علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

مدينة خليفة الرائقة

الأربعاء ٢٩ ديسمبر ٢٠٢١

تحت السماء الصافية، وهي ترتدي وشاحاً أزرق منمقاً بفصوص النجوم الفضية، في الليل المنسدل كخيمة عملاقة، تخبئ أسرارها في معطف الذين تبهجهم قصيدة الطير الهاجع في أعشاشه تحت مخمل الأوراق الندية، هنا تشعر وكأنك في رحلة سرمدية، في سفر عبر مشاعر توهجت، وأسفرت عن حالة استثنائية تجعلك تمارس النيرفانا، وكأنك تلبس قبعة زمن سريالي عميق الجذور. فجأة تنفجر بالونة مدوية وأنت في كونك المغمور في حاشية العزلة، تنهض من مكانك مفزوعاً، ضجراً، متذمراً برماً، وقد ارتعدت فرائصك، وارتعشت أطرافك، وتحولت السكينة إلى قيامة مفتعلة، الجاني فيها شخص ما فكر أن يتسلى في الشارع، فصار يسحق الأسفلت، بمخالب مركبة أشبه بطبق طائر، مشوه، حيث بدت تلك المركبة، بمعالم غامضة، وحتى لو حاولت تقصي شكلها لعجزت عيناك أن تفند مكونات هذه المركبة التي فكر صاحبها في أن يحولها إلى كائن مبهم، مريع، بدءاً من العجلات الأشبه بكائن ضخم، غريب، عجيب، مريب، رهيب، حط من علٍ، ونزل على الأسفلت يحفر القار، كما يمخر أفئدة الساكنين، أما جسم العربة فيبدو مثل الجرادة الخضراء، وهي تمتص السكينة، لتحيلها إلى فوضى عارمة، وتجعل الناس في حيرة من هذه القيم المنبعثة من نفايات التاريخ، والمنبجسة من قمامات يرميها أشخاص خرجوا من منازلهم، تاركين ضمائرهم في صناديق الفضلات، ويسيرون في الشوارع مثل الهوام، مثل كائنات تركت أصحابها، وهامت…

دبي هي العالم

الثلاثاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢١

عبارة تبدو في الواقع مثل رفرفة الأجنحة، مثل زغب القطا تحركه نسمة ناعسة، مثل رمش على جفنين يحفظان عينين نجلاوين، مثل هفهفة على وجنتين، ورديتين، مغموستين في حبر اللوعة. مثل مناغاة الطير على الأيك، مثل مداعبة الخصلات لقد، وخد، مثل حلم زاه يصنع البريق على وجنات البراءة. دبي هي العالم، عبارة تسافر عبر محيط الوجدان البشري، وتحمل رسالة قيادة، وشعب، وتسكن في الضمير الكوني، كأنها الكوكب الدري يخصب وجدانه بالدفق، ويشذب معناه بالنسق. دبي هي العالم عبارة تمخر عباب الوعي وتمنحه العبرة، وتصيغ في أعطافه ملامح غدٍ سيأتي مختلفاً، متناسقاً، لا مرتاباً يلون حياة الناس بالفرح، والانسجام، والسير في دروب العمر، كما هي النحلات تبني في الأعراش حدائقها الغناء، مغموسة بالشهد، مكسوة بمخمل الدفء، مثرية بعذب المعنى منسوجة حرير اللغة الرخية، والمشاعر الرضية، والفكرة الشاسعة، وبلا سقوف، ولا كلوف هي دبي اليوم، وكل يوم، تتجلى وعداً إنسانياً، مكللاً بتيجان التألق، وأوسمة التدفق، لا تثنيها عقبة، ولا تعرقلها كأداء، هي دبي في وصل، وأصل، وفصل، ونصل، هي كل ذلك؛ لأنها فتحت النوافذ منذ البدء، كي تجلو عن جدرانها صدأ الرتابة، وكي تدفع عن ترابها غبار الترسب، هي هكذا بدأت، وهي هكذا استمرت، وهي هكذا آمنت بأن المكان لا يكون له موقعاً في الإعراب، إلا عندما تكون جملته معرفة، وعبارته صريحة، وواضحة،…

في سمائنا غيمة

الثلاثاء ١٤ ديسمبر ٢٠٢١

أطل على السماء، فأجدها تراقب رمش العين، وترصد الخفقات، والدفقات، الشهقات، والزفرات، والآهات، والأنات، وصيحة القلب وهو يدنو من غيمة تعانق شفة المكان، وفي الأعماق ترتل الروح وهجاً، وتستمد من خافق الأرض ما يثري، ويغري، وتسير الدماء في الجسد، محتشدة عند شريان، ووريد، هناك أقرأ ما في صفحات اللحظة، من فرحة بمجيء الشتاء وهو يطوي سجادة الصيف، ويلملم شتات خريف حالك، ويبتسم لكل من يشفه نسيم أبرد من عيني من كف امرأة أناخت بعير مشاعرها، واستيقظت على رحيل ركاب العمر، ولكن في خيمة القلب بقيت هناك مساحات واسعة، ليعيون بشر مروا من هناك، وتركوا بصمات أرواحهم تلهو في النياط، وتعبث في الأشجان كأنها أنامل الطفولة. أجلس في الليل البهيم، كأنني الوحيد، في حضور الآخرين، أرتب أبجدية الصور من حولي، وهناك صور تبدو مثل أمثولة قديمة، مثل أيقونة وضعت عند طرف القلب، أجلس وأقرأ في الوجوه من حولي، ولا أرى سوى تماثيل لواقع إنساني بدأ يختزل العمر، ويذوب في فنجان قهوة باردة، ولا يبقى في القاع غير حثالة رمادية تثير الفزع، لأنني دائماً ما أتحاشى الحثالة، ودائماً ما أتفادى الوقوع في صدام من البقايا، وعندما تحضر الغيمة، وتمرغ جسدها في الهواء الرطب، أشعر بأنني أغادر المكان أو أنني أسرق جناح طائر نائم في السدرة التي تتسمر بالقرب مني، وأطير.. أطير فرحاً،…

يوفال .. تاريخ وجيز للمستقبل

الأحد ١٢ ديسمبر ٢٠٢١

في هذا الكتاب للمؤلف يوفال نوح هراري، يطرح المؤلف أسئلة ربما لم تكن جديدة في حذافيرها، ولكنها مدهشة في جرأتها الأسلوبية، مذهلة في طرحها الغائص في أتون الفكرة الجدلية منذ زمن نيتشه، وأسبينوزا، وسواه من حداثيي القرن الثامن عشر، هؤلاء المفكرين الذين أنسنوا الواقع البشري، وخرجوا بمهمة الولوج في القدرات الهائلة لكائن تميز عن سواه من المخلوقات، بالخيال الخصب، وعمق الدخول في طبيعة كانت ولأزمنة طويلة تعتبر مخبأ للأفكار الغامضة، والمخيفة في كثير من الأحيان. لقد قال مارتن هايدجر، بأن الإنسان راعي الكون، ثم عاد وصرح بأن الإنسان أصبح ترساً في الآلة، وهذه سيرة كل فيلسوف عظيم فهم المغزى من الوجود، ولم يخرج يوفال عن الطريق، بل لم يزل، ولم يخل، ولم ينو قط أن ينزلق في جليد حياتنا السالفة، ولا الراهنة، وإنما هو متابع حذق دورة الحياة، ولتسلسل الانتخاب الطبيعي التي فسر محتواها تشارلز داورن، ومن بعد كل الفكرة تاجاً من المعرفة عالم الانثروبولوجيا، جيبون، حتى عثر أوشو الفيلسوف الهندي العظيم على الجين الوراثي للنفس البشرية، وفي فحواها نجد حلم البشرية في الخروج من الأنا البوهيمية إلى الأنا الواعية التي تختزل معاناة الإنسان في وعيه بذاته، وحلمه الزاهي المنقى من درن العشوائية، وغشاوة اللاشعور. بعد كتابه المهم «الإنسان العاقل، يخرج يوفال بكتابه الختامي (الإنسان الإله) ليعطي القارئ نزهة عقلية،…

طريق الحرير ينسج قماشته في الإمارات

الأربعاء ٠٨ ديسمبر ٢٠٢١

قوة الاتحاد تبدأ من رسم تضاريس ملساء لا تعيقها كبوة، ولا تعقبها ربوة، فكل الجداول تذهب إلى حقيقة الوطن، وتروي مشاعر أبنائه، بحلم أزهى من الورد، وأبهى من القمر، نسير ونحن على طريق سالك، لا تغشيه عقبة، ولا تكدره صبوة، هو المشروع العملاق، الذي يربط الشرايين بالقلب، ويعقد الصفقة المباركة ما بين الدم والوريد. فإذا كانت المشاعر توحدت منذ الأزل، فإن طريق المشاعر يبدأ من خطوط الطول والعرض، التي تحدد خريطة الإمارات، كما تسدد النظرة إلى أحلام شعب، تواءمت مع تطلعات قيادة هذا الثنائي المبارك هو ما دعا إلى إرساء المشاريع الكبيرة، والإنجازات اللافتة، والمكتسبات المذهلة، والمهارات المدهشة، والابتكارات ذات الصوت، والصيت، كل ذلك يجعل من الإمارات، الحلقة واسعة الحدقات، والتي تدور في فلكها الدول، وتحذو حذوها، وتقتدي بما تقوم به، وما تضعه على الأرض واقعاً يسطع كأنّه القمر، ويمتد ذراعاً على التراب، كما هو المحيط، ويمد مداه في العالم، كما أنه الأفق. مشروع السكك الحديدية، هو مشروع المستقبل، هو طريق الحرير الذي تسترخي على أريكته كل الأحلام والطموحات، والتطلعات، والأفكار، والرؤى، لأن الإمارات، فارس لا حدود لجياده، ولا مناطق توقف لنوقه الباحثات عن غافة الأمل، ونخلة التفاؤل. هذه هي الإمارات، تسعى، وفي سعيها خطوات تملأ العالم بالصدى، وفي دورتها الشمسية، خيوط من نور، وشعاع يحرك البريق في عيون الآخرين،…

ثمرات عز يجنيها المواطن

الثلاثاء ٠٩ نوفمبر ٢٠٢١

كل ما حدث، وكل ما تم ترسيخه، وكل ما شع بريقه في سماء الوطن من المبادئ العشرة، لهو ميثاق عمل، مقدس، يعرفه المخلصون، ويقدره المحبون، ويجله عشاق النجوم العالية. علامة عشرة على عشرة، يكسبها هذا التوجه الرائق والأنيق، والذي لامس وجدان كل من تمشي قدماه على هذه الأرض الطيبة، لأن ما تم التصريح عنه، وحوله، إنما عبر عن دماثة أفكار، ولباقة طموحات، ولياقة أحلام، تنطبق على الإمارات فقط لأنها الجديرة بهذه المكانة، والتي ترسخها موهبة الحكم، وملكة التظافر التي تسكن وجدان كل مواطن، وكل مقيم على هذه الأرض التي أنجبت أفذاذاً في تاريخها العريق، وأول الغيث كان الباني والمؤسس المرحوم زايد الخير، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، وسليله خليفة العطاء والسخاء، هنا تبدو خطوات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وعضيده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خطوات نحو المدى، ووثبات باتجاه الأفق، ترسم صورة الإمارات الحداثية، وتبني مجدها على أسس التميز والفرادة، والنصوع، واليفوع والينوع، وصلابة النشأة، وجسارة الارتقاء، ونقاء السجية، وصفاء الطوية، هي تحليق بأجنحة الوفاء لوطن أصبح اليوم شجرة العالم الوارفة، وسماءه المضيئة، وأرضه المعشوشبة، بخير، وإبداع، وفرح، وسعادة. هكذا تبدو إمارات الخمسين، بهية، عفية، رخية…

جاء دور الإعلام

الأحد ٣١ أكتوبر ٢٠٢١

بعد الجهات المعنية ما أدت مهامها في «إكسبو»، وتجهيز البنية التحتية، ووضع اللمسات على كل شاردة وواردة في هذا المعرض ومكانه، وزمانه، الآن جاء دور الإعلام، ومرآته الواسعة، والتي يجب أن تكون حاضرة في كل موقع، ومحضر، ونتمنى حضوراً إعلامياً غير تقليدي، لأن المناسبة غير تقليدية، المناسبة هي مناسبة إبداع، ومهارة، وبراعة، ودهشة واستقطاب كل الملكات، واستدعاء كل الإمكانات، والاستفادة من كل القدرات، كل هذا يستدعي أن يكون للإعلام كلمته، وهو صاحب البوح، والصدم، هو صاحب المجال والمآل، هو كل شيء في هذه المناسبة، هو الوعاء الذي سيحمل ما جناه الغواصون من لآلئ، ولن يصبح لهذه اللآلئ من نور ما لم توضع في أواني خضها وخضيضها، وحضها وحضيضها، هكذا تنتصر الأمم عندما تتضافر عناقيد الجني مع أنامل الاقتطاف، هكذا تحصد الشعوب ثمرات جهودها، وتعب أيامها، وسهر لياليها، وتضع كل ذلك في سلة نظيفة، آمنة، تحفظ الود، وتمنع الكؤد، لتسير القافلة، مطمئنة، على المال والحلال. «إكسبو 2020 دبي»، ليس تظاهرة اقتصادية فحسب، فهي قبل كل ذلك احتفاء إماراتي، بمجموعة من الدول أتت إلى هنا محملة بباقة من قيم، وثقافة شعوب تختلف في اللون عنا، وتتحد معنا في المضمون الإنساني، وفي المحتوى التاريخي الذي يجمع العالم في بوتقة واحدة لا تمايز فيها ولا تعارض، إنها اللوحة الوجدانية التي تقع على صفحاتها الهم…

نحو نهضة صناعية

الخميس ٢١ أكتوبر ٢٠٢١

العالم في سباق مع الزمن، والعقل البشري يدق أجراس النهوض، والحضارة الإنسانية تستيقظ على رنين المطرقة والسندان، ومنذ بداية القرن التاسع عشر قرن الثورة الصناعية، والبشرية تتفتق قريحتها على إبداعات مذهلة حققت نبوءة فيلسوف الوجود مارتن هايدجر والذي قال الإنسان راعي الكون؛ لأنه القائم على أحوال مستجدات الطبيعة، وما تلهمه، وما تقدمه من مثيرات، وأسئلة، حيث وجد الإنسان نفسه في الصدارة بين جميع المخلوقات، وعلى عاتقه تقع مسؤولية ترتيب التفاصيل في طبيعته الخلابة، وتشذيب معطياتها، وتأكيد قدرته على مواصلة الرقي، والنشوء برغم ما تعترضه من عواقب، وما تصادفه من عراقيل؛ لأن الإنسان الوحيد في هذا الكون الذي أنيطت به مسؤولية الالتزام الأخلاقي تجاه الحفاظ على الحضارة وحمايتها من العبثية، ورعايتها، والعناية بمنجزاتها الفذة. اليوم نجد وزارة الاقتصاد تسير على منوال الأمم الراقية، والشعوب المتحضرة، والعقول فائقة القدرة على الإبداع ومهارة التحديث لأدوات العمل. عندما تقوم الوزارة بتقديم التسهيلات لتمويل مشاريع الصناعة التكنولوجية، المتقدمة، وتقديم ضمانات لسداد القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما وتقدم برامج لتأمين حقوق الملكية الفكرية للشركات الناشئة، كل هذه معطيات سخية، وواعية بأهمية أن تصبح الصناعة مفتاح الدخول في نادي الكبار، والوقوف في مضامير المنافسة بجدارة، واقتدار، وثقة وثبات، وجسارة، وبقلوب لا تحركها رياح، ولا توعكها تباريح. الإمارات اليوم في المجالات المختلفة تقف نداً عنيداً، وصلباً في مواجهة…

سنبهر العالم

الأربعاء ١٣ أكتوبر ٢٠٢١

ونحن نسبح على ظهر نجمة التألق، سوف نقطف بريق الفوز، وسف نمر عبر المضائق الصعبة، مكللين بأشرعة الإرادة، متوجين ببياض الأمنيات. ونحن نسير في فلك الكواكب البعيدة، سوف نمزق عباءة الليل الإنساني، وندخل في محيط النور، مصطحبين معنا تاريخاً مجيداً، تركه السالفون في دفتر الذاكرة، وها نحن نقرأ السطور، ونتلو آيات المجد العظيم، بقلوب أكثر جسارة من الحبال، وعقول أكثر صرامة من حذر الغافة، نغدق العالم بالمزيد من الدهشة، ونثريه بطاقة إيجابية فريدة، ولأن بلادنا اليوم أصبحت حقل اندماج الواحد في الكل، ولأن الإيمان بأننا استطعنا بالعزيمة كسر القشرة السميكة من فوق البذرة لتبدو منفتحة على العالم، ولكي تبرز الشجرة السامقة، بكل سهولة ويسر، صرنا في التحدي درساً، وفي التصدي طرساً، العالم يرتل أفكارنا، ويتابع أفعالنا، ويلاحق مسيرتنا، ويتفكر في إبداعنا، ويتأمل في منجزاتنا، ويتملى مشاريعنا، وكل ما يريده متاحاً لأننا لا نخبئ إمكانياتنا، ولا نخفي قدراتنا، كما أننا لا نسترق السمع لمن يشيننا لأننا وصلنا إلى قمم لن تطالنا السهام، ولن تنال منها الفظاظات، نحن هكذا تعلمنا القيادة بأن العمل الجيد مثل أهداب الشمس لا تخفيها الغمامات الداكنة، وهكذا علمتنا التجربة، بأن العقل الصافي مثل النهر، لن تغثه الأيدي الملوثة. الإمارات اليوم مثل البقعة النيرة في سماء مغشية بالغبار، الإمارات تسعى لتوحيد العالم ضمن مشاعر الحب، والولاء للإنسانية وفوق…

إنسان إكسبو

السبت ٠٢ أكتوبر ٢٠٢١

لحظة انطلاق النور من بين أكناف النجوم المتلألئة على بساط من تراب الوطن، كان المتأمل يقف عند جادة الفكر ويستدعي ماضياً قد توارى خلف شرشف من الدهشة التي استولت على قلبه، واحتلت مكاناً واسعاً في ذاكرته، حيث لم يزل يحتفظ بحزمة من الصور، والوجوه، والأحداث في سنواته المديدة التي قضت نحبها ولم يبق له سوى ذلك الوجه بأخاديده الأشبه بوديان حافة، وعينيه اللتين اكتسحهما بياض المراحل الغابرة، ويدين معروقتين تبدوان مثل حبل المراسي، لسفن السفر البعيد. المشهد من دبي، على أرض الإمارات، هناك شع النور، وبسط الجمال أجنحته، ووشاح من المدهشات أسدل بهجته على القلوب، وهذا المشاهد المذهول، يجلس على أريكة الانبهار محتدماً بأفكار، وخلجات، وحكايات تنقذف تواً على الذاكرة، قادمة من زمن ما، من حالة ما، من مواقف، يستشعرها وكأنها الصورة المقابلة في مرآته، حيث في إكسبو هناك التاريخ يقلب صفحاته، ويبري أقلامه، ويشحذ هممه، ويسرج خيوله، ويضع الزعفران على أخطام نوقه، ويقول للملأ هذه السانحة، انبلجت من رؤية الحكماء، هذه الدفقة، انبثقت من فطنة القيادة، وهي تسعى لريادة العالم عبر ميسم الحب، وإكسير الإرادة الصارمة، والتي تخيط قميص الأحلام، من أهداب الحرير، وتضع النقوش، غيمات مسترسلة في النث وكلما لمع بارق من ثنية، أو تابعة، كلما خفق قلب المتأمل، جراء بروز معلم، أو منجز، أو قلعة من قلاع…

إكسبو يسجل تاريخاً جديداً للإمارات

الأربعاء ٢٩ سبتمبر ٢٠٢١

أيام وتزهر شجرة التفاح، وتدلي بعناقيد الفرح على تربة الناس الطيبين. أيام وتسفر السحابة عن شالها الفضي، وتسهب في النث، والحث، وتقبل وجنات، وخدودا، وتمنح المرايا سحنة البهاء، وتهدي البرايا حلم الوصول إلى الجنات على أديم الأرض. أيام ودبي تغرد في سماء العالم، بسيمفونية مطلعها أن الشاعر عندما يكتب قصيدته، إنما يرتلها بياضاً على صفحات التراب، لتصبح القصيدة، عشباً قشيباً، تلامسه نسائم البوح، فيصير أنامل تكتب تاريخ وطن، وتسجل ملحمة في الزمن اسمها دبي.. دبي التي روضت الخيل، كما أناخت صهوة الصعاب، وأرخت خيوطا من عناقيد الدهشة على كل منجز، وكل معجزة، هي تلك الفلذة النافذة في ثنيات الوجود، هي المهجة العابرة حدود الذات، متناولة الأطراف والمتون، ذاهبة في الشؤون، والشجون، منصرفة في كل الوقت، واللحظات والثواني في أرجاء المعرفة، مندمجة في تلابيب الحياة، حباً في الحياة، واليوم وقد شارف معرض إكسبو عند باب ونافذة، يطل على العالم بقناديل شوق، ومناديل توق، إكسبو الذي له في ضمير دبي أكثر من حلم، وأكثر من حبر وقلم يغذي السير باتجاه دبي، والحدقة واسعة، والطموحات عند شغاف النجوم، والأمنيات تتحدى أرقاماً لانهائية، ومفردات اقتصاد تبدو في الحياة، من أبجديات الشاعر ومن قاموس لغته الفاتنة، وعندما تلتقي القصيدة، ممسكة بلجام الخيل، تصير دبي الحادي يحدب في فيحاء أرضه، باحثاً عن جملته الحارة، ليكمل آخر…

«إكسبو 2020» قيثارة العالم تترنم في دبي

الثلاثاء ٢٨ سبتمبر ٢٠٢١

في بقعة طفت على الأرض كأنها الموجة، كأنها اليقظة في عيني طائر صباحي، يجوب الفضاء بحثاً عن نجمة هطلت من السماء، واستقرت على أرض دبي، هنا في هذا الفيض، في هذا الروض، في هذا الجدل الثقافي، تبدو دبي قيثارة تحرك وجدان العالم نحو شاعرية، مرهفة، نحو بناء قصيدة ملحمية، نحو سرد قصة لتاريخ تعملقت حذافيره، وسمقت جذوره، وبسقت أغصانه، وهو يبوح من دبي، كيف يبدو العالم عندما يتزخرف بألوان الرؤى الضافية عند شغاف الغيمة، وعندما يصبح العقل منطقة مزدهرة بمبادرات إبداعية، منطقها إعادة صياغة شكل ومضمون العالم، ليصبح الوجود عرشاً مضاءً بأحداق الذين لا تقنعهم المحطات النمطية، ولا تكفيهم المسافات ما قبل المدى، هؤلاء صناع الكلمة في باطن القصيدة، كما أنهم سابكو اللجام عند خطوم الخيل المسومة، هؤلاء قارئوا الواقع، كما أنهم ناقشوا الفسيفساء في قاع الحقيقة، هؤلاء هم الكلمة الأولى بين شفتي الوجود، هم الجملة المفيدة في بوح الرواية، وما تفشيه من سر الأسرار، فهنا تكون دبي، وهنا تمضي ركاب الحلم ناهلة، من شوق، وتوق، ومن أحلام فرسان، لهم في الأطلال طلل، ولهم في الحوادث أحاديث، وسرد، وبطولات في وغى الأيام، وفي نواصيها. اليوم، والمشهد في دبي تتناثر نجومه بلورات على التراب الأبي، والشذا عرف، طافت منازله، عند أطراف ومتون، هذه دبي الوصل، فاصلة متصلة وجملة عرفانها موصول، ومجدول،…