الأربعاء ١٦ مايو ٢٠١٨
إبراهيم البليهي مفكر سعودي مثير للجدل، بقدر ما هو عميق الغور شديد الإصرار. رسالة حياته هي تأسيس ثقافة جديدة «تقوم على الإقناع بدل الإخضاع». الإقناع فعل المؤمنين بقدرة آرائهم على الصمود في اختبار الحياة. أما الإخضاع فهو فعل الأقوياء الذين يعرفون فكرة واحدة فحسب، هي عندهم عين الحق. كل المجتمعات - في رأي البليهي - مثقفة بمعنى ما. فهي تملك منظومات قيم وأعرافاً ومعايير للتصحيح والتخطئة، تتوارثها عبر الزمن. تتميز المجتمعات الحية عن نظيرتها الخاملة، بأن الأولى تراجع موروثاتها باستمرار. تصحح شيئاً وتلغي شيئاً، وتستحدث أعرافاً جديدة. أما المجتمعات الخاملة فتنظر للموروث كمقدس، تخشى المساس به أو فتح أقفاله. تنتقل هذه الموروثات بين الأجيال من خلال التلقين المتواصل للأبناء، حتى يتحولوا إلى ما يشبه كائنات آلية، تعمل أو تتوقف بحسب معطيات البرنامج المثبت فيها. قد تكون آراء البليهي راديكالية أو مفرطة في التشاؤم. لكنه يبنيها على أرضية منطقية متينة، ويمكن رؤية تجسيداتها بوضوح في حياتنا اليومية، في كلام الناس ومواقفهم،…
الثلاثاء ١٥ مايو ٢٠١٨
المرأة مرآة العالم، ولو صفت زجاجتها، لأصبحت وجوه العالم أصفى من ماء النهر.. المرأة شجرة لو أسقيت بماء المكرمات، لأثمرت وأعطت وأسخت وفاضت بثراء القيم والشيم.. المرأة وهي الوردة، إن ساطتها ألسنة اللهب، ذبلت وتلاشت وفقدت عطرها. المرأة فراشة، ألوانها من فرح الناس من حولها، فإن عجفت مشاعرهم، واكفهرت وجوههم بهت اللون على جناحيها، وانطفأت وانكفأت، وانسحبت إلى مراحل ما قبل التكوين. المرأة نهر يحمل كل نفايات العالم، وكل خراب التاريخ، ولا يتلوث، بل يذهب صوب الحقول ليروي ويشفي الظمأ.. المرأة حصن جدرانه من جدائل مشاعر، رتب خصلاتها زمن الفطرة.. المرأة بفطرتها تعلو، وبعفويتها تسمو، وبحريتها تصيغ الحياة من قماشة الحرير، وتجعل فناء العلاقة مع الآخر، معشوشباً زاهياً مزدهراً ثرياً جلياً نقياً، تزينه الابتسامة المشرقة. المرأة مثل التربة، إن اعتنيت بها واحترمت رملها، أينعت من بين حباتها أغصان وأفنان.. المرأة أحبها نيتشه، فأعطاها كل فخر فلسفته، وعشقها سارتر، فألهمته جل ما قدمه للعالم من فكر، المرأة اصطفاها الأنبياء، لعظمة شأنها…
الثلاثاء ١٥ مايو ٢٠١٨
تقول «خبيرة» الخطوط البريطانية تراسي راسل: «إن توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يفصح عن شخصية طموحة، ديناميكية، وشجاعة»، ثم تضيف: «لديه جوع للسلطة، ويملك الإصرار كما أنه مقامر عنيد... هو ربما لا يستمع جيداً للآخرين، لكنه مفاوض قوي، وينجح في اتخاذ مواقف متصلبة ومباشرة». لست ممن يؤمنون كثيراً بتفسير الخطوط اليدوية ودلالاتها على نفسية كاتبيها، لكن المختصين بهذا المجال لهم شعبية واضحة لدى الكثيرين، ولعل بعض تفسيراتهم تصيب الحقيقة، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بشخصية عامة ومؤثرة مثل رئيس الولايات المتحدة الذي يحتل توقيعه غالباً نصف صفحة كاملة، ويحرص على أن يوقع بقلم أسود عريض ثم يعرض توقيعه بفخر على عدسات المصورين وهو يزم شفتيه دليل الإصرار. هذا ما حدث الأسبوع الماضي في المكتب البيضوي حينما وقّع ترامب وثيقة الانسحاب الأميركي من اتفاق الحد من القدرات النووية الإيرانية التي وقعتها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا مع إيران عام 2015، ويتلخص الاتفاق في تحجيم قدرات إيران على…
الإثنين ١٤ مايو ٢٠١٨
هي الأرقام وحدها لا تكذب أبداً، وهي التي تعرض الحقيقة الكاملة من دون زيف، وتدحض الكذب والتزييف والتزوير، وهي وحدها القادرة على إسكات الأفواه، والرد على الشائعات والمهاترات، والتلفيق الإعلامي الذي يشتهر به الحاقدون والكارهون، وآن الأوان أن يموتوا بغيظهم، لأن كذبهم وتزييفهم أصبحا مكشوفين للجميع، ما أودى بصدقية إعلامهم، الذي لم يكن يوماً صادقاً أصلاً، إلى أسفل سافلين! دبي حصلت على المرتبة الأولى عربياً، والرابعة عالمياً، في محور «الأداء الاقتصادي»، ليس الإعلام المحلي من قال ذلك، ولا هي مؤسسة أو منظمة ضعيفة أو مشبوهة تُشترى بحفنة مال، كما يفعل غيرنا المتخصص في «رشاوى حقائب الدولارات»، بل هي تقارير دولية موثوقة وذات صدقية، وصادرة من مركز دولي هو «مركز التنافسية العالمية»، التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، ومقره لوزان في سويسرا. دبي تفوقت، في هذا التقرير الحديث، على مدن عالمية متطورة في دول عظمى، حيث تخطت سنغافورة وهونغ كونغ وجميع مدن كندا واليابان والاتحاد الأوروبي، ما عدا لوكسمبورغ، وهذا إنجاز عالمي…
الإثنين ١٤ مايو ٢٠١٨
تتساقط الأخبار السارة والمحفزة على قلبي عن شباب وشابات بلادي كما يهطل المطر على صحراء أمضّها الجفاف والهجير، وتتزامن هذه المسرات مع النقلة التحولية تنموياً والتي تنتظمها رؤية 2030 حتى غدت المملكة ورشة عمل لا تكل ولا تمل من عرض البشائر إن في المجال السياسي الذي أصبح يدوزن العلاقات السعودية وفق المصالح المتبادلة إلى جانب إزالة العقبات التي كانت تعرقل إجراءات دخول المستثمر الأجنبي وما تمخض عن ذلك من رغبة الكثير من الشركات العالمية للاستثمار داخل المملكة، كذلك فإن خطط الابتعاث الكبرى والتي انطلقت وتيرتها في عهد الملك عبدالله -يرحمه الله- قد بدأت تؤتي أٌكلها من خلال الأعداد الطلابية للخريجين الذين يحملون البراءة العلمية وبراعة الأداء في المعامل والمختبرات، إلى جانب تميز السعوديين في العديد من براءات الاختراع في الحقول الطبية وعلوم الفضاء ومجالات التقنية إلى الحد الذي تفوقت فيه المملكة في هذا المجال، بعد أن تصدرت العالم العربي بـ664 براءة اختراع وهو ضعف ما حصلت عليه الدول العربية مجتمعة…
الإثنين ١٤ مايو ٢٠١٨
في يونيو (حزيران) الماضي، وبعد أيام قليلة من قطع السعودية والإمارات ومصر والبحرين علاقاتها مع قطر، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب «اتفقتُ مع وزير الخارجية الأميركي والقادة العسكريين على ضرورة أن توقف قطر تمويل الإرهاب، وقد حان الوقت لدعوة قطر لوقف دعم الإرهاب». كانت المرة الأولى التي يصرح بها رئيس أميركي ضد دولة حليفة بهذه الصراحة والمباشرة والقوة، وخلال نحو 11 شهراً غرّبت الدوحة وشرّقت وهي تبحث عن مخرج لها من أزمتها التاريخية. طاف وزير خارجيتها الكرة الأرضية أربع مرات. افتعلت أزمات عديدة. نشرت إشاعات لا حصر لها. دفعت المليارات في صفقات أسلحة أكبر من طاقتها. استعانت بقوات تركية. تحالفت مع إيران المنبوذة عالمياً. ظنّت أنها تستطيع خداع واشنطن. وفي النهاية دارت ودارت، ثم عادت إلى النقطة نفسها تماماً التي انطلقت منها: دولة تدعم الإرهاب، ونقطة آخر السطر. وهو ما كشفت عنه صحيفة «صنداي تليغراف» البريطانية، أمس، بأن إدارة الرئيس الأميركي دعت الدوحة إلى وقف تمويل الميليشيات الموالية لإيران بعد…
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٨
يقول روسو: «لو اكتفت البشرية بما أملاه الخالق على قلب كل فرد، لما وجد على الأرض سوى دين واحد. ويقول انزع من قلب الإنسان حب الجمال، تسلب الحياة روعتها وجاذبيتها». هذه هي سمة القلب وسجيته وفطرته وعفويته، هذه هي قدرة القلب النقي على استيعاب ما في الحياة من متناقضات، ومختلفات، إنه يدفع بالتي هي أحسن، ويجعلك شفافاً واسعاً مثل النهر، تضم كل الطيور والأعشاب، وتحتضن مشاعر المخلوقات من دون تمييز أو تلوين أو محاصصة أو اصطفاف. وهذه هي الإمارات اليوم، هي النهر الواسع، الممتد عبر الأكوان، لتضع الإنسان في خيمة الألفة، وتحتوي تطلعاته إلى الحياة الدافئة، الزاهية، المزدهرة بالحيوية، وعدم الاكتظاظ بالرواسب، والخيال الرمادي. هذه هي الإمارات تقود العالم إلى الشمس، إلى السماء الصافية، وتعمل على تهذيب القيم وتشذيب الشجرة من الأوراق الصفراء الذابلة. العالم المتطور، والمستنير لا يحتمل الأفكار الضيقة والداكنة، العالم ذاهب إلى الحياة بوعي الاستنارة، ذاهب إلى حيث تكمن الزهرة المتفتحة، وإلى حيث ترتع الغزلان وسط العشب…
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٨
ظهر التباين والاختلاف في مواقف الدول الخليجية من الاتفاق النووي الإيراني والانسحاب الأمريكي منه. 3 دول (السعودية، الإمارات، والبحرين) عبرت عن موقف موحد في بيانات منفصلة، و3 دول كانت بمواقف أخرى تحاول فيها «إمساك العصا من الوسط». ما هو موقف دول الخليج من قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الصفقة النووية بين إيران والغرب ودول 5+1، وإعادة فرض العقوبات على طهران؟ هذا سؤال تحتمه طبيعة التحديات المتمثلة في قرار واشنطن، وسلوكيات إيران العدائية تجاه المنطقة. ولكن هل المنطقة متحدة في مواقفها من التدخلات والتهديدات الإيرانية؟ طبعاً لا! والأسباب كثيرة، وتبعاً لذلك جاء التباين في المواقف. فقد كانت السعودية والإمارات والبحرين واضحة وشجاعة في تأييدها قرار الرئيس دونالد ترمب دون مواربة أو تحايل لغوي إنشائي لا ينطلي على كل مراقب سياسي. فهذه الدول الـ3 هي أكثر من تستهدفها إيران بالتدخلات والمؤامرات ومحاولات التطويق وتوسيع النفوذ والهيمنة. وفي حال الإمارات، لا تزال إيران تحتل 3 جزر إماراتية في انتهاك سافر للقانون الدولي، وقواعد…
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٨
اللحية مثلما يقول البعض هي (زينة الرجل) - طبعاً إذا كانت نظيفة ومنسّقة، وليست مثل لحية رجل أوروبي يتباهى بأنه حصل على الرقم القياسي في طول لحيته التي زادت على 60 سنتيمتراً، وهناك رجال دين أتقياء يربونها لأنها سنّة حسنة، ورجال يربونها لأنها عنوان الرجولة والشهامة - وهذه كلها لا غبار عليها، بل إنني أشجعها وأقول: اللهم زد وبارك. غير أن ما يرفع ضغطي انتشار ظاهرة إطلاق اللحى بين الشباب، فاختلط الحابل بالنابل، وأصبحنا لا نعرف الصالح مِن الطالح. وأكبر دليل ومثال هو ما فعله عميل الاستخبارات الأميركي (توم دانيال)، الذي أطلق لحيته وانضم لـ(القاعدة) تحت اسم (تيسير عبد الهادي)، وكان له الدور الرئيسي في اغتيال أبو مصعب الزرقاوي وأبو أيوب المصري. وتحضرني الآن قصة خيالية، جاء فيها أن طائراً حطّ على بركة ماء ليشرب فوجد أطفالاً بالقرب منها، فانتظر حتى غادر الأطفال وابتعدوا، ولكن جاء رجل ذو لحية إلى البركة، فقال الطائر في نفسه: هذا رجل وقور ولا يمكن…
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٨
القدوات وُجِدَت لا لكي تزيّن أسماؤها صفحات الكتب، ولكن ليقتفي البقية آثارها، والرموز حظوا بالتقدير ليس لذات التقدير، ولكن لأنّهم مشاعل نور يستنير بضوئها من يأتي خلفهم، والقامات لا تنتظر مديحاً، ولكنها تنشد أن ترتفع لها وبها أعناق القادمين، فلا يرضوا بسفاسف الأمور ولا ينقادوا مع الغوغاء الذين لا يضيفون لهذه الدنيا شيئاً سوى ثُقلهم عليها قبل أن يغادروها غير مأسوفٍ عليهم! ها قد وصلنا إلى قرابة منتصف العام الذي تشرّف بأن يُسمّى عام زايد، تمر بالمباني الحكومية والمؤسسات والمتاجر الكبيرة فلا تُخطئ عيناك صور الراحل الكبير، عليه مغفرة الله ورحمته، تغطي مساحات كبيرة من جدرانها الخارجية، وتمر في المكاتب وببعض المجالس، فتجد صوره بدبابيس معدنية تُزيّن صدور «الكنادير»، يرنّ هاتفك الذكي كثيراً بوصول سيلٍ لا يتوقف من ملفات الفيديو التي تحمل مقاطع من كلماتٍ مسجلة له، رحمه الله، بذلك الصوت الملائكي، الذي يأخذ بالذاكرة والأنفاس والأزمنة معها، ولكن رغم تلك الحفاوة وهذا الجهد إلا أنّ هناك شيئاً ناقصاً، شيئاً…
السبت ١٢ مايو ٢٠١٨
ربما وبعد كل تلك التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة وبعد حالات الانكشاف الكبرى في كثير من الملفات وبعد انهيار مشروع الإسلام السياسي في المنطقة وتراجعه في العالم، ليس أنسب من أبوظبي لتكون مقرا ومنطلقا للحدث العالمي الضخم الذي شهدته الأسبوع الماضي: المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة.. الفرص والتحديات. هذا أحد الملفات التي شهدت صمتا طويلا جعله رهينة طيلة العقود الماضية لدى المؤسسات والتنظيمات الحزبية والحركية إلى الدرجة التي تأزمت فيها علاقات المسلمين في البلدان غير المسلمة بأوطانهم وأصبحوا قضية معقدة بدلا من أن يكونوا جزءا من النسيج الاجتماعي في أوطانهم. ومنذ عقود اتجهت جماعات الإسلام السياسي والكيانات الداعمة لها لتجعل من المسلمين في تلك البلدان سلاحا من أسلحتها وورقة من أوراقها التي تتفاوض بها مع الحكومات هناك وتجني من خلفه كثيرا من المكاسب التي تدعم عملها السياسي والحزبي.. كانت المنابر والفتاوى والمؤسسات الإسلامية أشبه ما تكون بغرف التوجيه والتحكم التي سعت من خلالها جماعات الإسلام السياسي للتأثير في تلك التجمعات الإسلامية،…
السبت ١٢ مايو ٢٠١٨
ما ذكره الدكتور خالص جلبي في ثنايا سعادته الغامرة بالعيش في المغرب الشقيقة جدير بالتأمل، ويطرح تساؤلاً جاداً سبق أن دارت مناظرات حوله كثيراً، وهو أنه ليس من الضروري أن تكون إنساناً رائعاً بمجرد أنك كاتب متميز أو مفكر كما يصفون خالص. لم أكن أقرأ لجلبي من قبل، ليس استهانة أو اي شيء آخر، ولكن ما كان يكتبه آنذاك لا يستهويني، غير أنني لا أنكر أن له شعبية لدى كثير من قراء جريدة الرياض آنذاك. يقول جلبي بمعرض إعرابه عن سعادته؛ انه نادم على فترة أمضاها (30 عاما) عند قوم ليس عندهم إلا فيض من المال، بل وأردف أنهم خالفوا الفطرة السليمة، أنا أتفق مع الرجل أن هناك أناسا كذلك، ولكن ما ذكره ينطبق على كل شعب وليس فقط السعوديين. نعم، ربما كان السعوديون بالمتوسط أكثر ثراء من دول كثيرة في العالم، ولكنهم ليسوا الأكثر ثراء قاطبة، وقد يكون هناك أناس منهم يرى نفسه أفضل من الآخرين، ولكن كثيرين يظنون…