الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٧
< في مقدمة كتابه «برنارد شو» يعرض المفكر سلامة موسى حياة برنارد شو وأعماله ويقول: «إن الأدب يجب ألا ينفصل عن المشكلات الاجتماعية والسياسية، أي يجب أن يعبّر عن شؤون المجتمع والارتقاء بالشعب نحو القيم الإنسانية، وفي آراء برنارد شو ما يحل هذه المشكلات، وقد يجد فيها أصحاب العقول المقفلة كفراً بالعقائد والأخلاق، وهذه ليست سوى عادات اجتماعية والالتزام بها يعد تجمداً وإعاقة للتطور». ويشير سلامة موسى إلى أنه قلّ أن نجد عظيماً في شأن من الشؤون البشرية إلا وله هوسة أو لوثة أصابته في شبابه من حيث التسليم بالقواعد الاجتماعية والسياسية التي يعايشها، ويحاول أن يتنكر لنظام مجتمعه أو نظام حياته. في 1881 ظهر رجل أميركي في لندن به لوثة يدعى دافيد سون، دعا إلى ما يسمى «الحياة الجديدة»، وكان لهاتين الكلمتين إغراء له قوة السحر في النفوس، وفكرته أنه يجب أن نحيا حياة جديدة لها قيم جديدة تلغي التقاليد والعادات القديمة، ومن تلك القناعات أن نكتفي بقناعة العيش…
الإثنين ١٦ يناير ٢٠١٧
(الناس يولدون أحراراً)، عند التأمل في هذه العبارة نكتشف أنها عبارة ديماغوجية تصلح للجماهير، ولكنها ليست عبارة دقيقة تستطيع تفسير التناقضات الاجتماعية في معنى الحرية، فالناس يولدون بغرائز للحياة كأي نوع من الثديات، فيلتقم الطفل الثدي كمصدر للغذاء دون تعليم، ولا يدرك نفسه كذات إلا في مراحل متقدمة من طفولته مع أولى تأملاته في المرآة، بخلاف كثير من الثديات التي تنظر لنفسها في المرآة كأن صورتها شخص آخر. الحرية تمرين وليست حالة، فبتعقيدات الحضارة الإنسانية يجب أن نتجاوز المفاهيم القديمة لمعنى الحرية الذي يرتكز على معنى طبقي لم يعد موجودا في حضارتنا الإنسانية، فالحر حسب المعنى القديم هو عكس العبد، وهذا في معيار الحضارة الإنسانية الحديثة معنى بدائي بائد، بشكله الظاهر، ولكنه موجود بمعناه، لتصبح الحرية مفهوما يحتاج للتدريب والتمرين الذهني، كي لا يصبح الإنسان عبداً بشكل ما وهو لا يشعر، ولهذا كانت عبارة (العالم الحر) - وإن كانت من بقايا الحرب الباردة - التي يوصف بها العالم الأول عبارة…
الإثنين ١٦ يناير ٢٠١٧
كانت بعض الشركات والمؤسسات تتمتع بحصانة إعلانية ضد النقد في وسائل الإعلام التقليدية، لكن وسائل التواصل الاجتماعي أسقطت هذه الحصانة، فلن يعد بإمكان هذه الشركات والمؤسسات أن تفلت بقرارات لا تحظى بالقبول لدى المجتمع! أصبحت قرارات تتعلق بفصل الموظفين السعوديين تعسفيا وتفضيل الموظفين الأجانب، أو تلميع الوجه بالسعودة الوهمية لا تمر مرور الكرام أو تُخفى تحت عباءة المصالح الإعلانية، ففي زمن الإعلام الجديد أصبح المجتمع طرفا أصيلا ومباشرا في الدفاع عن مصالح فئاته وتبني قضاياهم! ففي بعض قضايا الفصل الجماعي لموظفين سعوديين في شركات ومؤسسات ظلت تعمل وتجني أرباحها لسنوات طويلة بهوامش ربحية عالية ساهمت في إثراء أصحابها ثراء فاحشا لا يمكن أن تقنع المجتمع فجأة بأن الظروف الاقتصادية تحتم التخلي عن بعض الوظائف خاصة إذا كان استمر الأجانب في شغل نفس الوظائف التي يشغلها زملاؤهم السعوديون! وكنت ممن طالبوا وزير العمل السابق بمراجعة المادة ٧٧ فكان الجواب أن الوزارة ستدافع عن حقوق العاملين السعوديين من الفصل التعسفي، لكن ذلك…
الإثنين ١٦ يناير ٢٠١٧
لا تزعم أنك غير معنيّ. وأن تلك البلادَ بعيدة. أنت تعرف أنها مجاورة لبلادك وإن كانت في قارة أخرى. وأن سفارتَها أكثر من سفارة. وأن الاقتصاد العالمي يعتل إذا مرض اقتصادها الذي يحتل موقع الصدارة. وأن أساطيلها سيدة البحار والمحيطات. وأن عيونها الساهرة في الفضاء لا تنام. أنت تعرف جيدًا أنها القوة العظمى الوحيدة. وأن كلمتها مرهوبة الجانب في مجلس الأمن، حتى ولو لم تلجأ إلى سيف «الفيتو». وأن إصابات طائراتها دقيقة، سواء كانت بطيار أم من دون طيار. وأن أرقى الجامعات على أرضها وأنك تشتهيها لأبنائك. وأن ثورات علمية وتكنولوجية تتلاحق في مختبراتها. وأن سلوكها يمسّ مصير بلادك واستقرارها. مرة حين تنتابها شهوة التدخل المفرط. وأخرى حين تنسحب وتختار العزلة والانطواء. أميركا دولة عظمى ومشكلة عظمى. وسواء أحببتها أم كرهتها لا بدّ من الرقص معها. تخطئ وتصحّح. تتسرّع وتتهوّر ثم تنكفئ. يشكو العالم يومًا من حضورها الطاغي. ويشكو في يوم آخر من الفراغ المخيف الذي يحدثه انسحابها. ذات يوم…
علي عبيدكاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة
الإثنين ١٦ يناير ٢٠١٧
ذهب الرجال الأوفياء الأخيار إلى بارئهم، ورجعت نفوسهم المطمئنة إلى ربها راضية مرضية، لتدخل في عباده وتدخل جنته، وخاب الخونة الأشرار ذوو النفوس الشريرة، التي تكره الحياة والخير والنماء، وتنشر الموت والشر والخراب. ذهبت نخبة من أبناء الإمارات الأخيار، ليزرعوا بذور الخير في أرض أفغانستان المجدبة، التي تعاني من الفقر والجهل والتخلف، بعد أن نشرت فيها قوى العنف والإرهاب، الخراب، فكانت في انتظارهم أيادي الغدر، التي استطاعت أن تنال من أجسادهم التي نذروها لنشر الخير والنماء، لكنها لم تستطع أن تنال من أرواحهم المحلقة دائماً في سماء الطهر والنقاء، تلك التي لا يعرفها الأشرار، ولا يستحقون أن يستظلوا بها. وأيّاً كان أولئك الذين أقدموا على هذه الفعلة الخسيسة والجريمة البشعة، فاغتالوا رجالاً ذهبوا لغرس بذور الخير في تلك الأرض التي عصفت بها الصراعات، وأيّاً كانت جنسياتهم وطوائفهم وانتماءاتهم، فهم ليسوا أكثر من جبناء، دفعتهم الخسة والنذالة للإقدام على فعل جبان. لم يستطيعوا مواجهة الخير بخير مثله، فكان الغدر هو وسيلتهم…
فاضل العمانيكاتب سعودي مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٧
مازال السؤال الكبير يُطرق مسامع المشهد الثقافي العربي منذ عقود وحتى الآن: من المسؤول عن تدهور "منظومة الذائقة العربية"، الثقافية والفكرية والحضارية والفنية والاجتماعية؟ والإجابة عن هذا السؤال الملتبس، تحمل الكثير من الهموم والشجون والتعقيدات، فضلاً عن الإجابات المعروفة والمباشرة والجاهزة. في مساحة محدودة كهذا المقال، أجدني مضطراً لممارسة الاختزال والاختصار والتركيز، لذا سأكتب عن صورتين ذهنيتين/ نمطيتين تم تكريسهما وتقديمهما كإجابة لذلك السؤال، بل وعلى الكثير من الأسئلة المعقّدة الأخرى التي تحتاج لدراسات متخصصة وتحليلات متعمّقة، لا مجرّد انطباعات متعجلة أو إسقاطات جاهزة. الصورة النمطية الأولى، هي للمواطن العربي البسيط الذي حُمّل أسباب ذلك التدهور الثقافي والأخلاقي والحضاري في العالم العربي، لأنه -أي المواطن العربي- لا يبحث عن "المحتوى" الجيد من الأفكار والرؤى والآداب والثقافات والفنون. وهذه التهمة المستمرة لهذا المواطن العربي البسيط، محاولة خبيثة للالتفاف حول حقيقة ذلك التدهور في منظومة الذائقة العربية. المواطن العربي، وهو القارئ والمشاهد والمتابع والمتفاعل والمتأثر بكل ما يُنتج، ينجذب للأسلوب العصري الجذّاب…
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٧
أعاد سماحة المفتي في المملكة العربية السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، لدى إجابته عن سؤال، على محطة «المجد» التلفزيونية، الحديث عن مشاريع التطوير الترفيهية، وهي جزء من خطط الرؤية المستقبلية للمملكة، التي تسعى للاستفادة منها في خططها التنموية، وإنهاء نحو عشرين عامًا من العزلة والجمود. أثار كلامه جدلاً؛ فاحتفى به من احتفى، وانتقده من انتقد، لكن في رأيي، أن ما قاله المفتي فيه تأييد وليس ضد التوجه الجديد. لم يقل إنه ضد السينما مطلقًا ولا ضد الحفلات، إنما كانت لديه تحفظات، ردًا على سؤال أقحمت فيه عوامل افتراضية. وسماحته اشترط لرفضه في حال كانت الوسيلة لنشر الخلاعة والإلحاد. لكن المفتي لم يقطع إجابته بالرفض والتحريم، كما اعتدنا من بعض رجال الدين المتعجلين أو المتطرفين، بل دعا الله أن يوفق القائمين على هيئة الترفيه، وأن يحوّلوها من سوء إلى حسن. كرسي الإفتاء في السعودية موقع ديني كبير، فهو بمثابة مفتي كل المسلمين السنّة في العالم، كون المملكة العربية السعودية تمثلهم…
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٧
ملايين المشاهدات حققتها أغنية سعودية ساخرة نشرها مبتكرها ومصورها الفنان السعودي الشاب ماجد العيسى على موقع يوتيوب، خلال أسبوع واحد فقط انتشرت فيه الأغنية بين متصفحي الإنترنت السعودية والعرب انتشاراً لفت انتباه بعض الصحف الأجنبية التي أشارت إليها وترجمت كلماتها الطريفة إلى اللغة الإنجليزية بمعان بدت أكثر طرافة لدى متلقينا العربي! اعتمدت أغنية «هواجيس» على دمج أغنيتين شعبيتين تترددان على ألسنة النساء البدويات في حفلات الأعراس والأفراح بلحن تراثي معتاد وبطريقة ساخرة، وكعادة هذا النوع من الأغاني الشعبية يغيب اسم الشاعر، أو الشاعرة، تماماً عن المشهد غالباً؛ لأنها تمثل من يرددها لاحقاً تمثيلاً ثقافياً بشكل حقيقي أحياناً وبشكل مستعار أحياناً، لكن لا يشك أحد أن كاتب هاتين الأغنيتين الشعبيتين امرأة أو امرأتان ليس فقط لأنهما على لسان امرأة وبلغة نسائية وحسب، ولكن أيضاً لأنهما تعبران عن مكنونات المرأة بدقة شديدة لا يمكن للرجل أن يعبر عنها على هذا النحو من الحميمية. الأغنية الأولى مكونة من بيتين فقط تقول الشاعرة المجهولة…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٧
نعم، نتائج امتحانات الطلاب التي أعلنها الدكتور علي النعيمي منذ عدة أيام على الهواء مباشرة، كانت صادمة وإن لم تكن جديدة، فكثيرون في حقل التعليم يعلمون أن أوضاع ومستويات الطلاب آخذة في التدهور لأسباب مختلفة، الدكتور النعيمي قال الحقيقة بوضوح: 15 % نسبة النجاح، أي أن 85 % من مجموع الطلاب راسبون! هذا يذكر بأمرين: الأول بتلك النتائج التي كنا نسمعها تذاع في نتائج امتحانات الثانوية العامة في منتصف الثمانينيات، المدرسة الفلانية »لم ينجح أحد«، والفرق أن عدد التلاميذ في تلك المدرسة النائية غالباً ما لا يتجاوز أربعة أو خمسة طلاب في معظم الأحيان، وهي نتيجة قد تبدو مقبولة ومبررة قياساً بتلك الأيام البعيدة، لكنها غير مقبولة أبداً، بعد كل هذا التطور الذي أصاب جميع بنى المجتمع ومجالاته في دولة الإمارات، وبعد كل ما نراه ونلمسه من اهتمام القيادة ورعايتها لبرامج وخطط وتوجهات مؤسسة التعليم الأولى في المجتمع: وزارة التربية والتعليم. الأمر الثاني الذي تحيلنا إليه هذه النتيجة هو ذلك…
الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٧
عرف العراق أول آلة موسيقية في الحضارة الإنسانية، لكن في إحدى حالات الانحطاط قبل ألف عام، لاحق المتطرفون آلات الموسيقى فدمروها. لم تكن المعركة بين الحلال والحرام كما يشاع؛ بل كانت من أجل الهيمنة على الناس والاستحواذ على خياراتهم! نحتاج إلى قراءة بانورامية للمشهد السياسي والاجتماعي لبغداد؛ حاضرة الدولة الإسلامية، عشية تسلم الخليفة الراضي مقاليد الحكم هناك. في عام 322 للهجرة، أي ما يقارب 934 للميلاد، كانت الدولة العباسية في حالة تمزق وانحلال سياسي، مع انشقاق أقاليمها وقيام دويلات في أطرافها. شهدت البلاد حركات يمكن اليوم تصنيفها بأنها «إرهابية»، كالقرامطة، وشهدت حركات تطرف فكري بعضها ادعى الألوهية، وفي تلك الفترة، خصوصًا في السنة الأخيرة لحكم الراضي، شهدت بغداد ما يشبه الفيضان، «غرقت بغداد غرقًا عظيمًا، حتى بلغت زيادة الماء تسع عشرة ذراعًا وغرق الناس والبهائم، وانهدمت الدور...». وسط هذا المشهد، فوجئ الناس بحركة تطرف من نوع خاص، قام بعض المتدينين بمهاجمة مجالس الترفيه واللهو حتى صاروا، كما يقول ابن الأثير…
الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٧
لأمثالي ممن تابعوا رحلة شرطة أبوظبي منذ أن كانت «كرافانات» متناثرة في منطقة الكرامة من عاصمتنا الحبيبة وبعض الملحقات في قصر الشيخ مبارك بن محمد، رحمه الله، في سبعينيات القرن الماضي، وحتى يومنا هذا في عصر خدماتها الذكية، تبدو الرحلة محطات متسارعة تختزل في طياتها جهداً كبيراً وعظيماً ينبئ عن عظمة الرؤية ووضوح البوصلة التي استهدفت خدمة وإسعاد الإنسان، وأكدت إيجابية التفاعل مع تطلعاته وطموحاته في خدمات جهاز شرطي بٌني على عقيدة واضحة بأنه جزء أصيل ومكون مهم وجد ليكون مع الناس ولأجل الناس وفي خدمة الناس بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لا جهاز للتسلط والسلطة وإنفاذ القانون ومطاردة الخارجين عليه فقط. هي هذه الروح الوضاءة الوثابة التي جعلت من شرطة أبوظبي في هذه المكانة السامية والمتميزة عند أفراد المجتمع ممن ينعمون بالخدمات المتنوعة التي تقدمها لهم في مختلف المجالات والميادين، وتحرص معها في المقام الأول أن يكونوا شركاءها الأساسيين والاستراتيجيين في الوقت ذاته، فهم الهدف والغاية التي تتقدم…
الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٧
الساعة الآن الثامنة مساءً، أنتَ جالس في بيتك، ترتدي ثياباً منزلية مريحة. أعددتَ وجبة دافئة، اخترتَ فيلماً جديداً، ضغطتَ على زر التشغيل، وبينما يقوم جهاز «أبل تيفي» بتحميل الفيلم تفتحُ هاتفك، فترى صوراً لأصدقائك في مقهى جديد، وتحت الصور دعوة لك للحضور.. تنظرُ إلى وجبتك، فيلمك الذي بدأ، دون أن تشعر، تُرسلُ اعتذاراً في «جروب الشباب»، فيلحّون عليك بالحضور، وهم يقولون «فاتك».. حينها تدخل في أزمة نفسية، وتفقد الأمسية متعتها! هذه الحالة تُسمّى فومو FOMO، وتعني Fear of Missing Out، أي الخوف من أن يفوتنا شيء. نخاف من ألّا نعرف «الكوفي شوب» الذي افتُتِحَ في شارع جميرا قبل أيام. نخاف من ألّا نتذوق الحلوى الجديدة التي وصلت إلى «دبي مول» أخيراً. نخافُ من ألّا نحضر كل شيء، ونجرّب كل شيء، ونرى كل شيء، وربما نعرف كل شيء. صار جلوسك في بيتك بعطلة نهاية الأسبوع دليلاً على مقدمات الاكتئاب، هذا ما يقوله لك أصدقاؤك. أما الذهاب في رحلة برية، والمبيت في…