د. علي الطراح
د. علي الطراح
حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة متشجن الأميركية في عام 1984 . عمل مستشاراً ورئيساً للمكتب الثقافي لسفارة دولة الكويت في واشنطن 1989-1992 ومستشاراً إعلامياً ورئيس للمكتب الإعلامي في سفارة دولة الكويت في واشنطن 1992 - 1995 . عميد كلية العلوم الاجتماعية، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت .

«الصقور» والشرق الأوسط الجديد

السبت ١٩ أبريل ٢٠١٤

الشرق الأوسط الآن في حالة فقدان توازن. العراق يعيش حالة اضطراب كبيرة، والجزائر أوضاعها محتدة وحرب قبائل تشغل حيزاً فيها في بلد يفترض فيه تجاوز الفئوية، ومصر المقبلة على انتخابات رئاسية تعيش ظروفاً غير مستقرة، ولبنان يحاول أن يحافظ على فسيفسائه وأبوابه مفتوحة على الرغم من تطور الوضع السوري الذي تعقد واقتربت المدافع من دمشق العاصمة، وتحولت أنحاء من بعض دول المنطقة العربية إلى مساحة جغرافية تسيطر عليها منظمات «داعش» و«النصرة» وغيرهما من تنظيمات إرهابية مأجورة تقوم بمهام محددة لضرب المنطقة وفرض جغرافيا جديدة عليها. واليمن يعيش حالة فوضى كبيرة وتتوسع مخاطر جماعة الحوثيين وتقترب من صنعاء العاصمة. وفي الكويت تخرج المعارضة الجديدة بأجندة يتفق عليها شتاتها، ويوحدها ما وصلت إليه الأوضاع العامة، حيث إن التراخي في الحسم، من وجهة نظرها، أوجد أرضية لينة لنشوب سجالات محسوسة. وفي المجمل فالصراع الطائفي يشتد، وهو صراع تجاوز حال الاستقطاب بين السُنة والشيعة، وأصبح صراعاً يؤدي وظيفة إضعاف الدولة المركزية في بعض الدول العربية، فالسُنة والشيعة منقسمون على أنفسهم، والمنطقة العربية تعيش حالة من حالات الفوضى النادرة في العصر الحديث، وهي حالة تتناغم مع دعوات تغيير جغرافية المنطقة. والولايات المتحدة الأميركية، وهي الحليف التقليدي للمنطقة الخليجية، تندفع نحو تغير في تحالفاتها، ويلعب الصقور الدور المطلوب لدفع حدة الحرب على الإرهاب، وهي حرب قد…

نحو مبادرة خليجية

الثلاثاء ١٥ أبريل ٢٠١٤

نمط التفكير السائد في المنطقة الخليجية يحجب رؤية الواقع كما هو عليه. فالمتغيرات سريعة وردة الفعل بطيئة وغير منسجمة مع طبيعة الواقع الجديد، فالدول الخليجية تفكر بأساليب مختلفة عما هو مطلوب وفقاً للواقع المعاش والحقيقي، بينما المتغيرات تفرض وجودها مما يعقد القرار المطلوب. دائماً المبادرة تعتبر هي الوسيلة في مواجهة الإشكاليات وليس انتظار حلولها، ومن ثم التفكير في كيفية مواجهتها. تعايشت المنطقة مع خصوصية كل دولة خليجية، بينما اليوم نجد تفاوتاً في السياسات العامة التي لم تعد قاصرة في تأثيرها على الشأن الخاص، بل تعدت وأصبح هناك انعكاس على الشأن الإقليمي، ما حفز بعض من الدول الخليجية على أن تظهر حالة من عدم الرضا، والتباعد في المواقف. فقطر اختارت طريقها، ولم يكن اختيارها عشوائياً، فهي ترى في سياساتها تحقيقاً لتفوقها كقوة ناعمة، بينما سلطنة عُمان حافظت على وضعها منذ انضمامها للمحور الخليجي المتمثل بمجلس التعاون، والإمارات العربية المتحدة خرجت لتعلن موقفها بوضوح تجاه حركة «الإخوان المسلمين» لكونها شعرت بالخطر المتوقع من التنظيم الدولي وخلاياه المحلية، وكان موقفها تعبيراً عن تغيير استراتيجي داخلي حيال السياسة الخارجية التي يجب أن يتم الالتزام بها ضمن السياق الوحدوي أو الاتحادي، بينما جاء الموقف السعودي حيال حركة «الإخوان المسلمين» في فترة لاحقة، توافقت مع سقوط مرسي، وصعود الجيش المصري إلى الواجهة السياسية. أما البحرين، فهي…

أمة تعشق الكلام

السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤

مازحت القائم بالأعمال للشقيقة تونس في منظمة اليونسكو قائلاً: هل تعتقد أن هناك أمة مثل العرب مولعة بالكلام؟ فابتسم قائلاً إن للصحراء دورها، فالصحراء منفتحة ولا تعيق النظر والعرب أثرت فيهم هذه البيئة، فجعلتهم كثيري الكلام وعاشقين له. وفعلاً امتاز العرب بلغة الشعر وتفوقوا على العالم بحبهم للشعر والتغني بالحبيبة أو بالأمجاد، ويبدو أن ظلال البيئة التقليدية ما زالت ترسم بعض ملامح حياتنا، فنحن نحب الخطب ونحب التكرار ومولعون بالبيانات والخطب الرنانة، وهي أزمة ثقافية كما أراها، لكوننا قد نتكلم دون أن نصاحب الكلام بالفعل، وأحياناً ننسى ما قلناه ونعاود القول، إلى أن فهمنا العالم بأننا أمة عاشقة للكلام، وعرفنا بأننا قد نتكلم دون فعل. في انتكاسة 67 أصيب الشارع بصدمة وخرج الناس يطالبون جمال عبدالناصر بالعدول عن استقالته دون أن نشخص طبيعة الحدث وأسباب النكسة ومضينا في الطريق نعيد الفشل وكأننا نعشقه مثل عشق الحبيبة. وحدثت انتفاضات يضيق المجال عن عدها، وكلها تنتهي، ونمضي نسير في نفس الطريق. وكسر صدام حسين ركائز النظام العربي واحتل دولة عربية وأراد أن يمسحها من الخريطة، وتحرر الكويت، ويبقى النظام العربي الذي أفرز ظاهرة صدام على حاله دون عناء التفكير في تشخيص أمراض هذا النظام. ويأتي «الربيع العربي» بعد ذلك ويخرج الملايين في أكبر دولة عربية ويرفعون شعار الرحيل للرئيس مبارك ويتنحى، وقبل…

مجلس التعاون.. والمتغيرات الإقليمية

السبت ٠٨ مارس ٢٠١٤

سبق أن أشرت إلى الصمود التاريخي لمنظومة التعاون الخليجي، وبعض التصريحات السياسية المعتادة دائماً ما تقلل من حدة الخلافات الخليجية وتتعامل مع الأزمات باعتبارها طارئة ومن الممكن احتواؤها. والأهم أن هذه المدرسة ما زالت تؤمن بفكر عدم التعقيد في تعاملها مع قضايا حيوية تهم أمن المنطقة. وكنا دائماً نقول إن منظومة التعاون الخليجي جاءت وفق أجندة أمنية خاصة أملتها طبيعة المرحلة، إلا أن المتغيرات الإقليمية شائكة ومستجدة مما يتطلب تطوراً في الأساليب الدبلوماسية في كيفية التعامل معها. وثمة حقيقة واقعية وليست خيالية هي أن دول الخليج العربي تمتاز بخصوصية تستمد من طبيعة التعاضد الشعبي والنظم السياسية، فهي صمام الأمان، وأي مطالب تجديدية تقع ضمن هذه المعادلة التاريخية. وموضوع الأمن الإقليمي لدول الخليج العربية ينبغي أن ينظر إليه من خلال تبنٍّ شعبي للاتفاقية الأمنية، وأنه لا أمن إذا غاب الشعب، وفي الحالة الخليجية لدينا العلاقة المتميزة بين النظم السياسية وشعوبها، إلا أن هناك من أنصار المدرسة القديمة من قد يقدم لنا نماذج غير واقعية تغيب فيها الشعوب وتحاول أن تقيم جدراناً لا حقيقة لها بين شعوب المنطقة وأنظمتها السياسية. ونحن نؤمن بأن هناك ممن هم داخل أنظمة الحكم من يعون هذه الحقيقة، ويحرصون على تقديمها لأجل تجنيب المنطقة أي ثغرة قد تخل بأمنها. ومن الحقيقة أيضاً أن إيران دولة مهمة، ولا…

الطائفية… التحدي الكبير

السبت ٠١ مارس ٢٠١٤

لعلنا نتردد كثيراً في طرق باب الطائفية التي ظهرت بقوة في المنطقة العربية، وتزداد شراسة كما يتوقع لها، ونحن في دول الخليج العربي لم نعرف الفوارق الطائفية، وقد لا نشعر أساساً حتى بالانتماء المذهبي لمن نجالس لأنه لا يعنينا نهائياً. واليوم تخرج الطائفية بشراسة وكأنه مقدر للمنطقة أن تدخل في صراع مدمر ومنهك لمجمعاتنا العربية والخليجية. لماذا حدث ما حدث؟ بكل بساطة الورقة الطائفية صعدت في فترة زمنية تاريخية ارتبطت بنهوض القومية العربية، واعتبرها البعض تهديداً لمن ينتمي للأصول غير العربية، وحدثت تجاذبات في هذه الحقبة التاريخية. واليوم تخرج علينا الطائفية وتهدد أمن المنطقة الخليجية دون أن نحاول أن نقف وقفة تأنٍّ وتأمل لمعرفة لماذا يحدث ما حدث؟ وماذا علينا أن نفعل؟ بكل تأكيد كل مجتمعاتنا الخليجية لديها المكونات المذهبية المتعارف عليها، وهي أحياناً مرت بفترات شد وجذب، إلا أنها لم تصل إلى مرحلة مواجهات دامية. ولعلنا نتذكر الحرب العراقية الإيرانية إلا أنها أيضاً لم تفرز لنا الأمراض الطائفية، ولم يحدث انحياز مثلاً من قبل شيعة العراق للدولة الإيرانية، والتفسير الوحيد كان غلبة الانتماء العربي على الانتماء المذهبي. وهذه الصورة لم تستثمر بشكلها الفعال، وأهملنا مثل هذه الأمراض حتى وجدنا اليوم من يطالب بتقسيم المناصب الوظيفية وفق الطائفة، مما يدخلنا في نظام المحاصصة كما هو حادث في لبنان مثلاً، وهنا…

المثقفون ورقصة الهستيريا

السبت ٠٨ فبراير ٢٠١٤

في ورقة بحثية للمفكر العفيف الأخضر حول من هو المثقف العربي جذبتني هذه العبارة: «رقصوا رقصة الهستيريا الجماعية على ألحان الهذيان الجماعي لصدام حسين بعد اتخاذه قراره الانتحاري بضم الكويت. لقد تراءى لهم هذا القرار خطوة عملاقة على طريق الوحدة العربية بقيادة قائد ملهم جاءهم على غير انتظار». والعفيف الأخضر كان يناقش دور المثقف العربي وخلال مناقشته يجر القارئ إلى ملاحظة نكسات بعض المثقفين العرب بمقارنتهم مع أقرانهم في أوروبا. ومن الواضح في التحليل أن عالم الرشد والواقع بعيد عن تفكيرهم، ولذا كان عالم السحر يسيطر على مخيالهم. وينتقل العفيف الأخضر إلى القضية الفلسطينية وكيف كان بعض المثقفين يتسلى بها حتى استنفدت كل الطاقات. وهذه الصورة المستعارة وضعها لنا في عصر المعولماتية الذي غير معالم حياتنا. وعالم الاتصال يقول لنا إن ثمة ما يقرب من مليار مشاهد لبرنامج تلفزيوني، ويستخدم الإنترنت ما يفوق من مليارين، مع علمنا بأن كل أسبوع يخرج علينا فيه ما يقرب من 600 خدمة إلكترونية جديدة حتى تحول الواقع الافتراضي إلى واقع حقيقي نعيشه ولا نملك أن ننفصل عنه. وفي خضم هذا التطور الهائل يفكر بعضنا إن لم نقل أغلبنا في كيفية رفع الحوائط الإسمنتية لوقف موجات المعلوماتية اعتقاداً منهم بأنها تحجب نقل المعلومة، والتفسير بكل بساطة أن المثقف العربي يعيش حالة انفصال عن الواقع، ويعشق…

فتوى الوقت الضائع

السبت ٢٥ يناير ٢٠١٤

الإشكالية الكبيرة التي تواجهنا مع حركات الإسلام السياسي تتجسد في لغة التفاهم، فتلك القوى تزعم أنها قوى قادرة على الحوار وقبول وجهات النظر الأخرى، وفي الوقت نفسه تدخلنا في نفق الفتاوى وتكفّر وتقتل على مزاجها عندما لا تقبل الواقع. فتوى الشيخ الدكتور عجيل النشمي الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الكويت ورئيس ما يسمى رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون الخليجي، فتوى تعبر عن حنق الموقف والكراهية الكبيرة للديمقراطية التي يقولون إنهم يقبلون قواعدها وفي الوقت نفسه هم يريدون ديمقراطية مفصلة بطريقتهم الخاصة. النشمي قال عندما سقط مرسي، إن على «الإخوان المسلمين» أن يعدوا أنفسهم لاقتحام المؤسسات العسكرية لكي لا يتكرر الموقف المصري، فكانت الإشارة واضحة ولم تخرج بعبث بقدر ما كانت تعبر عن عقلية حركة «الإخوان المسلمين». شخصياً لا أرى غضاضة في الحوار والتفاهم لولا أن حركة «الإخوان» لها فكرها وفلسفتها المتجهة نحو الاستيلاء على السلطة ليس في مصر وحدها وإنما تتجه نحو الدول العربية وحتى الإسلامية الأخرى، فهي تجد في نفسها القوة المؤهلة للاستيلاء على السلطة! وقبل أيام قليلة خرجت علينا جماعة «داعش» بفتوى وسياسة مطبقة على أرض الواقع في تحريم التدخين والموسيقى ومعاقبة من يخالف ذلك بعقوبات «شرعية» دون أن نسمع رداً شافياً من مؤسسات دينية مثل الأزهر الشريف باعتباره إحدى أهم المؤسسات الدينية الوسطية التي عليها…

تحدي الإرهاب… مقاربة ثقافية

السبت ١٨ يناير ٢٠١٤

كنا نتناقش مع أحد المسؤولين بوزارة الخارجية الكويتية بحضور السيدة أرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو حول دور المنظمة في الأزمة السورية، وكان الحديث يتركز حول ضياع كبير يواجه اللاجئين السوريين، وأن قضيتهم تكبر ككرة الثلج وتتدحرج وقد تنتقل إلى أماكن مختلفة في العالم. فهم يعيشون الحرمان في كل لحظة، ويعيشون لحظات اضطراب كبيرة خصوصاً إذا ما عرفنا أن الإنسان في مثل هذه الظروف يفقد معنى الحياة، ولا تعود تشكل بالنسبة له أي معنى، ومن ثم فإن بعض هؤلاء قد يتحولون إلى قنابل موقوتة ربما تنفجر في أية لحظة. كما أنهم قد يشكلون الوقود للمنظمات الإرهابية سواء أكانت «داعش» أو غيرها، ومن ثم فإن ما يحدث يمسّ العالم بأكمله. وكنت أقول لبوكوفا مديرة اليونسكو إننا نتحمل مسؤولية كبيرة في هذه المنظمة لكونها هي المعنية ببناء العقول وقيم السلام العالمي إلا أنها لم تخرج إلى السطح في هذه المرحلة الحرجة. ويستمر النقاش حول العبث الكبير الذي تمثله المنظمات الإرهابية في سوريا وكيف تمكنت من بناء قوتها واستطاعت أن تعيد بناء مخزونها من التطرف والعنف. وهي أسئلة محيرة وعلينا التفكير في أساليب مختلفة لفهم خلفياتها، فالمواجهة مع أمثال هؤلاء لن تحلها المدافع بقدر ما يحلها فهم طبيعة الخلل الذي أصاب بعض العقول. وهؤلاء يعيشون ما نسميه بالاغتراب، ولا تعني الحياة بالنسبة لهم أي…

الأزمات العربية… رؤية واقعية

السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٣

لاشك أن أزماتنا العربية كثيرة خلال العقود الأخيرة، ودعوني أرجع لذاكرة التاريخ وأشير إلى أهمها التي تجسدت بغزو صدام للكويت، ومحاولة محوها من الخريطة الجغرافية، وفي ظل هذه الأزمة التي انقسم العرب حولها هل تغير النظام العربي؟ الحال كما هو لم يتغير، فجامعتنا العربية كما هي تصدر بيانات فقط. وبالمقارنة نجد أنه عندما ضربت أحداث سبتمبر في أميركا، وكذلك في حرب 73 سنجد الفرق في المعالجات.. ففي الأولى شكلت لجان لمعرفة ماذا حدث،، ولماذا حدث، ونشرت بعض الحقائق وبعضها احتفظ به. وفي نصر 73 الذي فاجأ إسرائيل هرعت إلى دراسة الأسباب التي مكنت العرب من الانتصار الجزئي عليها. وفي كلتا الحالتين كانت معالجة الأزمات تعبر عن احترام العقل. وفي المقابل نجد معالجتنا نحن غير عقلانية لأزماتنا المختلفة. الحقيقة أن العرب يقفزون على حقائق التاريخ ومعطيات الفضاء العالمي ومتغيراته، فقد رفعوا شعارات الوحدة، واعتقدوا أنها جزء من واقعهم الاجتماعي، ومن ثم اكتشفوا زيف الواقع، وفي نفس الوقت لا يريدون الاعتراف بحقائق التاريخ، مما يبعدهم عن الواقعية السياسية. وقد اعتقد العرب أنهم أمة واحدة، تحمل مضامين ثقافية واجتماعية مشتركة، وأغفلوا خصوصيات لكل قطر، وطبعاً لو كانوا مدركين لذالك لكانت ثمة إمكانية لتقوية ما هو مشترك بينهم. والفكرة هنا التي نؤكدها هي مشاعر الانتماء الفئوي الإنساني العام، فهي مشاعر تزداد قوة تحت ضغوط…

نكبة اليونيسكو مرة أخرى

الأربعاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٣

للمرة الثالثة نعانق الفشل في انتخابات اليونيسكو التي جرت يوم الجمعة الماضي. المضحك المبك أنه فشل يديره أهل الثقافة، هذا إذا افترضنا أن اليونيسكو دار الثقافة والعلم والتعليم. أقول للسفير اللبناني الصديق خليل كرم في مكالمة هاتفية بعد أن ظهرت نتائج الفشل العربي: سأرسل لك مقالة قديمة كتبها غازي القصيبي رحمة الله، رداً على الوعود التي تلقيتموها من زعماء ورؤساء حكومات بدعمهم لمرشح لبنان البروفيسور جوزيف مايلا، فكان غازي القصيبي يقول في مقالته: «تلقينا وعوداً قاطعة من زعماء اشتهروا باحترام الكلمة- إلا أن الوعود المعسولة تبخرت في الهواء». فيا عزيزي كان عليكم مراجعة ما حدث في التجربتين العربيتين اللتين خاض بهما العرب انتخابات رئاسة اليونيسكو، إلا أن عقلنا العربي يعشق الفشل ويرمي بتجارب التاريخ بعيداً، لأنها غير مفيدة لعقل تربى على الفشل وعشقة لكون العقل تركب بطريقة لا تمكنه من قراءة الماضي واستنباط القادم. السفير الجيبوتي رشاد فرح قرر خوض انتخابات رئاسة اليونيسكو بدعم من حكومته، وباركت الجامعة العربية الترشيح وأرسل للبعثات العربية، وكان المنطق أن العرب تدعمه جامعتهم، إلا أن الجامعة تدرك أن اجتماعات الغرف شيء، والواقع يختلف، وما يتفق عليه لا يخرج عن المجاملة، ويترك لكل دولة تقرر ما تريد، وإن كان الاتفاق بمحض الإرادة. وجاءت المنظمة الإسلامية لتبارك «رشاد فرح»، وترسل مباركتها لكافة الدول الإسلامية، ويُضاف إلى…