الأربعاء ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٠
أرى في صديقي الأستاذ فرحان الشمري، نموذجاً صادقاً للسعودية الجديدة، التي تتحرَّك بخطى واثقة، نحو حداثة لا تُنكر الماضي ولا تخجل منه. يعيش فرحان في مدينة الجبيل الصناعية، حيث يتعامل يومياً مع سعوديين من مناطق مختلفة، ومع وافدين جاءوا من كل بلد تقريباً على امتداد الكرة الأرضية. في الجبيل لا يرى هذا الصديق الأغنام التي كانت محور انشغالاته في الماضي، بل يرى المصانع والمحركات وتمظهرات التقنية الحديثة. تنوع البشر الذين يراهم كلَّ يوم، يدعوه للتفكير في مكانه وسط مدينة من هذا النوع، والمحركات التي يسمع ضجيجها كل يوم تدعوه للتأمل في نمط اقتصاد على هذه الشاكلة. إذا رأيت فرحان للمرة الأولى، فسوف يشدُّ انتباهَك ذقنُه الطويل الأشيب، الذي يظنُّه الناظر علامة على التمسك بتقاليد السلف وعاداتهم ومظهرهم. والحق أنَّ الشمري يحمل هوية مركبة، فهو بدوي - حضري، سلفي - متجدد، يحترم التقاليد، لكنه يعيش ويفكر في سياق أقرب إلى الحداثة. لم ينسَ ذكريات القرية الواقعة على حافة الصحراء. لكنَّه أيضاً…
الثلاثاء ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٠
غداً فصل جديد تكتب حروفه الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية، وهي تعيش أكثر لحظاتها بريقاً بفضل مخرجات «رؤية 2030»، وتجاوز أكثر أزمات المنطقة والعالم من «كورونا» إلى الاستقطاب السياسي إلى التحديات الاقتصادية، وصولاً إلى انكفاء الدول الإقليمية باتجاه معاكس لمنطق الدولة. ملالي طهران وحزب الأزمات وحلفاؤهم من جهة ومشروع إردوغان التوسعي للهيمنة في المنطقة، وجنوح قطر إلى رعاية المعارضات والتنظيمات المتطرفة، وتغليب صوت التأزيم عبر الاستثمار في الإسلام السياسي وتنظيماته كل هذه المشاريع يجمعها رابط واحد وهو معاندة التاريخ والجغرافيا والمستقبل واللحظة الراهنة الكل بما لديه من آيديولوجيات لا تخدم مفهوم الوطن ومنطق الدولة، بما يعنيه من فضيلة الاستقرار والاهتمام بالاستثمار في المواطن، والانتقال إلى متطلبات العصر الجديد الذي تفرضه التحولات العالمية والتي جاءت رؤية قائد التغيير وملهم الأجيال الشابة الجديدة ولي العهد السعودي، الذي لم يكتف بتدشين رؤية جريئة وشاملة، لكنه أيضاً لم يتردد في القطيعة مع خطاب التطرف، وأي محاولة لاختطاف منطق الدولة من الداخل أو الخارج،…
الثلاثاء ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٠
دروس انتشار فيروس كورونا لا حصر لها في كل مجالات الحياة، دخل الفيروس وأعطانا دروساً للحاضر والمستقبل، والذكي هو من يستخلص هذه الدروس والعبر، ويصنع منها خارطة طريق نجاح للمستقبل، تحميه من الوقوع في أخطاء مرحلة ما قبل «كورونا»، وتساعده على تجاوز جميع التحديات، في حال ظهور فيروسات أخرى.. على المديين المتوسط أو البعيد. ولعل من أهم الدروس، التي لقّننا إياها فيروس كورونا، أن مقولة: «الوقاية خير من العلاج» ليست مجرد جملة عابرة، نرددها من دون أن نعمل أو نقتنع بها، بل هي أساس الصحة والعافية، وهي بداية كل الخطوات العلاجية، ولعل ذلك ظهر بكل وضوح عند ارتفاع حدة انتشار «كورونا»، إذ لم يكن هناك أي حل لمكافحته سوى بوقاية النفس منه بتقوية الجهاز المناعي، أو بتكثيف الإجراءات الاحترازية، ولم يكن هناك علاج يُذكر. هي مشكلتنا منذ البداية، تتكرر عبر الزمن، وهي مشكلتنا ذاتها مع الأمراض المزمنة التي تزداد انتشاراً، وتؤدي إلى خسائر بشرية، وخسائر مادية كبيرة قد لا تكون…
الثلاثاء ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٠
رحل بلا استئذان وبلا إنذار، ففقدت «البيان» فجأة أيقونة من أيقونات التميز فيها، وما أكثرها، لكن الزميل المرحوم عبد الحي محمد الذي اختاره الله إلى جواره بالأمس، كان له أداء خاص ومختلف، جعل منه قدوة مهنية للزملاء، ليس في «البيان» فقط بل في الساحة الإعلامية المحلية التي خدم فيها لنحو 25 عاماً. غيابه، ورحيله، خسارة أكيدة لأسرته الصغيرة، لكنه في الوقت نفسه خسارة لأسرته المهنية «البيان» على المستويين الإنساني والمهني، فخطفه الموت من بيننا، صديقاً وأخاً وصحفياً لامعاً، طالما تميزت «البيان» دوماً بتميزه المهني، حتى سقط على بلاط صاحبة الجلالة حاملاً قلمه حتى اللحظة الأخيرة، كاتباً نهاية المشوار. مع صدمة المفاجأة، غابت الكلمات، مثلما غابت مع رحيل زملاء سبقوه وسبقونا، إلى دار الحق، لكن ورغم ألم الفراق، فحين نسترجع شريط الذكريات، فإن عبد الحي وأمثاله، يمنحوننا وكل الزملاء القدوة والنموذج في العطاء والنقاء والانتماء والاندفاع نحو العمل بالأفكار والمجهود، حيث كان دائماً شعلة نشاط وعمل وتميز، أثارت إعجاب كل من…
الثلاثاء ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٠
يبدو أن البعض من بني العروبة أدمن على الكذب، بل وصار الكذب حليب المراضع الصناعية، لأناس فقدوا أمومة الحقيقة، وصاروا يلهثون وراء كل ما هو وهمي، وكل ما هو خرافة. لقد تابعنا باهتمام بالغ ما رغت به إبل الشعارات الصفراء، وما ثغت به الأيديولوجيات المريضة، واستمعنا إلى كلام أشبه بالقيء، وأحاديث أقرب إلى الغثيان، والكل منهم يضرب على صدره، بعنفوان التاريخ الذي لوّن حياتهم بحجب السواد، ومرّغ أفكارهم بحثالة القهوة الباردة. هؤلاء يتباكون على القضية الفلسطينية، ويندبون كما تفعل الأرامل، والثكالى، ولكن لنسأل هؤلاء (الأشراف): لقد احتلت إسرائيل الأرض الفلسطينية، منذ الألف وتسعمئة وثمانٍ وأربعين، والعالم العربي من مشرقه إلى مغربه يندد، ويشجب، ويستنكر هذا الاحتلال، ولم ندع كلمة شتم، وسب في القاموس العربي إلا واستدعيناها، وأيقظناها، وطلبنا منها أن تعيننا على هزيمة إسرائيل، وكل ذلك لم يجدِ، ولم تحرك إسرائيل ساكناً، بل على العكس من ذلك، فهي تتمدد، لا تتحدد، وتهدد، وتتوعد، وتنتصر في حروبها، والبعض منّا لم يزل…
الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠
عادةً ما يعتقد الإنسان بسبب كل التطور الذي وصلته البشرية في شتى أنواع المعارف والعلوم أنه امتلك الحقيقة، فقد مكنته العلوم من الوصول إلى دلائل وبراهين بوفرة أكثر من أي وقت مضى، وبما أن الحقيقة حسب ما يعتقد الكثيرون أنها ما تَمت البرهنة عليها، فإن الدلائل المتوافرة حول أي أمر، كافية لإعلانه «حقيقة»؛ وكلما زادت البراهين حوله تأكدت حقيقته، وليس هذا فحسب، فتلك الحقيقة الجلية بالبراهين المؤكدة تنفي ما دونها وترفض كل من لم يتوافق معها.. أليست جلية بجملة البراهين المثبتة؟ ولكن، إلى أي مدى تعد الدلائل والبراهين المتوافرة حقيقية!! مكنتنا التقنية الحديثة منذ ما يزيد على العقد من فلترة ما يصلنا من الأخبار، لدرجة أن المرء منا لديه الحق في تصميم صحيفته الإلكترونية اليومية، حسب تفضيلاته، بأن يضع مثلاً الخبر الرئيسي من النوع الرياضي أو الفني مثلاً، في حين صفحة المنوعات تعرض أخبار الكوارث السياسية والاقتصادية بشكل مقتطفات سريعة، ولهذه الدرجة أصبح لنا الحق في اختيار ما يصلنا،وقد مارسنا…
الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠
تسعون ربيعاً مرت على قيام المملكة العربية السعودية، على قيام واحدة من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بعد ملاحم التوحيد التي خاضها المؤسس مع رجالاته المخلصين في عرض الجزيرة العربية وطولها، حتى حانت لحظة إعلان الدولة كياناً مستقلاً مظفراً، والذي تحين ذكراه يوم الأربعاء القادم 23 سبتمبر (أيلول). أعياد الأوطان هي مواسم تذكير سنوية بضخامة المنجز، واستقرار الدولة، واستحضار الماضي المجيد، للفرح بالحاضر، وبناء المستقبل، في حراكٍ تاريخي لم يتوقف بتحدياته وإنجازاته، ولن يفعل في المستقبل؛ لأن بناء الأمجاد لا ينتظر، وصناعة التاريخ لا تتوقف. تمر هذه الذكرى العطرة والسعودية قد تحولت إلى ورشة إصلاحٍ وبناء ضخمة لا تتوقف ولا تتباطأ؛ بل هو العمل الجاد المقرون بالأمل المضيء، في ظل «رؤية السعودية 2030» التي بناها ويقودها عرَّابها الكبير، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لتعريف غير المختص، فهذا هو يوم الاحتفال بالعيد الوطني للدولة السعودية الثالثة، الدولة الحديثة، دولة عبد العزيز وأبنائه ورجاله، هذا صحيحٌ تماماً، ولكنها أيضاً…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠
هناك تحديات صعبة وأساسية، لا يمكن تجاوزها ببساطة ما لم تعمل الدول والمجتمعات على تفكيكها من جذورها، والقضاء عليها تماماً، الفقر والأمية أحد أكبر الإشكالات والمعوقات الحضارية، التي لا تعرقل بناء الدول واستقرارها فحسب، ولكنها تهدم من الجذور أي بناء قائم، فإذا لم يستطع المجتمع أن يقضي على الأمية والفقر، فسيكون لزاماً عليه أن يواجه جيوش الجهلة والمعوزين ذات يوم، وهذا ما حدث في كثير من الشوارع العربية، التي تقوضت أنظمتها، بسبب تجاهلها لحقوق ومتطلبات واحتياجات طبيعية ومفهومة لكل الشعوب! لقد كان أمراً يدعو للفخر الوطني أن نتابع يومياً هذه المنجزات الساطعة على أرض الإمارات من أقصاها إلى أقصاها، تلك الإنجازات التي لم تترك مجالاً لم تسجل فيه مكانة أو تحدياً أو بصمة واضحة، في العلم كما في الاقتصاد، وفي السياسة كما في الفضاء، وفي حقوق المواطن كما في حقوق جميع المقيمين، أما في ما يخص نظرة العالم إلى الإمارات وتقديره لدورها ومبادراتها ولمؤشرات التنمية والتطور فهي مثبتة في سجلات…
الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠
كانت هناك امرأة جاحدة تعمل في شركة للأدوية، لم تكن الجاحدة محبوبة من زملائها لأنها غدرت بهم في مواقف كثيرة وتآمرت عليهم، كانت هي الأقدم في تلك الشركة، وكان مطلوباً منها تدريب الموظفين على نظام العمل. كان الموظفون يعلمون أن تدريبها لهم يتناول الأساسيات فقط، أما بقية التفاصيل المعقدة فكانت تتطلب مهارات وجهداً شخصياً منهم، تتذمر الجاحدة كثيراً وهي تعلّمهم وتمنّ عليهم، وأحياناً تصفهم بالجهلة، وفي المقابل كانوا هم يتندرون عليها لأنها لم تتقدم قيد أنملة في عملية تطوير مهاراتها. فوّتت الجاحدة فرصاً كثيرة لتطوير ذاتها، وكانت تتجاهل الدورات التدريبية، ولهذا السبب ارتقى الجميع بمهاراتهم ومناصبهم وبقيت هي تراوح مكانها. وقع خلاف بين مدير أحد الأقسام ومدير المختبر، وكان مدير المختبر غليظ الطباع، شرساً جداً، عُرف عنه الاعتداء السافر على زملائه، دخل مدير المختبر إلى مكتب مدير أحد الأقسام وسكب مادة كيميائية على وجهه. أُدخل مدير أحد الأقسام إلى المستشفى وغضب رئيس الشركة غضباً شديداً وأوقع أقسى عقوبة بحق مدير…
الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠
مشكلتنا سابقاً مع الفساد في الأجهزة الحكومية بكل أنواعه وأساليبه أنه أوشك أن يتحول إلى ثقافة إدارية طبيعية لا تثير ممارستها الاستغراب لدى المجتمع لأنه يرى الفاسدين يسرحون ويمرحون دون مساءلة، ويتكاثرون بشكل متزايد، بل ويجاهر بعضهم أنه لا يستطيع أن يكون استثناءً في منظومة عمله التي تمارس الفساد بحرية وثقة واطمئنان، ولذلك شاعت المقولة الفاسدة التي كان يرددها الكثير: مال الدولة حلال، أي حلال نهبه وسلبه لأنه لا أحد يسائل عنه، وإن حدثت مساءلة فهي نادرة، وإن تم ايقاع عقوبة فإنها تطال الصغار، بينما الفساد الكبير يترعرع في المكاتب الكبيرة. كانت الأجهزة الرقابية عاجزة، شبه مشلولة، لأنه لا أحد يريد مكافحة هذه الآفة بجدية وصرامة، حتى جاء زمن جديد تحولت فيه مقولة مال الدولة حلال إلى: لن ينجو شخص متورط في فساد كائناً من كان، وحتى عندما تم إطلاق هذا الشعار الصدمة لم يصدق الكثيرون أن تحويله إلى فعل سيتم بهذه السرعة والصرامة والشفافية التي طالت مواقع لم يكن…
السبت ١٩ سبتمبر ٢٠٢٠
تاريخياً ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة مع المملكة العربية السعودية بروابط قوية ومتجذرة على مر السنين، حيث تستند تلك العلاقات إلى عمق التاريخ وامتداد الجغرافيا. فالبناة الأوائل للدولتين تشاركا رؤية واحدة قائمة على التعاون المشترك لحماية مصالح شعوبهما والمصالح الإقليمية والعربية. سياسياً تتشارك الإمارات والسعودية في تبنى رؤية جديدة للمنطقة العربية، مبينة على أسس عقلانية ومسؤولية مشتركة، قائمة على الحرص على مصالح شعوبها وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار للمنطقة. فالإمارات والسعودية تتشاركان في تلك الرؤية الحقيقية والرغبة في بناء مستقبل أفضل للامة العربية ولشبابها، مبنية على تنمية أنموذج تنموي جديد يستقي أسسه من تاريخ وثقافة المنطقة. كما أن كلاً من الإمارات والسعودية دولتان تشتركان في الرغبة الحقيقية في توثيق أواصر العلاقات مع العالم الحديث، وبناء نماذج جديدة للدول الحديثة القادرة على مد الجسور مع كافة دول العالم على اختلاف أديانها وثقافاتها وأجناسها. ولا شك أن السياسات التي تتبعها الدولتان هي سياسات مدروسة تستقي مبادئها من الحرص على المصالح الوطنية والإقليمية في…
السبت ١٩ سبتمبر ٢٠٢٠
تتواصل الأصداء الجميلة الطيبة للحدث التاريخي، والخطوة المباركة، بتوقيع الإمارات معاهدة السلام مع إسرائيل، في تلك اللحظات التاريخية، التي استضافتها الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن.. الجوانب الإيجابية والتداعيات المترتبة على سلام المستقبل، تناولتها من مختلف الزوايا استديوهات التحليل في العديد من المحطات الفضائية العربية والأجنبية، ومئات المقالات في كبريات الصحف العالمية المؤثرة، مرحبة ومباركة الخطوة التاريخية الإماراتية، والتي بلورتها رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، باتخاذ القرار الجريء لسلام يصنعه الشجعان. ذهبت كل التحليلات باتجاه التركيز على تناول آثار السلام، ونتائجه الطيبة المباركة على مختلف الصعد، بينما كانت تتجلى ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أعظم وأروع التفاتة شعبية في الإمارات حول قيادتها في هذا المنعطف التاريخي، الذي يحلق بنا باتجاه آفاق ومرحلة جديدة وفصل جديد من المسيرة المباركة، تتعزز معها قيم السلام والتعاون وحسن التعايش وتبادل المنافع والمصالح. وفي خضم الالتفاتة الشعبية، تسابق أبناء الإمارات للاحتفاء…