الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٨
في ٢٥ ديسمبر الماضي، كتبت مقالة بعنوان «جهلة حاقدون يقدمون أنفسهم خبراء». من تحدثت عنهم في تلك المقالة هم من المنافقين المبتزين الكذابين الذين لا يفقهون في السياسة، وإنما تغذيهم أحقادهم وضغائنهم ويشتمون كالببغاوات، يرددون ما يلقنهم سادتهم الجبناء ليملأوا أثير الفضائيات والإذاعات ومواقع «التواصل» بصراخهم وتفاهاتهم وفبركاتهم وتقوّلاتهم غير المسنودة بأية حقيقة! مناضلو مقاهي لندن وباريس وغيرهما، أولئك الذين يحتضنون «الكيبورد» في المنافي والمهاجر، والجاهزة حلوقهم للعلعة ويهرفون بما لا يعرفون، مسيرون بالمال القذر. فقد انطلقوا ليواكبوا المذبحة الإسرائيلية في غزة، ومشاهد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الشرقية المحتلة، بهجوم قبيح ومتجنٍّ على السعودية ومواقفها الثابتة التي يعرفونها كما يعرفون حجم أباطيلهم. وكان الأجدر بهم أن يعودوا من مهاجرهم إلى غزة ليساندوها أو يتبرعوا لها إن كانوا صادقين، بدلاً من هذا التجني الذي لا تسنده حقيقة، ولا يبرره مبرر. ومن المؤسف أن يضطرنا هؤلاء السفهاء إلى الرد عليهم، وهم لا يستحقون الالتفات لهم، لا لنعدد ما…
الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٨
إذا جمحت بي نفسي - وكثيراً ما هي تجمح وتتمرد ولا يعجبها العجب - لهذا ألجأ بين الحين والآخر إلى ترويضها بالقراءة في بطون الكتب التراثية، خوفاً من أن أفقد (بوصلتي) وأجنح في لجج الأمواج العاتية في هذه الدنيا الجميلة القبيحة. واكتشفت أن اللغة العربية لغة عبقرية كثيرة الاستعارات والكنايات، خصوصاً في ابتكارات التشابه. ولو أني سألت أحداً عن «خلاخيل الرجال» مثلاً، فقد يهزأ بي، هذا إن لم يلقمني حجراً، ولو أنه علم أنها «القيود» لنام وفي بطنه بطيخة صيفيّة، وهذا هو علي ابن الجهم يقول عندما كان في حبسه: إذا سلمت نفس الحبيب تشابهت حروف الليالي سهلها وشديدها فلا تجزعي أما رأيت قيوده فإن خلاخيل الرجال قيودها أو ما هو «سهم الإسلام»؟!، لأجبت: كان السلف يقولون في وصاياهم إذا مررت بقوم فابدأهم بسهم الإسلام وهو: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وهل تعلمون أن «الحمّى» هي «داء الأسد»، لأنها كثيراً ما تغزو الأسد حتى أنّه قلّما يخلو منها ساعة، وقال…
السبت ١٩ مايو ٢٠١٨
من أصداء مؤتمر أبوظبي الذي عقد الأسبوع قبل الماضي، ذلك المحور الذي يمثل تحديا وهدفا للمؤتمر: المجتمعات المسلمة.. الفرص والتحديات، وهو محور فقه المواطنة، جاءت مفردات المحور متعددة ضمنا في الكثير من محاور اللقاء، وتم تخصيص محور كامل تحت عنوان: الانتقال من فقه الضرورة إلى فقه المواطنة. هنا لا بد من مواجهة الآتي: ثمة حالة من التيه تسيطر على قضايا الوطنية والمواطنة والدولة الحديثة في مختلف المصنفات والكتب الفقهية التراثية والكتب الفقهية الحديثة التي تتكئ عليها، فالدولة الوطنية الحديثة تمثل آخر منتج توصلت إليه الحضارة الإنسانية كإطار لتنظيم حياة المجتمعات وإدارة العلاقة بينها وبين أفرادها الداخليين، ذلك المنتج لم تدركه كتب الفقه التراثي زمنيا وبالتالي فليس ثمة حاجة للبحث عن تأصيل للوطنية من خلال الفقه القديم. هناك ما هو أهم وأكثر عمقا ويمكن أن يمثل مستندا دينيا وتاريخيا ننطلق منه في تأصيل مفهوم المواطنة لا شكلها، وهو ما ذهب إليه المؤتمر بكل نجاح؛ إنها وثيقة المدينة. مثلت تلك الوثيقة منطلقا…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
السبت ١٩ مايو ٢٠١٨
في طفولتنا لم تكن شائعة مسألة صوم الصغار، على الأقل في دائرة الحي والأطفال الذين كانوا نحن وأخوتنا وأبناء جيراننا ومن كانوا يلعبون معنا طيلة نهارات رمضان، لكننا كنا نشهد رمضان بكل طقوس أهلنا فيه، صيامهم والأطباق التي كانت تعدها أمهاتنا وجداتنا، صلاة التراويح وتلاوة القرآن طيلة النهار، وغير ذلك مما اختبأ في الذاكرة! كان من النادر جداً، بل ومن غير المعروف أن يطهى طعام خاص للصغار في رمضان بحجة أنهم صغار وسيجوعون حتماً، هذه العذوبة في التعاطي لم تشهدها طفولتنا، كنا نأكل ما يمكن أن يتوافر من طعام بقي على حاله لم يمس من بقايا أطباق البارحة، أو انتظار مدفع الإفطار وأذان المغرب، أما المحظوظون منا فهم من كان يعد في بيوتهم قدر «الهريس» الضخم، الذي يقوم أحد الرجال قبل الإفطار بساعة على الأقل بما كان يعرف بعملية «ضرب الهريس» أي خلط محتويات القدر قبل أن يسكب في الأطباق ويوزع! بعض المحظوظين من الصغار كانت لديهم إمكانية الحصول على…
السبت ١٩ مايو ٢٠١٨
تشدد المملكة من إجراءاتها القانونية في ملاحقة المخالفين الوافدين على أراضيها، وأطلقت (حملة وطن بلا مخالف) بمشاركة 19 جهة حكومية؛ لترحيل كل وافد ليس لديه وثيقة إقامة تثبت هويته، أو لديه وثيقة إقامة وخالف نظام الإقامة والعمل، أو دخل السعودية بتأشيرة حج أو عمرة أو زيارة أو عبور ولم يبادر بالمغادرة بعد نهاية صلاحيتها، إضافة لكل وافد خالف التعليمات بالحج بدون تصريح. وقد أسفرت الحملة التي بدأت منذ منتصف شهر نوفمبر الماضي 2017 إلى ترحيل أكثر من مليون مخالف عن المملكة، بينهم (759) ألف مخالف لنظام الإقامة والعمل، و (85) ألف مخالف لنظام أمن الحدود، و (190) ألف مخالف لنظام العمل. ويمثل الرقم المليوني الذي وصلت إليه الحملة تصميماً سعودياً على تعزيز الأمن في المجتمع، ومكافحة الجريمة، والحد من البطالة، وتقليل الكلفة الاقتصادية على مشروعاتها وخدماتها الحيوية، إلى جانب حماية السوق من أي تجاوزات، وتهيئة البيئة الاستثمارية أمام رجال الأعمال من الداخل والخارج لممارسة تجارتهم من دون أي معوقات. وقد…
السبت ١٩ مايو ٢٠١٨
بالأمس استقبلت الإمارات شهيداً جديداً وبطلاً آخر من جنودنا البواسل ضمن قواتنا لإعادة الأمل في اليمن، إنه الرقيب سعيد الهاجري الذي ضمه ثرى هذه الأرض الطيبة ليخلد اسمه في سجل الأبطال. وأنا أسمع خبر استشهاد الهاجري وأتابع توجيهات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتية بتسيير الهيئة ثلاث بواخر مساعدات إلى أرخبيل سقطرى، تحمل آلاف الأطنان من المواد الرمضانية، تذكرت الزوبعة الإعلامية التي قامت بها بعض الأطراف اليمنية، وإعلام الإخوان والإعلام القطري، في محاولة لتشويه دور دولة الإمارات في جزيرة سقطرى، هذا الدور الإنساني القديم، ومحاولة تصوير الوجود الإماراتي هناك وكأنه احتلال، واليوم وكل يوم تؤكد دولة الإمارات للأحرار والشرفاء في العالم دورها الإنساني، وهو نشر السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وكذلك المساهمة مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب وقطع التمويل عن الإرهابيين وعدم السماح لهم بالسيطرة على أي جزء من منطقتنا العربية. لقد هاجموا الإمارات كثيراً لتخلو لهم أرض…
الخميس ١٧ مايو ٢٠١٨
يروى أن دباً كان يعدو في إثر اثنين كانا يفران منه في الغابة. فوقف أحدهما ليحكم رباط حذائه. التفت إليه الآخر فقال وهو يلهث: يا أحمق أتحسب أنك تسبق الدب؟!، فأجاب الآخر: ويحك، لا أريد أن أسبق الدب، بل يهمني أن أسبقك أنت، حتى تكون أنت فريسة للدب الهائج فيشبع!، صعق صاحبه من هول الصدمة. هذه القصة الرمزية، تذكرني بمجريات الحياة وبيئات العمل. فتجد زميلاً مهنياً يمضي جل وقته في تفانٍ لتطوير زملائه أو مرؤوسيه، فيما يضمر له هؤلاء الشر، رغم نقائه وصدقه في معاونتهم. ويفعل هؤلاء اللؤماء ذلك، على أمل أن يظفر أحدهم بمنصبه أو امتيازاته، بعد استقالته أو نقله أو نفيه إلى منطقة نائية. وهناك من يتحين الفرصة ليبالغ في إظهار مشاكل مديره أمام الإدارة العليا، فما إن يعود المدير من إجازته، إلا وقد اكفهرت وجوه مسؤوليه بسبب من كان يمشى بالنميمة، أو المبالغات، أو القصص التي ليس لها أساس من الصحة. واللئيم لا يؤتمن على سر، فاللؤم…
الخميس ١٧ مايو ٢٠١٨
في غرة رمضان لا بد أن يكون لدينا فعلان، فعل الاحتفال، وفعل التذكر، والاحتفال لا يتطلب تذكيراً به.. لكن نكبة فلسطين تتطلب ألا ننسى، ولا يكفي التذكر، بل لابد من التحرك العربي العاجل والفاعل والقوي لاحتواء التداعيات الخطيرة لقرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو القرار الذي حذرت الإمارات من تبعاته وآثاره السلبية على مسيرة السلام. وقد وقعت التداعيات فعلاً، وكانت صدمة العرب والعالم كبيرة باستشهاد ثلاثة وستين فلسطينياً، وإصابة المئات برصاص الاحتلال، لمجرد أن أولئك الأحرار العزل تظاهروا في ذكرى اغتصاب أرضهم، واحتجاجاً على نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وتحركت الإمارات بقوة لمعالجة الجرحى الفلسطينيين، ولن يتوقف تحرك الإمارات الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس. ويبدو أن إسرائيل في كل مرة تسعى لإطلاق رصاصة الرحمة على عملية السلام وحل الدولتين، وهي العملية المتوقفة أساساً، والراقدة على سرير المرض تصارع الموت، كما يبدو أن الدور الأميركي كراع لعملية السلام قد تأثر…
الخميس ١٧ مايو ٢٠١٨
هي الإمارات، هي الأمن والأمان والاستقرار، هي العون والأمل، وهي الاقتصاد القوي، وهي وجهة الزوار، وقِبلة الشركات العالمية، هي القوة الناعمة التي أسست لها مركزاً قوياً بين دول العالم قاطبة، واسماً مُلهماً لكل شباب الوطن العربي، هي النمو والتنمية، وهي الإنسانية والخير والمحبة والسلام. هذه الأشياء، وغيرها أشياء كثيرة، تقوم عليها مبادئ الدولة، ثبتت عليها منذ تأسيسها ولم تتخلَّ عنها أبداً، وهذه المبادئ هي المحرك الرئيس لسياسة الإمارات واقتصادها، وهذه المبادئ هي التي تحتويها كل رسائل الإمارات المباشرة وغير المباشرة، في كل الاستراتيجيات التي تضعها، والمشروعات التي تنفذها، والمبادرات التي تطلقها. الأسبوع الماضي شهد مبادرة صنّاع الأمل، وهي الصناعة التي تُجيدها الإمارات، وتحاول جاهدة أن تجعلها الصناعة الرئيسة في الوطن العربي، فهي مبادرة إنسانية رائعة، نظمتها دبي وأرسلت قيمها ومعانيها الراقية، بشكل مباشر، إلى جميع أنحاء العالم العربي. وقبل ذلك، وفي الأسبوع ذاته، أعلنت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، عن عزمها استثمار 165 مليار درهم على مدى الأعوام الخمسة المقبلة،…
الخميس ١٧ مايو ٢٠١٨
هذا الصباح ليس كبقية الصباحات. قف. ومرر ما مضى من أيام السنة سوف تجد أن صباحنا اليوم يتلاقى ويتطابق مع زمن مضى كانت فيه النفس أكثر استقرارا وخشوعا، أكثر تجددا وأعمق ثباتا، وصباح اليوم يهل علينا بعد أن أضنانا الشوق تلهفاً عليه، فطوال العام ونحن ندعو الله أن يعيد علينا لحظاته بأيامها ولياليها وساعاتها، يخطئ من يظن تشابه اللحظات وأننا أرقام تعبرها عقارب الساعة ونحن مصلوبون في أماكننا، إن عبور الزمن له بهجة حتى وإن كانت تدفعك للمجهول فسعادة تكرارها يشعرك بنبضات الزمن في أوردتك. للأيام ثنائية صحبة تفترق وتتوزع على مدار العام حتى إذا عادت تذكرنا بكل ما كان لنا من ممارسات جماعية، ألفنا على فعلها، والفعل الجماعي يكتسب فرحته الخاصة، إذ نشترك جميعا على أداء نفس الفعل.. ومنذ صباح اليوم سنجد أنفسنا نجدد ممارسة أفعال لا نقوم بها إلا في هذه الأيام وهذه الصحبة، صحبة الأيام في تشابهها وفي تكرارها نتشابه.. نتشابه في تداخل وتضافر اللحظات وكأنها جديلة…
الخميس ١٧ مايو ٢٠١٨
كان القرار الأميركي مجحفاً وخطأ كبيراً بنقل سفارة واشنطن إلى القدس مجاناً وبلا مقابل، ومن دون أن تقدم إسرائيل أي ثمن أو تخطو خطوة للأمام تتقدم بها عملية السلام المتعثرة، فالقرار الأميركي يعتبر مخالفة جسيمة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد أن مدينة القدس أرض محتلة منذ عام 1967 وتمنع الدول من نقل سفاراتها إليها، والحكومة السعودية، مثلاً، سبق لها أن حذرت من «العواقب الخطيرة لمثل هذه الخطوة غير المبررة لما تشكله من استفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم»، ثم جاء نقل السفارة فعلياً ليكون بمثابة الهدية الكبرى التي تزيد من الصلف الإسرائيلي، وربما ليس جديداً ما تفعله قوات الاحتلال بهذا التعنت ضد الأبرياء العزل، فهي تفعله منذ قيام الاحتلال في 1948، لكن من المهم الإشارة هنا إلى أنه ليس جديداً كذلك المتاجرة بالدم الفلسطيني بوسائل رخيصة وطرق بالية سواء من دول أو أحزاب أو جماعات، فلطالما كانت القضية الفلسطينية مصدراً للمقاومة الشكلية تارة، والممانعة الشعبوية تارة أخرى، والاستغلال السياسي…
الأربعاء ١٦ مايو ٢٠١٨
منذ بدأ الرئيس دونالد ترمب فترته وهو يسير في خطين متناقضين تماما، خط مكافحة الإرهاب ممثلا في مواجهة التنظيمات الإرهابية مثل داعش ودحرها وكذلك الوقوف ضد الاتفاق النووي مع إيران ثم الخروج منه وترتيب إعادة فرض العقوبات عليها ما يمكن أن يردع إيران عن تبني التنظيمات الإرهابية التي تتبناها وتثير بها الفوضى في منطقتنا، والخط الآخر هو نسف ملف كبير ومهم كخطوة من شأنها إثارة التوتر إلى أقصى مداه في منطقة الشرق الأوسط والمحيط العربي، بتنفيذ قراره نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى مدينة القدس، وهو قرار لم تتخذه أي إدارة أمريكية سابقة، وتم اتخاذه رغم احتجاج الدول العربية المتضامنة بصدق وإخلاص مع القضية الفلسطينية، وما زالت الذاكرة القريبة تستدعي مؤتمر القمة العربية الأخير في المملكة الذي أطلق عليه الملك سلمان قمة القدس. فعلها الرئيس ترمب في يوم حزين سقط فيه عشرات القتلى وآلاف الجرحى المدنيين بالرصاص الإسرائيلي، فعلتها أمريكا ولم تفعلها بقية الدول الغربية حتى التي خرج منها وعد…