عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٩
جاء في كتاب «قصة عقل» لزكي نجيب محمود، أن «العربي بصفة عامة، أشدّ ميلاً، بحكم ثقافته، إلى العبارة المثيرة منه إلى العبارة المستندة إلى العقل»، فقد أثبت الواقع أن العرب بعيدون تماماً عن استخدام المنطق العقلاني في معظم مجالات الحياة وفنون التعاملات، وهم أكثر ميلاً لتوظيف لغة الوجدان والعاطفة في الآداب والثقافة والسياحة والإعلام والفكر والتعاملات الإنسانية عامة، ما يجعل ضوابط الإقناع والاقتناع والقبول والرفض، أموراً لا تحتكم لمنطق ثابت متفق عليه! يقول الكاتب في معرض دفاعه عن اللغة العقلانية: هناك فرق بين أن نقول (يقع الهرم الأكبر غرب النيل، ويبعد عنه 10 كيلومترات)، وبين القول (إن الهرم الأكبر يثير في النفس ذكريات مجد قديم يوحي بجلال الخلود)!! فالعبارة الأولى دقيقة واضحة، يمكن التثبت منها وتأييدها والاتفاق معها أو إثبات خطئها بعمليات معاينة دقيقة على أرض الواقع، أما الثانية فلا يمكن التأكد منها أو الاتفاق معها أو حتى الاقتناع بها، فهناك من ينظر إلى الهرم فلا يثير في نفسه لا…
الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٩
السبت الماضي، وقع هجوم آخر بـ«الدرونز» على منشآت نفطية في شرق السعودية. هل أطلقت من اليمن، كما يقول الحوثيون الميليشيات التابعة لإيران؟ أم من مكان آخر كما تبين في المرة الماضية من ميليشيات إيرانية في العراق؟ هل هي صناعة صينية كما اتضح من بعض الطائرات السابقة؟ أم إيرانية؟ كل ذلك ستتم معرفته من التحقيقات الجارية. لكن الشق السياسي والعسكري قد يكون غامضاً. وفي تقرير لمجلة «فوربس» الاقتصادية، وآخر لوكالة «بلومبرغ»، كلاهما يرى أن الهجمات لم ولن تؤثر على صناعة النفط أو قدرة التصدير السعودية. وهذا يعني تباعاً أن التأثير على أسعار البترول أو سوق النفط محدود، وبالتالي تأثيره على قدرات السعودية غير فعال، إن كان الهدف الضغط سياسياً على الجانب السعودي أو الأميركي فقد فشل. وكنت قد سألت أحد القيادات العسكرية عن سبب التبدلات في التكتيك الحوثي ولجوئهم إلى «الدرونز»، يقول كان سلاحهم الرئيسي الموجه إلى داخل السعودية هو الصواريخ الباليستية، لكن بسبب عمليات القصف التي استهدفت مخازنهم، وعمليات المطاردة…
الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٩
للإجابة على هذا التساؤل لا بد لنا من وقفة قصيرة على واقعنا المتمثل أمامنا جلياً على وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر على سبيل المثال، والإجابة سوف تكون على شكل سؤال صريح: هل تتمازج جميع الشرائح في هذا الفضاء التويتري بشكل تام دون مناكفات تحرك روح العنصرية؟ كتبت في تويتر: من يحب وطنه فليجاهد عنصريته وليتخلص من طائفيته؛ فالمملكة الجديدة واسعة جداً بإنسانيتها ومساواتها وتمازج شعبها وتلاحم مكوناته ولكنها تضيق جداً بمن يحمل أفكاراً رجعية مشوهة، ولن تستوعب أي عنصري طائفي إقصائي مأزوم بمذهبه ومتورم بقبيلته ومنتفش بجهله. فنحن فعلياً يد واحدة ومجتمع متماسك وجبل لا يهتز أمام ما يواجه وطننا، ولكننا من الداخل نحتاج تعزيز روح هذا التماسك بتوثيق أواصر علاقتنا وتلاحمنا ونبذ كل ما يقوضه. لن يتفوق مجتمع على ذاته إلا حينما يدفن موروثه الإقصائي الذي تمارسه شرائحه في ما بينها، ولن يتغير أي مجتمع ما لم يقدم هويته الوطنية على أي هوية أخرى كالعرق والطائفة والقبيلة، وهذا لا يعني…
الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٩
أنت في كل صباح، تصحو من نومك، وتفرك جفنيك، وتعتدل في جلستك، ثم تمضي لطرد النوم من عينيك، عبر تذكر ما حفظته قبل أن تغمض عينيك. ربما تكون تحت شرشف الابتسامة الناعمة تختالك صورة ما، تمسح على وجنتيك، وتتلمس جبينك مثل جناح فراشك، تشعر أنت بالبهجة، ويلفك الحبور، ويطويك السرور. في هذه اللحظة وقبل الضجيج، أنت في قارب بحري يتهادى بين موجات الصحو، وزبد الغفلة الأخيرة. أنت لا تحلم، وإنما تستدعي خيوطاً مرت من هنا، مرت من قماشة القلب، وشيدت فرحك المنيع، أو هكذا كما تتصور، أنت بعد الصحو، تبدو مثل عصفور يمهد جناحيه للطيران ويمسد أطراف الحديث الداخلي بتغريدة، ربما هي الدفقة الأولى إلى التحليق، والرفرفة. قبل الضجيج هناك في الثنايا وريقات تهفهف، على نغم الحفيف فوق أغصان الشجر، وهناك في غرفة العقل تتحرك الجملة الفعلية، لتكون أنت الفاعل، وأحياناً أنت المفعول به. قبل الضجيج، هناك حشر، ونشر، يتهيأ للنهوض من السبات، ويقول لك هيا ننشر الشراع فالرحلة طويلة،…
الجمعة ١٦ أغسطس ٢٠١٩
هذه العبارة الموجزة كانت رد الأمير البليغ خالد الفيصل على سؤال في المؤتمر الإعلامي لانتهاء أعمال موسم الحج عن ما يشاع من وجود خلاف سعودي إماراتي، وهي الشائعة التي بدأت منذ فترة بعض الجهات محاولة نشرها وتكريسها على خلفية الأزمة اليمنية ووجود التحالف العربي الذي تشكل السعودية والإمارات جناحيه الرئيسيين وقوته الأساسية، وازدادت وتيرتها بعد الأحداث الأخيرة في عدن، وعندما نقول إنها مجرد شائعة فذلك يعود إلى جملة من الحقائق وليس الفرضيات أو الاحتمالات والتوقعات والأمنيات. رغم بديهية استحالة تطابق سياسة أي دولتين بشكل كامل في كل شيء، إلا أن دولتين مثل السعودية والإمارات يستحيل أن تختلفا حيال القضايا الكبرى والمخاطر الوجودية والملفات التي تعنيهما بنفس الأهمية، فهما بالإضافة إلى حتميات التأريخ والجغرافيا تشتركان في مواجهة تهديدات ليست موجهة لهما فقط وإنما لمنطقة الخليج والكيان العربي بأكمله، لذلك كان التنسيق الكبير بينهما والتفاهم العميق مستمراً، وتجلى ذلك في الملف اليمني منذ لحظة إطلاق التحالف العربي مروراً بكل محطات الأزمة اليمنية.…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٩
يصح أن توصف مدينة سان بطرسبورغ بأنها متحف ضخم تحت سماء مفتوحة على المدن والحضارات والشعوب، مدينة مترامية الأطراف، عاش فيها أباطرة وقياصرة وملوك اعتبروا في زمانهم من أغنى الناس على وجه الأرض، نظراً لتمدد إمبراطوريتهم وسيطرتهم على ثروات شعوب وبلدان بلا حصر، وهو ما يفسّر اليوم هذه الكنوز والمقتنيات الفخمة التي لا يمكن تخيّل مدى فخامتها وندرتها. إن هذه الكنوز والمقتنيات النادرة تعود لملوك وملكات وأمراء عائلة رومانوف، وهي كنوز تغطي كل مجالات الحياة؛ القصور، الحدائق، الثياب، المجوهرات الثمينة، أدوات الطعام المصنوعة من الذهب والفضة، اللوحات الفنية التي تعود لأهم وأشهر فناني أوروبا، الأثاث المذهب، والكثير مما لا يعد ولا يحصى. عندما أسسها الإمبراطور بطرس العظيم صاحب الإنجازات الكبيرة، أرادها أن تكون عاصمة للأباطرة، ومنفذاً على بحر البلطيق، وعنواناً ملائماً لثراء وعظمة آل رومانوف، إنها اليوم تتكئ على ذاك الماضي وتقتات من أسرار ذلك العهد، تلك الأسرار التي يأتي السياح من كل العالم بحثاً عنها واطلاعاً على عظمة ما…
الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٩
«البحر من ورائكم والعدو أمامكم» هذه ليست الجملة الشهيرة التي قالها القائد العسكري طارق بن زياد عندما فتح الأندلس، بل جنرال تركي يشرف على بناء القاعدة العسكرية التي تبنى له في قطر. بوضوح العدو هنا السعودية ودول الخليج، وليس خلفه سوى بحر الخليج الهائج. قطر تتوعد جيرانها بقاعدة تركيا، لكن «المتغطي بالأتراك عريان» اسألوا جيرانهم السوريين. لن تفيد قاعدتهم قطر لا في حمايتها من السعودية ولا من إيران، وهي تعبر عن التناقضات القطرية الفاخرة المستمرة، فهي لا تزال تركض في اتجاهات متضادة، إلى طهران وواشنطن وأنقرة. الحامية التركية فزاعة صغيرة قد لا تتجاوز ألفي جندي، وتركيا ليست بالدولة الكبرى حتى تستطيع دعمها في اللحظة الحرجة. فهي لا تتمتع بإسناد عسكري لوجيستي كبير في المنطقة، وليس لها بوارج عسكرية في مياه الخليج، ولا تستطيع إرسال مدد بالجو إلا بعد موافقة العراق أو إيران، ولا يوجد لها ممر بري. قاعدة بلا مهمة، إلا إن قررت أنقرة التحالف مع طهران في حرب مقبلة…
الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٩
أفكِّرُ أحياناً أن الجدل المعاصر حول القيمة النسبية لكل من العقل والنص في تكوين الفكر الديني، يرجع جزئياً على الأقل، إلى مشكلة أخرى يشار إليها ولا يصرح بها، أعني بها الحاجة إلى الفصل بين الأفكار والأشخاص، وتوليف منظومة فكرية وقانونية وأخلاقية تعتمد على استدلال معياري، وليس على النسبة إلى أشخاص بعينهم. ما دفعنا لإثارة المسألة هو أن الاستدلال بآراء علماء الدين المتقدمين والمتأخرين، تحوّل إلى تمهيد ضمني لمنع مجادلة آرائهم أو نقد منهجهم في الاستدلال. ويبدو أن مقاومة النقد قد جرى تمديده إلى كل شخص أو فكرة أو موقف له علاقة بالدين، ولو على سبيل الظن والاحتمال، حتى لو كان من العادات أو عرضيات الشريعة ومتغيراتها. وأحدث الشواهد ما حدث في عيد الأضحى. فقد تحدث أحد الخطباء في السعودية عن عمل النساء واعتبره نوعاً من السقوط. وزارة الشؤون الإسلامية تبرأت من الخطيب وخطبته. لكن عشرات الناس نصبوا أنفسهم مدافعين عنه وعمَّا قال، لأنهم رأوا فيه دفاعاً عن سنة جارية، يسندها…
الأربعاء ١٤ أغسطس ٢٠١٩
خاص لـ هات بوست: في بضع كلمات بليغة، جاء رد الأمير خالد الفيصل على سؤال أحد الصحفيين حول وجود خلاف بين السعودية والإمارات. ردٌّ جاء ليبدد كل الشكوك ويدحض كل الشائعات. فالعلاقة بين البلدين الشقيقين راسخة ضاربة جذورها في الأعماق. علاقة تزيدها الأيام متانة وصلابة. حتى على مستوى المواطن البسيط يدركُ السعوديون والإماراتيون هذه الحقيقة التاريخية ويعونها جيداً. وحين يأتي هذا الرد من قامةٍ بحجم سمو الأمير فهو يأتي في سياق دحض الشائعة بالحقيقة على مرأى من العالم ومسمع، وفي مؤتمر هام هو مؤتمر ختام موسم الحج. سمو الأمير خالد الفيصل ليس بحاجة شهادة كاتب في صحيفة، أو مغرد عبر تويتر، لكنني أدوّن هنا انطباع شاب تشرف يوماً في طفولته بالوقوف في حضرة سمو الأمير ضمن مجموعة من الأطفال الصغار لأداء السلام الملكي في مناسبة رعاها سموه في مدينة أبها في ثمانينيات القرن الماضي حين كان آنذاك أميراً لمنطقة عسير. واليوم وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود. لاتزال هيبة ذلك…
الأربعاء ١٤ أغسطس ٢٠١٩
سألت مرة كاتبًا أميركيًا عن السبب الذي يجعل الأميركان السود بارعين في الغناء والرياضة أكثر من أي مجال آخر؟ ولماذا هم غائبون عن المجالات العلمية؟ بعد أن تحدث عن البعدين التاريخي والعنصري وغيرهما من أسباب الحرمان، قال: الرياضة والغناء لا يحتاجان إلى تعليم عالٍ، ولا استثمار مالي كبير. معظم أنواع الرياضة لا تتطلب تسهيلات عالية التكاليف، وهذا أيضًا ينسحب على الغناء، فالغناء لا يحتاج إلا إلى موهبة وآلة رخيصة الثمن. من برع في هذين المجالين من السود، وكسب مالاً كثيرًا، وحقق اعترافًا معنويًا (احترامًا وقبولاً) من المجتمع حتى من المجتمع الأبيض، هذا الاحترام وهذا التقدير تطور إلى (نموذج) عند أولاد السود الصغار. صار كل طفل أسود يتوق أن يكون مثل المغني مايكل جاكسون، أو مثل لاعب السلة الشهير عبدالكريم عبدالجبار. يمكن تتبع هذا العامل (النموذج) في كل المجتمعات، ستجد أن منطقة معينة معظم أبنائها تجار، ومنطقة أخرى معظم أبنائها مثقفون: كتاب وصحافيين.. إلخ. وحتى على مستوى الأسر لعلك ترى أن…
الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠١٩
خاص لـ هات بوست: أشاهدُ من فترة لأخرى -و بشكل متكرر و متواتر- مقالات يجري تداولها و تبادلها فيما بيننا تجترُّ أحداثاً تاريخية مؤلمة.ثم يتواصلُ الاجترار .. و تتعمق الآلام! و نجد أولئك الكتّاب و متداولي المقالات و كأنهم يتبارون في تجديد إذكاء نيران الماضي في مختلف الجهات (و ليس فقط مع دول الغرب).. و لعل من المفضّل أن تتحاشى تناقل ما يحمل على الكراهية و يعمل على تجديد و تسويق العنفوان. فتجدنا نتداول أن هؤلاء قتلوا، و أولاء أسروا، و أولئك احرقوا، و آخرون نصّروا.. و كذلك تجد من يوغل في اخبار و صحائف متقادمة عن اعتداءات اؤلاء و هؤلاء و أولئك عبر مئات و آلاف السنين (علينا!) و مع موفور النواح و المظلومية من جهة، ففي نفس النفـَس و الشهقة ترانا نسرد و نتباهى يعامر الغزوات و غامر السلطنة بمختلف الجهات؛ بأن هارون الرشيد -مثلاً- خاطب ملك الروم ('نقفور') بأقسى و أغلظ العبارات؛ و نقرأ حتى بشعر أحمد…
الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠١٩
لم يكن يوماً تمكين الشباب واستثمار طاقاتهم ترفاً، بل حاجة ملحة لبناء المستقبل وتوظيف الطاقات الإبداعية لنماء الأمم والمجتمعات في حالة دائمة ممزوجة بخبرات الشيوخ وتوقد الشباب. ومع تجاوز أعداد الشباب اليوم الذين تتراوح أعمارهم بين الـ10 أعوام و24 عاماً في الكرة الأرضية حاجز الـ 1.8 مليار، ترتفع بطبيعة الحال ضرورة التمكين والدعم بالتأهيل أولاً وخلق المساحات الشاسعة للتعليم والحركة الإبداعية، كونهم شركاء لبلدانهم للتطوير وعنصراً مهماً واستراتيجياً في التنمية المستدامة. وفي اليوم العالمي للشباب، تبدو شهادتي في الشباب السعودي منحازة و«مجروحة»، بيد أن تجربتي في مواقع عملي بعدة قطاعات تزيد يقيني - أكثر من أي وقت مضى - بأن تمكين الشباب وخلق الفرص لهم والثقة بهم وقود الإبداع والنجاحات؛ فبهم نكسب الرهان ونحقق الأهداف ونبني المستقبل. ولأن توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد تؤكد دائماً ضرورة تمكين الشباب بعد تأهيلهم وتوفير المساحات الشاسعة لإبداعهم، فإن نسبة زملائي في وزارة الثقافة ممن لم يبلغوا الـ 40 عاماً تتجاوز الـ75%، فيما…