زياد الرحباني ينتقد «حزب الله» بقسوة ويقرر مغادرة لبنان

أخبار

زياد الرحباني

زياد الرحباني يترك لبنان ليعمل في روسيا، وهو لم يعد قادرا على الدفاع عن «حزب الله» بشكل متواصل، بسبب اكتشافه نوعا من الرقابة تمارس عليه ولأسباب أخرى، تحدث عنها في التحقيق الذي بثه «تلفزيون الجديد» يوم أول من أمس، مما أشعل وسائل التواصل الاجتماعي، وأثار شماتة المناوئين لـ«حزب الله»، كما أصاب بالصدمة جمهوره الذي لم يحتمل فكرة تركه الوطن.

والتحقيق الفني الذي صور على هامش 3 حفلات أحياها زياد في المركز الثقافي الروسي في بيروت، تحت عنوان «59 بزيادة» فجر قنبلة غير مسبوقة، إذ سجل خلاله انقلابا في المواقف السياسية إن لم تكن كلية فهي مهمة، لأنها المرة الأولى التي ينتقد فيها «حزب الله» وسلوكه وطريقة تعاطيه مع الحزب الشيوعي اللبناني بشكل خاص.

وذكر الرحباني في مقابلته أنه كان يحيي حفلا في الناقورة وأنه طلب من جمهوره تسجيل الحفل على تليفوناتهم ووضعه على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه فوجئ أن أي تسجيل لم ينشر. وقال إن التشويش الذي حدث لا يمكن أن تقوم به أي جهة عادية. وربط الرحباني هذا التشويش بانتقاد وجهه خلال الحفل إلى الحزب بأنه «لا يستطيع أن يغمض عينه عن آخرين موجودين في الجنوب، هناك واحدة اسمها سهى بشارة (ناشطة شيوعية) حاولت أن تقتل لحد»، مذكرا بدور الحزب الشيوعي في الجنوب وفي مقاتلة إسرائيل. وقال الرحباني في التحقيق الذي أجراه جاد غصن، إن موقفه من الحزب لم يأتِ فجأة «وإنما نتيجة تراكم»، مضيفا: «لا نستطيع أن نخسر (يقصد الحزب الشيوعي) كل البلد من أجل (حزب الله)، نحن حلفاء، لكنه لا يرد على تحالفنا بالمثل ولا يذكرنا في خطاباته».

ومع أن الرحباني حاول أن يميز بين الأمين العام حسن نصر الله والباقين في الحزب، قائلا: «هو شيء وهم شيء آخر، وهذا أمر لا يطمئن»، عادا «أن الأمين العام قد يتعرض لضغوط»، إلا أنه تساءل: «لماذا لا يستخدم نصر الله كل طاقاته؟». ومما يزعج زياد الرحباني الذي بدا أن شيوعيته هذه المرة خط أحمر، أن الاستشهاد أمر والنظرية أو المشروع أمر آخر، ولا نظريات أو مشاريع عند «حزب الله» على غرار النظرية الماركسية.

لكن هذه المواقف التي تتلخص في غالبيتها بالإحساس بالعتب على «حزب الله» الذي أعطاه الحزب الشيوعي كثيرا، في رأي زياد، ولم يبادله بالمثل ليس إلا الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

فالأساس على ما يبدو أنه يشعر بأنه مراقب، وأن حفله الذي تعرض للتشويش، رغم أنه أعطى نسخا منه لتلفزيون الميادين وجريدة «الأخبار»، فإن شيئا لم يكتب أو يبث منها. ولم يفصح الرحباني لماذا بات يسير بمرافقة حراس أمنيين، كما قال في المقابلة، وهو ما لم يفعله طوال الحرب الأهلية. ويبدو أيضا أن خلافا كبيرا بينه وبين إبراهيم الأمين، التي ينشر فيها الرحباني كتاباته، والمحسوبة على «حزب الله»، كانت وراء تفجير هذه المواقف. إذ عمدت الصحيفة بالأمس إلى نشر قطعة كتبها زياد الرحباني بعنوان «الصين» للإيحاء بأن كل شيء يسير على ما يرام. إلا أن مصدرا مقربا من الفنان رد على هذا النشر بالقول: «إنه نص قديم ويملكون مثله المئات بخط زياد حين كان يرمي الأوراق في سلة المهملات ثم يعمدون إلى جمعها».

وسائل التواصل الاجتماعي ضجت بالأمس، حزنا واحتجاجا على هجرة زياد الرحباني إلى روسيا، وأحيانا تشجيعا له، رغم أن الرحباني أكد في المقابلة أنه لا يهاجر أبدا، وإنما يذهب للعمل، وهو ما لم يلتقطه محبوه أو أنهم لم يريدوا سماعه. ومعلوم أنها ليست المرة الأولى التي يعمل فيها زياد الرحباني خارج لبنان، فقد اشتغل في السنوات الماضية في دبي، لكن الأمر لم يثر أي ضجيجا لأنه لم يعلن عنه.

وكتبت لطيفة التونسية على «فيسبوك» بالأمس: «زياد الرحباني يقرر السفر والهجرة إلى روسيا.. يا عيني علينا، مش كفاية علينا أغلب الأوطان راحت؟!». ونشر سماح إدريس، رئيس تحرير مجلة «الآداب» بعضا مما كان قد كتب عن زياد في مجلته على صفحته في «فيسبوك» وكتب شارحا: «ما قاله زياد على (الجديد) ليس جديدا. العلاقة بين المقاومة في مرحلتها الجنينية اليسارية، والمقاومة في مرحلتها الإسلامية اللاحقة، كانت دوما علاقة تحالف وصراع؛ وهذا أمر طبيعي لكون الطرفين يتفقان في مواجهة (إسرائيل) ويختلفان في مفهومهما للدولة والحريات». وأضاف إدريس: «الجديد في كلام زياد هو اليأس. زياد علمنا الصمود.. أن يقرر زياد الرحيل فذلك يعني أن طريقنا ازداد وعورة وعتمة وحزنا».

واشتكى زياد من معاناته جراء انقطاع التيار الكهربائي قائلا: «نحن نعيش كإنسان بدائي حامل (آيفون) ومعه 3 أو 4 منه، ولا يريد أن يشتغل»، متسائلا: «من أين يأتي اللبنانيون بهذه النزعات؟».

بيروت: «الشرق الأوسط»