الإثنين ١٦ أكتوبر ٢٠٢٣
- أشياء تصدمنا في الحياة.. أن نجد المدعين يعيبون علينا أن نتضامن بالأفعال، ولا نتظاهر بالأقوال، ولا نتجمهر للمظهر، نقدم ما في اليد، تاركين العاضين على الأصابع، نلجم اللسان، تاركين من يهوون الرغاء في العراء، لأن من يبتغي الخير والعون، لا يعدم وسائله. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن نجد إنساناً بيننا لا يحمد على ما نحن فيه، فالخير مبتغى، والسلم والأمن مطلب، والنعمة يسند بقاءها الثناء، ولو قارن هذا على ما عليه ذاك لوصل لتلك الوصية الخالدة، القناعة، لأنها سكن النفس، وطمأنينة القلب. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن البعض لا يبالي بسواد الوجه، مستعد لأن تتقاطر دموعه، ولا يخجل من نفسه، من أجل شيء من أمور الحياة، لو صبر على دنياه، وجالد عمره، ونأى بنفسه، لأتى إليه صاغراً دون تلك المهانة، ذُل الرجال. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن يتقاتل أبناء البطن الواحد على شيء عابر، فلا أبقوا للود حبلاً، ولا قدسوا كرامة ذلك البطن الذي حملهم وهناً على وهن، النُبل ثمنه في الحياة باهظ، ولا يقوى عليه إلا قلة من الرجال. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن ينكر شخص معروفاً، ويجحد صاحب المعروف، فلا الشيطان أوصاه، فيدرك ردّة جزاء المعروف، ولا هو قادر على أن يُبين عن شحمة الصدر التي يكبّرها الحقد، ولا صاحب المعروف يدري أو…
الأحد ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٣
مرت علينا أوقات جميلة ومسلية ومفيدة ومتجددة، تلك التي كانت قبل بدء ساعات الدوام الحقيقي، كانت تعد بالدقائق في حساب ساعات أيدينا، ولكنها كانت طويلة وممتدة حسب فائدتها وغنائها بإثراء شخصياتنا، وتجديد ذاكرتنا ونشاطنا اليومي، هي الأوقات الصباحية التي نقتنص فيها الأحاديث المختلفة مع فنجان القهوة أو كأس الشاي بالحليب، ياه.. كم أحن لها الآن، وأتذكر كم كانت ممتعة في أماكن مختلفة، ومع أصدقاء وزملاء مختلفين، بعضهم تركناه في مكاتب الوظيفة، بعضهم تركنا مع تقلبات الأمكنة والوظائف، والبعض الآخر شطت به الحياة في مختلف دروبها، ولم يبق -إنْ تذكروا- إلا تلك اللحظات الصباحية التي كان يجمعنا فيها فنجان القهوة وكأس الشاي بالحليب. في تلك اللحظات التي قد تمتد لساعة من اليقظة الحقيقية، كانت تجنح بِنَا السياسة والثقافة وأحداث الحياة، وكرة القدم، وتعليقات كثيرة على الجيل الطالع، وحنين حقيقي لزمننا الذي نعده الأنقى، يمكن أن نطرح فيها كتاباً جديداً أو كتاباً قديماً منسياً، في بعض أماكن العمل، وحين يكون المقابل غير عادي ومتميزاً في تجربته وتنوع قراءاته، نظفر بشيء من المعرفة الغائبة أو المسكوت عنها، قد يأخذنا الشاعر بن حريز أو الهاملي ذات صباح، وتكون المفردة العامية حاضرة وبقوة، ومبهجة للقلب، ومتعطشة لها الذاكرة، ربما في يوم آخر يكون هناك نقاش بشأن فيلم جديد، ويقدم الكثير، كانت تلك الأوقات لا تتجاوز…
الأربعاء ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٣
دبي تجمعنا كل عام في عرسها الإعلامي الجميل، طارحة الجديد والمختلف والمدهش، وتجمعنا برؤوس إعلامية من الوطن العربي والعالم، وهو أمر امتد إلى 21 عاماً من ريادة الفكرة، ونضجها وتطورها وسباقها نحو المستقبل وآفاقه المفتوحة على كل الاتجاهات والأبعاد، وهو جهد وتعب مضنٍ واستمرارية في التجديد من قبل فريق الزميلة «منى المري»، لكي يواكب إعلام دبي أحلام المدينة الكونية دبي، في نهار يوم الملتقى الأول، فرحت بفوز «د. محمد الرميحي» بجائزة «شخصية العام الإعلامية» فمثله وبعطائه الذي امتد قرابة الأربعين عاماً وتزيد في الحقل الإعلامي والصحفي والبحث الاجتماعي والأكاديمي، لا شك أنه أهل لها، وهي فرحة وإن جاءت متأخرة، فإنها من التي تبرّد القلب، وتروي الجوف، فهي مستحقة من قبلُ ومن بعدُ، وفرحت أيضاً للالتفات لكاتبة عربية، متميزة في طرحها ومواضيعها وقلمها، هي «د. سوسن الأبطح» بنيلها جائزة أفضل كاتب عمود، للزميلة العزيزة، أقول: إن الأعمال الجميلة لا يمكن أن تضيع هباء، وإن تأخر الشكر، لكنه يصل، وهو خير من ألا يصل. تلك ربما هي مقدمة واجبة وضرورية للأشياء التي تفرح في الحياة، تقديراً للعاملين في هذا المجال الإعلامي الشاق، والذي يعده بعضهم عملاً مريحاً، مبهرجاً بالأضواء والأشعة العاكسة لكاميرات التصوير، وهو في حقيقته أشبه بالمشي في حقل ألغام أو مثل لاعب السيرك الذي يمشي متوازناً على حبل، دليله فقط…
الثلاثاء ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣
رغم أنهم فئة قليلة وباغية، إلا أن لأصواتهم النشاز ضجيج، مهمته سرقة الفرحة، وتضييق الصدر المنشرح، وتعكير صفو الضحكة، هم لا يهمون العقلاء الحكماء والواعون، لكنهم يجرحون سعادة الناس البسطاء والمحبون بصدق، شهادة نجاح وتفوق وتميز أي فعل إماراتي، والذي يحمل علامة «صنع في الإمارات» رغم أنها علامة الجودة، وفخر الصناعة، وسعادة للعرب من المحبين وللأصدقاء من المودين، إلا أنها غدت شوكة في حلق الجاحدين، لماذا أصبحت هذه الجملة تثير عقيرة الآخرين الحاقدين، وتجعلهم ينفثون ما في صدورهم من غل دفين؟ علامة «صنع في الإمارات» جملة لا يحبها المبغضون، ولا أصحاب الأجندات، ولا الفاشلين الذين يجيدون في التآمر، وزرع الضغائن، والفرح بالحرائق في كل مكان. كل نجاح تصنعه الإمارات ويحمل علامتها المنيرة والمتميزة سواء في التفوق الاقتصادي أو الصناعي أو خلق الريادة في الأعمال الإبداعية والخدمات الحضارية وفي الإنشاءات المعمارية، بل حتى في فعل الخير والإحسان للآخر المحتاج أو المبتلي بفعل كوارث طبيعية، في الإمارات هذا التوقيع الذي يحمل مهز وختم الإمارات في كل أعمالها المتفردة والريادية لم يأت إلا بعد تعب وجهد ونجاح ومتابعة، لكن سيخرج له أعداء النجاح، وغرماء الجغرافيا، والتاريخ، والمستأجرون والذين يحبون أن يحاربوا عن بعد، ومن جحور وكهوف الظلام، وسيشوهونه بكلمة ساخرة، وسيمسحون درجة تفوقه بعبارة هازئة، لا لعيب في الصناعة، ولا لعدم الجودة، ولا…
الإثنين ٢١ أغسطس ٢٠٢٣
- من الأشياء المضجرة في حياة الفنانين والأدباء أن يتعكر صفو فجرهم الندي، ويسرق منهم فرح الصبح البكور، هذا الوقت لهم، ولا يتنازلون عن امتلاكه أو القبول بشراكة فيه، حتى الوظيفة العمومية تظل تضيق عليهم؛ لأنها تقتسم معهم صباحهم الحلو، هو لهم بمسمياته الكثيرة، وهو الأقرب لأجنحتهم التي تشبه خفق الطيور، بحثاً عن الهدوء والسكينة والطمأنينة، والبعد عن صغائر الأمور القاتلة، مدركين أن الإنسان يمكنه أن يشرب من الخير، ولا يعرف الأذى، هؤلاء الجميلين يستقبلون فاتحة صباحهم بطقوسهم المختلفة والمختارة، والتي لا تضر أحداً. - واحد يذهب باتجاه الماء والمناشف القطنية الملونة وروائح الصابون والعطور، يشعر أن الصباح غير مكتمل إن غابت رائحة من يعشقها، ويتذكرها حد الوجع، صباح هذا الفنان ملون بالطيب، ويتمناه للكثير. - آخر يحب أن يتدثر بتلك البيجامة القطنية الثقيلة، مستشعراً قرصة البرد على الشرفة، يختلط صباحه بتلك القهوة المُرّة، وعودين من السيجارة، وصوت فيروز قادماً من راديو ما زال بعافية زمان، ويذكره بأيام زمان، يفرح بسقاية تلك الزهور التي تعطي لصباح هذا المبدع كل يوم ألقاً. - صباح يتمطى كسلاً ذلك الذي يجبر هذا الكاتب الذي ما أن يستيقظ حتى يجعل عقارب ساعته تمشي وفق إيقاع من المهل، وبلا عجل، فتصبح ساعته كساعة «دالي» اللينة، والمنسابة والمتماهية مع الضوء والظل، يحب كل الأشياء أن تأتيه…
الأحد ٢٠ أغسطس ٢٠٢٣
شخصية الإنسان لها أبواب كثيرة، بعضها نجعله مشرعاً لكل الناس ولا نبالي، وبعضها نغلقه إلا لمن يحبه القلب، وبعضها الآخر نجعله موارباً لا نعطي سره إلا لمن يأتمنه، فالأسرار للأمهات فصدورهن الوحيدة التي تتسع لكل المشاغبات والترهات والحماقات ومحاسن وأضداد الأبناء.. وكثير من تلك الأسرار يمكن أن تتحملها صدور الأخوات، فهن صنو الأمهات، وحاملات طيب قلوبهن أو كما تقول بعض الشعوب: سرك لا تدفنه إلا في صدر الأم والأخت، هكذا تقضي شريعة المجربين في الحياة، غير أن نقطة الضعف عند الإنسان هل يجب أن نعاملها وكأنها سر لا يشاع على الجميع، بل هو للحظوة، وأصدقاء الطاولة الصغيرة، وأولئك الذين إن دخلوا منزلك بسملوا، ودخلوا بالرجل اليمين، البعض يعتقد أن نقطة الضعف، هي نقاط قوة في الشخصية، ولا يجب على الإنسان أن يخفيها، بل يشيعها للقدوة، والبعض الآخر، يفضل أن تكون ضمن الدائرة الضيقة؛ لأن الكثير يعدها من مثالب الشخصية، لا من محاسنها، لذا عليك أن لا تشير بأصبعك إلى مواضع ضعفك، فيطمع فيك صديق قد يتحول إلى عدو غداً أو ينبشها عدو فيستغلها، ويلوي بها يدك أو قد يثقل بها أكتافك. نقطة الضعف ليست كلها صفات سلبية، بل معظمها إيجابية، غير أن الناس تفهمها بطريقتها، فكم أتعبت الطيبة أصحابها الدراويش! وكم ألجم الخجل والحياء ألسنة الرجال! وكم أفلس الكرم والجود…
الأربعاء ١٦ أغسطس ٢٠٢٣
- لو أن الإنسان ظل ينظر للوراء لما تقدم خطوة نحو الأمام، لو أنه بقي يعالج مشكلاته الصغيرة التي يرميها الناس في طريقه، فلن يتفرغ لمشكلته الكبيرة والأساسية، وهي تحقيق الأحلام، لو أنه أنصت للمعرقلين، وحراس الفشل، وكلامهم الخاوي فلن ينجح في الحياة، لو أنه ظل ينتظر أن يطرق الحظ بابه، ولَم يصنع حظوظه، فلن تفتح له أبواب الأمل، ولا طرق السعادة. - لو أن الإنسان ركن في زاوية ضيقة يجتر ماضيه، ويغني على ليلاه، ويبكي الماء المسكوب منه في غفلة منه، فلن يبصر ربيع هذا العام، ولن ينعم بتلك الألوان التي تضيء الفضاء، فقط لو أنه ظل يحرك ذاك الحجر الذي يسد طريقه بصبر من وصايا الأولين، وعزم مستمد من ذات لا تلين، لكان اليوم خلفه طريق مبهم بالظلمة، وأمامه عشب على مدى البصر. - لو أن الإنسان استسلم لهواجس الفشل، ولتلك الطاقة السلبية التي تحوم حوله، والتي يبثها البعض من حوله، ولَم يندفع بتعقل، ولَم تستهوه غواية المغامرة، وسبر جهة خامسة، لكانت يداه خاويتين إلا من قبض الريح. - لو أن الإنسان بقي يناظر أيدي الناس وما ملكت، أحاديث الناس وما اغترفت، لو أنه بقي منساقاً يجرّون خطاه حيث يشتهون، وحيث يتسلون، ولَم يفق، ولَم تحدثه نفسه الأمّارة بالفعل والخير، فسيبقى رهن رسن، ولن تتعب إلا روحه التي…
الأحد ١٣ أغسطس ٢٠٢٣
تذكرت الفيلم العربي الجميل «اضحك تطلع الصورة حلوة» وأنا أتأمل جماعتنا المسافرين، وخاصة النساء الخفيفات اللائي تصبح تصرفاتهن من أجل صورة أجمل في السفر، ورغم أن «الفلتر» ساعدنا كثيراً وخفف من أعبائنا، وحل كل شيء يمكن أن يحمل بعضاً من البشاعة أو يضفي علينا شيئاً لا نود أن نظهر عليه، لكن البعض منا مازال يحمل أحمالاً وأوزاناً لا داعي لثقلها، لكنها تصبح ضرورية لدى عشاق الصورة الحلوة، لاستكمال بهاء الصورة التي نرغب الآخرين أن يروننا فيها، حتى أصبحت كل أمورنا وفرحتنا نؤجلها من أجل الصورة الحلوة، أحياناً لا نكون على بساطتنا خفافاً نظافاً علشان تطلع الصورة أحلى، نتوزى الكعب العالي، والمكياج الغالي، علشان تطلع الصورة أجمل، نحمل أثقالاً في حقائب سفرنا، و«نغصص على عمارنا»، من أجل أن تلتقط نساؤنا صوراً حلوة، يعني تصادف أن ترى واحدة ذاهبة إلى «سانتوريني»، وتكون هي والبحر فقط والمتعة الممتدة، لكنها تذهب لجمال تلك الزرقة برموش صناعية، وكحل، ولا تدرك معنى لفعلها ذاك، إلا حينما تلتقط لها صورة في «سانتوريني أو ميكانوس» وبحرهما الصافي، وتظهر هي بملابس لا يتحملها جو الجزر اليونانية في الصيف، ومكياج مبالغ فيه، لكي تظهر حضرتها في الصورة أحلى، نذهب للمطعم الغالي، وقد لا يعجبنا أكله، لكي نظهر فيه بصورة أجمل، ويقول الآخرون الذين شاهدوا صورنا المتجملة أننا من جماعة «VIP»،…
الثلاثاء ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣
لا نريد من إخواننا العرب والخليجيين بالذات ممن يعشقون الاصطياف ولا يفهمونه، ويخرجون عن قوانين وثقافات البلدان التي يعيثون فيها فساداً أثناء الصيف، لا نريد من هؤلاء أن يكونوا سفراء للعرب وبلدانهم، بل نريد منهم أن لا يسودوا وجوه العرب، ويسيئوا لبلدانهم، لأنهم في الآخر سواء، فالغرب لا يميز بين عربي خليجي أو شامي أو مغربي، بل يجمعهم كعرب، وغالباً ما ينسبهم للإسلام وثقافته، الشاهد نحن من نعطيهم مبررات الهجوم علينا والازدراء من ثقافتنا نتيجة أفعال بعضهم المشينة، وعدم وعيهم بمعنى الحرية الشخصية التي تمنحها دول أوروبا للذين يعيشون فيها أو يزورونها، أفعال مخجلة ومخزية ولا تمثل العرب ولا المسلمين ولا عاداتنا وأخلاقياتنا كعرب متحضرين. التقارير التلفزيونية التي تبثها القنوات الأوروبية عن تصرفات غير لائقة تحدث من بعض المصطافين أثناء قضاء إجازاتهم في بعض مدن دول أوروبا وتركيا ولندن وغيرها، حتى وصلت الأمور إلى شجار وبلاغات لدى الشرطة، وأحياناً اعتداءات بين السكان وبعض هؤلاء المصطافين الذين يدمغون كل العرب والمسلمين بدمغة عدم المبالاة وعدم المسؤولية والجهل وسوء التصرف بالمرافق العامة وعدم النظافة واحترام القوانين. لقد وصلت الأمور في بعض مدن دول أوروبا أن هناك مناداة بمنع دخول العرب كعائلات لمدنهم، ووصلت الأمور بتهديد عمدة هذه المدن بعدم انتخابهم إن لم يسنّوا مثل تلك القوانين، ويشددوا في إعطاء التأشيرات للعرب، وعدم…
الثلاثاء ١٨ يوليو ٢٠٢٣
من أسباب نفور الجيل الجديد من اللغة العربية المقعرة والمتخشبة وفق منهج اللغة العربية، ومنهج التربية الإسلامية الجامد منذ نحو مئة عام، أنها لم تتغير طريقة تدريسها، ولم تعصرن وسائل التعليم بها، ولم تغدُ لغة الرقمنة والحاسوب والمعلومات المخزنة في طرق البحث في الشبكات العنكبوتية، هي لغة معزولة بفعل أهلها وعشاقها، فتفر منها الأجيال الجديدة والمتعاقبة فر الحُمر المستنفرة، فرّت من قسورة، مع إغراءات اللغة الإنجليزية، وحضورها اليومي بقوة في كل مكان من برامج وأفلام الأطفال إلى الهاتف النقّال إلى البيت إلى المدرسة إلى الأسواق إلى وسائط التواصل الاجتماعي، إلى سهولة ويسر الطرق التعليمية المحببة إلى نفوسهم، وبالتالي نحن من ندفع أبناءنا لهجر لغتهم الأم بما تصنع أيدي الناس غير الخبراء، وغير المتنورين، والذين يعشقون القديم وما ألفوا، أصحاب الحفظ والبصم والنص الجامد، وما حفظوا ونقلوا. هل يعقل أن يطلب من تلاميذ الصفين الأول والثاني من المرحلة الابتدائية أن يعرفوا الساكن والمتحرك، ويشطروا الجملة، ويقطّعوا حروفها الساكنة، ومدّ الواو، وحروف السكون والشَدّ؟! يعني قصورهم يعملونهم علم العروض! هل يعقل ما يُدرس من قواعد اللغة العربية الثقيلة على الكبار في الصفوف الابتدائية الأولى؟! وما الفائدة التي ترجى من زجهم في علم القواعد والنحو أو علوم البيان في الصفوف الإعدادية، والمطلوب منهم أن يفهموها في وقتهم الجديد كما فهمها السابقون، ويعرفوها، ويمتحنوا…
الثلاثاء ٢٧ يونيو ٢٠٢٣
- ثمة هيبة للمكان تحتويك، والأصوات الملبية تطّهر الجسد لتجعله بخفة الروح، في حين تظلل الرؤوس الحاسرة سحابة الرحمن من حر أو برد هذا اليوم، فالحج عرفة، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وعرفة أو عرفات، هو الملتقى، منذ تعارف أبونا آدم مع أمنا حواء. - عرفات مكان يحجم أفئدة الملايين، سواء من شد منهم الرحال لتأدية الفريضة أم الذين يحتفلون بهذه المناسبة، في أرجاء المعمورة صياماً وقياماً. - نتأمل ملايين الوجوه الخاشعة، نقرأ في محياهم، آيات التضرع، والابتهال، والتلبية، نعاين في تلك الوجوه، العزم والإيمان، والتقرب إلى الله عز وجل بالفرائض والنوافل، نلمس، كم هي قريبة تلك المسافات البعيدة، وكم هي زاهية ألوان البشر وآمال البشرية، وكم هي عميقة تلك القلوب بإيمانها ومحبتها، وكم هي ساكنة مطمئنة تلك النفوس في يوم عرفة المشهود. - رحابة المكان، من رحابة الإيمان في الصدور، وعظمة الملتقى، من عظمة الخالق المدبر، وقوة الإرادة من قوة الطاعة في السعي والازدلاف، والطواف، والاستعداد للتضحية والنحر واستكمال المناسك. - في يوم عرفات، ما زال ثمة فسحة للتأمل في الوجوه الواقفة، هذا العربي المسلم القادم من المحيط، وشقيقه القادم من بلاد الشام والخليج، وجوه من الصين وروسيا وأفريقيا وآسيا وأميركا وأوروبا، يحمل كل منهم همه الخاص، وهموم القبيلة، والشعب، والأمة، ويحيط هذه الهموم بإسوار الإيمان…
الأحد ١٤ مايو ٢٠٢٣
- بعض من الأفراد يوازون حجماً، حجم المؤسسات التي يديرونها، لا تضيف تلك المؤسسات على حجم الأفراد شيئاً من سطوتها ولا مزيداً من هيبتها، بل هم من يضيفون على حجم المؤسسات شيئاً من التقدير والرفعة، وتلك المهابة التي لا يتمتع بها إلا القليل من البشر، مثل هؤلاء يأتون ثقالاً بما يحملون من أحلام وأمنيات نجاح، ويذهبون خفافاً بعد أن ينجزوا الوعد ويوفوا بالعهد. - مسألة المستخدم الهندي أو الفلبيني أو العربي البسيط الذي يغش سائحاً أوروبياً بعشرة دراهم، ويقوم الأوروبي ويكتب مقالاً أو ينشر ذاك الخبر صوتاً وصورة في شبكة التواصل الاجتماعي، أو يتقدم بشكوى لشركة السياحة الأوروبية المنظمة للرحلة، ترى المستخدم البسيط يضيع بفعله ذلك، وبمربحه غير المقنن للعشرة دراهم، ملايين الدراهم نصرفها على السياحة الوطنية، وصنع صورة جميلة للخدمات، وذلك الفندق ذي الخمس نجوم.. هناك أشياء صغيرة تخرب أشياء كبيرة، دون أن ندري، علينا أن نحكم الأمور، ولا نتهاون.. لو وزارة السياحة الألمانية سمعت أن تركياً غش سائحاً أو باع خارج التسعيرة المفروضة أو حاول أن يستغل فوجاً سياحياً أميركياً أو باع شيئاً مغشوشاً لسياح أوروبيين، هل ستسمح أو تتسامح معه البلديات الألمانية أو وزارة السياحة أو هيئة التسويق أو أي جهة رقابية؟ فقط نريد أن نلون المناطق الرمادية، لتكون واضحة! - دائماً ما يرد على الذهن تساؤل…