الثلاثاء ٢٨ يناير ٢٠٢٥
اليوم الكثير من الأهالي الواعين، لا يخافون على تحصيل أبنائهم للعلم والمعرفة واكتساب اللغات، بقدر تشوقهم، وتخوفهم في الوقت نفسه، لمعرفة مواهب أبنائهم، وما منحهم الله من هدايا ربانية، يمكن صقلها، وتنميتها، وتوجيهها الاتجاه الصحيح والمبدع، فالموهبة يمكن أن تكون داخل قفص صدر الطفل، وتظل حبيسة حتى تدفن بحكم العمر والإهمال، إذا لم تجد الاكتشاف من الأهل والمعلمين والمدرسة، ويمكن أن تموت وهي خديج لم تكتمل بعد، إن وجدت معارضة من المجتمع، وتحقير من الأقارب، وتقاعس من الأهل، في حين في الدول المتحضرة يسعون مبكرين لاكتشاف مواهب أطفالهم، ومحاولة المكافأة عليها بتقديم المحفزات كافة، والتشجيع الدائم، وزج الطفل نحو التجريب، ومواجهة الجمهور، ووسائل الإعلام بما يملك من مواهب، بحيث لا يكبر الواحد منهم إلا وترافقه موهبة أو هواية يمكن أن تكبر وتطغى على تخصصه الدراسي، وبالتالي يدخل من خلالها إلى ميادين العمل والنجاح في الحياة، وهناك من يتخلى عن دراسة ما يخطط له الأهل من مهن بعيدة عن نفسه، وما تهوى، من أجل ذلك الكامن في داخله، ويذهب باتجاه تلك الموهبة الربانية، ويزيدها بالعلم والمعرفة والاحتكاك بالمحترفين ليصقل تلك العطية، وينجح، ويسعد بذلك الاختيار في الحياة. فليت الأهل يتنبهوا لمواهب أطفالهم ويرعونها، ولا يمنعوها بجهلهم، وتطرفهم، وضيق أفقهم، فقد فقدنا الكثير من الموسيقيين الموهوبين؛ لأن المجتمع كان ينظر للموسيقى نظرة…
الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠٢٥
بعد جيل المخضرمين أولئك الذين ظلوا يحطبون ويكدّون السخام، ويأكلون نوى التمر والجراد وقت الشدة والمجاعة، لكن أحدهم يمكن أن يعقر بعيره لضيفه، جاء جيل الطيبين الذين لحقوا على المحنة، وذاقوا شيئاً من الطفرة، لكنهم بقوا صافي السريرة، وينتخون، ولا يجسرون على أن يفرطوا بالقديم وأشيائه الثمينة مثل وصايا معلقة في الأعناق، ولا يريدون أن يفرطوا في الجديد والقادم المختلف، بعدهم جاء جيل رقمي لم نعرف له تسمية، التقنية أعطتهم التسمية، ومنحتهم التصنيف، وميّزتهم بأيد ناعمة، لم تعرف «ضرب الخصّين، ولا جر حبل القلص»، ولا ذاقوا حرقة العطش، ولا عرفوا سموم الصحراء، أطلقت عليهم أجيال «الفا.. وبيتا»، وبعدهم تباعاً ستأتي أجيال «دلتا.. وروميو»، وهكذا الحياة تمضي. - اليوم.. ما يغيض أن يأتيك شخص مولود عام 2000 التي هي وراءنا بمقدار فَرّة العصا، ويقدم لك نصيحة من العيار الثقيل، ودرساً في السلوك والأخلاق الجديدة من تلك الدروس التي تعلمها خلال عشرين عاماً فقط، ومن خلال كتيبات تطوير الذات! - من الممكن أن تتقبل من جيل «الفا» نصيحة كيف يمكن لك أن تشبك شبكة بشبكة دون أسلاك، وتتواصل معها عبر الألياف البحرية، لكنه بالتأكيد لا يقوى على نصيحة من عيار «رأس الحكمة»، ومعنى «التقوى» أو كيف يمكن أن تفسل غرساً أو نخلة أو تعرف التفريق بين الحنين والرغاء! - جيل «الفا» غلبوا…
الثلاثاء ٣١ ديسمبر ٢٠٢٤
اليوم.. ختام الضحكات والمواقف المحرجة في وداع هذا العام الصارم والمنصرم الذي عرقل كثيراً من الأحلام والأمنيات، وحقق العديد من الدعوات والنجاحات، سنودعه بابتسامة وضحكة آملين في عام جديد وسعيد على كل البشرية، إحدى الراقصات مازحت الكاتب «نجيب محفوظ» حين نزلت من سيارتها المرسيدس وهي تتبختر، ساحبة ريشها لتسلم عليه، وتعرض عليه أن تقله بسيارتها لأنه كان يمشي كعادته، لكنه اعتذر منها بلباقة، لأنه يمارس المشي وفق برنامجه اليومي المعتاد، تركها وذهب في طريقة، فقالت لجماهيرها المحتشدة حولها، والمتدافعة طالبة توقيعها الذي بالكاد تعرفه، ولا يتشابه توقيعان في الوقت نفسه: «يقطع الكتابة وسنينها، بصوا الأدب عمل فيه إيه»! فسمعها رغم أن سمعه ضعيف فقال: «وأنتِ.. بصي قلة الأدب عملت فيك إيه»! وفي عصر الرئيس «السادات» تم توقيف برنامج «سمير صبري»، «النادي الدولي» بسبب مزحة من العيار الثقيل مع «فيفي عبده» أثناء بث البرنامج حين سألها «سمير صبري» عن مسقط رأسها، فردت: «ميت أبو الكوم» فعلق سمير ضاحكاً: «آه.. يعني بلد الريس»! الكاتب «برنارد شو» كان صديقاً لـ «تشرشل»، رئيس وزراء بريطانيا حينذاك، وكان كلاهما مولعاً بالنكتة، والقول البليغ، فمازح تشرشل - وكان ضخم الجثة- «برنارد شو» الذي أقرب ما يكون لهيكل عظمي متحرك، وكان نباتياً، قائلاً: «إن من يراك يظن أن بلادنا تعاني من أزمة اقتصادية حادة، وأزمة جوع خانقة،…
الإثنين ٣٠ ديسمبر ٢٠٢٤
مثل تلك الأخطاء التي نريد أن نختم بها عامنا الصارم والمنصرم، والتي كثيراً ما يقع فيها المشاهير، إما تكون ضمن أخطاء «بروتوكولية» أو تصرفاً في وقت السهو والغفلة أو حتى الارتباك الإنساني، فالرئيس الأميركي «ريتشارد نيكسون» قال أثناء جنازة الزعيم الفرنسي ديغول معزياً: «إن هذا ليوم عظيم بالنسبة لفرنسا كلها»! وكنا معزين في وفاة «رفيق الحريري»، وقال أحدهم مرحباً بنا، ومثنياً على حديث رئيس الوفد: بهذه المناسبة العظيمة، نرحب بكم في بلدكم الثاني لبنان! وهناك مسؤول جزائري كان يتحدث مع ضيفه الفرنسي، ولم ينس أن يشكره، ويشكر حكومة فرنسا «العظمى» فبهت الفرنسي لأن هذا اللقب قد تخلت فرنسا عنه بنفسها قبل حرب التحرير الجزائرية، وقبل حروب الهند الصينية. «بوب دول» المرشح الرئاسي في أحد الانتخابات الأميركية نسي اسم «لاس فيجاس» في حمى الانتخابات، وتصفيق الحضور، وامتدح بدلاً عنها «دالاس» وسط ذهول الناخبين الذين دعموه وساندوه، أما «بوش الابن» فيعد من أكثر الرؤساء عرضة لهذه الأخطاء والهفوات، ومن أشدهم سهواً، وأحياناً جهلاً بالمسميات والمصطلحات: مثل «الحروب الصليبية أو حروب العدالة المطلقة» كذلك معرفته بالأشخاص، ولو كانوا بمستوى الرئيس الباكستاني، الحليف الأساسي الذي نسي اسمه، ولم يستطع تذكره، ولو استمر الضغط عليه ربما سماه «ابن لادن» أو «ملا عمر»! أما زوج الملكة البريطانية الأمير «فيليب»، والذي يبدو في الصور الرسمية هادئاً، صامتاً…
الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤
نودع عامنا المنصرم مستبشرين بعام جديد وسعيد ومختلف، وذلك من خلال الحديث متفكهين عن المواقف المحرجة التي مرت على العالم، وهي أصح لغوياً من المواقف الحرجة، هي مواقف سهو وغفلة، وأحياناً جهل، هي مضحكة، وفيها عبر، وسرعة بديهة، وروح الدعابة والتلقائية، وخروج عن «الإتيكيت» والأعراف الدبلوماسية، تحدث لرؤساء وزعماء ومشاهير في العالم، بعضها يتبعها تعليق، وبعضها يكفي الموقف نفسه، وعرق اللحظة، والارتباك الذي حدث، والخجل الذي بدا على الوجوه، مثلما حدث للرئيس الأميركي «جيمي كارتر» وهو المتدين، حين احتضن «جيهان السادات» وقبلها، وسط دهشة واستغراب الحضور، ومنهم زوجها، وزوجته، ومرة حضر الرئيس الجزائري الأسبق «الشاذلي بن جديد» اجتماعاً للجمعيات النسائية الجزائرية، وابتدأ خطابه الحماسي فيهن، وأنه يقف مع حقوق المرأة وتحررها وتعليمها، ويساندها في كل المواقف والمحافل، وحين غلبته الحماسة، وطغى التصفيق النسوي، قال: «اعتبروني واحداً منكم»! مفتي الديار المصرية الأسبق «نصر فريد واصل» في أول خطبة قالها على الملأ بعد تسلم مهام منصبه، ارتكب، سهواً وغفلة، غلطتين في آيتين من القرآن، وهناك مسؤول زار مرة دولة أفريقية، وظل بعد كل وجبة يشكر حسن الضيافة التي يلقاها من كافة المسؤولين في غـينيا، رئيـــساً وحكومة وشعباً، ويطري على الترحيب الحار الذي يلقاه من الشعب الغيني في كل مكان من ربوع هذه البلاد الجميلة غينيا، رجع المسؤول والوفد المرافق له إلى البلاد…
الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤
- أكثر عبارة يكرهها طالب الوظيفة أن تقول له: حاول تقدم طلبك على «الأونلاين» عبر موقعنا. - أكثر عبارة توترنا هذه الأيام أن يردد أحدهم أمام أحدنا: يجب عليك ألا تنظر إلى الجانب الفارغ من الكأس، بل إلى الجانب المليء منه. - أكثر عبارة لا تروق للشحاذ أن يسمعها، أن تقول له: الله يعطيك. - أكثر عبارة تغيظ أي تاجر أن تقول له: نفس هذه البضاعة عند جارك أرخص، ويمكن أحسن. - أكثر عبارة توتر الزوجة وهي تهاتف زوجها أن تسمع تسجيل صوت تلك المرأة المكهرب: «إن الهاتف الذي طلبته مغلق، يمكنك محاولة الاتصال مرة أخرى». - أكثر عبارة تصدم الموظف آخر الشهر، تلك العبارة الظاهرة على الشاشة أمامه، إن المبلغ الذي تحاول سحبه يتجاوز رصيد حسابك. - أكثر عبارة يمقتها الخريج الجديد، والباحث عن وظيفة: أرسل لنا الـ «سي في». - لو أن البقرة تعرف المحاورة، فربما كانت أشد العبارات توتراً لها، أن يأتي شخص على مهل، ويسألها بطريقة متكاسلة: «في حليب»؟ - أكثر عبارة كان توتر «دريول تاكسي مال أرباب» قديماً، حينما تطلب منه أن يوصلك في أبوظبي إلى عنوان سكنك في منطقة 17، حوض 9 شارع 23. - أكثر العبارات التي تقلب مزاج الكثير منا، تشبث الكثير من دعاة دع القلق وابدأ الحياة بتلك العبارة: خطط حياتك،…
الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤
«خليجنا واحد.. وشعبنا واحد»، هكذا كان شعار دورات كأس الخليج منذ انطلاقتها في السبعينيات، كانت بطولات جميلة وقوية بأحداثها وفعالياتها وحضورها ومفاجآتها! - أول بطولة لدورة كأس الخليج لم أحضرها، ولم أشاهدها، ولكني سمعتها من خلال ذلك الراديو الصغير الذي لم يكن يفارق طفولتي، كانت البطولة في الكويت، ومشاركة الإمارات لأول مرة، والمباراة بين البحرين والإمارات، ويومها فجرّت الإمارات مفاجأة من العيار الثقيل، أيام «بوشنين» وجاسم محمد ويوسف محمد وإبراهيم رضا وسهيل سالم وحمدون. - لم تعد دورات الخليج كما كانت عليه في أيامها الماضية، كالثمانينيات والتسعينيات، حيث كانت الألفة والمودة والفرح باللقاءات الأخوية، كانت بمثابة مهرجانات حقيقية للخليج بأجمعه، تجمع الرياضة بالفن والغناء بالأعمال المسرحية والأنشطة المدرسية، وبعض الألعاب المصاحبة، كانت هناك عِشرة ومرحبانية، وروح رياضية خليجية. - أيام دورات الخليج الأولى كانت هناك في البداية رياضة شبه بدائية، لكن جمهورها كان كبيراً، وفي غضون وقت قليل تطورت الرياضة من خلالها، فدفعت بمنتخبات خليجية أربعة للوصول لكأس العالم، وبدولة منظمة، ودولة أخرى ستنظمها في السنوات المقبلة، وهذا انتصار للرياضة الخليجية والعربية في العموم. - قبل الاستوديوهات التحليلية، التخريبية، ومصارعة المذيعين والمعلقين غير الرياضيين، كانت دورات الخليج تبدأ بابتسامة، وتنتهي بابتسامات. - دخول العراق الذي كان يلعب بطولة، وينسحب من الثانية، أضفى على دورة الخليج بعداً آخر، ومنافسة مختلفة، وحماسة…
الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤
من بواكير روائع الكاتب الكولومبي «غابرييل غارثيا ماركيز أو غابو كما يحب أن يناديه محبوه وأصدقاؤه 1927- 2014»، رواية «مائة عام من العزلة» أو بالإسبانية «Cien años de soledad» والتي كتبها «ماركيز» عام 1965 في المكسيك، وتتحدث عن كولومبيا، وظهرت عام 1967 في الأرجنتين، ثم ترجمت إلى ثلاثين لغة، وتعدت نسخ طباعاتها 30 مليون نسخة، نقلها إلى «العربية» الصديق الغائب «صالح علماني» المترجم الفلسطيني الذي ولد في حمص، وتوفي في بلنسيه، نال عنها كاتبها جائزة نوبل للأدب عام 1981، هذه الرواية التي بقيت حبيسة الكتب، لم يسمح «ماركيز» بظهورها على الشاشة، مثل بقية أعماله، فقد كان يعارض هذا الأمر، ولا يرضخ لأي إغراءات مادية، سبقتها إلى السينما أختها الصغرى الجميلة للغاية رواية «الحب في زمن الكوليرا El amor en los tiempos del cólera»، وقد ترجمها لـ«العربية» أيضاً المترجم «صالح علماني»، عام 2007، وجسد شخصية البطل فيها الممثل الإسباني الرائع والحائز جائزة الأوسكار عن تمثيله فيلم «لا وطن للعجائز No country for old men» «خافيير بارديم»، لكن الفيلم لم يرتقِ لجمال الرواية بعكس رواية «قصة موت معلن» ورواية «ليس لدى الكولونيل من يراسله» وهما من ترجمة «صالح علماني» أيضاً، لأنهما تحولتا لأفلام قوية للغاية فنياً وأدبياً. الحديث عن تلك الرواية العالمية «مائة عام من العُزلة» يتجدد الآن بعد عرضها كمسلسل من…
الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠٢٤
دمشق.. والمجد دمشق، دمشق.. وإن بكاك القلب، فأنت شطر القلب.. بل والقلب أنت.. دمشق والدمع يخضب قدميك، ولا دمع إلا لك، تاج العُرب، وعمائم العز أنت.. أبكيك وإن بكيت، فلا أبكي زمني ولا أهلي، ولا عرق خَيل الفتح، ولا سورة الفجر والنصر. ليت عيني ما رأت، ولا عشت وقتاً أشهد نحيب السيف اليعربي، ولا العمائم المسدلة على صدور بني أمية، ولا حدائق الياسمين المطوقة برماد الرصاص، ولا نطق الضاد الخرساء، يالضيعة تاريخ سطره العرب، دمشق وحين نقول دمشق يفز ما في الصدر وينكسر.. دمشق وإن بكت دمشق يئن الضلع الأعوج من وجع، ومن ألم، دمشق أين الليل والسهر والصدق والشعراء؟ أين الأصدقاء؟ ما برحوا يغنون ليلهم وليلاهم في دروب النجم وما هوى، أين السفر؟ لا الدروب موصلة، ولا النجم هادٍ، ولا القمر، تائهون على ضفاف الشط وبرد المهجر، غارقون في البحر، دمشق وإن قالت البيداء والفيحاء تلك كانت حاضرة، وهل غير دمشق هي الخبر، أحنّ لطيب الماء، وظل بردى، والعنب حين يعتصر.. دمشق وحين أبكيك، أبكي الشام وجُلَق وآرام، وعرب ذلهم عجم.. أبكي جرح قلب منفطر.. دمشق وإن طافت النوائب بِنَا فليل العجز ينهزم. ما أبعد الشُّقَّة، وزمن يطوي زمناً، ولا بقايا إلا خرائب الوقت، وما صنعت أيدينا من رجس، ومن دَنَس وكفر، ما أبعد دمشق التي علمتنا حروف الهجاء،…
الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠٢٤
لعلها من بشائر الخيرات في عامنا المنصرم، وجلال الأمنيات لعامنا المقبل، أن تحظى العين، تلك المدينة التي تتوسد التاريخ منذ قرابة 4000 عام، بأن يتولى مقاليد أمر شؤونها، وإدارتها، وبعد صدور الأمر السامي من رئيس دولتنا وقائدنا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبصفته حاكماً لأبوظبي، سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، الذي يعرف العين مثل كف يده، وتعرفه العين منذ ولادته، فهو خير صادف أهله، وفضل ومِنّة من الله بدوام عهده، فالعين دار الزين تستحق الكثير، ويمكنها أن تقدم الكثير، فأرض الولادات والخيرات لا يخيب نسلها، ولا يعيب بذرها. العين هذه المدينة التي عرفت تاريخياً بمسميات كثيرة ومختلفة عبر التاريخ الطويل، فقديم عهدها يعود إلى 300 عام قبل الميلاد، لكن تاريخها الموغل في القدم يعود إلى 4000 عام، حيث يعود أقدم وأهم أفلاجها التاريخية، كما هو مدرج في الإرث الإنساني والتراث الحضاري لليونسكو، إلى 3500 سنة، وهو من أقدم الأفلاج في العالم، وهو مبني بطريقة هندسية عالية الدقة، تصميماً وعملاً، وقد حضرت في أشعار العرب الأقدمين، وكانت معسكراً لجيوش الخلافة الراشدية في فترة حروب الردة، وهي نقطة تقاطع تجاري مع حضارة بلاد الرافدين، وبلاد فارس، وما الجرار الفخارية التي يحتضنها متحف العين إلا دليل الخير وغلال القمح والشعير، وقد نقل لنا الأولون أنها كانت تزرع البُر…
الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠٢٤
كم كان الأمس يوماً جليلاً بحضوره، وطيب مقامه، وتلك التغرودة المنبعثة من القلوب والحناجر في شف الوطن والقائد، ولعلها من الأمور الحميدة، والأشياء الجميلة التي تتكرر كل عام، وبالتوازي مع احتفالات الدولة بيومها الوطني، أن تقام مسيرة راجلة مرة في الطريق من قصر المنهل إلى قصر الحصن، ومرة في مهرجان الشيخ زايد للتراث في الوثبة، وربما في قادم الأيام تتكرر في أماكن مختلفة من الإمارات، فنراها في الفجيرة مثلاً، ومرة في أم القيوين، وأخرى في «سيح سديرة»، حيث شهد ذاك المكان أول انبثاق ضوء الوحدة والاتحاد والمسيرة الخيّرة لدولة الإمارات بين زايد وراشد، عليهما شآبيب الرحمة، وكثير المغفرة، أو من بيت الشيخ زايد القديم من قلب العين إلى قصر المقام حين توقفت الجماهير يوماً مناشدة وعازمة ومعاضدة للشيخ زايد رئيس الدولة بالعدول عن قراره، وعدم التنحي؛ لأنه القائد المؤسس، رجل الخير والبركة والمشروع الاتحادي الكبير، ومواصلة مسيرة الاتحاد الخيّرة، حلمه وحلم الناس، وأنه فوق كل الصعاب، ومذلل ما يعجز عنه الرجال، يومها ولأول مرة أشهد ترقرق الدمع في عيني ذلك الرجل التاريخي الاستثنائي، لقد كان ذاك الدمع جراء ما رأت عيناه مقدار الحب، وعظمة الود وصدق الرجال المتقاطرين من كل مكان في مسيرة تشبه مسيرة الاتحاد اليوم، كانت عفوية وصادقة انطلقت يومها ماشية من جامعة الإمارات للمقام. هذا اللقاء السنوي…
الأربعاء ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٤
تحظى الانتخابات الرئاسية الأميركية بزخم من المتابعات والتوقعات والتحليلات من مختلف جهات العالم، لأنها المؤثرة على من سيدير «البيت الأبيض»، مقر الرئيس الأميركي في واشنطن، الذي تحول بفضل ذاك الحريق القديم من اللون الرمادي إلى الأبيض، ثم ترسخ كواقع سياسي يعني إدارة شؤون بلدان كثيرة في العالم كون أميركا قوة عظمى أو كما أصبحت قطباً عالمياً وحيداً. طالما كانت المعركة الانتخابية الأميركية بين شعاري الحزبين العتيدين، الفيل والحمار، والتي لها قصة قديمة تزيد على القرن ضمن السباقات الماراثونية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، لكن، وبعيداً عن مصطلحي «صناعة الانتخابات»، و«صنع الرئيس» المستخدم في أميركا بالذات، يغيب سؤال عن المتابعين غير المتخصصين، والذين يعتبرون الانتخابات الأميركية بمثابة مباراة محتدمة الوطيس، وانحيازهم لأحد المرشحين من دون معرفة حتى برنامجه الانتخابي، من الذي يقرر فوز الرئيس الأميركي، هل هم أفراد الشعب؟ أم أن هناك مؤسسات مختلفة ومتعددة في المجتمع الأميركي هي التي تقود مثل تلك الحملات بطريقة غير مرئية لتشكل في النهاية رأي أغلبية ستنتخب المرشح الذي يأملون فيه خدمة مصالح أميركا العليا، وإبقاءها سيدة العالم، والقوة العظمى فيه؟ شخصياً أميل إلى عمل تلك المؤسسات التي لها طابع التفكير الأيديولوجي، والدراسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتعمقة، والتي تعمل كحكومة ظل متوارية عن الأنظار، غير أن تأثيرها في نسيج المجتمع الأميركي كبير، خاصة وأن المجتمع الأميركي…