الإثنين ١٤ مارس ٢٠١٦
تكشف الخطابات التي ألقاها الأدباء الفائزون بجائزة نوبل للآداب عن جوانب كثيرة في شخصياتهم، منها ما يتعلق بحياتهم الخاصة، ومنها ما يتطرق إلى نظرتهم إلى الكتابة والأدب، وعلاقتهم بالآخر، وموقفهم من العالم وأحداثه بشكل عام. في الخطاب الذي ألقاه البرتغالي، جوزيه ساراماغو، عام 1998 في حفل استلامه الجائزة، تحدث صاحب رواية «العمى» بحميمية كبيرة عن جده الذي يعده سيد المعرفة في العالم، رغم أنه لم يكن يقرأ أو يكتب، ووصف حادثة وفاته بصورة مؤثرة جداً، فقال: «إنه عندما شعر بقرب وفاته ذهب إلى حديقة بيته التي تقع خلف بيته، وكان قد زرع أشجارها بيده، ومنها أشجار زيتون وتين، ثم إنه أخذ يعانق الأشجار شجرة شجرة وهو يبكي، ليقول لها وداعاً، كان يعرف أنه لن يراها مرة ثانية»، وعلق ساراماغو على هذا الموقف قائلاً: «إن رأيت شيئاً كهذا وإن عشته ولم يترك فيك ندباً إلى آخر العمر، فإنك رجل بلا إحساس». وفي الخطاب الذي ألقاه عام 2006 في حفل تسلمه الجائزة،…
الإثنين ١٤ مارس ٢٠١٦
«إنَّ الذين عاشوا ورأوا (أبونا) الشيخ زايد في الخمسين سنة التي مرت يقولون.. قدوتنا الشيخ زايد.. لهذا السبب ظهرت جملة في بلادنا الكل يذكرها... نحن أولاد الشيخ زايد.. لكن هذه الكلمة أرجو أن تقال في المكان والزمان الصحيحين وللعمل الصحيح»... بهذه الكلمات أنهى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الحفل الأنيق لتكريم الفائزين بجائزة أبوظبي في دورتها العاشرة ليلة أمس. لقد كانت كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد مباشرة، صادقة ومعبرة، عندما بدأها قائلاً «إننا اجتمعنا اليوم لحاجتنا للقدوة الحسنة»، واعتبر سموه أن الفائزين الثمانية بجائزة أبوظبي هم قدوات حسنة لنا جميعاً، يجب أن نقتدي بهم في العمل والعطاء والتميز، وبدا سموه حريصاً على أن يُنهي كلامه بنصيحة موجهة لكل من يطلق على نفسه أنه من «أولاد زايد» أو «عيال زايد» بأن يستخدموا هذا الوصف في المكان الصحيح والزمان الصحيح وللعمل الصحيح، ولا يخفى على أحد أهمية هذه النصيحة…
الإثنين ١٤ مارس ٢٠١٦
بحفل افتتاح «عالم ديزني» في مدينة «أورلاندو» بولاية فلوريدا عام 1971، وقف شقيق والت ديزني أمام قصر «سندريلا» في مملكة السّحر، وأعرب عن أمله للجموع المحتشدة، أن «يجلب عالم ديزني الفرح والإلهام لكلّ من يقصد هذا المكان السّعيد». لم يكن ديزني المؤسس وصاحب الفكرة الأولى موجوداً يومها، كان قد رحل قبل ذلك بسنوات. مضى ولم يترك للبشرية قنبلة أو سلاحاً مدمّراً أو حتى جائزة مزيّفة تخلّده، وإنما ترك لنا صناعة مدهشة، عنوانها «الفرح والمسرّة». انتقدني أحد الأصدقاء عندما زرت «ديزني لاند» ذات يوم، ولم أكن أدري حينها، لماذا تُستكثر عليَّ نعمة السّعادة، التي دفعت ثمن تذكرتها عند باب الدخول؟! وضميري العاقّ، الذي يفترض أن يكون في صفّي بدأ يؤنّبني، ويكرّر عليّ ما يشبه معزوفة ذاك الصديق: «ألا تفكّر بالفقراء والمحرومين وضحايا الحروب؟ أنت ترقص وتغنّي وتلعب، وغيرك يتشرّد ويجوع ويتعب!». فوجدت نفسي أقول مدافعاً: «نعم لعبت وغنّيت، ولكنّني لم أرقص»!. إلا أنّ دفاعي لم يكن مجدياً حينها، إذ حالاً بدأ…
الأحد ١٣ مارس ٢٠١٦
الإمارات دولة تسير وفق استراتيجيات ورؤية واضحة، على المستويين الداخلي والخارجي، خطواتها مدروسة، وسياساتها معلنة، وتدرك تماماً جميع التحديات الحالية والمستقبلية التي قد تواجه المنطقة، لذا فهي تسير بثبات نحو مواجهة كل تحدٍّ وفق استراتيجية تعاون وتنسيق مشترك مع البلدان الشقيقة والصديقة، للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. الإمارات دولة سلام ومحبة، نشأت على المودة والوحدة، واستمرت على هذا النهج، تكره العنف وتنبذ الإرهاب، وتحاربهما دون هوادة، وتُشارك في أي جهد عالمي أو إقليمي لمواجهة الإرهاب واقتلاعه من جذوره، وتدعم أي جهد من أجل التعاون لحفظ أمن واستقرار المنطقة والعالم، تسير بثبات ضمن هذين الخطين، فلا سلام وحب مع وجود عنف وإرهاب، ولا مكان للإرهاب حيث تنتشر المحبة والاستقرار. الإمارات تتطلع إلى مرحلة جديدة تنتقل فيها من «المشاركة» في صنع غدٍ أفضل للإنسانية، إلى الريادة في تحقيق هذا الهدف بمشروعات نوعية تطال آثارها الإيجابية مختلف أرجاء العالم، هكذا يرى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة…
الأحد ١٣ مارس ٢٠١٦
من المبهج أن تجد لوحة عسكرية بالغة القوة والفخر في التوقيت المناسب، ومن دواعي الاعتزاز أن تُرسم هذه اللوحة المختلفة في بلدك، وتكون حاضنة لما يدور في هذه اللوحة من فن وتشكيل. سنمضي بعد العرض العسكري «رعد الشمال» لجملة من الأماني التي علقت بالحناجر زمناً طويلاً وكانت بعيدة من التناول أو متعذرة الاقتراب من ساحة التخيل والتأمل، وأعيد ذلك إلى أن حجم التهديدات على الخريطة بات هائلاً ومرعباً وداعياً لتضامن عربي إسلامي حقيقي وأكثر ملامسة للواقع. لم يعد من الممكن أن تواجه قوى الشر الصريحة والمستترة إلا بقبضة أكثر ثقلاً وإيماناً بأن الجراح وإن تناثرت والأوجاع وإن كانت هنا وهناك، تصب في تهديد رئيس وهو أن يظل استقرار المنطقة على المحك وتبقى طموحاتها وأمانيها أسارى لطحن أهلي وفتن مذهبية وجماعات دموية تمارس التفتيت والتفكيك للعقول قبل الأجساد. حجم التطلعات عالٍ ورفيع، والرسائل التي تحضر برفقة هذا التلاحم والتماسك العربي الإسلامي في صورته الأكثر إسعاداً هي رسائل تفصح عن أن الرؤى…
الأحد ١٣ مارس ٢٠١٦
آخر تصنيف لـ«حزب الله» اللبناني كإرهابي جاء من الجامعة العربية في القاهرة، وقبلها من مجلس وزراء الداخلية العرب في تونس، في حين كنّا نظن أنه إرهابي منذ عقد مضى، عندما اغتال صفوة القيادات اللبنانية، ثم انخرط في قتل آلاف المدنيين السوريين. بالفعل كان إرهابيا ولا يزال، لكن لم تكن هناك الجرأة على البوح رسميًا بذلك، حتى أعلنت الحكومات العربية رسميًا الأسبوع الماضي أن «حزب الله» إرهابي. ولم يدافع عن الحزب في اجتماع وزراء الخارجية، سوى لبنان المغلوب على أمره، والعراق شبه المغلوب على أمره، والجزائر التي عودت الجامعة العربية على تأييدها إيران منذ أن قامت بدور العراب في إطلاق سراح الرهائن الأميركيين الذين احتجزوا في سفارتهم في طهران! أما التسع عشرة دولة عربية الأخرى فقد اصطفت صراحة هذه المرة ضد «حزب الله»، في تغيير سياسي وشعبي كبير غاضب يلف العالم العربي ضد الحزب. وإلى قبل أسابيع قليلة مضت كانت معظم الحكومات العربية تتحاشى انتقاد «حزب الله» علانية، حتى بعد تورطه…
الأحد ١٣ مارس ٢٠١٦
لا يخفى على أحد ذلك التوتر السائد حالياً بين تركيا وإيران على خلفية الخلاف حول بعض الملفات السياسية والطائفية. فنظرة تاريخية على الخلاف بين الطرفين يتبين لنا أن هذا الخلاف ليس وليد اللحظة التاريخية الراهنة بل هو في واقع الأمر حصيلة قرون من التوتر والصراع بين أكبر إمبراطوريتين مسلمتين غير عربيتين. فمنذ القرن السادس عشر عندما تحولت فارس إلى المذهب الشيعي وكانت تجاور الدولة العثمانية السنية التي كانت تمثل في ذلك الوقت مركز ثقل الخلافة الإسلامية وحامية المذهب السني، كان الخلاف بين الطرفين حاداً ومؤثراً على وحدة العالم الإسلامي. وطوال القرن السادس عشر لم تتوقف الحروب بين الطرفين والتي كانت أسبابها مزيجاً من الخلافات السياسية والخلافات المذهبية والمصالح الآنية لكلا الطرفين. ومما أجج الخلاف بين الطرفين هو دخول أطراف أوروبية ذات مصالح خلف كلا الطرفين الخصمين. كانت وتيرة الخلاف بين الطرفين تتوقف على من يكون في السلطة ومدى القوة والسيطرة التي يتمتع بها. ففي فارس عندما حكم حكام ضعاف أثروا…
الأحد ١٣ مارس ٢٠١٦
قدر هذه المنطقة أن تعيش التحديات الكبرى وسط محيط جغرافي لا يهدأ، والعقد الجديد من القرن الحادي والعشرين، فرض على دول الشرق الأوسط واقعاً جديداً، وهو أن تعتمد على نفسها في مواجهة التحديات الجدية بعد أن أصبحت لرئيس الولايات المتحدة باراك أوباما «قناعات خاصة» في كل ما يتعلق بهذه المنطقة ومشاكلها وتحدياتها. الجانب المشرق في هذه الأزمات والتحديات، هو أن دول المنطقة تنبهت مبكراً للواقع الجديد، وتعاملت معه بشكل عملي، فبمواقف الإمارات والسعودية وبعض دول الخليج، تم إنقاذ مصر من مستقبل مجهول بعد حكم «الإخوان»، وبقيادة المملكة العربية السعودية تم تشكيل التحالفات من أجل مواجهة الأخطار والتحديات، ففي العام الماضي شكلت التحالف العربي للوقوف مع الشرعية في اليمن، وانطلقت «عاصفة الحزم» لتحرير اليمن من الانقلابيين، فقد استشعرت المملكة ودولة الإمارات الخطر الكبير الذي يهدد اليمن، فتدخلتا من أجل دعم الشرعية وطرد الطامعين والعابثين.. وبالأمس أتتنا بشائر الانتصارات من جنوب الجزيرة العربية، ومن تعز بالتحديد، بعد أشهر من الحصار والتجويع والتخريب،…
السبت ١٢ مارس ٢٠١٦
مع الشيخ حسن الترابي، الذي رحل عن عالمنا قبل أيّام، بين كونه «رجل نظر» وكونه «رجل عمل». في «النظر»، نظّر وخطّط واقترح، وكان دائماً يواكب ما يظنّه ميلاً صاعداً، أو قابلاً للصعود، ويتوهّم أنّه بالمبادرة النشطة يزيده صعوداً. فهو راد الحركة الإسلاميّة السودانيّة يوم كان همّها الأكبر محاربة الشيوعيّة وحزبها، أقوى الأحزاب الشيوعيّة في العالم العربيّ حينذاك. وكان الإغراء الذي يحرّكه إحلال الإسلاميّين محلّ الشيوعيّين بوصفهم الطرف «الحديث» الأوّل في السودان، والطرف الثالث بعد الختميّة والمهديّة. لكنْ في التسعينات، حين أصيبت الحركة الإسلاميّة براديكاليّة توهّمت أن تسدّ مسدّ الضمور الشيوعيّ، صار الترابي ذاك الأمميّ الإسلاميّ الأوّل، يستضيف كارلوس وأسامة بن لادن، ويمضي في ممارسة الأبوّة لنظام اشتُهر بـ «بيوت الأشباح»، مؤكّداً تطبيق الشريعة في مجتمع متعدّد، مع ما يعنيه ذلك من تسعير للحرب مع الجنوب. فما إن انهارت علاقته بالسلطة العسكريّة التي أنشأها ورعاها، وكان الزمن زمن ديموقراطيّة وحقوق إنسان، حتّى راح يتحفنا بفتاوى وُصفت بالتقدّميّة والليبراليّة، كمحاربة ختان الإناث…
السبت ١٢ مارس ٢٠١٦
يتساءل مثقفون أتراك، وهم يتابعون قمع الحريات في بلادهم: إلى أين يقودنا أردوغان؟ ويتساءل مثقفون عرب، بعد محاولات أردوغان العودة إلى عصر الاستبداد العثماني: أين أصبح النموذج التركي الذي أثبت أن الإسلام لا يتناقض مع الديموقراطية، ودعوا إلى تمثله في بلادنا؟ هذه الأسئلة عن مسيرة الرئيس التركي وحزب "العدالة والتنمية"، أساسها في الدرجة الأولى انفتاح أنقرة على محيطها، خلال سنوات ما قبل "الربيع العربي"، عندما طرح الحزب ومنظّره أحمد داود أوغلو، نظرية انفتاح البحار الأربعة بدلاً من أحادية التوجه إلى أوروبا، أي الانفتاح على الدول المشاطئة للمتوسط وبحر قزوين والبحر الأسود والمحيط، من دون التخلي عن الغرب. النظرية مبنية على أسس تاريخية معروفة، فقد كانت هذه البحار مفتوحة على بعضها في عهود الإمبراطوريات التي أنتجت حضارات عظيمة ما زلنا نلمس تأثيرها في السياسة والأدب والعلوم حتى يومنا الحاضر. وتطورت سياسات الدول التي كانت في كنف هذه الإمبراطوريات من أنظمة الرق والعبودية والاستبداد إلى ديموقراطيات مزدهرة. استبشر مؤيدو هذه النظرية خيراً…
السبت ١٢ مارس ٢٠١٦
كان منظرًا مهيبًا ستذكره الأجيال طويلاً. عشرات الآلاف من الجنود ووحدات من جيوش 20 دولة تنضوي تحت لواء أول عمل مشترك من نوعه، على مساحة 900 كيلومتر مربع، شمال السعودية وقرب الحدود العراقية. لم تكن مناورات «رعد الشمال» تمرينًا عسكريًا لم يسبق له مثيل فحسب، بل كان رسالة سياسية قبل كونها عسكرية، قرأها البعض، وأنصتَ لها بعض آخر، وحفظها عن ظهر قلب بعض ثالث، فهي المرة الأولى التي تعتمد فيها دول المنطقة على تحالفاتها بنفسها، لا على التحالفات التي يصنعها الآخرون، المرة الأولى التي تقولها دول المنطقة، عمليًا، بأنها قادرة على إيقاف العبث باستقرارها وأمنها، المرة الأولى التي لا تحتاج إلى دول كبرى تعمل غطاء أو مظلة. «رعد الشمال» أسّست معادلة جديدة للتوازنات في المنطقة، انطلقت من «عاصفة الحزم» وتبلورت في حفر الباطن، وتعززت بـ«رعد الشمال». في ظني، هناك أربع رسائل ترسلها «رعد الشمال»، الأولى لكل أولئك الذين يخططون لإشعال فتيل الفوضى والانقضاض على الدول، لكل الجماعات والميليشيات التي غدت…
السبت ١٢ مارس ٢٠١٦
لا يمكن تخيل السيناريو الذي كانت ستعيشه المنطقة فيما لو لم تطلق السعودية مسارا جديدا على المستوى السياسي والعسكري، تغيرت المنطقة سياسيا منذ أن دفع الغباء السياسي والحسابات المغلوطة صدام حسين لغزو الكويت ومنذ أن انهار برجا مركز التجارة العالمي الذي كان هدفه الرئيسي إحداث شرخ ضخم في العلاقة بين الحليفين الكبيرين؛ الرياض وواشنطن. العام ٢٠٠٣ والقوات الأمريكية تدخل إلى العراق وشاشات التلفزة العالمية تنقل صور ضرب صور صدام حسين وإسقاط تماثيله على أنها الانتصار الكبير ولحظة التحرر والخلاص، بينما كانت تدشينا لواقع جديد في المنطقة. لا يخدم إيران في المنطقة أكثر من القاعدة وداعش لذلك جعلت من هذين التنظيمين أبرز أجهزتها للمواجهة في المنطقة استهدافا أو اتهاما، فحماية نظام الأسد تتم عبر إشغال العالم بداعش وشيطنة الإسلام السني تتم عبر تنفيذ هجمات إرهابية في عواصم أوروبية والاعتداء على دول الجوار وإثارة الفتن والاضطرابات تتم عبر عمليات إرهابية وتسليح جماعات إرهابية كما يحدث في استهداف المملكة والخليج. وفي واحدة من…