الأحد ٠٤ نوفمبر ٢٠١٢
كنا في السابق نستنكر تجمهر الناس في مواقع الحوادث لما يسببه من إعاقة للدوريات وسيارات الإسعاف. اليوم تطور الأمر الى استنكار السرقات في أماكن الحوادث. إنهم يسرقون -وعلناً- ضحايا الحوادث من مصابين ومتوفين. يعلق أحدهم في (تويتر) أنه رأى شباباً يهرعون إلى سيارة انقلبت على الشارع العام، ظن أنهم يسعون لإنقاذ المصابين داخلها، وكانت المفاجأة أنهم سرقوا ما كان مع المصابين وهربوا. كان الفيديو الذي انتشر بعد حادثة صهريج الغاز في الرياض، الذي يصور تجمهر الشباب مكان الحادث بحثاً عما يستحق “السرقة”، يستفزنا للسؤال: لماذا فعل أولئك الشباب ما فعلوه وأمام الكاميرا دون خجل؟ هل الفقر دافعهم؟ أم انتشار ثقافة “العبث” في أوساط الشباب؟ أم هي حالة تعبير عن “فوضى” في مفاهيم القيم والعيب والمسؤولية؟ أين اختفت روح “الفزعة” التي كان كثير من شبابنا يتحلى بها وقت الأزمات وعند الحاجة؟ أمر مخجل أن تصل بنا الحالة إلى مشاهدة العشرات من شبابنا يتجمهرون في مكان انفجار ضخم، أصيب فيه ومات العشرات، وهدفهم البحث عما يمكن سرقته حتى لو كان أقلام رصاص. مرة أخرى نعود ونسأل: أين الخلل؟ هل لأن هؤلاء “الحرامية” واثقون أن عقوبة لن تطولهم حتى وإن سرقوا دون أقنعة وأمام الكاميرا؟ لنكن صريحين: ما لم تكن هناك عقوبات أكثر صرامة ضد من يعتدي على جريح أو ميت في حادث…
السبت ٠٣ نوفمبر ٢٠١٢
مؤلم جداً أن تتكرر حوادث أليمة في مدننا وقرانا بسبب الإهمال في تطبيق ومراقبة شروط السلامة. لا يمكن أن نترك مسائل تمس سلامة المجتمع لرغبة الناس، تطبقها أو تتجاهلها متى ما شاءت. حادثة «صهريج» الرياض قبل أمس لابد أن تكون شاهد فشل كبير في إجراءات السلامة العامة وتطبيق قوانينها. من سمح، ولعقود طويلة، لهذه القنابل المتفجرة تتحرك في شوارع مدننا وبين بيوتنا كل يوم وكل ساعة؟ أم لابد من كارثة كهذه حتى ننتبه لخطر شاحنات الغاز على حياة وممتلكات الناس؟ ما قدت سيارة خلف شاحنة في أي من شوارع الرياض إلا ودعوت الله أن أتجاوزها بسلام. مرة، وعلى شارع الملك عبدالعزيز، رأيت بنفسي شاحنة تقل على سطحها سيارة عطلانة وفي منتصف الطريق تهبط السيارة المحمولة على الشارع أمامي فيما واصلت الشاحنة انطلاقتها دون توقف. حمدت الله أن الشارع لم يكن مزدحماً بالسيارات والناس. وثمة -أنا على يقين من ذلك- عشرات من الأمثلة المرعبة على إهمال الأجهزة المعنية بمراقبة تطبيق شروط الأمن والسلامة في مدننا وقرانا. نحن فعلاً نعاني من «سوء إدارة» على أكثر من صعيد. وما تزايد نسبة الحوادث والجرائم والسرقات والاستهتار بالأنظمة والقوانين إلا مؤشرات خطيرة على «سوء إدارة» تتطلب منا جميعاً وقفة وطنية صادقة للمراجعة والمصارحة! كثيراً ما نسأل: ما الذي ينقص أجهزتنا لتطوير مهارات أفرادها وتوظيف مزيد…
الجمعة ٠٢ نوفمبر ٢٠١٢
بيننا أناس يختزلون تفسير ما يحدث في الكون من كوارث طبيعية في تفسيرين لا ثالث لهما: الابتلاء أو العقوبة! إن أصابتهم كارثة قالوا: ابتلاء. وإن أصابت غيرهم قالوا: عقوبة! كم بيننا من يؤمن إيماناً راسخاً أنه على حق فيما غيره -ممن ليس نسخة منه طبق الأصل- على باطل وفي ضلال مبين؟ تلك عقلية أنا وحدي “الفرقة الناجية” وغيري إلى جهنم وبئس المصير. كثير من هؤلاء هم فعلاً ضحايا ثقافة غرست داخلهم موقفاً عنصرياً وعدائياً من أي “آخر” يختلف معهم في الرأي ناهيك عن الدين أو المذهب. أذكر أن طلاباً من بلادي أيام الدراسة في أمريكا، وبعضهم كان يُحضّر للدكتوراة، كانوا يستمعون لأشرطة وعظية، تصلهم من الوطن الأم، تحذر من “الابتسام” في وجه “الكفار”! وتحثهم على إظهار “الغلظة” ضد الأمريكان في ديار الأمريكان! وسمعت شاباً من بلادي يستنكر على زميله السعودي أنه دعا لزميل دراسة أمريكي بالشفاء من وعكة صحية. كيف نُغيب الوجه الإنساني عن مجتمعنا وثقافتنا وديننا؟ ثم نسأل: لماذا يخافون منا؟ حينما ينشأ المرء على أنه “الأفضل” و”الأتقى” و”الأنقى” فإنما نزرع بداخله موقفاً “عنصرياً” تجاه “الآخر” مما يضر به هو أولاً ويخدعه في نظرته لنفسه ولغيره. من ينشأ على هكذا ثقافة طبيعي جداً أن يفسر أسباب الفيضانات والأعاصير إما “ابتلاءً” يُبتلى به المؤمنون أو “عقوبة” يُعاقب بها العصاة والمفسدون.…
الخميس ٠١ نوفمبر ٢٠١٢
التطورات المهولة في حقل الإعلام الجديد، وما أنتجته تقنيات الاتصال الحديثة من وسائل حديثة في التواصل، لابد أن تغير مفاهيم كثيرة ذات علاقة بإعلام الطوارئ. كيف نتعامل إعلامياً مع الكوارث الطبيعية وغيرها في وقت بات فيه سهلاً تزوير الصورة أو صناعتها؟ إعصار ساندي أبرز خطر التلاعب بالصور التي تنشر كما لو كانت صورة حقيقية ساهمت في نشر الرعب بين سكان نيويورك و ضواحيها. ثم تبين لاحقاً أن هواة أجادوا تلفيق الصورة، عبر برامج سهلة مثل الفوتوشوب، مما يثير أسئلة مهمة حول أخلاقيات التعامل مع التقنيات الحديثة والقوانين المفترض أن تعاقب كل من يسهم في إثارة الرعب والفوضى بين الناس. عربياً، لا تزال الصورة محور جدال في الصراع المرعب الدائر حالياً في سوريا. دبلجة الصوت وتلفيق الصورة صارت من أدوات الحرب الطاحنة بين المتصارعين سياسياً وفي ميادين القتال. وفي المجتمعات التي تنتشر فيها سريعاً الإشاعات وأخبار الفضائح، بات مهماً البدء في مشروع تثقيفي يحذر الناس من تصديق المتداول على الإنترنت حتى لو كان بالصوت والصورة! اليوم يستطيع أي فرد، في قرية أو مدينة، أن يؤلف قصة مبهرة في حبكتها وإخراجها، ثم ينشرها لتصبح، خلال ساعات، كما لو كانت «حقيقة» لا تقبل الشك! في هذا الزمن، بالإمكان تقويلك ما لم تقل، وإقناع الناس -وبعظمة لسانك- بأنك قد فعلت ما لم تفعله أصلاً…
الأربعاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٢
تبرز مشكلة الحجاج غير النظاميين وما يرافقها من مشكلات -مثل الافتراش- كل موسم حج. وبصراحة تتحمل الأجهزة الرسمية مسؤولية التساهل والتسامح مع مشكلة حقيقية قد تقود لكوارث. فوق المليون حاج هذا العام -حسب البيانات الرسمية- دخلوا مكة المكرمة هذا الموسم ضد النظام. ولو لم يحج سوى 100 ألف حاج غير نظامي لتسببوا في إرباك النظام وإحداث الفوضى. علينا أن نسأل عمن يتساهل مع الحجاج غير النظاميين ويسهل لهم دخولهم الأراضي المقدسة. وعلينا أن نسأل ما الذي يمنع من إيقاع العقوبة الصارمة ضد كل حاج مخالف، من الداخل أو من الخارج؟ إذا كان المخالف من المقيمين في المملكة فلا أقل من إلغاء إقامته عقوبة لمخالفته أنظمة الحج. وإن كان مواطناً فالسجن والغرامة ربما شكلتا رادعاً له ولأمثاله ممن يظنون أن الحج نزهة يستمتع بها المواطن كل عام. هذه المخالفات -من ضمن مشكلات أخرى- قد تتسبب في وقوع الكوارث وقد تسيء لسمعتنا وتسيطر على المشهد فتضيع كل الجهود الجبارة بدداً. وضع العقوبات الصريحة وتطبيقها بصرامة ضد مخالفي أنظمة الحج ربما يسهم في التقليل من الأخطاء والمشكلات التي نشهدها عند كل موسم حج. ولو لم يعرف حجاج الداخل، من مقيمين ومواطنين، أنهم في مأمن من أي عقوبة لما تكاثروا كل عام. ما نشهده هو زيادة في أعداد المخالفين سنوياً. وهنا دلالة أخرى على…
الثلاثاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٢
لم أكن أتخيل أن مؤسسة أمنية في العالم العربي ستؤسس مركزاً متخصصاً للأفكار! المفاجأة الأجمل أن تفاجئني هذه الفكرة في المدينة التي أعمل وأقيم فيها: دبي! لدى شرطة دبي مركز متخصص للأفكار بهدف تشجيع موظفي الشرطة على التفكير بأفكار جديدة من أجل تطوير مهاراتهم وتقديم خدمات أفضل لسكان المدينة. الفكرة هنا تشجيع موظفي الشرطة على الإبداع! هذا المركز نظم مؤخراً ورشة عمل بعنوان «توليد الأفكار» بهدف تدريب الملتحقين بالورشة، من ضباط وأفراد الشرطة، على تعلم مهارات إبداعية تساهم في «توليد» أفكار إبداعية جديدة. تهمني هنا الفكرة: فلدى شرطة دبي إدارة عامة للجودة الشاملة تعنى بتطوير أفكار وأداء منسوبي الشرطة. أعجب كثيراً بالمؤسسة التي تسعى دائماً لتطوير أفكار منسوبيها من خلال الدورات التدريبية والبعثات للخارج وحضور المؤتمرات المحلية والعالمية. ولأن النظرة العامة لدينا -في العالم العربي- سالبة تجاه المؤسسات الأمنية، فتكون مفاجأة جميلة أن نرى مؤسسة أمنية خليجية تفكر وتعمل كما تفكر وتعمل المؤسسات الأمنية في دول العالم المتحضرة. في الخبر الذي قرأته عن ورشة عمل شرطة دبي حول «توليد الأفكار»، يقول المقدم عبدالله خياط، مدير إدارة العمليات الإدارية والتطوير في شرطة دبي: «إن تنمية الفكر الإبداعي لدى العقل البشري إنما هو أداة خاصة تقوم المؤسسة الرائدة في العالم بتطويرها للحصول على أفضل النتائج في حقل الأداء، وتحقق الأهداف الإستراتيجية لأية…
الإثنين ٢٩ أكتوبر ٢٠١٢
المجتمعات التي تتطلع للنهوض والسباق نحو المستقبل تحتاج أحياناً لمن يستفز العقول بالأسئلة الصعبة والمحرجة. عقلية «من ذل سلم» إنما تكرس البلادة والحذر من كل شيء. المجتمعات الحية، مثل الأفراد اليقظين، تحتاج دائماً لمحفزات جديدة على التفكير المختلف. وهي أيضاً بحاجة لمن يساعدها على ترجمة الأفكار، كبيرة كانت أو صغيرة، إلى فعل على الأرض أو منتج بين اليدين. تعبنا من تكرار الفكرة القديمة دون تطوير أو إضافة. سئمنا من ترديد الجمل ذات المعاني الكبيرة والحكم العميقة دون ترجمة إلى فعل يغير من أحوال الأمة ويدفعها للسباق الحثيث نحو المستقبل. ثم حينما يظهر بيننا من يستفز بأفكاره السائد والمألوف تسابقنا لسرد قوائم التشكيك والتخوين تجاهه. إن جاء أحدنا بفكرة غير مسبوقة اتهمناه بحبه لإثارة الجدل. وإن تجرأ أحدنا على نقد الذات قيل إنه صاحب مصلحة أو طامع في منصب. وإن حاول بعضنا حثنا على الاستفادة من تجارب الآخرين قيل فيه «تغريبي» و«تشريقي» و«ليبروصهيوني»! لا تسألوني عن معنى الثالثة فأنا آخر من يعلم! أعرف أن النفس تأنس لما اعتادت عليه. وأدرك أن فكرة «يارب: لا تغير علينا» قد تمكنت من القلب والعقل. لكن الظرف مختلف. والزمن غير الزمن. أن تركض لا يكفي. وأن تسير كما سار الأولين فأنت – عملياً – تسير للوراء. نصف المجتمع اليوم عمره أقل من الخمسة والعشرين سنة.…
الأحد ٢٨ أكتوبر ٢٠١٢
لنحيّد مفهومي “الوطنية” و”السيادة” من مسائل إجرائية تتعلق بإدارة الحج. ولسنا هنا في مجال التأكيد على حجم الإنفاق والجهد المبهرين للمملكة في خدمة الحجيج وتوسعة المرافق المقدسة. نحن هنا نتحدث عن إدارة “مناسبة” -فعالية- ضخمة يراقبها مئات الملايين حول العالم. الخطأ، أي خطأ، خلال هذه الفعالية قد يكون قاتلاً. السؤال: ما الذي يمنع شركات قطاع خاص مؤهلة أن تتولّى إدارة بعض فعاليات الحج؟ ماذا لو تسلمت شركة مؤهلة إدارة وتشغيل قطار المشاعر؟ ولماذا لا نستعين -ولو مؤقتاً- بشركة متخصصة من دولة مسلمة لها باع طويل في تشغيل القطارات داخل المدن وبينها؟ مع الوقت، يمكننا تأهيل شركات وطنية تسهم، بمهنية ومسؤولية، في إدارة الحج. الوزارات والأجهزة الحكومية لا يمكنها وحدها إدارة الحج. هي تضع اللوائح وتسن القوانين وتشرف على الأداء وتحاسب على التقصير. لكن الإدارة الفعلية -على الأرض- من مواصلات وتأمين مواد غذائية وتفعيل خطط الحج ربما يستطيع القطاع الخاص تأمينها أفضل من أي جهة رسمية أخرى. أعرف أن القطاع الخاص اليوم جزء فاعل من هذه العملية، ولا يمكننا في الحج أن نفصل تماماً بين أدوار القطاعين العام والخاص. ولكنني هنا أفكر بصوت مرتفع في منح شركات القطاع الخاص السعودية (ولا مانع من استشارات قادمة من شركات إسلامية ناجحة) أدواراً أكبر في إدارة فعالية ضخمة ومهمة مثل مناسك الحج. لنكن صريحين:…
السبت ٢٧ أكتوبر ٢٠١٢
كان العيد يأتي بما لا يأتي في سواه. ننتظره لكي نلبس فيه ثوبنا الجديد. ونتذوق فيه ما لا نحظى به إلا نادراً. عيدنا الكبير في الغالب كان عيدين. فما أن يعود الحاج إلى قريتنا حتى يبدأ الاحتفاء به. كنا نعد الأيام عداً في انتظار قدوم العيد. كبرنا وتزاحمت الأحداث حولنا. فقد العيد ذلك الوهج الذي عشناه أيام العيد. اليوم يأتي العيد ويذهب مثل أحداث كثيرة تمر بنا مرور الكرام. كانت الناس تقطع أسفارها عائدة لأوطانها من أجل العيد. صرنا الآن نهرب في العيد إذ نجد فيه فرصة للسفر والترحال والهروب. يمر يوم العيد كما تمر أغلب أيامنا. لا شيء يميّزه عن بقية أيام السنة سوى صلاة العيد وبعض الزيارات العاجلة ثم نكمل يومنا مثل ما نفعل كل يوم. أبحث عن فرحة العيد فلا أجدها. وأسأل: هل تغيّر العيد أم تغيّرنا؟ أم أنها الطفولة التي تجد في العيد مناسبة جديدة للفرح والاحتفال؟ ربما. لكن المؤكد أن عيدنا أيام الطفولة كان يأتينا بما لا نعرفه إلا نادراً. فالثوب الجديد كان عملة صعبة. والزائر، من القرى والمدن البعيدة، كنا لا نسمع منه إلا في العيد. وذبيحة العيد ربما كانت علامة فارقة في نظامنا الغذائي على مر السنة. أما وقد يسّر الله لنا لبس كل جديد، بمناسبة أو بدونها، وقد قرب البعيد بأدوات التواصل…
الجمعة ٢٦ أكتوبر ٢٠١٢
تبلغ نسبة المسلمين في الدولة الوليدة، جنوب السودان، 30 %. تمكن ألف حاج من جنوب السودان من أداء فريضة الحج هذا العام. المشكلة الرئيسة التي واجهتهم كانت في عدم وجود تمثيل دبلوماسي بين المملكة وجنوب السودان. قيادات المسلمين في جنوب السودان ثمنت تعاون الجهات السعودية المسؤولة مع حجاج الجنوب في تسهيل إجراءات السفر والحج. هذه خطوة إيجابية نأمل أن نبني عليها لما يعمق العلاقات الإيجابية مع مسلمي جنوب السودان في ظل المحاولات الإسرائيلية والغربية لاحتواء الدولة الوليدة بما يخدم مصالح إسرائيل أولاً. مسلمو جنوب السودان يمكن أن يشكلوا جسراً للمصالح المتبادلة بين العالم العربي ودولة الجنوب. وهم اليوم من صمامات السلام بين السودان ودولة الجنوب. طبيعي أن تبحث الدولة الوليدة عمن يساندها سياسياً و اقتصادياً خصوصاً في سنواتها الأولى. ولهذا ليس من الحكمة ولا من المصلحة البعيدة أن نبقى نتفرج على جنوب السودان يبحث عمن يسانده ثم نلومه على فتح أبوابه أمام بعض من لا نحب ممن قدم له يد العون. إذا كانت الخرطوم نفسها اعترفت بدولة الجنوب فما الذي يمنعنا في المملكة من الاعتراف بها وتأسيس سفارة وقنصليات هناك؟ أمامنا فرصة جيدة لفتح صفحة من التعاون الإيجابي مع دولة الجنوب خاصة بعد التعاون المثمر لتسهيل إجراءات حجاج الجنوب. وعلينا أن نستعجل في إجراءات التبادل الدبلوماسي خاصة أن مسلمي جنوب…
الخميس ٢٥ أكتوبر ٢٠١٢
يأتي العيد غداً ونحن في العالم العربي لانزال نطرح نفس الأسئلة التي نسألها منذ عقود: إلى متى نعيش في دوامة من العنف والمجهول؟ لماذا نعيش عصرنا خارج العصر؟ متى نعيد قراءة تاريخنا بمعرفة ومواجهة؛ لعلنا نفهم واقعنا ونبدأ في التفكير للمستقبل؟ بعض هذه الأسئلة، وإن اعترفنا سراً بشرعيتها، لاتزال في خطابنا محرمة. لكننا إن لم نسألها علانية ونلح في تذكير أنفسنا بأهميتها سنبقى ندور في دائرة الوهم، وسنبقى خارج التاريخ وخارج العصر. وسنبقى تائهين في قراءة ما بين السطور لا ما في السطور، وسنظل نكذب على أنفسنا حتى في تعبيرنا عن “فرحة” العيد. ثمة حقائق مرعبة عن تاريخنا وعن يومنا لابد من مكاشفة صادقة معها. العرب أكثر من قتل العرب. والعرب أكثر من يقتل العرب اليوم. العربي أسوأ من عادى العربي. وأكثر دموية في تصفيته حساباته مع العربي. وما أسس للجهل والبغض والحسد بين العرب مثل العرب أنفسهم. وإن سألنا لماذا فمع الأسف إن جزءاً مهما من الإجابة يرجع للماضي. لتاريخ العداء المتأصل بين العرب أنفسهم. وفي تلك دلالة أخرى على أننا لم نغادر تاريخ الخصومة العريق منذ عصور الجاهلية وما تبعها. نحن حقاً غارقون في الماضي بكل مآسيه وحروبه وثاراته. من هناك ظل العرب أعداء أنفسهم. قل عني إني جالد لذاته. قل إني متشائم. قل ما شئت. ثم عد…
الأربعاء ٢٤ أكتوبر ٢٠١٢
أفهم أن يكون لإيران أجندات سياسية تخدم بها مصالحها في المنطقة. لكنني عجزت أن أفهم لماذا يخلط البعض عندنا بين نقد السياسة الإيرانية وإثارة الطائفية. ما أن تنتقد سياسة إيران وتدخلاتها في العالم العربي حتى يظهر لك طابور يحذر من إثارة الفتنة الطائفية بنقدنا لإيران! وفي هذا الطرح ما يسيء لشيعة الخليج، إذ يربطهم بأجندات إيران في المنطقة. ليس صحيحاً أن نقدنا لإيران هو نقد لمذهب ديني أو رأي فكري. نحن لدينا مشكلة مع سياسات إيران في المنطقة واستغلالها للمذهب كورقة -من ضمن أوراق كثيرة- في لعبتها السياسية. إذن لماذا يربط البعض بين نقد إيران سياسياً وإثارة النعرة الطائفية؟ تلك في رأيي شكل من أشكال «المكارثية» في منطقتنا. فإن حذرنا من ألاعيب إيران في بلدان الخليج جاءنا من يقول: ويلكم؛ كيف تُحرضون على الطائفية؟ وإن نبهنا لخطر تدخلات إيران في اليمن والبحرين وغيرهما قيل لنا: أنتم تكتبون بنفس طائفي! نحن نكتب ونحذر من لعبة إيرانية سياسية تستغل طهران فيها كل ما يحقق أهدافها بما في ذلك منظمات وتيارات سنية مثل القاعدة وحماس. وتستغل أحياناً الطائفية من أجل إثارة الفتن في العالم العربي. ولن ينسى العرب، سنة وشيعة، إسهام طهران في مساندة ديكتاتور دمشق في قتله للآلاف من المدنيين وتدميره للمدن والقرى في سوريا. أنا على قناعة أن إيران تشكل «رأس…