رنا زكار
رنا زكار
باحثة سورية

لكل مناسبة أحاديثها

الإثنين ٢٦ يوليو ٢٠٢١

خاص لـ هات بوست:  تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في البلدان التي تمر بأزمة اقتصادية طرفة على شكل حديث "من أعطى أخاه المؤمن غالون بنزين في الدنيا أعطاه الله محطة في الآخرة"، ولا يحتاج المرء لمن يشرح له أنها لا تعدو كونها مزاحاً لا أكثر، إذ تنافي المنطق بمحتواها. لكن المقياس في الرفض والقبول لم يكن دائماً منطقياً، ولو أن "البنزين" كان لازماً قبل ألف سنة، ولو وُجدت محطاته حينها، ربما لقرأنا اليوم حديثاً مسنداً لفلان عن فلان، يفيد المعنى ذاته، ولأصبح رفضه أو التشكيك به مدعاة للتشكيك بمدى إيمانك وحتى إسلامك، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، كحديث سجود الشمس عند العرش، أو زواج الرسول (ص) من السيدة عائشة وهي في سن التاسعة، بينما تثبت أحداث التاريخ أن عمرها آنذاك ثمانية عشر. ويبدو أن الحاجة دائماً أم الاختراع، حتى في تلك الصنعة، فواضعو الأحاديث لم يجلبوا أفكارهم من خارج المحيط، وإنما مما تطلبته مجتمعاتهم وظروفها، في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى العلمية، لكن الطامة تكمن في نسب الأقاويل إلى الرسول (ص) أولاً، ثم الطامة الكبرى في تكريسها لتصبح مصدر تشريع، وتنسخ ما جاء في كتاب الله في مواضع كثيرة، ولنا في الوصية مثال شديد الوضوح، ففي حين أكد الله تعالى على أهميتها قبل توزيع أي إرث، وخصص لها آية (البقرة…

المرأة بين الواقع والنص المقدس

الخميس ٠٨ يوليو ٢٠٢١

ما كادت أن تمضي أيام على انشغالنا، معشر النساء، بقضية ضرب المرأة وأسبابه وتوابعه، ما بين مستهجن وشامت، ومن يدافع عنها ومن يحملها وزر ما تتعرض له، إلا وأتحفنا بقصة أخرى، وهي مقتل طفلة في الحسكة السورية على يد أحد عشر رجل من أقربائها، بما فيهم أخيها وأبيها، بذريعة "الشرف"، حيث لم ترض الفتاة الصغيرة الزواج من ابن عمها، فتم قتلها غسلاً للعار. ليصبح الضرب ترفاً أمام القتل. وفيما ينشغل العالم بالوباء ودوائه ولقاحه وعلاجه، وبالمشاكل الاقتصادية التي خلفها، نجد أنفسنا أمام مجتمعات تتقهقر إلى الخلف، تحتاج إلى إعادة تأهيل على أصعدة مختلفة، وكأن العجز الذي تعاني منه يتجلى اضطهاداً للحلقة الأضعف، وهي النساء. ورغم أن العنف ضد المرأة يشكل ظاهرة عالمية، إلا أن مجتمعاتنا تحتل النسب الأعلى في هذا المجال، ونحن نملك من العوامل ما يؤهلنا لكسب السباق، إذ لا زالت المرأة تنظر لنفسها باعتبارها ضلع قاصر، وهي ملك لذكور العائلة سواء أب أم أخ أم زوج، كأي متاع من مقتنياتهم، وبالتالي ليست مؤهلة للتحكم بزمام أمورها، ولا المطالبة بحقوقها، وإن حدث وتمردت على هذه القاعدة فسيجري تأديبها، وتستحق حينها ما تناله، وقد تشعر النساء الأخريات بالتعاطف معها، لكن لن يمتلكن الجرأة للتصريح بذلك، فالمجتمع لهن بالمرصاد. ورب قائل أن هذا الكلام يحمل الكثير من المبالغة، فالمرأة في مجتمعاتنا…