جمال الشحي
جمال الشحي
كاتب و ناشر من دولة الإمارات

ماذا تعكس المرايا

آراء

سأتبع النور

هل أخاف من المستقبل؟ نعم!

هل لديّ الكثير من الأفكار؟ لا!

هل أعرف الطريق؟ لا أعتقد

الذي يهم الآن هو أنني لا أريد العيش في الظلام

ما بين الظلام والنور خيط رفيع تبدأ معه قصتنا الآن!

كان يعلمنا معاني النور، بفرح كان ينشد أغاني الحياة، على الرغم من فقدانه حس البصر كان يساعدنا على المسير، حضرت له أمسية تحدث فيها عن تجربته المختلفة، عن قصة حياته وكتابه (للحياة مذاق آخر)،

بهدوء تحدث عن مسيرته الطويلة مع الظلام من حوله وقصته مع النور بداخله!

كم كان طريقه طويلاً ومؤلماً، ألا ترى أمامك وتعيش في ظلام مع نفسك قد يكون من أعظم الابتلاء. الإعاقة البصرية اختبار قاسٍ يمر به القليل، يختارهم الرحمن ليعلمونا معاني وأسرار الحياة، نستمتع بنعم الله سبحانه ولا نعرف قيمتها، وآخرون محرومون يعلموننا كيفية المحافظة عليها.

قال لي نحن لا نريد كلمات ونظرات الشفقة! نحن نريد أن نكون كما نريد، نريد أن نختار طريقة حياتنا، لا أن تختاروا لنا كيف نعيش، المكفوفون ليسوا غرباء ولا هم مختلفون، نملك الكثير وسنقدم لهذا الوطن الجميل الكثير، مثلكم أنتم لنا نحن القدرة على فعل الكثير، قدراتنا غير محدودة وبصيرتنا تهدينا، نملك مثلما تملكون ولنا القدرة على اتخاذ القرار والمضي قدماً، كما نريد سنمضي لا كما تريدون.

لم ير نظرات الشفقة تتساقط من عيني، تركته بعد أن سلمت عليه، وأكملت حديثي مع نفسي، همست له أي حياة صعبة تنتظرك يا صديقي

خرجت وكلماته تدور في رأسي، تعبث بأفكاري وتصطدم بقناعاتي، هناك من يرى الطريق أمامه ولا يقدر على المسير، وهناك من لم ير الطريق أبداً وقرر المسير.

أتساءل أحياناً ما هو المهم والأهم في حياتنا؟

في هذه الحياة المتعرجة بطرقاتها، المتشابكة بأحداثها، المؤلمة بقسوتها نجري خلف أشياء تبتعد عنا ونتحدث بأصوات عالية في مواضيع خافتة، نمارس الدبلوماسية في علاقاتنا، نشكك بالموجودين ونعشق الغائبين، وبعد رحيل العمر نكتشف متأخراً جداً كم كنا موهومين أو في عبارة أخرى نعيش في وهم، وهم اللحظة بكل ما تحمله من معنى!

القصد أنه في النهاية ما يهم هو أنت، وأن وهج الأشياء البراقة لا يستحق كل هذا العناء، أتمنى ألا تهدر طاقتك تبحث عن وهج زائل أو حلم لن يتحقق، وأن ترضي آخرين على حساب نفسك، ستدفعها ضريبة من وقتك.

الجلوس مكانك لن يوصلك إلى أي مكان والاعتماد على الآخرين يقلل من قدراتك، الطريق أمامك، مصيرك أن تمضي كما مضى من قبلك، هناك من هم أقل قدرة منك، عبروا إلى الضفة الأخرى، لم ينتظروا أحداً … ماذا تنتظر أنت؟

أوقاتي بتحلو. بتحلو معاك.           وحياتي ملك لرضاك.        سيد مكاوي

كان كفيفاً يلحن للمبصرين، رحل، وبقيت كلماته وألحانه تسافر معنا، جزء من تراث فني خالد، تذكرته وتذكرت هذه الكلمات البسيطة العميقة التي لحنها، وكانت هذه من أسباب انتشاره.

لا أعلم لماذا تذكرت، لكنْ هناك أشخاص حولنا يجعلون للحياة مذاقاً آخر.

المصدر: جريدة الاتحاد