الأحد ١٠ سبتمبر ٢٠١٧
«لن تقودي» كان شعارا رفع في وجه فكرة عادية جدا هي قيادة المرأة للسيارة، ثم تحولت لأزمة مستفحلة مع مرور الأيام. لنقل حاليا إن القانون يمنع، والقانون لم يكن نصا مكتوبا من البداية، بل هو تحول لذلك مع مرور الأيام، مع تأزم الفكرة بسبب بعض المحاولات الشهيرة من جهة، ومن وقف داعما لها من الخارج من ناحية أخرى، وبسبب الشحن المضاد لها من خلال السؤال عن أسباب للتحريم، أو من خلال خوف متأصل عند بعض الناس من كل أمر غير مألوف، جعل فكرة القيادة مرتبطة بمخاوف شتى على المرأة ومنها. وسط كل هذا القانون لا يمنح رخصة سواقة للمرأة، ولا يمنح أيضا رخصة لمن هم دون العمر القانوني من المراهقين فضلا عن الأطفال، لكننا اعتدنا أن نرى طالب المرحلة المتوسطة وربما الابتدائية يقود السيارة! أذكر أنني اعتدت في أحد الأحياء التي سكنت بها في مكة على رؤية الأطفال يضعون الوسائد تحتهم ليروا الطريق! فتحولت القيادة مبكرا لتدريب على الرجولة! أصبحت الفكرة مع الأيام أن المرأة لا يجوز لها أن تفعل ما يفعل الرجل فكأنها أصبحت فكرة أقرب للتشبه بالرجال! ككثير من قضايا النساء التي أزمت دون مبرر تأزم موضوع القيادة، وقبل أيام اعتذر شاعر عن قصيدة كتبها في سن صغير كما قال، وكرر أنه ملّ من الاعتذار عنها. إن كان…
السبت ٠١ يوليو ٢٠١٧
طيلة شهر رمضان الماضي سعدت بمتابعة برنامج النبأ العظيم الذي كان حوارا أداره الأستاذ يحيى الأمير مع الدكتور محمد شحرور. والمفكر السوري شحرور فاز هذا العام وكرّم في معرض أبوظبي للكتاب بجائزة «التنمية وبناء الدولة» عن كتابه «الإسلام والإنسان – من نتائج القراءة المعاصرة». وكان موضوع الحوار التلفزيوني اليومي هو ما سبق وطرحه الدكتور شحرور من مشروع قراءة القرآن الكريم وفق أدوات معاصرة، وانطلاقا من البحث عن معنى الإعجاز والعالمية والخاتمية الذي بدأه بعد نكسة عام 1967، عندما وقف أمام من يبررون النكسة بتصرفات بعض الناس. الدكتور محمد شحرور قدم من خلال البرنامج أفكارا مهمة وصل لها من خلال قراءة وبحث في معاني وتفسيرات القرآن، وربطها بواقع الحياة وصيرورة التاريخ والمجتمعات. وبينما كان المحاور الأستاذ يحيى الأمير يمثل الرأي السائد ويعترض على الأفكار المطروحة المخالفة للمألوف كان يؤكد أن ما يطرحه البرنامج هو دعوة للقراءة وليس حتى تفسير، بل محاولة للبحث في بعض القضايا التي تناولها القرآن. من الأفكار التي قدمها الدكتور شحرور، أن إعجاز القرآن ليس ما دارت حوله كتب البلاغة العربية، بل هو تعريف البلاغة ذاتها، وهو إيصال المعنى كاملا، وبهذا المفهوم أخرج الدراسات البلاغية التي دارت في فلك المحسنات البديعية مثلا، فالقرآن ليس ترادفا وتكررا، بل كل حرف فيه وجد لتأدية معناه كما هو معروف. فكرة مهمة…
السبت ٠٦ مايو ٢٠١٧
بهاتين الكلمتين رد سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على الأستاذ داود الشريان في مقابلته مؤخرا، مما يفتح بابا للحديث عن الإخوان من جانب الدور الإعلامي والتأثير الذي يقومون به في العالمين العربي والإسلامي. سعدت الأسبوع الماضي في زيارتي لمعرض الكتاب في أبوظبي بحضور ورقة ثرية، قدمها الأستاذ محمد الحمادي رئيس تحرير الاتحاد الإماراتية في الملتقى، استعرض فيها بعض الأفكار من كتابه «خريف الإخوان» دور الإخوان في الإمارات، وما حدث لاحقا من محاكمة ومحاسبة لهم. يقول إبراهيم الملا في معرض حديثه عن الكتاب «وفي إشارة فرعية بعنوانين جانبيَّين هما «وعن التغيير يتحدثون»، و«كيف يفهم الإخوان الإمارات؟»، يسرد الحمادي جانباً من البدايات المربكة التي فضحت تنظيم الإخوان في الإمارات، خصوصاً بعد التغيرات العنيفة التي عصفت ببلدان مثل تونس ومصر، واكتشف المخدوعون بهم أن مسميات لامعة مثل «الدعاة» و«المشايخ» كانت تخفي وراءها عملاً سياسياً مشبوهاً ومرتبطاً بأذرع أخطبوطية وشبكات متصلة بالخارج، خصوصاً مع رأس الأفعى، وهو تنظيم الإخوان الأم في مصر». في ظني أن الارتباط الأخطبوطي هذا هو أساس المشكلة، فلو كانت أفكار الإخوان مجرد تبنِّ لطرح أو نظرة معاصرة لواقع المسلمين كما يزعم بعضهم -وأعني الإخوان في الخليج- لما حدثت مشكلة، لكن المشكلة الكبرى أن التغيير الذي يطمحون إليه تغيير سياسي يصب في مصلحتهم الخاصة، لذا لا يقبلون إلا…
السبت ٢٦ نوفمبر ٢٠١٦
تقول العرب "اختيار الرجل قطعة من عقله"، أتذكّر هذا القول حينما أقرأ مختارات جميلة تثري، وأتذكّر أن صاحب الاختيار يقدم لنا شيئا من عقله ووجدانه جميلا خلابا يكشف عن ذوق رفيع، وعلى النقيض مَن يقدم لنا الأفكار السريعة المستهلكة أو المثيرة لغرض الجذب، والتي مهما حلقت عاليا فهي بالنهاية أشبه بفقاعة الصابون التي سريعا ما تختفي وتذهب بكل تكسر اللون القزحي المتموج وكأنها لم تكن يوما! الحرفية الإعلامية التي تقوم بها المؤسسات المميزة هي ما يجذب المتابعين ومعهم يأتي المعلنون، فالفقاعة الإعلامية صعدت ببعض الشباب إلى أفق المرئي والمتابَع؛ مع أنه قد لا يملك أكثر من مال أو معلومات بسيطة، ولكنها رسائل غير عميقة جاذبة للجماهير، والجماهير هم الفئة المستهدفة دائما؛ وقادت بالتالي إلى المزيد من تجهيل المجتمع بجعله متابعا لما يطرحه الشباب ويتابع تفاصيل يومهم، وهو ما يزال بحاجة إلى وقته ليستفيد منه في تنمية ذاته وممارسة خياراته بعيدا عن توجيه قاصر من قاصر! لو تابعنا مسيرة الإعلام لرأينا أنه تولد قنوات جديدة، وفي الوقت نفسه تمرض قنوات وصحف، وتموت قنوات وكذلك صحف ومجلات، ويبقى الجيد حاضرا، من يمكنه أن ينسى الرسالة المصرية؟! ومن نسي العربي الكويتية؟ ومن لا يذكر العرب السعودية وجاسرها حمد؟! أو حتى بعض البرامج أو اللقاءات الجميلة التي خلدها جمالها في أذهاننا! مئات القنوات تنتشر…
السبت ١٠ أكتوبر ٢٠١٥
قبل أن أبدأ بالموضوع أريد أن أقرر أن الاختلاف الثقافي بيننا شيء مفروغ منه، وسنة كونية، فالابن مختلف عن أخيه والولد عن والديه؛ والذي يصنع هذا الاختلاف عوامل موروثة وعوامل بيئية تؤثر في اختيارات الإنسان وقراره.ولو ركزنا على العوامل المؤثرة في بناء الإنسان العربي اليوم لتوقفنا عند ما يشبه نقاط التفتيش الثقافية تبدأ من الصراع مع الاستعمار الذي تسلق عليه تيار العروبة بشعارات جميلة ليصل إلى الحكم في معظم الدول التي تعرضت لهزات وحروب اليوم، ولوجدنا أن أول من تصدى للعروبيين هم التيارات الإسلامية كالإخوان الذين كانت لهم أيضا أطماع سياسية ولا تزال، وارتبطت أحيانا بالحاكمية أو حلم الخلافة.نقاط التفتيش السالفة تضاف إليها الحروب والصراع مع اليهود والثروات الهائلة في بلاد العرب التي يرنو لها الشرق والغرب وأهمها النفط. بعد العوامل السابقة التي أثرت في الإنسان العربي سيطرت على بعض الناس أفكار جعلتهم يتبنونها لحد الموت، والموت فكرة جيدة عندما يكون نبيلا كالدفاع عن الوطن، لكنه يتحول إلى كارثة عندما يموت المرء قاتلا لوطنه!لو تأملنا العربي الخاضع لأيديولوجيا سنجده يتبنى أفكارها ويعتد بها صنف نفسه بسهولة يعيش أو يموت مدافعا عن ولائه لفكرته كما رأينا في الحروب العربية الدائرة. المشكلة في الإنسان المسالم الذي لا يتبع المؤدلجين ولكنه قد يموت أو يعيش معذبا بسببهم؛ لأنه لا يخوض صراعاتهم ولكن صراعاتهم…
السبت ٢٦ سبتمبر ٢٠١٥
اجتمع للوطن قبل أمس في العاشر من ذي الحجة عيد الحج الأكبر وعيد اليوم الوطني فكل عام والمسلمين بخير؛ وكل عام ووطنا أجمل الأوطان بخدمته للمسلمين وخاصة حجاج بيت الله الحرام.بدأ اليوم بتهنئة من ملكنا سلمان وقبل أن ينتهي كان خادم الحرمين يعزينا ويعزي نفسه بفقد ضحايا حادث التدافع ويوجه بالتحقيق في مراجعة الخطط المعمول بها في الحج.وقد سبق توجيه خادم الحرمين السريع الذي أفضى إلى نتائج لجنة الرافعة السريعة فلا بد أن يؤدي هذا التوجيه إلى نتائج سريعة أيضا في مراجعة خطط الحج ومتابعة المقصر، فقد فجعتنا حادثة الرافعة بأكثر من مئة قتيل تناثرت أشلاؤهم بجوار بيت الله الحرام ونحن ندرك أنه كان بالإمكان تقدير الخطر وإبعاد الرافعات عن منطقة العمل في الحج.حادثة التدافع وكل حادثة تنتج في الزحام في الحج متوقعة، بل هي السبب الأول الذي يخاف المسلمون حدوثه في كل موسم حج وننتظر عودة الحجاج إلى أوطانهم لنعلن سلامة خطة الحج، ومن يقرأ الحادثة بالأرقام اليوم فهي سبعة أضعاف وفيات الرافعة، ومن ينظر للحادثتين في قربهما الزمني واجتماعهما في موسم واحد لا يمكن إلا أن يراهما مصيبتين عظيمتين، وقد يظن المراقب الخارجي أن هناك من يتعمد الإساءة ولكنه بالتأكيد يتجاهل أن المملكة قدمت خدمة الحجيج على أولى أولوياتها وحاولت استيعاب العدد الأكبر منهم، وما حوادث كالرافعة إلا…
السبت ١٢ سبتمبر ٢٠١٥
تكشف وسائل التواصل عن قدرة الإنسان على التعايش مع الآخرين أو التنحي جانبا والنأي بالنفس.ولا عجب أن يحفل الإنسان بالتواصل مع الآخر بقدر كبير ويقبل أو يدبر عنه. كلمة (غادر القروب) تحمل في طياتها رفضا معلنا أو مبطنا للتجانس مع المجموعة المغادرة التي قد تضيق بخروج من خرج أو تتنفس الصعداء لخروجه. اليوم إذا أردت أن تعرف رجلا أو امرأة اسأل من يعرفه: هل صحبته في قروب؟هذه الصحبة تشبه صحبة السفر بل تتفوق عليها؛ فالسفر قد يكون أياما أو سويعات معدودة، والصحبة التواصلية تخترق حياة الإنسان الذي لم يضبطها تقنيا ليل نهار؛ يفاجأ بتنبيه الوارد، ويقلق من نغمة "القروب" في عز نومه.. ملاحقة لحياته لا تنتهي في العمل والراحة والنوم واليقظة!ويملك بعض الناس حسا إنسانيا عاليا يردعهم عن إزعاج أوقات الراحة المألوفة، وينعدم هذا الحس عند من لم يع خطورة أن يتحول ما يرسله إلى منبع للقلق.لو عدنا إلى الفكرة المنبع، التواصل كنمط لحياة، نجد أننا نُصدم بأن من نظنهم الأقرب لنا لأننا نتلقى أفكارهم، ونتعاطى معها قد يكونون الأبعد حين نقف أمامهم حاملين دهشة السؤال، أو منتظرين إيضاح فكرة طرحوها يوما، وبقيت عالقة في أذهاننا.. نصدم لأننا نقف أمام صمت وتجاهل، أو ردود لا تحمل ما كنا نتوقعه أو لا تحمل إلا الخيبة.البشر شديدو التواصل، ينتظرون منك أن تؤمّن…
السبت ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤
قدمت يوم الأربعاء الماضي في جمعية الثقافة والفنون بالرياض، ورقة عن غازي القصيبي، أختصر هنا بعض الأفكار عن شاعريته من خلال بعض دواوينه ونقده الشخصي لأعماله، فلو تأملنا في سيرة حياته سنلاحظ أنه لم يكتب مذكراته بالمعنى المتعارف عليه فقط لكن كل عمل أدبي له كان عبارة عن جزء من سيرة حياته، يسير بنا مع غازي خطوة بخطوة وأول خطاه مع الشعر بديوان وآخرها كذلك كانت بقصيدة! عاش 70 عاما متنقلا في حياته وتعليمه وعمله بين محطات في مدن شهيرة. بدأ امتداد غازي الطفل ليستخرج لنا اللؤلؤ من جزائره في البحرين في ديوان: (أشعار من جزائر اللؤلؤ)، فقد كان والده عبدالرحمن القصيبي ويلقب بـ"شيخ اللؤلؤ"، كان وكيلاً سياسياًّ للملك عبدالعزيز في البحرين، ونلاحظ الارتباط بالمكان وبتسمية والده بشيخ اللؤلؤ وبين عنوان الديوان يقول: "آه ! كم أشقى بشيء مبهم ثائر.. يشعل نارا في دمي مرسلاً أصداءه عبر فمي عالم يسبح فيه قلمي" حياته في البحرين، كانت انفتاحا على حياة لم تكن ممكنة لو بقي في وطنه نظرا للغنى الثقافي في الكتب والحياة التي عاشها هناك ولعلاقاته الشعرية خاصة بصديقه الشاعر البحريني عبدالرحمن رفيع، وكان الشاعران من بداياتهما صديقين للشعر ولهما صولات وجولات ومعارضات ومنافسات. يقول غازي في سيرة شعرية بعد أن ذكر أنه بدأ يقرأ الشعر وأعجب بحافظ وشوقي والجواهري:…
السبت ١٢ أبريل ٢٠١٤
عشقت "الوطن" مذ كانت حلما بصحيفة تعبر عن جنوب الحب فإذا بها لا ترضى بأقل من أن تكون الوطن. أن تكتب للوطن أي أن يكون شغلك الشاغل الذي لا تنام عنه إلا لتصحو له بل أن يتسامى بعقلك مع أبخرة القهوة ونسمات الصباح وتهوى لهواه وتعشق كل شقاء يفضي له هذا الهوى وذو الهواء. جعلت اليوم أولى مقالاتي هنا عن ممانعة الكتابة ورضوخ الكاتب لها، فقد تأخذنا فكرة ما وتحول لغتنا بيننا وبين التعبير عنها، أو نجيد اللغة في وقت نعجز عن جياد الأفكار الأصيلة لأن الكتابة إبحار لا يهدأ يبحث عن الأجمل ويطمح للأكمل. هل أحدثكم عما تعرفون؟ بالتأكيد لا لكني أسترجع مع نفسي كل الخطوات الأولى بدهشة الاكتشاف وحب المغامرة والخوف مما لم نحسب له حسابا. الكتابة هي ملامسة سماء الطموح والتحليق عاليا وأقدامنا لا تزال ملتصقة بأرضنا. بعد هذه المصافحة الأولى مع أرواحكم تبقى الكتابة قضية ومسؤولية أخلاقية نعبر من خلالها خليطا من الحقائق نستخلصها من سيل من الرغبات المتضاربة والرؤى المتباينة لما هو واقع وما نرجوه من أفضل، لأننا يجب أن نتقبل فكرة أن نسعى للأجمل فلا نعترض لمجرد الاعتراض كما أننا لا نتصالح مع القائم ونقبله على علاته، فالكتابة وعي يتجاوز الواقع المعاش إلى الواقع المأمول، لكن لمن نكتب؟ ومن يقرأ؟ كنا نعد القراءة سياحة…