السبت ١١ أغسطس ٢٠١٢
لا أعرف ما الجديد الذي يمكن أن يأتي به الأخضر الإبراهيمي في مهمته الجديدة في سوريا مبعوثاً للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. هذه الخطوة لن تخدم سوى بشار الأسد إذ ستعطيه مزيداً من الوقت، بغطاء أممي، لقتل مزيد من المدنيين وتدمير مزيد من الأحياء والمدن السورية. ثمة ما يشبه الإجماع الدولي على أن الحل في سوريا لن يتحقق قبل أن يغادر بشار وزمرته السلطة. وإن لم يفعل فذلك يعني مزيداً من سفك الدماء وإطالة أمد الحرب. وفي غالب الأحوال فإن بشار لن يرحل من طوع نفسه. فلا الروس جادون في الضغط عليه ولا الإيرانيون مستعدون للتفريط فيه. والأهم أن بشار ودائرته الخاصة غير مقتنعين أصلاً بفكرة الرحيل. بل يرون أن العالم كله يتآمر عليهم لسلبهم “حقهم” -الذي لا جدال فيه– في حكم سوريا بالحديد والنار. إذن أي خيار بقي أمام الثوار في سوريا؟ ليس ثمة بدّ من تسليح الجيش الحر علناً والاستمرار في دعمه عسكرياً وسياسياً. والدليل على جدوى تسليح الجيش الحر هي الضربات النوعية المهمة التي تبناها الجيش الحر على مدى الأسابيع القليلة الماضية، التي أحدثت فارقاً نوعياً في تمكين الثوار من السيطرة على مدن وأرياف سورية كثيرة، وفي رفع الروح المعنوية لدى الثوار في كل مكان من سوريا. وقصة صمود الثوار في حي صلاح الدين بحلب تشكل وحدها…
الجمعة ١٠ أغسطس ٢٠١٢
يبدو أن تويتر يعمل عندنا مثل المنشار، طالع نازل مؤامرات! فكما جاءوا ببرامج تسهل عليك شراء متابعين وهميين -من أجل الفشخرة- خرجوا علينا ببرنامج آخر يكشف من يشتري المتابعين الوهميين. من جهة يغرونك بالخطأ ومن جهة أخرى يفضحون سرك على الملأ! كل هذا يأتي في صميم المؤامرة الأمريكية الصهيونية الأنجلوسكسونية التي تهدف لخلق الفتنة بيننا لتقسيمنا وإضعافنا. فبعد أن قسّموا أوطاننا وخلقوا فتنة بين الجار وجاره العربي هاهم اليوم يخلقون فتنة جديدة بين رواد تويتر السعوديين! فقد انقسمنا في تويتر إلى فريقين: فريق يفحط ليل نهار؛ يحاور خصوم الفكر ويرتفع ضغطه في الرد على تهم المخالفين، ثم يظل يراوح في دائرة الأرقام الصغيرة من المتابعين. وفريق تتضاعف أعداد متابعيه فجأة كما لو أن كل “عطسة” تأتي لصاحبها بألف متابع! والآن انكشف المستور فصار بعضنا يخشى أن يكثر عدد متابعيه فجأة لكيلا يأتيه السؤال بغتة: الأخ شاري؟ أجيب مباشرة: لا يا خوي، غلطان. دور على “شاري” بعيداً عنا! لكنني صدقاً أستغرب من بعض أولئك الذين يٌقيمون الناس حسب مظاهرهم التي منها أعداد المتابعين على تويتر. بل إن البعض يشير إلى أرقام متابعي بعض الوعاظ على تويتر كدلالة أخرى على أهمية فكرهم وقوة حضورهم في المجتمع. ومن يستطيع إنكار هذه الحظوة التي ينالها بعض الدعاة والوعاظ في مجتمع تربى أبناؤه على الانجذاب…
الخميس ٠٩ أغسطس ٢٠١٢
مرة مشيت حول الحديقة مع صديق خليجي يعمل «وزيراً» في بلاده فسألني أحدهم مستغرباً: أليس هذا الوزير؟ ثم عبر مجدداً عن استغرابه: معقولة يمشي طبيعي حول الحديقة؟ سألته ساخراَ: و هل تريده أن يمارس رياضة المشي لابساً «بشت» المناسبات الرسمية؟ منصب الوزير، و من في مرتبته، أو أعلى أو أقل، إنما هي مناصب وظيفية، كلما ارتقى الموظف فيها زادت مسؤولياته. و كلما زادت مسؤولياته زادت توقعاتنا في تأهيله و قدراته على الإنجاز. و من يعمل صادقاً يقترب أكثر من الناس. فالعمل الجاد المقترن بالتواضع يرفع صاحبه في عيون و قلوب الناس. أما من يستعرض على الآخرين، بالمناصب أو الممتلكات، إنما يعبر عن نقص بداخله يريد – بوعي أو بدونه – أن يغطيه بالمظاهر والشكليات. والواثق من نفسه، وعقله، لا يغيره المنصب و لا كثرة الأموال. جلست و مشيت و سافرت كثيراً مع أصدقاء و معارف من فئة «معالي» و ما فوقها و أدركت أن التواضع من أسرار النجاح. فالتواضع الحقيقي – و ليس ذلك المصطنع – يعكس صدق صاحبه. صاحب المنصب الكبير الذي يمتاز بتواضعه و قربه من الناس يبقى قريباً من الناس بالمنصب أو بدونه. أما الغرور فإن نفع صاحبه يوماً فلابد أن يضره أشهراً و ربما سنين طويلة. و في المناصب العليا الإنجازات الحقيقية هي التي تبقى أما…
الأربعاء ٠٨ أغسطس ٢٠١٢
عاند القذافي، قبل بشار، المنطق والعقل فانتهى نهاية تليق به وبتاريخه الدموي. لا تجوز الشماتة في ميت لكن الحياة دروس وعبر. وكيف لا نقرأ في تجربة القذافي المليئة بالمتناقضات والجهالة والضياع؟ ولماذا يعاند بشار، و زمرته، المنطق والعقل؟ وكيف لبشار أن يحكم بلداً غالبية أهله يكرهونه وكل من حوله يبحث عن حبل نجاة؟ قبل فرار رئيس الوزراء، انشقاقات كبار وصغار الضباط باتت خبراً مألوفاً منذ أشهر. ما الذي ينتظره بشار؟ وأي عقلية تلك التي تصر على شعارها الجاهل: «بشار أو لا أحد»؟ ألم يكن ذلك منطق القذافي الأحمق: «يا أحكمكم يا أقتلكم»!؟ والحياة في كنف الديكتاتورية موت بطيء. وربك يمهل ولا يهمل. لقد انتصر الليبيون لأنفسهم من ظلم واستبداد سيطر على كل حراكهم على مدى أربعة عقود. فعلى ماذا يراهن بشار؟ أليس في نهاية القذافي أكبر عبرة لبشار وأمثاله من طغاة زماننا؟ أم أنه يراهن على الطائفة التي قد تتبرأ من جرائمه كما يسعى كبار ضباطه اليوم وهم يبحثون – مع الجيش الحر – عن أسلم الطرق للهرب والانشقاق؟ أم على روسيا التي تراقب بحذر إلى أين تتجه بوصلة الحراك الداخلي قبل أن تترك بشار خلفها وتفتح صفحة جديدة مع العالم العربي الجديد؟ أم أنه يراهن على إيران الغارقة في أزماتها الاقتصادية والمنشغلة بترقيع فضائحها الدولية؟ معقولة: ألا يرى بشار…
الثلاثاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٢
ومن يستطيع فعلاً أن يعبر صراحة ومباشرة عن كل قناعاته وآرائه وهو يعيش في بيئة قامعة للفكر المختلف والرأي الجريء؟ أستغرب من بعض مثقفي “الإعلام الجديد” وناشطيه وهم يلومون مثقفين سوريين وفنانين لأنهم لم يقفوا مباشرة مع الثورة ضد نظام بشار القمعي من دون سؤال عن ظروفهم ومبرراتهم. ليس صحيحاً أن كل صامت على قمع “بشار”، من مثقفين وفنانين، إنما هم من فريق النظام الظالم. وحينما تتاح لهم فرصة “الهرب” من جحيم بشار جاء من يشكك: وما الذي أخّركم؟ ولو خرجنا قليلاً من التجربة السورية المؤلمة لوجدنا أيضاً بيننا من يستنكر على المثقف أو المفكر مواقفه أو مجاملاته أو صمته. وليت الأمر يتوقف عند الاستنكار ولكن يقفز البعض إلى نتائج قاطعة من مثل “لقد قبض ثمن صمته” أو “هو عميل” أو “خائن”! يا ساتر. طيب، ألا يمكن أن تكون قناعات هذا الإنسان على النقيض من قناعاتك؟ وإن كنت أنت ثائر على كل شيء حولك، لماذا تفرض في كل من حولك أن يكون على رأيك؟ وهل نحن نعيش في بيئة مثالية، ليس فيها رقابة رسمية ولا رقابة مجتمع أو رقابة “ناشط” متسلط يحكم على تاريخك من كلمة عابرة، أو يريد عمداً أن يفهمك بطريقته هو، حتى نفترض في هذا المثقف المسكين أن يكون حاملاً لسيف الصراحة والشعارات الكبرى حتى يرضيك ويرضي كل…
الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٢
فاتحة مذكراته جاءت كما يلي: «شكراً لحسادي وخصومي. أنتم من أسباب نجاحي. كلما فكرت بالتقاعس تذكرت أن ثمة من يترقب فشلي كي يحتفي وينتشي.وأنا قد أقسمت ألا أمنحكم فرصة للفرح!» للنجاح ضريبته. بل له أكثر من ضريبة. وفي مجتمعاتنا، حيث ينشغل كثير من الناس بالآخرين بدلاً من الانشغال بأنفسهم، يقضي البعض جل وقته يراقب الناس. ويشكك في إنجازات غيره. لكأنما نجاح الآخرين إعلان عن فشله. ثم يتحول هؤلاء إلى أعين تراقب كل ناجح حولهم ليس للاقتداء بالناجحين وإنما لحبك الأكاذيب من أجل التشكيك في نجاحات الناجحين. هؤلاء لا يفهمون أن نجاح غيرهم لا يعني بالضرورة فشلهم. كل ميسر لما خلق له. ولكل مجتهد نصيب. وكم من نشيط مجتهد صبور مات ولم يحالفه حظ. وكم من محظوظ أثمر صبره وجهده في تحقيق المبتغى. فلماذا يستفزك نجاح غيرك ويؤرقك؟ أم أن في ثقافتنا ما يؤجج المشاعر ضد الناجحين والمميزين؟ كم هو مرهق أن تكون ناجحاً في مجتمع يغار من الناجحين فيعبر عن غيرته بترويج الأكاذيب وتزوير الحكايات حول المميزين! وهكذا كان من ثقافتنا أن تخشى الأسرة على أبنائها الناجحين والمميزين من عيون الحاسدين. إننا مجتمعات تحارب – بوعي أو بدونه – كل ناجح في محيطها. ولدينا ألف طريقة نحارب بها النجاح تبدأ بـ«عين» الحسد ولا تنتهي عند الشك «الرسمي» في نوايا وأفكار…
الأحد ٠٥ أغسطس ٢٠١٢
قرأت في «الوطن» أمس أن جهات عدلية وقضائية تدرس أفكاراً للقضاء على مشكلة تأخر المحاكم في البت في القضايا. سبب المشكلة الرئيسي هو في نقص كبير في الكوادر وتحديداً القضاة وكتاب العدل. ومع تقديري لحرص وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى على التأكد من توظيف القضاة وكتاب العدل المؤهلين إلا أن المسألة بحاجة للإسراع في إيجاد حلول عملية تسرع من إجراءات المحاكم. فالمحاكم اليوم من أكثر الجهات أهمية للمواطن وسرعة إنجاز المعاملات فيها لا بد أن تكون أولوية في الإصلاح الإداري الضروري. كثيراً ما أستغرب من تكدس المراجعين في بعض الأجهزة الحكومية والسبب عادة يرجع لقلة الموظفين الموجودين لخدمة المراجعين. أحياناً أعتقد أن المشكلة إدارية بالدرجة الأولى وليست نقصاً في الموظفين. إن رفع إنتاجية الموظف في الأجهزة الخدمية تحديداً قد تكون من الحلول العملية لمواجهة تكدس المعاملات وزحام المراجعين. وأحياناً تشاهد أكثر من كاونتر في بعض تلك الأجهزة لكن أغلبها مغلقة فيما المراجعون يتزاحمون حول موظف أو اثنين. في المطارات، على سبيل المثال، أستغرب كثيراً أن أرى صفوفاً طويلة أمام كاونتر الجوازات، تنتظر إجراءات ختم الجواز. ما الذي يمنع من تشغيل كل «الكاونترات» معاً في أوقات الذروة كما نرى في أكثر مطارات العالم؟ إن الإسراع في إنجاز معاملات الناس، في المرور والأحوال المدنية والمحاكم والجوازات، مسألة حيوية ليس فقط لتوفير الوقت…
السبت ٠٤ أغسطس ٢٠١٢
ثمة أكثر من معنى خلف الطرافة التي غلف بها إبراهيم القحطاني مقالته في “الشرق” أمس. ففي “برجر التنمية وبطاطس البيروقراطية” تلخيص لنقاش طويل حول التنمية والديموقراطية: من يسبق من؟ هل تأتي التنمية بالديموقراطية أم تأتي الديموقراطية بالتنمية؟ مشكلة مثل هذا النقاش أنه ينطلق أحياناً من النظرة المثالية لهذه الأفكار المهمة. لكن إسقاطها على الواقع يصيبك بإحباط شديد، فبعض من ينادي بالديموقراطية إنما يبحث عن “ديموقراطية” توصله هو، دون غيره، للسلطة. فإن أوصلت غيره تصبح -عنده- ديكتاتورية أو كذبة كبرى. وإن أوصلته هو جاءت الخشية -وهي مبررة- من أن يتشبث بالسلطة ويحرم غيره منها. وهنا يأتي السؤال: من الضحية هنا؟ أليست التنمية؟ على الورق، توجد “ديموقراطيات” رائعة، لكنها تتحول إلى أدوات لاحتكار السلطة كما فعل علي عبدالله صالح ويفعل الآن قيصر موسكو. الخشية أن نخرج من المولد بلا حمص. أي ألا تتحقق ديموقراطية ولا تنمية. وفي الوقت ذاته لا أرى تعارضاً بين التنمية والديموقراطية، فإن تحققتا فذلك المبتغى وإن تحققت إحداهما فذلك أيضاً منجز جدير بنا أن نحرص عليه، أما عن جهوزية المجتمع العربي لأفكار جديدة مثل التنمية والديموقراطية فإني أضرب مثلاً بجهوزية المجتمع لقيادة السيارة قبل ستين سنة. ماذا لو انتظرنا أن يجهز المجتمع لقيادة السيارة؟ هل كنا سنقود سياراتنا اليوم في مدننا وقرانا؟ أم كنا سنظل نسافر كما سافر…
الجمعة ٠٣ أغسطس ٢٠١٢
العنوان أعلاه للصديق فيصل المالكي. فيصل كتب عن معاناته كمصور سعودي تُنشر صوره في أشهر المجلات المتخصصة في فنون التصوير وتعرض في معارض عالمية. يتألم فيصل أن أغلب صوره الشهيرة التقطت خارج بلاده. فصوره من بيروت وإسطنبول وأبو ظبي ومدن أوروبية كثيرة تحظى باهتمام عالمي لكنه حزين أن صوره من بلاده، السعودية، هي الأقل حظاً في الانتشار العالمي. أما السبب فليس في المصور أو في ندرة الفرص الذهبية لالتقاط صور يمكن أن تطرق أبواب العالمية. المشكلة أن المصور في السعودية يعاني الأمرين مع منع التصوير في الأماكن العامة. وعلى الرغم من صدور قرار تنظيم التصوير، الذي ساهمت في إنجازه، قبل ست سنوات، الهيئة العليا للسياحة، فإن المصور السعودي ما إن يُشاهد في مكان عام – في المملكة- يلتقط صوراً حتى يوقف وقد يودع الحجز ولا يطلق سراحه قبل مسح الصور مع كتابة تعهد بعدم تكرار “المخالفة”! هكذا يشتكي فيصل المالكي وهو المصور السعودي “النجم” الذي قال لي عنه الفنان خالد شاهين إن “فيصل المالكي قد أسس مدرسته الخاصة في تصوير المباني والميادين العامة حتى صار يضرب بأسلوبه مثلاً بين المصورين المحترفين حينما يقولون: هذه الصورة “فيصل ستايل”! وبينما يحمل جميعنا -في الغالب- جوالاً بكاميرا يلتقط بها صوراً في أي مكان، ولا يستطيع أحد منعه، يطارد المصور المحترف ويمنع ويحجز لأنه يحمل…
الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٢
وسط ضجيج قنوات التواصل الاجتماعي، وبين أمواج لغة الشتيمة والتخوين والتكفير، تستطيع أن ترى ملامح وعي سياسي وثقافي جديد. هناك خطاب نقدي مختلف يتشكل وقد يقود المشهد. ومهما تعبنا من «فوضى» هذه الظاهرة الجديدة في مجتمعنا فليس أمامنا سوى الاعتراف – بإيجابية – أننا أمام لغة جديدة تعكس وعياً بالحقوق ومصلحة المجتمع ربما كانت الغالبة في مقبل الأيام. ثمة من يقول إن هذه الفوضى التي نشتكي منها هي ضريبة الخروج من هيمنة الخطاب التقليدي القديم، الخطاب المغرق في نفاقه وتضليله للمجتمع وقياداته حول مشكلات البلد ومعاناة الناس وتأخر مشاريع التنمية. ولكنني هنا أفرق بين أصوات شابة من منطقتنا تشعرك بصدق نواياها وهي تمارس نقدها وبين فئة نعرفها جيداً وكانت إلى الأمس القريب جزءاً أصيلاً من الخطاب القديم، فجأة ركبت قطار الدعوة للتغيير مستخدمة كلمات كبيرة في الإصلاح والديموقراطية والحكم الرشيد. خطابها نسخة من بعضه حتى تكاد تشك أن «تغريدات» اليوم أرسلت –دفعة واحدة – ليلة أمس. قرأت تغريدات أحدهم، وهو من الفئة «المطبلاتية» في بلاده، فصعقت من هذه اللغة الشاتمة ضد دول الجوار «المعطلة لقطار الربيع» كما يشتكي. وقلت بيني وبين نفسي، على طريقة سعد الفرج: ودي أصدق! معقولة… صاحبنا الذي يثور غضباً لو ألمحت بالنقد الخفيف لمشكلة في بلاده يطالب بلاد غيره بقبول النقد وركوب موجة التغيير؟ وأنا أعذره…
الأربعاء ٠١ أغسطس ٢٠١٢
نتفق فكرياً أو نختلف مع التيارات التي تنادي بالتغيير في منطقتنا، نظل أمام حقيقة شديدة الوضوح: نحن أمام عالم يتغير باليوم الواحد.الخطورة ألا يعي صانع القرار أن وتيرة التغيير متسارعة على كل الأصعدة! أما وقودها الحقيقي فهم «الشباب» الذين يطمحون في مستقبل آمن. وحينما تتسع الفجوة بين مطالب الناس وصانع القرار فإن أصحاب الأجندات الخفية يجدونها فرصة ذهبية للاستثمار في هكذا بيئة: فالشباب يبحثون عمن يتبنى مطالبهم وصناع القرار يكرسون خطابهم القديم لكنهم لا يكلمون أحداً غير أنفسهم. من يتعامل مع تحديات اليوم بعقلية الأمس إنما يزيد من عمق الأزمة. ومن يتجاهل مطالب الشباب في التغيير إنما يعاند «سنة الحياة»؛ لكأنما يناطح الجبال! ولا يمكن أن نتعامل مع تحديات التنمية في بلداننا وفق مقولة «الزمن كفيل بحلها». إنما نحتاج لمنظومة ضخمة من المشروعات والأفكار التنموية التي تبدأ بالبنى التحتية لكنها تطال بناء المؤسسات الحقيقية التي تعنى بالرقابة والمحاسبة والصرامة في تنفيذ وعود التنمية. جدالاتنا وصراعاتنا الفكرية -في غالبها- عبث، القطاع الواسع من أبناء المجتمع مهتم بقضاياه الأساسية -وهي جوهر التنمية- في وجود بنى تحتية وفي وجود الخدمات -الحقوق- الأساسية من مدارس ومستشفيات وطرق لائقة. أما الهم الأكبر فهو الحصول على «حقه» في الوظيفة واقتناعه بأنه فعلاً شريك. وبعدها تستطيع النخب أن تختلف أو تتجادل أو تمارس الصراخ ضد بعضها البعض…
الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠١٢
كنت من الذين اقترحوا على دول الخليج أن تتعامل بإيجابية مع من اختاره الشعب المصري رئيساً لمصر، كمنهج سياسي استراتيجي وقطعاً للطريق أمام إيران لكيلا تستغل الظروف لتطويق مصر الجديدة كما فعلت مع العراق. لا نريد أن نكرر خسارتنا في العراق بخسارة أكبر في مصر. قبول الواقع والتعاطي معه لا يعني تبني «الأيديولوجية» التي تقف وراءه. والتعاطي السياسي، بما تفرضه المرونة السياسية، ليس ركوباً في قارب أيديولوجية الإخوان في مصر وإنما من منطلقات المصالح والعلاقات الدبلوماسية المعتادة وقبل ذلك احتراماً لما قرره المصريون لأنفسهم. أما «الحميّة» الحزبية التي يتعاطى بها اليوم «إخوان الخليج» مع مصر فإنها تفتقد لفهم أبعاد اللعبة السياسية الجديدة في المنطقة. ربما فهمنا أن ينتشي إخوان الخليج بفوز مرجعيتهم الفكرية في مصر أو خارجها لكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب مصالح بلدانهم ومستقبلها. وإن لم يتم الانتباه لخطورة ذوبان «الفرع» في «الأصل» فإن ذلك قد يكون مؤشراً خطيراً لتبعية فكرية وسياسية يريد البعض في الخليج أن يزج بنا نحوها. الخوف هنا أن تكون تبعية «العقيدة السياسية»، في علاقات إخوان الخليج بمرجعيتهم السياسية في مصر، غالبة في نظرتهم لأوطانهم. ولهذا تبدو العلاقة ملتبسة وشائكة، ويشوبها الحذر الشديد، بين المثقف الخليجي -من خارج دوائر الإخوان- وبين التيارات والأسماء المحسوبة على فكر الإخوان. لم يعد سراً أن إخوان…