الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠٢٢
لأنه أصبح عملاً فردياً، ولأن المثقف يقول دائماً «أنا ومن بعدي الطوفان». ولأن مساحة الـ «سوشيال ميديا» تعج فكرة «دعه يعمل، دعه يمر» ومن دون معرفة لمعنى هذا المصطلح، ولأن الثقافة ربما شغلت كل الناس عدا المثقف، فإن الثقافة تتوارى بخجل خلف طيات من الإنجازات في الصعد الأخرى، وتختبئ تحت سجادة قديمة قدم الدهر، وتترك المجال للغوغاغية، والعشوائية، تنمو مثل الفطريات في جسد الثقافة. كنت أتمنى أن تنضوي الأطراف كافة تحت لواء اتحاد الكتاب، والعمل معاً من أجل الإمارات، لا من أجل هذا أو ذاك، ولكن وللأسف لأن الأنا تورمت إلى حد التقيح، ولأن الفكر الفردي غزا، وطغى، وتكبر وصار الفرد ينفخ في جعبته حتى انتفخت وصارت طبلاً قابلا لحرق ثاني أكسيد الكربون في وجه كل من يقابله، وحتى لو كان هذا المقابل، كائناً ملائكياً، لأن العقل أصيب بالغبار، ولأن القلب طمس مشاعره السعار، ولأن المشاعر تيبست، وصارت خشباً مسندة، وأن كل ما يعارض المصلحة الذاتية صار عدواً لدوداً، وهذا ما يجعلنا نبحث عن ذات الثقافة فلا نجد سوى، طرائق قدداً، ولا نرى غير متفرقات لقصاصات ورقية تتقاذفها الريح، فلا هي تطير، ولا هي تقع على الأرض. أمر مؤسف، ومؤذ للمشاعر عندما تكون الثقافة، مجرد هواية، وليست مبدأ يجب أن يحكم علاقتنا بالإنسان، وكذلك يربطنا بروح الوطن. أمر يبعث على…
السبت ٢٦ مارس ٢٠٢٢
نحتفل بثاني محطات براكة، ونحتفي بقدرات بلادنا على تحقيق منجزها الحضاري برعاية سامية من صناع المجد ورعاة نهضتنا، والعالم يبارك ويفتح عيونه على مشاريع الإبهار والدهشة، حيث الأرض تتكلم بلغة الجديد في كل شيء، وتسرد للعالم قصة وطن أنجز، فأعجز، وتقدم فقدم، وذهب فأعطى الذهب، وسار فسير جداول الحلم فائضة بالحياة. محطة براكة الثانية، هي الخطوة الأخرى باتجاه عالم نظيف، وبلا مسممات، ولا مدهمات، ولا مشوهات، ولا قاتمات تعرقل الحياة، وتسد الطريق نحو صحة بشرية يحتاجها الإنسان لكي يكمل درس حضارته، ولكي يملأ فراغ ما تبقى من نوافذ في عمر التطور وهي كثيرة، هي السؤال البدهي نحو عالم يتهجى معرفته من خلال قراءة كتاب الوعي الذي يفتح الآفاق إلى ما لا نهاية. الإمارات اليوم تقود المرحلة بسلاح الوعي المخلص، بأهمية أن نكون سوياً تحت قبعة السماء، مندمجين في الوجود، تجمعنا قناعتنا بالسلام كقصيدة أبياتها من خيوط الحرير، وقوافيها من لآلئ خليجنا الأغر، والوزن هذه السياسة الحكيمة التي تطرز مخملها قيادة لها في الحكمة مدار، وفي الشيمة مسار، وفي القيمة أدوار، قيادة حباها الله فطنة إدارة الحياة بعقلية النجوم المضاءة في أحشاء السماء، قيادة لها في الزمان ما للأنهار من عراقة، وما للجبال من شموخ، وما للسماء هيبة، ومنعة. عندما نتأمل المشهد في الإمارات، ونمعن النظر في هذه اللوحة التشكيلية، نشعر…
الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠٢٢
هي المدرسة في فصولها تنتظم عناوين سبورة الصباح، وتشرق الشمس باكراً على الأبناء إن هم صحوا على ابتسامة مشرقة، وهدهدة تنمي فيهم مشاعر الود، وعاطفة الانتماء إلى الحياة من دون منغصات، ومن دون عثرات تعرقل خطواتهم نحو المستقبل. لا يمكن أن يطمئن مجتمع ما على مصير أبنائه من دون أن يثق بأم تخرجت في مدرسة الالتزام الأخلاقي، والمسؤولية تجاه الأجيال، فهي النهر، وهي السهر، وهي العيون التي في طرفها أثمد الفرح عندما تفتح جفنيها على فلذة الكبد وتناظره بطرف خفي ترعى شؤونه، وتهتم بشجونه، وتواكب دقات قلبه في حله وترحاله ولا يغيب لها وجه عنه ما دام في سن تحتاج للرعاية، والعناية، والحماية من كل مكروه يمنعه من الوصول إلى قمة الهرم في الوعي الاجتماعي. الأم مدرسة كتابها مفتوح، وطبشورتها ناصعة البياض، والمسطرة ليست لشيء سوى قياس مستوى الاستيعاب والتحصيل على مدى وجود الطفل بين زوايا المنزل، الأم تستطيع أن تكون جامعة للوصل وكلية للعطاء، فهي في الطبيعة تملك ما لا يملكه أي كائن في الوجود؛ لأن من طبيعتها أن تعطي، وتحتضن وأن تصبر، وتصمد أمام الجائحات مهما تعاظمت ومهما فدحت، ومهما كبرت مخالبها؛ لأن لدى المرأة صبر امرأة فرعون على قاهرها، ومعجزة البتول في عالمها المذهل. تجد عظمة الأم في عيون الأطفال وهم يقدمون لها عيديتها، وقد فاضت مهجهم…
الأحد ٢٠ مارس ٢٠٢٢
هنا في هذا البيت الكبير تبدو الصفحات مضاءة بمصابيح لا تطفئ بريقها، لأن الذين يمسكون المشاعل هم من اختزلوا الطريق الوعرة، وطوقوا المعضلات بأشعة الوعي مستنيرين بإرث من كتب قصيدة الوطن الخالدة على لوح الذاكرة المحفوظ وسار بالركب هيابا، مستجاباً لا يكف عن البذل ولا يخفف من الوثب باتجاه الأحلام الزاهية. هو القائد، السائد في ضمير أبنائه، هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى أثره تذهب القيادة الرشيدة في المنحى، والمسرى، ولا تتوقف الجياد عن الوثب نحو المستقبل مستعينة بمهج أرهف من أجنحة الفراش، وعقول أنصع من در الأعماق، وجواهر اللج الغزيرة. هنا في هذه الغرفة الوسيعة بين مخمل جدران زانها الله برؤى قيادة لم تتوقف يوماً عن بذل يروي الحقول ويشفي العقول ويمنح الإنسان أجنحة النوارس كي يمضي في الحقب ريانا، جذلاناً لا تعرقله عقبة، ولا تعيقه معضلة هو في الدنا ديدن وفي الحياة ديوان لقصيدة عصماء. الإمارات اليوم تتقدم ركب الذاهبين إلى الحياة وسلاحهم كلمة طيبة جذرها في الأرض وفرعها في السماء. الإمارات اليوم تقف عن خط الاحتواء، تضم بين أضلع أهلها حب الإنسانية، وعشق الوجود، ووحدة التي تطوق الكائنات بأذرع أدفأ من خيوط الشمس، وأحن من النخلة على ساقي جذورها. هذه هي الإمارات التي زهت ونمت وترعرعت أزهارها واتسعت حقولها وتربعت…
الثلاثاء ١٥ مارس ٢٠٢٢
هكذا نرى العالم، وهو يتابع عن كثب ما يحدث بين الجارتين اللتين كانتا في يوم ما ضمن منظومة سياسية وجغرافية وأيديولوجية واحدة، واليوم، وقد تفرقت بهما السبل وصار ذلك الاتحاد الكبير الذي كان يضم شرق أوروبا وبعض آسيا طرائق قدداً، وتحول الحب غير الرومانسي إلى تضاد في المصالح والرؤى، ما جعل للرياح العاتية طريقاً إلى ضلوعها المهترئة وسهولة توغل الغبار إلى شرايينها. اليوم ومع اشتعال نيران الحرب بين الدولتين روسيا وأوكرانيا أصبح العالم بين فكي كماشة القلق من أن يتطور الصراع إلى ما لا يحمد عقباه، ولكن مع كل هذا الاحتقان هناك يبرز الأمل بالعقلاء، والذين هم رمانة الميزان في هذا العالم المليء بالمجانين والذين يتأبطون شراً لشعوب الدنيا قاطبة، ولذلك عندما تطير شرارة من مكان ما، فإن أنهار الإطفاء تتدفق سعياً لإخماد ما يحدث أملاً في إنقاذ البشرية من الشر، ومن كل ما تضمره العقول الحاقدة. نعم نقولها وبثقة بأن هذه الحرب لن يطول أمدها، ولن تحرق أكثر مما أحرقت، لأن ملائكة السلام أسرع من شياطين الكراهية. لا بد للعقل أن ينتصر، ولا بد للقيم الإنسانية أن تفرض قانونها، ولا بد لأحلام الشعوب الزاهية أن تلون السماء، وتنهي شغب الدخان ورائحته النتنة. هذا سيحدث، لأن الخير أقوى من الشر، ولأن الشر مثل فقاعة لا بد وأن تسحقها موجة الخير…
الأحد ١٣ مارس ٢٠٢٢
كأنه ابتسامة البراءة، كأنه لغة العفوية، كأنه حلم الطير، كأنه نسق العناقيد عند هامات النخيل، هو ذاك المستقبل البراق، والغد المشرق، والقادم المتألق، بمحفظة التاريخ، وصندوق المشاريع العملاقة، وحزمة الطموحات التي لا ينطفئ لها ومیض، ولا يخبو بصيص. هي هذه الإمارات التي توحدها رؤية قيادة، استطاعت في عمق الأزمات أن تكون المصباح المنير، الذي يضيء الطريق للذاهبين إلى المستقبل، وأن تكون القاموس المحيط للغة التواصل بين الأنا والآخر، وأن تكون الموجة التي تحمل على كاهلها مراكب السفر إلى مناطق الأحلام البعيدة. اليوم عندما نلف خيوط الذاكرة، ونلتفت نحو القماشة الملونة، نجد أنفسنا أمام فسيفساء كونية، رهيبة، مذهلة، لا يمكن أن يمر عليها الخاطر من دون أن تسيل منابع البهجة في أعماقه، وتنهمر شلالات الأبيض الناصع من علو كعب الكرامة والتي تواصلت درجاتها العلا، كما هي خصلات الخيل عند جيد، وعنق، وعندما نتأمل اللوحة التشكيلية المعلقة بين السماء والأرض، نفهم جيداً بأن العالم لا تنمو فواصله بین الجملة والأخرى، إلا عندما تكون العبارة من لدن حنكة، وفطنة، وفي الإمارات يطفو الواقع على صدر سحابة، تأخذه إلى تربة خصبة، ولا يمر يوم إلا ونسمع، ونشاهد سنابل الخير ترفع هامات، وتفضي إلى الوجود بجمال، وكمال، حيث يختفي السؤال، لا يبقى إلا جواب الأفعال قبل الأقوال، في كل يوم الإمارات تستقبل خبراً مثل ما…
الإثنين ٠٧ مارس ٢٠٢٢
هو هكذا يبدو في الحياة، وهو هكذا يمعن في غزل الحرير بين الرمش والرمش، هو هكذا يستدعي المشاعر كي تحضر، وكي تخيط قماشة الوجد، والسد، وتعمل على تلوين شرشف الرفاه بلون كزرقة السماء، وذهبية الصحراء، وبريق البحر. الإمارات وهي تشب نحو المستقبل ترنو إلى الماضي بيعين لا تغشيها غاشية، الأمر الذي يجعل من التناغم بين الإمارات كما هو التناغم بين موجات موسيقى قيثارة الكون التليد. ربط أبوظبي ودبي بالخط الرئيس القطار الاتحاد، هو فتل لخصلات الضفيرة الواحدة، هو خيط السلسال في العنق، يضيء النحر، ويملأ الصدر رحابة، كأنها وعي السحابة في ضمير الوجود، هكذا يشعر المتأمل لهذا السعي، وكيف يسير بالركب نحو غايات لم تبلغها الشمس، ولم ينل ودها القمر، لأن الإمارات وجه له سحنة العفوية، وله سمة الأبدية في صياغة الجمال، وصناعة المشاريع ذات الدهشة المجلجلة، والبريق المذهل. اليوم ونحن ننعم بمذهلات القرن الواحد والعشرين، نشعر بأن للإمارات أجنحة من بيارق النجوم، وأشرعة من نسيج الغيوم، تحلق في الفضاءات ريانة بالمجد، مزدانة بالسؤدد، حالمة بعالم لا تسوده إلا مشاعر الفراشات وهي ترفرف عند بتلات الزهور، ولا تلامس وجناته سوی نسمات صحراء جللت أنفاسها طائفة من أغصان الغاف، وكللت نعيمها جملة من سعفات النخيل، هذا هو نهج الإمارات، وهذا هو منطقها، وهذا هو عرفها، وسجيتها، منذ البدء وهي ترفع سبابتها…
السبت ٠٥ مارس ٢٠٢٢
في الوقت الذي ترتعد فيه الفرائص، من شديد ما تبديه الطلقات من فحش، وتوحش، نجد الإمارات بحزمة الأخلاق العالية، والقيم الرفيعة، تحضر وفي الأيدي بلسم التداوي، وأكسير الحياة، وفي وقت نفض فيه العالم يديه متفرجاً، مبهوتاً لما يحدث على أرض من سكنی البشر، نجد الإمارات تكسر حاجز الصوت، وتمضي قدماً متأزرة بإرادة الأوفياء، متأبطة حالتها الإنسانية من دون وجل، أو توجس، حيث الواجب الإنساني يغلب على كل الاعتبارات، ويفوق كل التصورات، فها هي تطور الديار، وتنعم بقيمها، وشيمها، وقدرتها على اختراق نواصي الخلافات بين الدول، مقتنعة بأن الحل هو أن تتواصل الدول، وأن تعمل جاهدة على كنس غبار الأحقاد، ليحل السلام، وتمتلئ جعبة الكون بعطر التسامح ونهج الكرماء في هذا الوقت الذي تدور فيه رحى الكراهية، وتطحن أرواح الأبرياء، وتخوف الأطفال، وتروع النساء، تدخل الإمارات من نافذة العفوية، وبراءة الأصفياء لتضع يداً على جبين من فقدوا المأكل والمسكن، وتعضد من فقد الأمن والطمأنينة. الإمارات في الزمن الذي تتأكل فيه شحمة الأحلام الزاهية، تخرج على العالم بضمادة الجروح، متداعية كأنها العضو الساهر على عضو أنهكته العلل، وهتكت سلامه الأمراض والعصبية، والتعصب، وانهيار الذات العاقلة. الإمارات في هذا الوقت من زمن الحروب الطائفية والعرقية، والأيديولوجية، والسياسية، تقف عند قارعة الوعي، وتقول لكل من أضنته الحروب كفا نقف ونتأمل المشهد الإنساني، وكيف فعلت…
السبت ٢٦ فبراير ٢٠٢٢
المكان في الذاكرة قنينة عطر، وزعفران معتق، المكان في المخيلة قصيدة عصماء لا تنتهي فصولها، بانتهاء الخطوات على الأرض. هناك في الوعي تكمن صورة مثلى لوجوه، وبوح، هناك حلم يتمشى على جفون اللاشعور، ويضع مرود الكحل أثمداً بارعاً في رتوشه على رمش الحياة. الله كم هي الحياة جلية، وجليلة، وهي تشخب الروح بسطوتها اللذيذة، وهي تسكب دماءها حرى على مدمع، وجرح، لونه من لون شفاه لمياء، ورقته من رقة وجنات، في سحنتها ورد، وشهد. المكان هو ذلك الخيط الواقع بين الوتين وتينة الفؤاد، هو ذلك الجذر في أتون التراب هو ذلك النبع في ضلع الأرض الأيمن. المكان باب موصد أو منفتح، هو نافذة العبور إلى الماضي، كما أنه خليج المرور إلى المستقبل، ونحن العشاق في المابين موجة لا تتوه بوصلتها، بل تتهادى كي تصل، وترد نبعاً، أو ربيعاً في ثنايا الأمنيات العريضة. هو هذا مكانك أيها السارد، الشارد في بطون القصائد، وفي صدرها، وعجزها، أيها المغرد عند آفاق، أو أخفاق، أيها المنشد المعنى، هو هذا مكانك، وأنت فيه ريشة، أو حتى جناح، تخطب ود الريح كي تحملك إليه، إلى ذلك المكان، رغم القرب، ورغم الاتساع في رصيف الذهاب والإياب، فإنك تشتاق، ويعتريك الهلع عندما تنظر إلى ساعة العمر، فتجد أنها قد قاربت الغروب، وأن الشمس لم تعد تمد خيوطها المشعة…
الثلاثاء ٢٢ فبراير ٢٠٢٢
كسوار عملاق يطوّق معصماً لدناً، كخلخال يحيط بساق مدملج، كقرط يسدل بريقه عند جيد مجود، هو ذلك متحف المستقبل، بحله وحلله، وجلّه وجلاله، يكلل وجنة دبي، ويتوج رؤوس الناظرين إلى البهجة المعمارية، بحروف الضاد، وما جادت به من بلاغة النطق ونبوغ المعرفة. هو ذاك المتحف منتصب كنسر خرافي، أو هو كنجم أسطوري لم يكتشفه العالم بعد، ليبقى في الأسرار موال بحث عن ذات شعب، وعن وسم قيادة، وعن تاريخ بلد علمته الصحراء أن يكون في الدنى وعياً أبدياً، وأن يصير في العالم منطقة الضوء حيث العالم محيط مدلهم، تعوزه المصابيح المشرقة. متحف المستقبل يكنس وعي النجوم ليصبح هو في العالمين كوناً مضاءً بأحلام الذين لا تنتهي أحلامهم عند حد، ولا تتوقف طموحاتهم عند نقطة نهاية. فلا نقاط نهاية في دبي، ولا محطات استراحة في هذا البلد سوى استراحة العقل عندما يتأمل مشهداً استثنائياً مثل هذه الأيقونة، مثل هذا النفير الذهني، والطواف الوجداني حول ما هو مدهش، وما هو مذهل، وما هو مقلق إلى حد الانفتاح على عالم سريالي، ممنهج يدخلك في عوالم غامضة إلى حد الوضوح، يخرجك من ذاتك ليعيدك إليها بخضاب الفرح، وأنت المعني بالجمال، يحدوك الأمل دوماً بأن يتحلى العالم بمجمله بجمال هذا السهم المنصوب في الوعي البشري كذاكرة، ومخيلة ترسم للإنسانية صورة الابتكار، ومعالم الإبداعي الوجودي على…
الثلاثاء ١٥ فبراير ٢٠٢٢
تركيا التي في الغرب لها تاريخ مؤزر بوجود جغرافي وإنساني، وفي الشرق مظلة تخبئ تحت مخملها دفء الأحلام الثقافية، هي اليوم تبدو في الأنام راحة ممدودة باتجاه السلام، وتنمية الحياة بالحب، والانسجام مع الآخر على غرار ما تقوم به الفراشات ساعة رفرفتها عند بتلات الأزهار. اليوم وفي الزيارة الراهنة لدولة الإمارات، يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتأسيس رحى قمحة العلاقات الحانية مع الإمارات التي ما برحت مناطق الأحلام الزاهية، وما انفكت تبني علاقاتها مع العالم على بنى السلام وطمأنينة الأفئدة، وافتراش ملاءات التنمية الاقتصادية بين الدول، كون الاقتصاد هو الحقيبة التي تختبئ بداخلها دفاتر المجد، وأقلام السعد، وكتب الرغد، كل ذلك يحدث اليوم في الإمارات التي تستقبل قادة العالم على رحب وسعة، ودون استثناء، مستندة بذلك إلى تاريخ من العمق في الوعي بأهمية أن نكون مثل بياض الموجة، مثل سخاء الشجرة، مثل بريق عيون الطير، حتى حفظ الود مع الغد، وحتى نمتلك ناصية التطور من دون هنات، ولا زلات، ولا خفقات. الإمارات سعت منذ عقود، في التاريخ إلى بناء علاقاتها مع دول العالم على أسس الاحترام المتبادل، والعدل، والمساواة من دون إفراط ولا تفريط في الثوابت. وتدل على ذلك هذه السجادة الممتدة عبر التضاريس الكونية منسوجة من وحي فهم بأهمية العلاقات بين الدول كي يسود السلام، ويعم الأمن، وتتحرر…
السبت ١٢ فبراير ٢٠٢٢
ميلاد مكتبة وطنية بحجم ما للإمارات من صيت في البناء، وصوت في العالم، يعد حدثاً كونياً يساوي ما يحدث في البلد من منجزات تخلب اللب، وتذهل الوجدان. المكتبة، هي بيت الكتاب، وهي حضنه، وحصنه، وأمنه، وقرة عين كل من يعيش حالة القراءة، كما يعيش الطير في سف عش الأبدية. مكتبة في العاصمة تعني ترتيب وجدان الكلمة، تعني تضفير جدائل الحلم، تعني سبك القلائد على نحر وصدر. هكذا علمتنا بلادنا على السير قدماً نحو الإزهار، والإثمار، وجعل الحياة كتاباً مرموقاً، يتلو آيات حروفه، عشاق الكلمة، ونساك الجمال. هكذا علمتنا بلادنا على توظيف الطاقات، واستثمار القدرات، في إضاءة الدرب وتعبيد الطريق، بأسود الحبر، وأبيض الفكر، منتمين إلى تاريخ أمة علمت العالم النون والقلم، وأبهجت الدنيا بمصابيح الفكر، والمفكرين، ولم يكن ابن رشد إلا سليل كتاب علمه كيف يقول للعالم تعالوا إلى كلمة سواء، فالدين الحقيقي هو الدين الذي يضيء سماوات الذهن بنور الوعي، هو دين الفضائل، لا دين القبائل. عاصمتنا علمتنا كيف يحيك قماشة الوعي، وكيف تجعل من الثقافة، سقفاً، ومرفأً، وكيف تصنع من الكتاب معطف دفء، وشراع سفر، وجناح تحليق، وغصن رفرفة. عاصمتنا علمتنا كيف نصنع حياتنا من رونق التلاقي بين دفتي كتاب، كما تتلاقى الأنهار عند سفح، يرتخي بخيلاء كما ترتخي الموجة للسواحل الرضية. ميلاد مكتبة وطنية في بلد اعتادت…