اتفاق فتح وحماس على إنهاء سنوات الانقسام

أخبار

أنهت حركتا فتح وحماس سبعة أعوام من الخلافات أمس، بالاتفاق في قطاع غزة على تشكيل حكومة كفاءات وطنية، خلال خمسة أسابيع تكون مهمتها التحضير لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية خلال ستة أشهر على الأقل، وتعالج كل القضايا الخلافية الأخرى المتعلقة بملفات الحريات العامة والأمن والتوظيف والاعتقال السياسي والإعلام. وفور الإعلان عن المصالحة، عبرت إسرائيل عن رفضها للخطوة، وقال إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في مؤتمر صحافي بعد توقيع وثيقة الاتفاق أمس: «هذه بشرى نزفها لشعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات.. انتهاء مرحلة وسنوات الانقسام».

وتلا هنية وثيقة الاتفاق، قائلا إن «الطرفين استعرضا الأوضاع السياسية التي تمر بها قضيتنا وحالة الانسداد السياسي وقد استحضر الجميع المسؤولية الوطنية حتى يتسنى لشعبنا مواصلة طريقه حتى الحرية والعودة وإقامة الدولة». وأضاف: «من هذه المنطلقات الوطنية والدينية والقومية السامية تداعى وفد منظمة التحرير ووفد حركة حماس للقاء على أرض غزة الصمود ووضعا اتفاق، وعقدا اجتماعين على مدار اليومين بين الوفدين وجرى الاتفاق على ما يلي، أولا: التأكيد على الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة والاتفاقات الملحقة له، وإعلان الدوحة واعتبارهما المرجعية عند التنفيذ. ثانيا الحكومة: يبدأ الرئيس مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني بالتوافق مع الفصائل، من تاريخه وتعلن خلال الفترة القانونية وهي خمسة أسابيع استنادا إلى اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة». وأضاف أن العنصر الثالث من الاتفاق يشمل «التأكيد على تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، ويخول الرئيس بتحديد موعد الانتخابات بالتشاور مع القوى والفعاليات على أن يتم إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة على الأقل، وتتم مناقشة ذلك في لجنة تفعيل منظمة التحرير في اجتماعها القادم». وفيما يخص منظمة التحرير الفلسطينية، قال هنية: «تم الاتفاق على عقد اجتماع للجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير لممارسة مهامها المتفق عليها في الاتفاقات في غضون خمسة أسابيع من تاريخه والتأكيد على دورية وتواصل اجتماعاها بعد ذلك». وأما لجنة المصالحة، فأعلن عن «الاتفاق على العمل الفوري للجنة المصالحة المجتمعية ولجانها الفرعية استنادا إلى ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.. (واتفق الطرفان على) التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة في ملف الحريات العامة ودعوة لجنة الحريات العامة في الضفة والقطاع لاستئناف عملها فورا وتنفيذ قراراتها». والنقطة الأخيرة في البيان شددت على تفعيل «المجلس التشريعي والقيام بمهامه» في المرحلة المقبلة. ومع توقيع الاتفاق في غزة، سيبقى التنفيذ هو المحك الفعلي الذي ستختبر فيه إرادة الطرفين.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن «الطرفين تجازوا معظم الخلافات التفصيلية السابقة، مثل وقت الانتخابات ومسألة حلف اليمين وعمل المجلس التشريعي». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «المناقشة جارية حول إمكانية تسلم شخص آخر منصب رئيس الحكومة المقبلة بدلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أن تؤدي الحكومة اليمين أمام الرئيس وتحصل على الثقة من المجلس التشريعي».
وطرحت خيارات مختلفة خلال محادثات اليومين الماضيين من بينها أن يبقى رامي الحمد الله، رئيس الحكومة الحالي في منصبه، أو أن يتم ترشيح ناصر الدين الشاعر نائب رئيس الحكومة التي شكلتها حماس عام 2006 لهذا المنصب.

وسئل عزام الأحمد، مسؤول وفد منظمة التحرير، حول هذه القضية فقال، إن «القرار في أن يترأس الحكومة الرئيس أو شخص آخر عائد للأخ الرئيس أبو مازن (عباس)». وأوضح هنية أن حماس لم تعارض ترؤس عباس للحكومة لكنها اقترحت توزيع المهام و«تخفيف العبء عنه». وأكد هنية والأحمد أن مهمة الإطار القيادي لمنظمة التحرير ستكون بحث إعادة تشكيل منظمة التحرير وانضمام حركتي حماس والجهاد إلى المنظمة، فيما أن البرنامج السياسي للمنظمة سيقرره المجلس الوطني الجديد بعد انتخابه.

وكان وفد قيادي شكله الرئيس الفلسطيني، وصل إلى غزة الليلة قبل الماضية وباشر في عقد اجتماعات طويلة استمرت حتى فجر أمس مع وفد حماس، قبل أن يعاودوا الاجتماع أمس ومن ثم يعلنوا الاتفاق.
وقال الأحمد فور وصوله غزة: «لحظة الصفر قد حلت لإنهاء الانقسام». وناقشت الجلسات كل الملفات محل الخلاف إلى جانب الملفات الرئيسة بما في ذلك المعتقلين وتوزيع الصحف في الضفة وغزة.
واتفق الطرفان على الإفراج عن المعتقلين بعد إنجاز الحكومة من خلال لجنة الحريات. ويفترض أن يصدر الرئيس الفلسطيني مرسومين رئاسيين، واحد بتشكيل الحكومة بعد أن تستقيل كل من الحكومتين في الضفة وغزة، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الوطن بعد انتهاء مهلة التشاور.

ويشكل الاتفاق انتصارا للسلطة الفلسطينية في رام الله التي تمر بأزمة سياسية كبيرة، ويعيد للرئيس الفلسطيني السيطرة على كل المناطق الفلسطينية، ولحماس المحاصرة في قطاع غزة إذ تخرج من عزلتها المتزايدة في ظل السلطة والمنظمة.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رمى العصا أمام العجلة مبكرا، بتخييره الرئيس الفلسطيني بين «السلام مع إسرائيل» أو المصالحة مع حماس المعادية لإسرائيل.
وتساءل نتنياهو خلال تصريحات للصحافيين في اجتماع مع وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس «هل يريد (عباس) السلام مع حماس أم السلام مع إسرائيل؟» وأضاف: «لا يمكن أن يجتمع السلام مع حماس والسلام مع إسرائيل. أتمنى أن يختار السلام. وهو لم يفعل ذلك حتى الآن».

وكان الغضب ظاهرا على نتنياهو من احتمال المصالحة بين الفلسطينيين.

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، مساء أمس، إن «إسرائيل قررت إلغاء الجلسة التفاوضية التي كان مقررا عقدها ليلة أمس احتجاجا على اتفاق المصالحة الذي وقع بين حماس وفتح». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مكتب نتنياهو قوله، إن «الاجتماع كان مقررا أن يتم بين فريقي المفاوضات الإسرائيلي والفلسطيني كجزء من المفاوضات السياسية، وقد تم إلغاؤه في أعقاب التوقيع على اتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس». ولم يفض اجتماع عقد أول من أمس بين مفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين إلى اتفاق. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «ثمة خلافات حول ملف الأسرى والاستيطان والحدود كذلك».

كما هاجم وزراء إسرائيليون اتفاق المصالحة الفلسطينية، وعدوه إنهاء للمفاوضات. وقال «وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأن توقيع الاتفاق بين فتح وحماس على تشكيل حكومة تكنوقراط قريبا يعتبرا توقيعا على نهاية المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل».

أما وزير الاقتصاد، رئيس حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف، نفتالي بينيت، فعقب على المصالحة الفلسطينية، قائلا «هذه المصالحة ستشكل حكومة وحدة وإرهاب».وأصدر عباس بيانا مساء أمس يؤكد فيه أن المصالحة مع حماس لا تتناقض مع جهود السلام مع إسرائيل، قائلا: إن «دولة مستقلة» بجوار إسرائيل ما زالت هدفا له. وبينما دارت المفاوضات في غزة، قدم رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور الدعم الأردني الكامل للسلطة الفلسطينية في رام الله أثناء زيارة قصيرة له على رأس وفد وزاري كبير. وقال النسور بأن وجوده في رام الله «دليل على رسالة الدعم التي يحملها للشعب الفلسطيني وخاصة في هذه الأيام».

وأضاف النسور في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الفلسطيني الحمد الله: «المملكة الأردنية الهاشمية ستعمل على الدوام ومن دون تردد ومن دون حسابات لنصرة الشعب الفلسطيني وستظل سنده وظهيره بشأن كل ما يرفع عنه هذه الغمة التاريخية التي لا مثيل لها في التاريخ، ومعاناة الشعب الفلسطيني تصيبنا».

ووصل النسور إلى رام الله على متن طائرة أردنية حطت في مقر الرئاسة الفلسطينية، بهدف ترؤس اجتماعات اللجنة الأردنية الفلسطينية العليا المشتركة في دورتها الرابعة وترأس الحمد الله الجانب الفلسطيني.
ووقع وزراء أردنيون وفلسطينيون نحو 9 اتفاقيات بحضور الرئيس الفلسطيني، بينها مذكرة تفاهم وتعاون دولي مشترك وبروتوكول تعاون في مجال حماية الإنتاج الوطني، وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال المنافسة، وبروتوكول معدل للتعاون الصحي بين البلدين، ومسودة اتفاقية في مجال الحماية المدنية والدفاع المدني، ومذكرة تفاهم في مجال التسويق الزراعي، ومذكرة تفاهم في مجال الأرصاد الجوية.

المصدر: الشرق الأوسط