الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٩
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، أي قبل انعقاد مؤتمر مستقبل الاستثمار في الرياض أو ما أطلق عليه «دافوس الصحراء» حشدت بعض وسائل منظومة الإعلام الغربي حملة سلبية تحث فيها كبار المستثمرين الأجانب على عدم المشاركة كتسجيل موقف ضدي على خلفية قضية الاعلامي جمال خاشقجي، رحمه الله، راهن البعض هناك على نجاح الحملة لكن ما حدث كان نجاحاً كبيراً للمؤتمر وفشلاً ذريعاً للمراهنين على فشله عندما شهد حضوراً دولياً كثيفاً استقطب أهم الإمبراطوريات الاقتصادية والاستثمارية، وتحول إلى تظاهرة عالمية فريدة من نوعها. الآن تعقد دورة جديدة من المؤتمر ستكون أكبر وأهم من الأولى لأكثر من سبب، فالمملكة خلال عام واحد منذ المؤتمر السابق حققت إنجازات مهمة في مجال استقطاب الاستثمار باستحداث أنظمة وقوانين جديدة تقدم تسهيلات يسيل لها لعاب المستثمرين، وبذلك قفزت إلى مركز متقدم في مجال التنافسية وتسهيل الأعمال وتهيئة البيئة الجاذبة. وخلال العام أيضاً أثبتت المملكة قوة ومتانة اقتصادها واستقراره عندما تجاوزت الهزات والتقلبات في سوق الطاقة…
الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٩
ما كتبته وكتبه زملاء آخرون حول الميل للعنف في الشخصية العربية، لا يستهدف إدانةَ الثقافة العربية، بل تحليل ظاهرة، من دون ادعاء أنه منزه عن الخطأ. يهمني تأكيد هذه النقطة، لأنَّ بعض القراء الأعزاء بذل جهداً مضنياً في بيان أن البشر كلهم ميالون للعنف، وأن الأوروبيين فاقوا العرب في هذا، وأن عنف العربي كان في الغالب رد فعل على عدوان أعدائه... إلخ. وأريد استثمار المناسبة للفت الأنظار إلى ما أظنه مشكلة عامة في التداول الثقافي، تتجلَّى في الانزلاق السريع من المناقشة النقدية (وهي الطريق الطبيعية لتطور الثقافة) إلى التبجيل أو الاعتذار والتبرير. ولا ينفرد المجتمع العربي بهذا النهج، فهو معروف في كل مكان تقريباً، وقد أطلق عليه في الولايات المتحدة، في وقت سابق، اسم «الماذا - عنية Whataboutism». ويراد به التنديد بالناقدين الذين يغفلون سياق الموضوع، ويركزون على مجادلة شخص الكاتب، أو إثارة نقاط غير ذات صلة. وأحتمل أن التسمية تستبطن نوعاً من السخرية. وقد استعملت أيضاً في سياق الإنكار…
تركي الدخيلسفير خادم الحرمين الشريفين في دولة الإمارات العربية المتحدة
الثلاثاء ٢٩ أكتوبر ٢٠١٩
اسمحوا لي، أيها السيدات والسادة الكرام، أن أحدثكم اليوم، عن غذاء العَقل، وغاية الفؤاد، ومقصد الشغف، ومستودعِ الحكمة، ومكمن الخلاصات، ومستقر الزُبَد. من عرف قدره، عَدَّه غاية المُنى، ونهاية المراد، فهو المنقوعُ بالمعْرِفَة، ونتاج عَرَق الْمُتَضَلِّعين. مكمن إجابات السَّائِلين، ومَوضِعُ آمالِ الباحثين، وبهجة النَّاظِرين، وذكرى العَارِفِين، وسلوى العُلماء العامِلين. هو مَصْنعُ الأسئلة، وأطيب ثَمرات الأفْئِدَة، بيتُ العَاقِل، ومَرْكَبُ طالب العَلياء. أقوى أسلحة المعَارِك، وأفسح ميادين الأفهام والمدارك. ملجأ الحيارى، والحكم الفصل بين المختلفين، ودواء الشاكين من الوحدة، والمتألمين من ضيق دائرة الأصدقاء، وطريق من يرجو الارتقاء، وعلاج من يعاني الهم والأرق. إنه الكتاب، وأنعمْ به أنيساً، وأكرمْ به جليساً. لقد كان اليوم الأول الذي حَملت فيه كتابي الأولَ على كتفي، يوم سعدٍ، وحسن فأل، حتى صرت انتظر الفراغ من كتاب، لأحمل آخر. ومن فضل الله علي، أن متعة الحصول على كتاب، فيه بحث نادر، توازي متعة إدمان التسوق عند المصابين بهذا الإدمان. لقد كانت التجربة على يفاعتها، المحطة الأولى على…
الثلاثاء ٢٩ أكتوبر ٢٠١٩
حسن نصر الله يتهم ثورة الشارع اللبناني بأنها ممّولة وتسيّر من الخارج، وقام بالتلويح ببطاقة الحرب الأهلية وبأنه الطرف الأقوى في المعادلة السياسية، ومن يحدّد كيف يحكم لبنان واضعاً من ينادي بالتغيير ضمن الإقامة الجبرية للفكر المنفرد، وتوجهّات حزبه الذي يهيمن بحضور طاغٍ في كل مؤسسات الدولة ويتحكّم بالسياسة والاقتصاد، وكانت رسالته أقرب للتوبيخ والوعظ الكاذب لبقاء العهد البائد، وقد أعطيت الأوامر لعناصره لكي تحول الثورة السلمية لصراع دموي وتأجيج شبيحة «حزب الله» المتنكرين بملابس الجيش والشرطة الوضع، ناهيك عن المندسين من حزبه بين المتظاهرين واختراق الحزب للجيش والأجهزة الأمنية، وتواجد كبير في الأجهزة الشرطية البلدية. فقد تستطيع ذيول الحزب تعطيل الاحتجاجات، ولكنهم سيكونون مجرد موانئ تقف في وجه طوفان يكبر كل دقيقة حتى يعبر الموانئ، ويصل لكل بيت، وخاصةً أن في يد المتظاهرين أهم سلاح وهو العصيان المدني، ووقف التعامل مع مؤسسات الأحزاب ومصالح رموزها التجارية والصناعية التي تغصّ بها البلاد. وهذه المصالح تكاد تكون كماشة لا يستطيع الاقتصاد…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٩
الشباب طاقة لا تنضب، فهم طاقة متجددة، تستثمر فيهم الأمم، باعتبارهم الوسيلة والهدف، فهم العمود الفقري الذي يحمل الأوطان، وهم أغلى وأهم ثروة، بهم يعلو الوطن ويزهو، ولكن بشروط، تعميق انتمائهم وتأهيلهم بالعلم والمعرفة والمهارات. والإمارات، في طريقها لتكون أفضل دولة بالعالم في مئوية التأسيس 2071 رسمت مساراً ترعاه وتشرف على تنفيذه القيادة، من أجل الوصول لذلك الهدف بسواعد الشباب. ملامح هذا المسار تلوح أمامنا كل يوم، والحصاد يكبر كل ساعة، حيث نشاهد شبابنا قيادات في تخصصات بالغة الدقة وعالية التقنية، فضلاً عن إبداعاتهم في القطاعات التقليدية. بإنجازاتهم، صعدت الإمارات نصف درجات السلم، وبقي نصفه، مع وصولنا إلى نصف قرن من مسيرة العمل والإنجاز والاتحاد، لكن النصف المتبقي أكثر دقة، وأكثر تشويقاً وحماساً، لأن الهدف يلوح في الأفق، ولأن القيادة تعمل على ضمان الوصول للقمة والبقاء هناك عبر رعاية حثيثة للطاقة المتجددة في هذا الوطن جيلاً بعد جيل، عبر وضع لبنات مأسسة العمل الشبابي. لذلك جاء افتتاح الشيخ محمد بن…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٩
أسوأ ما نراه في وسائل التواصل الاجتماعي، ظهور شخصيات تمارس الكذب باحتراف، هي تكذب على نفسها أولاً، وعلى المجتمع ثانياً، وعلى جميع المتابعين ثالثاً، فهي تدعي المثالية، وتتفنن في نشرها، في الوقت الذي تعيش فيه هذه الشخصيات واقعاً مريضاً، بعيداً كل البعد عن تلك المثالية التي يروجون لها، بل إنهم يمارسون في واقعهم الحقيقي عكس ما يدعونه تماماً في الواقع الافتراضي! يتحدثون عن الإنتاجية والإخلاص في العمل، وضرورة الابتكار والإبداع، وهم أقل الموظفين إنتاجاً وإبداعاً وابتكاراً، بل إنهم عديمو الإنتاجية أصلاً، ويتساوى وجودهم في مؤسساتهم مع عدمه، ولو أن المثالية التي يدعونها في وسائل التواصل ناتجة عن قناعة وقيم متأصلة في جذورهم، لما ارتضوا على أنفسهم أن يكونوا عالة في مؤسسات لا تستفيد منهم شيئاً، ولا يستطيعون فيها تقديم أي عمل يوازي في المقابل ذلك الراتب الشهري الذي يتقاضونه، أليس من الأولى ترك المكان لمن يستطيع خدمة بلاده ومجتمعه عملياً، لا بفلسفات كلامية لا أهمية لها! يتحدثون عن التوطين، وهم…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٩
كان يوم أمس صاخبا في الإعلام الأمريكي بالدرجة الأولى ومعه بقية إعلام العالم، وبالطبع إعلامنا العربي، عندما أصبح أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش محور الحدث بعد إعلان واشنطن عن القيام بعملية خاطفة لتصفيته في أحد مخابئه، سبقها ما يشبه الإعلان الترويجي للرئيس ترمب بإشارته إلى أن أمرا كبيرا يحدث الآن، ليكون اليوم بعد ذلك هو يوم البغدادي وترمب وداعش ومسلسل رامبو الأمريكي. هل ثمة مفاجأة حقيقية في خبر مقتل البغدادي بعملية استخباراتية عسكرية كما يقال، وهل هناك تفسير لها ولتوقيتها؟ قبل البغدادي كان هناك الزرقاوي وأسامة بن لادن اللذان أعلن عن تصفيتهما بنفس طريقة البغدادي، عملية عسكرية مفاجئة في توقيت مختار، ثم يطوى الملف بكل ما فيه من غموض. المعلوم أن وسائل الرصد والتعقب الأمريكية تملأ السماء والأرض بدقة متناهية تستطيع كشف أدق التفاصيل، ومع ذلك كان البغدادي يتنقل من مكان إلى آخر ويقود تنظيماً استولى على قرابة نصف العراق وثلثي سوريا دون كشف مخابئه والأرتال التي تتحرك معه في…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٩
يوماً ما كان سيُقتل إبراهيم عواد السامرائي، الذي نصَّب نفسه خليفة للمسلمين أجمعين، في فصل من فصول الكوميديا السوداء المضحكة المبكية في هذا الزمان. من حمل السيف فبالسيف يقتل، وهذا المخلوق المشوّه كان عنواناً شيطانياً لوَّث صورة الإسلام، لكن جلَّ المسلمين عافوه وكرهوه، كيف لا وهو من وجَّه قتلته الحشّاشين الجدد إلى المسلمين، قبل الغربيين والشرقيين، وجعل الولد يقتل والدته، كما في قصة التوأمين السعوديين الداعشيين اللذين نحرا والدتهما، وأبدع شياطينه في فنون الإعدام، كما في قصة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، ونحر وتغريق الناس، وإسقاط الأبرياء من شواهق البنايات. قتلت قوة أميركية خاصة البغدادي، بعملية مرتب لها من شهر كما قال الأميركان، وكما قالت القوات الكردية السورية، لكن «الغزو» التركي للشرق الشمالي السوري عطَّل العملية كل هذا الوقت. الرئيس ترمب، في إعلان مقتل خليفة «داعش» أبي بكر البغدادي، شكر الحكومة العراقية، وشكر القوات الكردية السورية، والأتراك! ثمة أسئلة من الحسن التفكير بها، ومنها: هل مقتل «خليفة داعش» يعني نهاية…
الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩
من الواضح أن الأنظمة المرتبطة بإيران في المنطقة لم تحسب حساباتها جيدا مع التاريخ ومع تحولات المنطقة التي يمكن اليوم قسمتها إلى نموذجين: نموذج الدولة الوطنية الحيوي التنموي وهي بلدان الاستقرار، في مقابل كيانات الطائفية والإرهاب والدولة الدينية أو الدولة المستلبة كما هو الواقع في لبنان. محور الأحداث اليوم في المنطقة هما لبنان والعراق، حيث ترتهن إيران هذين البلدين منذ سنوات، الأمر الذي حولهما لمثال حقيقي على الدولة الفاشلة بالرغم مما يملكه البلدان من مقومات طبيعية وبشرية. يدرك اليوم كل لبناني أن المعضلة الرئيسة التي أدت بلبنان إلى ما هو فيه اليوم تتمثل في وجود حزب الله الإيراني، وجود الحزب يمثل خرقا واقعيا لمفهوم الدولة، وبالتالي فأي حديث عن التنمية أو الاستقلال أو الحريات كلها أحاديث لا معنى لها، وفي ظل هذا الوضع تتحول كل القوى السياسية إلى قوى تبحث عن مصالحها الخاصة فقط، ومهما كان حرصها على لبنان الدولة إلا أنها تدرك أن الكلمة الأخيرة لمن يحمل السلاح ولديه…
الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩
«حزب الله» من بد جميع القوى السياسية، واجه الاحتجاجات الشعبية في لبنان، واعتبرها موجهة ضده. خرج اللبنانيون بكافة طوائفهم دون استثناء، منذ عشرة أيام، بعد أن بلغ السيل الزبى. لم يحددوا قوى سياسية بعينها، لم يرفعوا شعارات ضد «حزب الله» أو غيره، لم يرفعوا سوى علمهم، ولم يحملوا غير همومهم، ولم يثوروا إلا على مآسيهم، لكن حسن نصر الله استوعب جيداً أنه وحزبه وحلفاءه هم من تسببوا في الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة. خطابان سارع بهما نصر الله لتبرير موقفه أولاً، ولتهديد خصومه عن بكرة أبيهم، والانتقال من الدفاع إلى الهجوم ثانياً، قبل أن يجد نفسه وحيداً في عين العاصفة. نصر الله رمى بثقله للحفاظ على ما سماه «العهدَ الحالي»، واصفاً إياه بالخط الأحمر، رغم أنف الجميع، كيف لا يفعل ذلك، وهو عراب التسوية السياسية التي جعلت زعيم الميليشيات المتحكم الأول في لبنان، كيف لا وقد هندس قدوم رئيس محسوب على «حزب الله»، كما هندس تشكيل حكومة لأول مرة بـ30 وزيراً،…
الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩
الثورة الرقمية تصحح ذاتها، وتواجه أخطاء وثغرات مفتوحة على الشكوك والأسئلة في السنوات الأخيرة، ليس أقلها احتكار طبقة كثيفة وواسعة من المعلومات والأفكار، واستثمارها سياسياً واقتصادياً، وتالياً تسهيل إدارة الاعتقاد لدى مليارات البشر، فالشركات التكنولوجية العملاقة، مثل «غوغل»، و«أمازون»، و«فيسبوك»، و«أبل»، تحولت إلى أقطاب مؤثرة في سياسات الدول، وأحياناً في مصيرها. وسائل التواصل الاجتماعي، أبرز تجليات الثورة الرقمية، تحاول الآن ترتيب كثير من الفوضى التي انتشرت على منصاتها، خصوصاً ما يتعلق منها بالأخبار، وهي تحظى بسمعة سيئة في هذا السياق، تتصل بالصدقية التي لا يمكن التحكم فيها وضبطها، مع وجود ملايين المستخدمين المزودين للمحتوى، دون تدقيق، ودون إخضاع الأخبار والمعلومات إلى معايير مهنية، كما تفعل وسائل الإعلام التقليدية. «فيسبوك نيوز» خدمة جديدة، أطلقها أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شعبيةً في العالم، لإضفاء مصداقية على المحتوى الإخباري، بعيداً عن ما يدرجه أو يخترعه أو يزيفه المستخدمون، فالمحاولة تمثل ارتداداً للقواعد والأصول في النشر، بالعودة إلى محطات إعلام احترافية، تزيد على 200 محطة،…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩
السفر نعمة كبرى، وكل الذين سافروا يعرفون المعنى الحقيقي لهذه النعمة، يعرفون أنك حين تسمع عن عجائب الدنيا، وعن قصور تشبه تلك القصور التي جاء ذكرها في حكايات ألف ليلة وليلة، وأنك حين تقرأ عن طبيعة المجتمعات وأخلاق الناس في المجتمعات البعيدة سيختلف الأمر تماماً عما ستراه حين تسافر إليهم وتشاهد بعينيك وتشعر بعظمة حضاراتهم بجميع حواسك. السفر كحاسة سادسة تهبنا إياها الحياة لتتسع مدارات الرؤية وآفاق المعرفة وأسرار الحواس الخفية. وحين تسافر تختلف رؤيتك للأمور لأنك ترى وتلمس وتتفاعل، تغني في الشارع مع فرق الموسيقى، وتقف مشدوهاً أمام القصور والشواهد، وتتعجب من قدرات الإنسان الهائلة وهو يطوع قوى الطبيعة ويبني الحضارات، فتتعلم كيف تقدر ذلك كله وتنحني له احتراماً. ساعتها يكون لك مطلق الخيار في أن تحب أو تكره، أو تتخذ الموقف الذي تراه مناسباً، دون توجيه أيديولوجي أو سياسي من أحد ما. في طفولتنا، حين وقعت بين أيدينا كتب كثيرة، لعبت دورها في إفساد مفاهيمنا أحياناً، وحشونا بالأكاذيب…