آراء
الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٢
من يتخيل أن الرياض، المدينة المحافظة جدا، أهلها كانوا أكثر تسامحا. قبل ثلاثة عقود، كانت في مدارسها مسارح، وفي أنديتها سينما، وفي شوارعها فرق موسيقية عسكرية، وأعيادها حفلات وعرضات شعبية، ومسرح تلفزيونها للحفلات الفنية. ومثله يقال عن قاهرة الستينات والسبعينات؛ مسارحها وفنونها ومعاهدها.. ويقال أكثر وأكثر عن الكويت.. ولبغداد الأمس صور لا تصدق في بغداد اليوم؛ شارع الرشيد بدور الفنون والثقافة والعبادة، ولدي صورة مكتب شركة «متروغولدن» للإنتاج السينمائي الدولي في الأربعينات، فمن يصدق ما يحدث اليوم؟ ونصدم أكثر عندما نسمع معارك تونس وضواحيها، وملاحقة الفنانين في القاهرة التي لم تخطر على بال أحد. وما حدث في الإسكندرية أعظم؛ حيث دفنت «البلدوزرات» فجر الجمعة سوق الكتب في شارع النبي دانيال. كل الشعوب تتطلع إلى الأمام، وتأمل في الأفضل، لكن يبدو أننا نسير حيث تغرب الشمس، ولا أحد يدري متى تشرق. ومصر حالة أكبر، حيث إن ما يحدث فيها بدايات مروعة ضد الفنون، وضد الإبداع، وضد قرنين من التطور.. أهميتها أنها أكبر وآخر قلاع الإبداع والفن في المنطقة، بنهايتها ستغرق المنطقة في ظلام سحيق.. وما فعله الرئيس المصري محمد مرسي محاولا تهدئة المجتمع، وإيقاف الحرب بين الفنانين والمتطرفين، عندما سارع واجتمع بكوكبة من الفنانين، أعطى أملا كبيرا أنه ليس في صف المتطرفين. كل من خرج من اللقاء معه كان باسما متفائلا…
آراء
الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٢
ما أن تقرأ مقالا لكاتب أمريكي مثل “توماس فريدمان” و ترى أهمية أن يقرأه من يتابعك على تويتر أو في مواقع أخرى حتى يأتيك من يعترض: و ما هو الجديد الذي سيقدمه “فريدمان” و هو الكاره للعرب؟ أو يأتيك تعليق آخر: أنت تروّج للفكر الأمريكي في المنطقة. قلت لأحدهم إن كنت تعتقد أن “فريدمان” عدوك و لا يريد خيراً للعرب، أليس من الأجدى أن تقرأ ما يكتبه عنك و هو من أهم الأصوات المؤثرة في صناعة الرأي العام الأمريكي؟ و إن كنت لا تريد أن تقرأ ما يكتبه عن منطقتك كُتّاب مؤثرون في مجتمعاتهم ولهم أهميتهم في صناعة القرار في بلدانهم فلماذا تعمم موقفك على الآخرين؟ أنت حر في قرارك و لكن ليس من حقك أن تحرم الآخرين من قراءة ما يرون فيه فائدة أو أهمية. بعضنا يظن أن “القطيعة” المطلقة مع “الآخر” الذي نختلف معه في الفكر أو في الرأي أو في المصالح ستفتح لنا أبواب الانتصار. ذلك هو الجهل بعينه. بل إن في ذلك الموقف هزيمة. كيف تريد أن تنتصر و أنت لا تقرأ غير ما يجاري فكرك و يتواءم مع رأيك؟ نحن في غالبنا من نتاج ثقافة متأصلة فيها روح الإقصاء. و كلنا – و بدرجات متفاوتة – نمارس الإقصاء بطريقة أو بأخرى. لكنها مصيبة أن يسعى…
آراء
الإثنين ١٠ سبتمبر ٢٠١٢
ليس لهذا الاسم علاقة بشركة طيران الإمارات في دبي، لكنه الاسم الجديد الذي منحته سيدة فيليبينية لمولودها الذي ولدته في طائرة تابعة لطيران الإمارات كانت تحلق بها على ارتفاع آلاف الأقدام، وقد ذكرني هذا الخبر بقصة مشابهة سمعتها عن رجل من البادية، حمل زوجته إلى المستشفى القريب من هجرتهم، فرزقه الله ببنت أسماها «دختورة» على اسم الدكتورة التي ولدت زوجته. وقد عاشت الطفلة باسم «دختورة»، لكنها لم تصبح أبداً دكتورة، بل ربما أنها لم «تفك» الخط أبداً، لكن المثل يقول: «الصيت ولا الغنى»، لهذا تتجمل الأسماء حين يفقر الحال، لكن ليست كل الأسماء التي يختارها الأهالي لأبنائهم تتجمل بالضرورة، فقد يحيلها البعض إلى تاريخ اجتماعي يعبّرون به عن معاشهم وثقافتهم وقيمهم، وقد شهدت المدارس التعليمية في مطلع التحديث صدمة بالأسماء، و فقرها للجمال جعل الناس تتساءل إن كان هذا الحال والأسماء مجانية، فما يكون حالها لو كانت «بفلوس»؟ فقد سمعنا قصصاً هي أقرب للطرف منها للحقائق، روتها بعض مديرات المدارس، وقمن بتوجيه طلبات إلى أولياء الأمور لتغيير أسماء طالبات عانين حرجاً بسبب أسمائهن. أذكر واحدة منهن كان اسمها «جرادة»، ولعل الأب الصحراوي الذي عرف يوماً الجراد مصدراً من مصادر الغذاء من الأهمية، بحيث جعله اسماً في تاريخ عائلته، وقد تكون الفتاة قد حملته ضمن حملات البِرّ التي يقوم بها الوالد…
آراء
الإثنين ١٠ سبتمبر ٢٠١٢
يمكنك أن تقرأ بعض ملامح أي بلد من مطاره. فهو مفتاحك الأول لقراءة بعض تفاصيل المشهد في البلد الذي تزوره. فإن كان نظيفاً ومرتباً فالاحتمال الأكبر أنك تزور بلداً نظيفة ومرتبة، وإن كانت الفوضى سيدة المشهد في المطار ففي الغالب هي السائدة في البلد كله. وإن قابلك موظف في المطار يبحث عن “بخشيش” لتسهيل أمورك فثق أنما هو حلقة في سلسلة طويلة من الباحثين عن “بخشيش”. يمكن القول إن المطار هو عنوان المدينة التي تزورها. وإن عوملت باحترام في المطار فالاحتمال الأكبر أن المعاملة ذاتها ستكون هي عنوان رحلتك. وإن صرخ في وجهك موظف الجوازات وحاول تعقيد أمورك بلا أي مبرر فكان الله في عونك: تلك هي بداية العذاب خلال زيارتك. أعرف أن التعميم خطأ. وأن ثمة استثناءات. لكنني أكتب هنا عن تجربة طويلة في مطارات الدول المتحضرة ومطارات الدول المتخلفة. أكره السفر للبلدان التي أستنفر فيها فريقاً من الأصدقاء والمساعدين لتوفير وقتي وأنا أعبر مطاراتها قدوماً أو مغادرة. وما من مطار مررت به ووجدته في غاية النظام إلا وكان في بلاد يغلب عليها النظام. مرة عطلوا إجراءاتي وأنا أغادر مطار عاصمة عربية فلما فاتت رحلتي -لأن “أمن” المطار قرر أن يعاقبني لرفضي دفع “أتاوة” الخروج- طلبت أن أقابل مدير الأمن الأول في المطار. ولم أكن أفهم الابتسامات الساخرة على…
آراء
الأحد ٠٩ سبتمبر ٢٠١٢
جاء عمار بوقس بعد أن قهر المستحيل، ليكشف بعضاً من عوارنا وتجنينا على أنفسنا وأهلنا، بعد أن رفضنا أن نعتبره واحداً منّا وهو الذي أصر على أن يفعل ذلك، وحقق أعلى درجات التميز من أجل أن يكون بيننا. حقق عمار ما يتعدى المستحيل، وحصل على الأول على دفعته في الدراسة الجامعية، وهو أكاديمياً يعني أنه يستحق أن يكون معيداً في الجامعة، لكن جامعة الملك عبدالعزيز، حيث تخرج، رفضت قبوله معيداً. وتحدث مخرج فيلمه بدر الحمود عن قصة تندى لها الجبين، حين أراد عمار أن يقابل مدير الجامعة قبل شهر رمضان، لكن مدير مكتبه اعتدى عليه لفظياً وطرده، وكاد أن يقع أرضاً، ذلك الإنسان الذي لا يتحرك فيه سوى لسانه. وخرجت قبل أيام قصة أخرى مع الشيخ الداعية محمد العريفي، أكدها معد في برنامج تلفزيوني حين قال إن العريفي رفض ظهور عمار بوقس في برنامجه «مسافرون»، ولو صدقت هذه الرواية فإن وزرها عظيم على العريفي الذي راح يثني على عمار بعد أن شاع فيلمه. خذلنا عمار وأنصفه الإماراتيون، فكان الشيخ محمد بن زايد أول المتفاعلين مع قضيته وحالته، وأمطره بسيل من الاتصالات، ثم جاء الدور على حمدان بن محمد بن راشد، فاستقبله في بيته وحقق حلمه في أن يكون معيداً في جامعة دبي ووعد باستكمال مسيرته العلمية والعلاجية. شكراً عمار على…
آراء
الأحد ٠٩ سبتمبر ٢٠١٢
لا تستطيع أن تلوم شخصاً يطلق نكتة سخيفة لا تضحك لها، لكنك بالتأكيد تفهم لماذا يغضب سعودي يجيء ذكره في نكتة تصوره بأنه سخيف أو غبي. لكن نطاق الجنسيات توسع اليوم، فأدخل السوداني الذي اشتُهر بالكسل، والحوطي السعودي الذي تشنع عليه النكات بأنه قليل الفهم، وهو نفسه الصعيدي في النكات المصرية، والحمصي في النكات السورية، واليهودي في النكات الأوروبية. النكتة تختار الضحية من الضعفاء وقليلي الحيلة أو من الفئات التي تمثل العدد الأقل في المجتمع الذي يصنع النكتة، ويستسلم هؤلاء عادة لحملات التنكيت عليهم مع الوقت فلا يثورون في وجهك ولا ينتقمون، لكن المرأة تظل هي الضحية الأشهر في النكات والحكايات والأمثلة وحتى في الأحاديث الدينية الموضوعة والمنتحلة، فهي تفوق الشيطان في مكره والحية في تملُّصها والعقرب في قرصتها، وأما سبب تعاظم القوة عليها فلأن أغلب مَن يصنع النكات هم من الرجال، والمرأة بالنسبة إليهم من المستضعفين في الأرض حتى وقت قريب، لكن الواقع على ما يبدو قد تغير، إذ بدأت النساء في شنِّ حملات نكات مضادة، فحين راجت لدينا في السعودية نكات عن المرأة السعودية تصورها بـ”أم الركبة السوداء” شنت النساء حملة على الرجل عنوانها “أبو سروال وفانيلة” كناية عن قلة تأنقه وبهيميته ورعونته. لكن هذا لم يكن كافياً؛ فالتراث مشحون بحكايات وأمثلة، يصل بعضها إلى مأثور الكلام، تشنع…
آراء
الأحد ٠٩ سبتمبر ٢٠١٢
مهما حاولت، لا يمكنك أن تفهم تماماً معاناة لم تعشها. ولن تقوى على حل مشكلة لا تعرف – تمام المعرفة – كافة تفاصيلها. أسوأ ما في المسؤول أن يقرأ المشكلة على الورق. فكيف له أن يفهم – مثلاً – ملل الناس وإحباطهم من صفوف الانتظار الطويلة في المطار وهو لا يسافر مثلما يسافر الناس؟ وكيف لمسؤول أن يفهم غضب الناس من تردي أوضاع مستشفى حكومي وهو لم يزر مستشفى حكوميا طيلة عمره؟ القصد هنا أن المسؤول عن قطاع تنفيذي مطالب أن ينزل إلى الميدان ويفهم عن قرب مشكلات الناس مع قطاعه. أكثر ما يغيظني حينما أجد مسؤولاً يستغرب من غضب الناس على قطاعه وهو يعيش في برجه العاجي. ولو كان لي من الأمر شيء لفرضت على كل مسؤول في أي قطاع يعنى بمصالح الناس أن يعيش تجربة الناس مع قطاعه بكل تفاصيلها. فإن كان مسؤولاً في قطاع الطيران فعليه أن يسافر كما يسافر الناس. وأن «يتمرمط» في طوابير الانتظار لأن مقعده «طارت» به الأقدار! لا يمكنك أن تفهم غضب الناس إلا بفهم أسباب غضبهم. مشكلة تنموية حقيقية أن تكون هناك فجوة مهولة بين صانع القرار في أي قطاع خدمي وبين معاناة الناس مع قطاعه. ومهما تكن النوايا طيبة، تبقى التجربة الميدانية خير وسيلة لفهم تفاصيل المشكلة وبالتالي التعاطي بمهنية مع…
آراء
السبت ٠٨ سبتمبر ٢٠١٢
توقف أبو سلطان في محطة بنزين بالدرب، أخذت أتأمل المكان، بلدة بائسة بكل ما تعنيه الكلمة، محطة بنزين متواضعة، لا شيء يلفت الانتباه غير بلدة سعودية، فاتها قطار التنمية. ولكن ما لفت انتباهي هو انتشار الأجانب فيها من كل الأجناس، مثل أية مدينة سعودية أخرى، تجدهم في البقالة المتواضعة، خلف مقود سيارة النقل بجواري، يباشرون حفريات مشروع ما على الجانب الآخر من الشارع نصف المسفلت، بعضهم جالس على طرف الرصيف مسترخياً، إذ لا يبدو أن ثمة أعمالاً كثيرة هنا، عامل المحطة الذي ملأ خزان السيارة بالوقود الرخيص كان باكستانياً، تركنا ومضى إلى قائد عربة النقل البيضاء السوداني بجوارنا، وأخذ يكاسره لشراء حمولته من البطيخ، عاد إلينا ولم ينهِ الصفقة، ولكني سمعته يعرض عليه 700 ريال. تحرك أبو سلطان بسيارة الفورد البيضاء، ليصعد الطريق عائداً إلى أبها، حيث مكاتب صحيفة «الوطن»، التي كنت رئيساً لتحريرها وقتذاك. الدرب مدينة ساحلية في منطقة جازان جنوب المملكة. يفترض أن تكون سواحلها منتجعات سياحية لأهل عسير القريبة منها، إذ توجد كثافة سكانية عالية، ثمة مزارع قليلة ومصائد هناك أيضاً. كنت متشبعاً بفكرة «توفير الوظائف للشباب السعودي»، التي أصبحت منذ أكثر من عقد الحديث الشاغل للمسؤولين والصحافة، ولن أقول «الشغل الشاغل»، خصوصاً أنني كنت عائداً ساعتها من الحريضة، وهي أيضاً على ساحل تهامة، ولكنها تتبع لإمارة…
آراء
السبت ٠٨ سبتمبر ٢٠١٢
في آخر أيامه، كتب الفيلسوف جان جاك روسو كتابا سماه «اعترافات» تحدث فيه، بكل جرأة وتجرد، عن حياته بأدق تفاصيلها، وكان الدافع الحقيقي لتأليفه ذلك الكتاب هو ذنبٌ ظل يؤرقه أربعين عاماً. حيث كان يعمل خادماً لدى أسرة إيطالية عندما كان مراهقاً، وكانت تعمل في بيت الأسرة طاهية جميلة اسمها «ماريون» ولشدة تعلقه بها قام في يوم من الأيام بسرقة شريطة تخص سيدة المنزل ليهديها إياها، ولكن أمره كُشِف وتمت مواجهته من قبل أصحاب البيت، فما كان منه إلا أن كذب واتهّم ماريون بأنها التي سرقت الشريطة، فأدى ذلك إلى طردهما معاً من المنزل. ولقد ظلت تلك الحادثة تؤرق روسو حتى نهاية حياته، حيث كانت تراوده كوابيس حولها، ولم يكف عن تذكر صوت ماريون وهي تقول له حين اتهمها: «لقد كنت أظنك رجلاً طيباً يا روسو. إنك تشقيني كل الشقاء، ولكنني لا أتمنى أن أكون في موقفك». وعلى رغم ظلمه لها إلا أنها لم تتهمه في شيء، مما زاد معاناته النفسية طوال حياته. والغريب في اعترافات روسو أنها لا تحمل لغة قاسية أو عُقداً نفسية، حيث يبدو أنه كان، حين كتبها، قد تصالح مع ذاته على رغم شقائه وعذاباته، ووصل إلى درجة من التسامح استطاع عندها أن يقر بذنوبه وإخفاقاته ويتقبلها، مما جعله أحد أساتذة البشرية القلائل الذين لم تمنعهم…
آراء
السبت ٠٨ سبتمبر ٢٠١٢
يقال إن بشار الأسد يقضي ساعات طويلة في مشاهدة التلفزيون. يتنقل من قناة إخبارية لأخرى. قليلاً ما ينام. فأخباره في التلفزيون تشغله. و هذا هو طبع الاستبداد. يختزل المستبد قضية وطن في شخصه. و في مستقبله. أو أنه ينتشي أن العالم كله يراقبه و يتحدث عنه. لعله في قرارة نفسه مقتنع أنها «شدة و تزول». من أوهمه أن ملايين السوريين الذين خرجوا ضده و مات منهم وتشرد عشرات الآلاف سيقبلون بحل سياسي بقاؤه فيه مضمون؟ مخطئ من يظن أن الحل السياسي ممكن في سوريا. العامل الحاسم في المأساة السورية هو الشعب السوري نفسه. فمن غير الممكن أن يحقق الجيش السوري الحر هذا الانتشار الواسع والتأثير الكبير في مجريات الأحداث على الأرض لولا أن الشعب السوري قد حسم أمره و قرر طرد الرئيس! و لو كان «أصدقاء» بشار الأسد في طهران وموسكو مخلصون في صداقتهم لكانوا وفروا له مبكراً مكاناً آمناً يشاهد منه التلفزيون ويتفرج منه على آثار الدمار المهول الذي تركه خلفه. لكن أوان الهروب قد فات. ولم يعد من خيارات أمام المجتمع الدولي اليوم سوى دعم الجيش الحر لإنهاء المأساة السورية. يكفي استهتاراً بالدماء السورية. وبمعاناة السوريين. فنظام الأسد يرتكب يومياً جرائم حرب مرعبة. وعار على العالم أن يبقى الوضع في سورياً معلقاً في انتظار أن تغير روسيا أو…
آراء
السبت ٠٨ سبتمبر ٢٠١٢
أن يُشنع على برنامج الابتعاث بأنه طريق الشباب إلى الخمر والمخدرات، وأن جامعة الأميرة نورة مرتع للاختلاط غير المحمود، مما يثير الغضب والاستقالات، فلم يبق سوى أن تسمعوا غداً أن المواطن قد وجد لحم خنزير مختلطاً مع اللحم الحلال في السوبرماركت. هذه الدعاوى هي دعاوى المرجفين الذين يستمدون تألقهم ونجاحهم من العبث بطمأنينة الناس وإرهابهم بأن السقوف ستهبط فوق رؤوسهم، وأن عاقبة الأمور ستحيق بهم إن سكتوا على ما يحدث بين ظهرانيهم، وليس من بين هذا التيار من يخرج علينا ليشرح لنا كيف يتوسط الدعاة بزينتهم وبهرجتهم النساء الشابات في المحافل العلمية وفي المنتديات النسائية والاستقبالات، بينما يقلب الدنيا خبر أستاذ في كلية العلوم الصحية يدرس طالبات علوم التمريض وجهاً لوجه، لقاء بين أستاذ وطالباته في مكان عام وفي وضح النهار وفي مؤسسة علمية تتمدد على آلاف الكيلومترات وترفع لوحة جامعة ترصده العيون والحراس والحارسات، هذه الشائعة التي كذبتها مسؤولة في الجامعة وقالت بما معناه: «لم نبدأ الدراسة بعد فمتى حدث هذا؟ اصبروا علينا ليش مستعجلين». يبدو أن المرجفين الذين وضعوا جامعة نورة في القائمة بعد جامعة كاوست ثم برنامج الابتعاث، سمعوا صافرة الانطلاق مبكراً هذا العام، فأطلقوا شائعة وحتى لو صحت فإنها مهزلة المهازل أن تجد لها حطباً يشعل فضيحة عنوانها: «دخل أستاذ على طالبات التمريض» وشارك فيها جمهور…
آراء
الجمعة ٠٧ سبتمبر ٢٠١٢
انظر حولك، هل أنت بحاجة إلى كل الأغراض التي تحيط بك؟ كل الكتب في مكتبتك؟ ماذا عن المجلات القديمة، الأسلاك، الجوالات التي ما عدت تستخدمها، الشواحن التي لا تعرف لأي جوال؟ افتح الأدراج من حولك، فواتير قديمة، أقلام، صور، أدوية، كروت لمعارف لم تعد تذكرهم، تذكرة سفر لمكان لا تتذكر متى سافرت إليه ومع من، بل ثمة أجزاء من أجهزة تاهت، ربما لا تعرف ما هي. لنذهب إلى دولاب الملابس، لا توقف هنا، خاصة دولاب ملابس ابنتك أو زوجتك، هنا كله مهم، الأحذية، مستحيل، الحقائب، كله إلا الحقائب. هل تعرف متى ستتخلص من كل هذه الأشياء من حولك، الحقيقة لست من سيتخلص منها وإنما ورثتك، آسف «قلبتها نكد»، بعد الشر، الله يكتب لي ولك طول العمر. ولكن بالفعل هذا ما يحصل، أتذكر جاري في العمارة، كابتن طيار متقاعد، كان يعيش وحده، لست حشرياً بما يكفي لأن أساله أين زوجتك؟ الأسوأ لو سألته ماذا فعلت بزوجتك حتى تركتك حراً هكذا، كان أبناؤه وبناته يزورونه بين فترة وأخرى. يوماً ما عدت من سفر فوجدت كمية هائلة من مجلات وكتب بالإنجليزية، معظمها لها علاقة بالطيران، كان ثمة بضعة أعداد من «الناشيونال جيوجرافيك»، أعشق هذه المجلة، قلبت فيها قليلاً ثم شعرت بالحرج لفضولي وانصرفت لشقتي. عرفت لاحقاً أن جارنا الطيار قد توفي، رحمه الله،…