«اليونيسكو» توجه صفعة قوية لـ «إسرائيل»

أخبار

في قرار تاريخي اتخذته أمس الأول الخميس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» في العاصمة الفرنسية باريس تمت المصادقة على قرار ينفي وجود ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق، وصوتت 24 دولة لصالح القرار وامتنعت 26 عن التصويت، بينما عارض القرار ست دول وتغيبت دولتان، وتم تقديمه من قبل سبع دول عربية، هي الجزائر ومصر ولبنان والمغرب وعُمان وقطر والسودان.

جاء نص القرار الذي صادقت عليه «لجنة المديرين» التابعة للمنظمة والمكونة من 58 دولة، بناء على صيغة طلب فلسطيني ينفي بالمطلق أي علاقة يهودية بمدينة القدس عموما والمسجد الأقصى خصوصا، حيث طالبت فلسطين المنظمة الدولية، بإيفاد لجنة من الخبراء الدوليين لدراسة الأماكن المقدسة والاطلاع على أعمال تدمير الإرث التاريخي والتراثي والأثري التي تقوم بها «إسرائيل» في هذه الأماكن، إضافة لتعيين مراقب دائم من قبل «اليونيسكو» في القدس المحتلة.

وتضمن الطلب الفلسطيني سلسلة إدانات لأعمال واعتداءات «إسرائيلية»، منها هدم مدرسة فلسطينية في منطقة الخان الأحمر، وكان الفلسطينيون قد أوردوا قبل صدور القرار الناجز من هذه المنظمة العريقة سلسلة طويلة من الأمثلة التي تدلل على تدمير «إسرائيل» الممنهج للاماكن المقدسة، مثل خط القطار الخفيف والحفريات «الأثرية» بأنواعها المختلفة.

لقد كانت لتداعيات هذا الخبر في الأجندة العربية مفاعيل إيجابية من كافة الأطياف السياسية والاجتماعية والمثقفة ممن تفاعلوا مع الحق العربي والإسلامي، وبما ينسجم مع الحقوق المشروعة للعرب والمسلمين وهو القرار الذي دعا في تفاصيله بل طالب بشكل واضح وصريح «إسرائيل» ب العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائماً حتى سبتمبر/أيلول 2000 إذ كانت دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد بشأن المسجد الأقصى.

اللافت في القرار التاريخي أيضاً، إدانته للاعتداءات «الإسرائيلية» المتزايدة والتدابير غير القانونية التي يتعرض لها العاملون في دائرة الأوقاف الإسلامية، والتي تحد من تمتع المسلمين بحرية العبادة ومن إمكانية وصولهم إلى المسجد الأقصى، كما استنكر القرار بشدة الاقتحام المتواصل للمسجد الأقصى من قبل «متطرفي اليمين «الإسرائيلي» والقوات النظامية «الإسرائيلية».

يمثل هذا القرار من الناحية السياسية والاستراتيجية موقفاً مشرفاً يضاف لرصيد هذه المنظمة التي تسعى من خلال أجنداتها الثقافية والاجتماعية والسياسية لترسيخ المبادئ التي قامت عليها أسس هذه المنظمة.

سبق هذا القرار قرار مشابه ولنقل ممهداً اتخذه المؤتمر العام لليونيسكو قبل نحو خمس سنوات في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر/تشرين الأول العام 2011 بقبول فلسطين عضواً كاملاً في اليونيسكو، وسط اعتراض الولايات المتحدة وكندا وألمانيا، فيما صوتت لصالح فلسطين كل من روسيا والبرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا وفرنسا، وامتنعت بريطانيا عن التصويت.

بدايات

الناظر في الأهداف المعلنة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» يجد أنها تتمحور في صون السلم والأمن بالعمل، عن طريق التربية والعلم والثقافة، عن طريق توثيق عرى التعاون بين الأمم، لضمان الاحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين، كما أقرها ميثاق الأمم المتحدة لجميع الشعوب.

من هنا، كانت المنطلقات الأساسية لهذه المنظمة معنية على وجه الخصوص بحرية التعبير وحرية الإعلام، باعتبار أنهما من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، وقد أقرت لذلك يوما حددته في الثالث من مايو/أيار من كل سنة (اليوم العالمي لحرية الإعلام) ويقام كحدث احتفالي يركز على أهمية حرية الإعلام كمبدأ أساسي لأي مجتمع سليم حر ديمقراطي.

من حيث النشأة والمسمى فهي (وكالة متخصصة تتبع منظمة الأمم المتحدة تأسست عام 1945) مرّ على رئاستها الكثير من الشخصيات العالمية والعربية، أما مديرتها الحالية فهي البلغاريّة إيرينا بوكوفا التي فازت بهذا المنصب في عام 2009، وحصلت على 31 صوتاً متقدمةً بذلك على المرشح العربي المصري فاروق حسني بفارق 3 أصوات.

أما هدف المنظمة الأساس فهو (المساهمة بإحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة لإحلال الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية).

وينضم في عضويتها اليوم 191 دولة، ومقرها في العاصمة الفرنسية ولها أيضاً أكثر من 50 مكتباً وعدة معاهد تدريسية حول العالم.

برامج أساسية

للمنظمة خمسة برامج أساسية هي التربية والتعليم، والعلوم الطبيعية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والثقافة، والاتصالات والإعلام، واليونسكة تدعم عدة مشاريع كمحو الأمية والتدريب التقني وبرامج تأهيل وتدريب المعلمين، وبرامج العلوم العالمية، والمشاريع الثقافية والتاريخية، واتفاقيات التعاون العالمي للحفاظ على الحضارة العالمية والتراث الطبيعي وحماية حقوق الإنسان، ومن مهامها الأساسية كذلك إعلان قائمة لمواقع التراث الثقافي العالمي، وغالبا ما تكون هذه المواقع تاريخية أو طبيعية، حيث تعنى المنظمة بحمايتها وإبقائها سليمة، وهو الأمر الذي يطالب به المجتمع الدولي، وليس من مهام المنظمة حماية هذه الأماكن.

الميثاق والرسالة

ينص الميثاق التأسيسي لليونيسكو في ديباجته على ما يلي: «لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام»… ولكي تتاح إقامة سلام دائم وصادق يقبل به الجميع، تعلن الديباجة أن الدول الموقعة على الميثاق التأسيسي «تعتزم تأمين فرص التعليم تأميناً كاملاً متكافئاً لجميع الناس، وضمان حرية الانصراف إلى الحقيقة الموضوعية والتبادل الحر للأفكار والمعارف».

في قراءة مثل هذا الهدف المتضمن في بنود الميثاق، سعت المنظمة للمساهمة في صون السلم والأمن بالعمل، عن طريق التربية والعلم والثقافة، وهي لم تكتف بذلك بل سعت إلى إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أسس احترام القيم المشتركة، ومن خلال هذا الحوار، يمكن للعالم أن يتوصل إلى وضع رؤى شاملة للتنمية المستدامة، تضمن التقيد بحقوق الإنسان، والاحترام المتبادل، والتخفيف من حدة الفقر، وكلها قضايا تقع في صميم رسالة اليونيسكو وأنشطتها.

اعتمدت اليونيسكو في سبيل التأكيد على أهدافها المعلنة منطلقات واستراتيجيات وجملة من الأنشطة الفاعلة على الصعيد الدولي، وهي قد وعت تماماً السبل لتحقيق هذه الغايات والأهداف من خلال تركيزها على عدة بنود رئيسية وهي: (التربية، والعلوم، والثقافة، والاتصال والمعلومات) وهو السبيل لغاية أكبر وأشمل تتبلور في رسالتها العامة التي تسهم في بناء السلام، والقضاء على الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة، وإقامة حوار بين الثقافات.

أهداف شاملة

تتبع المنظمة خمسة أهداف وصفتها ب «الشاملة» لتحقيق غاياتها وهي: تأمين التعليم الجيد للجميع والتعلم مدى الحياة، وتسخير المعارف والسياسات العلمية لأغراض التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات الاجتماعية والأخلاقية المستجدة، وتعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات وثقافة السلام، وبناء مجتمعات معرفة استيعابية من خلال المعلومات والاتصال.

شخصية الرئيس

بقراءة السيرة الذاتية والمهنية لشخصية الرئيس اعتمدت المنظمة عبر تاريخها جملة من المعايير التي تشترط الكفاءة أولا، ثم النزاهة والشفافية وقوة الشخصية، وهي الصفات التي تتوفر في شخصية رئيستها الحالية إيرينا بوكوفا، التي بادرت مؤخراً على سبيل المثال للترحيب بمنح جائزة نوبل للسلام 2016 للرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس قائلة «إنّ قرار لجنة جائزة نوبل بتكريم الرئيس خوان مانويل سا

المصدر: الخليج