الجمعة ١٩ يونيو ٢٠٢٠
لا يخلو زمن من الأزمان ولا بلد من البلدان من تجار الحروب والأزمات ومن المنتفعين الذين لا يراعون إلّا ولا ذمة . هذه الفئة من البشر في ظاهرها تنتمي للبشرية لكنها في واقع الأمر تنتمي الى الشياطين وعتاة المردة من الجان. تجدهم في كل بقعة وفي كل ما يخص معيشة الناس أو صحتها أو سلامتها أو حتى حياتها ومماتها. في المواد الغذائية تجدهم بالمرصاد لكل حدث طاريء أو قرار حكومي يسعى لضبط ايقاع الحياة فيقلبون القرار الإيجابي الى كارثةاجتماعية تنهك الفرد والمجتمع. فتجدهم كالفئران المسعورة تتسلل من تحت الثقوب وزوايا الجدران فينهشون كل ما يسقط بيدهم ويحولونه الى استثمار قذر حتى ولو على حساب الضعفاء. هذه الأموال القذرة لا تختلف اطلاقا عن عمليات غسل الأموال وتبيضيها فهي في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. قرأنا عن حالات القاء القبض على عصابات تتاجر بالكمامات في ظل جائحة كرونا العالمية. عصابات لا تختلف كثيرا عن عصابات المخدرات فالسلوك الإجرامي الذي يتخذه عصابات المخدرات هو…
الخميس ١٨ يونيو ٢٠٢٠
خاص لـ هات بوست: عندما تذهب الحياة في كثير من مناحيها الى إعادة الضبط، وهو أمر لا نفعله في العادة الا بسبب قوة تقهرنا اليه، نلجأ الى الايمان بالأشياء التي نقلل من أهمية تأثيرها في حياتنا كثيرا، نتيجة الواقعية المفرطة والعقلانية ، ونتجاهل ضمن انشغالاتنا بالأثار الروحية التي تجلبها الينا أمور أخرى كالتدين والايمان والسكينة والابتعاد والخلوة بالنفس، وكما استجلى الوباء مسائل تتعلق بإعادة الضبط في كثير من امورنا العامة والخاصة، طال كذلك الأمر علاقتنا بالكتاب والقراءة والثقافة، وهي محل كثير من التساؤلات " فهل سيعود الامر كما كان؟" نعلم اننا إذا كنا سنشك في شيء فالثقافة وتوابعها أولى الأمور عندنا بالشك وقلة الصبر، ورغم أن كثير من الدراسات التي مزجت علم الاجتماع بالثقافة " الاجتماع الثقافي " ستعاود التأكيد على اننا لا يجب ان نفصل أثر ما يحدث في المجتمع عن ثقافته، بل ونشرك الأمرين في مدخلات العمل ومخرجات البحث للنجاح في إعادة الضبط، والاستفادة من التجربة، ولكن ولأن…
الخميس ١٨ يونيو ٢٠٢٠
هناك سيناريو كابوسى يعد له الآن بين إيران وتركيا! السيناريو يتلخص فى أن تقوم إيران صاحبة النفوذ فى اليمن بتمكين تركيا من الدخول مقابل أن تقوم تركيا صاحبة النفوذ فى ليبيا بإدخالها هناك. السيناريو هو أعطيك جزءاً من صنعاء مقابل أن تعطينى جزءاً من طرابلس. تبادل مصالح، تعاون فى المنافع، توجيه ضرر وعدائيات تجاه السعودية والإمارات ومصر. هذا السيناريو ليس افتراضياً، أو مجرد خيال كاتب، لكنه تصريح متعمد جاء على النحو التالى: صرح جواد ظريف وزير خارجية إيران: «لدينا وجهات نظر متقاربة ومشتركة مع تركيا، وتبادلنا الرؤى بالنسبة للأزمة فى اليمن ومعاناة الشعب اليمنى، ونحن منذ سنوات نريد أن تتحسن الأوضاع فى ليبيا واليمن، ولدينا رؤى مشتركة مع تركيا، ونحن ندعم الحكومة الشرعية فى ليبيا ونعتقد أنها (أى حكومة السراج) قادرة على إنهاء الأزمة، لذلك نرى أننا يمكن أن نتعاون فى رؤيتنا المشتركة فى اليمن وفى ليبيا على حد سواء». انتهى التصريح، ولكن يبقى أن رسالة جواد ظريف واضحة وهى…
الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠٢٠
"الوطنية من أنبل القيم وأسماها، وأرقى ترجماتها تكون بالأفعال. لكن أحد أكثر تجلياتها المتطرفة سلبيةً وتدميراً يقود بأصحابه لنصب محاكم التفتيش والتخوين والمزايدات. هنا تفقد الوطنية وظيفتها المرغوبة كوقود لبناء الأوطان والدفاع عنها، وتتحول إلى معول هدم يفتّت النسيج الاجتماعي الداخلي". التغريدة السابقة، نشرها الأمير عبدالله بن خالد في حسابه على منصة "تويتر". عبدالله بن خالد، أستاذ في "جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية"، وسبق له أن ترأس "إدارة البحوث" التابعة لـ"مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية"، أي أن الحديث التحذيري من "الوطنية المتطرفة" صادر من شخص له خبرته في متابعة الخطابات الأصولية والعنصرية، وأثرها السلبي على المجتمعات وتماسكها، ومدى الضرر الذي تحدثه بالسلم الأهلي. منذ العام 2011، وحتى الآن، تصاعدت نبرة لدى مجموعة من المعلقين في وسائل الإعلام التقليدية، تتناغم مع رهطٍ من الناشطين في منصات التواصل الاجتماعي، أخذت تتنافس فيما بينها حول مفهوم "الوطنية"، والولاء للوطن، والدفاع عنه، والرد على من يتعرض بالنقد له. وهو التنافس الذي عِوض أن…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠
يبدو أن مجتمعاتنا ابتليت بداء التنمر، ومازالت الجهود المبذولة لم توقف هذه الآفة التي تهدد السلم الاجتماعي، وربما تدمر حياة الكثيرين، المشكلة الأساسية أن من يقومون بالتنمر لا يدركون مدى جسامة وأذى ما يفعلونه، والأدهى أنهم يعتقدون أنهم على صواب، ويشمل التنمر كل أشكال العنف والإساءة والإيذاء الموجه تجاه شخص أو مجموعة من الأشخاص، وقد يكون تنمراً جسدياً أو لفظياً أو إلكترونياً، وقد يكون مباشراً أو غير مباشر، أي بالتصرف والفعل أو مجرد التهديد بأفعال أو أقوال معينة. وللأسف فقد سهَّل التواصل الإلكتروني ممارسات التنمر، حيث أصبح بمقدور أي شخص لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت التعدي على الآخرين بالقول والفعل أيضاً. للأسف، فالكثير من المواد الفنية المنشورة على الإنترنت، والكثير مما يذاع في التلفزيون، يتهكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على فئات من المجتمع، كالتهكم على من لديهم سمنة، أو ذوي الهمم، أو أصحاب البشرة السمراء، وفي العام الماضي قام أحد المدرسين بالسخرية من طالبة بسبب لون بشرتها! ماذا يحدث؟…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠
لم يحدث في تاريخ العالم العربي، مشرقه ومغربه، أن كان على مثل هذا التفكك الداخلي والحصار الإقليمي. والإقليمي هنا، تمييز عن المراحل الاستعمارية، التي كانت تشمل الشعوب الأخرى أيضاً. لكننا اليوم أمام حصار سِمتُه الأولى علانيته الفاقعة، أولاً، كهوية وأهداف دينية مذهبية، وثانياً، كهوية عرقية قومية توسعية منذ آلاف السنين: إيران وتركيا وإسرائيل. إيران تنشر أساطيلها و«مستشاريها»، وتركيا طائراتها ومرتزقتها، وإسرائيل تضيف إلى الاحتلالات ما تبقّى من فلسطين التاريخية. إيران ذات حكم مذهبي رسمياً وشعارات مذهبية علناً، وتركيا تحت حكم «الإخوان المسلمين» ومشروعهم المعلن، وإسرائيل تستعد لإعلان الدولة اليهودية. في المقابل، هناك تهافت عربي لم يُشهد له مثيل حتى في أيام الاستعمار: سوريا في قلب الانفجارات، وعلى حافة الإفلاس، والعراق ما بين الأمل الأخير والخوف الأخير، ولبنان أُقحم في مجموعة الدول الفاشلة اقتصادياً واجتماعياً، وفاضت فيه رائحة الوقاحة المفضية إلى الخراب الوطني. تحاول القوى الثلاث تهديم المؤسسة العربية التاريخية: إيران تضرب السعودية والخليج العربي بكل الوسائل، وتركيا تضرب مصر بكل…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠
ليل يذهب، وفجر يطل، وعالم يستيقظ على بؤرة خطر، تنبه فيه الحاجة إلى مصل يرتب وجدان السياسة، ويزيل عن كاهلها غبار العصاب، ويفتح نافذة لاتحاد عالمي ضد كارثة لم تفرق بين يمين أو يسار، ولا بين شرقي أو غربي، فالجميع في المصاب سواسية وهذه هي سنة الطبيعة، إنها لا تميز، ولا تتحيز، فهي الطلقة التي تذهب إلى حيث يكمن ضعف الإنسانية، وجهلها بأهمية الاصطفاف حول كلمة سواء، والخروج من تأتأة الارتياب والشك، والريبة، واضطراب المشاعر، وتفجر الأنا بحيث تصبح أشد ضراوة من الوباء نفسه. في آونة المصاب الجلل الذي حلّ بالبشرية، تكشفت كريات دم ضعيفة أصابت الجسم البشري بالعجز، في مواجهة وباء العصر، وصار لزاماً على الجميع وضع سماعة جس النبض على القلوب، لتحاشي أي انزلاق في هبوط ضغط الدم، وفقدان السيطرة على التوازن الأخلاقي، وانحسار الضمير البشري، والإصابة بعد ذلك بفقدان الوعي. نحن اليوم بحاجة إلى التضامن أكثر من وقت مضى، نحن بحاجة إلى التخلص من الأنا، والإمساك بقوة…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠
لسنا ضد الانتقاد، وهو سلوك حضاري مطلوب، إن كان الهدف منه التطوير أو المصلحة العامة، ولكن هناك فرق كبير بين النقد والتجريح والتشهير. تحدثت عن ذلك بالتفصيل في مقال سابق، وأعود اليوم للإشارة بوضوح إلى مثال واقعي، يوضح الفرق بين النقد والإساءة! هذا المثال حدث في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وللأسف من مسؤولة «حكومية» تحمل درجة «مدير عام» في حكومة دبي، علّقت على انتقاد موجّه إلى تلفزيون دبي، بتأخير موعد أذان العشاء، قائلة: «شكلها وكالة من غير بواب»، وتقصد بها القناة التلفزيونية! ورُغم أن هذا الانتقاد في الأساس لم يكن دقيقاً، حيث أثبت الإخوة في إدارة القناة، بالدليل والصورة، وبشكل موثق، أن الأذان رُفع في توقيته الصحيح، إلا أنه ومع افتراض حدوث خطأ من أي نوع كان، سواء في التلفزيون، أو في أي مؤسسة حكومية، فهل يجوز لمسؤول حكومي يعتبر شريكاً وزميلاً وعضواً في الفريق الحكومي ذاته، أن يسيء لزملائه وشركائه، بهذا الأسلوب الحاد من السخرية؟! إن كان الهدف هو…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠
يمكن أن يصنف الإعلام من الخطوط الأمامية في حفظ مكتسبات وسمعة الدول والإنجازات التي تحققت خلال أعوام، ولكن بطبيعة الحال اليوم أصبحت المنابر الإعلامية متاحة لدى الجميع، وتتفاوت الآراء والأذواق تجاه الوسائل الإعلامية سواء المحلية أو الخارجية. ينبغي هنا أن ندرك أمراً هاماً بأنه لا وجود نهائياً في العالم لما يسمى إعلاما مستقلا، فكل وسيلة إعلامية لها توجهاتها وسياساتها التحريرية وربما أجندتها الخاصة. ولكل وسيلة طريقتها الخاصة في صياغتها للمواضيع والتحقيقات بصورة ذكية وهو ما يجعلها تنجح في خداع القارئ أو المشاهد بأنها مستقلة، وهذا ما تمارسه العديد من وسائل الإعلام الأجنبية عند مخاطبة مجتمعاتها الغربية تجاه القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط. الدول اليوم انطلقت لتخاطب الخارج، تنقل ثقافتها وتبرز قوة اقتصادها وأمنها، بل أن هناك دولا أصبح إعلامها رادعاً كقواتها المسلحة لأي طرف يتحدث بسوء عنها، وتجعله يفكر بالتداعيات التي قد يتسبب بها، لذلك أصبح لدينا تصور عن قوة بعض الدول ونجاحاتها ولربما أصبحنا مغرمين بها بسبب إعلامها دون حتى…
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠
عندما قرأت هذه العبارة: «إن وردة جاكيت البدلة تعود إلى القرون الوسطى، عندما كان الجنود يحاربون في المعارك، تقوم زوجاتهم بجمع الورود من حديقة ما أو من فستان العرس نفسه، وتقوم بوضعها على الدرع الذي يرتديه أزواجهن، اعتقادا منهنّ أن هذه الأزهار تحميهم وترمز إلى حبهم الأبدي، وفي القرن السابع عشر بفرنسا، كان المدعوون الرجال يضعون هذه الوردة على القبعة، لإبعاد الحظ السيئ». عادت بي الذاكرة إلى 40 سنة للوراء، عند زيارة والدي لعمتي التي تستمهله قبل انصرافنا لتعدّ له -على عَجَل- قبضة من النباتات العطرية الموجودة قبالة منزلها الريفي، وتختار منها غصن ريحان صغيرا، يليق بالجيب العلوي لثوب والدي، ثم تقبلني وتعطيني باقة من النباتات العطرية المتنوعة في يدي كي أعطي والدتي، وما زالت هذه العادة الجنوبية يتحمس لها البعض، خصوصا يوم الجمعة، قبل الذهاب إلى الصلاة، فتعد لهم أمهاتهم وزوجاتهم «طيبا/ لفافة ورد وبرك وريحان» بحجم الجيب العلوي الصغير للثوب، كجزء من اكتمال الأناقة لكثير من أبناء جنوب…
الخميس ١١ يونيو ٢٠٢٠
بعد شهور من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة وباء «كوفيد 19»، بدأ المجتمع وبتعليمات دقيقة من الجهات المختصة بالعودة للعمل وممارسة الشؤون اليومية بشكل تدريجي ومدروس، ما يعني الانتقال نحو مرحلة جديدة من مكافحة المرض وتجاوز التحديات التي يفرضها على مختلف نواحي الحياة. إن هذه العودة لا تعبر عن اختفاء الفيروس أو زوال الخطر، بل عن قدرة البشر على ابتكار أساليب جديدة ومبدعة للعيش، تقلص من إمكانية الإصابة بالفيروس للحدود الدنيا وتحفظ للحياة دورتها الطبيعية في الوقت ذاته، وهنا يأتي دورنا كإعلاميين في توجيه الجمهور نحو الانتصار على الوباء وليس التعايش معه، ونحو ترسيخ الوعي والانتباه لكافة تفاصيل حياتنا حتى تلك الصغيرة منها والتي نظن للحظة أنها غير مهمة. قرار العودة للنشاط اليومي هو في الحقيقة رهان على الوعي الفردي والجماعي وإيمان بقدرة البشر على الارتقاء الدائم بأشكال وأساليب حياتهم، هذه القدرة التي أثبتوها بكفاءة في محطاتهم التاريخية الحاسمة، عندما انتصروا على تحدياتهم وطوروا ممارساتهم وأدواتهم حتى وصلنا إلى…
الخميس ١١ يونيو ٢٠٢٠
الإمارات، الدولة العربية الأكثر أماناً للعيش، في ظل جائحة «كوفيد- 19»، تبعاً لتقرير نشرته مجلة «فوربس» الأميركية، واختبرت بموجبه مؤشرات عدة في مواجهة الفيروس، خلال الشهور الماضية في مئة بلد، وقد جاءت الإمارات في المرتبة الحادية عشرة عالمياً، متقدمة على معظم الدول الأوروبية، والولايات المتحدة. المؤشرات تقصت معايير كثيرة، مثل «كفاءة الحجر الصحي والمراقبة والكشف والاستعداد الصحي والكفاءة الحكومية»، وهذه كلها تشكل العوامل الأكثر فاعلية في المواجهة والتكيف العام مع الجائحة، وتكشف مدى متانة قطاعات الدول الصحية والاقتصادية، وقدرتها على احتواء الصدمات الاجتماعية عند انتشار الأوبئة. موقعنا في هذا التصنيف يمنحنا ثقة تتعدى مواصلة النجاح في التصدي للوباء، مع استمرار انتشاره صيفاً، ووسط توقعات علمية بموجة ثانية الشتاء المقبل، فنحن نتعامل محلياً مع أزمة عالمية، ترتفع أرقام ضحاياها في كل لحظة، وتعصف بأكبر الاقتصادات، وتضع أسساً جديدة للسياسة الدولية، وكل نجاح في هذا السياق ينطوي على اكتشاف لمكامن قوتنا في إدارة الأزمات الكبرى، سواء في ظل «كورونا» أو غيرها. الإدارة…