الأحد ٠٣ فبراير ٢٠١٣
سأذهب، سيدي الأمير، هذا المساء معزيا نجل أغلى أصدقاء والدي في وفاة زوجته التي انتهت حياتها مأساوية مع الفجر اصطداما في حملة لتهريب المجهولين القادمين من القارة الأفريقية. تقول المعلومات، يا سيدي، إن المهرب كان عسكريا سابقا خرج من سجنه بالعفو لقضية مماثلة، وكل القصة الأهم، يا سمو الأمير، أن القتلى التسعة من المجهولين المهربين يكملون هذا الشهر وحده مجموع 23 ضحية ماتوا في حادثين متشابهين في كل التفاصيل: تهريب مجهولين على أجساد باصات المعلمات، وأدهى من هذا كله على ذات الطريق نفسه ومرورا بكل نقاط التفتيش الأمني نفسها وفي نفس التوقيت وبذات الأعداد وحجم الضحايا والكوارث. نحن سيدي، وزير الداخلية، رفعنا بمطالبنا إلى كل طوب الأرض، ونحن سمو الأمير، سكبنا دموعنا مع كل (صلايا) القبور التي ركزناها على هؤلاء الضحايا. نحن، سيدي، أيضا نتعاطف مع المجهول الضحية، مثلما يأكل الحزن قلوبنا على "منى" و"صنعا" من بناتنا اللواتي تركن حتى اليوم سبعة أيتام من الأطفال، على ذات الطريق، وذات نقاط…
الأحد ٠٣ فبراير ٢٠١٣
أمام مواقف سيارات دائرة حكومية مهمة جاء أحد المراهقين بسيارته الفارهة وأراد الوقوف في مواقف ذوي الإعاقة، أمام الباب، فما كان من رجل الأمن إلا أن منعه من ذلك، ليستشيط المراهق غضباً وينزل من سيارته مهدداً رجل الأمن العربي بأنه «سيسفّره»، ولكي يكتمل المشهد الكوميدي في أن مراهقاً يهدد رجل أمن يمنعه من القيام بمخالفة، تجمهر الناس للإمساك بالمراهق وتهدئة خاطره وهم يكررون عليه عبارة: «ما عليه يا خوي انته العاقل!». ولم يقم أحد بإبلاغ المراهق بأن ما قام به يندرج تحت تهمة «انتحال صفة رجل أمن»، وهي تهمة عقوبتها ليست مخالفة «بو ميتين»! حدثٌ شاذ من حدثٍ مدلل حدَث ونسيتُه.. لولا أنني تذكرته يوم أمس في حديقة عامة في إمارة أخرى، حين أراد مراهق (فكرياً هذه المرة)، إركاب ابنته على جمل موجود في الحديقة وهي صغيرة جداً، فرفض الآسيوي، ما حدا بالرجل أن يهدده بقوله «غصباً عنك»، فما كان من الآسيوي إلا أن حاول تهدئة غضبه بقوله «حكومة يقول…
الأحد ٠٣ فبراير ٢٠١٣
هذه المقالة امتداد لما كتبته من قبل عن حاجة السعودية إلى عملية إصلاح واسعة، وتجديد لمرتكزاتها ومؤسساتها الفكرية والسياسية، وذلك انطلاقاً من أن تغيّر الزمن يؤدي بالضرورة إلى تغيّر المجتمعات، وتغيّر المجتمعات يفرض على الدول أن تتأقلم مع هذا التغيّر، وأن تستجيب له. وإذا لم تفعل، فإن ذلك سيتسبب في وجود هوة كبيرة بين المجتمع في شكل عام من ناحية، والمجتمع السياسي أو الدولة من ناحية أخرى. وفي ما يتعلق بموضوع مقالة اليوم، وامتداداً للمبدأ ذاته، فإن تغير الإقليم الذي تنتمي إليه الدولة يفرض عليها أن تستجيب، وأن تراجع سياستها الخارجية وتحالفاتها، والمرتكزات التي تنطلق منها في كل ذلك. ولعله من الواضح أن الأحداث الكبيرة التي تعصف بالعالم العربي منذ عامين، هي الآن تعبير عميق ومباشر عن حجم التغير الذي ينتظر المنطقة من تغير في الدول وثقافاتها السياسية وقيمها ومصالحها وتحالفاتها الإقليمية والدولية. يبدو أن حجم هذا التغير سيكون كبيراً، لأن منبعه اجتماعي ـ شعبي، يستهدف مؤسسة الحكم وطبيعة الدولة،…
الأحد ٠٣ فبراير ٢٠١٣
بعض الشيوخ يحتاجون إلى حجر ومنع فوري من مُخاطبة الجماهير؛ أن تكون شيخاً ليس معناها أنك خطيب مفوه، وأنك قادر على مخاطبة الناس برقي واحترام. الترف الوعظي الذي نعيشه أخذ كثيرين إلى الشاشة دون أن يكون لديهم ثقافة معقولة تُجنبهم ويلات السقوط على الوجه وربما الرقبة؛ الفضائيات تتعاقد مع الشيوخ بالجملة، وليس لديها الوقت الكافي للفرز والانتخاب الجيد، ولذلك نسمع ونشاهد ما يخدش الحياء والذوق العام. لم يعد الأمر محدوداً على التهديد بالقتل أو التفجير بالأحزمة الناسفة كما جرت العادة؛ السعار الجنسي دخل على الخط فأخرج لنا طفلة مُشتهاة يجب تغطيتها بالكامل، وجاءنا -قبلها- بمن يخوف البنت من الجلوس مع أبيها بنفس الحجة؛ هذه صدمات كبيرة، وليست مجرد هفوات صغيرة يمكن تجاوزها. إذن لماذا نلوم تفخيذ الرضيعة؟ ما هو الفرق بين طفلة هي أصلاً مشروع شهوة عند بعضهم، وبين تفخيذات المعتوه؟ من سيحترم هذا الدين العظيم حينما يُقدمه بعضهم في قالب جنس بهيمي، والبعض الآخر في مسدس وحزام ناسف؟ كيف…
السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
عندما سافرتُ للدراسة في أميركا قبل سبعة عشر عاماً، وكنتُ أول أصدقائي الذين اتخذوا قراراً بالدراسة في الخارج، تجمّع عدد كبير من الأصدقاء والأحباب لتوديعي في المطار. كان المشهد غريباً، فلم يكن أصدقائي هم الذين حضروا فقط، بل بعض أصدقاء أبي أيضاً. كانت تلك أصعب رحلة في حياتي، حيث لم أكتفِ بالبكاء في الطائرة، بل أصابتني حُمّى في الطريق من لندن إلى واشنطن. تكيّفتُ مع المكان بصعوبة، حيث كانت واشنطن مدينة جافة، هكذا أتذكرها، وكنتُ أقول لأبي كلما تحدثتُ معه عبر الهاتف بأنها مدينة مُظلمة؛ مليئة بالسيارات الدبلوماسية السوداء ولا تصلح للطلبة. وما زلتُ أحتفظ بالرسائل التي كانت تصلني من أهلي وأصدقائي عندما كنت هناك، فلم يكن البريد الإلكتروني حينها إحدى الوسائل المتاحة للجميع. وفي يوم من الأيام وصلتني رسالة من أحد أصدقائي يشتكي إلي فيها مِن غيابي، ويُطالبني بالعودة لأُصلح بينه وبين صديق آخر كما كنتُ أفعل دائماً. أما أمّي فلقد كانت تحكي لي في رسائلها عن كل شيء…
السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
في الغرب اشتهر «الباباراتزي»، وهم نوع من الصحافيين يعيشون على فضائح النجوم والشخصيات العامة، فيتمترسون خلف كل نجم ويلاحقونه، أملاً في العثور على زلة لسان أو صورة فاضحة، أو علاقة غير شرعية تحطم النجم، لكنها تبني مجد «الباباراتزي». ولهذا ترى كثيراً من الصور فتكتشف أنه تم التقاطها من مكان خفي. والغرب حتى اليوم ظل عاجزاً عن الفصل قانونياً بين حرية الصحافة والحرمة الشخصية للنجوم والشخصيات العامة، فهي معرضة دائماً للمراقبة والنقد والمحاسبة، وأحياناً للسخرية. وتعتبر الأميرة ديانا سبنسر التي قتلت في حادثة بسبب ملاحقة الصحافيين أشهر ضحية لـ «الباباراتزي»، إذ فتحت جدلاً أخلاقياً حول هل هذا حق؟ وكأنك تحتاج أن تقتل إنساناً ثم تسأل إن كان فعلاً أخلاقياً أم لا؟ لكن الغرب لا يدعي أنه مجتمع محافظ ومتدين كما نزعم نحن، بل يعتبر أن هذه قيم شخصية، لهذا فإن الصور الشخصية للنجوم لا تكفيهم شيئاً، طالما أنهم لا يخالفون القانون، إلا أن صحافة «الباباراتزي» تظل في الدرك الأسفل من الاحتقار…
السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
وكأي سعودي، وعلى عادته، كان لا بد أن أضع دمغتي على أديم هذه المدينة وأنا أغادرها صباح الأمس عائدا إلى أديم هذا الوطن. حادث سير بسيط خرجنا منه ولله الحمد بالسلامة. لكن خلاصة التجربة تستحق التأمل للمقارنة. كيف حضر البوليس في سيارة فارهة تستحق أن تكون لرجل الأمن، وكيف كانت حركاته وهندامه وكأنه داخل لطابور العرض. كيف وصلت سيارة الإسعاف في أقل من ثلاث دقائق وكيف أقفلوا لها الشارع المعاكس كي تختصر المسافة، وكيف توقف لها العشرات كي تعبر بسلاسة. كيف كان طاقم الإسعاف مهنيا حتى وهو يصر على توقيعنا على انصرافه وتأكيده أننا لسنا في حاجة إليه. كيف أجابت شركة تأجير السيارة على أول اتصال وكيف أحضروا سيارة السحب، وكيف لم يتركوا بعدها مسارا شاردا على جانب الطريق. كيف تجاوبت شركة التأمين مع ثنائي (الشركة والمستأجر) كي نقفل الملف. كيف وضع البوليس إشارات التحذير من حول الحادث ولم يتطفل فرد واحد بالوقوف والتجمهر! والمهم أننا كنا على بعد ساعة…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
بشار يقول بثقة إن جيشه استعاد زمام المبادرة على الأرض، زوجته حامل، وإشارات متزايدة إلى أن دول المنطقة ملت من الحال السورية، والمعارضة تقف وحدها. مصر تحترق، قادة الرأي هناك ينظرون، ويتجادلون على كل القنوات المصرية والعربية، ويرسلون المطالب، الواحد تلو الآخر للرئيس محمد مرسي، بينما في النافذة المجاورة لهم على الشاشة، صورة لشباب يلقون بأثاث مكاتب حكومية من النافذة، ويحرقون عربة للجيش، فلا يكلّف أحدهم نفسه بجملة: «عودوا يا شباب إلى بيوتكم، لقد فقدنا السيطرة على الثورة»، أقصى ما سيفعله لإظهار قدر من المسؤولية أن يدين العنف من «كل الأطراف»، ذلك أنه يشم رائحة النصر، وقهر مرسي الذي سيرحل، فلعله يحل محله، ثم يدعو لتظاهرات جديدة في الجمعة التالية، وهو يعلم أنها تعني بضعة شباب آخرين يقتلون من دون هدف، غير إعطاء المعارضة ورقة ضغط على النظام، مرسي نفسه فقد السيطرة، فهو يأمر بحظر التجوال، فلا يستجاب له. اغتيالات في ليبيا، وتفجيرات انتحارية في اليمن، وخلافات في تأليف الحكومة…
السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
الأوراق الأخيرة تسقط متراقصة.. لا بد من جرعة كبيرة من فقدان الحس كي نواجه الخريف... إميل سيوران سألني صديق مرة عن عمري، فأجبته أربعين سنة، فقال: خيبة! (وهي كلمة تستخدم محلياً لتضخيم الأمور)، وأخذت بالتفكير بعمق في عمري، هل أنا فعلاً كبرت؟ أم هو يعتقد إني كبير لدخولي الأربعين! كقطار سريع مر علي شريط حياتي، تذكرت عندها طفولتنا الساذجة، وسنوات الدراسة، والسفر بعيداً في رحلة العلم، وعلى الرغم من مضي عشرين سنة على بداية تلك المرحلة ما زلت بشوق أتذكر أحداثها اليوم كأنها حدثت بالأمس. أتذكر من بحب ودعني في المطار، وأتذكر من ساعدني في غربتي، وأصدقائي على مقاعد الدراسة، ولحظات ضياعنا في شوراع مدينة لا تعرفنا ولا نعرفها، حيث لا قيمة لأوقاتنا، ولا لساعات أيدينا، التي نلبسها لا نعرف لماذا! وننساها على معاصمنا وتنسانا. كيف هرب ذلك الماضي الجميل منا؟ كيف مضى في غفلة عنا، سنين مضت، وما زلت أتذكر الأحداث، مرت كحلم أنيق، كلحن قصير، أشك حتى أنني…
السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
فاجأنا زعيم المعارضة السورية الجديد، الشيخ معاذ الخطيب، بإعلانه فشل الثورة السورية. لم يخاطب مواطنيه وثواره مباشرة بل استخدم صفحته على «فيس بوك»، وكتب قائلا، «أعلن أنني مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو إسطنبول». لو ركب سيارته وذهب بنفسه إلى دمشق كان أهون من أن يبلغ عشرين مليون سوري برسالة شخصية على «فيس بوك» أنه قرر إنهاء ثورتهم ومساومة الأسد مقابل إطلاق سراح المساجين وبضعة جوازات سفر! الخطيب شق المعارضة وألحق ضررا بالغا بجهد عشرات الآلاف الذين يضحون بحياتهم من أجل مستقبل جديد من دون الأسد ونظامه الفاشي. في سنوات الدم في لبنان واجه الرئيس السوري بشار الأسد عقبة كبيرة خلال شروعه في اغتيال خصومه. قامت ضده جبهة واسعة من القوى والشخصيات، التي تسمت بتيار 14 آذار. كانت استراتيجيته تفكيكها بنشر إشاعات ضدها أو ضد بعضها، مدعيا أنه على صلة جيدة بهذا الطرف أو ذاك داخل التيار من أجل شقه بعد أن أصبحت…
السبت ٠٢ فبراير ٢٠١٣
قبل يومين، وتحديدا صباح الخميس الماضي، توجهت إلى أحد المستشفيات الكبيرة في الرياض، لأكشف على ركبتي التي أتعبتني مؤخرا، لعلاجها أولا، وأملا في أن أصبح مهاجما للمنتخب يوما ما، فمعايير الاختيار غير واضحة من جهتهم، ولا مانع للمشاركة من جهتي.. وبعد مسلسل عناء في مواقف السيارات، أصبحت واقفا أمام مسؤول الاستقبال، الذي طلبني "الإقامة" لإكمال إجراءات فتح الملف، فقمت بإبراز "بطاقة الهوية" وأخبرته - مبتسما - بأنني مواطن (كامل) الحقوق.. وعندما همّ بعمل اللازم، رأيته يحاول عمل scanning لبطاقتي، أي يحاول استنساخها عن طريق "السكنر"، حيث يظفر وقتها بنسخة "مماثلة" - نوعا ما - بالحجم والشكل والألوان! وعندها رفضت هذا، وأخبرته أن هذا الإجراء يعد مخالفًا للأنظمة، رفض خدمتي ووجهني لـ"مسؤول علاقات المرضى"، والذي بدوره حولني لـ"مدير العلاقات العامة"، فلم أجد لديهم إجابات! كل هذا يحدث، وأنا أحاول أن أخرج "الصحفي" الذي بداخلي ثانيا، و"المواطن الصالح" أولا.. المهم، وبعد إصرار مني لمقابلة شخص قانوني، جمعوني بـ"مدير الشؤون القانونية" الذي قال…
الجمعة ٠١ فبراير ٢٠١٣
التلصص وسوء النية والنزوع إلى التشويه من أبرز الملامح الاجتماعية يستوي في ذلك فئات كثر. والشهوة في معرفة أسرار الآخرين تطغى على كل القيم والأخلاقيات. والنزوع إلى ترويج الإشاعات السلبية والانتشاء بها يأخذ الأولوية في المجالس والرسائل. كل الثقافة الوعظية التي تغذى عليها المجتمع عقوداً، وتربى عليها أكثر من جيل لم تؤسس لمعايير أخلاقية رفيعة، ولم تعمق معاني الاحترام والمودة والتسامح، ولم تشجع على غض النظر والستر بل جعلت الاستهداف والتشويه أبرز منطلقاتها في إطار الحرب على الخصوم والمناوئين مما جعل كثيرين يعتقدون أن الفضائحية نزعة خيرة ومطلوبة لطرد الشر والفساد. الهلالي الذي بث صورة الهريفي مع زوجته في مكان عام على أنه يجاهر بالمعصية ينطلق من تعصبه أساساً لكنه مستند إلى مفهوم أخلاقي يبرر مسلكه ويدرجه ضمن الممارسة الصالحة باعتبار أن الطبيعي فضح الفاسدين والتشهير وليس غريباً أن يأتي آخرون يرون أن مجرد خروج المرأة كاشفة وجهها دلالة على الليبرالية والعلمانية وغير ذلك من التهم المماثلة وأن نشر مثل…