منوعات
الجمعة ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠
قراءة: علي الرباعي يسكن المكان كاتبه، أضعاف ما يسكن الكاتبُ المكان. وسكنى الإنسان في المكان غالباً لا تعدو حسية مادية، بدليل أنا نسكن أماكن ونرتحل عنها دون أن تترك فينا أثراً، فيما سكن المكان في الإنسان حالة وجدانية لها معطيات ذاتية وموضوعية بعضها يظل عالقاً بنياط القلب، في ظل غنى أمكنة وانعكاس غناها على حياة وكتابة المنتمي إليها. وتكتسب التجربة الكتابية لسارد بقيمة القاص الكبير محمد علي علوان حضوراً معتبراً في المجتمع القرائي. بحركية الذاكرة البصرية والسمعية من القرية والريف إلى المدينة، وبالعكس، إضافة إلى طول مراس الكتابة وتنامي النضج الفني، خصوصاً في مرحلة عمرية عامرة بالتجارب الثرية والقراءة المنتقاة ومعايشة التحولات التي تعامل معها الكاتب بتصالحية نسبية. يحتل المكان حيزاً أكبر من نصوص المجموعة القصصية (طائر العِشا) الصادرة مؤخراً عن دار سطور العربية، كون السفر المبكّر والترحال وتعدد الأماكن يولّد الحنين لجغرافيا مألوفة بالفطرة، وتاريخ (مُستألف) لا يبرح أن يطل برأسه من نافذة الواقع ليُذكي جمرة الإبداع على نار الأصالة، والانتقال المكاني ليس ترفاً بل استجابة لضرورة الدراسة والعمل إلا أن ما ألفناه بفطرتنا الأولى لا يشيخ ولا تتجعد ملامحه.. فالقرية وطن ابتدائي للذات الكاتبة بيوتها المتراصة كعلب الكبريت، طرقها الآمنة، آبارها السخية بالعذوبة، نقاء القلوب وصفاء الأرواح وبذخ اللغة أو اللهجة الساحرة. تزامن إصدار المجموعة وعنونتها بتداعيات جائحة…