كلثم عبدالله: كنت طفلة حاذقة أتسابق مع الغيوم

مقابلات

حوار: رنا إبراهيم
أبصرت الشاعرة كلثم عبدالله سالم النور في فريج الحد الكائن في تلك الفترة في إمارة عجمان، وعندما اتممت الثالثة من العمر انتقلت كلثم مع عائلتها إلى إمارة دبي حيث فريج الراس وبعدها إلى منطقة النخيل التي عاشت بها كلثم كامل تفاصيل طفولتها بكل ما تحمله من شغف العلم وحب اللعب وأجمل الذكريات.
تعود الشاعرة كلثم بذاكرتها القوية إلى زمن الطفولة، وتقول أن تفاصيلها طويلة أشبه بحد القصص والروايات حيث كانت طفلة حاذقه تعشق اللعب بالدمى والرسم والخربشات على الجدران كلما وجدت حائط أبيض، وحفظت القرآن باكراً وأتقنت لعب دور المعلم والموجه الذي يلقن الأطفال ما تعلمه بالمدرسة، وكانت طفلة مولعة بالركض مع الغيوم التي تتسابق معها فتارة تسبقها وأخرى تخفق.
حب العائلة وأجواء الأسرة المترابطة مازالت عالقة في ذاكرة كلثم، وتقول: ” ليس لدي ذكريات مع والدي رحمه الله إلا ما نقلته لي جدتي عنه بأنه شخص لطيف المعشر محبوب من الجميع مولع بالقراءة والكتابة وحب المغامرات والسفر من أجل البحث عن مصدر الرزق، أكاد لا اتبين ملامح وجهه الرحيم لذلك رسمت له لوحة من الخيال تعبر عن محبتي له وتصور هيبته، وكتبت له قصيدة اسميتها اياب بعض من امنياتي في أن يعود إلي وأراه حقيقة لا خيال في لوحه”.
أما بالنسبة لوالدتها حفظها الله وعافاها، فهي رفيقة حياتها وصانعة تفاصيل شخصيتها، حيث كانت بمثابة الأم والأب التي علمتها تفاصيل مفردات الحياة علماً وأدباً واخلاقاً وتواضعاً وثقافة وصدقاً يحير في وصفه العقل وتعجز عن وصفه الكلمات..
لقد كانت والدة كلثم مثال للأم المثابرة الحريصة على تربية أبنائها، فقد كانت تخيط الملابس في المنزل وتراقب بناتها بشغف وحب، وكانت الأخت الأكبر لكلثم التي تكبرها بثلاث سنوات هي الصديقة الأقرب لها، حيث كن يقضين أكثر أوقاتهن باللعب واللهو البريء، وتقول كلثم:” تجمعني الكثير من الذكريات بشقيقتي وهي الأقرب لي مع انها احيانا كانت تمارس معي شيء من الاضطهاد في فرض أمور وألعاب لا احبها أما صديقات المدرسة الابتدائية والاعدادية فهن كثر ولا تزال كثير من الصديقات على تواصل معي حتى الآن”.

د. أحمد بن كلبان : مستشفيات دبي عالمية في خدماتها

فصاحة اللسان
تميزت كلثم بتفوقها العلمي وإتقانها لإعراب الجمل عدا عن قدرتها الكبيرة على الحفظ، واستطاعت كلثم ختم المصحف قراءة، وتم تسجيلها في عمر السابعة في مدرسة الخنساء عام 1965، وقد أصبحت متفوقة لأنها كانت تعرف إعراب الجمل، وبدأت لديها بوادر الميل نحو الكلام المسموع، الذي كان يلفت انتباهها ويجعلها تلجأ إلى الحفظ كمحزون في الذاكرة، وبعد فترة بدأت مرحلة انتقال المناهج من المتوسط إلى الإعدادي، وكانت مرحلة صعبة حتى على المعلمات اللاتي كن يدرسن في الصباح، وفي فترة بعد الظهر يحضرن محاضرات ودروس من أجل تعلم المنهج الجديد.
وتقول كلثم:” وهبني الله القدرة على الحفظ، كما أن الشعر ايضاً موهبة منحني إياها الرب، التي ساعدتني على حفظ القرآن الكريم في البداية وعلى التفوق الدراسي وخاصة في اللغة العربية والنحو. وقدوتي كانت معلماتي، وأولها معلمتي صديقه الرمحي وثانيهما معلمتي عبله الشوا التي كانت تحبني وتعاملني بلطف شديد كذلك اتذكر معلمتي عايشه غنيم ومعلمتي نجاح الصواالحي اللاتي تأسست على ايديهن”.
مازالت كلثم تتذكر أيام الدارسة في بداية السبعينات حيث كانت المدارس اشبه بالمعاهد، فيها اكتسبت المهارات العلمية والعملية، فقط كانت جميع المواد التي تدرس شاملة ووافية لمختلف العلوم علاوة عن المواد الأساسية، وكانت الأنشطة هي المتنفس الوحيد للطالبات حيث كن يمارسن من خلالها الموسيقى والرسم والخياطة والتمارين الرياضية ويشاركن في المباريات على مستوى الدولة.
اختارت كلثم تخصص علم النفس، حيث كانت مولعة بقراءة علم الفلك من خلال دراسة مادة الجغرافيا في المدرسة، وكانت تهوى التحليل النفسي كنوع من الهوايات، لذلك تقدمت للتخصص في ثلاث اختيارات كانت أولها اللغة العربية والجغرافيا وعلم النفس وقد وقع الاختيار على تخصص علم النفس الذي أفادها كثيراً في حياتها العملية وحتى في كتاباتها الصحافية والأشعار.
وعن التحديات التي كانت تواجهها في تلك الأثناء، تقول: ” تحديات طلب العلم تتمثل في مرحلة السفر للدراسة الجامعية والغربة لفتيات لم يخرجن من بلدهن اطلاقا هنا كان المحك الدراسة في جامعة الكويت مع البعثات الدراسية لمدة اربع سنوات والعودة إلى أرض الوطن للانخراط في مجالات الأعمال الوظيفية المختلفه”.

HEoSgj3b

نقطة إنطلاقه
موهبة الكتابة ظهرت بوادرها في شخصية كلثم منذ الصغر، حيث كتبت الشعر وهي في المرحلة الإبتداية، وكتبت المقالات الصحفية وهي في المرحلة الثانوية وتدرجت إلى أن انتقلت إلى كتابة العمود الصحفي اليومي لمدة ثلاث سنوات بعنوان “نقوش” في جريدة أخبار العرب، واليوم أصبحت كلثم رئيسة تحرير مجلة سيدات الأعمال الدولية.
تقول كلثم أن أول قصيدة كتبتها كانت بمناسبة رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، ولا تذكر منها شيء لكنها كانت شرارة الشعر التي انطلقت منها، ولديها اليوم أربعة دواوين شعرية، وهي ديوان شذى الرايح وهو شعر شعبي، ويوان نود شعر شعبي ديوان مسموع، وديوان نقش في زوايا الذاكرة شعر فصيح، واخرها ديوان ملامح الماء شعر فصيح صدر في العام 2015.
عندما عادت كلثم بعد التخرج إلى أرض الوطن، بدأت تخط مسيرتها العملية، فعملت كأخصائية اجتماعية في مدرسة سكينة وكانت المدرسة تبدأ مراحلها الدراسية من السادس الابتدائي إلى الثانوية، وخلال عام 1982 تزوجت وانتقلت لمنطقة الحرية بسبب سكن الزوجية، ومنها انتقلت للعمل إلى مدرسة الأمة وبقيت فيها مدة ست سنوات، وبعد ذلك تم نقلها إلى الوزارة بناء على قرار من الدكتورة عائشة السيار التي كانت تحتل منصب وكيل وزارة التربية والتعليم.
وتم تعيينها رئيسة قسم الصحة النفسية، وخططت كلثم لتنظيم جدول أسبوعي للأطباء النفسيين بالتعاون مع وزارة الصحة، بالعمل ضمن عيادات الصحة المدرسية، وقد ساعد ذلك على أن لا تعرف أسرار الطالبة أو الطالب الذي يعاني من أية مشكلة، إذا ذهب لتلقي العلاج لأي مرض أو أعراض، مما سهل عملية العلاج.
وفي عام 1991 تفاجأت كلثم باختيارها للانتداب في ديوان سمو حاكم دبي عام 1991 وتم تكليفها بالعمل على تأسيس قسم الخدمة الاجتماعية لشؤون المرأة، وعملت هناك لمدة ثلاثة عشر عاماً استطاعت خلالها بتقديم كافة خدمات المساعدات للسيدات من الأرامل والمطلقات وغيرهن برعاية ودعم القيادة الرشيدة في حكومة دبي.
تولت كلثم العديد من المناصب أبرزها، مديرة إدارة الخدمات الاجتماعية لشؤون المرأة بديوان سمو الحاكم، رئيس قسم الصحة النفسية بوزارة التربية والتعليم، منصب النائب الثاني لرئيسة مجلس سيدات أعمال الإمارات، نائب رئيس مجلس إدارة جريدة الاستثمار والتعاون الدولي الصادرة من لندن، رئيس تحرير مجلة سيدات الاعمال الدولية، ورئيسة الموسوعة العربية للمسؤولية الاجتماعية وغير فيما لا يسمح المقام للزياده.