الإثنين ٢٠ يونيو ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: فرضت طالبان النقاب على مقدمات البرامج التلفزيونية، ومنعتهم من الخروج كاشفات وجوههن، ولم يشكل هذا مفاجأة لأحد، فالأمر متوقع تماماً، لكن ثمة ما يدعو للتوقف عنده، قد لا يشكل مفاجأة أكثر منه خيبة أمل، هو حجم التأييد لهكذا أفعال ضمن مجتمعاتنا العربية، إذ يمكن قراءة التعليقات على الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي للمس آراء السادة المعلقين، حيث تم اعتبار الأمر نصراً للإسلام والمسلمين، و"عزاً" طالما طلبوه من الله تعالى لدينه. قد تتفهم وجود مناصرة لاضطهاد المرأة في مجتمعات مغلقة تعاني من التخلف بجميع أشكاله، إنما تحميل الإسلام أوزاراً كهذه آن له أن يتوقف، وآن للمرأة قبل الرجل معرفة أن الإسلام غير مسؤول عما تتعرض له، وإنما هي مجتمعات ذكورية تعاني من كل أنواع الاضطهاد، لتصب غضبها على الأضعف فيها، فتتلقى النساء الصفعة تلو الأخرى، دون أن تتجرأ على التمرد، إلا فيما ندر، لتعود وتصب هي الأخرى غضبها في أبنائها، منتجة جيلاً من المعنفين الذين سيمارسون مستقبلاً الاضطهاد على من أضعف منهم، في حلقة مفرغة لا نهاية لها. فإذا عدنا للإسلام كما جاء في التنزيل الحكيم، نجد أن الله تعالى اعتبر الحرية أساس الخلق، وهو سبحانه ميزنا عن الكائنات بنفخة الروح، من خلالها أصبحنا مسؤولين، نملك حرية الطاعة والمعصية، ليحاسبنا في اليوم الآخر، وإلا لما كان لحسابنا…
الأحد ٢٩ مايو ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: خلقنا الله مختلفين، أمماً متعددة، لسنا على شكل واحد ولا لون واحد ولا عقيدة واحدة، وقال لنا تعارفوا واختلفوا وتدافعوا ثم ستعودون إلي وسأحاسبكم وفق أعمالكم، معيار حسابي هو التقوى، لن أضيع مثقال ذرة من خير أو شر، بل سأضاعف الحسنة وأغفر لكم خطاياكم، وأرحمكم، كل ما عليكم أن تؤمنوا بي وتعملوا صالحاً. فمن تقرب إلي بالصلاة والدعاء سأزيد له من مكافآتي، فتقربوا إلي واذكروني في "صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً"، وهذا كتابه حاضراً بين أيدينا يمكننا التأكد من قوله تعالى بدقة. لكن بنظرة سريعة إلى تصرفاتنا وردود أفعالنا، نجد أننا كأمة محمد (ص) التي حملت راية "الإسلام"، نأبى قبول الآخر، ونعتبر أننا الوحيدون على حق، وكل ما عدانا على ضلال، ابتداءَ من النقاش حول آراء بسيطة، وصولاً إلى من يستحق الجنة ومن يستحق النار، بعنصرية مخبأة تحت ستار شفاف، لا يلبث أن يزاح عند أول ريح، فتظهر الصورة الصحيحة العدائية تجاه كل ما هو مختلف. ربما للموضوع حيثيات كثيرة، منها أننا لسنا الوحيدين كذلك، ولم يبادرنا الآخر بالمحبة لنبادله مثلها، ومنها أننا ندور في حلقة مفرغة من التخلف والتقوقع، الأول يولد الثاني وهكذا. إنما ما يدعو للمعالجة هو صغر الدائرة التي نتقوقع فيها، فنحن جاهزون للهجوم على بعضنا البعض، وما يلبث…
الأربعاء ١١ مايو ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: مضى رمضان ومضى العيد، أعادهما الله باليمن والبركة على العالمين. كان من الملفت هذا العام الأعداد الهائلة لمقيمي الصلاة في العواصم العربية، والأجنبية أحياناً، صلوات التروايح وصلاة العيد، سيما بعد تراجع القيود التي فرضها الوباء في السنتين الماضيتين. تقبل الله طاعتنا وطاعتكم، وحسن الظن به جل جلاله يفترض أنه لا بد سيتقبل من عبد امتنع عن الطعام والشراب وترفع عن الشهوات وأتاه راجياً المغفرة. إلا أن رجاء القبول يعني أن هناك احتمال ألا يتقبل منا عز وجل، الرحيم الرؤوف بعباده، ربما لعلمه ما في أنفسنا{وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ}، إذ ما نظهره قد يكون مختلفاً تماماً عما نضمره. ويبدو الأمر منطقياً حين نقرأ ونسمع ونرى كل يوم ما يحدث في مجتمعاتنا من سلوكيات لا تتفق مع كل ذاك التقى الذي يظهر في أداء الشعائر، رغم أنه لا يمكننا التعميم أن الأشخاص هم ذاتهم، إلا أن صور السيارات المتجمعة أمام أبواب المساجد، والمصلين الذين لم يتسع لهم المسجد فصلوا في الشارع، تعطي انطباعاً أن المجتمع عنوانه الفضيلة وألا بد لهذه الصلوات أن تنهى عن الفحشاء والمنكر بحد أدنى، بحيث تصبح الموبقات استثناء، وكل ما نراه في الأعمال التلفزيونية هو خيال في ذهن الكاتب لا انعكاس للواقع. رب سؤال يطرح نفسه هنا: ما هذا الفصام؟،…
الثلاثاء ١٩ أبريل ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: لفت نظري ما يقوله الراوي لفيلم وثائقي عن أميركا اللاتينية في القرن التاسع عشر، ضمن الحديث عن الظروف الاجتماعية، ما معناه أن سفر المرأة بمفردها في ذاك الزمان والمكان لم يكن مقبولاً، إلا إذا كانت المرأة سيئة السمعة، حيث وجود قطاع الطرق واللصوص يعد أمراً مألوفاً. ورغم اختلاف الأعراف بين مجتمع وآخر إلا أنها متشابهة نوعاً ما وتتبع للظروف المحيطة، وفيما أتاح تطور وسائل المواصلات والاتصالات، في عصرنا هذا، الكثير من السهولة في التنقل وحد كبير من الأمان، على الأقل بين المدن الرئيسية بشكل عام، باستطاعتنا تقدير ما كانت عليه الأحوال في القرن السابع الميلادي في شبه الجزيرة العربية، حيث يغدو من المحتم إصدار قانون "لا سفر للمرأة إلا مع محرم"، لدرء الأذى لا لثواب أو عقاب. وإذ تأخذ الأعراف شكل القوانين الرسمية أو الاجتماعية، فإنها تتبدل وفق اعتبارات متعددة، إذ غيّر انتشار وباء مميت الكثير من أعراف المجتمعات، ففرض قوانين وعادات جديدة، لعلها كانت أشد وضوحاً في المناسبات، السعيدة والحزينة على السواء، كذلك فإن الأعراف قبل الحروب ليست كما بعدها، وهكذا. وبنظرة خاطفة يمكننا ملاحظة المرونة التي تحلى بها الإسلام، مع اكتماله برسالة محمد (ص)، وما تميزت به تلك الرسالة من عالمية تضم تحت مظلتها الناس جميعاً، وخاتمية بحيث تصلح لمختلف الأزمان، اختصرها قوله…
السبت ٠٢ أبريل ٢٠٢٢
يشكل شهر رمضان بالنسبة لنا، نحن المسلمين المؤمنين، موسم له طابع خاص، يختلط فيه الاجتماعي مع الديني، حتى يطغى الأول على الثاني لدى معظمنا، ابتداءً من تبادل التهاني، إلى تبادل قوائم الطعام، إلى تبادل مواعيد المسلسلات، إلى تبادل الدعوات على الإفطار والسحور، ولا يمكننا نكران ما لهذا المهرجان من نكهة مميزة، تكاد تضاهي ما ننعم به من أطايب تصاحب هذا الشهر، حتى يخيل للمراقب أنه شهر الطعام لا شهر الصوم، ويفهم من ثم سر التحسر عليه عند وداعه. وفي خضم ضغط الأيام العادية، وما يعتريها من وباء تارة وحروب تارة أخرى، يصبح الترفيه مطلوباً لنبتعد قليلاً عن التوتر، لولا أن الكثيرين في بلداننا يعيشون تحت خط الفقر، ولا يكادون أن يحصلوا على قوت يومهم، والأهم من ذلك أن المناسبة ليس المقصود منها الترفيه والتسلية، وإنما على العكس تماماً، هي علاج روحي لكن عبر التقرب إلى الله من خلال الزهد وترويض النفس لتسمو على الغرائز وتسيطر عليها، ولذلك وعدنا عز وجل بالأجر والثواب على الإلتزام بها، بما تحمله من مشقة وعناء، وإلا لما جعل من الصيام عقوبة، فداء أو كفارة لمخالفات عدة. لكن ما حصل، ولا يمكنني التعميم هنا، إنما في أغلب الأحوال، أننا تربينا على اعتبار الصيام واجب، نؤديه كأي واجب اجتماعي، دون أن يؤدى الغرض منه، فيزيد الاستهلاك وكأننا…
الأربعاء ١٦ مارس ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: نفخ الله من روحه في البشر ليصبح آدم الإنسان، فميزه جل جلاله عن غيره من المخلوقات بروحه، بما تحمله هذه الروح من صفات جمعتها تلك النفخة، وكلما أراد هذا الكائن تفعيل الإنسانية في داخله عليه التحلي بصفات من أسماء الله الحسنى. وفي التنزيل الحكيم وردت مفردة "رحيم" مائة وخمسة عشر مرة، كإسم صفة لله جل وعلا، لا يسبقها من حيث عدد مرات التكرار سوى "عليم"، أما مفردة "رحمة" فقد وردت خمس وسبعين مرة، وجعل الله من رسالة محمد (ص) رحمة للعالمين، وذم أصحاب القلوب القاسية، وتوعدهم بالويل، بينما كتب على نفسه "الرحمة" فرجحها على العذاب، ووعد أن تتسع رحمته لكل شيء، ومن ثم تصبح الرحمة من أهم القيم المفترض تعزيزها في الأنفس، لمن يهمه الأمر. ولعلنا، نحن "المسلمين" رحماء كأفراد، لا نختلف عن غيرنا من الأمم، أما كمجتمعات فتحل القسوة مكان الرحمة، فيغدو الطغيان الاجتماعي جاهزاً ليكون سيفاً مسلطاً لا يقل إيلاماً عن غيره من أنواع الطغيان، خاصة بكونه يتداخل مع ذاك العقائدي، حيث تمددت الأعراف لتصبح ضمن المحرمات، والقصص المتوارثة أحيطت بها هالة من القدسية، يصعب كسرها، ومن ثم الويل كل الويل لمن تسوّل له نفسه الجرأة على قوانين المجتمع، أو حتى الاعتراض على أي من مسلماته. ورغم أن القصص القرآني كان حاضراً دائماً في…
الخميس ١٠ فبراير ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً}، يركض للتضرع إلى الله عند أي خطر يحدق به، يلهج لسانه بالدعاء أمام أي طامة توشك أن تصيبه، وسرعان ما يبدأ بالتذمر حينما لا يجد استجابة، أو لدى شعوره بعجز يحيط ظروف عيشه وعيش من حوله، وتتنوع حينئذ ردود الأفعال، بين مؤمن يتقبل "الابتلاء"، ومشكك يهمس "أين الله"؟ في خلطة غريبة عجيبة نافعة على ما يبدو في رمي المشاكل نحو العلي القدير، وتحميله جزء من المسؤولية أو كلها، فيصبح جل وعلا مسؤولاً عن كل ما يصيبنا، ويرتاح ضمير المصاب خاضعاً لمشيئة الله، ويرتاح ضمير من ساهم في إصابته في الآن ذاته، وبالتالي لا حساب ولا عقاب، وإن كان لا بد، فالحساب مرجىء إلى الآخرة، ثواباً أو عذاباً. وإن كان الله تعالى غني عن العالمين، ليس بحاجة لشهادة براءة من أحد، إلا أن العالمين بحاجة لتحمل وزر أعمالهم وعثراتهم، كي لا يقعوا فيها المرة تلو المرة، وآن الأوان لنقتنع بأن زمان المعجزات انتهى، وأن الله أعطى الإنسان العقل ليفكر ويتعلم، وأرسل له الأنبياء والمرسلين في فترة الحضانة كي يعينه على رؤية طريق الحق، وحين تأهل تركه ليضع قوانينه وتشريعاته مستنيراً بخطوط عريضة زوده بها، وقوانين كونية يفترض أنه استطاع معرفتها والإلمام فيها، وقوانين تاريخ استطاع التعلم منها. فقوانين الكون مثلاً تقول أن الجاذبية…
الثلاثاء ٢٥ يناير ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: ما كاد الطباخ الشاب المشهور المحبوب أن ينشرصورته مع زوجته، حتى انهالت التعليقات تحمل الشتائم والتوبيخ، يعده أصحابها بعدم متابعته من الآن فصاعداً، عقاباً له على كون زوجته "سافرة"، أو "سبور"، فقد خاب ظن الجماهير به، ولم يتوقعوا منه قلة الأخلاق تلك، وكال له بعضهم أقذع الوصف. وإذ أتاحت وسائل التواصل نوعاً جديداً من الإعلام، سهل الوصول إلى المتلقي، أتاحت أيضاً للناس التعليق، وإبداء رأيها بكل شاردة وواردة، وعلى ما يحمله هذا من إيجابيات، كشف في الآن ذاته مؤشرات عدة في مجتمعاتنا، تحتاج لدراسة خبراء يرصدون كم العدائية والعنف تجاه الآخر، مهما كان قريباً أو بعيداً، مماثلاً أو مختلفاً. وما يبدو غريباً هو مستوى الشتائم التي توجه من باب الدفاع عن الإسلام، إذ يمكنك على مضض قبول ذلك كلغة شارع موجودة في كل زمان ومكان، أما من "متدين"، فالأمر غير منطقي، إلا إذا فهمت الموضوع كمنظومة متكاملة قائمة على النفاق، ابتداءً باعتبار حجاب المرأة هو أهم رمز من رموز "مجتمع الفضيلة"، وطالما ان النساء محجبات فالأمور بخير، ويمكن لهذا المجتمع التغاضي حينها عن مقتل طفلة على يد زوجها، ويمكن له أن يتناسى كل ما يجري من عنف ضد النساء، الخيانة الزوجية وسفاح المحارم والاغتصاب، وقضايا التحرش في الجامعات والعمل، وحرمان الأمهات من أطفالهن، وأكل أموال إرث…
الإثنين ١٠ يناير ٢٠٢٢
خاص لـ هات بوست: حدث أن دعا طاغور ربه ببضعة أمنيات تحمل الكثير من التضرع والرجاء، يرجوها قلب صالح عامر بالإنسانية من رب كريم، وانتشر دعاؤه فيما بعد واشتهر ضمن الروائع والحكم، وكنت قد اجتزأت منه بضعة أسطر جعلتها دعائي لله جل وعلا في العام الجديد: "يا رب إذا جردتني من المال اترك لي الأمل، وإذا جردتني من النجاح اترك لي قوة العناد حتى أتغلب على الفشل، وإذا جردتني من نعمة الصحة اترك لي نعمة الإيمان. يا رب إذا أسأت إلى الناس أعطني شجاعة الاعتذار، وإذا أساء الناس إلي أعطني شجاعة العفو والغفران، يا رب إذا نسيتك لا تنساني" وأمام دعاء كهذا اخترت أن أدعو لطاغور بالسلام، فأرفقت "عليه السلام" باسمه، مما حدا بالأصدقاء لعتابي بشيء من الاستهجان، تدفعهم غيرتهم على الإسلام والرسل والأنبياء وآل البيت والصحابة، فمن هو طاغور ليجدر به نيل تلك العبارة؟ طاغور هو شاعر البنغال، قدم الكثير من القصائد الشعرية إضافة لمحاضرات وكتب في الفلسفة والدين والاجتماع، تعاطف مع البسطاء وقدم للعالم نتاجاً عامراً بالحب والإنسانية. هو لم يكن نبياً ولا رسولاً، على الأقل وفق ما نعرفه، لكنه كان رجلاً صالحاً على الأقل وفق ما نعرفه. بحثت في الفتاوى الشرعية عن مدى جواز قول "عليه السلام" لغير الأنبياء والرسل، فوجدت آراءً متعددة، بين "لا يجوز"، و"مكروه"،…
السبت ٢٥ ديسمبر ٢٠٢١
خاص لـ هات بوست: في منتصف الثمانينات من القرن الماضي كان الدكتور المهندس محمد شحرور أستاذاً مهيباً في جامعة دمشق، يغلب عليه طابع الجد، تتحول معه دروس هندسة ميكانيك التربة، إلى دروس في الفلسفة والأخلاق، لتخلص بعد فصل دراسي إلا أن القيم الإنسانية أكثر أهمية لدى هذا الأستاذ من أي أمر آخر. وبعد أعوام قليلة تجده يؤلف كتاباً يحدث أيما ضجة في دمشق، بعيداً كل البعد عن الهندسة وأحوالها، عنوانه "الكتاب والقرآن"، هاجمه القاصي والداني، وحرّم "مشايخ" الشام قراءته، كونه أشبه بالسحر، وفيه من "الكفر" ما تقشعر له الأبدان، وهذا كان كافياً ليتشجع كثير من أبناء جيلي على قراءته. عن نفسي وجدته كتاباً صعباً، يكسر القوالب المعتادة، وأولها أن كتاب الله لا يحتاج لفهم خارج عن شرح المفردات الموجود في الحواشي، بل يمكن لي ولغيري أن نسعى لفهمه، بل واجب علينا، لا أن نتلوه كطلاسم وألغاز. ثم أن الدين يجب أن يتفق مع العقل، ولا يتعارض معه، وكنت كأقراني قد اعتدنا على قبول كل ما قيل لنا على أنه الإسلام، كمسلمات غير قابلة للنقاش. ورغم أن الضجة التي أثارها الكتاب تمركزت في جلّها على موضوع لباس المرأة، فأشيع عنه أنه يروج للتعري، إلا أن ما استوقفني هوموضوعان: القضاء والقدر من جهة، إذ لطالما أخفيت تساؤلات لم أجرؤ على التصريح بها،…
الجمعة ١٠ ديسمبر ٢٠٢١
خاص لـ هات بوست: يحكى أن "داعش"، لا وجه الله لها خيراً، لم تقتل المسيحيين في المناطق التي أقامت فيها دولتها قبل سنوات، في سوريا والعراق، بل خيرتهم بين دفع الجزية أو الرحيل، ومن ثم القتل إن رفضوا أحد الحلين، فيما قتل شاب داعشي أمه المسلمة بتهمة الارتداد كونها دعته للهرب وترك داعش، كذلك تحدثت حينها الأخبار عن قتل تارك الصلاة، ورجم الزانية حتى الموت، وقتل المثلي بإلقائه من علٍ، والجرائم متنوعة وكثيرة، نحن في غنى عن ذكرها وتذكرها. وفيما تعالت وما زالت أصوات الاستنكار من الحكومات ومعظم الهيئات الدينية لتلك الأفعال، ورغم الدعوات للقضاء على هكذا حركات تفتعل الفظائع باسم الإسلام، إلا أننا على ما يبدو عالقون في المبادىء ذاتها. وإذ جاءت الرسالة المحمدية لتخلص الملل المختلفة من الشدة، وترفع عن الناس الإصر والأغلال، وتتوج الرحمة كعنوان للإسلام، أصر الفقه عبر العصور استقاء الأحكام من الشرائع السابقة، ضارباً عرض الحائط بكل ما حمله التنزيل الحكيم من رأفة بالعباد ورحمة للعالمين، أنى كانوا، وللأسف اعتمدت أغلب التشريعات على هذا الفقه، حتى لو لم تطبقه بحذافيره. والقارىء لكتاب الله لا يخفى عليه ألّا قتل للمرتد ولا لتارك الصلاة، ولا رجم للزاني أو الزانية ولا قتل للمثلي أو المثلية، وأن الشريعة فيه حدودية وليست حدية، ومع ذلك فإن حدودها العليا لا تصل…
الثلاثاء ١٦ نوفمبر ٢٠٢١
خاص لـ هات بوست: اشتكت إمرأة في إحدى الدول العربية على زوجها الذي مارس عليها عنفاً شديداً، وصل إلى حد طعنها بالسكين، ثم نقلت الشكوى، تطلب النصح، إلى شيخ معروف وأحد أساتذة الشريعة في جامعة مشهورة، له برنامج على إحدى المحطات، ولم يتوان الشيخ عن وصف شكواها بالمبالغة، "على عادة النساء"، ورأى أنها لا بد قد استفزت زوجها حتى اضطر لفعل ما فعله، ثم لا حل أمامها إلا أن تقبل بوضعها وتتذكر حسناته. قد يبدو الأمر مفهوماً من "شيخ" نشأ على اعتبار المرأة هي الشر على هذه الأرض، ابتداء من التفاحة والطرد من الجنة، مروراً بأغلب المعاصي، انتهاءً بالنار التي أغلب سكانها من النساء، أو أغلب النساء سكانها، معلقات من شعورهن وأثدائهن، مع كل ما في الطريق من موروث محمل بحكايات تحالف المرأة مع الشيطان لغواية الرجل، السيد المبجل الذي هيأ الله له كل أسباب المتعة، وأهمها هذا الكائن الأقل منه شأناً، والناقص عقل ودين، لكنه حامل الفتنة، ولا بأس إن ترفق به أحياناً، لكنه يحتاج لتأديب بين آنٍ وآخر، كي يبقى ليناً طيعاً، وإلا فهو ملكه يفعل به ما يشاء. نعم لا غرابة في طلب الشيخ من المرأة السكوت، والعودة لطاعة زوجها، ليس من قبيل الحفاظ على الأسرة، بل لأنه وجد الوضع طبيعياً، أن تضرب وتطعن وتهان، فلا ضير،…