يدرك المدير أنه يقع فيها، وخمسة أخرى متعمدة يتم فيها إساءة استخدام تقييم الأداء كوسيلة لتحقيق غايات أخرى. المجموعة الأولى من الأخطاء تشمل أولاً التساهل والليونة الزائدة، حين يكون المدير رقيق القلب ولا يريد أن يغضب أحداً، وبالتالي يعطي تقدير ممتاز لكل الموظفين أو لمجموعة منهم، ولا يتعامل بموضوعية. ثانياً: الصرامة الشديدة والتعنت في التقييم، حيث إن بعض المديرين من الصعب جداً إرضاؤهم، وهم أيضاً يفتقدون الموضوعية. ثالثاً: خطأ الهالة أو ما يسمى تأثير الهالة Halo Effect، حيث…

الدخل الأساسي الشامل

الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠

تحدّث الفلاسفة اليونانيون عن المدينة الفاضلة، ثم جاء كتاب السير توماس مور عام 1516 ليصف تلك الجزيرة السعيدة، التي سماها «يوتوبيا» Utopia، وفيها كل أسباب الراحة والسعادة لمواطنيها، وفي عالمنا العربي جاءت الشاعرة العراقية نازك الملائكة على ذكر المدينة الفاضلة كثيراً، مرت تلك الخواطر في ذهني أثناء حضوري ندوة لرئيس الجمعية الملكية للفنون في أسكتلندا «جيمي كووك»، الذي تحدث عن نظام «الدخل الأساسي الشامل» أو Universal Basic Income، ويتلخص المفهوم في أن تمنح الدولة مواطنيها دخلاً أساسياً ثابتاً وموحداً، يكفي الاحتياجات الأساسية للمواطنين، سواء كانوا يعملون أم لا. الفكرة ليست بالجديدة، فهي موجودة منذ أن عرف الإنسان نظام الدول والحكم، وفي الحضارات القديمة، لكن الجديد في الموضوع أن بعض الدول بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات فعلية نحو إحياء هذا المفهوم، مثل البرازيل والأرجنتين، وهناك مبادرات في فنلندا وسويسرا، وفي أسكتلندا أيضاً. هل سيقضي الدخل الأساسي الشامل على مشكلة الفقر؟ من الممكن، ولكن الأهم أن هذا الدخل، وإن لم يكن كبيراً، ولكنه سيضمن إشباع الحاجات الأساسية للمواطن، وبالتالي لن يسرق أحد من أجل إطعام أولاده، ولن يقتل البشر بعضهم بعضاً من أجل مبلغ ضئيل لسد رمقهم، فعندما ينحصر تفكير الإنسان في قوت يومه واحتياجاته الأساسية، يظهر الجانب الأناني فيه، ويصبح الشعار السائد «نفسي نفسي»، ولو سرق أو ارتكب جرماً، وهناك عدد…

الدخل الأساسي الشامل

الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠

تحدّث الفلاسفة اليونانيون عن المدينة الفاضلة، ثم جاء كتاب السير توماس مور عام 1516 ليصف تلك الجزيرة السعيدة، التي سماها «يوتوبيا» Utopia، وفيها كل أسباب الراحة والسعادة لمواطنيها، وفي عالمنا العربي جاءت الشاعرة العراقية نازك الملائكة على ذكر المدينة الفاضلة كثيراً، مرت تلك الخواطر في ذهني أثناء حضوري ندوة لرئيس الجمعية الملكية للفنون في أسكتلندا «جيمي كووك»، الذي تحدث عن نظام «الدخل الأساسي الشامل» أو Universal Basic Income، ويتلخص المفهوم في أن تمنح الدولة مواطنيها دخلاً أساسياً ثابتاً وموحداً، يكفي الاحتياجات الأساسية للمواطنين، سواء كانوا يعملون أم لا. الفكرة ليست بالجديدة، فهي موجودة منذ أن عرف الإنسان نظام الدول والحكم، وفي الحضارات القديمة، لكن الجديد في الموضوع أن بعض الدول بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات فعلية نحو إحياء هذا المفهوم، مثل البرازيل والأرجنتين، وهناك مبادرات في فنلندا وسويسرا، وفي أسكتلندا أيضاً. هل سيقضي الدخل الأساسي الشامل على مشكلة الفقر؟ من الممكن، ولكن الأهم أن هذا الدخل، وإن لم يكن كبيراً، ولكنه سيضمن إشباع الحاجات الأساسية للمواطن، وبالتالي لن يسرق أحد من أجل إطعام أولاده، ولن يقتل البشر بعضهم بعضاً من أجل مبلغ ضئيل لسد رمقهم، فعندما ينحصر تفكير الإنسان في قوت يومه واحتياجاته الأساسية، يظهر الجانب الأناني فيه، ويصبح الشعار السائد «نفسي نفسي»، ولو سرق أو ارتكب جرماً، وهناك عدد…

أراك على القمة

الإثنين ١٩ أكتوبر ٢٠٢٠

يقول رائد التنمية الذاتية، زيج زيجلر، إن الإنسان خلق للنجاح والإنجاز، وقد وهبه الله بذور العظمة، كما أنه يستطيع الحصول على كل شيء يريده في الحياة، إذا قام بمساعدة عدد كافٍ من الآخرين في الحصول على ما يريدونه، يتناول زيجلر في كتابه «أراك على القمة» العديد من القيم المهمة، والطرق المجربة في إسعاد من حولنا، مبتدئاً بحب الله، والأسرة، والأصدقاء، والمجتمع. ويعد زيجر من الكتاب القلائل الذين يربطون النجاح والسعادة برضا الله، على اختلاف الديانات وأساليب العبادة، فالله واحد أحد في النهاية، ونحن لا نعرف ما سيأتي به الغد، ولكن نعرف جيداً من سيأتي لنا بالغد، لذلك علينا الثقة في الخالق والعمل بإيمان وحب في كل ما نقوم به، فالله، عز وجل، قد خلق لنا الحياة لخير وصلاح البشر، وسيكافئنا بقدر ما قدمناه للآخرين، وبقدر إسهامنا في قضاء حوائجهم، والوقوف بجانبهم للإسهام في بناء مستقبلهم ومنحهم فرص أفضل في الحياة. عندما أقرأ كلمات الشكر والثناء التي يوجهها زيجلر لمن ساعدوه في الحياة، بداية بوالده ووالدته بالتبني، وكذلك الشركة التي قدمته للجمهور وشجعته ونشرت برنامجه، والناشرين الذين أوصلوا كتبه وفلسفته للعالم وبلغات عديدة، وطاقم العمل معه الذين أخلصوا له وساعدوه بكل السبل، أشعر بالحسرة الشديدة لحالة الشيزوفرينيا التي نعيشها في عالمنا العربي، فالحديث جميل عن القيم والمبادئ ومساعدة الغير، لكن الحقيقة…

دخل إضافي ونمو مستمر

الخميس ٣٠ يوليو ٢٠٢٠

من قبل أن يمر العالم بأزمة «كورونا»، كان ولايزال هناك تغير هائل في سوق العمل على مستوى العالم، بسبب سرعة إحلال التكنولوجيا، متمثلة في الروبوتات والذكاء الاصطناعي والمركبات ذاتية القيادة، حيث أدى ذلك إلى فقدان الملايين من البشر وظائفهم، ثم زاد الأمر سوءاً مع آثار وباء «كوفيد-19»، حتى في الدول التي وفّرت خطط إنقاذ للموظفين، ودفعت لهم جزءاً كبيراً من رواتبهم، أو منحتهم خططاً جيدة للتقاعد المبكر، ظلت هناك مشكلة قائمة، وهي ذات شقين، الشق الأول نقصان الدخل المادي، والشق الثاني وجود وقت فراغ كبير لدى فئة كبيرة من البشر، لم يتعودوا عليه، ولا يعرفون كيفية التعامل أو التعايش معه، وقد أدى ذلك إلى مشكلات اجتماعية متعددة. لكن كما يقال دائماً، فإن في كل محنة توجد منحة، فالبعض انتهز تلك الظروف، واعتبر ما حدث له فرصة لإعادة صياغة الحاضر والمستقبل، والتعايش مع الوضع الجديد. الكثيرون اتجهوا إلى العمل الحر، سواء بصورة تقليدية من حيث فتح مشروع أو شركة ناشئة، أو بصورة غير تقليدية، كالعمل من خلال منصات العمل الحر، مثل «فايفر» و«فريلانسر»، حيث استغل موهبته في أداء مهام يجيد القيام فيها، مثل الترجمة أو تصميم الغرافيك، أو تدريس المواد التي يجيدها، كتدريس اللغة على موقع مثل «بريبلاي»، وقد جرّبت شخصياً الكثير من تلك الخدمات، مثل إعداد فيديو احترافي عن موضوع…

معايير العمل في ظل «كورونا» (2)

الإثنين ٢٠ يوليو ٢٠٢٠

ناقش مقال، الأسبوع الماضي، بعض أقسام مواصفة أو دليل العمل الآمن في ظل «كوفيد-19»، وهو الدليل الذي أصدرته هيئة المواصفات البريطانية، والذي تضمّن الكثير من الدروس المستفادة من مؤسسات ودول مختلفة، ونستكمل اليوم بقية أقسام الدليل، حيث تم تخصيص قسم لتوفير الموارد اللازمة، مثل الموارد المالية ومستلزمات الحماية الشخصية ووسائل الاتصال، وكذلك أدوات التخلص الآمن من النفايات. الجدير بالذكر أن الكثير من المؤسسات في بريطانيا، حالياً، تمنح موظفيها مبلغاً إضافياً شهرياً بدل استهلاك للكهرباء والإنترنت، حيث يعمل الموظفون من المنزل، وبالتالي فجزء من الكلفة تتحمله جهة العمل. وقد ركزت المواصفة على أهمية التواصل المستمر والاطمئنان على الموظفين العاملين من المنزل أو من خارج المؤسسة، كما تم تخصيص قسم كامل من المواصفة للنظافة الشخصية، واستخدام وسائل الحماية من العدوى. وفي قسم مطوّل تم شرح خطوات وضوابط الجانب العملي أو التشغيلي، مثل الدخول والخروج من وإلى مقر العمل، واستخدام دورات المياه، وكيفية التحرك، وكذلك المسافات الآمنة بين العاملين وبعضهم بعضاً، وضوابط عقد الاجتماعات واستقبال العملاء أو الزائرين لمقر العمل، واستلام الطلبيات والمراسلات والسفر. وكالعادة في كل المواصفات تم تخصيص قسم للتحسين المستمر، وتم فيه تشجيع المعنيين بالمواصفة بتوثيق أي حوادث أو أمور تحدث يمكن التعلم والاستفادة منها، خصوصاً في حال ارتباط تلك الحوادث مباشرة بمعايير الأمان والسلامة، كما حثت على المتابعة المستمرة…

التنمر الإلكتروني

الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠

يبدو أن مجتمعاتنا ابتليت بداء التنمر، ومازالت الجهود المبذولة لم توقف هذه الآفة التي تهدد السلم الاجتماعي، وربما تدمر حياة الكثيرين، المشكلة الأساسية أن من يقومون بالتنمر لا يدركون مدى جسامة وأذى ما يفعلونه، والأدهى أنهم يعتقدون أنهم على صواب، ويشمل التنمر كل أشكال العنف والإساءة والإيذاء الموجه تجاه شخص أو مجموعة من الأشخاص، وقد يكون تنمراً جسدياً أو لفظياً أو إلكترونياً، وقد يكون مباشراً أو غير مباشر، أي بالتصرف والفعل أو مجرد التهديد بأفعال أو أقوال معينة. وللأسف فقد سهَّل التواصل الإلكتروني ممارسات التنمر، حيث أصبح بمقدور أي شخص لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت التعدي على الآخرين بالقول والفعل أيضاً. للأسف، فالكثير من المواد الفنية المنشورة على الإنترنت، والكثير مما يذاع في التلفزيون، يتهكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على فئات من المجتمع، كالتهكم على من لديهم سمنة، أو ذوي الهمم، أو أصحاب البشرة السمراء، وفي العام الماضي قام أحد المدرسين بالسخرية من طالبة بسبب لون بشرتها! ماذا يحدث؟ هل عدنا إلى عصر الجاهلية؟ ألم تكفنا السنين والقرون لنتعلم التسامح مع أنفسنا كبشر، ونقدر أن هذه الحياة زائلة، وأن الله عزوجل خلقنا سواسية، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح! ألم نتعلم حتى الآن أنه ليس من حق أحد الحكم على شكل الآخر، فما بالك بالحكم على…

بين السطور

الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٩

قد يمنع الحياء الكثير من البشر عن البوح بمكنون صدورهم، وفي الوقت الذي يكونون فيه في أمس الحاجة للحديث مع شخص ما، والخروج من العزلة ودائرة الألم، لا يستطيعون ذلك، بسبب الحياء أو الثقافة السائدة، فالعرف في ثقافتنا العربية ألا تبوح لأحد أو تظهر ضعفك حتى لا يشمت فيك أحد، وللأسف كلها موروثات قد تكون مدمِّرة، وقد حدثني أحد الأصدقاء عن رجل أعمال، كانت ثروته تقدر بالملايين، ونظراً لظروف السوق، وبعض الأمور الخارجة عن إرادته، تكالبت عليه الديون، ولم يستطع أن يخبر أحداً من أصدقائه أو أقاربه حتى لا تتشوه صورته، وانتهى الأمر به في السجن، في حين كان من الممكن أن يساعده الكثيرون إذا طلب ذلك، فلايزال الخير موجوداً، ولايزال هناك أصدقاء حقيقيون، على الرغم من قلتهم. ماذا لو انتبهنا لمن نعرفهم، وحرصنا على التماس أخبارهم، وتحسس ظروفهم، واعتنينا بصدق بهم في حدود استطاعتنا. إن العناية والاهتمام بالآخرين قد ينقذانهم من أمور سيئة قد تحدث لهم، فهناك الكثيرون ممن عدلوا عن الانتحار بسبب موقف أو كلمة من أشخاص لا يعرفونهم، إن الكلمة في حد ذاتها قد تكون طوق نجاة ونافذة أمل في الوقت المناسب، فعلينا ألا ننكب على أنفسنا فقط، وأن نلتمس أخبار من حولنا، ونساعدهم ولو بكلمة، ودائماً الأقربون أولى بالمعروف. سمعت مرة قصة أحد الآباء المسنين، الذي…

فخر العرب!

الإثنين ٠١ أبريل ٢٠١٩

حديث سريع دار بيني وبين طالب عربي محترم، يدرس في عامه الثالث بإحدى الجامعات البريطانية العريقة، قال لي أنا أتابع مقالاتك وأتمنى أن تطرح موضوعاً قد يعتبره البعض غير مهم، لكن من وجهة نظري، وبناء على التجربة العملية، فإن الموضوع في غاية الأهمية، وقد لا يدرك أهميته سوى من مروا بالتجربة مثلي أنا وأقراني، قال لي إن هناك عدداً كبيراً من الطلاب العرب المتفوقين يدرسون في الخارج، لكنّ عدداً بسيطاً منهم لديه هوايات حقيقية، هوايات يمكن أن تعود عليه بالنفع، لذلك فالأغلبية عندما يكون لديهم وقت فراغ إما يقضونه في النوم أو التسوق أو الجلوس مع الأصدقاء، وقد يجرّ ذلك الفراغ البعض إلى طرق لا رجعة منها، فالبعض يتجه لتجربة أشياء جديدة عليه لم تكن متاحة في وطنه، بحكم مساحة الحرية الكبيرة في الغرب. قال لي صديقي الشاب إننا في الدول العربية لا نهتم بالهوايات وتنميتها، وأغلب المدارس لا توجد بها الإمكانات اللازمة، وحتى لو اهتمت المدرسة فلا توجد الإمكانات ولا المهارات لدى من يفترض أن يكونوا متخصصين في تنمية تلك الهوايات، وقد تقتصر على الأغنياء فقط، لأن ممارسة بعض الهوايات قد تكون مكلفة جداً، قال لي إنه لاحظ أن عدداً كبيراً من زملائه البريطانيين والأوروبيين بصفة عامة، لابد أن تكون لديهم هواية أو أكثر، والكثير منهم يتقن مهارة أو…

معضلة الخبرة

الإثنين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٨

يبذل الكثير من طلاب الجامعات مجهوداً حقيقياً في اكتساب العلم، والالتزام بحضور دروسهم، وتسليم المشروعات والأبحاث المكلفين بها في موعدها، بانتظار اليوم الموعود ليتخرّجوا في الجامعة، ويلتحقوا بوظيفة أحلامهم، أو يبدأوا مشروعاً خاصاً بهم، ولكن للأسف يصطدمون بالواقع، وهو غياب الخبرة، وهي متطلب أساسي للالتحاق بأية وظيفة، فقط القليل من الشركات - وأغلبها شركات عالمية - تقدم برامج لتعيين الخريجين، ولكن لا يسهل الالتحاق بتلك الشركات، خصوصاً إذا لم يكن الطالب من أبناء البلد الذي يدرس فيه، وقد تؤدي معضلة الخبرة إلى عزوف الطالب عن تخصصه، وقبول أي مهنة في أي مجال لمجرد أن يجد «لقمة العيش»، وهنا تكون البداية الهزيلة لحياة وظيفية كئيبة لا يتمتع فيها الإنسان بعمله، لأنه ليس العمل الذي سعى من أجله أو تمنّاه. في كثير من الدول التي تغلبت على هذه المعضلة يتم تقديم برامج للتدريب الداخلي الخاص بطلاب ما قبل التخرج، فإذا كانت مدة الدراسة أربع سنوات مثلاً يتوقف الطالب بعد السنة الثالثة للعمل لمدة من 6 - 9 أشهر في وظيفة وبدوام كامل في مجال تخصصه بإحدى الشركات أو المصانع، يتم خلالها تقديم التدريب العملي له، وإسناد مهام عمل حقيقية يتعلم فيها الطالب الالتزام والمهنية، ويعرف قيمة الوقت وقيمة المال أيضاً، وبعد انتهاء التدريب يعود الطالب لاستكمال عامه الأخير بالجامعة. وقد رأيتُ وتعاملتُ…

اختبار «المارشملو»

الإثنين ١٠ سبتمبر ٢٠١٨

تزخر ذاكرة البحث العلمي بالتجارب التي أرست أسس الكثير من النظريات، وساعدت الإنسان على سبر أغوار ذاته، وفهم ما الذي يحركه ويحفزه، وقد استغرق العلماء والباحثون عقوداً كثيرة ليساعدونا على اكتشاف أنفسنا، حتى نستطيع العيش بصورة أفضل، فنرتقي ونكون كما أراد لنا خالقنا، فنعمر الأرض، ونبني مجتمعات تقوم على الأخلاق والقيم والعلم. بالطبع ليس هذا ما يحدث، ولايزال العالم لم يقترب من المثالية، بل تزداد الهوة كل يوم بين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وبين الإنسان وبيئته التي جعلها الله سكناً ومستقراً له إلى حين، بل تزداد الهوة بينه وبين خالقه، والسبب الرئيس هو انشغال الإنسان بالملذات الدنيوية قصيرة الأجل، الزائفة، وإهماله لروحه، فلم يعد يغذّيها، وبعد عن الالتزام بتعاليم خالقه فأصبح تائهاً حيراناً، لا يدري ما الحكمة من وجوده، وما قيمته الحقيقية، ونسي أن الله فضّله على سائر المخلوقات. «لو أن الإنسان استطاع التحكّم في ذاته وصبر، فلابد أن يحظى بما يتمنّى في النهاية». إن الانضباط أساس النجاح والقدرة على التحكّم في النفس، والتغلب على الشهوات هو الطريق لهذا النجاح المستدام. من التجارب البسيطة جداً، التي لها قيمة علمية رائدة، تجربة قام بها العالم «والتر ميشيل» من جامعة «ستانفورد» في أوائل السبعينات. وتتلخص التجربة في وضع طفل وحيداً في غرفة وأمامه قطعة كبيرة من «المارشملو»، وتخييره بأن يأكل…