الخميس ٣١ يناير ٢٠١٩
خاص لـ هات بوست : زيارة بابا الفاتيكان، قداسة البابا فرنسيس، إلى الإمارات العربية ستكون الأولى في تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي، فلم يسبق لأي من باباوات الفاتيكان زيارة أي من دول الخليج العربية. لكنها زيارة تأتي في التوقيت الصحيح والى البلد الصحيح. فمن ناحية التوقيت، أطلقت دولة الإمارات منذ سنوات مجموعة كبيرة من المبادرات والمؤسسات والفعاليات التي تُعنى بالتسامح والسلام وإصلاح الخطاب الديني وتجديد الأفكار والمفاهيم وحوار الأديان وتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.. وقائمة طويلة من المشاريع الحضارية المهمة على أصعدة الانفتاح الإيجابي على الآخر. اليوم، نحصد ثمار هذه الجهود الكبيرة إذ بدأت عملياً تؤتي أُكلها، وأكبر دليل على ذلك هذا التنوع المبهر للملايين من المقيمين في دولة الإمارات، من مختلف البلدان والأديان والثقافات، وما شهدته وتشهده الإمارات بشكل دائم من فعاليات تؤسس لثقافة قبول الآخر والتفاهم والتعايش بين المذاهب والأديان. آخر هذه الفعاليات، منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي مازال أغلب ضيوفه القادمين من مشارق الأرض ومغاربها، ومن كافة الأديان والطوائف، موجودين اليوم في ربوع أبوظبي. فمن كان يتخيل، قبل عشر سنوات، أن تجتمع هذه القيادات الدينية المختلفة في العقائد والتجارب والرؤى في مكان واحد – في بلد عربي - لتبحث في المشتركات الإنسانية التي من شأنها أن تعزز مفاهيم التعايش والمواطنة والتسامح والإخاء الإنساني؟ توقيت الزيارة…
الأربعاء ٣٠ يناير ٢٠١٩
خاص لــ (هات بوست) اسبوع الإستدامة، المقام سنوياً منذ 11 عاماً في أبوظبي، يُعد حدثاً عالمياً بكل المقاييس بموضوعاته وضيوفه وجوائزه ومعارضه المصاحبة، خاصة ان (الطاقة) أصبحت محوراً مهماً – إن لم يكن الأهم – في حوارات الإقتصاد والسياسة والمستقبل. لكن إسبوع الإستدامة هذا العام كان بحق إستثنائياً لبعد آخر شهده العالم كله بإعجاب وتقدير. هذا البعد هو الجانب الإنساني العظيم في شخصية وحضور راعي الحدث، الشيخ "الإنسان" محمد بن زايد. فما ان بدأ السلام الوطني، في صبيحة إفتتاح إسبوع الإستدامة لهذا العام، الإثنين، 14 يناير الحالي، حتى ركزت كاميرات الإعلام على لحظة إنسانية نادرة، غزت فيها الدمعة عيني محمد بن زايد وهو يشاهد كوكبة من أصحاب الهمم يؤدون النشيد الوطني الإماراتي بلغة الإشارة. يا لها من لحظة إنسانية إستثنائية لخصت فيها دموع (بو خالد)، الغالية على شعبه ومحبيه، عمق المشاعر الإنسانية تجاه فئة غالية من المجتمع لم تمنعها "الإعاقة" من التعبير الصادق والمؤثرعن حبها لوطنها وقادته. وحينما هرعت إحدى أصحاب الهمم، من المشاركين في النشيد الوطني، نحو الشيخ محمد بن زايد عانقها سموه بأبوبة حانية ومشاعر صادقة دمعت لها أعين كثيرة في الإمارات وخارجها. وتبعها، بعد لحظات، عناق آخرعلى المنصة، أثناء تكريم أحد الفائزين من غانا بجائزة زايد للإستدامة الذي كسب، في ذات الوقت، الجائزة وعناق صادق من قائد…
الأحد ٠٥ أغسطس ٢٠١٨
خاص لـ هات بوست : دبي، مدينة الحياة والإبداع والفرح، عٌرفت باسم "دار الحي".والحي هنا تعني الإنسان الإيجابي المتفائل الطموح المنتج والعاشق للحياة..وهكذا كانت دبي وما زالت جاذبة لأصحاب الأفكار الخلاقة والطموحات الكبيرة والمشاريع الرائدة. دبي، حتى في أصعب الظروف الإقتصادية، الإقليمية والعالمية، صمدت وتجاوزت كل أزمة اقتصادية، بل وخرجت منها أقوى وأكثر جاذبية للمستثمرين من حول العالم. أتعرف لماذا تفوقت دبي حتى خلال أشد الأزمات الإقتصادية؟ لأنها فعلاً "دار الحي"؛ قيادتها حية، مجتمعها حي؛ نظامها حي، وكل مقيم فيها لابد أن يأخذ نصيبه من حيويتها ونشاطها وتحديها لكل الظروف. في الأزمة المالية العالمية، خلال عامي 2008 و 2009، عشت تجربة دبي مع تلك الأزمة وشهدت بنفسي كيف تعاطت دبي مع كل الإشاعات والأكاذيب والأخبار الملفقة وتلك العناوين الحاسدة: "إفلاس دبي" و"نهاية دبي" و.. و..! كنا نقرأ، باستغراب واستهجان، مبالغات الصحافة البريطانية وشماتة البعض في الصحافة العربية، ولكن كانت ثقتنا في دبي أصدق من كل الأكاذيب حول دبي. أتعرف لماذا؟لأن من عاش في"دار الحي" كان يعيش صمود دبي وتجددها وحيويتها وإصرار حاكمها الفذ ليس فقط على مواجهة الأزمة بل على مواصلة مسيرة التميز والتفوق. ثم ماذا؟ خرجت دبي من تلك الأزمة أقوى اقتصادياً وأكثر جاذبية للإستثمار والسياحة! في عز الأزمة الاقتصادية، عام 2009، ردت دبي على أكاذيب البعض في صحافة…
الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٨
القائد العظيم الذي حقق بالإقناع وتغليب المصالح ما يشبه المستحيل حينما أسس دولة الإمارات العربية المتحدة، إنما أسس لدولة الخير، تلك التي تسعى لخير الأمم، قريبة وبعيدة، وحل مشكلات حدودية أرهقت الدول وأهدرت موارد الشعوب. ليس غريباً على ذلك القائد الاستثنائي أن يأتي أبناؤه من بعده ليعززوا ذلك المبدأ ويصبحوا من رموز الخير لشعبهم والشعوب المجاورة. فرق شاسع بين دولة تسعى لخير الشعوب ودول أهدرت مقدرات شعوبها لخلق الفتن والحروب في محيطها وأبعد منه. فرق ما بين الأرض والسماء بين دولة تبني مشاريع تنموية عملاقة، وتسعى جاهدة ليعم الأمن والسلام والاستقرار منطقتَنا والعالم، ودولة لا همَّ لها إلا خلق مزيد من الحروب وصب الزيت على نيران الفتن الطائفية وإشعال فتيل الحروب والدمار أينما وكلما سنحت لها فرصة. تأملت ردات فعل العالم على المصالحة التاريخية التي أنهت عشرين عاماً من الخلافات والحروب المنهِكة بين إثيوبيا وإرتيريا، وكان اسم الإمارات العربية المتحدة، عرّاب المصالحة التاريخية، العنوان الأبرز لهذه المصالحة. وليس خافياً على متابعي التطورات الإيجابية في القرن الأفريقي، الدور الكبير الذي لعبه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لتحقيق هذه المصالحة بين إثيوبيا وإرتيريا، وأهمية هذه المصالحة على أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي كلها. ولننظر لهذه المسألة بعين الواقعية والمصلحة: إثيوبيا دولة محورية ليس فقط في محيط القرن…
الإثنين ١٠ يوليو ٢٠١٧
استيقظ السعوديون صباح الواحد والعشرين من يونيو 2017، على خبر مهم قد يكون نافذتهم على مستقبل مختلف، أكثر استقراراً للمملكة العربية السعودية، حيث أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبموافقة 31 من أصل 34 من أعضاء هيئة البيعة، الجهة المنظمة لوراثة العرش في البيت السعودي، أمراً ملكياً بتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان (31 عاماً) ولياً للعهد في بلد يشكل الشباب فيها 70% من السكان. لماذا يُعد هذا الحدث ساراً للسعوديين ولأصدقاء المملكة؟ ما أنجزه الأمير الشاب، محمد بن سلمان، في سنتين يعد عملاً خارقاً. لقد أحدث بالفعل تغييراً كبيراً في فكر السعوديين، وخاصة في نظرتهم للاقتصاد، فالسعوديون اللذين طالما اعتبروا أن البترول هو رافدهم الاقتصادي الأول وشبه الأوحد، صاروا اليوم يتحدثون بشكل إيجابي وعملي عن اقتصاد ما بعد النفط. وتَعدُ رؤية السعودية 2030، التي تبناها ويديرها الأمير الشاب، السعوديين بنقلة نوعية في مستقبلهم. هذه الرؤية ستؤسس لعقلية اقتصادية مختلفة عن فكرة الدولة الريعية التي سادت خلال الستين عاماً الماضية في المجتمع السعودي. وعلى الصعيد الاجتماعي، بدأ السعوديون يلمسون حراكاً مختلفاً ينسجم مع تطلعات الشباب وضرورات التحول الاقتصادي، فهناك انفتاح كبير على مشاريع الترفيه المختلفة. واليوم بإمكانك أن تستمتع بحفلات موسيقية متنوعة وعروض كوميدية وغير ذلك في المدن الرئيسية في المملكة. كما ينتظر السعوديون افتتاح صالات السينما…
الأحد ٢٥ يونيو ٢٠١٧
هل استغلت جماعة الإخوان المسلمين إصرار الشيخ حمد بن خليفة، أو الأمير الأب، على نشر الفوضى في العالم العربي من أجل توسيع نفوذه على مستوى المنطقة وهي بهذا تُجيّره لصالح مشاريعها دون أن يدري؟ أم أن الأمير الأب وجد في «الجماعة» مطية يحقق عبرها طموحاته السياسية التي تقوم على خلق الفوضى وتغيير الأنظمة؟ أو بشكل آخر: من يستغل من؟ في تقديري إنها ليست علاقة مريبة تلك التي تربط بين الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وجماعة الإخوان المسلمين. وليس من باب «الحرب الإعلامية» أن يقال باحتمال انضمام الشيخ حمد فكرياً وسياسياً، منذ زمن طويل، لتلك الجماعة المستعدة دائماً للتحالف حتى مع الشيطان في سبيل تحقيق أهدافها التخريبية. ومهما قيل عن تقلبات الأمير الأب في توجهه السياسي، من ناصري إلى بعثي إلى إخواني، يبقى واضحاً أن سلوكه السياسي خلال العشرين سنة الماضية متأثر بشكل كبير بفكر الإخوان وتناقضاتهم وحيلهم. وجليّ لمتتبع مشاغبات وجنون السياسة الخارجية لدولة قطر منذ عام 1996 أن قطر عملياً تنفذ أجندة إخوانية. في المدرسة السياسية الإخوانية يمكنك ركوب أي موجة وبإمكانك عقد صفقات مع كل الأطراف المتحاربة والمتناقضة، بل يجوز لك أن تفعل ما تشاء، ما دام أنك تسعى لهدفك الأول والأخير: السلطة والتوسع والهيمنة ونبذ الآخر! ووفقاً لهذه المدرسة كل شيء يجوز. وبشيء من «الفهلوة السياسية»،…
السبت ٢٤ يونيو ٢٠١٧
في كل مرة أجلس فيها مع الدكتور محمد شحرور وأستمع له متحدثاً عن قراءته المعاصرة للتنزيل الحكيم، برؤية مختلفة وتفكير خارج عن المعتاد ومناقض - أحياناً كثيرة - لما في حكم المسلمات المتوارثة، أتساءل: لماذا يخاف البعض في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من التجديد والاجتهاد في قراءة النص القرآني؟ الدكتور محمد شحرور، وعلى مدى خمسين عاماً، أسس لمشروع فكري مختلف يعيد عبره قراءة التنزيل الحكيم بفكر ولغة العصر، وفي ذلك تأكيد لأن فهم القرآن الكريم ليس خاصاً بجيل معين أو زمان محدد، وإنما تحتاج معانيه وأفكاره لقراءات مستمرة وعبر أزمنة مختلفة. أي أن كل جيل يستطيع قراءته وتفسيره، وفقاً لمعطيات عصره وفي ذلك وجه من وجوه عظمة هذا الكتاب الكريم. المؤسف أن أغلب من ينتقد محمد شحرور، خصوصاً بعد إصدار كتابه الأول «الكتاب والقرآن»، عام 1990، قليلاً ما ناقشوا الفكرة بدلاً من «شخصنة» النقد أو البحث في تخصص الدكتور شحرور الأكاديمي أو قضايا أخرى ليست في صميم ما يطرحه محمد شحرور في قراءته المختلفة للتنزيل الحكيم. د. محمد شحرور يسعى خلال مشروعه إلى قراءة التنزيل الحكيم بعقل من يقرأه، في زماننا المعاصر أو حتى في العصور القادمة. وما يميز د. شحرور في مشروعه المهم أنه يفرق بين البحث القائم على النقل والبحث القائم على العقل. من العقل، عند د. شحرور، أن…
الثلاثاء ١٨ أبريل ٢٠١٧
كانت الكتابة، وما زالت، عندي بلسماً من كل أوجاع الحياة، تبحر بك بكل هدوء نحو عوالم التأمل والتفكير والتعبير، تحفزك على الاطلاع والقراءة والبحث عن فكرة جديدة. وتزداد متعة الكتابة (وقيمتها) حينما يشهد الكاتب ما تحدثه من أثر أو حراك أو جدل! وهج الكتابة يأتي من ردات الفعل على ما يكتبه الكاتب ويثيره من حوار ونقاش وجدل، ويزداد ذلك الوهج حينما تسهم الكتابة في التغيير أو التطوير أو علاج خلل. تأتي الكتابة أحياناً مثل ذلك الحجر الذي يحرك الماء الراكد، أو كصرخة توقظ النائم أو اللاهي من خطر داهم، ثم تتحول الكتابة إلى إدمان جميل حينما يجد الكاتب صدى لما يكتبه، وحينما يكتب وفكره غير ملوث بمخاوف من مقص رقيب حكومي أو اجتماعي، وحينما تصبح قناعة راسخة لدى صاحبها بأنها ستعطي أُكلها - لصالح المجتمع - وإن بعد حين. وهكذا، كانت الكتابة أداة مهمة من أدوات التفكير والتنمية، ومساهماً كبيراً في صناعة الوعي. ولكنني، وفي زمن التواصل الاجتماعي، ألح في السؤال: ما فائدة الكتابة «التقليدية» اليوم؟ وأي أثر يتركه مقال صحافي، مهما تحلى بالجرأة والصدق، في زمن انشغل فيه الناس بأجهزة الهواتف الذكية، وأدمنوا «الرسالة» المختصرة؟ وكيف لك أن تشرح فكرة معقدة من خلال خلاصة خلاصتها، أو كما يقول المسؤول المنشغل دائماً، أو الملول: «عطنا الزبدة»؟ أنا ضد الإطالة التي…
الجمعة ٠٤ نوفمبر ٢٠١٦
على مدار العام، تشهد دولة الإمارات عدداً هائلاً من الفعاليات والندوات والمؤتمرات المبهرة في محتواها وحضورها وتنظيمها. تصل بك الحالة أحياناً إلى حد الحيرة: كيف يمكن أن تحضر أكثر من فعالية في اليوم ذاته؟ خلال الأسابيع القليلة الماضية، حضرت عدة فعاليات مهمة في كل من أبوظبي ودبي والشارقة. كما شاركت في عدد من ورش العمل التدريبية في إمارة عجمان، لأكتشف من جديد أن عجمان تستعد بقوة للدخول في مرحلة تنموية مبهرة جديدة. العامل المشترك في جميع هذه الفعاليات الكثيرة كان جودة المحتوى ودقة التنظيم وتنوع المواضيع وعمق النقاش. وأستطيع القول بكل ثقة إن المعرفة صارت صناعة احترافية بامتياز في دولة الإمارات. فهذا العدد الكبير من المتحدثين والمشاركين، القادمين من إمارات الدولة ومختلف أنحاء المنطقة، بل ومن خارجها، لا يقتصر إسهامهم على الاقتصاد المحلي فحسب، وإنما على صناعة المعرفة ذاتها، وتلك من أساسيات اقتصاد المعرفة الذي تتنافس عليه الدول الكبرى اليوم. تسير الإمارات بخطى حثيثة نحو التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة، فالسياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار تتضمن 100 مبادرة باستثمارات تبلغ أكثر من 300 مليار درهم. وكما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، فإن الإمارات لا تسعى إلى نقل المعرفة بل إلى ترسيخها…
الأربعاء ٢٨ سبتمبر ٢٠١٦
جريمة بكل المقاييس تلك التي حدثت أمس أمام قصر العدل في عمان وقتل فيها – عن سابق عمد وترصد – الكاتب الأردني ناهض حتر. وهل الأردن العزيز بحاجة لمزيد من المشكلات والتحديات والإرهاب؟ أما وقد وصلت قضية الكاتب اليساري حتر الى المحكمة فكيف يمكن للباحثين عن أعذار وتبريرات للجريمة أن يناموا مطمئني الضمير؟ أسوأ من الجريمة نفسها تبرير الجريمة، أم أن "الهمجية" أصبحت ثقافة سائدة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية حيث يعبر الغاضب عن غضبه بالقتل والنحر والتفجير والإرهاب؟ وكيف لبعضنا أن يعود لتكرار الإسطوانة إياها: داعش لا تمثل الإسلام بينما فكر داعش – بأشكال ودرجات مختلفة – ما زال سيد المشهد؟ نعم.. لا داعش ولا قاتل ناهض حتر يمثلان سماحة الإسلام ورحمته التي لا يعرفها المتشددون والمتعصبون والمتطرفون، ولكن السؤال الكبير هو كيف لقطاع واسع من شباب الأمة أن يرى الوجه الإنساني والحضاري للإسلام بينما المتشددون هم سادة المشهد عبر خطبهم ومنصاتهم التحريضية؟ الجريمة التي ارتكبها قاتل حتر هي آخر الخيط لا أوله، فما سبقها من عوامل أسهمت في تشكيل فكر القاتل هي الخطر الحقيقي، فكيف لنا أن نوقف الكارثة ما دامت المؤسسات الدينية – الرسمية تحديداً – في أكثر من بلد تدور في حمى فكر التشدد والانغلاق والإقصاء؟ لم تعد الدعوة لإصلاح أو تقنين الخطابات الدينية هماً يتناوله المثقفون…
الأربعاء ١٧ أغسطس ٢٠١٦
في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كنت طالباً بجامعة جورجتاون في العاصمة الأميركية واشنطن. وفي إحدى المواد كان النقاش حول التعليم ومعنى حظر تدريس مواد دينية في المدارس العامة بأميركا، إذ ُيمنع تدريس هكذا مادة في أي مدرسة حكومية، لأن القناعات الدينية مسألة خاصة لا تفرضها الدولة ولا ترعاها. من حق الإنسان أن يعتنق ما يشاء من دين أو فكر ومن حق الآباء والأمهات تدريس أبنائهم معتقداتهم الدينية في البيت أو في الكنائس والمساجد. ومن واجب الدولة أن تحمي حق المعتقد الديني والفكري شريطة ألا يسعى أي أحد (فرد أو مؤسسة) لفرض معتقده على الآخرين وألا يدعو أو يقود إلى العنف. في ذلك الحوار أيام الجامعة لفتت انتباهي الإشارة إلى أن اليابان عمقت تدريس الأخلاق في مدارسها من خلال مادة «الأخلاق» المقررة ضمن المنهج الدراسي ما قبل الجامعي منذ أكثر من مئة عام حينها. وهنا تأتي الأخلاق كقيم مشتركة وسلوك عام، في البيوت والشوارع والميادين العامة وأماكن العمل. ماذا يهمني إن كنت مسيحياً أو مسلماً أو هندوسياً أو لا دينياً؟ هذا شأن يخصك أنت وحدك وهذه علاقة خاصة بينك وبين ربك والله وحده من يحاسب الناس على قناعاتهم وإيمانهم. في العالم العربي تبدو المسألة أشد تعقيداً. فالدين يجري في عروقنا مجرى الدم حتى وإن لم نكن متدينين. فالثقافة والوعي العام تنطلق…
السبت ١٠ أكتوبر ٢٠١٥
التفكير المؤدلج ينطلق أصلاً من أفكار معلبة لا تخضع لتحليل أو نقد أو مراجعة. تؤخذ كمسلّمات غير قابلة للنقاش أو الاختلاف. تُتداول كمقدسات يسهل تكفير أو إقصاء من يختلف معها أو يعمل على تفكيكها. لهذا يصبح "الحوار" مع الإنسان المؤدلج مضيعة للوقت لأنه غالباً يعامل الآخرين من موقف قطعي، إما أسود أو أبيض، معي أو ضدي. الحق المطلق معه والباطل الواضح عند من يخالفه. للأسف يبقى خطابنا الديني في العالم العربي تحديداً هو المؤثر في طريقة التفكير لدى قطاع واسع من الناس، ولعله أسّس لهذه الحدة في التعامل مع الرأي المختلف. فثقافة الإقصاء الصريح المهيمنة على المشهد العربي ليست وليدة الأحداث الراهنة، فهي تشكّلت وتعمّقت على مدى قرون تم خلالها توظيف الدين للهيمنة وقمع الرأي المختلف، وقد وُصِمت محاولات فردية لتفعيل العقل بالتكفير والإقصاء بحجة أنها تُوقع في "حبائل الشيطان"! والطريف أن كثيراً من أسماء "الأعلام"، التي يتباهى بها المسلمون عند الحديث عن إسهام المسلمين في الحضارة الإنسانية، عانت من ويلات المسلمين الكثير. كُفرت وشُردت وقُتلت. وما مآسي علماء المسلمين ومفكريهم على أيدي المسلمين أنفسهم (ابن سينا وابن رشد وابن عربي، على سبيل المثال)، إلا شواهد على محاربة المؤدلجين دينياً لكل صوت يدعو للتفكير الحر والانفتاح على الآخر والبحث في آفاق المستقبل. وما يحدث اليوم ليس سوى حلقة متأخرة من…