مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

عيد.. وأشياء أخرى

الخميس ٠٨ أغسطس ٢٠١٣

العيد يطل بالفرح أينما حل.. يبتهج به الصغار والكبار ويتبادل الناس المودة والرحمة.. وحده المكان هناك يتألم بحرقة ولا يمر عليه عيد، هناك حيث تهطل القنابل من غير حساب، ويحن الأطفال للهدايا مثلما كانوا قبل بدء العاصفة.. وما زالوا يسألون عن يوم ينامون فيه بأمان في وطن هجره الأمان منذ ارتفع صوت الحق. * * * المسافة وقت الحرب تتباعد المسافات القريبة، وقد يحتاج المرء عبور شارع ليصل إلى بيته، لكن رصاصة قناص ربما تنهي حلم الوصول.. ووقت الحرب أيضاً تتقارب مسافات أخرى، إذ لا يلزم الطاغية غير أن يصدر أوامره لتتطاير القذائف والصواريخ قاطعة المسافات معلنة استمرار الخراب وتناثر أشلاء المساكين. * * * هجرة لم يكن أمرهم بيدهم، خافوا على أرواحهم وعلى أطفالهم فتركوا بيوتهم وغادروها.. هاجروا إلى المجهول. وبعد أن كان لهم وطن غير معززين فيه أو مكرمين على العكس من معظم شعوب الأرض، باتوا مشردين في وطنهم وخارج حدوده يقبلون بالفتات.. وكل يوم وكل عيد تزداد مساحات التهجير اتساعاً ريثما يحين الخلاص. * * * الانتصار يخدع نفسه بالحديث عن الانتصار ويتناسى عمداً بلده المدمر بأسلحته، هو يدرك في قرارة نفسه أنه مهزوم من داخله ومهزوم على أرض الواقع لكنه يكابر كما كابر منذ اللحظات الأولى محاولاً كتم أصوات الحق، غير أن الحق كان أقوى.. فتضاعفت…

المتباكون على “الإخوان”..

الخميس ٠١ أغسطس ٢٠١٣

منذ استبق الإخوان المسلمون نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية العام الماضي وأعلنوا فوز مرشحهم محمد مرسي فردّ عليهم تيار المرشح الثاني بإعلان فوز مرشحهم أيضاً ليُدخل الطرفان مصر في حالة من انعدام التوازن.. منذ ذلك الوقت يدرك أي متابع للأحداث أن حركة الإخوان "الخبيثة" وراءها ما وراءها.. فهي من جهة أولى تشير إلى تهديد خفي بنية الإخوان المسلمين في تخريب البلد إن لم يفز مرشحهم، ومن جهة أخرى تدل على أن مستقبل مصر ماضٍ إلى المجهول ما دام هؤلاء يفكرون بعقلية سلطوية مطلقة، فإما كرسي الرئاسة وما يتبعه من امتيازات، وإما "نصنع الفوضى التي لن تجعل مصر تستقر". أما أهم الدلالات من إعلان "الإخوان" لفوز مرشحهم، فهو الوضوح المطلق لعدم فهمهم للعملية الديموقراطية، فالديموقراطية لديهم تعني وفقاً لتلك الحركة انتصارهم فقط وإلا فهم بالمرصاد لأي شيء يأتي على العكس من ذلك. اليوم يظهر "الإخوان" على طبيعتهم، فكل ما يخدم جماعتهم هو جيد، وما لا يخدمها غير مقبول بقناعتهم.. فأن يقبلوا بعزل الجيش للرئيس حسني مبارك ولا يقبلوا بعزل الجيش لمرسي، فهذا تناقض يفسره أن عزل مبارك معناه خلو الساحة وتمهيدها لهم للانقضاض على السلطة، وعزل مرسي معناه أنهم رجعوا خطوات إلى الوراء فيما كانوا يحلمون بـ"التكويش" على كل شيء. ما يثير الغرابة أولئك المتباكون على عزل محمد مرسي، خاصة من غير…

فرانسوا مراد.. ضحية التطرف والنظام

الخميس ٠٤ يوليو ٢٠١٣

ما كان الإسلام يوماً ما دين قتل، بل دين سماحة ويسر، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرّم ظلم أهل الذمة أو التعدي عليهم، وجاء عن صفوان بن سليم عن عددٍ مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا مَن ظلَم معاهداً، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة"؛ رواه أبو داود والبيهقي. كذلك أكد على حُرمة دمائهم، والاعتداء عليهم بغير حق، فقال صلى الله عليه وسلم، بحسب رواية البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: "مَن قتل معاهداً لم يَرَحْ رائحة الجنة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما". وأوصى أبو بكر الصديق رضي الله عنه جنوده عام 12 للهجرة بقوله: "... وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له..". هذه هي روح الإسلام، أما أن يظهر في سورية من يدّعون الجهاد، فيعتدون على دير للنصارى ويقتلون "الأب فرانسوا مراد" وينهبون الدير، فهذا ليس من الإسلام. وأيا كان الفاعل.. سواء كان النظام السوري، كما يروج المدافعون عن الثورة، أو مدعي الجهاد كما تشير الوقائع، فتلك الجريمة لا يقبلها الله ورسوله. الدير الذي كان يتعبد فيه موجود بمنطقة منعزلة بين القرى، وأغلب أهاليها هجروها بعد هروب النظام منها، وسيطرت عليها جماعات…

النصر.. والكراهية

الخميس ٢٠ يونيو ٢٠١٣

على الرغم من أنه تسبب بتدمير بلده وتشريد عشرات الألوف من البشر وعلى الرغم من اعترافه بأنه أخطأ بفعلته التي أدت إلى كل ذلك .. إلا أنه، زعيم حزب الله، خرج ليعلن انتصاره في حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان في العام 2006، وما زال يتغنى بانتصاره المزعوم، مقنعا من حوله بذلك، ومحولا مفهوم النصر إلى أنه ينتصر إذا بقي على قيد الحياة مهما دفع من تكاليف وأرواح من شعب بلده في حرب جربت فيها إسرائيل أسلحتها الجديدة المتطورة واختبرت قدراتها على التدمير، تماما كما يفعل النظام السوري وحزب الله بالمواطنين السوريين. أيام الحرب تلك، وقبل نصره الوهمي وبعده، ثمة حكايات وتداعيات .. طبقا لمفهومه السابق للنصر، بأسلحة فردية صمد أبناء مدينة القصير التي أرسل إليها زعيم حزب الله مقاتليه مدعومين بطائرات ودبابات ومدافع النظام السوري أكثر من عشرين يوما وانسحبوا لانتهاء ذخيرتهم وخوفهم على أهاليهم الذين يموتون نتيجة القصف الهمجي المتواصل. ولم يعدّ حسن نصر الله - بحسب مفهومه السابق للنصر - هؤلاء منتصرين لصمودهم أمام قوة تدميرية تفوق قدراتهم بآلاف المرات، بل كان بقناعته هو المنتصر .. فاحتفل وجماعته فرحا بسفك دماء المسلمين الأبرياء، ليجعل من كان يقف على الحياد ومن كان يصطف معه من غير ملته ضده، حتى البعض من ملته في لبنان رفضوا سلوكه، فكان…

موسم سلق البيض

الأربعاء ١٩ يونيو ٢٠١٣

و«سلق البيض» في الاصطلاح الدارج كناية عن استسهال العمل أو إنجازه بطريقة ارتجالية من غير إتقان .. وهكذا هم أصحاب الدراما العربية ممن اعتادوا «سلق البيض» في الأيام التي تسبق شهر رمضان الكريم، فيقضون العام في تراخٍ وعمل على مهل، وإذا اقترب شهر الصوم تراكضوا لينهوا المسلسلات .. فهناك عقود موقعة وشروط جزائية .. وإن لم يكتمل أي عمل، حتى ولو كان «سلق بيض»، فالعملية الإنتاجية في مأزق. لن نصدر الأحكام المسبقة، لكنها العادة كل عام، ومن الصعب أن يكون العام الجاري استثناء، فأن يُحكى عن أكثر من ثلاثين مسلسلاً مصرياً بحسب الروايات، وأن يكون هناك 22 مسلسلاً سورياً بحسب وكالة الأنباء السورية، هذا عدا عن الأعمال الخليجية والتركية المدبلجة، وهي كثيرة .. فـ «سلق البيض» مسألة حتمية في عدد غير يسير منها. لو تأملنا في مجريات السنوات السابقة التي بات فيها المشاهدون يتسمرون أمام الشاشات طوال النهار والليل يتنقلون بين مسلسل إلى آخر، لوجدنا كثيراً منها لم تكتب نصوصها بعناية، وأمرها لا يتجاوز كونه ورشة قراءة فكرة وارتجال طريقة لتقديمها تلفزيونياً، فتظهر من غير غاية أو معنى أو مذاق .. مليئة بـ «المطمطة» والمَشاهد المرتبكة لهدف واحد هو ملء فترات البث الفضائي .. والمختصر أنه ما دام هناك من يشتري، فهناك من يسلق وينتج. والأشهر في السلق من غير…

ريشة .. وربيع

الخميس ١٣ يونيو ٢٠١٣

1 قبل زمن «الكيبورد، وقبل زمن القلم الجاف وما سبقه من أقلام حبر ورصاص وغيرها، وقبل توظيف القصب للانطلاق بروائع الخط العربي .. قبل كل ذلك كان لريشة الطير حضور كتابي في عصور أحسب أن أهلها اعتبروا من يكتب بالريشة بعد غمسها بدواة الحبر متطوراً وحداثياً. وعلى الرغم من التطور الكتابي وابتكار ريشة معدنية مصنوعة من الفولاذ، استمر الناس يسمونها ريشة، حتى قلم الحبر العادي فإن الجزء الأمامي منه الذي يلامس الورقة مازال اسمه ريشة. لم ينحصر استخدام الريشة لدى العرب قديماً في الكتابة، بل كانت تثبت في آخر السهم لينطلق في الفضاءات برشاقة فيصيب مرماه. 2 يقولون في اللغة: رَاشَ الطَّائِرُ رَاشَ رَيْشاً: نبَتَ رِيشُهُ. ورَاشَ فلانٌ: استَغْنَى. ورَاشَ السَّهْمَ: رَكَّبَ عليه الرِّيشَ، فهو مَريشٌ. ورَاشَ فلاناً: قَوَّاهُ وأعانَهُ وأصَلَحَ حالَهُ. ويقال: رَاشَه اللَّه: أنْعَشَهُ. وراشَهُ اللَّه مالاً: أَعطاهُ إياه. ورَاشَ السُّقْمُ فلاناً: أضْعَفهُ . ويقال: لا تَرِشْ عَلَيَّ: لا تعترضْ لي في كلامي فتقطعَهُ عَلَيَّ. وفلانٌ لا يَرِيشُ ولا يَبْرِي: لا يَضُرُّ ولا ينفعُ . 3 ريشة جناح طير الإوز هي الأفضل للكتابة بحسب الروايات لكون أشكال الحروف المرسومة بها أجمل، وإذا تعذر وجودها يتجه الكتاب إلى ريش الصقر والعقاب، وربما الديك الرومي أو الغراب. ومع تدبيبها وبري رأسها وغمسها بالدواة يتدفق قليل من الحبر إلى التجويف الصغير…

محاولات جديدة

الجمعة ٠٧ يونيو ٢٠١٣

محاولات الجيل الجديد الإبداعية في كسر القوالب التي رسخت لفنون الكتابة تأتي استمرارا لمحاولات بعض المبدعين من أجيال سابقة، ففن الرواية مثلا، وهو الأكثر انتشارا منذ سنوات، يشهد تطورا ملحوظا في بنية الرواية وخروجها عن النمط المتعارف عليه، من حيث البداية والمتن والنهاية، إذ تداخلت الحالات في بعضها من سرد وسيرة ذاتية وحكايات شخصية أو توثيقية وغيرها .. وفي الشعر توقفت المحاولات التجديدية عند النثريين بعد زمن على انطلاق التفعيلة وانتشارها، وبرغم ذلك لم يحقق كتّاب النثر - تحت مسمى الشعر - من الشباب جزءا من حضور الروائيين الشباب وانتشارهم. أما القصة القصيرة فاكتفى حداثيوها بما أسموه (ق ق ج) أي قصة قصيرة جدا، وخرجوا أيضا عن القالب القصصي المعروف وحبكته التي درسونا إياها في منهاج اللغة العربية. يحق للمبدعين الجدد أن يجربوا، وليس من حق أحد أن يلومهم، فكما وضعت القوالب القديمة يمكن أن تظهر قوالب جديدة، ويمكن أن نرى ذات يوم أعمالا تكتب من غير قوالب، ولعلها سوف تكون أكثر جنونا واقترابا من الإنسان العادي في زمننا الذي اختلفت فيه المعايير وتغيرت القواعد، والرسالة التي كانت تصل، قبل سنين، بعد شهر عبر البريد العادي يقوم بتوصيلها ساعي البريد الذي كم تغنى به العشاق والمشتاقون لأحبائهم، صارت تصل بأجزاء من الثانية. ولذلك من الممكن أن تصل الرسالة التي كان…

تكلم بالعربية مع «التيم بتاعك»

الجمعة ٣١ مايو ٢٠١٣

لا يرفع ضغطي «المرفوع خلقة» مثل أولئك الثرثارين على إذاعات الـ «إف إم»، وعلى الرغم من ذلك الضغط أستمع إليهم كلما قدت السيارة .. أستمع وأستمتع بعثراتهم من باب التندر، ولا أستفيد منهم شيئاً في الأوقات القليلة التي تصاحبني أصواتهم خلالها، فهؤلاء تنطبق عليهم بامتياز مقولة «ما عندهم سالفة» .. فترى واحدهم و«واحدتهم» يريد ملء المساحة الزمنية فيهرف بما لا يعرف، ويضع نفسه في مآزق هو في غنى عنها لو فكر قليلاً وتأنى قبل أن ينطق درره المكنونة. اشتهيت أن أسمع في الإذاعات مَن يتحدثون بالفصحى في غير نشرات الأخبار، فالكلام كله بالعاميات الدارجة في دول عربية، وبكل أسف «غير المحلية» كما في إذاعة محلية إذ تتداخل الأصوات والكلمات على شاكلة «عاوز» و«بدّك» و«إزا» و«عندُن» و«فيكُن» .. حتى الحروف اللثوية لا تخرج من مخارجها السليمة، فتتحول إلى حروف أخرى من باب الاستسهال في اللهجات. من طرائفهم أن تتحدث مذيعة في برنامجها الصباحي مع المذيعين الزميلين في فترتها عن اختيار «الأواعي» .. والأواعي لمن يريد أن يعرف هي غير «الأوعية» التي تعني الأواني، لأن المفردة تطلق في بلاد الشام على الملابس، فكيف يدرك المستمع معناها إن لم يغص في لهجات الدول الأخرى. ومن نوادرهم أن استغرب مذيع في يوم سابق من البرنامج الصباحي ذاته من الذين يحشرون مفردات إنجليزية أثناء تحدثهم…

الطائفية حين تشعل عمداً

الخميس ١٦ مايو ٢٠١٣

أول الكلام أني أمقت الطائفية وأعدها مصدر كوارث على العالم الإسلامي منذ اشتعلت ذات يوم، ولي أصدقاء ومعارف من مختلف الطوائف ومن أديان غير الإسلام أيضاً، ولدي قناعة بأن الطائفية بدأت على شكل حزب سياسي غير معلن من قبل الفرس المسلمين ثم تمذهبت فظهرت طائفة أولى معارضة للحكم الأموي ليشهد التاريخ مذهبين فقط آنذاك. وتلت ذلك انقسامات طائفية في أحدهما حتى ظهرت الملل الأخرى، وكل ملة تفلسف أمور الدين بطريقتها لتثبت صوابها حتى صارت الأمة إلى ما هي عليه اليوم. وبعد، قال الاصطخري في المسالك والممالك: "وأما ديار مضر فإن الرقة أكبر ما فيها من المدن، والرقة والرافقة مدينتان متلاصقتان، وفي كل واحدة منهما مسجد جامع، وهما على شرقي الفرات كثيرتا الأشجار والمياه في مستوى الأرض، خصيبتان، وفي غربي الفرات بين الرقة وبالس أرض صفين، وبها قبر عمار بن ياسر رضي الله عنه". وإلى جانب قبر عمار بن ياسر رضي الله عنه تضم مدينة الرقة السورية أيضاً قبر الصحابي وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، وقبر التابعي أويس القرني رضي الله عنه، وقبل عقدين من الزمن أهدى النظام السوري بحركة طائفية مفضوحة الموقع الذي دفن فيه عمار وأويس للحكومة الإيرانية لإقامة مركز ثقافي وديني ترعاه إيران، فالحوزة في "قم" على ما يبدو جعلت منهما شيعيين قبل ظهور الشيعة لمجرد…

تراجعات ومواقف

الخميس ٠٩ مايو ٢٠١٣

قد يحدث أن يتراجع المثقف أو المفكر أو الداعية عن موقف سابق نتيجة لتغير معطيات المراحل أو لتغير في عقلية الشخص نفسه، وهنا تختلف ردود الأفعال، فثمة من يتقبلون ذلك وثمة من يرفضونه، مما يؤدي إلى حالة من الجدل بين التيارين في بعض الأحيان بحسب الشخصية المختلف عليها. والغالب أن المواقف التي تم التراجع عنها لا يتم توضيحها بصورة علنية، بل يتم استنتاج ذلك من خلال التغير، وقلّ أن يعترف أحدهم بأنه كان على خطأ ذات يوم أو أنه لم يكن موفقاً في كتابته أو أنها لا تعبر عنه بعد تخطيه مرحلة البدايات إلى مرحلة النضج وامتلاك هوية معرفية أو إبداعية. فأحد الشعراء الكبار مثلاً سحب ديوانه الأول من المكتبات، وروي أنه حاول استعادته من أصدقائه الذين أهداه لهم ذات يوم لمجرد أنه أصدره في العشرين من عمره تقريباً، واكتشف فيما بعد أن سوية الكتابة ضعيفة بالمقارنة مع كتابته بعد سنوات طويلة اكتسب خلالها قدرة على التلاعب باللغة والمفردة والصورة الشعرية. والأمر نفسه تقريبا في حالة بعض دعاة ما يسمى بالصحوة ممن اختلفت أفكارهم بنسبة كبيرة جدا، ولعل المسألة غير متعلقة بالجرأة من عدمها بقدر ما هي متعلقة بفقدان عدد غير قليل من الجمهور، وهذا يطرح تساؤلا حول احتمال عدم الانسلاخ التام عن الأفكار القديمة وإمكانية وجود بقايا منها في…

الألمعيون حين يجنّون

الخميس ٢٥ أبريل ٢٠١٣

ذات أمسية شعرية نظمها نادي أبها الأدبي في رجال ألمع أواخر القرن العشرين جمعتني مع الشاعرين أحمد عسيري ومحمد زايد الألمعي لفتني عدد الحضور الكبير من متذوقي الشعر وعشاقه ممن اكتظ بهم المكان المفتوح آنذاك. ولأن عدد الكراسي لم يكن كافياً، فعدد الواقفين كان أضعاف عدد الجالسين.. أما الأبرز فهو تفاعل "الألمعيين" اللاشعوري مع القصائد الملقاة. حرص رئيس النادي آنذاك محمد بن عبدالله الحميد على أن يكون في طليعة الحاضرين مع إدارة النادي بالإضافة إلى جمع كبير من مثقفي المكان.. يصاحبهم حضور جماهيري مبهر لأصحاب ذائقة فريدة من نوعها في التلقي.. كل ذلك يجعل أي شاعر يجود بإلقائه ويندمج مع حروفه ويتغنّى محلقاً لتحط الكلمات حيث يلذ لها أن تكون في قلوب الألمعيين. حين يتحدث الصديق الكاتب علي فايع عن الاضطرار لتأسيس "مجلس ألمع الثقافي" بجهود خاصة لعدم وجود مركز ثقافي في "رجال ألمع" المترعة بالمبدعين، فكل الحق معه، لأن الجمهور المتذوق الذي لمسته منذ عقد ونصف في مكان مفتوح غير معدّ للأمسيات، يستحق أن يكون لديه مركز ثقافي شامل لكل الفنون الإبداعية، فالمحافظة وما حواليها تضم عدداً كبيراً من الشعراء والكتاب والتشكيليين والمسرحيين والمصورين الضوئيين.. وما إلى ذلك من فنون بما فيها الموروث وروائع "القط" بنقوشه الفطرية الأنيقة.. والألوان الغنائية والرقص الشعبي المحبب من "دمة" أثيرة و"خطوة" وغيرهما. الألمعيون…

التطرف يزداد اتساعاً

الخميس ١٨ أبريل ٢٠١٣

حين تنبه العرب قبل غيرهم إلى ما ستؤول إليه الأمور في سورية لم يتعاون معهم المجتمع الدولي للتعجيل بإنهاء الأزمة قبل أن تبلغ حد الكارثة، وحين أعلن الغرب خشيته من تغلغل تنظيم القاعدة إلى سورية لم يكن هناك أي حركات أصولية في البلاد.. غير أن التقاعس الدولي وتردد القوى الكبرى ولعبة المصالح الروسية أخّرت وما زالت تؤخّر الحل حتى وقع الفأس في الرأس، وبعد أن أنهك الجيشُ الحر النظامَ جاء الأصوليون ليسيطروا على الوضع في كثير من المناطق، ومنهم من أعلن ولاءه لـ"القاعدة"، مما يعني أن الحال من سيئ إلى أسوأ.. والقادم لن يكون بأفضل مما مرّ خلال العامين الماضيين. بل وربما تكرر سيناريو العراق بصورة أشد خطورة، ففي المناطق التي يقول الثوار إنهم حرروها يروي شهود عيان أن أعضاء الجماعات الإسلامية ممن يقولون إنهم "مجاهدون" احتلوا كثيراً من البيوت التي غادرها أصحابها، ولدى عودة بعض إلى بيوتهم رفض هؤلاء "المجاهدون" المغادرة وبقي أهلها في الشارع. في بعض المدن السورية صار "أمير الجماعة" هو الآمر الناهي، وما كان له ذلك لو أن المسألة حسمت منذ بدأ النظام في قتل المتظاهرين، فحينها لم يكن هناك سوى صوت الناس البسطاء الحالمين بالتخلص من الطغيان.. أما اليوم فالأصوات كثرت والمطامع كبرت، وحلم دولة الخلافة عاد إلى أذهان الحالمين به، و"الأخوان" يتربصون ليعملوا مثل…