أيمن العريشي
أيمن العريشي
كاتب وأكاديمي سعودي

عربة خيول في مهب الريح !

آراء

قررت ومجموعة من أصدقائي البدء في مشروع سياحي خلال مرحلة دراستنا الجامعية ، كان حلماً كبيراً للبدء في تنفيذ مشروع صغير لتأجير عربات الخيول في الواجهة البحرية على غرار ما هو موجود في مدن ساحلية أخرى ، كان رأس مالنا المرصود متواضعاً لا يتجاوز عشرة آلاف ريـال هي في مجموعها “تحويشة” من مكافآتنا الجامعية، إضافة إلى مساهمات عينية يتبرع بها كل واحدٍ منا نحن “المستثمرين” لدعم مشروعنا في بدايته : مولدٌ كهربائي صغير لإضاءة العربة ومكبر صوت لتشغيل أغنية “اركب الحنطور ” ، قطعُ خشب “بلاكاش” لبناء العربة في ظل عدم توفر “الكاش”! و أهم ما في الموضوع مساهمة أحدنا بتوفير خيل مُسنٍّ أحيل على التقاعد مؤخراً بعد أن بلغ من الكبر عتياً ، كنا متحمسين جداً، بل الحقيقة أننا كنا مستعدين لجر العربة بأنفسنا إذا تطلب الأمر ! كنا مؤمنين بأنهُ يمكن لعربةٍ واحدة أن تصبح عربتين مع مرور الوقت ، وبدل أن نجر نحن العربة كنا نؤمن بأن العربة هي التي قد تجرنا نحو النجاح والثراء ، هكذا كنا نُخطط ونحلم ، يبدو لي أننا تأثرنا في شبابنا باطلاعنا على كتب على شاكلة : كيف تصبح مليونيراً؟ ما أن شرعنا في تنفيذ الخطوات العملية للمشروع (الحلم) إلا والمصاعب البيروقراطية تتلقفنا من كل حدب وصوب ، لا زلت أتذكر جيداً كيف كان قد طُلب منا آنذاك استئجار قطعة أرض لمدة لا تقل عن عشرة أعوام ! وأنّى “بالله عليكم” لطلاب بكالوريوس “منتفين” بتكلفة استئجار قطعة أرض لمدة “عشرة أيام” ناهيكم عن عشرة أعوام ! الحقيقة أننا كنا في حاجة إلى قطعة تشجيع، قطعة أمل، قطعة تحفيز، يحتاج الشباب لقدر كبير من المرونة ومنح التسهيلات لهم في إقامة مشاريعهم الخاصة ، وعلى “طاري” الأراضي” ولأن الشيء بالشيء يُذكر ،فهنالك نوع من المستثمرين من أصحاب العقود لعشرة أعوام واكثر، ولكن مشاريعهم بوعود لمدة “ياليل ما اطولك” ، نشاهدُ وأصدقائي إلى اليوم بعض الأراضي وهي لاتزال “مطوقة” بالأسوار على وعدٍ بإنجاز ، والوعدُ يتمثل بتصريحات صحفية و رسومات حاسوبية تخيلية يضعها أصحاب تلك المشاريع كنوع من المقبلات والمشهيات للعابرين من أمام أراضيهم “المطوقة” ! رسومات خيالية و خالية من أية تواريخ “ولو تقريبية” للزمن المتبقي لإنجاز تلك المشاريع ، رجاءً ، وتماماً كما ألزمتمونا يوماً باستئجار قطعة أرض ، على الأقل ألزموا أولئك المستثمرين بتنفيذ وعودهم على الأرض!

خاص لـ “الهتلان بوست”