الجمعة ٠٩ نوفمبر ٢٠١٢
من أيد وتعاطف مع شباب الربيع العربي ليس مطالباً بالضرورة أن يصفق لكل نتائج الربيع، بل إن ممارسة النقد إزاء نتائج الربيع العربي مسألة ملحة لكيلا نصنع -بالتصفيق والتمجيد- ديكتاتوريات جديدة مكان سابقاتها. فهل ثار الشباب في تونس ومصر من أجل سواد عيون الغنوشي ومرسي؟ إنهم ثاروا ضد الاحتكار والفقر والمهانة وتردي الأحوال. وسيثورون مجدداً إن عادت بهم ثورتهم إلى نفس المربع. فهل يخرج السجين من سجن قديمة جدرانه ليدخل لسجن جديدة جدرانه؟ أم يثور السجين من أجل تحسين أوضاع سجنه واستبدال سجانيه؟ حتى في أعرق ديمقراطيات العالم، النقد صمام أمان لحقوق الناس، ولولا النقد لفسد حتى أكثر الناس إيماناً بالديمقراطية. وإن لم تدرك جماعات الحكم الجديد في بلدان الربيع العربي أن ثمة عيونا تراقب سلوكها وترصد أخطاءها فإنها ستتمادى في غرورها حتى تؤمن أن السلطة غنيمة من غنائم الربيع. كثيرنا صفق وتعاطف مع شباب الربيع العربي. لكن هذا لا يعني أبداً أن تستمر حفلة التصفيق إلى الأبد؛ وإلا ما الفرق بين ما قبل الربيع وما بعده؟ ماذا لو تمنى الناس العودة إلى ما قبل الربيع نتيجة لتردي الأوضاع واستمرار الاحتكار ولكن -هذه المرة- تحت غطاء الدين وشعارات لا تبيع غير الوهم؟ قد نؤيد الأسباب لكن هذا لا يعني أن نحتفي بالنتائج. بل إنها مسؤولية أكثر أهمية أن تبقى عين…
الخميس ٠٨ نوفمبر ٢٠١٢
ظلت جماعات الإسلام السياسي لعقود تبيع الناس وهماً بأنها هي الحل لكل مصائب الأمة وإحباطاتها. وجاء شعار «الإسلام هو الحل» خدعة تتلاعب بعواطف الناس وتوقها لمنقذ يخرج الأمة من حالة الهزيمة المتجذرة في الوعي وينقذ الناس من تلك السوداوية القاسية تجاه كل شيء. ولأن الناس لم تجرب حكم جماعات الإسلام السياسي من قبل فصدق كثيرون خطابات الإسلاميين الفضفاضة ووعودهم الكبيرة. المشكلة أن الإسلام السياسي لم تتح له فرصة عملية ليكشف للناس عن حقيقته. ثم جاءت الفرصة الذهبية مع الربيع العربي وقطف الإخوان في تونس ومصر ثمار الربيع، صحيح أنهم شاركوا في الحراك لكنهم لم يكونوا الوحيدين في تأسيس وتفعيل ذلك الحراك. لكن وصولهم للسلطة جاء أيضاً فرصة مهمة كي يكتشف المتعاطفون معهم أن الكلام في السياسة غير ممارسة السياسة. فما ثار ضده الشارع في تونس ومصر بات ممارسة معتادة مع الأحزاب الحاكمة حالياً. هاهم الإخوان في مصر يتجسسون على مكالمات الناس الهاتفية ويسعون لتدجين القضاء ويضيقون على مخالفيهم في الفكر والمعتقد. إنهم -بمعنى آخر- يمارسون السياسة التي ثار الشارع ضدها. الأخطر أن أولى ضحايا اللعبة السياسية الجديدة في بلاد الربيع العربي هي التنمية بمعناها الشامل -البنى التحتية، بناء المؤسسات، ضمان الحريات- بسبب الانشغال بتصفية الحسابات بين بعض قيادات الجماعة من جهة ومع الخصوم من التيارات السلفية والليبرالية والمستقلة من جهة…
الأربعاء ٠٧ نوفمبر ٢٠١٢
نجح الأمير محمد بن نايف في قيادته للحرب ضد الإرهاب وجماعات العنف في بلادنا على مدى سنوات. تحديات اليوم الأمنية متشابكة ومعقدة. لا يمكنك أن تنتصر في جبهة وتنهزم في جبهات. وهنا التحدي القادم أمام أجهزة الأمن السعودية، فحوادث المرور المرعبة جبهة. وتهريب المخدرات جبهة خطيرة تقود إلى جبهات أكثر خطورة. والسرقات والتعديات على أملاك الناس وانتشار السلاح بين الشباب كلها مخاطر أمنية لا تقل أهمية عن خطر الإرهاب. إعادة هيكلة «الرؤية الأمنية» وفقاً للمعطيات الأمنية الجديدة مسألة ضرورية وملحة أمام الإدارة الأمنية الجديدة. من هنا نأمل أن تترجم نجاحات الأمير محمد بن نايف المبهرة في محاربة القاعدة إلى نجاحات أخرى في الجبهات الأمنية الأخرى. إذ لا يمكن أن نؤسس لمشروعات تنموية ناجحة من دون منظومة أمنية متكاملة تشمل كل ما يمس أمن المجتمع وسلامته. وهذا يتطلب أولاً صياغة فلسفة أمنية تأخذ في الاعتبار التحولات الديموغرافية داخل المجتمع وتدرك حجم التغيير المهول في حراك المجتمع وتحديات اليوم وتقنيات التواصل الجديدة. ولأهمية الأجهزة الأمنية للناس، من مرور ودفاع مدني وأمن طرق وجوازات وأحوال مدنية ومباحث جنائية ومباحث إدارية.. إلخ، فإن علاقة المواطن بالداخلية يومية أو شبه يومية. من المهم تكثيف البرامج التي تسعى لتوثيق علاقات تعاون إيجابية بين المجتمع ومؤسساته الأمنية، ومن المهم معالجة أي نقص في أعداد أفراد وضباط المؤسسات…
الثلاثاء ٠٦ نوفمبر ٢٠١٢
لن أنسى صدمتي وأنا طالب مبتدئ في معهد اللغة بأمريكا حينما سألتني طالبة تايوانية: هل صحيح أنكم في السعودية تستحمون بالنفط؟ ثم عرفت لاحقاً أن بعض الأمريكيين يظن أن في بيت كل سعودي بئر نفط. كيف نقنعهم أنهم بمثل هذا الظن إنما يعبرون عن غبائهم في نظرتهم الساذجة للمجتمع السعودي لو عرفوا أن السعوديين اليوم يستهلكون أكثر من مليوني برميل نفط يومياً؟ مجلس الشورى -يا مال السلامة- يناقش ارتفاع استهلاك النفط في السعودية. وهي خطوة جاءت متأخرة جداً. ومع ذلك يمكننا أن نسأل: بماذا سيشور علينا مجلس الشورى الموقر؟ هل سيكون في صف المستقبل فيخرج لنا توصيات -أو مشورة- تلح على أهمية التفكير جدياً في البدائل القادمة للنفط؟ وهل يمكن أن يشور علينا -وما حيلته سوى المشورة- أن نعمل جدياً على تقليل استهلاكنا المسرف للنفط عبر خطط توعوية جادة ومشاريع عملية في الاستثمار المدروس في طاقة المستقبل؟ الأهم والأخطر مما سبق أن يقتنع بعض صناع القرار عندنا بأن النفط ثروة أبدية وكل ما يقال عن الطاقة البديلة ونضوب النفط ليس سوى «مؤامرة» يهدف أصحابها إلى إرباك خططنا التنموية العملاقة. ولهؤلاء أوجه سؤالي: إن لم نصدق أن عمر النفط لن يتجاوز الأربعين سنة، كم عمره إذن؟ ثمانون سنة؟ مئة سنة؟ مئة وخمسون سنة؟ ثم ماذا؟ سيحاسبنا الأحفاد (إن لم يحاسبنا الأبناء)…
الإثنين ٠٥ نوفمبر ٢٠١٢
في مقابلة حديثة نُشرت في إيلاف، عبّر الإعلامي السعودي اللامع جمال خاشقجي عن امتعاضه من عنصرية بعض السعوديين ضد أهل الحجاز ونعت بعض الأسر الحجازية بـ”طرش البحر”. ولا داعي هنا -أصلاً- لتفنيد هذه العنصرية لأن ذلك قد يدخلنا في باب التبرير. لا يمكن أن نعطي أي تبرير لأي شكل من أشكال العنصرية. ما يهمني هنا -وسبق أن طرحته عبر هذه الزاوية- هو التذكير بضرورة وضع قوانين تحرم وتجرم كل أشكال العنصرية في مجتمعنا. أما إن تركنا المسألة لوعي الناس وارتقائها عن هذه “البغيضة” التي تهدد وحدتنا وتنتشر بيننا مثل النار في الهشيم فلابد لي من القول: ما أطولك يا ليل! من يصف أي إنسان بطرش البحر فإنما يمارس عنصريته بكل وقاحة. هذه -في عرف المجتمعات المتحضرة- جريمة، وبما أنها كذلك فإن القانون يحرمها ويوقع العقوبة على مرتكبها. لا يخلو أي مجتمع من عنصريين، والعنصرية لها ألف شكل، وهي أولاً وآخراً مرض خطير قد يتحول سريعاً إلى وباء تصعب السيطرة عليه. ولهذا فإن علاج هذا الوباء أن نحاصره قبل أن يستفحل. الحل في وضع قانون صريح ضد العنصرية بكل أشكالها. كتبتها من قبل هنا: تحبني أو تكرهني هذا شأنك وحدك. تعتقد أنك الأنقى والأرقى هذا لا يعنيني لا من قريب ولا من بعيد. احتفظ بعنصريتك بينك وبين نفسك. ومجد نفسك وجدك…
الأحد ٠٤ نوفمبر ٢٠١٢
كنا في السابق نستنكر تجمهر الناس في مواقع الحوادث لما يسببه من إعاقة للدوريات وسيارات الإسعاف. اليوم تطور الأمر الى استنكار السرقات في أماكن الحوادث. إنهم يسرقون -وعلناً- ضحايا الحوادث من مصابين ومتوفين. يعلق أحدهم في (تويتر) أنه رأى شباباً يهرعون إلى سيارة انقلبت على الشارع العام، ظن أنهم يسعون لإنقاذ المصابين داخلها، وكانت المفاجأة أنهم سرقوا ما كان مع المصابين وهربوا. كان الفيديو الذي انتشر بعد حادثة صهريج الغاز في الرياض، الذي يصور تجمهر الشباب مكان الحادث بحثاً عما يستحق “السرقة”، يستفزنا للسؤال: لماذا فعل أولئك الشباب ما فعلوه وأمام الكاميرا دون خجل؟ هل الفقر دافعهم؟ أم انتشار ثقافة “العبث” في أوساط الشباب؟ أم هي حالة تعبير عن “فوضى” في مفاهيم القيم والعيب والمسؤولية؟ أين اختفت روح “الفزعة” التي كان كثير من شبابنا يتحلى بها وقت الأزمات وعند الحاجة؟ أمر مخجل أن تصل بنا الحالة إلى مشاهدة العشرات من شبابنا يتجمهرون في مكان انفجار ضخم، أصيب فيه ومات العشرات، وهدفهم البحث عما يمكن سرقته حتى لو كان أقلام رصاص. مرة أخرى نعود ونسأل: أين الخلل؟ هل لأن هؤلاء “الحرامية” واثقون أن عقوبة لن تطولهم حتى وإن سرقوا دون أقنعة وأمام الكاميرا؟ لنكن صريحين: ما لم تكن هناك عقوبات أكثر صرامة ضد من يعتدي على جريح أو ميت في حادث…
السبت ٠٣ نوفمبر ٢٠١٢
مؤلم جداً أن تتكرر حوادث أليمة في مدننا وقرانا بسبب الإهمال في تطبيق ومراقبة شروط السلامة. لا يمكن أن نترك مسائل تمس سلامة المجتمع لرغبة الناس، تطبقها أو تتجاهلها متى ما شاءت. حادثة «صهريج» الرياض قبل أمس لابد أن تكون شاهد فشل كبير في إجراءات السلامة العامة وتطبيق قوانينها. من سمح، ولعقود طويلة، لهذه القنابل المتفجرة تتحرك في شوارع مدننا وبين بيوتنا كل يوم وكل ساعة؟ أم لابد من كارثة كهذه حتى ننتبه لخطر شاحنات الغاز على حياة وممتلكات الناس؟ ما قدت سيارة خلف شاحنة في أي من شوارع الرياض إلا ودعوت الله أن أتجاوزها بسلام. مرة، وعلى شارع الملك عبدالعزيز، رأيت بنفسي شاحنة تقل على سطحها سيارة عطلانة وفي منتصف الطريق تهبط السيارة المحمولة على الشارع أمامي فيما واصلت الشاحنة انطلاقتها دون توقف. حمدت الله أن الشارع لم يكن مزدحماً بالسيارات والناس. وثمة -أنا على يقين من ذلك- عشرات من الأمثلة المرعبة على إهمال الأجهزة المعنية بمراقبة تطبيق شروط الأمن والسلامة في مدننا وقرانا. نحن فعلاً نعاني من «سوء إدارة» على أكثر من صعيد. وما تزايد نسبة الحوادث والجرائم والسرقات والاستهتار بالأنظمة والقوانين إلا مؤشرات خطيرة على «سوء إدارة» تتطلب منا جميعاً وقفة وطنية صادقة للمراجعة والمصارحة! كثيراً ما نسأل: ما الذي ينقص أجهزتنا لتطوير مهارات أفرادها وتوظيف مزيد…
الجمعة ٠٢ نوفمبر ٢٠١٢
بيننا أناس يختزلون تفسير ما يحدث في الكون من كوارث طبيعية في تفسيرين لا ثالث لهما: الابتلاء أو العقوبة! إن أصابتهم كارثة قالوا: ابتلاء. وإن أصابت غيرهم قالوا: عقوبة! كم بيننا من يؤمن إيماناً راسخاً أنه على حق فيما غيره -ممن ليس نسخة منه طبق الأصل- على باطل وفي ضلال مبين؟ تلك عقلية أنا وحدي “الفرقة الناجية” وغيري إلى جهنم وبئس المصير. كثير من هؤلاء هم فعلاً ضحايا ثقافة غرست داخلهم موقفاً عنصرياً وعدائياً من أي “آخر” يختلف معهم في الرأي ناهيك عن الدين أو المذهب. أذكر أن طلاباً من بلادي أيام الدراسة في أمريكا، وبعضهم كان يُحضّر للدكتوراة، كانوا يستمعون لأشرطة وعظية، تصلهم من الوطن الأم، تحذر من “الابتسام” في وجه “الكفار”! وتحثهم على إظهار “الغلظة” ضد الأمريكان في ديار الأمريكان! وسمعت شاباً من بلادي يستنكر على زميله السعودي أنه دعا لزميل دراسة أمريكي بالشفاء من وعكة صحية. كيف نُغيب الوجه الإنساني عن مجتمعنا وثقافتنا وديننا؟ ثم نسأل: لماذا يخافون منا؟ حينما ينشأ المرء على أنه “الأفضل” و”الأتقى” و”الأنقى” فإنما نزرع بداخله موقفاً “عنصرياً” تجاه “الآخر” مما يضر به هو أولاً ويخدعه في نظرته لنفسه ولغيره. من ينشأ على هكذا ثقافة طبيعي جداً أن يفسر أسباب الفيضانات والأعاصير إما “ابتلاءً” يُبتلى به المؤمنون أو “عقوبة” يُعاقب بها العصاة والمفسدون.…
الخميس ٠١ نوفمبر ٢٠١٢
التطورات المهولة في حقل الإعلام الجديد، وما أنتجته تقنيات الاتصال الحديثة من وسائل حديثة في التواصل، لابد أن تغير مفاهيم كثيرة ذات علاقة بإعلام الطوارئ. كيف نتعامل إعلامياً مع الكوارث الطبيعية وغيرها في وقت بات فيه سهلاً تزوير الصورة أو صناعتها؟ إعصار ساندي أبرز خطر التلاعب بالصور التي تنشر كما لو كانت صورة حقيقية ساهمت في نشر الرعب بين سكان نيويورك و ضواحيها. ثم تبين لاحقاً أن هواة أجادوا تلفيق الصورة، عبر برامج سهلة مثل الفوتوشوب، مما يثير أسئلة مهمة حول أخلاقيات التعامل مع التقنيات الحديثة والقوانين المفترض أن تعاقب كل من يسهم في إثارة الرعب والفوضى بين الناس. عربياً، لا تزال الصورة محور جدال في الصراع المرعب الدائر حالياً في سوريا. دبلجة الصوت وتلفيق الصورة صارت من أدوات الحرب الطاحنة بين المتصارعين سياسياً وفي ميادين القتال. وفي المجتمعات التي تنتشر فيها سريعاً الإشاعات وأخبار الفضائح، بات مهماً البدء في مشروع تثقيفي يحذر الناس من تصديق المتداول على الإنترنت حتى لو كان بالصوت والصورة! اليوم يستطيع أي فرد، في قرية أو مدينة، أن يؤلف قصة مبهرة في حبكتها وإخراجها، ثم ينشرها لتصبح، خلال ساعات، كما لو كانت «حقيقة» لا تقبل الشك! في هذا الزمن، بالإمكان تقويلك ما لم تقل، وإقناع الناس -وبعظمة لسانك- بأنك قد فعلت ما لم تفعله أصلاً…
الأربعاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٢
تبرز مشكلة الحجاج غير النظاميين وما يرافقها من مشكلات -مثل الافتراش- كل موسم حج. وبصراحة تتحمل الأجهزة الرسمية مسؤولية التساهل والتسامح مع مشكلة حقيقية قد تقود لكوارث. فوق المليون حاج هذا العام -حسب البيانات الرسمية- دخلوا مكة المكرمة هذا الموسم ضد النظام. ولو لم يحج سوى 100 ألف حاج غير نظامي لتسببوا في إرباك النظام وإحداث الفوضى. علينا أن نسأل عمن يتساهل مع الحجاج غير النظاميين ويسهل لهم دخولهم الأراضي المقدسة. وعلينا أن نسأل ما الذي يمنع من إيقاع العقوبة الصارمة ضد كل حاج مخالف، من الداخل أو من الخارج؟ إذا كان المخالف من المقيمين في المملكة فلا أقل من إلغاء إقامته عقوبة لمخالفته أنظمة الحج. وإن كان مواطناً فالسجن والغرامة ربما شكلتا رادعاً له ولأمثاله ممن يظنون أن الحج نزهة يستمتع بها المواطن كل عام. هذه المخالفات -من ضمن مشكلات أخرى- قد تتسبب في وقوع الكوارث وقد تسيء لسمعتنا وتسيطر على المشهد فتضيع كل الجهود الجبارة بدداً. وضع العقوبات الصريحة وتطبيقها بصرامة ضد مخالفي أنظمة الحج ربما يسهم في التقليل من الأخطاء والمشكلات التي نشهدها عند كل موسم حج. ولو لم يعرف حجاج الداخل، من مقيمين ومواطنين، أنهم في مأمن من أي عقوبة لما تكاثروا كل عام. ما نشهده هو زيادة في أعداد المخالفين سنوياً. وهنا دلالة أخرى على…
الثلاثاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٢
لم أكن أتخيل أن مؤسسة أمنية في العالم العربي ستؤسس مركزاً متخصصاً للأفكار! المفاجأة الأجمل أن تفاجئني هذه الفكرة في المدينة التي أعمل وأقيم فيها: دبي! لدى شرطة دبي مركز متخصص للأفكار بهدف تشجيع موظفي الشرطة على التفكير بأفكار جديدة من أجل تطوير مهاراتهم وتقديم خدمات أفضل لسكان المدينة. الفكرة هنا تشجيع موظفي الشرطة على الإبداع! هذا المركز نظم مؤخراً ورشة عمل بعنوان «توليد الأفكار» بهدف تدريب الملتحقين بالورشة، من ضباط وأفراد الشرطة، على تعلم مهارات إبداعية تساهم في «توليد» أفكار إبداعية جديدة. تهمني هنا الفكرة: فلدى شرطة دبي إدارة عامة للجودة الشاملة تعنى بتطوير أفكار وأداء منسوبي الشرطة. أعجب كثيراً بالمؤسسة التي تسعى دائماً لتطوير أفكار منسوبيها من خلال الدورات التدريبية والبعثات للخارج وحضور المؤتمرات المحلية والعالمية. ولأن النظرة العامة لدينا -في العالم العربي- سالبة تجاه المؤسسات الأمنية، فتكون مفاجأة جميلة أن نرى مؤسسة أمنية خليجية تفكر وتعمل كما تفكر وتعمل المؤسسات الأمنية في دول العالم المتحضرة. في الخبر الذي قرأته عن ورشة عمل شرطة دبي حول «توليد الأفكار»، يقول المقدم عبدالله خياط، مدير إدارة العمليات الإدارية والتطوير في شرطة دبي: «إن تنمية الفكر الإبداعي لدى العقل البشري إنما هو أداة خاصة تقوم المؤسسة الرائدة في العالم بتطويرها للحصول على أفضل النتائج في حقل الأداء، وتحقق الأهداف الإستراتيجية لأية…
الإثنين ٢٩ أكتوبر ٢٠١٢
المجتمعات التي تتطلع للنهوض والسباق نحو المستقبل تحتاج أحياناً لمن يستفز العقول بالأسئلة الصعبة والمحرجة. عقلية «من ذل سلم» إنما تكرس البلادة والحذر من كل شيء. المجتمعات الحية، مثل الأفراد اليقظين، تحتاج دائماً لمحفزات جديدة على التفكير المختلف. وهي أيضاً بحاجة لمن يساعدها على ترجمة الأفكار، كبيرة كانت أو صغيرة، إلى فعل على الأرض أو منتج بين اليدين. تعبنا من تكرار الفكرة القديمة دون تطوير أو إضافة. سئمنا من ترديد الجمل ذات المعاني الكبيرة والحكم العميقة دون ترجمة إلى فعل يغير من أحوال الأمة ويدفعها للسباق الحثيث نحو المستقبل. ثم حينما يظهر بيننا من يستفز بأفكاره السائد والمألوف تسابقنا لسرد قوائم التشكيك والتخوين تجاهه. إن جاء أحدنا بفكرة غير مسبوقة اتهمناه بحبه لإثارة الجدل. وإن تجرأ أحدنا على نقد الذات قيل إنه صاحب مصلحة أو طامع في منصب. وإن حاول بعضنا حثنا على الاستفادة من تجارب الآخرين قيل فيه «تغريبي» و«تشريقي» و«ليبروصهيوني»! لا تسألوني عن معنى الثالثة فأنا آخر من يعلم! أعرف أن النفس تأنس لما اعتادت عليه. وأدرك أن فكرة «يارب: لا تغير علينا» قد تمكنت من القلب والعقل. لكن الظرف مختلف. والزمن غير الزمن. أن تركض لا يكفي. وأن تسير كما سار الأولين فأنت – عملياً – تسير للوراء. نصف المجتمع اليوم عمره أقل من الخمسة والعشرين سنة.…