عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

ميونخ التي أعرفها جيداً

الإثنين ٢٥ يوليو ٢٠١٦

زرت ميونخ للمرة الأولى صيف عام 1999، بعدها وخلال أكثر من 15 عاماً، زرت هذه المدينة مراراً وتكراراً، وبينما فرقت الأيام وظروف العمل بين صديقات السفر والرحلات بعد أن كبرن وتغيرن ودارت بهن الحياة دورتها الطبيعية، فإن ميونخ وفي كل مرة أذهب إليها أجدها كما هي، محطة القطارات الرئيسية، مطاعم الأندرجراوند، عربات بيع الفاكهة في المارين، المقاهي التي لا تجد فيها مكاناً فارغاً، برج الكنيسة الضخم، أسماء المحال الكبرى، محال الموضة في شارع ماكسيميليان، ازدحام المارين بلاتز الدائم، المطر الذي لا ينقطع، كل شيء في ميونخ في مكانه كأنك تركته مساء البارحة. يوم انقلب العالم رأساً على عقب، إثر تفجيرات نيويورك في سبتمبر من العام 2001 كنت هناك بصحبة والدتي في رحلة علاج طالت بعض الشيء، يومها امتلأت نفوس الناس بالخوف، وزادت وتيرة التحذيرات، وطفحت وسائل الإعلام الألمانية بصور أسامة بن لادن، وبالموقف من الإسلام والمسلمين، لكن شيئاً واحداً لم يتغير، هدوء ميونخ وأمانها وسلاسة الحياة والحركة في كل مكان فيها، حتى هذا الذعر الذي يسيطر على الناس والحكومات اليوم إثر العمليات الإرهابية لم يكن له أي أثر في تلك الأيام! بعد زيارتي الأولى تلك زرت ميونخ مراراً وتكراراً، للعلاج، ولقضاء إجازات ممتعة، وللانطلاق منها لمدن أخرى، لقد ظل الأمان صفتها الملازمة، حتى حين كان البعض يتحدث عن تعصب الألمان…

لستَ كاتب مراسلات عمومياً

السبت ٢٣ يوليو ٢٠١٦

في ظني أننا كأشخاص نمارس الكتابة باعتبارها مهنة معقدة ليست عابرة ولا بسيطة، بل مهنة صعبة أولاً، ومؤثرة بشكل واسع، نحتاج لأن نتعامل معها بما تستحق إن لم نعرف كيف نتعامل مع أنفسنا بما نستحق من حيث علاقتنا بالكتابة وعلاقتنا بذواتنا ككتاب، وعلاقتنا بالقراء الذين نكتب لهم وعلينا احترام عقولهم وتوجهاتهم، هذا الوعي بخطورة الكتابة يتطلب الكثير من الحرص على تطوير معارفنا وثقافتنا، وعلى الالتزام بمصداقيتنا حين نكتب رأياً أو معلومة، وعلى تطوير أدواتنا وتقويتها! هذا بالضبط ما يفعله كل صاحب مهنة يحب مهنته ويمارسها بشغف وينتمي إليها، وهذا يتطلب منه أن يظل على علاقة بالتطورات التي تطرأ عليها وبالجديد الذي يدخل فيها، ما يعني أن صاحب المهنة والحرفة والصنعة يصبح جزءاً من مهنته أو حرفته كما تصبح هي جزءاً منه، كالطبيب والمهندس وصانع الأحذية والنجار ومصمم الملابس والمعماري والتشكيلي والروائي والصحفي وووو. فهؤلاء وجموع غيرهم من المهنيين يمارسون أعمالاً تشبه الكائن الحي تماماً، تتطور وتنمو وتتغير وتحتكم إلى قيم ومعايير وأخلاقيات، ولا تقف عند حد أو مكان متجمدة بلا قيمة وبلا تأثير، هذا كله يعتمد على أصحاب المهنة وكيف يقدّرون مهنتهم وكيف يتعاملون معها. بعض الكتاب يكتبون ويبقون على حالهم لا يتغيرون، ولا يبحثون عن التغيير، ومن الأساس لا يبحثون عن إجابة سؤال الكتابة الأول والأساس، حيث تعتبر الكتابة…

السياسة ليست كرة قدم!

الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠١٦

يبدو العرب غرائبيين جداً في تعبيراتهم عن انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم، غريبين حد التطرف والأحلام الساذجة أحياناً، وحد الوقوع في الرهانات المكرورة والخاسرة، العرب يعلمون جيداً ما هي مشكلاتهم السياسية وما هي سوءاتهم الحضارية، يعلمون لماذا لا يتقدمون كبقية الأمم المتقدمة التي يتمنون أن يكونوا مثلهم بنفس الدرجة التي يكفرونهم ويتمنون زوالهم، يعلمون حل المعادلة لكنهم لا يريدون حلها، هذا هو المقصود بانعدام الإرادة السياسية العربية لبلوغ القمة، لذلك هم يراهنون على زعماء ليسوا زعماءهم ليقولوا إنهم ضد حكامهم، ويشجعون فرقاً وأندية لا تمت إليهم بصلة، ليعبروا عن استيائهم من ضعف إدارة التنمية في بلدانهم، مع أن السياسة ليست لعبة كرة قدم! ينقسم العرب اليوم بشكل مخيف وعدائي حول تفسير الانقلاب العسكري التركي أولاً، ويقفون مواقف عدائية من بعضهم بعضاً بسبب الموقف من شخصية طيب رجب أردوغان ثانياً، فتجدهم في الصحافة وعبر البرامج الحوارية ومواقع التواصل يتشاتمون ويرمون بعضهم بأبشع الصفات، وقد يصل بهم الأمر إلى التضحية إن اقتضت مصلحة أردوغان ذلك، دون سبب منطقي لكل هذه العدائية ولهذا التأييد العاطفي، فالمنطق غير موجود تماماً في هذه المسألة، هناك غوغائية وعاطفية مبالغة، وانتساب لمواقف حكومية أو حزبية غبية، أو لكاريزما أحد المذيعين أو أحد المشايخ الذي أقنع أتباعه، إما بملائكية أردوغان فصدقوه أو بأنه إبليس فقالوا آمين بلا تردد! إن تكوين…

صيف وإرهاب وانقلاب

الإثنين ١٨ يوليو ٢٠١٦

بدأ صيف هذا العام عاصفاً جداً ودامياً أكثر من المتوقع، كان الناس ينتظرون الإجازة ليحلقوا في سماوات بعيدة عن مدار الحر اللاهب، خصوصاً وأن صيف أوروبا مغرٍ جداً ويشهد طقساً جميلاً وبارداً في معظمه، تتدنى فيه درجات الحرارة عن مستوى الـ15 درجة مئوية، لكن للأسف الذين ذهبوا إلى أوروبا وقف لهم الإرهاب عند بوابات لندن وسواحل البحار، فأرعبهم على شاطئ نيس بشكل جعل الجميع يفر من هناك. إن طريقة القتل المرعبة التي نفذ بها التونسي محمد بوهلال مجزرته البشعة، تكفي لاغتيال موسم السياحة في فرنسا وبلجيكا ودول مجاورة هذا العام، أما الذين ذهبوا إلى تركيا فقد علقوا في أكثر بلدان الشرق الأوسط خطراً بين ليلة وضحاها، إثر الانقلاب الأخير، وبالرغم من التطمينات التي يسوقها كثير من المصطافين في مدن الاصطياف التركية والفرنسية البعيدة، إلا أن السائح كرأس المال لا يستقر إلا حيث الأمان والاستقرار! خلخلة الاستقرار وخفض معدل الشعور بالأمان والطمأنينة، تعتبر من أهم وأخطر ما أفرزه الانقلاب الأخير في تركيا، والنتيجة نفسها بالضبط يتحدث عنها الراغبون في الذهاب إلى مدن فرنسا، لكن الشعور بعدم الأمان يخيم على لغة هؤلاء، وهم يسألونك: إلى أين يمكن للإنسان أن يسافر؟ فأوروبا إما معرضة للتفجيرات الإرهابية، وإما أنها تفرض إجراءات قاسية بالنسبة للحجاب والنقاب وإجراءات الأمن والتفتيش، أما الولايات المتحدة فهناك تغييرات جذرية…

انقلاب تركيا.. الكل يرفض الفوضى!

الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦

ليلة طويلة وصعبة جثمت على منطقة الشرق الأوسط، ليلة أول من أمس، في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادها مجموعة من ضباط الجيش التركي ضد حكومة الرئيس أردوغان، والتي جاءت مباشرة بعد ليلة أشد وطأة عاشتها فرنسا إثر مجزرة «نيس»، التي تسبب فيها شاب من أصل عربي قام بقتل عشرات الفرنسيين بشاحنته أثناء احتفالهم بعيد استقلال بلادهم في تلك المدينة الساحلية الهادئة، الرابط بين العملين «انقلاب تركيا، ومجزرة نيس» أنهما قوبلا بإدانة دولية شديدة الصرامة، أما في الداخل فقد التف الشعب الفرنسي بكل فئاته، كما التفت جميع الأحزاب التركية من أقصى اليمين لأقصى اليسار لرفض العنف والجريمة والانقلاب على الشرعية وفتح أبواب البلاد هنا وهناك لعواصف الفوضى واللا استقرار! في الشرق الأوسط فإن الإقليم ليس بحاجة لأي شكل من أشكال التأزيم أو العنف السياسي حتى ولو بمقدار قشة، لأنها ستكون القشة التي تقصم ظهير البعير، والبعير ينوء بحمله الكبير والضخم والثقيل جداً، وهذا هو السبب في مسارعة دول المنطقة والدول الكبرى لإدانة المحاولة الانقلابية في تركيا، خاصة وهم يعلمون أن أي عبث في تركيا يعني المزيد من العنف والتطرف والإرهاب والقلاقل والقتل والتفجيرات وتعطيل حركة التنمية في سائر المنطقة ولسنوات طويلة! من هذا المنطلق أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي لنظيره وزير خارجية تركيا حرص…

دعاة الفضائيات واستباحة الدماء

السبت ٠٩ يوليو ٢٠١٦

سأل المذيع الداعية الذي يجلس قبالته: هل يجوز في الحالة السورية تحديداً لشخص ما أن يفجر نفسه مستهدفاً تجمعاً ما للنظام الجائر حتى ولو نتج عنه خسائر في صفوف المدنيين؟ فإذا بالقرضاوي الذي يفترض به أن يكون مفتياً حريصاً على تطبيق شرع الله العظيم يجيب »الأصل في هذه الأمور أنها لا تجوز إلا بتدبير جماعي! أي أن تفجير الإنسان لنفسه بنفسه غير جائز ولكنه يحتاج قراراً من الجماعة التي تقرر أنها بحاجة إلى هذا الأمر، وبحاجة لشخص يفجر نفسه وسط الناس، فالجماعة هي التي تصرف أفرادها حسب حاجاتها وحسب المطالب ولا يترك الأمر للأفراد«! انتهت فتوى إباحة القتل. فمن هي هذه الجماعة التي يحق لها وحدها أن تأمر الأفراد بالتفجيرات وقتل المدنيين إذا اقتضت مطالبها وحاجاتها ذلك؟ من هم الذين يفجرون أنفسهم في المدنيين اليوم؟ ومن هي الجماعات التي تعلن مسؤوليتها عن كل تفجيرات المقاهي والشوارع والمشافي والمساجد والأضرحة والقطارات والمطارات والأسواق وثكنات الجند ومراكز الشرطة و...، إنها جماعات داعش والقاعدة وجبهة النصرة والجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين، وعليه نفهم أن هذه التفجيرات مباحة حسب القرضاوي طالما دبرتها هذه الجماعات ووجدت فيها مصلحة لها. معلوم أن الشريعة الإسلامية قائمة لأجل تحقيق المقاصد الخمسة المعروفة، فمن هو الأحق بالاتباع إذن: الله والشريعة أم جماعات القتل ومفتيهم الخَرِف؟ واضح أن القرضاوي وعدداً…

نجوم الإمارات على مواقع التواصل

الجمعة ٠٨ يوليو ٢٠١٦

لا شك في أن الثورة التقنية، التي أنتجت الكثير من وسائل الاتصال والتواصل الفائقة الحداثة والسرعة والتطور، قد شكّلت بين الناس حالة تجاذب حادة، وتبايناً في المواقف والتقييم، فهناك من ينظر إليها بتقدير عالٍ، ومن زاوية إيجابية بحتة، وهناك من يراها شراً بحتاً يتعوذ منه، ويرجو الله أن يزول سريعاً، كما هبطت على الناس بهذه السرعة المفاجئة وسيطرت على اهتماماتهم، وبلا شك فإنه يوجد دائماً ذلك الفريق الوسطي الذي يؤمن بأنه ليس هناك شر بحت ولا خير مطلق، وأن الإنسان مسيّر ومخيّر أيضاً، وله من العقل والبصر والبصيرة ما يؤهله للنظر والتفكر واختيار الصالح وترك الطالح، ما لم يكن صغيراً أو غير راشد ممن يجب نصحه وإرشاده. في وسائل التواصل الحديثة التي أتاحتها الثورة التكنولوجية ما عبر بنا إلى أعماق الزمن وأعماق المجتمع وأعماق البشر، فاكتشفنا وعرفنا في زمن قصير ما عجزنا عن معرفته في أزمنة طويلة، والأمر ينطبق على مواقع التواصل أو ما صار معروفاً في الإعلام الرقمي الجديد مثل: »تويتر« و»فيسبوك« و»إنستغرام« و»سناب شات«. ما يعرفه الجميع اليوم أن تطبيق »سناب شات« مثلاً أصبح التطبيق الأكثر شهرة وتداولاً بين الجميع، فقد أتاح لكثيرين وكثيرات أن يتصدروا المشهد الاجتماعي، ويلمعوا كنجوم مطلوبين وبعدد هائل من المعجبين، وكل في مجاله (نتحدث عن التجارب الجيدة والمتميزة)، فنجوم الـ»سناب شات« لا يقلون…

بائع الكتب في بلاد تحترق!

الخميس ٠٧ يوليو ٢٠١٦

الحديث عن رجل أنيق وشهم ومتعلم، يجيد التحدث باللغة الإنجليزية، ويبيع الكتب في كابول، يبدو غريباً بعض الشيء حينما يتعلق ببلد كأفغانستان، وبمدينة على شفا الانهيار والبؤس كـ(كابول)، حينما شاع اسم وحكم طالبان، والمآسي التي ارتكبها خريجو المدارس الدينية الذين أعادوا أفغانستان قروناً للوراء! الكاتبة النرويجية آسني سييرستاد عاشت مع بائع الكتب هذا في منزله ووسط عائلته الكبيرة عدة أشهر، كانت كفيلة بتأليف كتاب سجلت فيه الأحداث من دون أي ترتيب أو تصنع، كانت تكتب بتلقائية تامة عن نوعية هذه الحياة وتفاصيلها العابرة، لقد اكتسبت كتابتها هذه أهميتها من عاديّتها وتلقائيتها أولاً، ومن كونها رصداً واقعياً وحقيقياً لحياة عائلة متوسطة الحال تعيش ويلات حكم طالبان، بينما يبيع عائلها الكتب التي غالباً ما تتعرض للحرق والتمزيق والمصادرة بشكل دوري من قبل جنود أميين جهلة! تصف آسني سييرستاد حياة سلطان خان وهو يقاد للسجن من قبل جنود أميين جاؤوا لتفتيش مكتبته، وتطبيق القرار الصادر ضده باعتباره يبيع كتباً تحتوى صوراً لكائنات بها روح، وهو ما لا تبيحه طالبان، ناهيك عن الكتب التي تروج للفحشاء والمنكر والأفكار الكافرة! وعلى هذا الأساس مزقت كتب المكتبة واقتيد الرجل لوزارة (الفضيلة) ليتم التحقيق معه، وفي المساء أشعلت نار ضخمة ليتم إلقاء الكتب المضللة فيها، هكذا حكمت طالبان أفغانستان، كان كل ما يعنيهم شكل لباس الرجل ولباس…

إشكالية التخصص الجامعي

الإثنين ٠٤ يوليو ٢٠١٦

دار هذا الحوار بين أب وابنته التي للتو قد تخرجت من الثانوية بمعدل نجاح جيد يؤهلها لاختيار التخصصات المتداولة بين شباب هذه الأيام (إدارة الأعمال والمصارف والمحاسبة وتقنية المعلومات والعلاقات العامة...). الابنة: أريد الالتحاق بكلية... الوالد: لا لن تذهبي لهذه الكلية أريدك أن تلتحقي بكلية (....) فكل البنات يدرسن فيها. الابنة: لكنهم يطلبون معدل (آيلتس) مرتفعاً جداً! الوالد: إذن عليك بتقوية نفسك في اللغة الإنجليزية ثم انضمي للكلية. الابنة: لكنني أريد.... الوالد مقاطعا: انتهى الأمر! سينتهى الأمر عند الوالد وعند الوالدة وكل العائلة ربما، وقد تقبل البنت بما اختاره لها والدها برغم الإشكاليات التي ستواجهها مع نفسها، لذلك فالمشكلة ليست في الطريقة التي انتهى بها هذا الحوار، لكنها في الحوار نفسه، فهذا الجزء المقتطع من حوارات طويلة غالباً ما تثور بعد ظهور نتائج الثانوية، يكشف عن أزمة نضج وأزمة إعداد تربوي، وهذا يعني أن العديد من الطلاب يواجهون أزمة حقيقية في التخطيط لمستقبلهم دون أن نشعر بهم! إن هذه الحوارات تنتهي عادة إما بخضوع أحد الطرفين لإرادة الطرف الآخر، وإما برفض كلا الطرفين لخيارات بعضهما البعض، وإما بمزيد من الخلاف والصراخ والتشنج، وقد ينتهي الحوار لطريق مسدود يقود إلى نهاية ضبابية تؤدي إلى خلخلة حياة الابن أو البنت وتخبط مستقبلهما التعليمي، ثم العملي والوظيفي فيما بعد! من الأساس فإن قرار…

حين قررت دخول تويتر

السبت ٠٢ يوليو ٢٠١٦

تابعت تويتر منذ ظهوره الأول كمنصة تواصل اجتماعي حقيقية، خاصة بعد أن تحول للغة العربية، في تلك السنوات كان معظم المنضمين إليه يشكلون جماعات من المثقفين والمهتمين والمتابعين الذين لديهم بالفعل ما يقولونه، لا يعني ذلك أن لديهم خططاً لتغيير العالم، لكن يعني أنهم أناس جادون بدرجة واضحة، لم تظهر لديهم أية ميول نحو الصراعات أو التكفير والتخوين والوقاحة على الآخرين والجرأة المبالغ فيها. كان التويتريون الأوائل منهم من يكتب الشعر، ومن يكتب في السياسة، ومن يقدم سهرات أدبية مسائية جميلة، وهنا أعترف بأن أول إطلالتي في هذا الفضاء كانت متفائلة جداً عبر تكوين مجموعة قراءة بسيطة لعرض كتاب كل أسبوع، قبل أن يعلو صراخ من هنا، وشتائم من هناك، ويتحول تويتر في معظمه إلى ساحة احتراب وصراعات. لم يكن تويتر أو لم يترك ليكون موقع تواصل اجتماعي فقط، ولا أريد أن أذهب بعيداً لأقول بأنه لم يخترع ليكون كذلك، فهذا تفكير لا أحبذه، لأنه تفكير تدميري وهدام، لكن لنتفق بأن كل مواقع التواصل قد تم اختراقها من قبل أجهزة وجماعات وتنظيمات متباينة الأهداف، وأنه قد تم توظيفها واستغلالها لغايات مختلفة، والسيئ منها أكثر من الفعال والمفيد. الفارق بين الإعلام التقليدي وتويتر هو أن تويتر وأشباهه حمل صفة (الإعلام الاجتماعي) أو إعلام كل مواطن، وأصبح بإمكان كل إنسان على وجه…

الكل يسعى للقبول.. لكن كيف؟

الجمعة ٠١ يوليو ٢٠١٦

في سبيل تعزيز الصورة الاجتماعية يفعل البعض كل ما في وسعه للحصول على ما يسمى بالقبول الاجتماعي، الذي يعني الحصول على ثقة المحيط وتقديره ومنح الشخص درجة ما من درجات الرضا والموافقة على دخوله الدائرة الاجتماعية التي يطمح لدخولها، كأن يحاول البعض التغلغل في وسط طبقة الأغنياء أو نجوم الفن أو الإعلاميين مثلاً. في سبيل ذلك يلجأ هذا الشخص لأساليب غريبة أو مبتكرة أو ملتوية أو لا أخلاقية أحياناً، خاصة إذا كان من أنصار (الغاية تبرر الوسيلة)، فقد يشتري أحدهم بطاقة دعوة أرسلت لفلان ليحضر هو بدلاً عنه، وقد يحضر مناسبة لم يدعَ لها بصحبة فلان مقحماً نفسه بطريقة تثير الاستغراب وترسم علامات التعجب، وقد تأتي إحداهن وقد ارتدت ثياباً غريبة باهظة الثمن فقط للفت الانتباه اعتقاداً منها أنها بذلك ستحظى بالقبول والاحتواء! إن ارتداء ثياب باهظة تعود لأشهر العلامات التجارية، مع كامل ملحقاتها من الحقائب والأحذية والساعات والزينة أصبحت واحدة من مقومات القبول الاجتماعي في أوساط الشباب وجيل اليوم من الفتيات، وكذلك في بعض الأوساط الإعلامية والفنية التي تؤهلها حالتها المظهرية ومبالغاتها التجميلية لكسب أضواء وعدسات الكاميرات وكسب أشياء أخرى تسعى لها، فكل يكسب ما يسعى إليه إذا اجتهد في مسعاه! وبحسب دراسة صدرت عن جامعة ماساشوستس الأميركية قام بها البروفيسور روبرت فيلدمان، فإن 60% من الناس يكذبون في…

إنها أسئلة منتصف العمر

الأربعاء ٢٩ يونيو ٢٠١٦

يقول الكاتب مارك توين «إن العمر هو حالة عقلية بحتة، إذا لم تكترث به، فلا يهم، ولن يهم أبداً»، فهل الأمر كذلك فعلاً؟. إذا كان بإمكان الإنسان أن يتعامل مع عمره بطريقة ذهنية صرفة، دون أن يفزع ذات يوم لمرأى التجاعيد حول عينيه، والبياض الذي غزا شعره، والوهن الذي تسلل إلى عظامه، والملل الذي صار ينتابه من كل شيء، فإذا كان العمر مسألة ذهنية لا علاقة لها بالواقع المادي، كما يقول الكاتب، فكيف يمكن إقناع ملايين الناس بهذه النتيجة المثلى، ليمرروا المعضلة الأزلية، معضلة التقدم في العمر، التي تشكل الهاجس الأول والأهم منذ الأزل، وفي كل زمان ومكان؟. معظم الناس يبدون سعداء ومبتهجين جداً وهم يحتفلون بأعياد ميلادهم في مرحلة الشباب، وتدريجياً، تبدأ الرغبة والبهجة تبهتان، كلما تقدموا في العمر، حتى يأتي اليوم الذي يقول فيه أحدهم لأصدقائه (لن أحتفل بعيد ميلادي مجدداً). لماذا؟، إنه لا يريد الاحتفال بهذه المناسبة، لسبب يبدو واضحاً جداً، وهو أنه لا يريد أن يتذكر عمره الحقيقي، ولا يريد لأحد أن يذكره به، لقد كبر بما فيه الكفاية، وهو يعرف ذلك، وليس سعيداً بهذه النتيجة (الحتمية)، لكنه لا يود لأحد أن يواجهه أو يذكره بها، لذلك تخترع النساء أعماراً غير حقيقية، لتستمر في الاحتفال بأعياد ميلادها! هنا، ربما تبدأ عند الإنسان - الرجال والنساء معاً…