الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٢
في أشد البلاد العربية ديكتاتورية كانت كلمات “الديموقراطية” و”حكم الشعب” وما لف حولهما الأكثر ترديداً في خطابها السياسي. خذ القذافي مثالاً: كذب على الليبيين والعالم أربعين سنة وهو يردد “الديموقراطية” و”ثورة الشعب” ثم بدّل علم الدولة وغير اسمها مراراً وزاد عليه حتى صار أطول اسم “جمهورية” معاصرة. وأكثر من يزعم محاربة إسرائيل والوقوف أمام نزعتها الاستيطانية لم يسترد شبراً من الأراضي المحتلة ولم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل. قيادات تزعم الشرعية وقد جاءت للحكم على ظهر دبابة أو بمؤامرة. “جمهوريات” اختزلت الدولة كلها في العشيرة والمقربين. وأذاقت الناس كل أشكال الإهانة والألم. في هكذا مناخ، كيف لا يتفاقم الغضب حتى يصل إلى لحظة الانفجار؟ ما أكثرهم من تمنوا الإصلاح وفضلوه على الفوضى العارمة التي يشهدها الشارع العربي في أكثر من عاصمة. مخطئ من يضحي بالأمن – حتى في حدوده الدنيا – مقابل مشروع سياسي غير معروف الملامح. لكن حينما تفقد الناس الحدود الدنيا من كل شيء، فما الذي يبقى رادعاً لها أمام أي دعوة للمغامرة أو المجازفة. حينما يكون عند الناس مصالح حقيقية مستفيدين منها فمن الطبيعي أن يبذلوا كل الجهد للدفاع عنها. وإن لم يكن للمرء ما يخسره فماذا يضيره لو “تطربقت” الدنيا في وطنه “فوق تحت”؟ العالم العربي تحول، بسبب تراكم الإحباطات، إلى بيئة طاردة لكل شيء حتى…
الإثنين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٢
إنها ضرورة تنموية أن نؤسس لمشروع يصنع «القدوة» في مجتمعاتنا. كم من تجربة إبداعية عندنا لو وُثقت لربما ألهمت غيرها بالنجاح والتفوق. على صعيد التجارة، ثمة عشرات القصص التي يستحق أصحابها دور «القدوة» ليس فقط لشبابنا ولكن لشباب المنطقة كلها. نسمع قصصا مبهرة لأسماء لمعت في التجارة وذات تجربة ثرية في الإصرار على النجاح من أمثال الراجحي وعبدالهادي القحطاني وسليمان العليان والجبر وغيرهم. وثمة قوائم أخرى لأسماء لمعت في الإدارة وتفوقت بإبداعها الإداري ووطنيتها ودورها في تخريج صفوف من قيادات جديدة في قطاعات شتى. من يوثق هذه التجارب، أو بعضها، لعلها تسهم في صناعة المثال «القدوة» لأجيالنا القادمة؟ والقدوة ليس بالضرورة من يكبرك سناً. إنه صاحب التجربة المتميزة في الإصرار على النجاح. وقد تكون في تجربة مختلفة لرجل أو امرأة من أبناء وبنات مجتمعك حيث يقود الإصرار مع التفكير خارج «صندوق» المعتاد والمألوف إلى تميز مبهر. لدينا مئات الحكايات والقصص لأناس تحدوا المستحيل من أجل تحقيق الأهداف. ولدينا نماذج خارقة في عصاميتها وتفكيرها وركضها الدؤوب وراء النجاح والتفوق. ولدينا اليوم شباب أثبتوا أنفسهم على الرغم من كل التحديات ونجحوا بامتياز في مجالاتهم. كل هؤلاء -إذا ما وثقنا وأبرزنا تجاربهم- جديرون بدور «الملهم» نحو التفوق. صناعة القدوة مشروع تنموي وحضاري بحاجة إلى جهد جاد كي يتحقق واقعاً على الأرض من خلال…
الأحد ٢١ أكتوبر ٢٠١٢
تحول الأخضر الإبراهيمي إلى مندوب سوري/إيراني يحمل تهديدات الأسد من دولة عربية لأخرى. لم تمر ساعات من تحذير الإبراهيمي حول خروج أحداث العنف من سوريا إلى دول الجوار حتى وقع تفجير الأشرفية. وجود الإبراهيمي يخدم الأسد و يطيل من عمر نظامه المهترئ. و هذا قد يعرض المنطقة لمزيد من حماقات الأسد و داعميه في طهران. لعبة الموت الأسدي لم تهدأ. بل وجد في الأخضر الإبراهيمي فرصة جديدة لإعادة ترتيب أوراقه سياسياً و عسكرياً. ففي اللحظة التي يجلس فيها رموز نظام الأسد مع الأخضر الإبراهيمي، تقوم قوات الأسد و شبيحته بقتل العشرات من المدنيين السوريين ودك البيوت في المدن و القرى السورية. ما الذي يمنع أن تسلك الدول الداعمة للثورة السورية سلوك الأسد فتستقبل الإبراهيمي و ترفع من دعمها العسكري للجيش الحر و ثوار سوريا؟ لا الأمم المتحدة و لا القوى الدولية ستحسم المعركة في سوريا. ثوار سوريا هم من سيحسمها. و لكنهم من دون أسلحة نوعية سيبقون عرضة لطائرات الأسد و دباباته. الحرس الثوري وحزب الله يدعمان قوات الأسد و شبيحته على الأرض. كل هذا سيطيل معاناة السوريين. الحل ليس في يد الإبراهيمي. الحل الأكيد في يد الجيش الحر و ثوار سوريا. و لهذا لا بد من دعم عسكري نوعي عاجل لثوار سوريا مما يدعمهم لحسم المعركة لصالحهم و يحمي…
السبت ٢٠ أكتوبر ٢٠١٢
لن أستغرب لو قيل لي إن السعوديين أكثر شعوب الأرض قاطبة حباً للسهر. ولا أستطيع أن أفهم سر تعلق السعوديين بالليل. لا تقل لي إنه الجو الحار حيث يجدون في الليل ملاذاً. فهم يسهرون الليالي حتى في عز البرد ويتدثرون بأغلظ البطانيات شتاءً وأعينهم لا تغادر شاشة التليفزيون حتى شروق الشمس. ولو كانت حرارة الجو مبرراً للسهر فلماذا لا يسهر بقية الخليجيين كما يسهر السعوديون؟ الآن توافد السياح السعوديون لقضاء إجازة العيد في دبي فاستقبلتهم دبي بما يعشقون: السهر! وهي خطوة عملية حيث نتناوب، نحن أهل دبي، مع الزوار السعوديين الحركة في دبي: النهار لنا والليل لكم! دبي قررت فتح أسواقها أمام السائح السعودي ليلاً. والفضل في هذا القرار يعود للزائر السعودي الذي كان يتجول طيلة الليل في «الممشى» ويلفلف بسيارته ذهاباَ وإياباً على شوارع الجميرة والوصل وغيرهما في ديرة والشارقة. أدركت دبي هوس السعوديين بالليل ففتحت لهم أسواقها طيلة الليل فكفتنا شر زحام الطرق في «السيرة والردة» من وإلى مكاتبنا نهاراً. غير أن أكثر ما أخشاه هذه الأيام أن يتصل بي زائر سعودي ليعرض عليّ فنجان قهوة في (دبي مول) بعد منتصف الليل. كيف أقنعه أننا في دبي قليلاً ما نخرج من بيوتنا بعد منتصف الليل وأننا – مثل بقية شعوب الله – نستيقظ مبكراً كي نذهب مبكراً إلى…
الجمعة ١٩ أكتوبر ٢٠١٢
وها نحن نعود نسأل ذات السؤال عند كل إجازة: لماذا يتسابق السعوديون للهروب إلى خارج حدود وطنهم ليلة كل إجازة؟ في ظني أن غالبيتهم لايذهبون للسياحة. إنهم يهربون تحت مظلة السياحة. ولا بأس في ذلك. فكلنا نحتاج أحياناً للهرب من ضغوط الحياة ومشكلاتها. وما الإجازة -أحياناً- إلا رحلة نهرب فيها من روتين العمل والمناسبات الاجتماعية. كتبتها قبل سنوات وغضب من غضب: العائلة السعودية لاتسافر خارج حدود وطنها من أجل السياحة قدر بحثها عن فرصة تعيش فيها حياة طبيعية بعيداً عن عيون المراقبة ولقافة الفضوليين. فرحلة عائلية للسوق أو السينما هي نمط حياة معتاد في دول الجوار. والذهاب مع العائلة لمطعم أو حديقة عامة ليست سوى فقرة على جدول العائلة الأسبوعي عند أهلنا في دول الجوار. نحن ينطبق علينا المثل الشهير: “يا من شرى له من حلاله علة”! فقد ورطنا أنفسنا في سلسلة من التعقيدات صارت لاحقاً محفزا كبيرا للهرب الكبير عند أي فرصة. وحينما نهرب منها في بلادنا نركض إليها خارج بلادنا. بعضنا يحلل خارج الحدود ما يحرمه داخل الحدود. فالسينما -مثلاً- حلال عنده في البحرين والدوحة ودبي لكنها عنده حرام في أبها وتبوك والرياض. والمطعم المختلط مقبول -بل مفضل- عنده في دبي لكنه مستحيل عنده في الرياض. ما يرفضه في السعودية، من نشاط عائلي جماعي، يبحث عنه -بل يهرب…
الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٢
ليست سجون العراق تلك التي يقبع فيها بعض الشباب السعوديين من المحكوم عليهم بالإعدام. إنها سجون نوري المالكي، وفي سجون المالكي لا يمكن أن تضمن الحد الأدنى من المعاملة العادلة. لا نقصد هنا تبرئة الجميع ولكننا نسأل عن آلية المحاكمة وتفاصيل أوضح عن مبررات السجن؛ كي نفرز بين من تورط عملياً في “جريمة” تستوجب السجن، ناهيك عن الإعدام، وبين من ساقته ظروف المرحلة -ودهاليز الألاعيب الاستخباراتية- لأن يقع ضحية لعبة أكبر منه. نعرف أن المخابرات السورية ورطت العشرات من شباب عرب، غرر بهم خطاب الجهاد المضلل، واستغلتهم دول مجاورة كحطب جاهز في لعبتها السياسية. وهذا تحديداً ما كنا، كتاباً ومثقفين، نحذر منه فنوصف حينها بالعمالة والتغريب. باسم الجهاد اُستغل المئات من شبابنا في حروب استخباراتية إقليمية وبعضهم اليوم ينتظر الموت على أيدي قضاة المالكي وسجانيه، وحتى في سجنهم وأحكام الإعدام الصادرة بحق بعضهم ما زالوا يٌستغلون كأوراق سياسية يساوم بها وعليها المالكي وفريقه، نحن هنا نفرق بين شباب تورط في الدخول للعراق، وربما وجد نفسه في نفق لم يستطع الخروج منه، وبين آخرين ربما ثبت تورطهم، بوعي ومعرفة، فيما يستحق العقوبة، تمنيت أن قضية السعوديين في السجون العراقية تأخذ صداها محلياً وإقليمياً من أجل الضغط على حكومة المالكي للكف عن استخدام أولئك ورقة في أي لعبة سياسية. وهي أيضاً فرصة…
الأربعاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٢
يخلط بعضنا أحياناً بين المثقف الحقيقي وبين “الملوسن” الذي يجيد “الكلام” بصوت عالٍ في المجالس والمناسبات. في مجتمعات “الظاهرة الصوتية” مهما تكن قدراتك العلمية وخبراتك الوظيفية فأنت ستبقى دوماً في الظل لأن “الملوسن” هنا هو المفكر والمثقف وصاحب الرأي السديد. في مجتمعاتنا، من يستطيع الكلام بصوت عالٍ يكون أكثر المؤهلين للصدارة! أما المثقف المحترم، الذي يزن الكلمة قبل النطق بها، والذي يخشى أن يحتكر الحديث في “المجالس”، فهو عندنا إنسان “بسيط” وعلى “قد الحال”. أنت تجيد رفع الصوت، أنت –إذاً– جدير بالمنصب ورأس المجلس! وإن كنت ممن تربى على أن من آداب المجالس الكلام بأدب وعدم الاستئثار بالحديث فأنت قد توصف كمثل من لا “يهش ولا ينش”! من “المَرجلة” في ثقافتنا الكلام بصوت مرتفع مع “فهلوة” في الحكايات والبطولات. وهذا المشهد ربما قبلناه لو كان من خلال مسلسل بدوي يعبر عن تجربة خلت. المشكلة أنها صارت ظاهرة حتى في أوساط مجتمع المثقفين وأهل الإعلام. لم يعد مقياس الكفاءة علمك وخبرتك وما يمكن أن تقدمه وتنتجه. المقياس هنا هو مستوى “صوتك” ومدى قدرتك على الاستحواذ بالكلام وما تضيف إليه من “بهارات” كالنكتة وشيء من النميمة والنفاق. ولكي تتفوق أكثر وتكسب أي منافسة محتملة مع أي “ملوسن” محتمل، عليك أن تضيف إلى “فهلوة الكلام” التي تجيدها جملاً بلغات أجنبية، وعنوان كتاب صادر…
الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٢
تجولت في طوكيو و صعدت جبل فوجي الشهير و لم أشاهد أي كتابة على الجدران. ثمة صخور و بعض الجدران على الممر الطويل الذي يأخذك إلى قمة فوجي و لم أجد هناك أي كلمة عابثة كتبت على صخر أو جدار. أجزم أن النظام الصارم ضد العبث بالأماكن العامة و تشويه المعالم من أسباب ردع العابثين. لكن ذلك لا يكفي. لا بد أن التربية هي لاعب مهم في سلوك الناس وتعاملاتهم. لماذا نحن فوضويون؟ و لماذا نتماهى مع الفوضى؟ وأسئلة أخرى سألتها خلال زيارتي القصيرة لليابان. كنت أراقب سلوك اليابانيين أثناء تنظيمهم المذهل للقاءات صندوق النقد الدولي و مجموعة البنك الدولي التي للتو انقضت في طوكيو. و لا أملك سوى الانبهار و الإعجاب الشديد بدقة التنظيم و صرامته. المنظمون كانوا في منتهى الجدية لكنهم يخجلونك بأدبهم وتقديرهم للنظام و للزائرين فلا يجاملون الضيف على حساب القانون و لا يصرخون في وجهه باسم النظام! الشوارع نظيفة و حركة السير منظمة و يكاد يشعر زائر المدينة أنه ضيف عزيز على كل مواطن في اليابان. النظافة و الأناقة و دقة التنظيم من عناوين المشهد الذي عشته لأيام قصيرة في طوكيو. لكنني ما توقفت عن المقارنة بأحوالنا سائلاً: أين الخلل؟ و لو كان لديك إجابة أثق أنك ستسأل: من أين أبدأ؟ أعرف أن في ثقافتنا…
الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٢
لم يبهرني ما رأيت في اليابان قدر انبهاري بما رأيته في الصين قبل أسابيع قليلة. والسبب أنني توقعت ما رأيته في اليابان؛ هذه البلاد التي أدهشت العالم كله منذ عقود باقتصادها و صناعتها و سباقها مع الكبار. ما رأيته في زيارتي الأولى لليابان جاء تأكيداً لانطباعاتي المسبقة عنها. أما في الصين فما رأيته جاء عكس ما توقعته تماماً. أمة قررت أن تنهض و تتفوق. لكن من الظلم أن نتوقع أن تحقق الصين في سنوات قصيرة ما حققته اليابان بعد عقود طويلة من العمل و الكفاح. قراءتي المبدئية للفوارق بين التجربتين – وهي انطباعات أسجلها عبر المشاهدة السريعة – أستطيع تلخيصها في تشبيه اليابان بثري يتعامل مع الثراء بعقلية صاحب العراقة في التجارة و الرخاء. لم أشاهد في طوكيو ما رأيته في بكين من استعراض واضح في العمران الشاهق و في انتشار أفخم و أغلى السيارات الأوروبية. الماركات العالمية الشهيرة تشاهدها في أغلب شوارع و ميادين بكين الرئيسية. لكأن بكين تشبه «مُحدث النعمة». و هذا لا ينتقص من التجربة الصينية و لا من إعجابي و انبهاري بما رأيته بنفسي في أكثر من مدينة صينية. بل هي «ظاهرة» متوقعة في بلاد تحولت سريعاً إلى الرأسمالية، تماماً كما حدث في روسيا حينما لبست ثوباً رأسمالياً بعدما رمت ثوبها الاشتراكي القديم. المهم في التجربتين،…
الأحد ١٤ أكتوبر ٢٠١٢
شاهدت عبر الفيديو تفاصيل افتتاح قمة الإعلام في أبوظبي التي اختتمت الخميس. لفت انتباهي خلو القاعة من «البشوت» إلا من بشت الأمير الوليد بن طلال وبعض من في معيته من أمثال صديقنا جمال خاشقجي. ولأن المتحدث الرئيسي كان بيل جيتس، وهو من هو في الثراء والإبداع وأعمال الخير، فلابد أن يثير إعجابنا بتواضعه وبساطته وعمق فكره. ليس للبشت «هيبته» في هكذا محفل. لكن الهيبة -إن كان لابد منها- هي للعلماء والمبدعين ممن بأفكارهم ومنجزاتهم نقلوا الإنسان من عصر إلى آخر. ولأن الأمير الوليد بن طلال من نجومنا الذين أبهرونا بجرأتهم ونجاحاتهم فلابد أن ننظر له دوماً كأبرز محفزي التغيير الإيجابي في منطقتنا. الوليد دائماً يسبق غيره في فتح أبواب كنا نظنها عصية. وهو الأكثر جرأةً في سلك طرق قليل من يسلكها قبله. ولهذا تساءلت: ماذا لو حضر الوليد افتتاح قمة أبوظبي بلا بشت؟ كيف سينظر له شباب السعودية؟ أعترف أنني شديد الإعجاب بالمسؤول الإماراتي، شيخاً ووزيراً ومدير إدارة، لتحرره من «عقدة» البشت التي لاتزال تكبل كثيراً من المسؤولين الآخرين في الخليج. ليبقى البشت حاضراً في المناسبات الرسمية الضرورية وفي المناسبات الاجتماعية. ولنحرر حركتنا -وتفكيرنا- من دلالاته وتعقيداته. ولكن من يجرؤ على هكذا مبادرة قبل الأمير الوليد؟ ليسامحني صديقي جمال خاشقجي إذ أعترف أنني ابتسمت حينما شاهدته يسأل بيل جيتس سؤالاً…
السبت ١٣ أكتوبر ٢٠١٢
عبّر رئيس البنك الدولي، “جيم يونق كيم”، عن أهمية فهم دروس الربيع العربي خصوصاً الأسباب التي أنتجته. قال أمس في حوار معه نظمته “الوول ستريت جورنال” في طوكيو إن الاقتصاد هو محرك الثورات. ولكي يتحقق استقرار سياسي لأي بلد لابد من تحقيق نمو اقتصادي مستمر مع التركيز على الشباب و فهم تطلعاتهم ثم التخطيط الواعي للمستقبل. و في كلامه تكرار لما كتبه و ردَّده عدد كبير من المعنيين بالتنمية في عالمنا العربي منذ عقود. المشكلة: إن الجميع في منطقتنا – بما فيهم السياسيون – يكررون الكلام عن أهمية الانتباه لقضايا التنمية و الاقتصاد و الشباب والتخطيط للمستقبل. لكنه مجرد كلام قليلاً ما فُعّل و تُرجم إلى برامج عمل تحقق نتائجها على الأرض. ملّ المواطن العربي من الوعود الكبيرة. و لم يتعب صانع القرار في أكثر من بلد عربي من إعطاء الوعود التي لا تتحقق. من هنا نشأت أزمة الثقة بين الطرفين حتى اشتدت حالة التذمّر قبل أن يصل الأمر – في بلدان الربيع العربي – إلى نقطة الانفجار. الأزمة الأخرى التي لم يتطرق لها رئيس البنك الدولي، ربما لضيق الوقت، هي أزمة الإدارة في أكثر من بلد عربي. وأضيف لها أزمة الإرادة. فإن غابت إرادة التغيير وغابت معها الإدارة الفاعلة فأي فائدة للخطط التنموية الكبيرة و للكلام الكبير في التطوير…
الجمعة ١٢ أكتوبر ٢٠١٢
من ينقذ العولمة؟ كان هذا أحد الأسئلة الرئيسة التي طرحت صباح أمس في طوكيو. كرستيان لاقارد تؤكد أن ما يمكن إنقاذ العولمة هو التعاون الدولي الجاد لمواجهة الأزمات الاقتصادية. العولمة ليست موضوعاً اختيارياً نستطيع أن نكون جزءاً منه أو لا نكون. إنها قدر العالم اليوم وهي نتيجة طبيعية لهذا التداخل الكثيف في علاقات الدول التجارية وفي أنظمة الكون البنكية والمالية ناهيك عن تقنية التواصل المبهرة التي اختصرت الوقت وقصرت المسافات. لكن تظافر الجهود العالمية لابد أن ينصب على ما يوحد الجهد لمواجهة التحديات المهولة أمام الإنسانية في العقود القادمة على مستويات النمو الاقتصادي وتوفير الوظائف وتطوير البنى التحتية والخدمات الصحية. لكن واقع التنافس العالمي يناقض طموحات -ونظريات- الباحثين عن رؤية “إنسانية” عالمية لمواجهة تحديات العولمة وإشكالاتها. السياسيون منشغلون كثيراً بأجنداتهم السياسية. من هنا تأتي أهمية أدوار القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لخلق مبادرات خلاقة تحث وتشجع الأجيال الشابة على الابتكار وتسمح لهم بفرصة أكبر للمشاركة في صناعة مستقبلهم. هناك مبادرات شبابية ذكية يمكنها أن تحفز الشباب على التفكير في مستقبلهم بتفكير خارج صندوق المألوف والمعتاد. إلا أننا في العالم العربي لانستطيع المراهنة كثيراً على القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني كون الحكومات ما تزال المؤثرة الأقوى في حراك المجتمع الاقتصادي. ولهذا تأتي أهمية التعاون الجاد بين القطاعين الحكومي والخاص لدعم…