الإمارات تستنهض جهود حماية شجرة “القرم” وتعزيز موائلها الطبيعية حول العالم

أخبار

تقود دولة الإمارات حراكا عالميا لاستنهاض جهود حماية شجرة القرم المعروفة عالميا بـ (المانجروف) وتعزيز موائلها الطبيعية وذلك انطلاقا من حرصها والتزامها بمواجهة تداعيات تغير المناخ وحماية النظم الإيكولوجية الساحلية الحيوية حول العالم.

يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه دراسة أعدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، عن تراجع مساحة أشجار المانجروف حول العالم بواقع 14.8 مليون هكتار بين عامي 2000 – 2020 لعدة أسباب منها تطوّر تربية الأحياء المائية والانحسار الطبيعي وزراعة نخيل الزيوت وزراعة الأرز والتوطن المباشر.

وأشارت الدراسة إلى الأهمية البيئية التي تمثلها أشجار المانجروف حيث تؤدي دورا حاسما في حماية المجتمعات الساحلية من الأخطار الطبيعية، مثل العواصف وتآكل التربة وأمواج التسونامي، وباتت أهميتها تتعاظم أكثر فأكثر مع تزايد حدة الظواهر المناخية القصوى وارتفاع وتيرتها فهي قادرة على الحد من الأضرار الناجمة عن الأمواج والعواصف العاتية وخفض ارتفاع أمواج التسونامي وتآكل التربة.

وأمام هذا الواقع تبرز أهمية ما تقوم به الإمارات من جهود لحماية شجرة القرم واستعادة دورها البارز في تعزيز استدامة النظام البيئي العالمي، وقد باتت تلك الجهود محط إشادة وتقدير المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بمواجهة تداعيات التغيير المناخي.

وتستضيف الإمارات اجتماعا وزاريا رفيع المستوى حول أشجار القرم خلال مؤتمر الأطراف COP28، الذي سيجمع الحكومات المضيفة لأشجار القرم ومختلف الشركاء، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والمؤسسات المالية، فضلاً عن المجتمع العلمي، وذلك من أجل العمل على توسيع نطاق أشجار القرم وتسريع عملية استعادتها في الطبيعة مرة أخرى والحفاظ على النظم الإيكولوجية الخاصة بها.

وأعلنت دولة الإمارات – خلال مشاركتها في أسبوع المناخ المنعقد حاليا في مدينة نيويورك – عن تأييدها لمبادرة “تنمية القرم” Mangrove Breakthrough، التي تهدف إلى استعادة وحماية 15 مليون هكتار من أشجار القرم على مستوى العالم بحلول عام 2030، حيث يمتلك العالم اليوم 14 مليون هكتار من أشجار القرم المتبقية، أي نصف مساحتها الأصلية.

وفي نوفمبر الماضي أعلنت الإمارات عن الإطلاق العالمي لـ “تحالف القرم من أجل المناخ” بالشراكة مع جمهورية اندونيسيا، وذلك بهدف دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالميا كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغير المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً.

واجتذب التحالف نحو 20 شريكاً لتوسيع نطاق وتسريع عملية حفظ واستعادة النظم الإيكولوجية لأشجار القرم لصالح المجتمعات في جميع أنحاء العالم.

ويعمل أعضاء تحالف القرم من أجل المناخ بشكل جماعي على تحقيق مجموعة من الأهداف تشمل إظهار الالتزام الجماعي بالحلول المناخية القائمة على الطبيعة من خلال حماية أشجار القرم وزراعتها، وتوسيع خدمات النظام البيئي لأشجار القرم في التخفيف من تغير المناخ ومكافحته من خلال الابتكار والبحث العلمي، وتعزيز حماية النظم البيئية لأشجار القرم على المستوى العالمي من خلال الدراسات العلمية والاجتماعية والاقتصادية، وتشجيع نهج العمل الخيري في المجتمع والقطاع الخاص لدعم جهود حلول الكربون الأزرق وجهود زراعة أشجار القرم، وتكثيف الجهود العالمية لتحقيق الأجندة الدولية للعمل المناخي.

ويعد التوسع في زراعة غابات القرم أحد أهم الحلول المستندة للطبيعة التي تعتمد عليها الإمارات في مواجهة التحديات البيئية.

وعززت دولة الإمارات طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم من خلال زيادة هدف زراعة أشجار القرم من 30 مليون – التي أُعلن عنها سابقاً ضمن التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً وفقاً لاتفاق باريس للمناخ – إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030.

وتلعب غابات القرم دوراً مهماً في حماية سواحل دولة الإمارات من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، وتوفير الموائل الطبيعية للتنوع البيولوجي، كما أنها تعمل كأحواض طبيعية للكربون؛ وتمثل الإمارات موطناً لـ 60 مليون شجرة قرم، وتمتد هذه الغابات على مساحة تصل إلى 183 كيلومتراً مربعاً، وتلتقط 43,000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ومع إضافة 100 مليون شجرة من أشجار القرم، سيصل إجمالي مساحة غابات القرم إلى 483 كيلومتراً مربعاً، وستساهم بدورها في التقاط 115,000 طن “تقريباً” سنوياً من ثاني أكسيد الكربون.

وشهدت الإمارات في فبراير 2022 الإعلان عن مبادرة القرم – أبوظبي التي تتضمن خططا طموحة لترسيخ مكانة الإمارة لتكون مركزاً عالمياً للبحوث والابتكار في الحفاظ على أشجار القرم، وتركز المبادرة على أهمية أشجار القرم في عزل الكربون والمساهمة في تخفيف آثار التغير المناخي.

وتتولى هيئة البيئة – أبوظبي تنفيذ المبادرة بالتعاون مع مجموعة من الشركاء المحليين والإقليميين والدوليين، وفي إطار المبادرة أعلنت الهيئة في يناير الماضي عن نجاحها في زراعة مليون بذرة من القرم باستخدام طائرات بدون طيار كجزء من المرحلة الأولى من مشروع زراعة أشجار القرم باستخدام الطائرات المُسيّرة المبتكرة، والذي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة.

وتزامناً مع عام الاستدامة (2023) في الإمارات، واستكمالاً للعرض المذهل لعيد الاتحاد الـ 51 للدولة الذي أقيم في 2 ديسمبر 2022؛ أطلقت اللجنة المنظمة لاحتفالات عيد الاتحاد الـ 51 مشروع “أشجار قرم عيد الاتحاد .. اليوم للغد”، والذي يهدف إلى المساهمة في الوفاء بالتعهدات التي قطعتها دولة الإمارات بزراعة 100 مليون شجرة قرم “المانجروف” بحلول عام 2030.

وانطلق المشروع بزراعة 10 آلاف شجرة قرم ظهرت في احتفالات عيد الاتحاد الـ 51 عبر مواقع مختلفة في الإمارات السبع.

ويحتل نبات القرم مكانة مميزة في ثقافة وتراث الإمارات، لذا فإن الاهتمام فيه ليس وليد اللحظة، بل يرجع إلى سبعينيات القرن الماضي حيث أطلق المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الجهود الأولى لاستعادة وتعزيز غابات القرم في الدولة.

ومن أهم المحميات الطبيعية التي تضم أشجار القرم في الإمارات محمية “رأس الخور” في إمارة دبي، و”أشجار القرم والحفية” في إمارة الشارقة، و”الزوراء” في عجمان، ومحميات “القرم الشرقي” و”مروح” و”أبوالسياييف” في أبوظبي.

وتعتبر المناطق الساحلية في أبوظبي غنية بغابات القرم، حيث يوجد نحو 70 كم مربعاً من غابات القرم في جميع أنحاء الإمارة، كما يضم متنزه القرم الوطني في أبوظبي أكثر من 19 كيلومتراً مربعاً من الغابات ويعتبر من أكثر مناطق القرم كثافة.

المصدر: البيان