ثريا الشهري
ثريا الشهري
كاتبة صحفية وإعلامية السعودية

امرأة العيد ورجل «الهيئة»

الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠١٣

تم تداول مقطع حديث لامرأة في متجر لملابس الأطفال تتسوق قبل ليلة العيد. فإذا برجل «الهيئة» يلازمه العسكري، يأمرها داخل المحل بغطاء وجهها. فإن كانت المرأة - وكما ظهرت - متلثمة بغطائها، فيكون الجزء المكشوف بقية من جبهة وأنف وفي الوسط العينان. فهل لو غطت المرأة كامل وجهها كانت سلمت من الانتقاد؟ وحتى هذه لا تضمنها مع رجال الهيئة إلا في حال الحجاب التام مع عباءة فضفاضة على الرأس. فإن صار نقاباً يسمح بظهور العينين، فعلى المرأة أن تراعي إخفاء الحواجب. وغير هذا الشكل المثالي بعرف الهيئة يكون عرضة لاعتراضهم، وللجدال المزمن الذي تسجله المقاطع والوقائع المكررة بين «حريم» السعودية ورجال الهيئة. وهي الأحاديث التي لا تخلو اجتماعاتنا نحن النساء - أو بعضنا على الأقل - من بعثها وتجديدها في كل مرة. فما إن تسرد إحدانا حكاية لها مع الهيئة، حتى تتفوق عليها الأخرى بحكايتها هي. فإن بدت الصورة وكأنها مسلية، فهي ليست كذلك عند معايشتها. وتهديد المرأة التي تناقش وتعترض بـ«إدخالها البوكس» أو السيارة الرسمية لرجال الهيئة. وإن خفّت وطأة هذا التسلّط مع تصوير الكاميرات ومساءلة المسؤولين. غير أن اللافت في مقطع العيد هذا هو انشغال المرأة بتلبية حاجات أطفالها. وهي مهمة محيّرة، وقودها صبر الأم وتركيزها لمعرفة المقاسات ومقارنة الأسعار، اختصاراً للوقت والجهد وثقل مشوار التبديل والتغيير في…

يعني حلال على «الهيئة» وحرام على «المرأة»؟

الخميس ١٠ أكتوبر ٢٠١٣

تقدمت 14 امرأة من سيدات أعمال وأكاديميات ومعنيات بالحقوق والمناحي العامة، بخطاب تفصيلي إلى مجلس الشورى للمطالبة بطرح القضايا والأنظمة التي تعاني منها المرأة السعودية في تفاصيل حياتها اليومية. ومناقشة القوانين المتناقضة الفاقدة أهليتها ومرونتها، ولم تجد من يغربلها وينقحها، وكأن امتداد السنين أكسبها هالة قدسية لا تسمح بالاقتراب منها. ومن يحاول المساس بها يهاجَم ويوصَم بالتغريب وتجريف المرأة بعيداً من أصول دينها وتقاليدها، فينبري يدافع ويشرح. والمسألة ليست في حاجة إلى تفسير أصلاً، لأنها برمتها مجرد تمثيلية تخويف وتشكيك وحشر في زاوية الاتهام. وقد علّقت عضو مجلس الشورى الدكتورة ثريا العريض أنه حتى مع وصول الخطاب، فلا تعتمد وصايا المجلس إلّا إن حصلت على معظم أصوات الأعضاء المشاركين. وعلى افتراض تصويت جميع العضوات الـ30 مع التوصية، فلن تُمرّر ما لم يصوت لها ما يكفي من بقية الأعضاء الرجال، حتى ننتهي بعدد للموافقين أكثر من المعارضين. وهو الإجراء المتبع في المجلس. وسؤالي: وهل يعني أن الخطاب مع المرأة أننا ضمنا جميع أصوات العضوات في صفه؟ فما الحل إذاً، مع مسائل شكلية تستنزف الوقت والجهد ولا تؤدي إلى المضمون؟ ولِمَ قُدر لنساء دول الخليج أن يتجاوز أهلهن القشور والروتين المعطل، وهي المجتمعات التي تشاركنا الدين والعادات والتقسيم القبلي والعشائري، بينما سعوديتنا لا تزال تدور أيامها في المطالبة بحقوق أصبحت موضع تندّر…

وكله أمر بالمعروف!

الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٣

يقول تعالى: (... الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله...). والملاحظ هنا كيف فُصل المعروف والمنكر عن الحدود. ذلك أن الإسلام إنما يتألف من حدود الله والعبادات والوصايا، ومن بقية الأمور الأخرى التي اصطلح الكُتّاب على تعريفها بالمعروف والمنكر. وتعني ما تعارف عليه الناس وما أنكروه تبعاً لأعراف زمانهم ومكانهم. فما هي الأعراف؟ هي القوانين الإنسانية التي وضعها الإنسان وسار عليها. والآن كيف نفسّر مصطلحي «المعروف» و«المنكر»؟ المعروف من معناه، هو ما عرفه الناس ثم تعارفوا عليه، وبالتالي تحوّل إلى شيء مألوف ومقبول اجتماعياً وذوقياً لتلك البيئة. فماذا عن المنكر؟ من الطبيعي ومن اسمه أن يكون ما أنكره الناس ثم استنكروه فصار من الأمور المستهجنة وغير المقبولة اجتماعياً في بيئته. لذا يدخل مبدآ المعروف والمنكر ضمن المفاهيم المتطورة والمتغيرة بحسب الزمان والمكان اللذين وُجِدا فيهما. يقول تعالى في لباس المرأة الخارجي (ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين). وهنا ارتباط بين المعرفة في شكل اللباس ووقوع الأذية في شكل مباشر. وكله بحسب الأعراف السائدة في البلد الذي تعيش فيه تلك المرأة، فلباس المرأة المسلمة في بلاد الغرب - والذي لن يعرضها للأذية لو لبسته في بلاد أخرى - قد يعرضها للأذية، وكله لباس ساتر. ذلك أن الأعراف في تلك البلاد غيرها في البلاد الأخرى وهكذا. ولنأخذ قوله تعالى للنبي عليه…

سيجارة وكأس

الخميس ١٦ مايو ٢٠١٣

تقول الحكمة إن الناس مستعدون لتصديق كذبة سمعوها ألف مرة، أكثر من استعدادهم لتصديق حقيقة لم يسمعوها إلا مرة واحدة. وعلى رغم هذا فإن الحق والحقيقة لا بد لهما من أن يشقا طريقهما وسط التعتيم وركام التضليل، ووقتها ستسمع ما لا تصدِّق ولا يروقك، ولو تكرر ترديد الحقيقة لاحتواها الناس أكثر، وبحثوا فيها وتدارسوها بعد رفضها وإنكارها، فالمستور رُفع عنه الغطاء بعد إخفائه والتمويه عنه، وهذا أهم ما في الموضوع، فلا يُعالج الشيء ما لم يُكشف عنه. وعندما أوضحت النسوة اللاتي استضافهن الأستاذ داود الشريان في برنامجه المرهِق ويعملن حارسات أمن في إحدى الجامعات السعودية عما يتم ضبطه أثناء جولاتهن التفقدية في أروقة الجامعة من ممنوعات (سجائر وحشيش ومخدرات)، كانت إدارة الجامعة تطالبهن بالتزام الصمت حفاظاً على سمعة الطالبات، فالمضبوطات لا تعدو أن تعود ملكيتها لعمال الصيانة ولا شك. وللأمانة والموضوعية لا تنفرد المسألة بجامعة بعينها، فكم منّا سمعت بالرصيف المشهور في الجامعة القديمة إياها؟ وكم منّا ولديها قريبات في جامعات متفرقة وللناس ألسن وأعين؟ ومن تلك التجاوزات واحدة كنت بالمصادفة وبقربي من أصحابها شاهدة حية على وقائعها، فشخصية القصة الرئيسة ومن حرص أهلها على تعليمها ونوعية اختلاطها كانت ملتحقة بإحدى الجامعات الأهلية، وبعد مضي وقت معقول ذهبت الأم إلى الجامعة للسؤال عن ابنتها ومستواها التحصيلي، لتفاجأ بأن المديرة العامة…