ميسي «الروبوتي» يهدي العرب سرّ التفوّق في الرياضة

منوعات

فعلتها شركة «أوريدو» Oredoo للاتصالات ثانية. وكرّرت رهانها على الذكاء الاصطناعي والعصر الرقمي في صنع إعلاناتها التلفزيونيّة. بالأحرى، كرّرت «أوريدو» رهاناً مزدوجاً على اللاعب – الأسطورة ليونيل ميسي، النجم الأرجنتيني لنادي برشلونة لكرة القدم، وعلى الذكاء الاصطناعي الذي هو قلب المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة.

وقبل فترة وجيزة، ظهر إعلانها الجديد على شاشة «بي إن سبورت» BeIn Sport الرياضيّة. يستهل الإعلان بميسي مرتدياً بذلة رياضيّة بلون أحمر، يلعب كرة قدم مع صبية في شارع مديني. ويتلاعب بجسده بطريقة مذهله، تشبه بهلوانات السيرك. وفي عزّ الاستعراض، يراه… ميسي! ويتواجه البطلان، لنكتشف أن ذلك البهلوان ليس سوى روبوت، له وجه ميسي وحركاته الرياضيّة. ويظهر صبي يدير عبر تطبيق «أوريدو» ذلك الروبوت المجهز بشريحة اتصالات من تلك الشركة.

في عزّ حماسة كأس العالم لكرة القدم في 2014، صنعت «أوريدو» إعلاناً تلفزيونيّاً يظهر فيه ميسي ومجموعة الصبية نفسها كما الإعلان الروبوتي. وحينها، كان التحدي بين ميسي وأولئك الصبية الذين تفوّقوا عليه في كرة القدم. وسرعان ما يتبيّن أن سرّ ذلك التفوق هو شريحة اتصالات إلكترونيّة في الكرة، يجعل أحد الصبية يديرها عبر اتصالات «أوريدو»، فتستعصي على ميسي، لكنها تنصاع للصبية. وحينها، زاد في ذكاء الإعلان أن مسابقات تلك الرياضة كانت حديثة العهد بالكرة المزوّدة فعليّاً بشريحة إلكترونيّة، لكنها لا تتحكّم بها بل تساعد على حسم مسألة عبورها خط المرمى عند تسجيل الأهداف.

ولا يشكّل إعلانا «أوريدو» التلفزيونيّان (وقبلهما الإلكترونيّات الذكيّة في كرة الـ «فيفا») إلا نموذجاً آخر في السلسلة الطويلة لتغلغل الذكاء الاصطناعي وأدواته وبرامجه وشبكاته، في الحياة اليوميّة لمجتمعات القرن 21، بما فيها الرياضة.

في انتظار كأس العالم

مع استعداد العرب لاستقبال كأس العالم لكرة القدم في زمن لم يعد بعيداً، ألا يجدر التفكير في إمكان الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إعداد فرقهم لتلك المنافسة؟ هل تبدو مبالغة المطالبة بأن يكون الذكاء الاصطناعي المنتشر في الخليوي والـ «تابلت» والكومبيوتر والإنترنت (بل حتى النظارة والساعة وسوار اليد)، هو كلمة السر في إعداد لاعبي العرب ليكونوا على قدر المنافسة، ولا يبقوا قانعين بشرف المشاركة مع تذيّل المراتب والقوائم؟

أليس ذلك ما يوحي به إعلان «أوريدو» بميسي الروبوتي وشرائح الذكاء الاصطناعي؟

يصل الكلام عند… «دارت فيش». إنّها شركة سويسريّة مختصّة في فيديو الكومبيوتر. إنّها أيضاً «كلمة سر». بالنسبة إلى مجموعة من المتخصّصين في صنع أبطال الرياضة عالميّاً، تمثل «دارت فيش» Dartfish، كلمة السرّ الإلكترونية اللازمة للدخول إلى مغارة «علي بابا» من ذهب المسابقات الرياضيّة. هل يتنبه العرب إلى ما تنتجه «دارت فيش» من برامج متطوّرة في التدريب، كي يدخلوا برياضتنا إلى زمن الكومبيوتر؟ إنّه سؤال برسم المسؤولين عن رياضة العرب، في الحكومات والاتحادات والأندية والروابط وغيرها.

ربما حان الوقت للقول أنّ العرق والجهد لا يكفيان وحدهما لصنع أبطال الرياضة. والأرجح، أنّ هناك مساحة في الإنجاز الرياضي تتقاطع مع العصر المعلوماتي ومعطياته، والإفادة من إمكانات الكومبيوتر في تدريب أبطال يتمكنون من إحراز قصب السبق في منافسات الرياضة عالميّاً. ولإعطاء فكرة عن أهمية برامج «دارت فيش»، يكفي القول أن ثلث الرياضيّين الذين شاركوا في «أولمبياد أثينا 2004» تدربوا بواسطة برامج تلك الشركة، وكذلك ثلث من فازوا بالميداليات في تلك الدورة. وفي دورة الألعاب الشتويّة في «سولت لايك 2002»، أحرِزَت 45 ميدالية بفضل تلك البرامج أيضاً.

وتقنيّاً، تنتج الشركة برنامجين أساسيّين للتدريب الرياضي بالاعتماد على الفيديو الرقمي، هما «سترو موشين» StroMotion و «سميول كام» SimulCam، إضافة إلى برنامج مخصّص للبثّ المصور للمسابقات الرياضية، عبر التلفزيون والإنترنت.

ويركز برنامجا «ستروموشين» و «سميول كام»، على استخدام كاميرا الفيديو الرقميّة، في تطوير التدريب، والمقارنة بين أداء اللاعبين. ويمكن إعطاء مثل عن كيفيّة الإفادة من برنامج «سترو موشين»، في لعبة رفع الأثقال.

يبدأ الأمر باستخدام كاميرا فيديو رقميّة لتصوير الربّاع أثناء حركة الخطف مثلاً. ثم ينقل الشريط الرقمي إلى الكومبيوتر، كي يتعامل برنامج «ستروموشين» معه.

ويبطئ البرنامج حركة اللاعب. ويقطّعها إلى مجموعة من الصور الثابتة، بفارق كسر من مئة من الثانية بين كل صورة وأخرى. ثم يجمع البرنامج تلك اللقطات في صورة «كولاج» مجمّعة وثابتة. وفي الـ «كولاج»، يظهر اللاعب مكرّراً نفسه على امتداد الحركة وأجزائها المكوّنة كلها. ويفيد الأمر في تتبّع التفاصيل الدقيقة لكل جزء من جسد اللاعب أثناء كل جزء من الحركة التي يؤدّيها.

وثمة ميزة أخرى تدعم الصور. إذ يقدّم البرنامج عمليات حسابيّة على الجسم. كم كانت الزاوية بين يدي الربّاع وجسده عند بداية الرفعة؟ كيف تغيّرت الزاوية قبل رفع الثقل إلى مستوى الكتفين؟ كيف كانت زاوية ثني الركبة في تلك اللحظة؟ متى ارتفع الثقل فوق الكتفين فعليّاً؟ كيف كانت زوايا العضد والفخذ في تلك البرهة الخاطفة؟ ويعرف الرياضيّون والمدرّبون أهمية الحصول على إجابات عن تلك الأسئلة.

ومع التنبّه إلى كل تفصيل من الجسم، أثناء كل كسر من مئة من زمن الحركة، ينفتح الباب أمام التحكّم بها، وتصحيح الأوضاع الخاطئة وما إلى ذلك. وينطبق الوصف على أنواع الرياضة كافة، بداية من الألعاب الفرديّة، كالسباحة والركض والجمباز ورفع الأثقال، ورمي القرص والرمح، والوثبين العالي والعريض، وصولاً إلى المسابقات الجماعيّة لكرة القدم.

كما يقدّم برنامج «ستروموشين» فرصة مثالية لمدرّبي كرة القدم للتعرّف إلى الأوضاع التي يتّخذها كل لاعب أثناء تطوّر اللعب، وكذلك كيفيّة توزيع اللاعبين وتحرّكاتهم، في كل جزء من الثانية في كل لعبة!

المصدر: جريدة الحياة