علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

المكتبة الوطنية منارة وقيثارة

السبت ١٢ فبراير ٢٠٢٢

ميلاد مكتبة وطنية بحجم ما للإمارات من صيت في البناء، وصوت في العالم، يعد حدثاً كونياً يساوي ما يحدث في البلد من منجزات تخلب اللب، وتذهل الوجدان. المكتبة، هي بيت الكتاب، وهي حضنه، وحصنه، وأمنه، وقرة عين كل من يعيش حالة القراءة، كما يعيش الطير في سف عش الأبدية. مكتبة في العاصمة تعني ترتيب وجدان الكلمة، تعني تضفير جدائل الحلم، تعني سبك القلائد على نحر وصدر. هكذا علمتنا بلادنا على السير قدماً نحو الإزهار، والإثمار، وجعل الحياة كتاباً مرموقاً، يتلو آيات حروفه، عشاق الكلمة، ونساك الجمال. هكذا علمتنا بلادنا على توظيف الطاقات، واستثمار القدرات، في إضاءة الدرب وتعبيد الطريق، بأسود الحبر، وأبيض الفكر، منتمين إلى تاريخ أمة علمت العالم النون والقلم، وأبهجت الدنيا بمصابيح الفكر، والمفكرين، ولم يكن ابن رشد إلا سليل كتاب علمه كيف يقول للعالم تعالوا إلى كلمة سواء، فالدين الحقيقي هو الدين الذي يضيء سماوات الذهن بنور الوعي، هو دين الفضائل، لا دين القبائل. عاصمتنا علمتنا كيف يحيك قماشة الوعي، وكيف تجعل من الثقافة، سقفاً، ومرفأً، وكيف تصنع من الكتاب معطف دفء، وشراع سفر، وجناح تحليق، وغصن رفرفة. عاصمتنا علمتنا كيف نصنع حياتنا من رونق التلاقي بين دفتي كتاب، كما تتلاقى الأنهار عند سفح، يرتخي بخيلاء كما ترتخي الموجة للسواحل الرضية. ميلاد مكتبة وطنية في بلد اعتادت…

في بلد سبأ تغتال الحقيقة

الخميس ٢٧ يناير ٢٠٢٢

في الثمانينيات، كنت في زيارة عمل إلى اليمن، والتقيت بالشاعر الكبير عبد العزيز المقالح حيث أشار، وبلوعة العاشق لبلده، قائلاً، إذا لم يهرع العالم لإنقاذ اليمن، فإنه سوف ينقرض، لأن المخالب العدائية، والعصاب القهري سوف يفتك بوحدة بلدنا. اليوم شعت تلك الصرخة في رأسي، واجتاحتني القشعريرة وأنا أستدعي كلام الشاعر الكبير، وأحسست أن ما قاله يتحقق اليوم على الأرض، حيث الشوفينية تتفشى في عقول شريحة من أبنائها، وحيث الهلع يتمادى في قلوب بعضهم، وحيث الشهية مفتوحة على آخرها لاغتصاب السلطة، والسيطرة على مفاصل اليمن تحت ذرائع واهية، وحجج باهتة، وأساليب مخادعة كأنها السراب. الحوثي اليوم يتشدق بمبادئ ربما لا تقل عن أنها مجرد تخرصات كائنات بشرية، فقدت الصواب، وانتعلت الأرض البطحاء حذاءً لتقضي على الضرع والزرع، لينتهي اليمن إلى بلد فاشل، مترامٍ في جوعه وعيشه، ليس لأن اليمن فقير الموارد، بل هو بلد ثري بمدخرات أرضه، وشعبه الفرد الأبي، فالأمر يتعلق بزمرة من الناس حلمت أنها الوحيدة المنسوب إليها كل اليمن وأنها الفريدة في زمانها التي لها أحقية الاستيلاء على اليمن، وهويته، وموارده، وثرواته وحرية شعبه، وهذا ما حدث، والطوفان مستمر في قلع الأشجار، وتهشيم الأفكار، وكسر عظمة الترقوة لهوية بلد عروبتها ضاربة الجذور، وثقافتها في الأطناب، والأسباب رسمت على مدى الدهر، صورة اليمن السعيد، ومن دون منازع. اليوم عندما…

القناة

الإثنين ١٧ يناير ٢٠٢٢

كانت زيارتي لها ليلاً، ولكنها برزت في الضوء الملون بالزهو، كأنها الزمن الفضي يستعيد لغة الجمال، في مدينة اعتادت لبس فساتين الفتنة، واستمرأت الحلم في منازل النعيم، كنت بين الممشى والممشى الآخر، أمر منها لأعبر هناك، وكان المشهد المبهر يغدق الزوار بهجة، وفرحاً، كنت أشعر وكأني أهبط من سطح نجمة، لأضع خاطري على مهد حضارة بشرية محدثة لم أر مثلها من قبل، لأن المنظر يخطفك، والأشكال الهندسية، تسلبك لبك، والبساط الأخضر، المنمق بعشب أشبه بسجادة من حرير، ووجوه تنصع بابتسامات أخاذة، ورائحة الثمار، الغريبة، والأزهار تفترش عطرها، مرحبة بالزائرين، وكنت وكأني أفتش عن ذاتي، في مجمل الخضم الرحب من الرجال والنساء من كل حدب وصوب أتوا ليعيشوا هذه الأيام الشتوية الفسيحة، وهي تغدق الكون الإماراتي بروعة الجمال هنا في القناة، تسكن الأشياء، وتمضي في نثر فوانيسها المدهشة، على الوجوه، وكأنها الفنان الذي يلون لوحاته بأجمل الألوان. عندما تطل من خلال السور المعدني لترى البحر، يداهمك هذا الأغر، بمسحة من ملاءة خضراء تعكس الأضواء النافذة من مصابيح مطوية تحت أجنحة القوالب الأسمنتية، فلا تعلم من أين ينبثق الضوء، ومن أين تتسرب الألوان، وكيف تنصع، وتسطع، وتطلع أمام العيون كأنها الأجنحة المطلية بأحلى الألوان، كأنها العيون الشاسعة، تلمحك ببريق رباني مهيب، وأنت السائل لمحات، وقسمات، وبصمات، أنت المنغمس في التفاصيل، تدهشك هذه…

إنسانية الإمارات

الأربعاء ١٢ يناير ٢٠٢٢

تحت زخات المطر، وبين أكناف البرد القارس، وفي عراء الزمن الرديء، ينام عراة مراحل ما بعد الفراغ، نازحين، معوزين، بلا مأوى ولا مأكل، ولكن إذا كان الواقع الإنساني قد محل، واضمحل في ربوع كثيرة، فإن واقع الإمارات يقول لا، فإن الأنامل السخية تذهب في الأقاصي باحثة عنها كي تخفف من وطأتها، سائلة عن مكان لفقير لم تجف دمعته، نابشة بين الخرق المهترئة التي يخبئ بها النازحون أجساداً متعبة، كل ذلك تفعله الإمارات، لإزاحة الهم، والغم، والضنك عن كاهل هؤلاء البشر، رافعة عن أكتافهم معاناة سحتت إجسادهم، ونخرت عظامهم، هؤلاء هم بشر القرن الواحد والعشرين الذين توارت عنهم عيون العالم، واختبأت ذاكرتهم خلف لحف، ودثر، ولم يجدوا من يفكر في أحوالهم سوى هذه الدولة التي أخذت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان، ومن دون السؤال عن عرق أو دين، بل كل الاهتمام ينصب على آدمية البشر، وعلى أوضاعهم، ومعاناتهم، وتعبهم، وهكذا تستمر القافلة الإماراتية، قافلة الحب محملة بكل ما يحفظ ستر هؤلاء الناس، ويصون كرامتهم، ويمنع عنهم شقاء الظروف القاسية، وسغب الأيام العسيرة. الإمارات تقوم بذلك لأنه واجب إنساني لا بد وأن تتبوأه، ولا تخفي في ذلك منة، ولا تميزاً، الإمارات تفعل ذلك انطلاقاً من مبادئها الدينية والإنسانية، والأخلاقية التي تربت عليها القيادة، وترسخت في ذاكرة جيل…

عندما تجود الغيمة

الأربعاء ٠٥ يناير ٢٠٢٢

عندما تجود الغيمة، تصبح المدينة وردة برية تتوضأ بالبلل، والشارع ساقاً تمتد مسترخية عند مهد البراءة، والناس فراشات تغسل وعيها بالجمال، وتمضي نحو القطرات، وكأنها امرأة بدوية تغادر المضارب كي تلحق بركب الجاثيات عند نبع، ببلاغة السماء، ونبوغ السحابات السخية. لا شيء يملأ العين غير ذاك الرحيق السماوي المنسدل خيوطاً، فضية كسلسال على نحر، أو أسور يطوق اللدن من بضاضة الجسد الغض. الله كم هي الغيمة رخية، ورضية، وعطية، وندية، تجتاح الضمير الكوني بفصوص من نفيس السماء، وتمتطي صهوة جموحها، سارجة خيول المحبة، باتجاه تعشيب، وتخصيب، وتخضيب، وترطيب، كي يغفو العالم على نغمات المطر، وسيمفونية الوجود المرنمة بفعل قيثارة جياشة، من صنع طبيعة خلابة، مهابة، لا تعرف سوى النث، والحث، والبث. الله كم هي الغيمة رهيبة في معانيها، كم هي مهيبة في مغزاها وطياتها واعطافها، تتهادى عند خصر، وقد، وخد وتحبك قصتها مع الجمال في رواية بثيمة ممتلئة بالأحلام، حيث القطرة، تتبع قطرة، وحيث النقرة تلاحق نقرة، كأنها قلب السماء يثري الحياة نعومة، ويمنحها البهاء، وكأن الوجود يستولد نبضه من وحي تلك الغيمة المتحدرة من نسل الأبجدية الكونية، حيث كان الخلق في تشكله بدأ من دفقة، وحيث التداخل بدأ من شهقة لغيمة في الأعماق تسكن في التلافيف، وتستقر عند التجويف الأبعد. الله.. الله كم هي الغيمة أسطورية في شالها الشفيف،…

مدينة خليفة الرائقة

الأربعاء ٢٩ ديسمبر ٢٠٢١

تحت السماء الصافية، وهي ترتدي وشاحاً أزرق منمقاً بفصوص النجوم الفضية، في الليل المنسدل كخيمة عملاقة، تخبئ أسرارها في معطف الذين تبهجهم قصيدة الطير الهاجع في أعشاشه تحت مخمل الأوراق الندية، هنا تشعر وكأنك في رحلة سرمدية، في سفر عبر مشاعر توهجت، وأسفرت عن حالة استثنائية تجعلك تمارس النيرفانا، وكأنك تلبس قبعة زمن سريالي عميق الجذور. فجأة تنفجر بالونة مدوية وأنت في كونك المغمور في حاشية العزلة، تنهض من مكانك مفزوعاً، ضجراً، متذمراً برماً، وقد ارتعدت فرائصك، وارتعشت أطرافك، وتحولت السكينة إلى قيامة مفتعلة، الجاني فيها شخص ما فكر أن يتسلى في الشارع، فصار يسحق الأسفلت، بمخالب مركبة أشبه بطبق طائر، مشوه، حيث بدت تلك المركبة، بمعالم غامضة، وحتى لو حاولت تقصي شكلها لعجزت عيناك أن تفند مكونات هذه المركبة التي فكر صاحبها في أن يحولها إلى كائن مبهم، مريع، بدءاً من العجلات الأشبه بكائن ضخم، غريب، عجيب، مريب، رهيب، حط من علٍ، ونزل على الأسفلت يحفر القار، كما يمخر أفئدة الساكنين، أما جسم العربة فيبدو مثل الجرادة الخضراء، وهي تمتص السكينة، لتحيلها إلى فوضى عارمة، وتجعل الناس في حيرة من هذه القيم المنبعثة من نفايات التاريخ، والمنبجسة من قمامات يرميها أشخاص خرجوا من منازلهم، تاركين ضمائرهم في صناديق الفضلات، ويسيرون في الشوارع مثل الهوام، مثل كائنات تركت أصحابها، وهامت…

دبي هي العالم

الثلاثاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢١

عبارة تبدو في الواقع مثل رفرفة الأجنحة، مثل زغب القطا تحركه نسمة ناعسة، مثل رمش على جفنين يحفظان عينين نجلاوين، مثل هفهفة على وجنتين، ورديتين، مغموستين في حبر اللوعة. مثل مناغاة الطير على الأيك، مثل مداعبة الخصلات لقد، وخد، مثل حلم زاه يصنع البريق على وجنات البراءة. دبي هي العالم، عبارة تسافر عبر محيط الوجدان البشري، وتحمل رسالة قيادة، وشعب، وتسكن في الضمير الكوني، كأنها الكوكب الدري يخصب وجدانه بالدفق، ويشذب معناه بالنسق. دبي هي العالم عبارة تمخر عباب الوعي وتمنحه العبرة، وتصيغ في أعطافه ملامح غدٍ سيأتي مختلفاً، متناسقاً، لا مرتاباً يلون حياة الناس بالفرح، والانسجام، والسير في دروب العمر، كما هي النحلات تبني في الأعراش حدائقها الغناء، مغموسة بالشهد، مكسوة بمخمل الدفء، مثرية بعذب المعنى منسوجة حرير اللغة الرخية، والمشاعر الرضية، والفكرة الشاسعة، وبلا سقوف، ولا كلوف هي دبي اليوم، وكل يوم، تتجلى وعداً إنسانياً، مكللاً بتيجان التألق، وأوسمة التدفق، لا تثنيها عقبة، ولا تعرقلها كأداء، هي دبي في وصل، وأصل، وفصل، ونصل، هي كل ذلك؛ لأنها فتحت النوافذ منذ البدء، كي تجلو عن جدرانها صدأ الرتابة، وكي تدفع عن ترابها غبار الترسب، هي هكذا بدأت، وهي هكذا استمرت، وهي هكذا آمنت بأن المكان لا يكون له موقعاً في الإعراب، إلا عندما تكون جملته معرفة، وعبارته صريحة، وواضحة،…

في سمائنا غيمة

الثلاثاء ١٤ ديسمبر ٢٠٢١

أطل على السماء، فأجدها تراقب رمش العين، وترصد الخفقات، والدفقات، الشهقات، والزفرات، والآهات، والأنات، وصيحة القلب وهو يدنو من غيمة تعانق شفة المكان، وفي الأعماق ترتل الروح وهجاً، وتستمد من خافق الأرض ما يثري، ويغري، وتسير الدماء في الجسد، محتشدة عند شريان، ووريد، هناك أقرأ ما في صفحات اللحظة، من فرحة بمجيء الشتاء وهو يطوي سجادة الصيف، ويلملم شتات خريف حالك، ويبتسم لكل من يشفه نسيم أبرد من عيني من كف امرأة أناخت بعير مشاعرها، واستيقظت على رحيل ركاب العمر، ولكن في خيمة القلب بقيت هناك مساحات واسعة، ليعيون بشر مروا من هناك، وتركوا بصمات أرواحهم تلهو في النياط، وتعبث في الأشجان كأنها أنامل الطفولة. أجلس في الليل البهيم، كأنني الوحيد، في حضور الآخرين، أرتب أبجدية الصور من حولي، وهناك صور تبدو مثل أمثولة قديمة، مثل أيقونة وضعت عند طرف القلب، أجلس وأقرأ في الوجوه من حولي، ولا أرى سوى تماثيل لواقع إنساني بدأ يختزل العمر، ويذوب في فنجان قهوة باردة، ولا يبقى في القاع غير حثالة رمادية تثير الفزع، لأنني دائماً ما أتحاشى الحثالة، ودائماً ما أتفادى الوقوع في صدام من البقايا، وعندما تحضر الغيمة، وتمرغ جسدها في الهواء الرطب، أشعر بأنني أغادر المكان أو أنني أسرق جناح طائر نائم في السدرة التي تتسمر بالقرب مني، وأطير.. أطير فرحاً،…

يوفال .. تاريخ وجيز للمستقبل

الأحد ١٢ ديسمبر ٢٠٢١

في هذا الكتاب للمؤلف يوفال نوح هراري، يطرح المؤلف أسئلة ربما لم تكن جديدة في حذافيرها، ولكنها مدهشة في جرأتها الأسلوبية، مذهلة في طرحها الغائص في أتون الفكرة الجدلية منذ زمن نيتشه، وأسبينوزا، وسواه من حداثيي القرن الثامن عشر، هؤلاء المفكرين الذين أنسنوا الواقع البشري، وخرجوا بمهمة الولوج في القدرات الهائلة لكائن تميز عن سواه من المخلوقات، بالخيال الخصب، وعمق الدخول في طبيعة كانت ولأزمنة طويلة تعتبر مخبأ للأفكار الغامضة، والمخيفة في كثير من الأحيان. لقد قال مارتن هايدجر، بأن الإنسان راعي الكون، ثم عاد وصرح بأن الإنسان أصبح ترساً في الآلة، وهذه سيرة كل فيلسوف عظيم فهم المغزى من الوجود، ولم يخرج يوفال عن الطريق، بل لم يزل، ولم يخل، ولم ينو قط أن ينزلق في جليد حياتنا السالفة، ولا الراهنة، وإنما هو متابع حذق دورة الحياة، ولتسلسل الانتخاب الطبيعي التي فسر محتواها تشارلز داورن، ومن بعد كل الفكرة تاجاً من المعرفة عالم الانثروبولوجيا، جيبون، حتى عثر أوشو الفيلسوف الهندي العظيم على الجين الوراثي للنفس البشرية، وفي فحواها نجد حلم البشرية في الخروج من الأنا البوهيمية إلى الأنا الواعية التي تختزل معاناة الإنسان في وعيه بذاته، وحلمه الزاهي المنقى من درن العشوائية، وغشاوة اللاشعور. بعد كتابه المهم «الإنسان العاقل، يخرج يوفال بكتابه الختامي (الإنسان الإله) ليعطي القارئ نزهة عقلية،…

طريق الحرير ينسج قماشته في الإمارات

الأربعاء ٠٨ ديسمبر ٢٠٢١

قوة الاتحاد تبدأ من رسم تضاريس ملساء لا تعيقها كبوة، ولا تعقبها ربوة، فكل الجداول تذهب إلى حقيقة الوطن، وتروي مشاعر أبنائه، بحلم أزهى من الورد، وأبهى من القمر، نسير ونحن على طريق سالك، لا تغشيه عقبة، ولا تكدره صبوة، هو المشروع العملاق، الذي يربط الشرايين بالقلب، ويعقد الصفقة المباركة ما بين الدم والوريد. فإذا كانت المشاعر توحدت منذ الأزل، فإن طريق المشاعر يبدأ من خطوط الطول والعرض، التي تحدد خريطة الإمارات، كما تسدد النظرة إلى أحلام شعب، تواءمت مع تطلعات قيادة هذا الثنائي المبارك هو ما دعا إلى إرساء المشاريع الكبيرة، والإنجازات اللافتة، والمكتسبات المذهلة، والمهارات المدهشة، والابتكارات ذات الصوت، والصيت، كل ذلك يجعل من الإمارات، الحلقة واسعة الحدقات، والتي تدور في فلكها الدول، وتحذو حذوها، وتقتدي بما تقوم به، وما تضعه على الأرض واقعاً يسطع كأنّه القمر، ويمتد ذراعاً على التراب، كما هو المحيط، ويمد مداه في العالم، كما أنه الأفق. مشروع السكك الحديدية، هو مشروع المستقبل، هو طريق الحرير الذي تسترخي على أريكته كل الأحلام والطموحات، والتطلعات، والأفكار، والرؤى، لأن الإمارات، فارس لا حدود لجياده، ولا مناطق توقف لنوقه الباحثات عن غافة الأمل، ونخلة التفاؤل. هذه هي الإمارات، تسعى، وفي سعيها خطوات تملأ العالم بالصدى، وفي دورتها الشمسية، خيوط من نور، وشعاع يحرك البريق في عيون الآخرين،…

ثمرات عز يجنيها المواطن

الثلاثاء ٠٩ نوفمبر ٢٠٢١

كل ما حدث، وكل ما تم ترسيخه، وكل ما شع بريقه في سماء الوطن من المبادئ العشرة، لهو ميثاق عمل، مقدس، يعرفه المخلصون، ويقدره المحبون، ويجله عشاق النجوم العالية. علامة عشرة على عشرة، يكسبها هذا التوجه الرائق والأنيق، والذي لامس وجدان كل من تمشي قدماه على هذه الأرض الطيبة، لأن ما تم التصريح عنه، وحوله، إنما عبر عن دماثة أفكار، ولباقة طموحات، ولياقة أحلام، تنطبق على الإمارات فقط لأنها الجديرة بهذه المكانة، والتي ترسخها موهبة الحكم، وملكة التظافر التي تسكن وجدان كل مواطن، وكل مقيم على هذه الأرض التي أنجبت أفذاذاً في تاريخها العريق، وأول الغيث كان الباني والمؤسس المرحوم زايد الخير، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، وسليله خليفة العطاء والسخاء، هنا تبدو خطوات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وعضيده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خطوات نحو المدى، ووثبات باتجاه الأفق، ترسم صورة الإمارات الحداثية، وتبني مجدها على أسس التميز والفرادة، والنصوع، واليفوع والينوع، وصلابة النشأة، وجسارة الارتقاء، ونقاء السجية، وصفاء الطوية، هي تحليق بأجنحة الوفاء لوطن أصبح اليوم شجرة العالم الوارفة، وسماءه المضيئة، وأرضه المعشوشبة، بخير، وإبداع، وفرح، وسعادة. هكذا تبدو إمارات الخمسين، بهية، عفية، رخية…

جاء دور الإعلام

الأحد ٣١ أكتوبر ٢٠٢١

بعد الجهات المعنية ما أدت مهامها في «إكسبو»، وتجهيز البنية التحتية، ووضع اللمسات على كل شاردة وواردة في هذا المعرض ومكانه، وزمانه، الآن جاء دور الإعلام، ومرآته الواسعة، والتي يجب أن تكون حاضرة في كل موقع، ومحضر، ونتمنى حضوراً إعلامياً غير تقليدي، لأن المناسبة غير تقليدية، المناسبة هي مناسبة إبداع، ومهارة، وبراعة، ودهشة واستقطاب كل الملكات، واستدعاء كل الإمكانات، والاستفادة من كل القدرات، كل هذا يستدعي أن يكون للإعلام كلمته، وهو صاحب البوح، والصدم، هو صاحب المجال والمآل، هو كل شيء في هذه المناسبة، هو الوعاء الذي سيحمل ما جناه الغواصون من لآلئ، ولن يصبح لهذه اللآلئ من نور ما لم توضع في أواني خضها وخضيضها، وحضها وحضيضها، هكذا تنتصر الأمم عندما تتضافر عناقيد الجني مع أنامل الاقتطاف، هكذا تحصد الشعوب ثمرات جهودها، وتعب أيامها، وسهر لياليها، وتضع كل ذلك في سلة نظيفة، آمنة، تحفظ الود، وتمنع الكؤد، لتسير القافلة، مطمئنة، على المال والحلال. «إكسبو 2020 دبي»، ليس تظاهرة اقتصادية فحسب، فهي قبل كل ذلك احتفاء إماراتي، بمجموعة من الدول أتت إلى هنا محملة بباقة من قيم، وثقافة شعوب تختلف في اللون عنا، وتتحد معنا في المضمون الإنساني، وفي المحتوى التاريخي الذي يجمع العالم في بوتقة واحدة لا تمايز فيها ولا تعارض، إنها اللوحة الوجدانية التي تقع على صفحاتها الهم…