هالة بدري
هالة بدري
مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي

الفنون.. قوة إبداعية ورسائل إلهام

الأحد ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٤

تستوقفني المواقف والتجارب الحياتية التي يمر بها بعض الأشخاص فيحولون الألم فيها إلى أمل، ويسردون حكايات إلهام تستحق أن تروى. وفي كل محطة إلهام، يبرز دور الفن كقوة إبداعية وأداة فاعلة لإحداث التغيير والتأثير في المجتمع، ووسيلة مبتكرة لتوصيل الرسائل الإيجابية، ويثبت أبناء الإمارات قدرتهم على استثماره في كتابة قصص ملهمة، وفي التعبير عن أنفسهم والتحليق بأفكارهم في فضاءات الإبداع والتميز، وفي التصدي للكثير من الظواهر المجتمعية السلبية، ليكونوا بذلك نموذجاً استثنائياً في الإرادة والإصرار على النجاح. تجربة قاسية ومريرة عاشها الممثل وصانع المحتوى الإماراتي مصبح بن هاشم بسبب التنمر وآثاره السلبية، لكنه استطاع تجاوزها ونجح في التصدي لها بسبب الكوميديا التي قال إنها كانت السبب في علاجه، ليصبح اليوم فناناً يجسد قضايا الناس ويعبر عن همومهم في أعماله السينمائية. فكرت كثيراً بحجم ما عاناه هذا الفنان الذي سخر الفن سلاحاً في مواجهة الألم، ونجح في أن يصنع من الكوميديا جسراً عبر من خلاله إلى قلوب الناس، وشعرت بالفخر بشبابنا المتميزين القادرين على ترك بصمة مؤثرة أينما كانوا. وازداد شعوري بالفخر بعد اطلاعي على مبادرة الطالب الإماراتي سلطان البادي، الفائز بجائزة الشيخة فاطمة بنت مبارك للوقاية من التنمر، والذي تصدى لهذه الظاهرة السلبية بطريقة مبتكرة، حيث أطلق تحدي «صفر حالة تنمر بين طلبة المدارس» عبر منصات التواصل الاجتماعي، ورغم صغر…

المرشد السياحي الإماراتي.. جهود تبرز جماليات الثقافة والتراث

الأحد ٢٥ فبراير ٢٠٢٤

المرشدون السياحيون هم سفراؤنا إلى العالم، والمرآة التي تعكس عراقة التاريخ وأصالة الهوية، يجتهدون في إبراز تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا وإيصالها للثقافات الأخرى، ويحملون على عاتقهم مهمة التعريف بثراء الثقافة المحلية، ويُبرزون بخبراتهم ومعارفهم تفاصيل الجمال في المدن، ويرسمون ملامح تميز المجتمعات، ومعهم تبدأ الرحلة وتُروى حكايات الأماكن والتاريخ وقصص النجاح. وقد نجح المرشد السياحي الإماراتي في أن يسرد قصة نجاح ملهمة، ليصبح الوجه الحضاري لوطنه بما يمتلكه من ثقافة واسعة، ومخزون لغوي ثري، ومعرفة شاملة بتفاصيل التراث والتاريخ المحلي، وإصراره على تطوير أدواته وصقل مهاراته ليواكب التطور والنمو والقفزات النوعية التي تشهدها الدولة في كافة المجالات والقطاعات. وتعكس قصة نجاح المرشد السياحي الإماراتي حرص الدولة على الاستثمار في الإنسان، وجهودها في تقديم البرامج والمشاريع الخاصة بتطوير مهنة الإرشاد السياحي، وتشجيع الكوادر الوطنية على الالتحاق بها، ما يساهم في نقل رسالتنا الحضارية إلى العالم بأفضل صورة، ويعكس تميز ما تمتلكه دولتنا من أصول ثقافية ومواقع ومتاحف ومعالم بارزة ومواقع جذابة، وحرف يدوية تقليدية، ومقتنيات وكنوز تراثية، ومقومات وإمكانيات تعزز ريادتها العالمية، حيث بات مشهد تواجد فتياتنا وشبابنا المواطنين في أروقة المواقع التراثية والتاريخية يبعث على الفخر والاعتزاز، وقد أصبحوا نماذج يحتذى بها في حب الوطن. وبفضل الرؤى الطموحة لقيادتنا الرشيدة، أصبحت الإمارات نموذجاً للتميز في القطاع السياحي الذي يشهد نمواً متصاعداً،…

الإماراتية أبدعت.. ورحلة التمكين مستدامة

السبت ٢٧ أغسطس ٢٠٢٢

كلّنا في هذا الوطن، نعدّ خير شاهد على أنّ دولة الإمارات تمكّنت خلال فترة قصيرة من تأسيس بيئة داعمة وحاضنة لنا نحن بنات الإمارات، ساعدتنا للانطلاق بإبداعاتنا في شتى المجالات، وقد حرصت القيادة الرشيدة منذ تأسيس الاتحاد حتى يومنا هذا على صياغة سياسة تمكينيّة للمرأة باعتبارها عنصراً رئيسيّاً في التنمية، وشريكاً حقيقيّا في مسيرة البناء والتطوير. لم تكن الإنجازات المشهودة التي حققتها المرأة الإماراتية وليدة اللحظة، إنّما كانت نتاج عمل مستمر، استطاعت خلالها الإمارات من تقديم نفسها كدولة رائدة عالمياً في مجال تمكين المرأة وفسح المجال أمامها للإبداع والابتكار، فكانت السياسات والتشريعات الاقتصادية والاجتماعيّة التي تتبنى مفهوم تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين؛ خير مثال على السبق والتفرّد في هذا المجال، لتنجح بنت الإمارات بفضل ذلك من وضع بصمتها في مجتمعها. وبالتأكيد فإنّ المبادرة والتصميم والإصرار على النجاح، الذي أظهرته المرأة الإماراتية كان أيضاً عنصراً حاسماً فيما وصلت إليه وتحقيق الامتياز في كلّ ما تفعله. إنّ لغة الأرقام تُظهر جليّاً ما يؤكد تفوّق نساء الإمارات وتميّزهنّ، وامتلاكهنّ لكفاءات ومهارات تخصصيّة منافسة، حيث إنّ ثلثي خريجي الجامعات الجدد في الإمارات من النساء، و77 في المئة منهن يحملن شهادات في علوم الكمبيوتر، بينما 44 في المئة في الهندسة. وتُظهر الإحصاءات الوطنية كذلك أن ما يقرب من نصف الخريجات متخصصات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات،…

شعلة الثقافة والفنون في دبي متوهجة بالإبداعات

الثلاثاء ٢٢ مارس ٢٠٢٢

  ثمّة سمات معينة تجعل من المدن وجهات ثقافية وفنية؛ من أبرزها: التاريخ الغني، والروائع المعمارية، والمعارض الفنية والمتاحف ذات المستوى العالمي، والمشهد الأدبي المزدهر، والفنون المسرحية، والإبداع الموسيقي. جميع هذه العناصر تجتمع في مدينة دبي، التي، أمست موطناً يحتضن شتى أنواع الأحداث الثقافية والفنية، وملاذاً ملهماً للفنانين وعشاق الفنون من كل بقاع الأرض. المشهد الثقافي والفني في دبي يشهد تنامياً مطرداً؛ والفضل في ذلك يعود إلى رؤية قيادتها الحكيمة ورعاية مؤسساتها الثقافية، وإرادة أفراد مجتمعها الإبداعي، الذين وظفوا هذا الدعم وأسهموا في تشكيل المشهد الثقافي المحلي المعاصر، فالرؤية والرعاية والإرادة؛ هو كل ما احتاجت إليه دبي لترسخ مكانتها مركزاً ثقافياً عالمياً، ووجهة رائدة على الساحة الثقافية والفنية والتراثية إقليمياً وعالمياً، ومكاناً مفضلاً للعيش والعمل والزيارة. تلتزم دبي بنشر الثقافة والفنون بين أفراد المجتمع من خلال متاحفها، وأجندة الفعاليات والمشاريع والمبادرات، التي يتم إطلاقها وتنظيمها على مدار العام، بهدف مشاركة الجمهور وتفاعله الإيجابي معها. والتي تشمل عدداً من الفعاليات المجتمعية والمعارض والمهرجانات الدولية الخاصة بالفنون والثقافة، ومنها موسم دبي الفني؛ الاحتفالية الشاملة التي تطلقها هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» بين شهري فبراير ومارس 2022، بالشراكة مع عدد من مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص، وتجمع تحت مظلتها أحداثاً وفعاليات ذات طابع عالمي، بمشاركة نخبة من المبدعين من داخل الدولة، ومن…

العربية حوار وتمازج مع الحضارات

السبت ١٨ ديسمبر ٢٠٢١

التواصل حاجة طبيعية لدى الإنسان وركن جوهري من أركان الحياة البشرية، به تفاعلت الحضارات الإنسانية وتطورت عبر العصور؛ فالأخيرة عبارة عن نسيج ثقافي مترابط ومتكامل. وإذ تشكّل اللغة وسيلة جوهرية في هذا التفاعل والاحتكاك بين الحضارات وإثرائها، فإنَّ اللغة العربية تُعَدُّ من اللغات التي كان لها إسهامات عظيمة في هذا الإطار. يعود أكبر الفضل في ذلك إلى الدور الذي لعبته الحضارة الإسلامية في انتشارها على نطاق واسع، وما تميّزت به من التمازج والحوار مع الحضارات الأخرى. لغتنا العربية الجميلة تستحق الاحتفاء بها بوصفها واحدةً من أكثر اللغات الحية انتشاراً على النطاق العالمي، وهو ما يؤكده تخصيص يوم عالمي للاحتفال بها في 18 ديسمبر من كل عام، وقد «كانت اللغة العربية على مر القرون الركيزة المشتركة وحلقة الوصل التي تجسّد ثراء الوجود الإنساني وتتيح الانتفاع بالعديد من الموارد» وفقاً لما ذكرته المدير العام ليونسكو أودري أزولاي؛ وهو «اللغة العربية والتواصل الحضاري». وإن الألفاظ المشتركة بين اللغة العربية واللغات الأخرى ما هي إلا تأكيد على دورها في التواصل والتمازج بين الحضارات. لقد أخذت هيئة الثقافة والفنون في دبي على عاتقها مهمة الإسهام والنهوض الحقيقي بلغتنا العربية ونشرها واستخدامها في الحياة العامة، علاوةً على تكريس مكانتها ليس في المجتمع الإماراتي وحسب، بل على النطاق العالمي أيضاً. تلعب دبي للثقافة دوراً فاعلاً في تكريس…

الموسيقى جزء من النسيج الثقافي الإماراتي

الإثنين ٢١ يونيو ٢٠٢١

«الموسيقى مرآة حضارة الشعوب»، مقولة معبّرة لفيلسوف الصين العظيم كونفوسيوش؛ وقد صدق فيها، فالموسيقى قديمة قِدَم البشرية، ومتجذِّرة في إنسانيتنا، وطالما كانت الصوت، الذي عبّرت به كل ثقافة في العالم عن نفسها بطابعها الخاص والفريد، الذي رغم اختلافه عن الثقافات الأخرى، إلا أنه شكّل لغة عالمية يفهمها الجميع. من هنا، يشكل الاحتفاء باليوم العالمي للموسيقى احتفاء بالثقافات الشعبية، التي توحِّد الشعوب بقوة الموسيقى في أشكال بهيّة من أشكال الحوار والتفاهم المتبادل والسلام، وفي دبي، الإمارة التي تنبض بألوان ثقافات العالم، وتحتضن شتى صنوف الفنون والإبداع، تمثّل الموسيقى جزءاً من تراثها الشعبي؛ تراث دولة الإمارات العربية المتحدة الأصيل، ونحتفي بها ليس في يومها العالمي وحسب، بل على مدار العام. المهرجانات الموسيقية جزء لا يتجزأ من أجندة فعاليات الإمارة السنوية، التي تجمع فيها أهم الفنانين والموسيقيين من حول العالم، مثل: «مهرجان الجاز»، و«مهرجان وصل للموسيقى»، ومهرجان «رد فيست دبي» و«غروف أون ذا غراس»، وغيرها الكثير من المهرجانات، التي تحتفي بعالمية الموسيقى وإطارها الجامع. نولي في هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) اهتماماً كبيراً بالموسيقى، ونحرص على تعزيز مكانة الفنون الموسيقية الإماراتية، وتعزيز وجودها على الساحتين المحلية والعالمية، باعتبارها دعامة من دعائم مد جسور الحوار البنّاء بين مختلف الحضارات والثقافات، الذي يشكِّل جزءاً من دورنا في إثراء المشهد الثقافي للإمارة؛ فترى للموسيقى…

معاً نحو مستقبل أكثر إبداعاً

السبت ٠٥ يونيو ٢٠٢١

كثيرةٌ هي الدروس والمبادئ التي تعلمها الإنسان على مدار التاريخ، عبر الحضارات التي أسسها، ومن المبادئ التي أجمعت، وتُجمِع، العقول النيّرة على أنها أساسية في نهوض الحضارات وبنائها، مبدأ العمل الجماعي، الذي لولاه لم يكن ممكناً لتلك الحضارات أن تُبنى. التعاون والتحالف والتضامن من مؤشرات القوة في أي مجتمع، ويعكس مستوى الوعي والنضج الذي يتمتع به أفراده. عبر ثقتنا بقدرات بعضنا بعضاً، وعملنا معاً بجهود منظَّمة ورؤية مشتركة، يمكننا أن ننجز الكثير، فالعمل الجماعي يفتح لنا آفاقاً تساعدنا على تشكيل ملامح مستقبل أجمل للجميع. ولا يمكننا الحديث عن العمل الجماعي، دون أن يتبادر إلى أذهاننا تجربة دولة الإمارات، التي يشكل فيها مبدأ التعاون والعمل بروح الفريق، ثقافة راسخة، أفضت إلى منجزات مبهرة لدولة فتيّة بين دول العالم المتقدم. وسيراً على خطى قيادتنا الملهمة، لدينا في «دبي للثقافة»، قناعة راسخة بقيمة التعاون والعمل المشترك مع شركائنا من جميع القطاعات، الخاصة والعامة، ونفعل شراكاتنا، على الدوام، للارتقاء بالمشهد الإبداعي لإمارتنا نحو العالمية، ودعم مجتمعنا الإبداعي، وإشراكه في هذه المهمة، منطلقين من ثقافة الاحترام والتفاهم، وتبادل الموارد والخبرات. ولا أجد نموذجاً يعبر عن روح الفريق وتضافر الجهود لتحقيق هدف مشترك، أجمل من نموذج العمل الجماعي الذي شهدناه في ورشة «مسرعات القوز»، التي عقدناها أخيراً، لوضع أولويات عملنا في الفترة القادمة، لتطوير منطقة القوز…

#ثقافة_المناصب

الأربعاء ١٣ مارس ٢٠١٩

مَنْ منكم يستيقظ صباحاً، ويحدّق في المرآة، ويفكر في مسمّاه الوظيفي، قائلاً لنفسه: «ها أنا ذا، مدير ذو منصب، وهذا المسمى يجعلني مُهماً في حياة الآخرين، ويفعمني بالإثارة لأداء عملي؟». لم يكن المنصب، أو المُسمّى الوظيفي، قط المحفّز الأول الذي يدفعنا لنستيقظ كل صباح، متجهين إلى أداء مهماتنا بإتقان وولاء، لكنه النجاح وتحقيق الأهداف وشغف العطاء وفريقٌ معطاء وقائدٌ ممتنّ هو ما يدفعنا نحو التطلّع إلى يوم آخر من الإنجازات. كثيرون يعتقدون أن مناصبهم ومسمياتهم الوظيفية المنتفخة هي التي تُكسبهم احترام الآخرين، وتحدد مواقعهم من الإعراب بين السلالم الوظيفية والهياكل التنظيمية، ويسعون كلَّ السعي إلى مضاعفة أعداد الموظفين وميزانياتهم ومسؤولياتهم، دون أن يقيموا أي اعتبار لرؤية أو أهداف، يتمنون تحقيقها بهذه الكتل من الأجسام والأموال. للأسف.. إن ما يدفع البعض إلى هذا التصرّف هو مفهوم #ثقافة_المناصب في مؤسساتنا، التي تحترم #سعادة_المسميات أكثر من تقديرها لذوي الفِكر، فتنتقل عدوى النفوذ والسلطة إلى ذواتهم فيتضخّم فيهم «الأنا». وبالتالي ينحرف صاحب المنصب عن مساره الصحيح، وينتقل من تمكين فريقه لتحقيق أهداف المؤسسة إلى التركيز على تعظيم شأنه، وتطوير أجندته الشخصية. وإذا استمررنا في تبجيل المسميات الوظيفية، بدلاً من تقدير القيمة المضافة التي يمنحها ذوو المناصب للمؤسسات والأفراد، فإن استمرارية النجاح ستتضاءل شيئاً فشيئاً، حتى تتلاشى وتتلاشى معها هيبة القائد، وينعدم أثره وتأثيره، كما…

#النوع_الثاني

الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٨

قبل أسابيع قليلة، راسلتني مواطنة لا أعرفها معرفة شخصية على الخاص في إحدى تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، راجيةً مني "كامرأة ناجحة في حياتها المهنية والأسرية" أن أغرّد بكلمة تغيّر نظرة المجتمع للأم التي تركت العمل لظروفها الشخصية لفترة قصيرة من الزمن، فلم يحالفها الحظ في الحصول على وظيفةٍ أخرى. طلبتُ من (ف.ح.) أن تُرسل لي سيرتها الذاتية حتى أتمكن من تمريرها لبعض المسؤولين في دائرتي، علّ وعسى أن يحالفها الحظ وتجد الوظيفة الملائمة. ففوجئتُ بها تقول "الحمدلله الدنيا بخير دام فيها ناس مثلج". توقفتُ عند هذه الجملة وتساءلت مراراً... ألن يفعل غيري ما فعلته أو أكثر!؟ هل فعلاً امتنع معظم الناس عن تقديم العون المهني لأفراد مجتمعاتنا كي يتفرّد البعض في العظمة الوظيفية؟ أم كثر المسؤولون الذين يُبدون أجنداتهم الخاصة على المصالح العامة؟ أم نسينا قوله سبحانه وتعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}؟ وجاءني الردّ من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد متمثلاً في تغريدته: "#علمتني_الحياة أن المسؤولين نوعان: النوع الأول هم مفاتيح الخير.. يحبون خدمة الناس.. سعادتهم في تسهيل حياة البشر.. وقيمتهم فيما يعطونه ويقدمونه.. وإنجازهم الحقيقي في تغيير الحياة للأفضل.. يفتحون الأبواب، ويقدمون الحلول.. ويسعون دائما لمنفعة الناس.. والنوع الثاني.. مغاليق للخير.. يصعّبون اليسير.. ويقلّلون الكثير.. ويقترحون من الإجراءات ما يجعل حياة البشر…

تلويث الثقافات

الجمعة ٢٧ أكتوبر ٢٠١٧

وصلني مشهدُ مزعج جداً لطفلٍ عربي دون الثانية من عمره، بأوضاع مخلّة، بينما إحدى قريباته - وربما مربيته - تقوم بتصويره وبسؤاله من يفعل هذا؟ بابا؟ وماذا يفعل أيضا؟ وينتهي التصوير بضحكة لا مبالية منها، وربما تشويه وتلويثٌ لثقافة الكثير منا... أغضبني وأربكني جدا هذا الفيديو، الذي أخطأ وأجرم بحق الإنسانية على ثلاث مراتب... أولا، ممارسة السلوكيات الخادشة للحياء مراراً أمام طفل بريءٍ بالكاد يتنطق ببضع كلمات، حتى وصل به الأمر بمحاكاة والده في أمور يجب أن تبقى بين الزوج وزوجته. وهذا برأيي انتهاكٌ لبراءة الطفولة. ثانياً، قيام الوالدة، أو المربية أو قريبة الطفل بتصوير هذا المشهد معتقدةً بأنه محتوى مضحك (حقا؟!) وتشجيع الولد بالاستمرار بهذه السلوكيات بينما هي تؤنس نفسها، وتُميتُ ضميرها بإرسالها لهذا المحتوى المستهتر لغيرها. وهذا برأيي انتهاكٌ للخصوصية والإنسانية . ثالثاً، قيام بعض جهلة المجتمع بإعادة منتجة الفيديو وإضافة تعليقات الممثل الكوميدي عادل إمام ليضفي - كما في خيالهم - طابعاً كوميديا على مشهدٍ يتفطر له قلب كل إنسانٍ راكزٍ ومثقف. وهذا باعتقادي هو انتهاكٌ للثقافة الأخلاقية المجتمعية. إنني أأسف وأتعجب من أناسٍ يُقدِمون على صنع محتوىً لا يقدّم للفرد والمجتمع سوى نفاية عقولهم الفارغة، وأفراد ينشرونها دون استخدام عقولهم بينما الباقون يقومون بتشويه ثقافاتنا وثقافة أبنائنا الأخلاقية بإعادة بثّ كل ما يصلهم من سموم دون…