آراء

آراء

«الخليفة» والأعشاب السامة

الإثنين ١٨ أغسطس ٢٠١٤

في جبل سنجار أحصت الإيزيدية المذعورة أفراد عائلتها. كسرت الحصيلة قلبها. من لم يصلوا معها لن يصلوا أبداً. فرت على عجل وتوهمت أنهم فعلوا. لم يصلوا. ابناها. وابنتها. تركتهم في عهدة «داعش». والتنظيم رقيق القلب. يحز رؤوس الكفار. أو يصلبهم. أو يدفنهم أحياء. تركتهم في عهدة «الخليفة». وهو يحب دولته نظيفة. ناصعة. وليس من عادته ترك الأعشاب السامة تقيم في حديقته. بمن تستغيث الإيزيدية المذعورة؟ لن تنادي نبيل العربي لأن شركته أشهرت إفلاسها. ولن تنادي بان كي مون فهو لا يملك غير دموعه. لن تستجير بالجيش العراقي فقد تداعى أمام «داعش» وأهداه أفضل أسلحته. ولن تنادي البيشمركة فأسلحتهم أقل من حجم المعركة. لم يبق إلا جهة وحيدة. فتحت يديها وقالت: «أين أميركا؟ أين أوباما؟» . جيمس الهارب من الموصل يغطي دموعه بغضبه. قال إن الموصل أرض أجداده وأجداد أجداده. وإن جذورهم عميقة هناك. وإن عواصف كثيرة عبرت ولم تسرق منهم سقف منزلهم والحديقة الصغيرة. تساءل كيف يحق لـ»أبو هريرة الأميركي» و»أبو أحمد البلجيكي» و»أبو بلال الأسترالي» أن يقتلعوه من أرضه. غاب عن باله أن «الخليفة» يُحب الموصل خالية من الأعشاب السامة. تزعجه الأجراس. وتغضبه الأديرة. وتستفزه المخطوطات. «الخليفة» حساس وصاحب مزاج. لا يطيق طائفة الشبك. ولا الروافض. وأخطر أعدائه سني معتدل يقول إن التعدد ثروة. وإن الإسلام دين التسامح. وإن…

آراء

ما الفرق بين حيدر العبادي ونوري المالكي؟

الإثنين ١٨ أغسطس ٢٠١٤

طوى العراق حقبة كارثية سوداء من تاريخه، برحيل رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. نازع المالكي الرئيس السابق صدام حسين صدارة الأكثر سوءا في القرن العشرين. بالتأكيد طائفية نوري لم يمتلكها صدام الدموي، كلاهما حكم بالحديد والنار، كلاهما سبب للأزمات التي حلت ببلدهما والمنطقة. كلاهما كان رئيسا اسميا بينما الحقيقة أنهما ديكتاتوريان، الفرق الوحيد بينهما: الأول ديكتاتور بصناديق الاقتراع والآخر من دونها. لا أظن أن أي رئيس وزراء قادم في العراق سيكون محظوظا كما هو حيدر العبادي. ليس لأنه الأقدر، ولا لحنكته السياسية أو براغماتيته مثلا، فهذه لم تعرف عنه، على الأقل حتى الآن، وإنما لأنه أتى خلفا للمالكي، فلو سعى العبادي لأضخم حملة علاقات عامة في العالم، فلن يكون بمقدورها أن تمنحه عُشر ما قدمه له كرسي سلفه، لذا لن يقيّم أحد العبادي على مواقفه السابقة التي لم تكن تختلف كثيرا عن سلفه، غير أن فورة الترحيب الكبير داخليا وإقليميا ودوليا ستتلاشى تدريجيا، وستتحول إلى جفوة يتضرر منها الشعب العراقي بأسره، لو لم يبدأ العبادي في تغيير الحقيقة الماثلة على الأرض، من تفكك لمؤسسات الدولة، وانتشار غير مسبوق للفتنة الطائفية، وتهميش للسنة بشكل انتقده حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهي الدولة التي كان لها الدور الأبرز، مع إيران بالطبع، في تعقيد العملية السياسية في العراق. لم تكن تهنئة خادم…

آراء

أول فيلم عن «داعش»

الإثنين ١٨ أغسطس ٢٠١٤

انتفض أبو مصعب، المسؤول الإعلامي في «الدولة الإسلامية» أو «داعش»، لدى سماعه سؤالا يتعلق بحياته الخاصة وعائلته، فأجاب بعد أن أزاح نظارة Rayban الشمسية عن عينيه وأجاب بملامح جامدة: «ما أروح أمور ترفيهية. أبدا ما أطلع أبدا.. العائلة إذا جاز التعبير هي آخر الاهتمامات؛ فهناك شيء أسمى. فلو جلسنا وقعدنا مع العائلة فلا أحد سيذود عن أعراض المسلمين». وعلى نفس السؤال حول موقع الحياة الخاصة في حياة الداعشي، أجاب رفيق أبو مصعب: «لا نحب الحياة السعيدة ولا الرحلات.. هذه تبعدنا عن الله». هذه الإجابات كانت بعضا من اللمحات المقربة لما يفترض أنها طريقة تفكير وعيش هؤلاء المسلحين الذين صدموا العالم ولا يزالون بما يواظبون على تكراره من استعراضات قطع الرؤوس أو «قطفها»، كما يطيب لبعضهم القول، حين تنفلت وحشيتهم من عقالها. ففي وثائقي غير مسبوق سمح قادة «داعش» لفريق تلفزيوني من مؤسسة «VICE NEWS» بالدخول إلى مناطق سيطرتهم في محافظة «الرقة» السورية والتصوير على مدى أسبوعين يوميات قتل وحرب وتظهير كيفية سيطرتهم على حياة سكان المنطقة عبر دوريات «الحسبة» وإدارة حياة الناس واستعراضات القوة والسجون. وهذا الفيلم الذي جرى تداوله على نطاق واسع في أقل من أسبوع على بثّه جرى تصويره بحذر؛ إذ لا يمكن إنجاز مثل هذه المادة من دون موافقة القوة المسيطرة على الأرض وهي «الدولة الإسلامية»، وأي…

آراء

إنها أزمة فكر لا أزمة فعل يا خادم الحرمين

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

كان الغضب والأسى واضحين على مُحيّا الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو يوجّه كلماته إلى المشائخ المصطفين حوله على الأرائك، في يوم الجمعة، الأول من أغسطس/آب، وقد ران على رؤوسهم الصمت. كان غضبا حاول الملك الصبور أن يكتمه في صدره، ولكنه لم يستطع إلا أن يُنفّس عن بعضه، فبقاؤه كله في الصدر كاتم للأنفاس، موجع للقلب، ولذلك لم يستطع الملك الشيخ، الذي خبر الأيام وخبرته، إلا أن يتوجه إلى المشائخ من حوله بالقول، وهو يحاول أن يتماسك من فرط ما يُحسّ به من غضب وأسى: “ما أقدر أتكلم الذي في صدري، لأن الذي في صدري أعتقد أنكم أنتم أدرى به، وما يسفطه قلبي ونفسي وأخلاقي ومبدئي إلا شيء أحسه من صغيركم وكبيركم ومشايخكم وهذا هم يسمعون كلهم، وأطلب منهم أن يطردوا الكسل عنهم، ترى فيكم كسل وفيكم صمت، وفيكم أمر ما هو واجب عليكم. واجب عليكم دنياكم ودينكم، دينكم، دينكم. وربي فوق كل شيء”. فالملك يرى كيف يُختطف الإسلام أمام عينيه، وأمام أعين هؤلاء المشائخ، الذين يُفترض بهم أن يكونوا هم العالمون بحقيقة الدين وجوهره، وبالتالي هم الأقدر على الدفاع عنه وتفنيد حجج مختطفيه، ومقدمي الحل لدولة كانت كريمة معهم، وأغدقت عليهم كل غال ونفيس، ورفعتهم فوق كل الأكتاف والرؤوس. هؤلاء المشائخ الفضلاء الذين توقع منهم الملك الشيخ فكّ أسر الدين…

آراء

«يواد يا حِمِش..!»

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

تناقلت وسائل الإعلام العالمية خبر قيام النجم المحبوب، مارادونا، بصفع أحد الصحافيين الأرجنتينيين، الأسبوع الماضي، وذلك لأنه «تحرّش» بزوجته، أثناء انشغال «بو أرماندو» بالحديث للصحافة الأرجنتينية عن واقع حال الاتحاد الأرجنتيني والكرة الأرجنتينية، بعد خسارة نهائي المونديال أمام الكرة الألمانية، المملة! مارادونا، وبعد أن شبع من القشيد والمندي، وغرف من الهريس، وعبّ من القهوة، تسللت إليه كروموسومات النخوة العربية والغيرة من حيث لا يدري، وهي ليست غريبة «إنتو حتى الرزفة خليتوه يرزف»! ومن هنا فقد كانت هذه التغيرات النفسية والنخوة تطوراً طبيعياً في حياة النجم الأرجنتيني. لن أستغرب إذا عرفتُ بأن الجُمل التي كان يقولها للصحافي وهو يصفعه على غرار: إنته ما تستحي؟ ما عندك خوات؟ تتحرى عمرك صغير؟ ما تشوف حرمتي بنت حمايل؟ يا جليل الأصل! ترى قوم بن دييجو محد يكسر روسهم! أو ربما استخدم مسبات المطاوعة الدارجة هذه الأيام: لا أب لك.. لا أم لك.. ثكلتك أمك.. الله يهدي أختك! دخول المجتمعات العربية ليس كالخروج منها! فأنت تحصل على «باكيج» من الأخلاقيات التي تنعكس على تصرفاتك وتعاطيك مع الآخرين، خصوصاً في الأمور العاطفية، والتعبير عن الآراء والتصرفات المباشرة عند الغضب، ويأتي معها (بونص) عدم القبول بالرأي الآخر، ولا حتى مناقشته إطلاقاً. لذا فمن الغريب والمريب أن نرى منسوب «الغيرة» يزداد عند من يقيم بيننا مدة معينة، بينما…

آراء

مزايداتكم مرفوضة

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

الفترة الماضية كانت مميزة بجملة من المزايدات، ومجموعة لا بأس بها من المزايدين والمتاجرين.. كلما كتب أحد الكتاب في موضوع معين؛ خاص أو عام قيل له: "أين أنت من موضوع غزة!؟"، وكأن المزايد أو الكاتب بيد أحدهما مفتاح هذه القضية ذات الأبعاد الشائكة، أو حتى لديه من الإحاطة بجوانب السياسة ما يكفي لحل هذه المعضلة، وينسى هؤلاء الذين يتاجرون بفلسطين بعمومها، وغزة بخصوصها أن قائمة المهمات عند الناس جميعهم تتصدرها مهمة إنقاذ الأبرياء الفلسطينيين من القتل الذي حصل سابقا، وحاليا على يد إسرائيل تحت طائلة القصف الجوي، والحصار البحري، والزحف البري المتواصل. لا يوجد أدنى شك في أن الخلاف السياسي والتاريخي في فلسطين بدأ ومنذ (117) عاما؛ عامُ عقد المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا، الذي اُفتتحت به المنظمة الصهيونية، وتضمن جملة من الأهداف والقرارات، على رأسها هدف (إقامة وطن قومي للشعب اليهودي)، ومنه بدأت أزمات وحروب منطقة الشرق الأوسط.. كما لا يوجد أي ظن في أن الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل أي مراهنات، أو صراعات سياسية لا علاقة له بها، ولا مصلحة له فيها، والحل حتما هو عند غير المزايدين، أو أصحاب المواقف المريبة. حان وقت توقف المزايدات بقضية الشعب الفلسطيني أو المتاجرة بدماء أبنائه، وعلى من يريد أن يحل هذه الأزمة من جذورها أن يبحث عن الذين عطلوا تنفيذ…

آراء

صيانة الأرواح

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

كل شخص يهتم بأمر سيارته يقوم بعمل صيانة دورية لها. يطمئن على سلامة محركها ويعاين زيتها ومكابحها. يتفقد إطاراتها. وكلما حرص على صيانة هذه السيارة استمرت في عطائها وأدائها كما يتمنى وأكثر. يمارس كل منا هذا الدور حتى تبقى سيارته معه أكبر قدر من السنوات دون أن تئن وتتوجع وتحتضر ثم تقف هذه الآلة ونعاني أجمعين. يعتني الكثير منا بالسيارة بإخلاص وجدية. لكن هل سألنا أنفسنا هل نقوم بدور مشابه مع من هم أعظم وأغلى وأثمن في حياتنا وهم أحبتنا: آباؤنا وزوجاتنا وأبناؤنا وإخواننا. هل نقوم بعمل صيانة دورية لأرواحهم ومعنوياتهم ونفسياتهم؟ هل نختلي بهم ونتحدث معهم ونطمئن على حياتهم ومشاريعهم وصحتهم. هذه النقاشات الحميمية بوسعها أن تجنبنا انفجارات ومشكلات وأزمات كبيرة. كل روح من هؤلاء تحتاج إلى صيانة دورية. كل شخص يحتاج إلى اهتمام ورعاية وحوار خاص بيننا وبينهم بين الحين والآخر. إهمال هذا الحوار سيؤدي إلى انقلاب في حياتنا قد يؤدي إلى مآسٍ لا تحمد عقباها. تخيلوا أن نقطع الفيافي والقفار بسيارات لم تتذوق طعم الزيت أو الوقود. لن تصل. ستتعثر وتتوقف. هذا هو حال الآلة، فماذا هو حال البشر الذين يحتاجون إلى الكثير من زيت المشاعر الإنسانية، ووقود الرعاية الخالصة؟ ننتظر من أحبتنا أن يحققوا مآربنا ويثلجوا صدورنا ويغمروا قلوبنا بإنجازاتهم ووصلهم ونحن لا نوفر لهم الحد…

آراء

السلاح أهم من الخبز

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

أظهر تقرير لـ«معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام» نشر في باريس، أخيراً، أن بيع الأسلحة في العالم ارتفع، في السنوات الخمس الأخيرة، بما يقارب 14 في المائة، وأن غالبية هذه المنتجات القاتلة تذهب إلى أفريقيا وآسيا، في مقدمتها الدول العربية طبعاً وباكستان والهند وكوريا الجنوبية. وإذا علمنا أن غالبية مصانع الأسلحة في العالم، وأكثرها نشاطاً هي تلك الموجودة في أميركا، تليها روسيا، ربما نجد إجابات على بعض الأسئلة المحيرة، حول أنهار الدماء التي تتدفق في المنطقة العربية. فالكل يتسلح ويطلب المزيد: الجيوش النظامية، الميليشيات التخريبية، الأفراد المروعون في منازلهم. مشاهد الذبح والقتل بالسكاكين والسيوف والطعن بالخناجر (في المنطقة الأكثر تسليحاً في العالم) التي يصرّ على بثها «داعش»، لا بد رفعت، نسبة الراغبين في اقتناء الكلاشنيكوفات والبومب أكشن والقنابل. وبسبب جرائم «داعش» واكتساحاته المرعبة، وللرد عليها، سلمت أميركا الجيش العراقي، أخيراً، كدفعة أولى، 15 مليون قطعة ذخيرة. قوات البيشمركة ستحصل بدورها، وعلى وجه السرعة، على كميات كبيرة من الأسلحة من أميركا والاتحاد الأوروبي، بعد أن قتل «داعش» وشرد مئات آلاف الإيزيديين والمسيحيين وأصبح على مقربة 50 كيلومترا من أربيل. وبعد أن كان التركيز على تسليح الميليشيات، صار الاهتمام اليوم بالرد عليها بتسليح الجيوش. ليس مهماً عدد القتلى الذين يتساقطون، جراء لعبة تسويق الأسلحة وتوزيعها بالعدل والقسطاسً. ولإعطاء فكرة صغيرة عما تدره المعارك…

آراء

لماذا السينما المرخصة أخطر من «إباحية تويتر»..؟!

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

هناك جانب آخر لتويتر، هناك كم هائل من الحسابات الجنسية والتي تقدم عروضاً وصوراً وروابط مختلفة، لا توجد إحصائية تقديرية لحجم هذه الحسابات إلا أنها عديدة جداً ومتنوعة جداً وبكل لغات العالم. تقريباً بما فيها العربية!.. قرأت تحذيرات في أكثر من مواقع أجنبية عن حجم تدفق المعلومات والصور الجنسية والإباحية عبر حسابات تويتر الوهمية والتجارية والمضللة والمستغلة للشهوة الإنسانية. التحذيرات موجهه للأسر تحديداً، وفي مقالات نشرتها صحف ومواقع غربية شملت تحذيرات من الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال، وتقديم مواد لا تعترف بالأعمار وفوارقها. محلياً لم نسمع داعية أو شيخاً أو طالب علم من نجوم تويتر المعروفين يحذر من ذلك، أو بدقة أكبر لم نسمع من الخطاب الديني ومشايخه المتصدين للجديد والمثير تحذيراً من تويتر وأخطاره، رغم تحذيراتهم وتحريمهم الدائم لكل منتج بشري جديد بدأ من الإذاعة والتلفزيون والبث الفضائي وحتى كاميرات الهواتف المتحركة التي بادروا إلى تحطيمها وتكسيرها. التحذير الوحيد هو أن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قررت ملاحقة بعض حسابات موقع التواصل الاجتماعي تويتر التي تروج للإباحية والدعارة. لكن لتفهم الصورة أكبر، شاهد -مثلاً- موقفهم التقليدي الصلف والصلب وغير المفهوم من السينما تحريماً ومنعاً؟، فيما الهواتف الذكية توصلك اليوم إلى كل مخازن الأفلام العالمية دون رقابة أو رقيب. صحيح إن تويتر نفسه عصي على الرقابة والحجب بمحتوياته…

آراء

التطرف من المشرق إلى المغرب

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

لا شك أن المتابع لأحوال المنطقة العربية سيصاب بالهلع عند النظر إلى خط الرعب والإرهاب الذي يمتد من مشرق العالم العربي إلى مغربه، ولا بد أن صور الضحايا الذين يتساقطون في كل زاوية ستجعل مشاعر غموض المستقبل وقتامته تتراءى أمام عيون الجميع وهم عاجزون عن مواجهة هذا الكم المخيف من الرغبة في سفك الدماء واستلاب أرواح الناس تحت راية الإسلام التي يعبث بها الجهلة، ويصمت عن إدانتهم أساتذتهم وفقهاؤهم الذين زرعوا في جماجم الشباب أن الطريق إلى الجنة سينقطع عنهم ما لم يخضبوا أيديهم بالدماء الزكية ويثيروا الرعب في نفوس الناس. الأسئلة كثيرة لكن أكثرها إحباطا: ما الذي يدفع هؤلاء الشباب للالتحاق بصفوف الإرهابيين؟ من الذي فسر لهم نصوص القرآن وأحاديث سيد الخلق محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)؟ من الذي موّل ومن الذي برر ومن الذي مجّد هذه الأفعال الشيطانية؟ أليس من المخجل أن نتصور أننا أمة بلا خطايا وبلا مجرمين؟ هل يمكن أن نتصور بسذاجة أن الحل هو عقاب من يخرج عن طاعة ولي الأمر فتُسلب هويته وكأننا نمنح القداسة وكمال النزاهة إلى المواطنين الذين يرضى عنهم الحاكم، ومن اعترض أو اختلف أو خالف فمارق يستحق العقاب؟!.. هل نحن أمة لا تتعصب لرأي ولا تكفر مخالفا ولا تنبذ عاصيا؟.. أين منا صفات التسامح والترفع والابتعاد عن…

آراء

دروس الشهر

السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤

يقف المتابع حائرا أمام ما حدث ويحدث في غزة وحولها، هول التدمير والقتل مفزعة، وهول القصور السياسي مريع، إنه شهر القتل بامتياز، وشهر ضياع الفرص بامتياز أكثر. لا تستطيع كلمات مهما بلغت من بلاغة أن تناهز مستوى الألم الذي يعانيه أهل غزة، إنها مذبحة بكل المقاييس، من مات منهم لقي ربه، ولكن من بقي سوف يحمل ذلك الألم حتى توافيه المنية. حتى القطط إن «حُشرت في زاوية» فسوف تقاتل، فما بالك ببشر سُدت عليه الطرق والمعابر، وربما حتى الهواء، لو استطاع عدوهم أن يمنعه لفعل، سيقاتلون حتما، تلك حقائق لا يستطيع عاقل أن يتخطاها، ويقاتلون بما توفر حتى لو كان تأثيره في حده الأدنى. إلا أن الشيطان في التفاصيل، فالحديث «الإعلامي» عن نصر أرجو أن لا يتسرع أحد بالحديث عنه، أولا الثمن الذي دفع باهظ، والمقابل، إن تم، لا يساوى حتى جزءا يسيرا من ذلك الثمن الإنساني والمادي. دعونا ننظر إلى الأمر بشكل أكثر عقلانية وله علاقة بالواقع، هناك مساحة جرداء بين الشعارات وبين الواقع، علينا أن ننظر إلى تلك المساحة لعلنا نستطيع أن نحولها من جرداء إلى مُنبتة. أتوقف أمام مجموعة من الحقائق: أولا: إذا لم تصل الرسالة إلى قيادات «حماس والجهاد والفصائل» حتى الآن فلا بد من التنبيه إليها، والرسالة أن الوحدة الفلسطينية هي أمر لا يجوز لأحد…

آراء

الخط الأحمر الجديد!

السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤

نحن أمام حالة فريدة تتمحور فيها مواقف الدول والأحزاب والعشائر حول تنظيم داعش؛ فقد صار سببا لجمع عدد من الخصوم، خوفا منه اتفقت معظم القوى العراقية، من شيعية وسنية وكردية، على التصالح. كما سرع داعش بخروج العاصي نوري المالكي من رئاسة الحكومة، وأعاد معظم معارضي السنة إلى بغداد للتعاون، وتصالحت حكومة كردستان مع حكومة بغداد، وأعادت لها حقلي نفط منهية القطيعة. حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما حنث بيمينه عندما تعهد بأنه لن يحارب في العراق منذ خروج قواته، وشرع في إطلاق النار. كذلك، باعت إيران المالكي، وقبلت السعودية بالبديل حيدر العبادي. يا لها من قصة غير عادية، وعلى البقية أن يفهموها جيدا. الحكمة منها أنه لا مكان لداعش ولا مجال للعب بورقة داعش. وحوله تشاحنت أمس زعامات في محافظة الأنبار السنية في العراق. عشائر أعلنت أنه بخروج نوري المالكي من رئاسة الوزراء أصبحت مستعدة الآن للتعاون مع الحكومة على قتال التنظيم الإرهابي الذي يهددها جميعا. وعشائر أعلنت أمس أنها ترفض مقاتلة التنظيم وتهدد باستخدامه إلى أن تتحقق مطالبها. الطريق للتخلص من التنظيم طويل ومحفوف بالمخاطر؛ ففي الوقت الذي اتفق فيه خصوم داعش على طرح خلافاتهم جانبا من أجل محاربته، فإن التنظيم لا يقل ذكاء وقدرة على اللعب السياسي؛ فهو بدوره يريد استخدام الخلافات بين العشائر السنية، ويستغل بعضها ضد البعض…