المنامة عاصمة للسياحة العربية للعام 2013: نموذج بحريني يدمج الحداثة بالموروث الحضاري

أخبار

فورمولا 1 عنصر جذب سياحي في البحرين

احتفاءً بنمو سياحي تعيشه البحرين، وتكريماً لجهود في قطاع السياحة على مستوى الوطن العربي، اختيرت المنامة عاصمة للسياحة العربية للعام 2013. وستطلق الفكرة رسمياً في اجتماع يحضره وزراء السياحة العرب في العاصمة البحرينية اليوم.

وفي احتفال لتكريم وزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي الخليفة، أقيم في جدة بنهاية كانون الثاني (يناير) المنصرم، هنأ رئيس المنظمة العربية للسياحة بندر آل فهيد البحرين على الاختيار، وأشار إلى صياغات ثقافية وتاريخية تختصّ بها المنطقة أهّلتها للتفرد. كما أوضح أن الصناعة السياحية تنبع من استثمار المكونات، وأن النموذج البحريني ترك آثاراً إيجابية وفعّل روابط وعلاقات بين الدول العربية.

وأكد الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية محمد التويجري، على دور السياحة في التنمية المستدامة، وأهمية الأمن وانعكاسه المباشر على ازدهار السياحة، ودعا رجال الأعمال للمساهمة في المشاريع السياحية والتمويلية.

واغتنمت الوزيرة المناسبة لتشكر رئيس البنك الإسلامي للتنمية لعمله جاهداً لدعم مشاريع سياحية بالبحرين.

وللاحتفال بالمنامة عاصمة للسياحة العربية، استعدت وزارة الثقافة ببرنامج يثري مجالات اقتصادية واجتماعية وثقافية. وفي حديثها خلال احتفال التكريم، توقفت وزيرة الثقافة عند فصول أربعة لعام السياحة وفعاليات ثقافية وسياحية ستنظمها الوزارة.

 طريق اللؤلؤ

تختلف السياحة الخليجية كثيراً عن دول أخرى في نهجها السياحي، إذ رغم إيغال السكان عبر قرون كثيرة في الفعل الحضاري العالمي، ورسوخ قدم شعوبها في إسهامها في التراث الإنساني، إلا أن طبيعة المناخ الصحراوي المسيطر في الجزيرة العربية ووجود الإنسان في بيئة قاسية، حرما الخليجيين في الدول الست بمجلس التعاون من الاحتفاظ كثيراً ببقايا مادية ملموسة تعكس هذا الحضور والإسهام عبر القرون، فلا قلاع بقيت لها، ولا أهرامات دامت بها، ولذلك تعامل الخليجيون منذ البدء مع السياحة كصناعة حديثة تشكل الآثار الباقية أحد جوانبها وليس محورها الأساس. وابتكرت وسائل لاستعادة الفعل البشري القديم بوسائل حديثة.

ومن بين ذلك، وما قد يشكل المثال الأبرز على هذه الممارسة، استعادة طريق للؤلؤ في وسط مدينة المحرق، والتي شكلت العاصمة الأبرز لهذا النشاط البشري والتجاري الذي يمتد تاريخه إلى أيام جلجامش أي 2500 ق.م.

كانت المحرق كلها تغوص لصيد اللؤلؤ وتعيش من اللؤلؤ وينكوي أبناؤها بقساوة تلك الصناعة. وكادت تلك المهنة أن تختفي من الوجود لأسباب شتى، وليس اختراع اللؤلؤ المزروع واكتشاف النفط إلا فصلين من فصولها. على أن ذلك لم يمنع من العمل على استعادة سكة من سكك المدينة حيث يمكن رسم رابط بين البحر والسفن وجمهور العاملين في تلك الصناعة.

تتشكل شبكة الغوص بدءاً من الذاهبين على سفن، وفي مقدمهم الناخوذة، أو قبطان السفينة. وترتبط بتلك المحطة شبكة أخرى على اليابسة حيث يوجد تجار ينتظرون صيد السفينة لتقويمه وشرائه. ثم تبدأ صناعة أخرى لنقل السلعة من خامة إلى لؤلؤة مثقوبة قابلة للاستخدام ضمن عقود أو أساور. وهكذا ربطت هذه السلسلة من جديد باختيار بيوت قطنها ساكنون ينتمون إلى كل جزء من عملية الغوص على اللؤلؤ ومعالجته وتسويقه، وذلك على جانبي طريق يمتد بطول 3 كلم. وحين فارق أصحابها الدنيا تركوا خلفهم بيوتاً متواضعة، وذكريات في نفوس أبناء وأحفاد. وقد استعادت وزارة الثقافة البحرينية تجديد تلك البيوت وتأهيلها لتنقل أقرب صورة ممكنة عن واقع تلك الملحمة، وإتاحتها لأهل الخليج أولاً وللتراث العالمي ثانياً.

 رسالة البحرين السياحية

قالت وزيرة الثقافة الشيخة مي آل خليفة في مؤتمر صحافي ترافق مع عرض للأوبرا الإيطالية «الريجوليتو» على مسرح البحرين، إن الحراك الثقافي المُقدّم على أرض البحرين ينبلج كأغنية تلاق وتآنس وتآلف، وتريده المملكة أمثولةً للجميع وعبرةً لانفتاح خلاق وغني على الحضارات والثقافات المختلفة. وتحدّثت عن مشاريع ثقافية وسياحية لسنة المنامة عاصمةً للسياحة العربية وفصول أربعة يحمل كل منها فعاليات وأنشطة محلية وعالمية ضمن طبيعته: سياحة الثقافة والرياضة والترفيه والبيئة.

وانعكست تحديدات الاحتفالات هذه على الإعلام والصحافة الإيطالية، التي تحدثت في كانون الثاني المنصرم عن نشاط ثقافي بالمملكة يشيع احترام الاختلافات وروح الانفتاح لديها، متوقفة عند أهمية بناء مسرح وطني لوضع البحرين على خارطة النشاط الثقافي والسياحي في العالم. وتحدثت الصحف عن بلد يجمع التراث بالحداثة عمرانياً واجتماعياً، مشيدة باهتمام جلي لملك البحرين بالحراك الثقافي وتطويره. وتوقفت عند جهود وزارة الثقافة في تعزيز خطة مسؤولين في جذب الفن العالمي الراقي، وأشارت إلى إعادة إحياء البيوت القديمة في المحرّق والمنامة.

واستحسن صحافيون إيطاليون العودة للبحرين السنة القادمة، فالتعاون مع مسؤولين إيطاليين، وبالأخص مع مهرجان رافينا الفني العالمي بإيطاليا، بدأ كي يستمر لسنوات قادمة لجذب أكبر عدد ممكن من العروض ليرتقى بالمكان إلى العالمية.

وأعجبت كريستينا موتي، مديرة مهرجان رافينا، بسحر البحرين وجمال المسرح الوطني حيث يستعير من العالم تقنيات حديثة ويُبقي على ما للبحرين من سحر وتاريخ ملموس في طبيعة البناء.

وحين يستضيف بلد ما نشاطاً ثقافياً عالمياً يتضمن هذا الفعل أموراً عدة: إتاحة تلك الأنشطة للجمهور للاستمتاع وشحذ الذهن والتعريف بمستويات الثقافة العالمية. ويضاف إلى ذلك أيضاً تعريف الممارسين الثقافيين والمبدعين المحليين بآخر الصيحات الثقافية وتدريبهم على تبني مقاييس دولية يتوجب عليهم اتباعها إن أرادوا انفتاحاً على ثقافات العالم، وتواجداً في المسيرة الحضارية المعاصرة.

قبل المنامة احتفلت مسقط بكونها عاصمة للسياحة العربية، كما أن المنامة نفسها قد خلصت للتو من الاحتفال بنفسها كعاصمة للثقافة العربية. وكل ذلك يشكل مراكمة خليجية في السياحة، ويفتح أبواباً جديدة للسياحة العربية وطرائق حديثة تتبناها إن أرادت التنافس دولياً.

 المصدر: صحيفة الحياة