ديموقراطية إبراهيم القحطاني

السبت ٠٤ أغسطس ٢٠١٢

ثمة أكثر من معنى خلف الطرافة التي غلف بها إبراهيم القحطاني مقالته في “الشرق” أمس. ففي “برجر التنمية وبطاطس البيروقراطية” تلخيص لنقاش طويل حول التنمية والديموقراطية: من يسبق من؟ هل تأتي التنمية بالديموقراطية أم تأتي الديموقراطية بالتنمية؟ مشكلة مثل هذا النقاش أنه ينطلق أحياناً من النظرة المثالية لهذه الأفكار المهمة. لكن إسقاطها على الواقع يصيبك بإحباط شديد، فبعض من ينادي بالديموقراطية إنما يبحث عن “ديموقراطية” توصله هو، دون غيره، للسلطة. فإن أوصلت غيره تصبح -عنده- ديكتاتورية أو كذبة كبرى. وإن أوصلته هو جاءت الخشية -وهي مبررة- من أن يتشبث بالسلطة ويحرم غيره منها. وهنا يأتي السؤال: من الضحية هنا؟ أليست التنمية؟ على الورق، توجد “ديموقراطيات” رائعة، لكنها تتحول إلى أدوات لاحتكار السلطة كما فعل علي عبدالله صالح ويفعل الآن قيصر موسكو. الخشية أن نخرج من المولد بلا حمص. أي ألا تتحقق ديموقراطية ولا تنمية. وفي الوقت ذاته لا أرى تعارضاً بين التنمية والديموقراطية، فإن تحققتا فذلك المبتغى وإن تحققت إحداهما فذلك أيضاً منجز جدير بنا أن نحرص عليه، أما عن جهوزية المجتمع العربي لأفكار جديدة مثل التنمية والديموقراطية فإني أضرب مثلاً بجهوزية المجتمع لقيادة السيارة قبل ستين سنة. ماذا لو انتظرنا أن يجهز المجتمع لقيادة السيارة؟ هل كنا سنقود سياراتنا اليوم في مدننا وقرانا؟ أم كنا سنظل نسافر كما سافر…

فيصل المالكي: «لا تعلِّم أحد»!

الجمعة ٠٣ أغسطس ٢٠١٢

العنوان أعلاه للصديق فيصل المالكي. فيصل كتب عن معاناته كمصور سعودي تُنشر صوره في أشهر المجلات المتخصصة في فنون التصوير وتعرض في معارض عالمية. يتألم فيصل أن أغلب صوره الشهيرة التقطت خارج بلاده. فصوره من بيروت وإسطنبول وأبو ظبي ومدن أوروبية كثيرة تحظى باهتمام عالمي لكنه حزين أن صوره من بلاده، السعودية، هي الأقل حظاً في الانتشار العالمي. أما السبب فليس في المصور أو في ندرة الفرص الذهبية لالتقاط صور يمكن أن تطرق أبواب العالمية. المشكلة أن المصور في السعودية يعاني الأمرين مع منع التصوير في الأماكن العامة. وعلى الرغم من صدور قرار تنظيم التصوير، الذي ساهمت في إنجازه، قبل ست سنوات، الهيئة العليا للسياحة، فإن المصور السعودي ما إن يُشاهد في مكان عام – في المملكة- يلتقط صوراً حتى يوقف وقد يودع الحجز ولا يطلق سراحه قبل مسح الصور مع كتابة تعهد بعدم تكرار “المخالفة”! هكذا يشتكي فيصل المالكي وهو المصور السعودي “النجم” الذي قال لي عنه الفنان خالد شاهين إن “فيصل المالكي قد أسس مدرسته الخاصة في تصوير المباني والميادين العامة حتى صار يضرب بأسلوبه مثلاً بين المصورين المحترفين حينما يقولون: هذه الصورة “فيصل ستايل”! وبينما يحمل جميعنا -في الغالب- جوالاً بكاميرا يلتقط بها صوراً في أي مكان، ولا يستطيع أحد منعه، يطارد المصور المحترف ويمنع ويحجز لأنه يحمل…

ودي أصدق!

الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٢

وسط ضجيج قنوات التواصل الاجتماعي، وبين أمواج لغة الشتيمة والتخوين والتكفير، تستطيع أن ترى ملامح وعي سياسي وثقافي جديد. هناك خطاب نقدي مختلف يتشكل وقد يقود المشهد. ومهما تعبنا من «فوضى» هذه الظاهرة الجديدة في مجتمعنا فليس أمامنا سوى الاعتراف – بإيجابية – أننا أمام لغة جديدة تعكس وعياً بالحقوق ومصلحة المجتمع ربما كانت الغالبة في مقبل الأيام. ثمة من يقول إن هذه الفوضى التي نشتكي منها هي ضريبة الخروج من هيمنة الخطاب التقليدي القديم، الخطاب المغرق في نفاقه وتضليله للمجتمع وقياداته حول مشكلات البلد ومعاناة الناس وتأخر مشاريع التنمية. ولكنني هنا أفرق بين أصوات شابة من منطقتنا تشعرك بصدق نواياها وهي تمارس نقدها وبين فئة نعرفها جيداً وكانت إلى الأمس القريب جزءاً أصيلاً من الخطاب القديم، فجأة ركبت قطار الدعوة للتغيير مستخدمة كلمات كبيرة في الإصلاح والديموقراطية والحكم الرشيد. خطابها نسخة من بعضه حتى تكاد تشك أن «تغريدات» اليوم أرسلت –دفعة واحدة – ليلة أمس. قرأت تغريدات أحدهم، وهو من الفئة «المطبلاتية» في بلاده، فصعقت من هذه اللغة الشاتمة ضد دول الجوار «المعطلة لقطار الربيع» كما يشتكي. وقلت بيني وبين نفسي، على طريقة سعد الفرج: ودي أصدق! معقولة… صاحبنا الذي يثور غضباً لو ألمحت بالنقد الخفيف لمشكلة في بلاده يطالب بلاد غيره بقبول النقد وركوب موجة التغيير؟ وأنا أعذره…

التنمية وصراعات النخب!

الأربعاء ٠١ أغسطس ٢٠١٢

نتفق فكرياً أو نختلف مع التيارات التي تنادي بالتغيير في منطقتنا، نظل أمام حقيقة شديدة الوضوح: نحن أمام عالم يتغير باليوم الواحد.الخطورة ألا يعي صانع القرار أن وتيرة التغيير متسارعة على كل الأصعدة! أما وقودها الحقيقي فهم «الشباب» الذين يطمحون في مستقبل آمن. وحينما تتسع الفجوة بين مطالب الناس وصانع القرار فإن أصحاب الأجندات الخفية يجدونها فرصة ذهبية للاستثمار في هكذا بيئة: فالشباب يبحثون عمن يتبنى مطالبهم وصناع القرار يكرسون خطابهم القديم لكنهم لا يكلمون أحداً غير أنفسهم. من يتعامل مع تحديات اليوم بعقلية الأمس إنما يزيد من عمق الأزمة. ومن يتجاهل مطالب الشباب في التغيير إنما يعاند «سنة الحياة»؛ لكأنما يناطح الجبال! ولا يمكن أن نتعامل مع تحديات التنمية في بلداننا وفق مقولة «الزمن كفيل بحلها». إنما نحتاج لمنظومة ضخمة من المشروعات والأفكار التنموية التي تبدأ بالبنى التحتية لكنها تطال بناء المؤسسات الحقيقية التي تعنى بالرقابة والمحاسبة والصرامة في تنفيذ وعود التنمية. جدالاتنا وصراعاتنا الفكرية -في غالبها- عبث، القطاع الواسع من أبناء المجتمع مهتم بقضاياه الأساسية -وهي جوهر التنمية- في وجود بنى تحتية وفي وجود الخدمات -الحقوق- الأساسية من مدارس ومستشفيات وطرق لائقة. أما الهم الأكبر فهو الحصول على «حقه» في الوظيفة واقتناعه بأنه فعلاً شريك. وبعدها تستطيع النخب أن تختلف أو تتجادل أو تمارس الصراخ ضد بعضها البعض…

إخوان الخليج: أسئلة التبعية!

الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠١٢

كنت من الذين اقترحوا على دول الخليج أن تتعامل بإيجابية مع من اختاره الشعب المصري رئيساً لمصر، كمنهج سياسي استراتيجي وقطعاً للطريق أمام إيران لكيلا تستغل الظروف لتطويق مصر الجديدة كما فعلت مع العراق. لا نريد أن نكرر خسارتنا في العراق بخسارة أكبر في مصر. قبول الواقع والتعاطي معه لا يعني تبني «الأيديولوجية» التي تقف وراءه. والتعاطي السياسي، بما تفرضه المرونة السياسية، ليس ركوباً في قارب أيديولوجية الإخوان في مصر وإنما من منطلقات المصالح والعلاقات الدبلوماسية المعتادة وقبل ذلك احتراماً لما قرره المصريون لأنفسهم. أما «الحميّة» الحزبية التي يتعاطى بها اليوم «إخوان الخليج» مع مصر فإنها تفتقد لفهم أبعاد اللعبة السياسية الجديدة في المنطقة. ربما فهمنا أن ينتشي إخوان الخليج بفوز مرجعيتهم الفكرية في مصر أو خارجها لكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب مصالح بلدانهم ومستقبلها. وإن لم يتم الانتباه لخطورة ذوبان «الفرع» في «الأصل» فإن ذلك قد يكون مؤشراً خطيراً لتبعية فكرية وسياسية يريد البعض في الخليج أن يزج بنا نحوها. الخوف هنا أن تكون تبعية «العقيدة السياسية»، في علاقات إخوان الخليج بمرجعيتهم السياسية في مصر، غالبة في نظرتهم لأوطانهم. ولهذا تبدو العلاقة ملتبسة وشائكة، ويشوبها الحذر الشديد، بين المثقف الخليجي -من خارج دوائر الإخوان- وبين التيارات والأسماء المحسوبة على فكر الإخوان. لم يعد سراً أن إخوان…

ظواهر صوتية

الإثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٢

ما زالت مقولة عبدالله القصيمي الشهيرة “العرب ظاهرة صوتية” تعبر عن حال العرب. وزاد من هذه الظاهرة الصوتية أن أتاحت تقنيات الاتصال الجديد، خصوصاً قنوات التواصل الاجتماعي، مساحة واسعة لكل الآراء لكنها مثل سوق لا تحكمها أنظمة ولوائح، فساد التهريج وعمت الفوضى. ما زال بيننا ممن إن رفضت شتائمه وقلة أدبه رد عليك سريعاً: ألست تنادي بالحوار وتنوع الآراء؟ وفي سوقنا التي تعمها الفوضى، ينتظر منك البعض أن تكون على ملتهم وإلا فإنك خارج الملة. فإن لم تتبن القضايا التي ينادون بها انقلب عليك القوم بالتخوين وقائمة تهم طويلة تشمل العمالة وتحريض السلطة ضد دعاة الحرية والعدالة. يشتكون من تضييق السلطات عليهم في التعبير وإبداء الرأي وهم يمارسون كل أنواع التسلط والإقصاء ضد كل من يختلف معهم أو يخرج عن خطهم. وهؤلاء الذين يناصرون رفاق “الحزب” باسم الدفاع عن الحرية والمساواة والعدالة لا ينطقون بكلمة في حق من يمر بذات الظروف من خارج فكرهم ومدرستهم. أنت – باختصار- في سوق شريعتها الفوضى وأبرز قوانينها أن تكون معي على طول الطريق، وفي كل المواقف، وإلا فإنك خصم وعدو للحرية ودعاة العدالة. الذين يشتكون بالأمس من الإقصاء يمارسون الإقصاء اليوم. وهم يلبسونك لباساً لم تلبسه يوماً ولم تحلم أن تلبسه أبداً ففجأة يستنكرون عليك رأيك أو موقفك ثم يكذبون وهم يزعمون أنهم…

من أبها!

الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٢

هبطت بي طائرة “فلاي دبي” في مطار أبها قبل يومين. ويا لروعة نسيم الجنوب يعانقني وأنا أنزل سلم الطائرة وأشاهد الدهشة على وجوه الواصلين معي. من حرارة شديدة ورطوبة في دبي إلى جو غائم ورشات مطر والفارق بين المناخين رحلة جوية لم تبلغ الساعات الثلاث. تأخرت قليلاً أمام “كاونتر” الجوازات حتى أنتهي من “سوء الفهم” في “تشابه الأسماء” الذي تستقبلني به مطارات بلادي وتودعني. حملت حقيبتي نحو صف سيارات الأجرة المنظم خارج المطار وابتسامتي تسبقني: وأخيراً أستطيع أن أستقل سيارة أجرة من دون صراخ ومحاولات اختطاف؟ في مطاراتنا، عشت تجارب مضحكة تصلح أفكاراً لطاش ما طاش -أيام مجده- كقصتي مع سائق يعدك أن تكون “الراكب الوحيد” فتجد نفسك رقم أربعة داخل السيارة الصغيرة.. وحينما تحاول أن تغادر السيارة وتبحث عن بديل تكتشف أن حقيبتك قد أحكم الخناق عليها في “شنطة” سيارة الأجرة ثم يأتيك السائق متوسلاً: تكفى يا وجه الخير.. لا تحسدني! قلت لسائق الأجرة في مطار أبها: تأخذني الآن إلى مقصدي من دون “لف أو دوران” ومن دون أن تقف في الطريق لراكب ينتظر سيارة أجرة فأنا مستعجل جداً. ضحك معلقاً: اطمئن: تغيرت الأمور. وصدق الرجل. ثم فاجأني في الطريق بوعيه إزاء أحداث العالم العربي وتأخر بعض مشروعات التنمية في منطقته. سألته عن “نفق الخميس” عسى أن يكون قد اكتمل،…

في صالون زياد الدريس

السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢

في صالون زياد الدريس، في منزله في باريس، سعدت بمقابلة عدد من السفراء العرب لدى منظمة اليونسكو. وسعدت أكثر حينما عرفت أن الدكتور زياد الدريس، سفير المملكة لدى اليونسكو، يقيم صالونه الثقافي شهرياً. في هذا الصالون، تجتمع أصوات ثقافية عربية مهمة، بعضها مقيم في باريس والآخر يكون في زيارة عابرة لفرنسا. ما أظن مثقفاً أو إعلامياً سعودياً مر بباريس من دون حضور مناسبة ثقافية من ترتيب سفيرنا النشط لدى اليونسكو. فإن فاتت الزائر جلسة أبي غسان الثقافية رتب له زيارة ممتعة لمقر اليونسكو في باريس. و إن لم يسعفك الوقت لحضور صالونه الثقافي أو زيارة مقره في اليونسكو فإنك غالباً ستحظى بجلسة ممتعة معه في مقهى باريسي أنيق. ومع أن الدكتور زياد ليس في حاجة لشهادتي، وهي أصلاً شهادة مجروحة بحكم الصداقة الطويلة، إلا أن الواجب الوطني يحتم علينا أن نحتفي برموزنا الوطنية خصوصاً تلك التي تمثلنا في الخارج. أجزم أن مقولة «المسؤول الصح في المكان الصح» تنطبق على سفيرنا في اليونسكو. إنه دائم الحضور في الفعاليات الثقافية المهمة، في العالم العربي وخارجه. وفي فعاليات دبي المهمة، يكون زياد الدريس أول الحاضرين وأكثرهم مشاركة وتفاعلاً. أما أنشطته في اليونسكو فيكفي أن نعرف أن زياد الدريس من الأسماء المهمة والمؤثرة على صناعة القرار في المنظمة الدولية المهمة. ثمة دائماً فرق بين…

المثقف والملائكة

الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢

مرة حاورت الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي في مكتبه في بوسطن. وجاء الحوار إلى دور المثقف في صناعة التغيير. كان سؤالي يفترض “المثالية” في المثقف وفي أدواره. وكان تشومسكي يذكرني أن المثقف في آخر النهار إنسان، مثله مثل بقية الناس في مجتمعه، وليس نبياً أو من الملائكة حتى نصبغ عليه المثالية. المثقف -في إجابة- تشومسكي له قناعاته التي قد لا يتفق عليها الناس وبالتالي يصدمهم أحياناً بآرائه التي لا تتوافق مع آرائهم. وهو أيضاً صاحب مصالح ومخاوف تبدأ من خوفه على عائلته ولا تنتهي عند خشيته على نفسه من السجن أو الموت. استغرب هذه الأيام من بعض الناشطين، في المجالس الخاصة أو في قنوات التواصل الاجتماعي، وهم يتحدثون بمثالية مفرطة عن “القيم” و”المبادئ” و”الأخلاقيات” التي يفترضونها في المثقف. وهم يضعون معايير تلك القيم والمبادئ وفقاً لآرائهم ومواقفهم. فالمثقف الذي لا يتفق مع مواقفهم يصبح مباشرة في نظرهم عميلا وخائنا وليس عنده مبادئ! والسؤال هنا: من يُقيّم من؟ ومن يملك الحق في الحكم على مواقف المثقف وقناعاته وتحولاته؟ لكن السؤال الأهم: كيف لإنسان أن يفترض في إنسان آخر أن يكون “كاملاً” والكمال من صفات الخالق لا من صفات البشر؟ صحيح، هناك “قيم” إنسان متفق عليها ربما جازت محاكمة مواقف المثقف تجاهها ولكن يبقى السؤال: من يحاكم من؟ مثقف يحاكم مثقفاً آخر؟ أم…

سوريا هوليوود

الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢

التليفزيون السوري يؤكد بالفم المليان أن مؤامرة “كونية” تحاك بالتعاون مع “هوليوود” لإنتاج عمل ضخم تكلفته 36 مليار دولار لتضليل الشعب السوري وإيهامه بأن النظام قد سقط. الاستخبارات الصينية، حسب التليفزيون السوري، هي من كشف عن هذه المؤامرة التي سميت “السقوط المدوي”. والرسالة هنا للشعب السوري تقول يا شعب لا تصدقوا أي شيء يقال إلا ما يقال في إعلام النظام الرسمي. وفوق هذا، حتى ولو خرجت بيانات في “الإعلام السوري الرسمي” تتحدث عن سقوط القصر الجمهوري وغيره من المؤسسات الرسمية فلا تصدقوها، لأن من بنود المؤامرة الكونية إنشاء محطات فضائية نسخة من المحطات السورية. أي أن هوليوود بتمويل خليجي، ستبني دولة افتراضية اسمها سوريا. أنا لم أستغرب ثانية واحدة أن أسمع مثل هذا الجنون والحماقة والسذاجة في دوائر الإعلام السوري الرسمي. فمنذ بداية الثورة في سوريا كان الإعلام السوري يزعم أن المظاهرات التي تظهرها الجزيرة والعربية من ميادين سورية ليست سوى “مسلسلات” تصور في تركيا وقطر والسعودية لتضليل السوريين وتحريضهم ضد النظام. الحقيقة أن النظام يتهاوى. وهذه الحماقات من دلائل الانهيار. لم يترك النظام له أصدقاء، لا داخل سوريا ولا خارجها، إلا إذا استثنينا الحرس الثوري في إيران وحزب الله في لبنان. فحتى الروس والصينيون قد يبيعون مواقفهم المعاندة في أي لحظة. تلك هي الحقيقة. ولذلك يلجأ النظام السوري بكل…

الإمارات: سابقة في المقارنات

الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢

ليس جديداً أن أكتب عن إعجابي الصادق بما تشهده الإمارات من تنمية متواصلة على أكثر من صعيد. وأكتب هذا الكلام عن خبرة ومعايشة طويلة وليست وليدة لحظة أو زيارة عابرة. للتو أعود من “سفرة طويلة” شملت البرازيل وفرنسا. اكتشفت خلال رحلتي أن الإقامة في الإمارات قد رفعت كثيراً من سقف توقعاتنا. في باريس تنتظر أحياناً لساعات قبل أن توفق بتاكسي فيما يأتيك في دبي بلمحة بصر. والانتظار الطويل في طوابير المطارات التي مررت بها يضطرني فجأة للمقارنة بمطارات الإمارات حيث لا تستغرق المسألة سوى دقائق قصيرة إلا وأنت خارجها. وكلما انتظرت طويلاً لتفعيل خدمة الإنترنت البطيئة في أكثر من مكان مررت به خلال رحلتي قلت: الله عليك يا الإمارات! وحينما كنت أقود سيارتي في شوارع باريس، وكنت على أعصابي خوفاً من فوضى السير من كل اتجاه، هدأت من روعي وقلت: كلها أيام وأعود لمتعة القيادة في شوارع دبي وبين دبي وأبو ظبي. هذه الأمثلة ليست “تفاصيل صغيرة”! تلك من صميم التنمية التي يريد البعض أن يختزلها في “الكلام الكبير” عن السياسة وصراع التيارات. أو يجعلها في مرتبة لاحقة بعد همومه “الأيديولوجية”!إنها -التنمية- تمس حياة الإنسان اليومية وتنعكس على كل دقيقة في يومه. وهي تبدأ من توفر الخدمات الراقية في منزله ولا تنتهي عند أدائه الوظيفي. فالمعاملة التي تأخذ أحياناً أشهراً…

مؤتمر للتضامن الإسلامي

الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٢

الدعوة السعودية لإقامة مؤتمر استثنائي للتضامن الإسلامي في مكة المكرمة تعيد للسياسة الخارجية السعودية وهجها. هذا المؤتمر في غاية الأهمية لأن الظرف العالمي الراهن في غاية التعقيد، (تحديات اقتصادية مستمرة وانقسام في المواقف الدولية حيال ما يحدث في العالم العربي وفي سوريا تحديداً). الدور السعودي، خصوصاً فيما يحدث على مستوى المنطقة، مهم وحاسم في كثير من المواقف. وأهمية الدور الاقتصادي للسعودية في التأثير الإقليمي والعالمي يوازيه مصدر آخر للقوة، ربما أكثر أهمية، ألا وهو قيادتها الروحية للعالم الإسلامي. ولهذا يمكن أن نقرأ دعوة المملكة لمؤتمر استثنائي للتضامن الإسلامي كخطوة جيدة لإحياء مصدر مهم من مصادر قوة السياسة الخارجية للسعودية. لا يمكن أن تترك ورقة التضامن الإسلامي لعبة من ألاعيب “السياسة الخارجية” الإيرانية أو التركية فيما المملكة هي الأجدر والأصدق في محاولات “لم الشمل” الإسلامي. منذ عهد الملك المؤسس والمملكة لاعب فاعل في السياسات العربية والإسلامية. وجدارتها في قيادة العالم الإسلامي لا تأتي فقط من مكانتها الروحية للعالم الإسلامي ولكنها أيضاً تنبع من حنكتها السياسة وقدرتها في “لم الشمل” الإسلامي. ولهذا فإننا دوماً نلح أن تبقى المملكة “حاضنة” لكل المسلمين مهما تنوعت مذاهبهم ولغاتهم ومواقفهم. وفي السياسة الخارجية، من حق الدول أن تستثمر في كل الأوراق التي تجيد التعامل معها. وبما أن منطقتنا تمر اليوم بتحولات مهولة -وفي غاية الخطورة- فإن…