الأربعاء ٢٩ أغسطس ٢٠١٢
أخبرني أحدهم أن مساعده، من سيريلانكا، لا يتجاوز راتبه خمسة آلاف ريال. قال إن مساعده استطاع بناء بيت العمر من تحويلاته لبلاده. راتب صاحبنا خمسة أضعاف راتب مساعده. ومع ذلك مازال يقيم في منزل بالإيجار. يولد المرء منا ويموت وعيناه معلقة على الحلم الكبير: البيت! كم أغتاظ من شركة سعودية أرباحها السنوية، وربع السنوية، بمئات الملايين. ثم لا تراعي الفوارق في أنماط الحياة بين موظفها السعودي والآخر الأجنبي. فما تشتريه بألف في بعض البلدان الآسيوية قد تشتريه بعشرة آلاف في المملكة. لكنه خطأ أن ننتظر القطاع الخاص أن يبادر بنفسه بزيادة رواتب موظفيه السعوديين. فما لم تكن ثمة قوانين تنظم عملية الأجور في شركات القطاع الخاص فسيبقى هذا القطاع يبحث عن العمالة الرخيصة. وسيتمادى في رفع رواتب أهل “العيون الزرق”. وبين هذا وذاك ضاع الشاب السعودي الذي يحمل همّ امتلاك البيت منذ الولادة حتى الممات! فكرة “المسؤولية الاجتماعية” لدى القطاع الخاص ليست فكرة نبيلة تتبناها الشركات الخاصة من طوع ذاتها،…
الثلاثاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٢
• كلما ولدت قصّة سيجلس على قارعة إحدى طرقاتها شيخٌ أحدب، اسمه "ما لا يقال".. نعم، في كل قصة سيسحب هذا الـ "ما لا يقال" جذعاً على هيئة كرسي، ثم يشرع في الهمهمة بلا توقف، بينما الناس في كل قصةٍ يمرّون من جواره، وينظرون إليه بتعجبٍ وشفقة، وربما توشوش اثنان ما بينهما؛ "يا لهذا الكهل المجنون"، أما أقل القليلين في سائر القصص، فهم أؤلئك الذين ينصتون إليه، ويفكرون في الجحيم التي تلوّت فيها عظامه حتى انتهى به المطاف إلى هذا الجذع، وتلك القارعة.. وكيف صار هذا الكهل شبحاً شاحباً من قصّةٍ إلى قصّة! • همهم "ما لا يُقال" مرةً، وفي قصةٍ معتادة، وهو جالسٌ على هيئة ملامة فقال؛ إنني مزعوجٌ من تفاقم المحتالين لهذا الحد! إنهم مهما عرفوا كيف تتشكل المصائر، فإنهم لا يشيرون لأحدٍ ناحية الأمام، بل يترامون التائهين فيما بينهم ليشغلوهم عن الحقيقة، وليغرقوهم في وديانٍ مشجّرةٍ بالوهم الذي يلبس العباءات التي تعبق بالدهون والأطياب، العباءات نفسها!. •…
الثلاثاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٢
ينطوي عنوان هذه المقالة على موضوع واسع، وقابل لأن يتشعب إلى مسائل وإشكاليات كثيرة ومتداخلة منها ما يتعلق بالدين والعقيدة، وبالتاريخ والسياسة والاجتماع. ومنها قبل ذلك وبعده ما يتعلق بمسألة المنهج، المعنية بالعلاقة بين الشريعة والأمة من ناحية، وبين سيادة الأمة وتطبيق الشريعة من ناحية أخرى، واختلاف شكل هذه العلاقة وطبيعتها تبعاً للمرحلة التاريخية التي تتشكل في إطارها. وأخيراً دلالة كل من تطبيق الشريعة وسيادة الأمة في إطار هذه العلاقة من مرحلة تاريخية لأخرى. وحتى لا يتشعب بنا الموضوع سيكون هذا الجانب المنهجي هو محور مقالة هذا الأسبوع. السؤال الأساس الذي يفرض نفسه مباشرة: ما الذي يميز مفهوم الشريعة عن مفهوم الأمة؟ يأتي في مقدم ذلك، أن الشريعة في معناها الأصلي معطى إلهي، في حين أن الأمة معطى بشري. كيف ينبغي أن تكون العلاقة بين الاثنين؟ ما الذي يحصل للنصوص الشرعية، التي في أصلها إلهية المصدر، عندما تصبح في أيدي البشر، وتخضع لآليات بشرية مثل الإدراك، والذاكرة، والتفسير، والهوى، والمصلحة؟…
الثلاثاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٢
يظنها البعض نقيصة إن تغيّرالمرء. و يظنها البعض ميّزة إن لم يتغيّرالمرء. و من منا لا يتغيّر؟ والأهم، من قال إن التغيير في الفكر و التوجّه والموقف نقطة ضعف تحسب على المرء؟ في مجالسنا، تسمع من يصف شخصاً بأنه “رجل لم يتغيّر منذ عقود”! و كم مرة تأتيني رسالة يتساءل صاحبها: لماذا تغيّرت؟ و حينما يسافر بعضنا و يعيش تجارب مختلفة في الاغتراب لا بد أن يتغيّر. و من لا يتغيّر، في معارفه و تفكيره و علاقاته و نظرته لنفسه و للحياة، فإنما جسد يتحرك عبر السنوات بلا نمو و لا تطور. والحجر، وهو الحجر، لو نقلته من بيئة لبيئة مختلفة لتأثر بمناخات المكان الجديد ثم تغيّر. و الذين يظنون أن الناس لا تتغير، مع الوقت، أنصحهم بالبحث عن صورهم القديمة ثم يتأملون في المرآة! الثابت في القناعات يكون – غالباً – في المسائل المقدسة. لكن المفاهيم والآراء و العلاقات و المصالح هي متحولة وفقاً للتجارب والظروف. فما كنت تراه خطأً…
الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢
الجدل الذي طرحه مسلسل عمر قبل عرضه ليس أهم من الجدل الذي أحدثه، فمعارضوه لم يكن في أيديهم غير اعتراض واحد هشّ، يقول بعدم جواز تمثيل الصحابة، وقد أفادتنا هذه المعارضة بأن كشفت لنا أن شيخاً جليلاً مثل الشيخ عبدالرحمن بن سعدي -رحمه الله- قد أجاز تمثيل الصحابة، وأكد إثر مشاهدته مسرحية طلابية في معسكر شبابي على أن تمثيل قصصهم ومآثرهم أقوى من كل المواعظ والخطب. لكن، ما الجديد الذي جاء به «مسلسل عمر» وما كنا نعرفه؟ الدكتور وليد سيف (كاتب العمل)، الذي غاص في التراث الإسلامي، لم يكن جديده قصصاً لا نعرفها، فكل ما شاهدناه درسناه في كتب الحديث والفقه والتاريخ الإسلامي، وسمعناه في الإذاعة وقرأناه في الكتب، لكن قدرة وليد سيف تجلت في خلق حوار درامي يكاد من لذته أن يعادل قطعة من مسرح شكسبيري، وقد تألقت لغته وحواراته ورسمه للشخصيات، حتى أصبحت متعة سمعية وفكرية تَمَكَّنَ المخرج حاتم علي من تحويلها متعة بصرية تضاهي متعة العرض السينمائي.…
الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢
مؤتمر دول عدم الانحياز في طهران احتفالية تهم الحكومة الإيرانية، التي تعتقد أنها في حاجة إلى ترميم صورتها أمام العالم، وبالدرجة الأهم أمام المواطن الإيراني الذي شهد ثلاث سنوات شوهت سمعة الرئيس والمرشد والقوى السياسية بشكل لم يحدث لهم مثله منذ قيام الثورة في عام 1979. الشائع أن أحمدي نجاد فاز رئاسيا بالتزوير، وكشف النظام عن وحشية في معاملته لأتباعه الذين تظاهروا سلميا مع فريق من النظام مثل موسوي. ولاحقا، شاهد الإيرانيون نظامهم متورطا في دعم النظام السوري الذي ملأت الشاشات جرائمه ومجازره، والآن مشروعه النووي صار يقاسم المواطن العادي ثمن خبزه ووقود سيارته وهو الذي لن يستفيد منه في نهاية المطاف. لمؤتمر دول عدم الانحياز نافذة مهمة، مع أن المنظمة ذاتها لم تعد ذات قيمة منذ عقود، إنما هي فرصة لطمأنة المواطن القلق من الحصار وتصريحات الحرب والضرب من إسرائيل والغرب. والمواطن الإيراني بلغ مرحلة من النضج، والملل أيضا، بحيث لم يعد فعلا يبالي كثيرا بالقضايا التي يرفعها النظام…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢
تحدثت الأسبوع الماضي عن متعلقات الحاكمة الهندية البيجوم نواب إسكندر والمناضل الأمريكي مايكل إكس، ومذكراتها عن الحج التي عرضت في معرض الحج قلب الإسلام، الذي أقيم بنجاح باهر في المتحف البريطاني قبل أشهر عدة. كانت هناك مذكرات أو يوميات أخرى في المعرض، لشابة بريطانية من أصل هندي، صاغت مشاعرها لحظة بلحظة في رحلة الحج الكفيلة بهز المسلم وإعادة تركيبه من جديد، شاركت تلك الشابة في برنامج تلفزيوني سجل رحلتها، ولكن هي الأخرى سجلتها في دفتر صغير بعبارات جميلة. يجب أن نفعل ذلك، في الحج أو العمرة، هناك من سجل انطباعه الأول لحظة رأى الكعبة الشريفة لأول مرة، ابحث عنهم في جوجل، نحن الآن نودّع شهر رمضان، وبين رمضان والكعبة علاقة، كثيرون يفطرون بينما يرقبون الكعبة والحرم في تلفزيونهم، سعداء الحظ من يعتمرون في رمضان، وأول العمرة الطواف، تتقدم نحو صحن الحرم، تمضي وسط الحشود من حولك، لا ترى غير ظهورهم وتسمع تسبيحهم، لو جلت بعينيك لا ترى غير الأعمدة، في…
الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢
فكرة الاستقالة من الوظيفة عند البعض منا مرتبطة غالباً بمشكلة. فما أن يستقيل مسؤول، صغيراً كان أو كبيراً، حتى يبدأ من حوله في السؤال: لماذا استقال؟ فالموظف -وفقاً لثقافتنا- لا يستقيل. فهو إما يُرفع لدرجة أعلى أو يقاعد (بناء على طلبة) أو يفصل. أما أن يبحث عن فرصة أخرى أو يكتشف أنه في المكان الخطأ أو يصيبه الملل ثم يستقيل فهذا أقرب للمستحيل. وما أن يستقيل أحدنا بحثاً عن فرصة أفضل أو لخوض تجربة جديدة حتى تدور حوله الأسئلة: كم سرق؟ هل طُرد من الوظيفة لأن «المعزب» غاضب منه؟ هل يُهيأ لمنصب أعلى؟ الوظيفة عند بعضنا -ناهيك عن المناصب الكبرى- مثل سجن لا تخرج منه إلا للمقبرة، بعد عمر طويل. وبعضهم تصل ثروته لعشرات الملايين، بالحق أو بالباطل، وهو متشبث بالوظيفة حتى آخر رمق! ولكن ماذا عن الإنسان الذي يتوق دوماً للتجديد والتغيير؟ أعرف صديقاً يحدد مدة وظيفته الجديدة بأربع سنوات على أكثر تقدير، لا يخاف المغامرة، مقتنع أن قدرته على…
الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢
كنتُ من المشجعين لعرض مسلسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بل وقلتها صراحة في أحد التصريحات الصحفية أن من يعارضونه لا يفهمون معنى الدراما ولا دورها في تنوير الوعي، وهم بذلك يكرسون التخلف والتأخر، ولا أقول ذلك اعتباطا بل لكوني دارسة لمفهوم الدراما في رسالة الماجستير، وأحسب أن السبب الحقيقي خلف معارضة بعض المتشددين ومطالبتهم بمقاطعة المسلسل لم يكن بحجة تحريم تجسيد الصحابة، بل خوفهم من إظهار خداعهم وتضليلهم للوعي بتشدد آرائهم ووصايتهم على العقول، فما ينادون به من مواقف تتنافى تماما مع سيرة سيدنا عمر. لقد كان ـ رضي الله عنه ـ يحترم المرأة ووعيها ورأيها، وقال: "أصابت امرأة وأخطأ عمر"؛ بل وجعلها عاملة تقوم على مراقبة السوق والتجار ومعاقبة الغشاشين منهم، حين وجد منها الكفاءة لذلك؛ وأوصلها بمثابة وزيرة ترأس ديوان الحسبة وهي "الشفاء بنت عبدالله"، كما كان موقفه صارما من المنافقين والمتاجرين بالدين، فهو القائل: "لا يكون الرجل عالما حتى لا يحسد من فوقه، ولا يحقر…
الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢
حمزة كاشغري شاب سعودي صغير، من عائلة معروفة في الحجاز بتدينها وحبها لأعمال الخير، وقامت والدته بتربيته على الخير وحضور حلقات القرآن الكريم، ولم تدر المسكينة أنّ ابنها سيكون أحد ضحايا آلات العصر الحديثة، بل ضحيّة أمّة تنكَّر بعض أهلها لدينهم وأمجادهم، وجهلوا حقيقة الإسلام التي حثّت الأجيال الإسلامية الأولى على العلم والأبحاث والمخترعات، وكانوا أسياد العلم لقرون طويلة، وليس لهم دافع إلا دينهم وحب رسولهم صلى الله عليه وسلم، فأناروا الدنيا باكتشافاتهم التي قامت عليها كل مخترعات العصر الحديث، ثم لمّا ابتعد المسلمون عن جوهر دينهم وروحه التي خُلقت لقيادة الناس وهدايتهم، سقطت مراتبهم من علٍ، وهووا في قاع سحيق من الجهل والذلّ، فتلقّف الغرب كلَّ ما سطّره علماؤنا في شتى العلوم، وترجموه ونقّحوه، وبنوا عليها علومهم، أما نحن فتركونا نهوي إلى المجهول، ولم يكتفوا بذلك، بل غزوا بلادنا، وقضوا على كل أحلامنا لكي لا تقوم لنا قائمة بعد ذلك، وأرادوا أن نبقى أبعد الخلق عن الفهم الحقيقي لديننا…
الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢
بملامح يعلوها جليد من التبلد واللامبالاة ونوع من الغلظة، قال الشاب خلف مكتب الهجرة بالمطار حين وصل دوري لختم جواز سفري قادمة لحضن بلادي: تعالي! حينها تسارع تدفق الدم في عروقي بسرعة فائقة، وتسارعت دقات قلبي، وتزايد نبضي واحتقان وجهي، وربكة أطرافي، أسلوبه كان مفاجئاً ليس لأني لا أستحق مثل تلك المعاملة، بل لأن بلادي لا تستحق تعاملًا كهذا في واجهة منافذها، وهي التي تستقبل كل ضيوفها. تصرف يحمل طاقة سلبية يبعثها مثل هذا "الاستقبال" خاصة من موظفين من أبنائها الشباب الذين يعملون في الجوازات، والذين أغلبهم في مقتبل العمر والنشاط والحيوية، ويفترض فيهم التطلع نحو الأمل وحب الحياة وتقديم صورة تعكس الواجهة الحضارية لوطننا. حين تبدأ صباحك بابتسامة، وبالتواصل مع من تحب، يصبح يومك كما تحب، فقلوبنا بحاجة دوماً لقلب يحيط بنا وكفه وابتسامته التي تستدعيها ابتسامتنا في وجهه، ولا يمكن أن يعيش الإنسان وحيداً، وهو الاجتماعي بطبعه، ولا يكسب قلوب من حوله إلا بتلك الرسالة التي تبعثها "الساحرة"…
الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢
من يصنع الظالم ؟ تبادر إلى ذهني هذا السؤال و قد جمعتنا صلاة جماعة أنا و صديقي مع مديره الذي يشتكي الجميع من أخلاقه و ظلمه , و رغم هذه الصفات السيئة كان حريصا على أداء صلاته في المسجد بصفه يوميه , بالإضافة إلى نصح و نقد المقصرين عن أداء الصلاة في أوقاتها , وودت حينها مناقشته في العلاقة مابين السلوك السيئ و العبادة , لكن صديقي منعني خوفا علي و على منصبه . الأخلاق ليست في دور العبادة فقط ! و العدل ليس فقط عند الزواج بأكثر من واحده, العمل المهني و الإداري يتطلب أخلاقيات حقيقة خالصة غيرة مشوه لا تتغير بتغير الظروف و المناسبات. المدير الصادق و العادل في المسجد أو في البيت لابد أن يكون صادقا و عادلا أيضا في مجال عمله و مع الموظفين. ألأقنعة التي يلبسها البعض في مجال العمل الإداري, لابد أن تتساقط يوما و ينكشف معها الوجه الحقيقي للفرد. هذا التناقض يبرز في…