آراء

آراء

الناجحون في الأرض

الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢

كيف ينجح المرء في بيئة لا تهيئ للمرء سبل النجاح؟ وكيف يفشل آخر في بيئة مهيأ فيها كل أسباب النجاح؟ النجاح منظومة متكاملة يتداخل فيها الحظ مع التعليم مع الجهد مع المغامرة ومع أشياء أخرى، نعرفها ولا نعرفها. والأهم أن نعرف معنى النجاح؟ للأسف فإن النجاح عندنا يختزل في الثراء أو في المنصب الكبير! النجاح عندي أن تصل إلى هدفك الذي رسمته بنفسك لنفسك. الإنسان الطموح لا يرضى بدون ما تمناه لنفسه. فإن أغلق في وجهه باب طرق أبوابا أخرى. وإن ضاقت به أرض رحل لأخرى. الناجح ينتصر دوماً لنفسه بالمحاولة من جديد. إنه يرفع سقف طموحه كلما حقق هدفه. النجاح مسيرة مستمرة لا تتوقف عند منجز واحد نتقاعد بعده. ثمة وصفة مشتركة للنجاح: تحديد الهدف ثم العمل مع الإصرار على الوصول إليه. لا تنتظر أن يطرق النجاح باب بيتك وأنت على سرير نومك. ولا تقل إن أبواب النجاح مغلقة لأن باباً سد في وجهك. اقرأ في تجربة النجاح وستجد أن العمل مفتاحه. وأن الصبر من شروطه. وأن حب ما تعمل يعجل بالوصول إليه. ليس شرطاً أن ترث الملايين كي تبدأ تجارتك ولا أن تكون سليل عائلة لها حظوة كي تحقق ذاتك. أبواب النجاح كثيرة. ومفتاحها العمل والصبر والإيمان. تذكر دوماً أن النجاح يعني -من ضمن ما يعنيه- أن تحقق…

آراء

الرشيد وشارلمان.. وحديث “ستيرن”

الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢

كثيرا ما رُبط التطور باحترام الوقت، فذلك يعني الانضباط في مختلف المجالات ويعني الإنجاز والإنتاج وهو "حالة ثقافية" تتكون مع التربية وسني التعلم الأولى، فنجد مجتمعات ترتقي فيها "ثقافة احترام الوقت" وأخرى تختفي فيها، وكم تندر العرب على أنفسهم وعلى الذين يتأخرون عن مواعيد محددة لإلقاء كلمة أو لافتتاح إحدى الفعاليات من ندوات أو معارض وغيرها. وكم حدد بعضنا موعدا "بعد العشاء" للقاء صديق أو لزيارة، متجاهلين عدم دقة الوقت. كل ذلك ناتج عن تراكمات في الثقافة المجتمعية تكرس عبرها تمييع الوقت، وعدم الانتباه إلى أن دقته تؤدي إلى أمور كثيرة تنتظم من خلالها باقي أمورنا الحياتية. أشياء من التاريخ وفهم الوقت وإشكالية التطور الحضاري ونقيضه قادتني منذ يومين لزيارة "معرض فن الساعات الكبير" بمدينة جميرا في دبي، وما إن رأيت المعروضات القديمة والحديثة وشخصا منهمكا على تركيب قطع دقيقة في إحدى الساعات أمام رواد المعرض حتى تذكرت براعة العرب قديما فيما سمّي علم الحيل. عدت إلى الحكاية الشهيرة التي قرأناها عن الساعة الكبيرة أو "الأعجوبة الهندسية" التي أهداها الخليفة العباسي هارون الرشيد للملك الفرنسي شارلمان قبل اثني عشر قرنا، وقيل في بعض الروايات إن شارلمان وحاشيته ذهلوا من شكلها وطريقة عملها، أما الرهبان فظنوا أن الشياطين تسكنها واستغلوا سكون الليل وأحضروا أدواتهم وحطموها. من بعض ما ذكر عن الساعة…

آراء

جامعة الدول العربية.. نذير البؤس!

الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٢

ليت جامعة الدول العربية “تغسل يدها” تماماً من الشأن السوري. إنها اليوم فقط معطلة للقرارات الدولية المرتقبة ضد بشار الأسد ونظامه الطائفي. وكل هذا التعطيل لا يخدم سوى أجهزة الموت التابعة لنظام بشار كي تُسفك المزيد من الدماء وتمارس المزيد من التعذيب. أكاد “أبصم بالعشرة” أن أغلب من يتداول الشأن السوري سياسياً يعرف أن بشار -ككل الطغاة في التاريخ- على يقين تام أنه لن يقدم أي تنازل ناهيك عن قبول فكرة التنازل عن سلطاته لنائبه حتى وإن كان شكلياً كما في الحالة اليمنية. بشار اليوم يحتمي بالطائفة وبتخويف الناس من الحرب الأهلية والإرهاب. لم تعد اللعبة غامضة على أحد. الطائفة في سورية هي الحاكمة. فضابط صغير من طائفة الرئيس يملك من السلطات ما لا يملكه “لواء” من طائفة أخرى أعطي الرتبة فقط لذر الرماد في العيون. واجهات النظام السياسية، من نائب الرئيس ومن في دائرته، ليسوا سوى واجهات “تمثيلية” لإخفاء الصبغة الطائفية على نظام الأسد. وهو اليوم يُجيش طائفته -وفيهم من ضحاياه كثير- مهدداً إياها بأن نهايته نهايتها. حتى فزاعة أن السنة ستقضي على بقية “الأقليات” إن ذهب نظامه باتت “نكتة” عند غالبية السوريين. فنظام الأسد اليوم هو الموت. وهو الكارثة التي حلت بالسوريين منذ عقود. لكن من شبه المستحيل أن يبقى الشعب السوري مذعناً لظلم النظام وقهره خاصة في…

آراء

تعلموا «الإنجليزية» ولو في الصين!

الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠١٢

تخرجت في الجامعة وأنا لا أستطيع أن أكتب جملة واحدة بالإنجليزية. كنت -مثل مئات الآلاف من أبناء جيلي- من “مخرجات” التعليم السيء جداً خصوصاً في اللغات الأجنبية. كان لدينا مدرس لغة إنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية. ودرسنا موادا “إنجليزية” في الجامعة لكن أغلبنا لم يتعلم شيئاً. كان المناخ العام لا يشجع أصلاً على التعلم. فلا المعلم يعرف اللغة الإنجليزية ولا الطالب مهتم أصلاً. ولم تكن هناك رقابة على جودة التعليم ولا قياسات لمستوى الطلاب. وحينما خرجت إلى العالم الحقيقي، في العمل والسفر، أدركت مباشرة “خطيئة” التعليم في بلادي وأطلقت “اللعنات” على من خذلني -على مدى السنوات الماضية- ولم يهيئني لدخول معترك الحياة مسلحاً بلغة العالم الجديد. قال أجدانا “إن التعلم في الصغر كالنقش في الحجر”. ومهما تعبنا -بعد الجامعة- في إجادة لغات أجنبية تبقى المعاناة مستمرة لأن اللغة تحديداً تصبح سهلة وممتعة حينما نتعلمها في الصغر. ولأننا في عالم جديد لغة اقتصاده وثقافته ليست العربية فنصيحتي أن نعمل حتى المستحيل من أجل تعليم أطفالنا لغات أجنبية، إنجليزية كانت أو فرنسية أو صينية. وبقدر الحرص الأكيد على تعليم أطفالنا لغتهم الأم وإجادتها كتابة وقراءة ونطقاً تأتي أهمية تعلم لغات أخرى على رأس أولويات التعليم. وإلا كنا كمن يرسل فرسان القبيلة لمعركة عنيفة بلا سلاح! لايهمكم أولئك الذين يحاضرون علينا ليل نهارعن…

آراء

الشركة الفاشلة!

الإثنين ٢٣ يناير ٢٠١٢

في السياسة، نسمع أحياناً بالدولة الفاشلة. تصبح الدولة فاشلة حينما تتعطل مؤسساتها أو تكون مؤسساتها مجرد حبر على ورق. وحينما تصل الدولة إلى قائمة الدول الفاشلة تهب دول العالم مستنفرة لتجنب مشكلات الدولة الفاشلة ومخاطر فشلها على الأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية. أي أن أذى تلك الدولة الفاشلة يتعدى حدودها وأحياناً محيطها. وعلى هذا القياس لك أن تتأمل في حال الشركة الفاشلة. لكن الكارثة الأكبر أن تكون تلك “الشركة الفاشلة” تمتلك كل مقومات النجاح ومع ذلك تبقى فاشلة. أن تبني بناءً جديداً أسهل أحياناً من ترميم بناء قديم أو على وشك الانهيار. خذ على سبيل المثال مطار ما في مدينة ما صرفت على “دراسات” تطويره مليارات وبقي هو ذات المطار. وما زالت مليارات “الدراسة” تتدفق وما صلح المطار ولن يصلح. خلاص: المسألة محسومة ومعروفة حتى لمن لم يركب طائرة في حياته. هذا – باختصار – مطار فاشل. وتلك شركة نقل عملاقة ينطبق على حالها المثل الشعبي الشهير: “من جرف لدحديرة”! مسكينة، أثقلتها سنوات المرض الطويلة – عافانا الله وإياكم – فلم ينفع معها لا علاج في ألمانيا، ولا “قراءة” مطوع في المدينة، ولا كي رأس في أبها. لم يعد لها منا إلا الدعاء الصادق بالأجر وحسن الخاتمة. نعم! لدينا شركات “فاشلة” ومن العبث أن تهدر عليها المليارات في “التطوير” أو “دراسات…

آراء

كلاسيكو العالم.. متعة التعليق وأزمة “القدوة”

الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢

كان يفترض بمباراة فجر الخميس الماضي التي أطلقوا عليها "كلاسيكو العالم" بين ناديي ريال مدريد وبرشلونة في كأس إسبانيا أن تكون مثالا لفن كرة القدم واللعب النظيف، لكن جزءا كبيرا من ذلك لم يحدث كما رأينا على شاشة "الجزيرة الرياضية" بين فريقين تتابعهما الكرة الأرضية ويضمان نخبة من لاعبي العالم. فمنذ بدأ "الربيع العربي" وأخبار الثورات وتداعياتها تحتل الحيز الأكبر من الاهتمام، غير أن زحمة أخبار تلك المباراة، وطلب ابني "بشر" بتقديم شرح عن تفاصيلها جعلاني أضع مشاهدة "الكلاسيكو" ضمن برنامج السهرة بحثا عن هروب وقتي من مشاهد العنف وقمع المتظاهرين، غير أن العنف كان سيد الموقف أيضا في "الكلاسيكو" الكوني، ما يجعل قضية "القدوة الرياضية" في أزمة، فعشرات الملايين من الجيل الفتي في مختلف الدول تسمروا أمام الشاشات ليستمتعوا بفن كروي متميز من لاعبين كبار، لكن الشوائب تداخلت مع الفنى فأفسدته، وبعض الكبار صاروا صغارا بأفعالهم، وتكفي لقطتان للدلالة على غياب الروح الرياضية تم فيهما انتهاز انشغال الحكم في حالة أخرى – وكأننا في إحدى تمثيليات المصارعة الحرة – إذ تجاهل لاعبان عشرات الكاميرات المزروعة في الملعب ليمارسا العنف ضد حامل لقب أفضل لاعب في العالم الأرجنتيني ميسي أو اللاعب "الجني" على رأي عصام الشوالي الذي أمتع في تعليقه. اللقطة الأولى للاعب "الريال" بيبي وهو يدوس عامدا بقوة على…

آراء

النصيحة سراً: ليست وظيفتي!

الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢

هاتفني ناصحاً: ليتكم في الإعلام تحرصون أن يبقى نقدكم للمسؤولين والوزارات نصيحة لا تعلن على الملأ. أجبته بأن من وظائف الإعلام الأساسية أن ينتقد وأن يراقب مواقع الخطأ ونقاط التقصير بالقدر المتاح من حرية التعبير ومساحة النقد. قال: وما الفائدة حينما تشهرون بمسؤول أو مؤسسة؟ قلت: إن النقد ليس تشهيراً بل ضرورة حضارية ومن شروط المهنية في الصحافة. أما التشهير فهو ممارسة قبيحة تحترفها بعض المواقع الإلكترونية ممن يتبرقع “أصحابها” بالأسماء المستعارة. وكثيراً ما قيل لي – من باب النصيحة – ما ذا سيضيرك لو رفعت سماعة الهاتف وخاطبت المسؤول مباشرة بدلاً من عرض المشكلة على الناس. تلك النصيحة مما يندرج في “الوصاية الأبوية”. ليست وظيفتي أن أهمس في أذن المسؤول كي يصلح من أحوال مؤسسته. تلك من مسؤوليات مستشاريه ودائرته الخاصة. وأولئك الذين يغضون الطرف عن مواطن الخلل والفساد فهم في رأيي شركاء في الخلل والفساد. هذا اللبس في وظائف الإعلام يتحمل الجزء الأكبر من مسؤوليته بعض “الحرس القديم” في إعلامنا ممن فتحوا باب المنافسة للمبالغة في مدح المشاريع وتضخيم المنجز والتطبيل للمسؤولين حتى ظن بعضهم أنه فوق النقد وأنه لا يخطئ وأن الصحافة مجرد مطية يصل بها لمناصب أعلى! قبل سنوات علقت على مقال كتبه د.عبد الله ناصر الفوزان يدحض فيه فكرة “النصيحة بالسر” التي يطالب أحياناً بها…

آراء

مأزق المثقفين مع الإعلام الجديد

الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢

بعد أن اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي عالمنا العربي واستقطبت معظم الجيل الشاب، وجد المثقفون والدعاة والفنانين وغيرهم من الشخصيات العامة أنفسهم في معزل عن جمهور المتلقين فاضطروا لعمل حسابات لهم في تلك المواقع للتواصل مع الناس، لكن المأزق الذي وقع فيه عدد منهم هو اهتزاز الصورة المرسومة لهم لدى القارئ أو المشاهد أو المعجب نتيجة آراء أبدوها لم تعجب الآخرين، أو بسبب ضعف التعبير اللغوي عند كاتب صحفي أو وقوف فنان ما مع النظام الذي يثور شعبه عليه فيما هذا المعجب أو ذاك مع الثورة، فتتصادم الأفكار وتحدث القطيعة. من المآزق التي وقع فيها أحد الدعاة أمس على موقع "تويتر"، حديثه مع إحدى النساء حول راحة المرأة وراحة الرجل، فيخاطبها قائلا "طيب كون المرأة تقعد 7 أيام شهريا بلا صلاة.. و7 أيام برمضان بلا صيام.. وتسمع الأذان بشدة حر الظهر وتصلي بالبيت وحنا نخرج للمسجد.. أليس راحة لها".. فترد عليه "يا شيخ ...... شوي شوي علينا والله لو تذوقون ألم الدورة الشهرية ما تتحملونه والله والله انه ألم قوي يهد الحيل".. وهنا يأتيها الرد الذي استغربه الكثير على تويتر "أختي أعصابك علينا.. أشغلتونا آلام ولادة دورة مدري إيش!! كلش له حبوب تسكن ألمه بـ5 ريال.. لو تمسكك زحمة الدايري بالشمس عرفتي معاناتنا". وعذرا إذ نقلت النصوص السابقة بما فيها من…

آراء

شعب الله «المديون»!

الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢

خليجياً، الكل يشتكي من الديون. شاب في مقتبل العمر مزحوم بهموم ديونه للبنك في مشروعه الخاسر بسوق الأسهم. وآخر ما زال البنك شريكه في راتبه الزهيد يسدد به قرض السيارة التي قاربت على الهلاك ولم يكمل سداد قرضها. المتزوج حديثاً -في الغالب- منشغل بديونه أكثر من انشغاله بشريكة العمر. وبعضنا، كلما زاد راتبه زادت قروضه: سيارة للعائلة وتوسعة للبيت وسفرة طويلة في الصيف. ليس ضرورياً أن تكون القروض مما يأتي في باب “الفشخرة” لكن كثيراً منها فرضته على مجتمعنا حديثاً ثقافة استهلاكية كاسحة. لكأننا نقضي أعمارنا سداداً للقروض وخدمة للبنوك. يقول صديقي مازحاً إنه يزور البنوك أكثر من زياراته لأقاربه. وقال إنه يوم العيد يتمنى لو يزور مديري البنوك، بنكاً بنكاً، ليقبل رؤوسهم فهم -كما وصفهم صديقي- “أعمامه” الجدد ورضاهم يأتي في رأس الأولويات. وأعرف رجال أعمال كباراً ظننتهم أبعد الناس عن هموم الديون، فاكتشفت أن أغلب مشروعاتهم قائمة على قروض بنكية. الحكومات والشركات والأفراد يقضون أوقاتاً طويلة في معمعة الديون. الغني مدان والفقير مدان. أعرف أن الديون ليست عيباً، لكنها إن كانت عبئاً على الحكومات فهي أشد وطأة على الأفراد. وفي مجتمعاتنا -وهي النفطية التي يظن البعيد أن أفرادها يعيشون في رفاهية لا نعرف معها أين نكدس الملايين- بات الفرد، في الغالب، يمسي على دين ويصبح على قرض. لا…

آراء

مشروع مارشال العربي يلغي المحاور ويوحّد العرب

السبت ٢١ يناير ٢٠١٢

لماذا نحتاج إلى مشروع مارشال عربي؟ والحديث هنا لمن فاته مقال الأسبوع الماضي عن مشروع «إنعاش اقتصادي عربي» يركز على دول «الربيع العربي»، ولكن يمتد أثره إلى كل العالم العربي. نحتاج إلى هذا المشروع لأن كل الظروف باتت مواتية لنهضة عربية حقيقية أكثر من أي وقت مضى. إنها فرصة تاريخية محمّلة بآمال عريضة وآلام عميقة، تكلفتها باهظة، ولن تتكرر إلا كل مئة سنة. الشعوب متطلعة وقد أسلمت قيادها لمن اختارته هي، لا لجاهل اعتلاها بدبابة ومخابرات، إن ضيعناها ستمضي عجلة التاريخ بمن حضر وبمن اتفق وتآلف، وتنصرف عمّن غاب خشية أو تأنياً، ستنجح هنا وتفشل هناك ولكنها لن تتوقف، لن يعود مبارك والقذافي، فما حصل في «الربيع العربي» حتمية تاريخية كان لازماً أن يحصل. مارشال العربي يمكن أن يضمن لنا ثلاثة أمور كلها مهمة، أن يكون النجاح جماعياً، ويضمن تكاملاً عربياً اقتصادياً حقيقياً يؤدي إلى وحدة ما، وأخيراً وهذا هو الأهم، يمنع ظهور «المحاور»، هذا الداء الذي اصطلينا بناره فقسمنا وأرهقنا خلال العقود الأخيرة. فلا يجوز أن تنجح تونس بينما تغرق ليبيا في متلازمة القبيلة والنفط، أو أن تمضي مصر وحدها وهي من هي لكل العرب تبني دولتها العصرية ودستورها ولكنها تتحرك ببطء وعناء لثقل مسؤوليتها الاقتصادية تجاه شعبها الذي يقترب تعداده حثيثاً من مئة مليون، بل حتى يتعطل سيرها…

آراء

متى كانت آخر مرة؟

السبت ٢١ يناير ٢٠١٢

عندما كنتُ في المدرسة، كنتُ أقول في نفسي بأن أسعد أيام عمري ستبدأ بعد تخرجي من الثانوية، حيث لن يفرض أحد عليّ الاستيقاظ مبكراً، وحمل أكوام من الكتب، ثم التوجه إلى الجحيم.. نعم هكذا كانت المدرسة بالنسبة لي. ففي الثمانينات والتسعينات، كانت المدرسة عبارة عن معركة ضربٍ مُبْرِحٍ من أساتذة لا هم لهم سوى قضاء اليوم في إهانة الطلبة، ولا أكاد أتذكر من اتخذ التعليم منهم رسالة وليس حرباً، إلا ثلة قليلة. وعندما تخرجتُ من المدرسة ودخلتُ الجامعة، وجدتُ أن الدراسة هناك أثقل عبئاً، فقلتُ لنفسي بأنني سأرتاح عندما أتخرج وأعمل. وبعد أن توظفت، لم أذكر بأنني عدتُ إلى المنزل قبل المغرب إلا في أيامٍ معدودة، فأيقنتُ بأن المدرسة والجامعة كانتا أرحم بكثير. وكنتُ قبل أيامٍ واقفاً أنظر في صورة وضعتها زوجتي (هَيَا) في غرفة الجلوس، وقد جَمَعَتْها هي مع أطفالنا سعيد وعمر وعائشة، إلى جانب مجموعة صور أخرى التُقِطَت قبل عدة سنوات، فتفاجأتُ بأنني لم أكن في أي من تلك الصور! يا إلهي، تذكرتُ بأنني لم أكن متواجداً مع أسرتي كما ينبغي في تلك الأيام، لأنني كنتُ، ككثير من الرجال «أسعى لتوفير لقمة العيش لهم». ما أقبح أعذارنا نحن الرجال، نظن بأن لقمة العيش الهنيّة هي اللقمة الدّسمة، وننسى بأن اللقمة الحقيقية هي التي نتناولها مع من نحب، بغض…

آراء

طلقة الرحمة

السبت ٢١ يناير ٢٠١٢

في حفل التخرج السنوي لجامعة ستانفارد بالولايات المتحدة لعام 2005 وقف ستيف جوبز، وتحدث عن تجربته مع العمل والمرض والموت. كان بدوره يتحدث إلى آلاف الطلبة المقبلين على حياة جديدة، وفي طريقهم حينها لوداع حياة الدراسة المثيرة وبداية مسيرة العمل المختلفة. كان ستيف جوبز متماسكاً جداً، وهو يتحدث عن المرض والموت للطلبة وبكل ثقة يسرد مصاعب حياته، وآلامه لتكون أملاً ومحفزاً للكثير من الخريجين الذين طغت عليهم حالة الإصغاء للكلمة أكثر من فرحة التخرج. أحياناً يستخدم الموت كتحفيز وتذكير بالحياة والعمل، وهذا ما أراده المتحدث، وقال إنه عندما تواجه الموت بصفه يومية، وتتعامل معه كأنك مغادر قريباً يصبح كل يوم تعيشه حياة كاملة، حياة مختلفة. العمل يشكل علامة فارقة في حياتنا وهو المحرك الأساسي في هذه الحياة، وقد لا تستمر آلة الحياة بلا عمل، ويبقى البشر في دوامة العمل فترات طويلة من حياتهم، ويبقى خيار التوقف عن ممارسة العمل اليومي مرفوضاً عند الكثيرين، لأنه مصدر رزقهم. فإذا ترك أحدهم وظيفته، أو فصل لأي سبب، يعيش هذا الشخص حالة توتر وقلق مستمرين، ويسيطر عليه هاجس الفشل والخوف مما سيأتي، فالبقاء بلا عمل كالبقاء بلا أمل. فالمقابل يقسو البعض على أنفسهم، ويبذلون جهداً غير مسبوق، ويبقون في حالة عمل طوال حياتهم ويكتشفون متأخرين جداً أنهم في هذه الحياة السريعة الوتيرة التي لاتنتظر…