السبت ٢٤ يونيو ٢٠١٧
في كل مرة أجلس فيها مع الدكتور محمد شحرور وأستمع له متحدثاً عن قراءته المعاصرة للتنزيل الحكيم، برؤية مختلفة وتفكير خارج عن المعتاد ومناقض - أحياناً كثيرة - لما في حكم المسلمات المتوارثة، أتساءل: لماذا يخاف البعض في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من التجديد والاجتهاد في قراءة النص القرآني؟ الدكتور محمد شحرور، وعلى مدى خمسين عاماً، أسس لمشروع فكري مختلف يعيد عبره قراءة التنزيل الحكيم بفكر ولغة العصر، وفي ذلك تأكيد لأن فهم القرآن الكريم ليس خاصاً بجيل معين أو زمان محدد، وإنما تحتاج معانيه وأفكاره لقراءات مستمرة وعبر أزمنة مختلفة. أي أن كل جيل يستطيع قراءته وتفسيره، وفقاً لمعطيات عصره وفي ذلك وجه من وجوه عظمة هذا الكتاب الكريم. المؤسف أن أغلب من ينتقد محمد شحرور، خصوصاً بعد إصدار كتابه الأول «الكتاب والقرآن»، عام 1990، قليلاً ما ناقشوا الفكرة بدلاً من «شخصنة» النقد أو البحث في تخصص الدكتور شحرور الأكاديمي أو قضايا أخرى ليست في صميم ما يطرحه محمد شحرور في قراءته المختلفة للتنزيل الحكيم. د. محمد شحرور يسعى خلال مشروعه إلى قراءة التنزيل الحكيم بعقل من يقرأه، في زماننا المعاصر أو حتى في العصور القادمة. وما يميز د. شحرور في مشروعه المهم أنه يفرق بين البحث القائم على النقل والبحث القائم على العقل. من العقل، عند د. شحرور، أن…
الثلاثاء ١٨ أبريل ٢٠١٧
كانت الكتابة، وما زالت، عندي بلسماً من كل أوجاع الحياة، تبحر بك بكل هدوء نحو عوالم التأمل والتفكير والتعبير، تحفزك على الاطلاع والقراءة والبحث عن فكرة جديدة. وتزداد متعة الكتابة (وقيمتها) حينما يشهد الكاتب ما تحدثه من أثر أو حراك أو جدل! وهج الكتابة يأتي من ردات الفعل على ما يكتبه الكاتب ويثيره من حوار ونقاش وجدل، ويزداد ذلك الوهج حينما تسهم الكتابة في التغيير أو التطوير أو علاج خلل. تأتي الكتابة أحياناً مثل ذلك الحجر الذي يحرك الماء الراكد، أو كصرخة توقظ النائم أو اللاهي من خطر داهم، ثم تتحول الكتابة إلى إدمان جميل حينما يجد الكاتب صدى لما يكتبه، وحينما يكتب وفكره غير ملوث بمخاوف من مقص رقيب حكومي أو اجتماعي، وحينما تصبح قناعة راسخة لدى صاحبها بأنها ستعطي أُكلها - لصالح المجتمع - وإن بعد حين. وهكذا، كانت الكتابة أداة مهمة من أدوات التفكير والتنمية، ومساهماً كبيراً في صناعة الوعي. ولكنني، وفي زمن التواصل الاجتماعي، ألح في السؤال: ما فائدة الكتابة «التقليدية» اليوم؟ وأي أثر يتركه مقال صحافي، مهما تحلى بالجرأة والصدق، في زمن انشغل فيه الناس بأجهزة الهواتف الذكية، وأدمنوا «الرسالة» المختصرة؟ وكيف لك أن تشرح فكرة معقدة من خلال خلاصة خلاصتها، أو كما يقول المسؤول المنشغل دائماً، أو الملول: «عطنا الزبدة»؟ أنا ضد الإطالة التي…
الجمعة ٠٤ نوفمبر ٢٠١٦
على مدار العام، تشهد دولة الإمارات عدداً هائلاً من الفعاليات والندوات والمؤتمرات المبهرة في محتواها وحضورها وتنظيمها. تصل بك الحالة أحياناً إلى حد الحيرة: كيف يمكن أن تحضر أكثر من فعالية في اليوم ذاته؟ خلال الأسابيع القليلة الماضية، حضرت عدة فعاليات مهمة في كل من أبوظبي ودبي والشارقة. كما شاركت في عدد من ورش العمل التدريبية في إمارة عجمان، لأكتشف من جديد أن عجمان تستعد بقوة للدخول في مرحلة تنموية مبهرة جديدة. العامل المشترك في جميع هذه الفعاليات الكثيرة كان جودة المحتوى ودقة التنظيم وتنوع المواضيع وعمق النقاش. وأستطيع القول بكل ثقة إن المعرفة صارت صناعة احترافية بامتياز في دولة الإمارات. فهذا العدد الكبير من المتحدثين والمشاركين، القادمين من إمارات الدولة ومختلف أنحاء المنطقة، بل ومن خارجها، لا يقتصر إسهامهم على الاقتصاد المحلي فحسب، وإنما على صناعة المعرفة ذاتها، وتلك من أساسيات اقتصاد المعرفة الذي تتنافس عليه الدول الكبرى اليوم. تسير الإمارات بخطى حثيثة نحو التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة، فالسياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار تتضمن 100 مبادرة باستثمارات تبلغ أكثر من 300 مليار درهم. وكما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، فإن الإمارات لا تسعى إلى نقل المعرفة بل إلى ترسيخها…
الأربعاء ٢٨ سبتمبر ٢٠١٦
جريمة بكل المقاييس تلك التي حدثت أمس أمام قصر العدل في عمان وقتل فيها – عن سابق عمد وترصد – الكاتب الأردني ناهض حتر. وهل الأردن العزيز بحاجة لمزيد من المشكلات والتحديات والإرهاب؟ أما وقد وصلت قضية الكاتب اليساري حتر الى المحكمة فكيف يمكن للباحثين عن أعذار وتبريرات للجريمة أن يناموا مطمئني الضمير؟ أسوأ من الجريمة نفسها تبرير الجريمة، أم أن "الهمجية" أصبحت ثقافة سائدة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية حيث يعبر الغاضب عن غضبه بالقتل والنحر والتفجير والإرهاب؟ وكيف لبعضنا أن يعود لتكرار الإسطوانة إياها: داعش لا تمثل الإسلام بينما فكر داعش – بأشكال ودرجات مختلفة – ما زال سيد المشهد؟ نعم.. لا داعش ولا قاتل ناهض حتر يمثلان سماحة الإسلام ورحمته التي لا يعرفها المتشددون والمتعصبون والمتطرفون، ولكن السؤال الكبير هو كيف لقطاع واسع من شباب الأمة أن يرى الوجه الإنساني والحضاري للإسلام بينما المتشددون هم سادة المشهد عبر خطبهم ومنصاتهم التحريضية؟ الجريمة التي ارتكبها قاتل حتر هي آخر الخيط لا أوله، فما سبقها من عوامل أسهمت في تشكيل فكر القاتل هي الخطر الحقيقي، فكيف لنا أن نوقف الكارثة ما دامت المؤسسات الدينية – الرسمية تحديداً – في أكثر من بلد تدور في حمى فكر التشدد والانغلاق والإقصاء؟ لم تعد الدعوة لإصلاح أو تقنين الخطابات الدينية هماً يتناوله المثقفون…
الأربعاء ١٧ أغسطس ٢٠١٦
في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كنت طالباً بجامعة جورجتاون في العاصمة الأميركية واشنطن. وفي إحدى المواد كان النقاش حول التعليم ومعنى حظر تدريس مواد دينية في المدارس العامة بأميركا، إذ ُيمنع تدريس هكذا مادة في أي مدرسة حكومية، لأن القناعات الدينية مسألة خاصة لا تفرضها الدولة ولا ترعاها. من حق الإنسان أن يعتنق ما يشاء من دين أو فكر ومن حق الآباء والأمهات تدريس أبنائهم معتقداتهم الدينية في البيت أو في الكنائس والمساجد. ومن واجب الدولة أن تحمي حق المعتقد الديني والفكري شريطة ألا يسعى أي أحد (فرد أو مؤسسة) لفرض معتقده على الآخرين وألا يدعو أو يقود إلى العنف. في ذلك الحوار أيام الجامعة لفتت انتباهي الإشارة إلى أن اليابان عمقت تدريس الأخلاق في مدارسها من خلال مادة «الأخلاق» المقررة ضمن المنهج الدراسي ما قبل الجامعي منذ أكثر من مئة عام حينها. وهنا تأتي الأخلاق كقيم مشتركة وسلوك عام، في البيوت والشوارع والميادين العامة وأماكن العمل. ماذا يهمني إن كنت مسيحياً أو مسلماً أو هندوسياً أو لا دينياً؟ هذا شأن يخصك أنت وحدك وهذه علاقة خاصة بينك وبين ربك والله وحده من يحاسب الناس على قناعاتهم وإيمانهم. في العالم العربي تبدو المسألة أشد تعقيداً. فالدين يجري في عروقنا مجرى الدم حتى وإن لم نكن متدينين. فالثقافة والوعي العام تنطلق…
السبت ١٠ أكتوبر ٢٠١٥
التفكير المؤدلج ينطلق أصلاً من أفكار معلبة لا تخضع لتحليل أو نقد أو مراجعة. تؤخذ كمسلّمات غير قابلة للنقاش أو الاختلاف. تُتداول كمقدسات يسهل تكفير أو إقصاء من يختلف معها أو يعمل على تفكيكها. لهذا يصبح "الحوار" مع الإنسان المؤدلج مضيعة للوقت لأنه غالباً يعامل الآخرين من موقف قطعي، إما أسود أو أبيض، معي أو ضدي. الحق المطلق معه والباطل الواضح عند من يخالفه. للأسف يبقى خطابنا الديني في العالم العربي تحديداً هو المؤثر في طريقة التفكير لدى قطاع واسع من الناس، ولعله أسّس لهذه الحدة في التعامل مع الرأي المختلف. فثقافة الإقصاء الصريح المهيمنة على المشهد العربي ليست وليدة الأحداث الراهنة، فهي تشكّلت وتعمّقت على مدى قرون تم خلالها توظيف الدين للهيمنة وقمع الرأي المختلف، وقد وُصِمت محاولات فردية لتفعيل العقل بالتكفير والإقصاء بحجة أنها تُوقع في "حبائل الشيطان"! والطريف أن كثيراً من أسماء "الأعلام"، التي يتباهى بها المسلمون عند الحديث عن إسهام المسلمين في الحضارة الإنسانية، عانت من ويلات المسلمين الكثير. كُفرت وشُردت وقُتلت. وما مآسي علماء المسلمين ومفكريهم على أيدي المسلمين أنفسهم (ابن سينا وابن رشد وابن عربي، على سبيل المثال)، إلا شواهد على محاربة المؤدلجين دينياً لكل صوت يدعو للتفكير الحر والانفتاح على الآخر والبحث في آفاق المستقبل. وما يحدث اليوم ليس سوى حلقة متأخرة من…
الإثنين ١٣ يوليو ٢٠١٥
عرفت الراحل العزيز محمد أبوعمير في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وكنا طالبين في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود. كان دوما برفقة رفيقه عطية الثبيتي. وكنت أنا مع مجموعة من الأصدقاء وخصوصا سلطان المهنا وحامد الحويماني. وكانت الجامعة آنذاك محطة مهمة يمر بها الجنوبي والشمالي، النجدي والحجازي، السني والشيعي، البدوي والحضري في ألفة وطنية مبهرة. كتبت يوما في (الوطن) أنني أعدت اكتشاف وطني خلال دراستي الجامعية، ما بين الدرعية والرياض! كانت الجامعة محطة مهمة في تجربتنا الوطنية. بل كانت بالنسبة لي نافذة رأيت منها الطائف وحائل وعنيزة ونجران وعرعر وشقراء وسيهات. جئت من الجنوب فعرفت أكثر مما كنت أعرفه عن الجنوب. هناك عرفت عن قرب جنوبيا شهما كان فعلاً "الأخ الذي لم تلده أمي". ومنذ الأيام الأولى التي عرفت فيها محمد أبو عمير وجدت فيه الأخ الذي يقدم مصلحة أخيه على مصلحته والصديق الذي لا تعكر صفو صداقته منافسة أو مصالح عابرة. عشنا أياما في الجامعة وخارجها بحلاوتها ومرارتها، نجاحاتها وإخفاقاتها. وكان "أبو سعيد" حاضرا في كل الأوقات، يبارك في كل مناسبة نجاح ويحفز على الوقوف مجددا عند الانكسار! في كل صداقاته كان صادقا وفيا أمينا حتى حينما أشغلته مسؤوليات المنصب عن أصدقائه. وكان حلقة الوصل مع أصدقاء مكانهم القلب وفي مقدمتهم "الإنسان" النبيل خالد السهيل والعزيز جابر القرني وغيرهما.…
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠١٥
ما أكثر الدروس التي يفترض أننا في مجلس التعاون الخليجي تعلمناها منذ انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس، وهي في معظمها تذكير بأهمية أخذ المبادرة واستباق الأحداث والواقعية في تعاطينا مع وعود «الحلفاء» وفي رؤيتنا لعلاقاتنا مع من حولنا. أول العبر المهمة أننا في الخليج أقوى مما كنا نعتقد في أنفسنا. فما إن أخذنا بزمام المبادرة حتى تذكرنا أن: السَّـيْـفُ أَصْــدَقُ إنْـبَــاءً مِـــنَ الـكُـتُـبِ فِـي حَــدهِ الـحَـدُّ بَـيْـنَ الـجِـد واللَّـعِـبِ دعونا نراجع رؤيتنا لأنفسنا ما قبل عاصفة الحزم، لقد شعر كثير منا بشيء من الحيرة والتردد، خصوصاً أمام تمادي صناع الفوضى في منطقتنا في الاستهتار بكل القيم والمبادئ وإمعانهم في الغرور والغطرسة والاستفزاز واستعراض القوة وكأن «صبر الخليج» ليس سوى ضعف وخوف، فداعش يهددنا بالموت ويتوعدنا بالفوضى من الشمال. ومن الجنوب الحوثي يستفزنا بحماقاته وتهدياته وصور أوليائه في إيران. ثم يطل علينا أحد طبول الحرب الإيرانية منتشياً وبكل جرأة: «نحن أسياد البحر»! وما هي إلا أيام حتى يظهر بوق آخر يعلنها على الملأ: بغداد عادت عاصمة بلاد فارس!. مخيف جداً أن تشك في نفسك وفي قدراتك. ومحبط جداً أن تشاهد كل هذا الاستفزاز وهذا العبث يهدد أمنك الوطني ولا تعرف ما تفعل. لكننا ـ وعلى الرغم من السنوات العجاف التي تمر بها منطقتنا منذ بداية ما ظنناه «ربيعا» ـ لم…
الأربعاء ١٠ يوليو ٢٠١٣
فجأة ومن دون مقدمات صارت «الديموقراطية» محور جدالاتنا وخصوماتنا العربية، وهي التي إلى وقت قريب كان بعضنا – وكثيرهم ما زال – يكفر من ينادي بها. عند بعضنا اليوم، هذه الديموقراطية صارت مبدأ وقناعة لا فكاك عنها ما دامت طريق آمنة وسريعة للسلطة. وبعد الوصول للمبتغى تتحول فجأة إلى «مطية» تُمارس عبرها كل أشكال الاستبداد والإقصاء. من قال إن الوصول لسدة الحكم، عبر صناديق الاقتراع، يعطي الحق لتغيير قوانين اللعبة الديموقراطية ويحيل إدارة الدولة إلى ما يشبه إدارة شركة العائلة؟ الرئيس الأميركي نفسه حتى وإن وصل للبيت الأبيض بغالبية تصويت ساحقة يظل محكوماً بقواعد وقوانين يحكمها الدستور وتراقبها أعين الناخبين. أما أن يعتقد بعضنا أن الفوز في الانتخابات يمنح الحق المطلق في إصدار أي قرار وإلغاء أنظمة وقوانين كبرى، ويقدم «الثقة» على الخبرة في اختيار الوزراء والمدراء، إنما يؤكد فهماً قاصراً لهذا الوليد الجديد الذي نسميه ظلماً «ديموقراطية»! وإذا كانت الديموقراطية تعني «حكم الشعب لنفسه» فماذا نقول إن كانت الغالبية الساحقة من الشعب ترفض وتحتج على ما أفرزته هذه الديموقراطية؟ لا يمكن أن تسلمني رخصة قيادة ثم أنطلق في سيارتي بكل تهور متجاوزاً حدود السرعة عابثاً بكل قواعد وقوانين القيادة وحينما توقفني دورية المرور أصرخ في وجهها: أتركوني وشأني... ألستم من أعطاني رخصة القيادة؟ في عالمنا العربي تبقى المشكلة مشكلة…
الأحد ٠٧ يوليو ٢٠١٣
على مدى الأيام الماضية، استعاد ميدان التحرير هيبته ووهجه ومعناه. مخطئ من يظن أن ما يحدث فى مصر ليس إلا شأناً مصرياً خالصاً. إنها مصر التى أراد لها الله أن تكون قلب العرب النابض بالحياة والمحبة والسلام. ولهذا فإن الحدث المصرى كان محل اهتمامنا اليومى فى الخليج ومتابعتنا وقلقنا. لقد تفاعلنا هنا مع كل لحظة عاشتها مصر وشبابها يصرون على الخروج من مأزق الأدلجة وما قادت له من تراجع وخيبة أمل! وما زال ميدان التحرير يحرضنا على التفكير والتأمل فى دروس مهمة أعطتنا إياها تجربة السنة الماضية التى اختزلت «السبع العجاف» فى سنة واحدة. وأهم تلك الدروس أن من يقدم «الأيديولوجيا» على «التنمية» لابد أن يفشل. ولو انشغل الإخوان بقضايا التنمية قدر انشغالهم بمحاولات الهيمنة على كل حراك المجتمع وكل مفاصل الدولة لما انتهى بهم المطاف تلك النهاية المحزنة. من لا يقرأ وعى شباب مجتمعه وهمومه واهتماماته إنما يبنى بينه وبينهم سداً منيعاً يفقده صواب الرؤية. ما بناه الإخوان فى ثمانين سنة هدمه مرسى فى سنة واحدة. وفى ذلك خير: لقد عاش الشارع العربى طويلاً يسمع شعارات تنادى بأن «الإسلام هو الحل». وإن سألنا: أى إسلام تقصدون؟ جاء الرد بالتكفير والتخوين والإقصاء. فكل جماعة تسعى لفرض «إسلامها» على الجميع بالقوة. وكل جماعة ترى فى نفسها الحق وفى غيرها الباطل. كأن…
الخميس ٢٧ يونيو ٢٠١٣
ما الذي يدفع عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في مجلس الشورى، أن يهاجم دولة الإمارات العربية المتحدة وفي هذا الوقت تحديداً؟ التفسير الأقرب للموضوعية -خصوصاً في ظل الظرف المصري المتأزم- لا يخرج عن كونه محاولة جديدة لإلهاء الشارع المصري عن فشل جماعته الذريع في إدارة الدولة وإنقاذ اقتصاد البلاد المنهار. تلك «عادة» سياسية فاشلة، إذ يلجأ السياسي المخنوق داخلياً إلى افتعال حروب وعداوات في الخارج. وإخوان مصر يشعرون أن الخناق يزداد قسوة عليهم مع استمرار التخبط في القرارات والتراجع في الاقتصاد، وانكشاف خطط الهيمنة على حراك المجتمع ومفاصل الدولة. الشـارع المصـري واعٍ جداً لمناورات جماعة الإخوان، ولهذا جاءت الردود ضد تصريحات العريـان من الداخل المـصري ذاته قاسية وساخرة. لقد انقلب السحر على الساحر، فتحول هجوم العريان ضد الإمارات وبالاً عليه وعلى جماعته، التي حاولت التنصل من المسؤولية من دون جدوى. رئيس «حزب العدالة والحرية» محمد سعد الكتاتني قال إن تصريحات العريان ضد الإمارات «لا تعبر عن وجهة نظر الحزب وموقفه الرسمي». كيف؟ أليس الرجل يشغل المنصب الثاني في الحزب؟ ثم أين وفي أي مناسبة أطلق العريان تصريحاته الشاتمة؟ لم يكف جماعة الإخوان غض الطرف عن إهانة العريان لبلد عربي مهم تربطه بأهل مصر علاقات أخوية متينة وقديمة، ولكن وتمادياً في استغفال عقول الناس ظن…
الخميس ٣٠ مايو ٢٠١٣
مشاركة «حزب الله» العلنية في معركة القصير ضد ثوار سورية تشكل إعلاناً صريحاً عن دعم الحزب علانية لنظام لا يردعه رادع في قتله المريع لشعبه. وهنا سقط الحزب الذي طالما تغنى بالثورة ضد المحتل وبمناصرة الفقراء والمغلوبين على أمرهم في شر أعماله. حسن نصرالله قالها - أخيراً - صراحة إنه لن يتخلى عن دعم نظام الأسد مهما كلفه الأمر. وأنصاره في وسائل الإعلام العربي قالوها صراحة: حسن نصرالله يضحي بسمعته في مقابل مبادئه! هذه المبادئ تجلت طائفيتها في القصير. تلك هي حقيقة نصرالله الطائفية التي تحايل وتذاكى طويلاً لإخفائها. تورطه العسكري في سورية كشف المزيد من الأقنعة عن وجه حسن نصرالله وحزبه. كان بإمكان نصرالله أن يكتفي بدعم نظام الأسد سياسياً، وهذا الدعم كان سيبقى مكان خلاف «سياسي». بل ربما تفهم البعض، حتى في صفوف المعارضة السورية، موقف «حزب الله» السياسي، بحكم أن نظام الأسد يعد من أركان دعم «حزب الله» الرئيسة في المنطقة. لكن التورط ميدانياً في حرب بين نظام يقتل شعبه وثوار يسعون لاستعادة وطنهم وحريتهم، يكشف القناع عن وجه طائفي كان حسن نصرالله يخفيه خلف شعارات مقاومة إسرائيل وتحرير القدس. ما أكذبهم أولئك الذين أشغلونا لعقود بوعودهم الجوفاء بتحرير القدس ومواجهة إسرائيل. انكشف المستور لكل من بهرته خطب حسن نصرالله ودروسه في المقاومة ومحاربة المحتل. فالرجل اليوم…