منير يونس وحزب الله!

آراء

ببعض عتب، تواصل معي زملاء وأصدقاء من الوسط الإعلامي، ممن أحترمهم وأثق بآرائهم، مستغربين تغريدة كتبتها على ضوء ما انتشر حول عمالة مدير تحرير صحيفة القبس الكويتية،منير يونس، لحزب الله. 

الخبر المتداول أنه تم ترحيل يونس من الكويت بناءً على معلومات مؤكدة بارتباطاته مع حزب الله، سياسياً ومالياً. وللأمانة، لم يصدر حتى لحظة كتابة هذا المقال، بيان رسمي يؤكد أو ينفي هذه التهمة لكن الواضح لي، من مصادر أثق بها، أنه تم ترحيله إلى بلده بشكل عاجل. ومن هنا جاء تعليقي، مثلي مثل عدد من المغردين، متسائلاً ومستغرباً كيف يُرحل متهم بالتجسس من دون محاكمة وعقوبة؟ ولعل من أسباب التعبير والتعليق بشيء من الغضب حقيقة أن لحزب الله سوابق في إرسال بعض أعوانه للعمل في دول الخليج من أجل التجسس وممارسة نشاطات مالية تسهم في دعم هذا الحزب الإرهابي الذي يخطط ويعمل لضرب مصالح دولنا وإشعال فتيل الفتنة بين أهلنا.

أما عتب الأصدقاء من الوسط الصحفي فكان عن إقحام صحيفة “الشرق الأوسط” في موضوع لم تكتمل تفاصيله بعد، وكل علاقة صحيفة العرب الدولية المرموقة بالقصة هي أن المتهم يعمل معها كمراسل متعاون، باسم مستعار. جل العتب كان على كلمة “تواطؤ” الواردة في التغريدة، وكأنها اتهام صريح للصحيفة بالتواطؤ مع المتهم. وفي هذه النقطة تحديداً لابد من توضيح واعتذار صريح، فـ”الشرق الأوسط” مشروع إعلامي مهم أدى ويؤدي أدواراً إعلامية مهمة ضد الدعاية المسمومة التي توجه ضد بلدنا، وتمولها مؤسسات قطرية وإيرانية وتركية.

وقبل ذلك وبعده تبقى “الشرق الأوسط” صحيفة مميزة بمهنيتها العالية في الخبر والتحقيق والرأي. تهمة اختراق عملاء حزب الله لصحفنا ومؤسساتنا الإعلامية والمالية وغيرها مسألة مؤرقة للغاية، لأن هذا الحزب الإرهابي أداة إرهابية في يد المرشد الإيراني وحرسه الثوري الذي يعلن عداوته لبلداننا، ولا يخفى علينا اليوم مخطط تصدير الثورة الذي تبنته إيران منذ ثورة الخميني المشؤومةأواخر 1979 ومازال من أهم استراتيجيات طهران التوسعية إلى يومنا هذا. ولهذا تزداد حساسيتنا من أي شك أو تهمة أو حدث ذا علاقة بحزب الله.

بالطبع هذا لا يعطينا الحق في رمي التهم جزافاً أو الاستعجال في التعليق على حساب الحقيقة. ولهذا أتفق تماماً مع الزملاء الذين قالوا إن تهمة الجاسوسية هي من صميم عمل المؤسسات الأمنية وليست شغل المؤسسات الإعلامية. لكني في هذا السياق أصر على أهمية أخذ الحيطة والتدقيق في كل متقدم للعمل في أي مؤسسة إعلامية أو مالية أو غيرها. وموضوع “التواطؤ” المعني في تغريدتي كان حول استخدام منير يونس اسماً مستعاراً لنشر تقاريره الاقتصادية في الشرق الأوسط مسبوقاً ب (لندن)، كما لو كان من فريق التحرير في مقر الجريدة الرسمي، ولم يكن القصد التواطؤ في أي عمل تجسسي ضد الكويت أو أي دولة خليجية.

أتفهم أن تستعين بعض صحفنا بمراسلين متعاونين تحاسبهم بالقطعة أو بمبلغ شهري مقطوع من دون أن يكونوا متفرغين تماماً للعمل في تلك الصحيفة. لكنني في الوقت ذاته من مدرسة لا تحبذ كتابة التقارير الصحفية بأسماء مستعارة لأن معرفة هوية المراسل الحقيقية جزء من مصداقية ما ينشره، لكن يبقى هذا الرأي شخصياًوقابلاً للنقاش.

وفي حالة منير يونس، أو مطلق منير، كما يظهر اسمه مع تقاريره الاقتصادية في “الشرق الأوسط”، يبقى وجوده في موقع قيادي لصحيفة مهمة مثل القبس، وتعاونه مع صحيفة تشكل علامة فارقة في تجربة الصحافة العربية، محل قلقنا وخوفنا من نجاح ميليشيا حزب الله في اختراق مؤسسات إعلامية خليجية مهمة. هذا بالتأكيد لا يعني اتهام تلك المؤسسات بأي دور في هذا الاختراق، فكما ذكر زملائي الذين تفضلوا بالتواصل معي، تلك مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها. وأضيف أيضاً أن من العدل، بل من الواجب، ألا نعمم القلق إزاء زملاء محترمين من لبنان أو غيرها لمجرد أن أحد أبناء بلدهم تواطأ مع حزب الله أو غيره. فاللبنانين أنفسهم أكثر من تأذى بمؤامرات حزب الله و إرهابه. وأنا أدرك أيضاً ان عدداً مهماً من القامات الإعلامية المحترمة، من لبنان وغيرها، أسهموا مع زملائهم السعوديين في بناء مشاريع إعلامية سعودية عملاقة ومنها صحيفة “الشرق الأوسط” ذاتها.

وعلينا أيضاً أن نتذكر دائماً أن إيران وأتباعها يسعون لتعميق الفجوة بين السنة والشيعة في العالم العربي، ويبذلون قصارى الجهد لتوسيع دوائر الريبة والشك بين الناس، ويهدرون الأموال والجهد من أجل نشر الكره الطائفي بين أبناء البلد الواحد.

وأختم بفكرتين: الأولى، إذا ما ثبتت تهمة العمالة أو التجسس ضد أي مقيم، نتمنى ألا تكون العقوبة بالترحيل المفاجئ، وإنما بمحاكمة وعقوبة توازي الجرم. والنقطة الثانية هي تكرار الاعتذار من زملائي وأصدقائي في “الشرق الأوسط” وقراء الصحيفة، وأنا من أقدمهم، إزاء إقحام اسم صحيفتهم الغراء في تغريدة كان دافعها الغيرة الوطنية والقلق العميق من مؤامرات حزب الله ضد أمن أوطاننا.